المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الإسلام والرق



علي الشيخ الشنقيطي
05-15-2012, 09:42 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

أضع هنا مقالا، في هذا المنتدى المبارك المهتم بالذود عن حمى الاسلام والمسلمين ،،
وكان ردا على جويهل اتهم العلم والعلماء بالعنصرية ..
http://www.essirage.net/news-and-reports/7501-2012-04-27-19-27-48



تكون لغة هذا المقال على أسلوب أسلافنا علمائنا الأبرار،،
ولا محل للمقارنة أو المداناة ، فذلك شأن تقصر عنه أقلام القاصرين ،،

قد عم في البقاع وشاع في الأصقاع أمر حرق كتب الفقه في بلادنا ، من نكرة وقع مفعولها على جملة منكرة ، وليرتكبوا منكرا من الفعل والقول ..نكرة وقع مقول قولها، أن أضرموا جذوة نار خاطئة، احترقت في قلب من أشعلها جهلا وحقدا قبل أن تأكل ورقات كتب تكذب العلة وتبرأ من جهالة محرقيها ، وتنسحب من أياد مرتخية فاشلة حركتها أفكار ضيقة وأبصار عميت بظلماء الجهالة.
أطفأت نار (بيرامَ) الآثمة لتلد عواقب أشد خطورة من أسبابها ، وليغترف من جمارها ورمادها كلٌُُ على ما يوافقه ويناسبه ، ولنلقي عليها إيهاب الحقيقة ، وليدمغ تلبيس من أضرهما وتلفيقه ، فلا يكتوي بألسنتها مستخَف أو مغرر به ..تعالوا نتحاكم إلى العقول ، ونعيد بناء خيوط القضية فتتضح الصورة على هيأتها وأصلها...
قد جاءت جملة مقول قوله منكرة ، لا محل لها من المعروف أن :
" أضرموا النار في هذه كتب النخاسة ؛كتبها بشر ظُلام طغات وبغات" ؛ ولعمري لقد رمتني بدائها وانسلت ..
وإني سائله فيما أقدم عليه، مستوضحا مستجليا لأسبابه ومراميه : ما شأنك وكتب الفقه ؟

فإن قال ، وقد قال :بها تسويق للعبودية ورضي بها .. قيل له : ـ وفيما تقول نظر سنعرض له ـ فا رأيك في الكتب الفقهية من المذاهب السنية الأخرى ، وفيها ما تعترض عليه ؛ بل وفي كتب مذاهب الشيعة ؟
فإن رد :"لا أعترض على ما كان فيها من تنظيم ظاهرة العبودية ووضع الأحكام التي تخصها ، وأقتصر على مراجع الفقه المحلية في المذهب المالكي ، وأنكر على العلماء الذين يعكفون على تعليمها شرحا وتدريسا" .
قيل له : تفرق بين المدارس الشرعية ومراجعها سنة وشيعة ، وليس بينها اختلاف يذكر في سرد الأحكام الفقهية على ما كان من ظاهرة العبودية . كيف يستقيم هذا ؟
أما إن قال :
"بل أعترض إدانة لكل المراجع الفقهية الإسلامية ، حيث تسوق للعبودية ، فما كتبها إلا من هم بشر مثلنا .."
وهي والله نبرة تذكر بمن قد قالها من قبله ..
فيقال له : فإنك تعترض على الإسلام كله ، وأحكام الله ورسوله وأعلم أن نفسك من هذه شيئ...

أليس في كتاب الله سبحانه وتعالى: { الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى } ، وفي الأحاديث الشريفة من ذكر لظاهرة العبودية وتوصيات بشأنها... أفتحرقها أيضا ، كما فعل جهلة الغرب الحاقدين ؟ ..
هذا والله اختلاط ومغالطة لنفسه وغيره.. أو هو لعب بالعقول وتلبيس من وحي شيطاني خبيث يقف خلفه من يقف ، ويراد من خلاله تفريق لحمة المسلمين تنفيذا لخطط الحاقدين ومكائدهم.
أما قوله أنها كتب نخاسة فكذب. وليعد إلى من استعان به وأرسله ليجد كتب النخاسة في متاحفهم وكنائسهم ومعابدهم ، وليقرأ في توراتهم وأناجيلهم المحرفة المكذوبة، وليجد أقوال البشر ..
و{كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذبا} ،،

_ــ يرى بنو إسرئيل أنهم أفضل البشر ، ويقولون نحن أبناء الله وأحباؤه ..وأما من غيرهم فأجناس منحطة ويمكن لم استعبادهم وقهرهم إذ هم أجناس كتبت عليها الذلة بأمر السماء .. جاء في الإصحاح الحادي والعشرين من سفر الخروج ( جزؤ2- 12 ) ما نصه: :
"إذا اشتريت عبداً عبرانياً فست سنين يخدم ، وفي السابعة يخرج حراً مجاناً ، إن دخل وحده ، فوحده يخرج ، إن كان بعل امرأة تخرج امرأته معه, إن أعطاه سيده امرأة وولدت له بنين وبنات فالمرأة وأولادها يكونون للسيد ، وهو يخرج وحده ، ولكن إذا قال العبد : أحب سيدي وامرأتي وأولادي لا أخرج حراً ، يقدمه سيده إلى الله ، ويقربه إلى الباب أو إلى القائمة ، ويثقب سيده أذنه بالمثقب يخدمه إلى الأبد ، وإذا باع رجل ابنته أمة لا تخرج كما يخرج العبيد ، إن قبحت في عين سيدها الذي خطبها لنفسه يدعها تفك ، وليس له سلطان أن يبيعها لقوم أجانب لغدره بها ، وإن خطبها لابنه فبحسب حق البنات يفعل لها ، إن اتخذ لنفسه أخرى لا ينقص طعامها وكسوتها ومعاشرتها ، وإن لم يفعل لها هذه الثلاث تخرج مجاناً بلا ثمن"
أما استرقاق غير العبراني فمن طريق الأسر والقهر لأنهم يرون أن جنسهم أحسن عند الله من غيرهم ، ويلتمسون لهذا الاسترقاق سنداً من توراتهم فيقولون: "إن حام بن نوح – وهو أبو كنعان- كان قد أغضب أباه ، لأن نوح سكر يوماً ثم تعرى وهو نائم في خبائه ، فأبصره حام كذلك ، فلما علم نوح بهذا بعد استيقاظه غضب ، ولعن نسله الذين هم كنعان ، ..."ملعون كنعان عبد العبيد يكون لإخوته ، وقال : مبارك الرب إله سام ، وليكن كنعان عبداً لهم وليكن كنعان عبداً لهم" وفي الإصحاح نفسه (27) : " ليفتح الله ليافث فيسكن في مساكن سام ، وليكن كنعان عبداً لهم"
وهذا من خرافاتهم التي أضافوا حشوا في كتبهم التي حرفوها .. قال تعالى : { وقالت اليهود والنصارى نحن أبناء الله وأحباؤه قل فلم يعذبكم بذنوبكم بل أنتم بشر ممن خلق }.
وقد اتخذت ملكة بريطانيا إليزابيث الأولى من هذا النص سندا لتبرير تجارة مملكتها للعبيد ، فعملت شركات بريطانية في خطف الأسرى من مستعمراتها وشحنهم على متن السفن ، ومات الكثير منهم من المعاناة ، وعاشت القارة الإفريقية مآسي حقيقية يشهد التاريخ على فظاعتها . ويقدر المؤرخون ما حصدته شركات الإنجليز ممن استرقوهم واستعبدوهم ما بين عامي 1680 / 1786م بالملايين .

ومن قوانين كتب نخاستهم السوداء :
ـ أن من اعتدى على سيده قتل ومن هرب قطعت يده ورجلاه وكوي بالحديد المحمى إذا أبق للمرة الثانية قتل.
تقول دائرة المعارف البريطانية في جزئها الثاني ما نصه : إن اصطياد الرقيق من قراهم المحاطة بالأدغال كان يتم بإيقاد النار في الهشيم الذي صنعت منه الحظائر المحيطة بالقربة حتى إذا نفر أهل القرية إلى الخلاء تصيدهم الإنجليز بما أعدوا لهم من وسائل .
ـ ومن قوانينهم يحرم التعليم على الرجل الأسود ويحرم على الملونين وظائف البيض .
ـ إذا تجمع سبعة من العبيد عُدَّ ذلك جريمة ويجوز للأبيض إذا مر بهم أن يبصق عليهم ويجلدهم عشرين جلدة.
وفي قوانين أمريكا :
ـ أن العبيد لا نفس لهم ولا روح وليست لهم فطانة ولا ذكاء ولا إرادة وأن الحياة لا توجد إلا في أذرعهم فقط.

_ـ أما المسيحيون وموقفهم من الاسترقاق :

فكان بولس يوصي في رسائله بإخلاص العبيد في خدمة سادتهم ، كما قال في رسالته إلى أهل أفسس :
الإصحاح السادس (5-9) : " أيها العبيد ، أطيعوا سادتكم حسب الجسد بخوف ورعدة في بساطة قلوبكم كما للمسيح ، لا بخدمة العين كمن يرضى الناس ، بل كعبيد المسيح ، عاملين مشيئة الله من القلب ، خادمين بنية صالحة كما للرب ليس للناس ، عالمين أن مهما عمل كل واحد من الخير فذلك يناله من الرب عبدا كان أو حرا " .
وقد كان كبار الباباوات من كبار تجار العبيد وكانت للكنائس الآلاف من العبيد لمباشرة شؤون الزراعة والحدائق حول الكنائس وأراضيها الواسعة ، وكانت الكنائس الأوروبية على مر العصور تتقاضى عمولات عن صفقات النخاسة ، وتقوم بمباركة خطف واسترقاق الناس وتعميد العبيد بإسم ربهم المزعوم يسوع.
وفي معجم لاروس الكبير:" لا يعجب الإنسان من بقاء الرق واستمراره بين المسيحيين إلى اليوم ، فإن نواب الدين الرسميين يقرون صحته ويسلمون بمشروعيته"

ويقول الفيلسوف اللاهوتي توما أل اكوينو : "رأي الفلسفة إلى رأي الرؤساء الدينيين ، فلم يعترض على الرق بل زكاه ، لأنه على طريقة أستاذه أرسطو والذي يرى أنه :" حالة من الحالات التي خلق عليها بعض الناس بالفطرة الطبيعية "

وجاء في قاموس الكتاب المقدس للدكتور جورج يوسف "إن المسيحية لم تعترض على العبودية من وجهها السياسي ولا من وجهها الاقتصادي ، ولم تحرض المؤمنين على منابذة جيلهم في آدابهم من جهة العبودية ، حتى ولا المباحثة فيها ، ولم تقل شيئاً ضد حقوق أصحاب العبيد ، ولا حركت العبيد إلى طلب الاستقلال ، ولا بحثت عن مضار العبودية ، ولا عن قساوتها ولم تأمر بإطلاق العبيد حالاً ، وبالإجماع لم تغير النسبة الشرعية بين المولى والعبد بشيء ، بل بعكس ذلك فقد أثبتت حقوق كل من الفريقين و واجباته "

فليرجع (بيرامْ) بجذوة ناره إلى الذين أرسلوه بها ، ولن يعدم أن يجد ما يحرقه بها قبل يأتي الى حرق كتب الفقه عندنا ، وليشر بأصابع اتهامه الحارقة إلى من هم أولى بذلك ، ولنعد الى الحق في نظر عين العقل إلى النقل ، ولن يجد ولا غيره في النقل من الكتاب والسنة ومدونات العلماء من أمر بندب أو مستحب أومسن أو مقضي مفروض على المسلمين باستعباد واسترقاق بشر ؛ كلهم من آدم وآدم من تراب .فلا تجد في كتاب الله ولا سنة رسوله نصا يأمر بالاسترقاق ، بل هي حافلة آيات الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم بالدعوة إلى العتق والتحرير .
ثم إن شريعة الإسلام ، في مبادئها ومقاصدها ليست على أهواء البشر ونظرياتهم وتقاليدهم أو ثقافاتهم ، إنما هي نبراس العدل والحكمة يكفل للإنسان كرامته وحريته وينظم علاقته بنفسه ومحيطه ، ويحميه من الظلم لنفسه وغيره { ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا }.

وإنما وجد الإسلام هذه الظاهرة قبله ، ومنذ القدم ، فقد كانت المجتمعات في تركيبتها البسيطة البدائية تراتبية يستند يعضها على الآخر ويعتمد الإنسان فيها على الإنسان في نظام بنية المجتمع وعلاقاته الداخلية و بين غيره من المجتمعات ، كما كانت للحروب والمنازعات وما ينتشر من السطو والأسر أكبر الأثر في تعاطي واستفحال ظواهر الإسترقاق لم تكن حرمة لشيئ أو لأحد ، فنظرت الشريعة في ذلك بعين الحكمة ، ولم يكن أن أغلقت الابواب في ذلك منعا باتا ،وإنما قصدت الشريعة الإسلامية إلى مساواة الرق في الحقوق والواجبات للحر وطرق كسب الحرية وفتح أبوابها ،ومنعت وحرمت استرقاق الأحرار، فرتبت العقاب على ذلك.

ففي الحديث قدسي : ( ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة ومن كنت خصمه خصمته ، رجل أعطى بي ثم غدر ورجل باع حراً فأكل ثمنه ورجل استأجر أجيراً فاستوفى منه العمل ولم يعطه أجره ) أخرجه البخاري. .
ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( ثلاثة لا يقبل الله منهم صلاة : من تقدم قوماً وهم له كارهون ، ورجل أتى الصلاة دباراً – بمعنى بعد خروج وقتها – ورجل اعتبد محرراً ) رواه أبو داود وابن ماجة كلاهما من رواية عبد الرحمن زياد الأفريقي .

ثم كفلت فرص استعادة الحرية وأوسعت منافذها ففرضت نصيبا في الزكاة لتحرير الأرقاء، وكفارات القتل الخطأ والظهار والأيمان والفطر في رمضان إضافة إلى الحث وترتيب الثواب من أجل العتق والتحرير ابتغاء وجه الله.

كما وضعت قواعد المعاملة الحسنى لهم ، وهنا أمثلة عليها :

~ أن لا ينتقص من شأن الموالي :
في صحيحي البخاري ومسلم وغيره عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( لا يقل أحدكم اسق ربك أطعم ربك وضىء ربك ولا يقل أحدكم ربي وليقل سيدي ومولاي ولا يقل أحدكم عبدي أمتي وليقل فتاي فتاتي غلامي ).

~ المساواة في الغذاء والكسوة:
روى أبو داود عن المعرور بن سويد قال : دخلنا على أبي ذر بالربذة فإذا عليه برد وعلى غلامه مثله فقال : يا أبا ذر لو أخذت برد غلامك إلى بردك فكانت حلة ، وكسوته ثوباً غيره ؟ قال:سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : (هم إخوانكم جعلهم الله تحت أيديكم فمن كان أخوه تحت يده فليطعمه مما يأكل وليكسه مما يكتسي ولا يكلفه ما يغلبه ، فإن كلفه ما يغلبه فليعنه) البخاري.

~ ضمان حفظ كرامتهم :
روى أبو هريرة قال : قال أبو القاسم نبي التوبة : (من قذف مملوكه بريئاً مما قال أقيم عليه الحد يوم القيامة ، إلا أن يكون كما قال) البخاري. .
وأعتق ابن عمر مملوكاً له ، ثم أخذ من الأرض عوداً أو شيئاً فقال : مالي فيه من الأجر ما يساوي هذا سمعت رسول الله يقول : ( من لطم مملوكاً له أو ضربه فكفارته عتقه ) أبو داود ومسلم .

~ وفي أن يتقدم المملوك على الحر:
فيما يفضله من شئون الدين والدنيا ، وقد صحت إمامته في الصلاة ، فكان لعائشة أم المؤمنين مولى يؤمها في الصلاة .. بل وقد أمر المسلمون بالسمع والطاعة إذاتأمر عليهم عبد.. وقد أُمَّر أسامة جيش فيه كبار الصحابة .. وساوى الإسلام بين بلال وعمار وحمزة وعلي ، وما فضل عربيا على أعجمي ، ولا أبيض على أسود .. وهل في القرآن الكريم ذكر لأحد من الصحابة غير زيد بن ثابت رضي الله عنه ، وقد سبق عليه رق أرضي ذهب جفاء .

هذا ما تناولته كتب علماء الإسلام وهذه أحكامها في المأثور والمنقول في ظاهرة كان لها واقعها وحضورها الواسع،وستبقى أحكام الله تعالى مع اختلاف الأزمان والظروف،شاهدة على مرونة الفقه الإسلامي في مواجهة الواقع ، وشمولية شريعة الله تعالى وغاياتها الحكيمة .
والآن وقد اختلف الواقع وصار للحياة نظام تختلف في تحديد علاقات الناس بينهم وقامت الأنظمة والحكومات والمجتمعات على معايير مختلفة ، كفلت الحرية والكرامة لكل مواطن فلم يعد من ذكر لما يسمى العبودية إلا لمن له أهداف سياسية في شعارات للمتاجرة وحشو البرامج الإنتخابية ، أو لأهل الدسائس ذوي الأجندات الخفية ..

هذه حقيقة الإسلام شريعة الله تعالى لا تشوبها دسائس الحاقدين ولا يمحو بريقها اختلاط الجاهلين ..وأخطأ بيرام في حرق الكتب الفقهية ، وضل وبغى وظلم.. ولقد ترك كتب النخاسة خلفه وراء ظهره عند من أتى به وأُرسله.. ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله ، والله غالب على أمره ..
http://www.essirage.net/opinions-and-analytics/7788-2012-05-13-13-50-31

مشرف 10
05-15-2012, 10:29 PM
لم أكن أعلم بوجود شناقطة معنا في المنتدى ، حياك الله أيها الشنقيطي الطيب ونأمل مشاركتك بلا انقطاع

علي الشيخ الشنقيطي
05-16-2012, 06:30 PM
أحسن الله إلينا وإليكم ’ الأخ المشرف وبارك فيكم