نقد
01-13-2012, 12:43 PM
أولا :
خمس ملاحظة على شكل حضور وتلقي لفظ الاستنارة في الفكر العربي .
إذا راجعنا الكتابات العلمانية ، وحتى المقالات اللادينية المتداولة في كثير من المنتديات ، سنلاحظ شيوع مصطلح التنوير والإستنارة تحت عناوين تقريظية . بل يكفي عند كثير من الزملاء اللادينيين خلال نقدهم للإسلام ، أن يستعملوا لفظ التنوير ، أو يحيلوا مرجعيا الى فلسفة من فلسفات الأنوار لإكساب كلامهم وموقفهم سمت الحجة والدليل!!!
لكن هل يستجيب هذا الشيوع ، الذي يمتاز به لفظ التنوير في الخطاب العربي المعاصر، لحاجة معرفية وثقافية حقيقية؟
بل هل يدل تداول هذ اللفظ على وعي حقيقي بدلالته ؟
يسجل د. المسيري خمس ملاحظة على شكل حضور وتلقي لفظ الاستنارة في الفكر العربي :
الملاحظة الأولى
تعميم مقصود
يتداول لفظ الاستنارة في الأدبيات العربية بدلالات مغرقة في التعميم ، ومقترنة بعبارات هي أقرب للشعارات منها الى التحديدات الدقيقة ، من هذه الشعارات يذكر د. عبد الوهاب المسيري :
"« حق الاجتهاد والاختلاف»، و«شجاعة استخدام العقل»، و «لا سلطان على العقل إلا سلطان العقل»، و «الاستخدام العام لعقل الإنسان في جميع القضايا »"(إ هـ).
وفي سياق أسلوب التعميم الذي لا يعكس عمقا في فهم فلسفة التنوير ولا حرصا على كشف مدلولها الحقيقي، نلاحظ مع د. المسيري على "كثير من الدراسات العربية في الاستنارة" أنها تحرص على استحضار عبارات تقتطعها من مقالة كانط الشهيرة "ما هي الأنوار؟" مثل :« كن جريئاً في أعماق عقلك» (إ هـ)
دون أن يتم وصل هذه العبارة بالمعجم الفلسفي الكانطي ولا بمجمل فلسفته.
وهذا التسيب في الاستعمال الدلالي لهذا المفهوم لا يسود الأدبيات والمقالات الصحفية ،بل نجده حاضرا حتى على مستوى الكتابة المعجمية. وفي هذا السياق يشير د. المسيري إلى أن
" أحد المعاجم «الفلسفية» (يعرف )حركة الاستنارة بأنها «حركة فلسفية في القرن الثامن عشر تتميز بفكرة التقدم ، وعدم الثقة بالتقاليد ، وبالتفاؤل والإيمان بالعقل ، وبالدعوة إلى التفكير الذاتي والحكم على أساس التجربة الشخصية» ثم توقف المعجم عند هذا القدر، أي أنه ساوى بين «تعريف حركة الاستنارة» والأماني الشجاعة الساذجة التي عبر عنها دعاة هذه الحركة ، وكأن الأماني هي التعريف ، وكأن المتتالية المثالية المفترضة هي ذاتها المتتالية المتحققة ." (اهـ)
صحيح إن ثمة تعريفات أدق ، لكن ما يلحظه الاستاذ المسيري هو " أن التعريفات النبيلة السهلة هي التي كُتب لها الذيوع ..."
لكن ما المشكلة في تداول تلك التعاريف التي ينعتها المسيري ب"النبيلة".
أولا: إن تلك المحددات النبيلة لا تعرف حقيقة مفهوم ومشروع التنوير، كما لا يمكن لتلك المحددات "النبيلة " أن تفسر موقف الرفض لمشروع التنوير الغربي في واقعنا الثقافي الاسلامي مثلا، ولا في بعض تيارات الفكر الفلسفي الغربي المعاصرة، إذ لا أحد يرفض "حق الاجتهاد والاختلاف"(ا هـ)ولا أحد يرفض "استخدام العقل " (إ هــ)
كما أن "المشكلة لا تكمن في استخدام العقل أو عدم استخدامه وإنما في نوع العقل الذي يُستخدم (عقل مادي أداتي أم عقل قادر على تجاوز المادة) وفى الإطار الكلى الذي يتحرك فيه هذا العقل والمرجعية النهائية ..." (ا هـ) التي يصدر عنها .
= نستنتج أن التعريف الشائع للتنوير تعريف يغطي ولا يكشف، ومن ثم ففهم حقيقة المشروع، وتعليل موقف الرفض السائد له في العالم الإسلامي، لا يمكن أن يحصلا بمجرد قراءة الدلالات الشعاراتية المتداولة عنه.
إذا اتضحت النقطة السابقة ، أي غموض تعريف التنوير في الكتابات العربية ، فإن السؤال الذي يطرح :
لماذا يراد لهذا المفهوم وما يحيل عليه من دلالات فلسفية أن يبقى متخفيا وغارقا في التعميم ، دون ضبط دلالي ؟!
لنسجل هذا السؤال ، ولننتقل إلى بنية اللفظ ذاته في الملاحظة الثانية.
خمس ملاحظة على شكل حضور وتلقي لفظ الاستنارة في الفكر العربي .
إذا راجعنا الكتابات العلمانية ، وحتى المقالات اللادينية المتداولة في كثير من المنتديات ، سنلاحظ شيوع مصطلح التنوير والإستنارة تحت عناوين تقريظية . بل يكفي عند كثير من الزملاء اللادينيين خلال نقدهم للإسلام ، أن يستعملوا لفظ التنوير ، أو يحيلوا مرجعيا الى فلسفة من فلسفات الأنوار لإكساب كلامهم وموقفهم سمت الحجة والدليل!!!
لكن هل يستجيب هذا الشيوع ، الذي يمتاز به لفظ التنوير في الخطاب العربي المعاصر، لحاجة معرفية وثقافية حقيقية؟
بل هل يدل تداول هذ اللفظ على وعي حقيقي بدلالته ؟
يسجل د. المسيري خمس ملاحظة على شكل حضور وتلقي لفظ الاستنارة في الفكر العربي :
الملاحظة الأولى
تعميم مقصود
يتداول لفظ الاستنارة في الأدبيات العربية بدلالات مغرقة في التعميم ، ومقترنة بعبارات هي أقرب للشعارات منها الى التحديدات الدقيقة ، من هذه الشعارات يذكر د. عبد الوهاب المسيري :
"« حق الاجتهاد والاختلاف»، و«شجاعة استخدام العقل»، و «لا سلطان على العقل إلا سلطان العقل»، و «الاستخدام العام لعقل الإنسان في جميع القضايا »"(إ هـ).
وفي سياق أسلوب التعميم الذي لا يعكس عمقا في فهم فلسفة التنوير ولا حرصا على كشف مدلولها الحقيقي، نلاحظ مع د. المسيري على "كثير من الدراسات العربية في الاستنارة" أنها تحرص على استحضار عبارات تقتطعها من مقالة كانط الشهيرة "ما هي الأنوار؟" مثل :« كن جريئاً في أعماق عقلك» (إ هـ)
دون أن يتم وصل هذه العبارة بالمعجم الفلسفي الكانطي ولا بمجمل فلسفته.
وهذا التسيب في الاستعمال الدلالي لهذا المفهوم لا يسود الأدبيات والمقالات الصحفية ،بل نجده حاضرا حتى على مستوى الكتابة المعجمية. وفي هذا السياق يشير د. المسيري إلى أن
" أحد المعاجم «الفلسفية» (يعرف )حركة الاستنارة بأنها «حركة فلسفية في القرن الثامن عشر تتميز بفكرة التقدم ، وعدم الثقة بالتقاليد ، وبالتفاؤل والإيمان بالعقل ، وبالدعوة إلى التفكير الذاتي والحكم على أساس التجربة الشخصية» ثم توقف المعجم عند هذا القدر، أي أنه ساوى بين «تعريف حركة الاستنارة» والأماني الشجاعة الساذجة التي عبر عنها دعاة هذه الحركة ، وكأن الأماني هي التعريف ، وكأن المتتالية المثالية المفترضة هي ذاتها المتتالية المتحققة ." (اهـ)
صحيح إن ثمة تعريفات أدق ، لكن ما يلحظه الاستاذ المسيري هو " أن التعريفات النبيلة السهلة هي التي كُتب لها الذيوع ..."
لكن ما المشكلة في تداول تلك التعاريف التي ينعتها المسيري ب"النبيلة".
أولا: إن تلك المحددات النبيلة لا تعرف حقيقة مفهوم ومشروع التنوير، كما لا يمكن لتلك المحددات "النبيلة " أن تفسر موقف الرفض لمشروع التنوير الغربي في واقعنا الثقافي الاسلامي مثلا، ولا في بعض تيارات الفكر الفلسفي الغربي المعاصرة، إذ لا أحد يرفض "حق الاجتهاد والاختلاف"(ا هـ)ولا أحد يرفض "استخدام العقل " (إ هــ)
كما أن "المشكلة لا تكمن في استخدام العقل أو عدم استخدامه وإنما في نوع العقل الذي يُستخدم (عقل مادي أداتي أم عقل قادر على تجاوز المادة) وفى الإطار الكلى الذي يتحرك فيه هذا العقل والمرجعية النهائية ..." (ا هـ) التي يصدر عنها .
= نستنتج أن التعريف الشائع للتنوير تعريف يغطي ولا يكشف، ومن ثم ففهم حقيقة المشروع، وتعليل موقف الرفض السائد له في العالم الإسلامي، لا يمكن أن يحصلا بمجرد قراءة الدلالات الشعاراتية المتداولة عنه.
إذا اتضحت النقطة السابقة ، أي غموض تعريف التنوير في الكتابات العربية ، فإن السؤال الذي يطرح :
لماذا يراد لهذا المفهوم وما يحيل عليه من دلالات فلسفية أن يبقى متخفيا وغارقا في التعميم ، دون ضبط دلالي ؟!
لنسجل هذا السؤال ، ولننتقل إلى بنية اللفظ ذاته في الملاحظة الثانية.