المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مذهب الإمام مالك وقانون نابليون



سبح الله تغنم
01-12-2012, 11:07 AM
بسم الله الرحمن الرحيم

لو أخبرتك بأن للشريعة الإسلامية سيما مذهب مالك بن أنس رحمه الله دخل فى التشريع الوضعى بأوربا هل ستصدقنى ؟


حسنا دعونا نرى ولن أطيل عليكم ..سأتجنب الإطالة والحشو إن شاء الله

من المعروف أن مذهب الإمام مالك _رضى الله عنه _ هو الذى كان معمولا به فى بلدان شمال أفريقيا , ولا يزال الأمر كذلك حتى اليوم فى تلك البلاد, وقد انتقل مع العرب الفاتحين إلى الأندلس والأقطار التى فتحوها وأقاموا بها من فرنسا.

ومن ذلك يكون من المقطوع به أن كثيرا جدا من الأحكام التشريعية المأخوذة من هذا المذهب قد دخلت فى قانون نابليون بعد أن رسخت فى تلك البلاد , وتولد منها عادات وأعراف قانونية دخلت بهذا الوصف فى ذلك القانون...وهذا ما لا ينكره إلا من لا يعرف شيئا من التاريخ الإسلامى. أو يعرف ولكنه مكابر ينكر الحق الذى يؤيده الواقع, والمقارنة بين التشريعين: الفرنسى والإسلامى المأخوذ من مذهب الإمام مالك بصفة خاصة.

ولعل هذا مما يفسر عناية الفرنسيين , قديما بمذهب مالك بصفة خاصة , ونشر كثير من كتبه وترجمة أخرى منها للفرنسية , وما تزال هذه العناية معروفة إلى هذه الأيام...


بحث عـــــــــــــــــــــــالم منصف

وهذا رجل عالم من علماء الأزهر درس القانون بفرنسا. وهو الأستاذ سيد عبد الله حسين, فراعه التشابه الشديد بين كثير من احكامه فى الناحية المدنية وبين مذهب الإمام مالك الذى درسه فى الأزهر , فكان أن عنى بوضع كتاب ضخم يقارن فيه بين التشريعين فى تفصيل, وهو كتاب لمن يريد البحث عنه (المقارانات التشريعية)) والذى ظهرت طبعته الأولى بالقاهرة سنة 1947

يذكر فى مقدمة هذا الكتاب_بعد أن استعرض تاريخ هذين التشريعين الإسلامى والفرنسى أنه من هذه الحوادث التاريخية القاطعة يتبين أنه كان للششريعة الإسلامية عموما ولمذهب مالك خصوصا دخل فى التشريع الوضعى بأوربا, فالحقيقة المخفية عندهم إجماعا هى ان مذهب الامام مالك مدون عندهم ومعمول بع علما وعملا منذ قرون بلا نزاع,, ولهم ان يقولوا : قانون العوائد أو غيره.


ثم بعد ان أشار إلى هذا (( المقارانات الذى يتقدم به, قال وهذا دليلى العلمى والعملى على ان القانون المدنى الفرنسى مأخوذ جله من مذهب مالك وفى هذا الكتاب ما يغنى عن الجدل والله خير الشاهدين...


أمثلة ومقارنات

لن اطيل بإذن الله فى هذه الأمثلة والمقارنات ويكفى أن أشير إلى البعض منها ليظهر مبلغ ما فى هذين التشريعين من تشابه فى كثير من النواحى , وهو تشابه ينم عن اخذ الثانى من الأول , فى شكل عادات وأعراف تأصلت فى فرنسا أيام وجود المسلمين فيها وفى غيرها فى بلاد أوروبا...

1- فى العقد مثلا نجد أن ما جاء فيه فى القانون الفرنسى من انعقاده ولزومه بالايجاب والقبول من المتعاقدين, وشرط صحة العقد بصفة عامة , عيوب العقد , وحرية المتعاقدين , وأن انتقال الملكية للموكل يتم بمجرد تعاقد الوكيل عنه....كل ذلك نجده فى فقه الإمام مالك بن أنس رضى الله عنه , وعلى غير ما هو معروف فى القانون الرومانى (تجنبا لفزلكة الملاحدة والعلمانيين)..

ونجد هذا الاتفاق أيضا فى الحجر وأسبابه ونتائجه وعدم أهلية المحجور عليه وانتهاء هذا الحجر وأسبابه.

2- كذلك الامر فى الملكية ودليلها وتثبيتها وحكم وضع اليد وشروطه ونتائجه, وأن وضع اليد على المنقول يعادل حجة الملكية , وجواز نزع الملكية للمنفعة العامة , واحكام الملكية المشتركة, وتحديد ملكية المناجم , وطرق نقل الملكية فى المنقول والعقار , وسقوط الحق بمضى المدة...

3- ويتفقان ايضا فى عقد الإيجار وكثير من أحكامه مثل
_التزامات المؤجر...الخسارة فى العين المؤجرة ..ضمانها ..التنازل عن عقد الإيجار والخدمة ومدة الإيجار..


هذه قطرة من بحـــــــــــــــــــــــــــــــر فيما يتفق فيه التشريعان , وهناك نواح كثيرة أخرى هى موضع اتفاق بيتهما فيما يخض التركة وتقسيمها بين الورثة, والوصية والهبة واحكام كل منهكا, وفى غير ذلك كله مما يتناوله القانون المدنى من سائر العقود والتصرفات..

والنتيجة

إن بعض الباحثين ذهب, كما رأينا إلى أن هذا الإتفاق بين التشريعين الفرنسى والإسلامى فى أكثر أحكامهما لم يأت إلا بطريق أخذ الأول من الثانى ونقله عنه, ولكنا نحن نكتفى بالقول : بأنه يدل _على الأقل على ان اراجح جدا استمداد أحدهما من الاّخر , والمتأخر زمنا هو الذى يفيد من المتقدم عليه وهو الفقه الإســــــــــــــــــــــــــــلامى..

والفقه الإسلامى له مرجعيه الكبيرين المقدسين وهما : كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه واّله وسلم. وفيهما غُنية فى كل نواحى التشريع ولله الحمد والمنه..

ويجب أن نعرف جيدا أن فرنسا لم يكن لها فى زمن (( نابليون))قانون خاص بها ينبع من الدين أو غيره من مقومات الأمة, فمن المعقول أن العلماء الذين وضعوا القانون المدنى الذى يقترن باسم نابليون قد نقلوا كتب التشريع الاسلامى الى لغتهم وترجموها ونشروها بينهم ومن هذا يكون التشريع الفرنسى قد استفاد من التشريع الاسلامى اى ان شريعة الله عز وجل دخلت فى القانون الوضعى الأوربى وإن لم يأخذوها كمنهج إيمانى فهم يأخذوها أو بعضها كأفضل حل لهم حينما تنفذ طاقاتهم وقدراتهم ..
وهذا يدل انهم مهما بحثوا وابتكروا فلن يكون حل إلا منهج الله عز وجل كما حدث وحرمت اوربا الخمر فترات معينة ثم قننت بيوت الدعارة وأخيرا الأزمات الإقتصادية بسبب الربا والتورق وبيع الديون وبالديون ..فهى وإن حادت عن شريعة الله شكلا ولكنها ستعرف ان الله عز وجل قد وضع للإنسان تشريعات هى غاية الكمال المنشود والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون...

والحمد لله رب العالمين..

عائدة إلى الله
01-14-2012, 10:36 AM
بارك الله جهودك ونقلك الكريم

دليل دامغ آخر للرد على أهل الالحاد ممن يدعي أن أوروبا تطورت حين ابتعدت عن الدين

سبح الله تغنم
01-14-2012, 01:45 PM
جزاكم الله خيرا

متعلم
01-14-2012, 04:09 PM
== كتاب "المقارنات التشريعية" موجود في موقع "المكتبة الوقفية" ، وهذا رابط مباشر لتحميل الكتاب :
http://ia600400.us.archive.org/attachpdf.php?file=%2F29%2Fitems%2Fwaq81177%2F8117 7.pdf

== أفضلية الشريعة الإسلامية على غيرها،
ورأينا في القرون الخالية إعجاب حتى زنادقة الفلاسفة - كابن سينا وغيره - بالشرعة المحمدية، وإقرارهم بأنه لم يقرع الكون ناموس أعظم من ناموس محمد عليه الصلاة والسلام، وكان بعضهم يلتزم بهذه الشريعة طوعًا، لا من جهة الإيمان بأنها من الله، ولكن من جهة استحسان هذه الشرعة .. هذه الشرعة حسنة في ذاتها ولو لم يكن ثمت إله !! .. وهذا ينبئك عن سر إشادتهم بعبقرية - لا نبوة - "محمد" صلى الله عليه وسلم !!
وفي العصر الحديث، استقر لدى العلمانيين أن "الشريعة الإسلامية" هي مجرد اجتهادات فقهاء، بما فيها الأحكام الثابتة بالكتاب والسنة والإجماع .. ورتبوا على هذا جواز الخروج عن أحكام هذه الشريعة، وزعموا أن الشريعة المنزلة هي مجرد بضع مبادئ عامة لا أكثر، لا فضل فيها للإسلام على غيره من الأديان ! .. ومع هذا فكثير من العلمانيين يمتدح "الشريعة الإسلامية" - التي هي عندهم مجرد اجتهادات فقهاء - ويجلونها كثيرًا، ويقرون بفضلها على سائر الشرائع التي توصل إليها البشر، لا من جهة الإيمان بأنها من الله، ولكن من جهة الإقرار بحسن وعمق هذه التشريعات وشمولها وتكاملها وشدة إحكامها.

ابن عبد البر الصغير
01-15-2012, 10:00 PM
المتخصص في الفقه المالكي ودقائق الشريعة عموما سيرى وجوها كثيرة من التشابه والنقل في القانون الفرنسي، فحينما يدعي الفرنسيون أن مصدر قانونهم هو القانون الروماني، وحينما نرى أصولا كثيرة لا وجود لها عند الرومان بل هي في الشريعة . ينبغي لنا أن نقف وقفة .

والقول بالتشابه الصدفوي في ظل ثبوت علاقة تاريخية بين الفقه الإسلامي وفرنسا، ليس مُسلَّما .

والكتاب ماتع جليل في بابه لأن الشيخ رحمه الله متخصص بالفقه الإسلامي كما أنه درس القوانين الوضعية عن أهلها في الغرب، وهو دقيق في بابه، وكلما غاص القارئ في صفحاته كلما انقشع عنه ضباب الإشكالات والأسئلة.