المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الأربعاء - إسلام وفقه - منهاج المسلم



إلى حب الله
02-23-2012, 09:30 PM
بسم الله الرحمن الرحيم ..
هنا بإذن الله تعالى ستكون دروس الأربعاء في الإسلام والفقه بعرض كتاب :
( منهاج المسلم ) للشيخ أبي بكر الجزائري ...

للمزيد من المعلومات عن الدورة وروابطها < اضغط هنا > (http://www.eltwhed.com/vb/showthread.php?t=35666)

وللتعليق أو السؤال أو الاستفسار حول دروس الإسلام والفقه < اضغط هنا > (http://www.eltwhed.com/vb/showthread.php?t=35662)

إلى حب الله
02-29-2012, 12:59 AM
الدرس (1) ..

بسم الله الرحمن الرحيم ..
الإخوة والأخوات .. اليوم نبدأ بإذن الله تعالى أولى خطواتنا مع كتاب ٍ: صار من أشهر الكتب الجامعة المُبسطة عن الإسلام والفقه .. إنه كتاب : منهاج المسلم للشيخ أبي بكر الجزائري رحمه الله ..
وتذكرون أني تعرضت لذكر نبذة عن الشيخ من قبل في بداية دروس التفسير عن كتابه التفسير الميسر .. وها أنا أ ُحيلكم مرة أخرى لرابط فيه معلومات عنه لمَن يريد ..

فاسم الشيخ الحقيقي هو :
جابر بن موسى بن عبد القادر بن جابر أبو بكر الجزائري رحمه الله (1921م - 2008م) :
http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A3%D8%A8%D9%88_%D8%A8%D9%83%D8%B1_%D8%A7%D9%84 %D8%AC%D8%B2%D8%A7%D8%A6%D8%B1%D9%8A

لن أطيل عليكم ..
فهذه نسخة نصية كتبها أحد الإخوة جزاه الله خيرا ً(اسمه خالد من موقع برامج نت) .. ونقلها لنا عنه الأخ الحبيب عمر سليمان : ورفعها على الرابط التالي مشكورا ً:
http://arabsh.com/files/0c314c4e60/%D9%83%D8%AA%D8%A7%D8%A8-%D9%85%D9%86%D9%87%D8%A7%D8%AC-%D9%84%D9%84%D9%85%D8%B3%D9%84%D9%85-%D9%86%D8%B3%D8%AE%D8%A9-%D9%86%D8%B5%D9%8A%D8%A9-zip.html

وبالطبع هناك بعض الأخطاء الكتابية اليسيرة بالنسبة لهذا الكتاب الكبير .. والتي لا تنتقص أبدا ًمن قدر الناسخ جزاه الله خيرا ً.. وعليه يمكن أن يتصدى أحد فاعلي الخير لتصويبها .. وعن نفسي سأقوم بذلك فيما سأنقله هنا من الكتاب ..
والله الموفق ..

وتعالوا معا ًالآن نتصفح من مقدمة الشيخ نفسه : تعريفه المختصر لكتابه القيم هذا ...
والذي كان سبب كتابته : طلبٌ مبارك من أخ صالح من مدينة (وجدة) المغربية :
أن يقوم الشيخ بكتابة كتاب سهل مُيسر : ينفع المسلم في كل شئون دينه تقريبا ً..
فهنيئا ًلهذا الأخ الصالح صاحب الطلب أجره المضاعف .. وكم هي تلك الحسنات التي تعود إلى طالبي الخير لو عرفنا !!.. وهذا من بركة التفكير في البر الذي ربما لا تستطيعه أنت ولكن : يمكنك دعوة غيرك ممَن يستطيعه ليقوم به : فيكون لك مثل أجره !!!..
وسبحان الله العظيم ..
-------

يقول الشيخ في مقدمته رحمه الله :

فلم يمض سوى عامين .. حتى تم وضع الكتاب على الوجه الذي رجوت .. والصورة التي أمّلها الإخوان ..
وها هو يُقدم إلى الصالحين من إخوة الاسلام في كل مكان : يُقدم كتاباً .. ولو لم أكن مؤلفه وجامعه : لوصفته بما عساه أن يزيد من قيمته .. ويكثر من الرغبة فيه .. والإقبال عليه .. ولكن حسبي من ذلك ما أعتقده فيه :

أنه كتاب المسلم الذي لا ينبغي أن يخلو منه كل بيت مسلم ..
(وأقول أنا أبو حب الله : صدق والله الشيخ رحمه الله)

هذا .. والكتاب يشمل على خمسة أبواب .. في كل باب : عدة فصول .. وفي كل فصل من فصول بابَيْ العبادات والمعاملات : مواد تكثر أحيانا ًوتقل ..

فالباب الأول من الكتاب : في العقيدة .. والثاني : في الآداب .. والثالث : في الأخلاق .. والرابع : في العبادات .. والخامس : في المعاملات .. وبهذا : كان جامعا ًلأصول الشريعة الإسلامية وفروعها .. وصُح لي أن أسميه (( منهاج المسلم )) .. وأدعو الإخوة المسلمين إلى الأخذ به .. والعمل بما فيه ..

وقد سلكت - بتوفيق الله – في وضعه : مسلكاً حسنا ًإن شاء الله تعالى ..

ففي باب الاعتقادات :
لم أخرج عن عقيدة السلف : لإجماع المسلمين على سلامتها .. ونجاة صاحبها .. لآنها عقيدة الرسول صلى الله عليه وسلم .. وعقيدة أصحابه والتابعين لهم من بعده .. وعقيدة الإسلام الفطرية .. والملة الحنفية التي بعث الله بها الرسل .. وأنزل فيها الكتب ..

وفي باب الفقه - العبادات والمعاملات- :
لم آل جهدا ًفي تحري الأصوب واختيار الأصح .. مما دونه الأئمة الأعلام كأبي حنيفة .. ومالك .. والشافعي .. وأحمد رحمهم الله تعالى أجمعين .. مما لم يوجد له نص صريح أو دليل ظاهر من كتاب الله أو سنة رسوله صلى الله عليه وسلم .. ولهذا أصبحت لا يخالجني أدني ريب : ولا يسورني أقل شك في أن مَن عمل من المسلمين بهذا المنهاج - سواء في باب العقيدة أو الفقه أو الآداب والأخلاق - هو عامل بشريعة الله تبارك وتعالي .. وهدي نبيه صلى الله عليه وسلم ..

ولا بأس أن يعلم الإخوة المسلمون أنه لو شئت بإذن الله تعالى : لدونت المسائل الفقهية في هذا المنهاج على مذهب إمام ٍخاص .. ولكنت بذلك أرحت نفسي من عناء مراجعة المصادر المتعددة وتصحيح الأقوال المختلفة : والآراء المتباينة أحيانا والمتفقة أخرى : وكما هو معروف لدى العالمين .. ولكن رغبتي الملحة في جمع الصالحين من إخواننا المسلمين في طريق واحد : تتكتل فيه قواهم : وتتحد أفكارهم : وتتلاقى أرواحهم : وتتجاوب عواطفهم : وتتفاعل أحاسيسهم ومشاعرهم :
هي التي جعلتني أركب هذا المركب الصعب .. وأتحمل هذا العناء الأكبر .. والحمد لله على نيل المراد .. وبلوغ القصد ..

هذا .. وإني لأشكو إلى ربي عزَّ وجل كل عبد يقول : إني في صنيعي هذا : قد أحدثت حدث شر !!.. أو أتيت بمذهب غير مذهب المسلمين !!.. وأستعيذ به سبحانه وتعالى على كل مَن يحاول صرف الصالحين من هذه الآمة عن هذا الطريق الذي دعوت : والمنهاج الذي وضعت .. إذ أنني - والذي لا إله غيره - لم أخرج عن قصد أو غير قصد فيما أعلم : عن كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم !!.. ولا عما رآه أئمة الإسلام وعملوا به : واتبعهم في ذلك ملايين المسلمين : لم أخرج قيد شعرة أبدا ً..
كما أنه لا قصد لي سوى الجمع بعد الفرقة .. وتقريب الوصول بعد طول الطريق ..

فاللهم يا وليَّ المؤمنين .. ومتولي الصالحين : اجعل عملي هذا في المنهاج : عملا صحيحا مقبولاً .. وسعيي فيه : سعياً مرضياً مشكوراً .. واتفع به اللهم كل مَن أخذ به وعمل بما فيه .. وانقذ به يا ربي مَن شئت من عبادك الحيارى المترددين : وأهد به من عبادك : مَن رأيته أهلاً لهدايتك .. إنك وحدك القادر على ذلك .. وصل اللهم على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم ..

المؤلف : أبو بكر جابر الجزائري ..
المدينة المنورة في 21/2/1384 هـ 1/7/1964 م

يُتبع إن شاء الله تعالى بالفصول الثلاثة الأولى من باب العقيدة وهم عن :
الإيمان بالله عز وجل وبربوبيته وبألوهية وأدلة كل ذلك ..

وللتعليق أو السؤال أو الاستفسار حول دروس الإسلام والفقه < اضغط هنا > (http://www.eltwhed.com/vb/showthread.php?t=35662)

إلى حب الله
03-14-2012, 07:52 AM
الدرس (2) ..

الباب الأول : في العقيدة ..
الفصل الأول :

الإيمان بالله تعالى ..

هذا الفصل : من أخطر الفصور شأناً .. وأعظهما قدرا .. إذ حياة المسلم كلها تدور عليه .. وتتكيف بحسبه .. فهو أصل الأصول في النظام العام لحياة المسلم بكاملها ..

** الإيمان بالله تعالى **

المسلم يؤمن بالله تعالى بمعنى أنه : يُصدق بوجود الرب تبارك وتعالى وأنه عز وجل فاطر السموات والأرض (أي خالقهما) .. عالم الغيب والشهادة : ربُّ كل شيء ومليكه .. لا إله إلا هو (أي لا معبود بحق إلا هو) .. لا ربَّ غيره .. وأنه جلَّ وعلا : موصوف بكل كمال .. منزه عن كل نقصان .. وذلك لهداية الله تعالى له قبل كل شيءٍ (مصداق ذلك قوله تعالى : وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله) .. ثم للأدلة النقلية والعقلية الآتية :

** الأدلة النقلية **

1- إخباره تعالى بنفسه عن وجوده : وعن ربوبيته للخلق : وعن أسمائه وصفاته : وذلك في كتابه الكريم .. ومنه قوله عزَّ وجلّ : {إن ربكم الله الذي خلق السموات والأرض في ستة أيام : ثم استوى على العرش : يُغشي الليل النهار : يطلبه حثيثاً (أي سريعا ً) * والشمس والقمر والنجوم : مسخرات بأمره : ألا له الخلق والأمر : تبارك الله ربًّ العالمين} الأعراف ..

وقوله لما نادى نبيه موسى عليه السلام بشاطئ الوادي الأيمن في البقعة المباركة من الشجرة : {يا موسى : إني أنا الله ربًّ العالمين} القصص .. وقوله : {إنني أَنا الله : لا إله إلا أنا : فاعبدني : وأقم الصلاة لذكري} طه .. وقوله في تعظيم نفسه : وذكر أسمائه وصفاته : {هو الله الذي : لا إله إلا هو : عالم الغيب والشهادة : هو الرحمن الرحيم .. هو الله الذي : لا إله الا هو : الملك القدوس : السلام المؤمن : المهيمن العزيز الجبار المتكبر : سبحان الله عما يشركون .. هو الله : الخالق البارئ المصور : له الأسماء الحسنى : يسبح له ما في السموات والأرض : وهو العزيز الحكيم} الحشر ..

وقوله في الثناء على نفسه : {الحمد لله رب العالمين .. الرحمن الرحيم .. مالك يوم الدين} الفاتحة .. وقوله في خطابنا نحن المسلمين : {وأنَّ هذه أمتكم أمة واحدة : وأنا ربكم فاعبدون} الأنبياء .. وفي آية- المؤمنون - : {وأنا ربكم فاتقون} .. وقوله في إبطال دعوى وجود رب سواه : أو إله غيره في السموات أو في الأرض قوله : {قل لو كان فيهما آلهة إلا الله : لفسدتا !!.. فسبحان الله رب العرش عما يصفون} الأنبياء ..

2- إخبار نحو ٌمن مائة وأربعة وعشرين ألفا من الأنبياء والمرسلين : بوجود الله تعالى : وعن ربوبيته للعوالم كلها .. وعن خلقه تعالى لها : وتصرفه فيها : وعن أسمائه وصفاته : وما منهم من نبي ولا رسول : إلا وقد كلمه الله تعالى أو بعث إليه رسولا : أو ألقى في روعه (أي في قلبه وعقله) : ما يجزم معه أنه كلام الله ووحيه إليه ..

فإخبار هذا العدد الكبير من صفوة الخلق وخلاصة البشر : يستحيل على العقل البشري تكذيبه : كما يستحيل تواطؤ (أي اتفاق وتعاون) كل هذا العدد على الكذب : وإخبارهم بما لم يعلموا : ويتحققوا ويجزموا بصحته ويتيقنوا : وهم من خيار البشر : وأطهرهم نفوسا : وأرجحهم عقولا : وأصدقهم حديثاً !!..

3- إيمان البلايين من البشر : واعتقادهم بوجود الرب سبحانه : وعبادتهم له : وطاعتهم إياه .. في حين أن العادة البشرية : جارية بتصديق الواحد والاثنين : فضلا عن الجماعة والأمة والعدد الذي لا يُحصى من الناس : مع شاهد العقل والفطرة على صحة ما آمنوا به وأخبروا عنه وعبدوه وتقربوا إليه ..

4- إخبار الملايين من العلماء عن وجود الله .. وعن صفاته وأسمائه وربوبيته لكل شي .. وقدرته على كل شيء .. وأنهم لذلك عبدوه وأطاعوه، : وأحبوا له : وأبغضوا من أجله ..

** الأدلة العقلية **

1- وجود هذه العوالم المختلفة : والمخلوقات الكثيرة المتنوعة : يشهد بوجود خالقها : وهو الله عز وجل .. إذ ليس هناك في الوجود مَن ادعى خلق هذه العوالم وإيجادها سواه !!.. كما أنَّ العقل البشري : يعلم استحالة وجود الشيء المُحدَث بلا موجد (والله تعالى ليس مُحدَثا ً) .. بل إن العقل يرفض وجود أبسط شيء : بلا موجد !!.. فتأمل !!.. وذلك كطعام بغير مَن قام بطبخه مثلا ً!!.. أو كفراش على الأرض : بلا مُفرش له فيها !!.. فكيف إذا ًبهذه العوالم الضخمة الهائلة : من سماء وما حوت من أفلاك : وشمس وقمر وكواكب : وكلها مختلفة الأحجام والمقادير والأبعاد والسير : وأرض وما خلق فيها من إنسان وجان وحيوان : مع ما بين أجناسها وأفرادها من تباين في الألوان والألسن : والاختلاف في الإدراك والفهوم : والخصائص والشيات (أي العلامات) .. وما أودع فيها من معادن مختلفة الألوان والمنافع .. وما أجرى فيها من أنهار .. وما أحاط يابسها بأبحارٍ .. وما أنبت فيها من نبات وأشجار تختلف ثمارها : وتتباين أنواعها وطعمها وروائحها وخصائصها وفوائدها !!..

2- وجود كلامه عز وجل بين أيدينا : نقرأه ونتدبره ونفهم معانيه .. فهو دليل على وجوده عز وجل : لأنه يستحيل كلام بلا متكلم !!.. ولا قول بدون قائل !!..
فكلامه تعالى : دال على وجوده .. ولا سيما وأن كلامه تعالى : قد اشتمل على أمتن تشريع عرفه الناس !!.. وأحكم قانون حقق الخير الكثير للبشرية !!.. كما اشتمل على أصدق النظريات العلمية !!.. وعلى الكثير من الأمور الغيبية !!.. والحوادث التاريخية !!.. وكان صادقا في كل ذلك أيما صدق !!.. فلم يقصر على طول الزمان حكم من أحكام شرائعه : عن تحقيق فوائده !!.. وذلك مهما اختلف الزمان والمكان !!.. ولم تنتقض فيه أدنى نظرية من تلك النظريات العلمية !!.. ولم يتخلف فيه غيب واحد من الذين أخبر بهم من الأمور الغيبية !!.. كما أنه لم يجرؤ مؤرخ كائنا مَن كان : على أن ينقض قصة من القصص العديدة التي ذكرها : فيكذبها !!.. أو حتى يقوى على تكذيب أو نفي حادثة من الحوادث التاريخية التي أشار إليها أو فصلها !!!..

فمثل هذا الكلام الحكيم الصادق : يستحيل على العقل البشري السليم أن بنسبه إلى أحد من البشر !!.. إذ هو فوق طوق البشر !!.. ومستوى معارفهم !!.. وإذا بطل أن يكون كلام بشرٍ : فهو إذا ًكلام خالق البشر !!.. وهو دليل وجوده تعالى : وعلمه وقدرته وحكمته ..

3- وجود هذا النظام الدقيق المتمثل في هذه السنن الكونية في الخلق والتكوين والتنشئة لسائر الكائنات الحية في هذا الوجود .. فإن جميعها خاضع لهذه السنن : متقيد بها .. لا يستطيع الخروج عنها بحال من الأحوال !!.. فالإنسان مثلا ً: يعلق نطفة في الرحم : ثم تمر به أطوار عجيبة : لا دخل لأحد غير الله فيها !!.. يخرج بعدها بشراً سوياً : هذا بالنسبة لخلقه وتكوينه .. وكذلك الحال في تنشئته .. فمن صبا وطفولة : إلى شباب وفتوة : إلى كهولة وشيخوخة !!!..

وهذه السنن العامة في الإنسان والحيوان : هي نفسها في الأشجار والنبات .. ومثلها الأفلاك العلوية والأجرام السماوية !!.. فإنها جميعا : خاضعة لما رُبطت به من سنن : لا تحيد عنها ولا تخرج عن سلكها !!.. ولو حدث أن انفرط سلكها : فخرجت مثلا ًمجموعة من الكواكب عن مداراتها : لخرب العالم !!.. وانتهى شأن هذه الحياة !!..

وعلى مثل هذه الأدلة العقلية المنطقية : والنقلية السمعية : آمن المسلم بالله تعالى : وبربوبيته لكل شيء .. وبإلهيته للأولين والأخرين .. وعلى هذا الأساس من الإيمان واليقين : تتكيف حياة المسلم في جميع الشؤون ...
-----

انتهى كلام الشيخ رحمه الله بالنسبة للإيمان بالله تعالى عموما ً...
على أن نستعرض بصورة منفصلة في الدرس القادم بإذن الله تعالى :
الإيمان بكل ٍمن : ربوبيته .. وألوهيته عز وجل ..

والله الموفق ..

وللتعليق أو السؤال أو الاستفسار حول دروس الإسلام والفقه < اضغط هنا > (http://www.eltwhed.com/vb/showthread.php?t=35662)

إلى حب الله
03-20-2012, 10:32 PM
الدرس (3) ..

الباب الأول : في العقيدة ..
الفصل الثاني :

الإيمان بربوبية الله تعالى ..

والربوبية : هي الاسم من الرب ومعناه :
ربوبيته تعالى للأشياء : كونه ربا ًلها .. أي خالقا ًلها ومدبرا ًلآمرها ..

** الأدلة النقلية **

1- حيث قال عز وجل في إقامة الحجة على المشركين وإلزامهم بها:
{قل مَن رب السموات السبع ورب العرش العظيم. سيقولون لله، قل أفلا تتقون} ..

2- إخبار الأنبياء والمرسلين بربوبيته تعالى، وشهادتهم عليها , وإقرارهم بها.
فآدم عليه السلام قال في دعائه :
{ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين} ..
ونوح عليه السلام قال :
{رب إن قومي كذَّبون فافتح بيني وبينهم فتحا ًونجني ومَن معي من المؤمنين} ..
وقال يوسف عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام في ثنائه على الله ودعائه إياه :
{رب قد آتيتني من الملك وعلمتني من تأويل الأحاديث، فاطر السموات والأرض أنت وليي في الدنيا والآخرة توفني مسلما وألحقني بالصالحين} ..
وقال موسى عليه السلام في بعض طلبه :
{رب اشرح لي صدري ويسر لي أمري، واحلل عقدة ًمن لساني يفقهوا قولي} ..
وقال هارون عليه السلام لبني اسرائيل :
{وإن ربكم الرّحمن فاتبعوني وأطيعوا أمري} ..
وقال زكريا عليه السلام في استرحامه :
{رب إني وهن العظم مني واشتعل الرأس شيبا ً، ولم أكن بدعائك رب شقياْ} ..
وقال في دعائه :
{رب لا تذرني فرداً وأنت خير الوارثين} ..
وقال عيسى عليه السلام في إجابته له تعالى :
{ما قلت لهم إلا ما أمرتني به , أن اعبدوا الله ربي وربكم} ..
وقال مخاطبا قومه :
{يا بني إسرائيل، اعبدوا الله ربي وربكم ، إنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة، ومأواه النار، وما للظالمين من أنصار} ..
ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم وعلى إخوانه المرسلين، كان يقول عند الكرب :
"لا إله إلا الله العظيم الحليم، لا إله إلا الله رب العرش العظيم، لا إله الا الله رب السموات ورب الأرض، ورب العرش العظيم" .. رواه مسلم في باب دعاء الكرب ..

فجميع هؤلاء الأنبياء والمرسلين وغيرهم من أنبياء الله ورسله عليهم الصلاة والسلام : كانوا يعترفون بربوبية الله تعالى ويدعونه بها : وهم أتم الناس معارف وأكملهم عقولا ً، وأصدقهم حديثاً , وأعرفهم بالله تعالى وبصفاته من سائر خلقه في هذه الأرض.

3- إيمان البلايين من العلماء والحكماء بربوبيته تعالى لهم، ولكل شيء واعترافهم بها، واعتقادهم إياها اعتقادا جازماً.

4- إيمان البلايين والعدد لا يحصى من عقلاء البشر وصالحيهم بربوبيته تعالى لجميع الخلائق.

** الأدلة العقلية **

من الأدلة العقلية المنطقية السليمة على ربوبيته عز وجل لكل شيء ما يلي:
1- تفرده تعالى بالخلق لكل شيء ، إذ أن من المُسلّم به لدى كل البشر : أن الخلق والإبداع لم يدعيهما أو يقو عليهما أحد : سوى الله عز وجل .. ومهما كان الشيء المخلوق صغيرا ًوضئيلاً : حتى ولو كان شعرة في جسم إنسان أو حيوان، أو ريشة صغيرة في جناح طائر، أو ورقة في غصن ٍمائد، فضلا ًعن خلق جسم تام أو حي من الأجسام، أو جُرم كبير أو صغير من الأجرام.

أما الله تبارك وتعالى فقد قال مقررا ًالخالقية المطلقة له دون سواه :
{ألا له الخلق والأمر، تبارك الله رب العالمين} .. وقال : {والله خلقكم وما تعملون}.
وأثنى على نفسه بخالقيته فقال :
{الحمد لله الذي خلق السموات والأرض وجعل الظلمات والنور} .. وقال :
{وهو الذي يبدؤ الخلق ثم يعيده وهو أهون عليه، وله المثل الأعلى في السموات والأرض وهو العزيز الحكيم} ..

أفليست إذا ًخالقيته سبحانه وتعالى لكل شيء : هي دليل وجوده وربوبيته؟ بلى، وإنا يا ربنا على ذلك من الشاهدين.

2- تفرده تعالى بالرزق، إذ ما من حيوان سارح في الغبراء (أي الأرض) أو سابح في الماء أو مستتر في الأحشاء، إلا والله تعالى خالق رزقه وهاديه إلى معرفة الحصول عليه وكيفية تناوله والانتفاع به.
فمن النملة كأصغر حيوان ، إلى الإنسان الذي هو أكمل وأرقى أنواعه، والكل مفتقر إلى الله عز وجل في وجوده وتكوينه، وفي غذائه ورزقه، والله وحده موجده ومكونه ومغذيه ورازقه، وها هي ذي آيات كتابه تقرر هذه الحقيقة وتثبتها ناصعة كما هي، قال تعالى :
{فلينظر الإنسان إلى طعامه , أنا صببنا الماء صباً , ثم شققنا الأرض شقاً , فأنبتنا فيها حباً , وعنباً وقضباً , وزيتونا ونخلا وحدائق غُلبا ، وفاكهة وأَباً} ..
وقال تعالى :
{وأنزل من السماء ماء فأخرجنا به أزواجاً من نباتٍ شتى , كلوا وارعوا أنعامكم} ..
وقال : {وأنزلنا من السماء ماء فأسقيناكموه، وما أنتم له بخازنين} ..
وقال : {وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها، ويعلم مستقرها ومستودعها} ..
وإذا تقرر بلا منازع أنه لا رازق إلا الله : كان ذلك دليلاً على ربوبيته سبحانه وتعالى لخلقه.

3- شهادة الفطرة البشرية السليمة بربوبيته تعالى، وإقرارُها الصارخ بذلك، فإن كل إنسان لم تفسد فطرته : يشعر في قرارة نفسه بأنه ضعيف وعاجز أمام ذي سلطان غني قوي، وأنه خاضع لتصرفاته فيه، وتدبيره له : بيحث يصرخ في غير تردد: أنه الله ربُّه وربُّ كل شيءٍ.
وإن كانت هذه الحقيقة مُسلّمة لا ينكرها أو يُماري فيها كل ذي فطره سليمة : فإنه يُذكر هنا زيادة في التقرير : ما كان القرآن الكريم ينزعه من اعترافات أكابر الوثنيين بهذه الحقيقة التي هي : ربوبية الله تعالى للخلق ولكل شيءٍ !!.. قال الله تعالى :
{ولئن سألتهم مَن خلق السموات والأرض ليقولن خلقهم العزيز العليم} !!..
وقال جل جلاله :
{ولئن سألتهم مَن خلق السموات والأرض وسخر الشمس والقمر ليقولن الله} !!..
وقال عز وجل :
{قل مَن رب السموات السبع وربُّ العرشِ العظيم، سيقولون لله} !!..

4- تفرده تعالى بالمُلك لكل شيء، وتصرفه المطلق في كل شيء، وتدبيره لكل شيء : كل ذلك دال على ربوبيته، إذ من المُسلَّم به لدى كافة البشر أنََّّ الإنسان كغيره من الكائنات الحية في هذا الوجود : لا يملك على الحقيقة شيئا، بدليل أنه يخرج أول ما يخرج إلى هذا الوجود : عاري الجسم حاسر الرأس حافي القدمين !!.. ويخرج عندما يخرج منه مُفارقاً له : ليس معه شيءُ سوى كفن يواري به جسده !!.. فكيف إذاً يصحُّ أن يقال: إن الإنسان مالك لشيء على الحقيقة في هذا الوجود ؟
وإذا بطل أن يكون الإنسان، وهو أشرف هذه الكائنات مالكاً لشيءٍ منها، فمَن المالك إذن ؟
المالك هو الله والله وحده ، وبدون جدل، ولا شك ولا ريب وما قيل وسلم في الملكية : يقال ويسلم كذلك في التصرف والتدبير لكل شأن من شؤون هذه الحياة، ولعمر الله إذاً : لهي صفات الربوبية : الخلقُ، الرزقُ، الملكُ، التصرفُ، التدبيرُ، وقديما ًقد سلمها أكابرُ الوثنين من عبدة الأصنام !!..
وسجل ذلك القرآن الكريم في غير سورة ٍمن سوره، قال تعالى :
{قل مَن يرزقكم من السماء والآرض، أم مَن يملك السمع والأبصار، ومَن يُخرج الحيّ من الميت، ويُخرج الميت من الحيّ، ومَن يُدبر الأمر فسيقولون الله، فقل أفلا تتقون ؟ فذلكم الله ربكم الحق، فماذا بعد الحق إلا الضلال} ؟؟!!..

_____________

الفصل الثاني :

الإيمان بإلهية الله تعالى للأولين والآخرين ..

يؤمن المسلم بألوهية الله تعالى لجميع الأولين والآخرين ، وأنه لا إله غيره، ولا معبود بحق سواه، وذلك للأدلة النقلية والعقلية التالية، ولهداية الله تعالى له قبل كل شيء، إذ مَن يهدِ الله فهو المهتدي، ومَن يُضلل فلا هادي له.

** الأدلة النقلية **

1- شهادته تعالى، وشهادة ملائكته ، وأولي العلم على ألوهيته سبحانه وتعالي، فقد جاء في سورة آل عمران قوله:
{شهد الله أنه لا إله إلا هو، والملائكة وأولو العلم قائماً بالقسط، لا إله إلا هو العزيز الحكيم}

2- إخباره تعالى بذلك في غير آية من كتابه العزيز، قال تعالى:
{الله لا إله إلا هو الحي القيوم لا تأخذه سنة ولا نوم} ..
وقال : {وإلهُكم إله واحد، لا إله إلا هو الرحمن الرحيم} ..
وقال لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم :
{فاعلم أنه لا إله إلا الله} ..
وقال مخبراً عن نفسه :
{هو الله الذي لا إله إلا هو عالم الغيب والشهادة، هو الرحمن الرحيم هو الله لا إله إلا هو الملك القدوس} ..

3- إخبار رسله عليهم الصلاة والسلام بألوهيته تعالى ودعوة أممهم إلى الاعتراف بها، وإلى عبادته تعالى وحده دون سواه، فإن نوحاً قال :
{يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره} ..
وهود وصالح وشعيب ما منهم أحد عليهم السلام إلا وقال :
{يا قومي اعبدوا الله مالكم من إله غيره} ..
وقال موسى عليه السلام لبني إسرائيل :
{أغير الله أبغيكم إلها ًوهو فضلكم على العالمين} ..
وقال يونس في تسبيحه :
{لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين} ..
وكان نبينا محمد صلى الله عليه وسلم يقول في تشهده في الصلاة :
" أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له " ..

** الأدلة العقلية **

1- إن ربوبيته تعالى الثابتة دون جدل : مستلزمة لألوهيته وموجهة لها !!.. فالرب الذي يحيى ويميت ويعطي ويمنع، وينفع ويضر : هو المستحق لعبادة الخلق !!.. والمستوجب لتأليههم له بالطاعة والمحبة، والتعظيم والتقديس، وبالرغبة إليه، والرهبة منه.

2- إذا كان كل شيء من المخلوقات مربوباً لله تعالى بمعنى أنه : من جملة مَن خلقهم ورزقهم، ودبر شؤونهم، وتصرف في أحوالهم وأمورهم، فكيف يُعقل تأليهُ غيره من مخلوقاته المفتقرة إليه ؟!!.. وإذا بطل أن يكون في المخلوقات إله : تعين أن يكون خالقها هو الإله الحق والمعبود بصدق ..

3- اتصافه عز وجل دون غيره بصفات الكمال المطلق ، ككونه تعالى قويا قديرا، عليا كبيرا، سميعا بصيراً رؤوفاً رحيما، لطيفا خبيراً، موجب له تأليهُ قلوب عباده له بمحبته وتعظيمه : وتأليهُ جوارحهم له بالطاعة والانقياد.

وللتعليق أو السؤال أو الاستفسار حول دروس الإسلام والفقه < اضغط هنا > (http://www.eltwhed.com/vb/showthread.php?t=35662)

إلى حب الله
03-21-2012, 08:56 AM
جزى الله خيرا ًأخي الحبيب علي الإدريسي لتنبيهي لخطأ كتابي في إحدى الآيات ...
والحقيقة أنه رغم المجهود الوافر في تفريغ هذا الكتاب كتابة ً.. ومراجعته من الأخين الفاضلين :
خالد وعمر عثمان جزاهما الله خيرا ً: إلا أنه لم يزل هناك العديد من الأخطاء في الكلام والآيات ..
وهو ما أعمل على تصحيحه أثناء النقل إلى هنا على قدر الإمكان ...
فمَن رأى شيئا ًأو ملاحظة ًمثل الأخ علي وفقه الله : فليُسارع بالتنبيه - وخصوصا ًفي الآيات -
والله المستعان ..