المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : شبهة ورد السنة لم تكتب في عهد النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ



حازم
12-08-2005, 02:52 AM
منقول عن موقع جامع الحديث

الرد
ادعى أصحابُ العقول المريضة أن عدم كتابة السنة في عهد النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يطعن في حجيتها، وجعلوا يجمعون النصوص الحديثية عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وعن السلف الصالح في كراهة كتابة السنة، ونسُوا أن الكتابة ليست من شروط الحجية، ونسوا أن الحجية إنما تحصل بعدالة حاملها.
لأن المعول عليه في المحافظة على السنة، وصيانتها من التبديل والتحريف والخطإ، هو أن يحملها الثقة العدل حتى يوصلها لمن هو مثله في هذه الصفة. وهكذا.
فهب أن لو جاءت اليهود والنصارى لأصحاب هذه الشبهة، فقالوا لهم: إن القرآن ليس بحجة، فإنه لم ينزل من السماء مكتوبًا، ولو كان حجة لاهتم الشارع بأمره وأنزله مكتوبًا. فماذا يكون جوابهم؟!
إن قالوا لهم: إن عصمة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من الخطأ والتبديل فيه تغني عن نزوله مكتوبًا، قالوا لهم: إن موسى وعيسى عليهما السلام معصومان أيضًا.
لكن لا بد لهم أن يعلموا أن كما أغنت العصمة عن نزوله مكتوبًا، تُغنينا عدالة الراوي عن كتابة ما هو حجة؛ قرآنًا كان أو سنة.
بل إن الكتابة لو كانت من شروط الحجة لما وقع الخطأ والتبديل في التوراة والإنجيل؛ لأن اليهود والنصارى كانوا يكتبون التوراة والإنجيل، ولكنهم تجردوا من صفة العدالة، الأمر الذي يجعلنا نجزم بعدم صحة ما يكتبون.
وقد قال تَعَالَى في ذلك: {فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هذا من عند الله ليشتروا به ثمنا قليلا فويل لهم مما كتبت أيديهم وويل لهم مما يكسبون} [ البقرة: 79 ].
فالأصل في حجية المنقول عدالة ناقله، لا كتابته.
ولقد قال الخليل بن أحمد الفراهيدي:

ليس بعِلْمٍ ما حَوَى القِمَطْرُ : : ما العِلْمُ إلا ما حَوَاهُ الصَّدْرُ

أما الأحاديث والآثار التي لم يألوا جهدًا في جمعها لتثبت النهي عن كتابة السنة، فهناك أحاديث كثيرة جاءت بالإذن بالكتابة بعد ذلك، وللجمع بينهما أقوال عند أهل العلم منها:
الأول: أن النهي كان خاصًّا بوقت نزول القرآن؛ خشية التباسه بغيره، والإذن في غير ذلك الوقت.
الثاني: أن النهي خاص بكتابة الحديث مع القرآن في صحيفة واحدة.
ثالثًا: أن النهي منسوخ بالإذن.
إلى غير ذلك من الأقوال في الجمع بين أحاديث النهي وأحاديث الإذن؛ إلا أننا نُلزم المحتجين بأحاديث النهي بإجابة السؤال الآتي: أحاديث النهي عن الكتابة ما هي إلا أحاديث مروية عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلِمَ أخذتم بها ولم تأخذوا بأحاديث الإذن؟!
لنعلم أنها شبه ما وردت إلا في عقول لم تدرُس سنة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جيدًا، بل تركت هواها يحكمها لا الشرع المنزل من الله سبحانه وتعالى.