المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مصادر القرآن الكريم



muslimah
12-13-2004, 03:33 AM
مصـــادر القـــرآن الكــــريم

بسم الله الرحمن الرحيم

منذ أن أنزل الله عز وجل كتابه الكريم على خاتم أنبيائه عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم لم يترك الكفرة وسيلة للطعن فيه إلا اتبعوها . فمنهم من زعم أن محمداً صلى الله عليه وسلم ألفه وزعم أنه من عند الله. ومنهم من زعم أنه جمعه مما سمعه مما كان يتداوله الناس من أساطير الأولين. ومنهم من زعم أنه من تأليف راهب التقى به النبي صلى الله عليه وسلم وتعلمه منه وهو الراهب بحيرى. ومنهم من زعم أنه من تأليف ورقة ابن نوفل وهو قريب لأم المؤمنين خديجة بنت خويلد رضي الله عنها وكان قد تنصر قبل بعثة النبي صلى الله عليه وسلم.
هذا الموضوع يتناول مناقشة كل اتهام على حدة وينتهي بالحقيقة التي لا يزيغ عنها إلا هالك وهي أن القرآن الكريم من عند الله فأقول وبالله التوفيق:-

أولاً : هل القرآن الكريم من تأليف محمد صلى الله عليه وسلم ؟

كما اتهمت قريش محمداً صلى الله عليه وسلم بتأليف القرآن الكريم ، كذلك فعل بعض المستشرقين من أمثال بيرسي هورنستاين- يوليوس فلهاوزن-د.بروس ود.لوبون وقد أخبرنا الله جل وعلا عن ذلك في عدة مواقع من كتابه الكريم حيث قال سبحانه وتعالى :-

(أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَعَلَيَّ إِجْرَامِي وَأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تُجْرِمُونَ) (هود:35)

(أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ بَلْ هُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ لِتُنْذِرَ قَوْماً مَا أَتَاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ) (السجدة:3)

إن هذه شبهة واهية لا أساس لها من الصحة ولنا في إثبات ذلك أدلة هي :-

1- إن أسلوب القرآن الكريم يخالف مخالفة تامة أسلوب كلام محمد صلى الله عليه وسلم، فلو رجعنا إلى كتب الأحاديث التي جمعت أقوال محمد صلى الله عليه وسلم وقارناها بالقرآن الكريم لرأينا الفرق الواضح والتغاير الظاهر في كل شيء، في أسلوب التعبير ،وفي الموضوعات ، فحديث محمد صلى الله عليه وسلم تتجلى فيه لغة المحادثة والتفهيم والتعليم والخطابة في صورها ومعناها المألوف لدى العرب كافة ، بخلاف أسلوب القرآن الكريم الذي لا يُعرف له شبيه في أساليب العرب.

2- إذا افترض الشخص أن القرآن الكريم إنتاج عقل بشري ، فإنه يتوقع أن يذكر شيئاً عن عقلية مؤلفه. ولو كانت تلك الادعاءات حقيقية فإن أدلة ذلك ستظهر في القرآن الكريم ، فهل توجد مثل تلك الأدلة ؟ وحتى نتمكن من الإجابة على ذلك فإن علينا معرفة الأفكار والتأملات التي دارت في عقله في ذلك الوقت ثم نبحث عنها في القرآن الكريم .

3- يستشعر القارىء في فطرته عند قراءة الحديث النبوي شخصية بشرية وذاتية تعتريها الخشية والمهابة والضعف أمام الله ، بخلاف القرآن الكريم الذي يتراءى للقارىء من خلال آياته ذاتية جبارة عادلة حكيمة خالقة بارئة مصورة ، رحيمة لا تضعف حتى في مواضع الرحمة مثل قوله سبحانه في شأن أتباع عيسى عليه السلام (إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) (المائدة:118)
فلو كان القرآن من كلام محمد صلى الله عليه وسلم لكان أسلوبه وأسلوب الأحاديث سواء . ومن المسلم به لدى أهل البصر الأدبي والباع الطويل في اللغة أن من المتعذر على الشخص الواحد أن يكون له في بيانه أسلوبان يختلف أحدهما عن الآخر اختلافاً جذرياً.

4- محمد صلى الله عليه وسلم أُمّيّ ما درس ولا تعلم ولا تتلمذ ، فهل يُعقل أنه أتى بهذا الإعجاز التشريعي المتكامل دون أي تناقض ، فأقر بعظمة هذا التشريع القريب والبعيد ، المسلم وغير المسلم ؟ فكيف يستطيع هذا الأمي أن يكون هذا القرآن بإعجازه اللغوي الفريد الغريب وإعجازه التشريعي المتكامل اجتماعياً واقتصادياً ودينياً وسياسياً ....هل يمكن لهذا الكتاب أن يكون من عنده ؟! وهل يجرؤ على تحدي ذلك بقوله " أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافاً كثيرا " هذا تحدٍ واضح لغير المسلمين فهو يدعوهم لإيجاد خطأ فيه .

5- إن نظرة القرآن الكاملة الشاملة المتناسقة للكون والحياة والفكر والمعاملات والحروب والزواج والعبادات والاقتصاد لو كانت من صنع محمد صلى الله عليه وسلم، لما كان محمد صلى الله عليه وسلم بشراً. إن هذه التنظيمات وهذه التشريعات والآراء تعجز عن القيام بها لجان كثيرة لها ثقافات عالمية وتخصص عميق مهما أُتيح لها من المراجع والدراسات والوقت . فرجل واحد أياً كانت عبقريته ، وأياً كانت ثقافته ليعجز عن أن يأتي بتنظيم في مسألة واحدة من هذه المسائل ، فما بالك بكلها مع تنوعها وتلون اتجاهاتها وهل يتسنى لأُمي أن يأتي بهذه النظرة الشاملة في الكون والحياة والفكر ..؟

6- لماذا يؤلف محمد صلى الله عليه وسلم القرآن وينسبه إلى غيره ؟ فالعظمة تكون أقوى وأوضح وأسمى فيما لو جاء بعمل يعجز عنه العالم كله ، ولكان بهذا العمل فوق طاقة البشرية فيُرفَع إلى مرتبة أسمى من مرتبة البشر ، فأي مصلحة أو غاية لمحمد صلى الله عليه وسلم في أن يؤلف القرآن –وهو عمل جبار معجز- وينسبه لغيره ؟

7- في القرآن الكريم أخبار الأولين بما يُغاير أخبارهم في الكتب المتداولة أيام محمد صلى الله عليه وسلم، فإن القرآن الكريم يحتوي على معلومات كثيرة لا يمكن أن يكون مصدرها غير الله . مثلاً : من أخبر محمداً صلى الله عليه وسلم عن سد ذي القرنين – مكان يبعد مئات الأميال شمالاً- ؟وماذا عن سورة الفجر وهي السورة رقم 89 في القرآن الكريم حيث تذكر مدينة باسم إرَم " مدينة الأعمدة " ولم تكن معروفة في التاريخ القديم ولم يكن لها وجود حسب معلومات المؤرخين . ولكن مجلة الجغرافية الوطنية وفي عددها الذي صدر في شهر كانون الأول لعام 1978 أوردت معلومات هامة ذكرت أنه في عام 1973 اكتشفت مدينة إلبا في سوريا . وقد قدر العلماء عمرها بستة وأربعين قرناً ، لكن هذا لم يكن الاكتشاف الوحيد المدهش ، بل إن الباحثين وجدوا في مكتبة المدينة سجلاً للمدن الأخرى التي أجرت معها إلبا تعاملات تجارية ، وكانت إرم إحدى تلك المدن ! أي أن مواطني إلبا تبادلوا معاملات تجارية مع مواطني إرم !

8- وماذا عما فيه من إعجاز علمي في الكون والحياة والطب والرياضيات....وذلك بالعشرات بل والمئات ، فهل يُعقل أن هذا الأُمي قد وضعها ؟
فكيف عرف ذلك الأمي :-

- أن الأرض كروية بشكل بيضوي لقوله سبحانه (وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا) (النازعـات:30)

- أن الحياة ابتدأت من الماء .لا يمكن إقناع من عاشوا منذ أربعة عشر قرناً بهذا ، فلو أنك وقفت منذ أربعة عشر قرناً في الصحراء وقلت " كل هذا الذي ترى" وتشير إلى نفسك " مصنوع بأغلبيته من الماء " فلن يصدقك أحد ، لم يكن الدليل على ذلك موجوداً قبل اختراع الميكروسكوب . كان عليهم الانتظار لمعرفة أن السيتوبلازم وهي المادة الأساسية المكونة للخلية تتكون من 80% من الماء ( وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلا يُؤْمِنُونَ) (الانبياء:30)

- أن هناك اختلافاً في التوقيت بين مناطق العالم ( حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلاً أَوْ نَهَاراً فَجَعَلْنَاهَا حَصِيداً كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) (يونس:24) ومعنى الآية أنه عند نهاية التاريخ ومجيء يوم القيامة ، فإن ذلك سيحدث في لحظة ستصادف بعض الناس أثناء النهار وآخرين أثناء الليل ، وهذا يوضح حكمة الله وعلمه الأزلي بوجود مناطق زمنية ، رغم أن ذلك لم يكن معروفاً منذ أربعة عشر قرناً . إن هذه الظاهرة ليس بالإمكان رؤيتها بالعين المجردة ، أو نتيجة لتجربة شخصية وهذه حقيقة تكفي لتكون دليلاً على مصداقية القرآن الكريم.

- نظرية انتشار الكون لقوله سبحانه (وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ) (الذريات:47)

- نظرية الانفجار الكبير (أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقاً فَفَتَقْنَاهُمَا) (الانبياء:30)

- أن كمية الهواء في الأجواء تقل إلى درجة أن الإنسان يضيق صدره فيها (فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ) (الأنعام:125)

- أن الشمس والقمر يَسبحان في هذا الفضاء لقوله سبحانه (اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمّىً يُدَبِّرُ الْأَمْرَ يُفَصِّلُ الْآياتِ لَعَلَّكُمْ بِلِقَاءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ) (الرعد:2)

9- في القرآن الكريم عتب ولوم لمحمد صلى الله عليه وسلم في مواضع عديدة مثل :-

* سورة كاملة عنوانها " عبس ". من آياتها " عَبَسَ وَتَوَلَّى 1 أَن جَاءهُ الْأَعْمَى 2 وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى 3 أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنفَعَهُ الذِّكْرَى 4 أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَى 5 فَأَنتَ لَهُ تَصَدَّى 6 وَمَا عَلَيْكَ أَلَّا يَزَّكَّى 7 وَأَمَّا مَن جَاءكَ يَسْعَى 8 وَهُوَ يَخْشَى 9 فَأَنتَ عَنْهُ تَلَهَّى 10 " .

* )عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَتَعْلَمَ الْكَاذِبِينَ) (التوبة:43)

* )وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ) (آل عمران:161)

* )مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) (لأنفال:67)

* )مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ) (التوبة:113)

* )لَوْلا كِتَابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ) (لأنفال:68)

* )وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَداً) (الكهف:23)

* )إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ وَقُلْ عَسَى أَنْ يَهْدِيَنِ رَبِّي لِأَقْرَبَ مِنْ هَذَا رَشَداً) (الكهف:24)

* )وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَراً زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَراً وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولاً) (الأحزاب:37)

* )يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (التحريم:1)

* بل إن في القرآن الكريم تهديد ووعيد لنبي الله حيث يقول سبحانه )وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ) (لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ) )ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ) (الحاقة44-46)

* وقوله سبحانه)وَلَوْلا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلاً) )إِذاً لَأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ ثُمَّ لا تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيراً) (الاسراء74-75)

هذا العتاب وغيره كثير ، فهل يُعقل أن يؤلف محمد صلى الله عليه وسلم الكتاب ثم يوجه العتاب إلى نفسه ؟
وحوادث عديدة قام بها محمد صلى الله عليه وسلم آنياً مع أصحابه ثم تبدلت في نص القرآن فلم يجد في نفسه غضاضة ، فلو كان القرآن من عنده لما قام بها ودونها، لغَيَّرها وعمل الأنسب دون تسجيل الحادثة.

10- ودليل آخر : كانت تنزل بمحمد صلى الله عليه وسلم نوازل وأحداث من شأنها أن تحفزه إلى القول ، وكانت حاجته القصوى تلح عليه بحيث لو كان الأمر إليه لوجد له مقالاً ومجالاً ، ولكن كانت تمضي الليالي والأيام تتبعها الليالي والأيام ولا يجد في شأنها قرآناً يقرؤه على الناس فقد حدث أن سأل عن أهل الكهف فقال إنه سيرد عليهم غداً على أمل أن ينزل الوحي بالرد ولكنه لم يقل إن شاء الله فنزلت الآيات الكريمة )وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَداً) )إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ وَقُلْ عَسَى أَنْ يَهْدِيَنِ رَبِّي لِأَقْرَبَ مِنْ هَذَا رَشَداً) (الكهف23-24)

أبو مريم
12-13-2004, 04:47 AM
الأخت مسلمة بارك الله فيك موضوع قيم بالفعل وإن لم يكن جديدا فكثير من دلائل النبوة واضحة للعيان يعرفها القاصى والدانى ولكن القوم خفافيش أعشاها النهار بضوئه ولازمها قطعا من الليل مظلما ..
ماذا عساهم أن يردوا هؤلاء السوفسطائيون اللاأدرية إنهم يدعون ان كل واحدة من تلك الدلائل ليس قطعيا مائة بالمائة وعليه يبنون أن لا دليل أصلا ولو انا صدقنا بالمقدمة الصغرى وهى عدم قطعية أى من تلك الأدلة وغيرها فى الدلالة على صدق النبوة فلا يمكننا تجاهلها مجتمعة وكيف وكل حقائقنا العلمية بل ونظمنا الاجتماعية والقانونية مبنية على هذا الاستقراء فلو أن رجلا شوهد بجوار غريمه وعدوه اللدود المقتول لتوه وفى يده سكين يقطر من دم المقتول لما شك أحد فى أنه القاتل فما بالنا لو أقر بذلك ولم يأت من يدعى قيامه بتلك الجريمة ؟ بمنطق الشكاك يمكن تفنيد كل تلك القرائن على حده وبالتالى تفنيد مجموع ذلك وتثبت براءة الرجل لعدم كفاية الأدلة هذه هى الطريقة والمنهج الذى يتبعه القوم فى تشكيكهم فى نبوة محمد صلى الله عليه وسلم ويعلنون فى تحد سافر من يثبت لنا نبوة محمد صلى الله عليه وسلم وهى أوضح من ضوء الشمس .

muslimah
12-13-2004, 07:13 PM
وكيف يصح في الأذهان شيءٌ **** إذا احتاج النهار إلى دليل ؟؟؟؟!!!

نسأل الله العفو والعافية من العقول الملتوية والنفوس المريضة .

الملاحدة مخلوقات ضائعة يحار المرء في عقولها ، هذا إن كان لديها عقول ، وإلا فليجيبوا على ألف سؤال وسؤال عمن خلقهم وخلق كل شيء بها الإبداع ؟؟!!

اللاأدريون لا يقلون ضياعاً عن إخوانهم الملاحدة

اللادينيون أي المؤمنون بالله ، ولكنهم لا يتبعون ديناً محدداً أكثر ضياعاً من الملاحدة واللاأدريين ، فمن غير المعقول أن يكون الله واحد ويفرض على عباده أكثر من دين يختلف كل منها عن الآخر ، بل يظن أتباع كل دين أنهم هم الوحيدون الذين على الحق.

أما المسلمون الذين يقولون إنهم علمانيون يرفضون تدخل الاسلام بشؤون الناس فهم يثيرون العجب ولا أعرف كيف يكون المرء مسلماً ولا يطبق القرآن الكريم في حياته ؟؟!!

مِــلَّةُ الكفر واحدة فكما نرى فهم جميعاً يشتركون في أمر واحد وهو إصرارهم على البُعد عن الله وشريعته ليعطوا لأنفسهم التَّفَلُّت الكافي -ولا أقول الحريةفلها معنىً مختلف- ليقولوا وليفعلوا ما يريدون ، وما عليك إلا الاطلاع على ما يكتبون وخاصة نساؤهم لترى مدى الانحطاط الأخلاقي عندهم.

والحمـــــــد لله على نعمـــة الاســـلام

muslimah
12-14-2004, 08:18 PM
من الشبهات الأخرى التي يثيرها المستشرقون أمثال نورمان دانيال ومن نحا نحوه أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ما جاء بجديد في القرآن وإنما أخذ بعضاً من اليهودية، وبعضاً من النصرانية، وبعضاً من قصص الفرس؛ فكان القرآن. وقد ذكر لنا ربنا جل جلاله هذا في كتابه الكريم فقال سبحانه :-
)وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا إِفْكٌ افْتَرَاهُ وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ فَقَدْ جَاءُوا ظُلْماً وَزُوراً) (الفرقان:4)
)وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلاً) (الفرقان:5)
)وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ) (النحل:103)

ولرد تلك الشبهة على أصحابها أقول وبالله التوفيق : إن عنصر المعجزة لا يفارق القرآن حتى ولو صح الاتهام.
فإذا ثبت أن محتويات القرآن مقتبسة من اليهود والنصارى والفرس فإن صياغة القرآن ليست منهم لأن لغاتهم أعجمية، ولغة القرآن عربية في مستوى الإعجاز. وإذا بقي عنصر المعجزة في القرآن ـ ولو من ناحية واحدة، وهي ناحية الصياغة ـ يكون دليلاً على أنه من الله، ولا تبقى حاجة إلى إثبات أن القرآن معجزة في محتواه، كما هو معجزة في صياغته.
وقد اختلطت التهمة بالدفاع، فـ( لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ) (النحل:103) وهذا يعبر عن مدى صدمة القرآن لعقلية الجزيرة العربية.
والواقع: أن القرآن معجزة واضحة في صياغته، وهذه.. ما فهمتها الجزيرة العربية ومن ورائها الأدباء العرب في كل مكان وزمان.
ولكنه: معجزة أضخم في محتواه وهذه.. ما تفهمها العقول العلمية والقانونية إلى يوم القيامة.
غير أن الشبهة التي وسوست في الصدور ولا تزال نتجت من ملاحظة أن الناس شاهدوا في بعض آيات القرآن ما كانوا يتلقونه من ألسنة الأحبار والرهبان ـ بفارق بسيط ـ وما تتبادله الأمم من أمثلة وحكم.
ولا تزال الطوائف والشعوب تحتفظ في تراثها الديني والقومي بأمثال وقصص وحكم وردت في القرآن، وتاريخها يرجع جذورها إلى ما قبل نزول القرآن، فهي لم تأخذها من القرآن، فلا بد أن القرآن اقتبسها منها ونسبها إلى نفسه بعد أن طوّرها وأجرى عليها بعض التعديلات .
والجواب على هذه الشبهة:
إن التراث الديني الذي يحتفظ به الأحبار والرهبان وكل علماء الأديان من تركة الأنبياء (عليهم السلام).
وهذا ما لا ينكره علماء الأديان، وإنما يتبارون في تأكيد انتسابه إلى الأنبياء.
وأما التراث القومي الذي تحتفظ به الشعوب فلا يصح تجاهل تأثره بالأنبياء إلى حد بعيد، وخاصة في لمعاته الذكية لأن العناصر المفكرة في كل الشعوب، لم تكن بعيدة عن الأنبياء، لأن الله كان يواتر أنبياءه إلى كل الشعوب، والعناصر المفكرة كانت تأخذ منهم ـ آمنت أم لم تؤمن بهم ـ فترسبت تركة الأنبياء في مشاعر الشعوب، واحتفظت ببعضها في التراث، وإن لم تحتفظ بسلسلة سند كل قصة وحكمة.
ولهذا نجد في التراث القومي لكل شعب، لفتات روحية لا شك أنها من رواسب تعاليم الأنبياء . بل لو قارن الباحث خطوات الشعوب نحو الأمام مع حركة الرسالات؛ يتأكد من أن كل خير نالته البشرية عليه بصمة أحد الأنبياء، وإن طالت الفترة بين انبثاقه من النبوة ونضوجه كظاهرة على سطح الحياة.
فخير ما في التراث الديني وغيره للشعوب، هو تراث الأنبياء. والأنبياء جميعاً أخذوا عن الله. والله تعالى أعطى لكل نبي بمقدار استعداد قومه للأخذ، وأعطى لمحمد بن عبد الله (صلى الله عليه وآله) أكثر مما أعطى لغيره. فكان في القرآن الكريم ما تركته الأنبياء لشعوبهم وزيادة فوجود مواد من التراث الديني وغيره لسائر الشعوب في القرآن؛ إن دلّ على شيءٍ فإنما يدل على وحدة المصدر، وهو الله سبحانه وتعالى .

muslimah
12-16-2004, 11:53 PM
زعم أعداء الإسلام أمثال المستشرق نورمان دانيال أن محمداً صلى الله عليه وسلم تعلم القرآن الكريم من راهب نصراني اسمه بحيرى أو جرجيس أو سرجيوس .
وهم يعللون ذلك للتشابه بين بعض محتويات القرآن الكريم وكتب أهل الكتاب .
إن التشابه في بعض الأمور الدينية بين الأديان الثلاث ناتج عن وحدة المصدر وهو الله جلّ في علاه ، ومن المتعذر أن يكون نبي الإسلام صلى الله عليه وسلم قد اقتبس تعاليمه من الإنجيل. وقد اعترف بعض المستشرقين بذلك ، فقد قال البروفيسور مونتجمري واط ".... إن من المستبعد أن يكون محمد قد قرأ الكتب الدينية اليهودية أو النصرانية [ص39] ... ومن الأرجح أنه لم يقرأ أي كتاب آخر".
وقد شاركه ج.س.هجسن نفس الرأي بقوله " إن قاعدة نبوة محمد من ناحية مبدأية هي نفس تجربة وأعمال أنبياء بني إسرائيل. لكنه لم يعرف شيئاً عنهم بشكل مباشر. ومن الواضح أن تجربته كانت خاصة "
هناك حديث يتعلق بأمر لقاء محمد صلى الله عليه وسلم بالراهب بحيرى وهذا نصه من سنن الترمذي :-
" حدثنا ‏ ‏الفضل بن سهل أبو العباس الأعرج البغدادي ‏ ‏حدثنا ‏ ‏عبد الرحمن بن غزوان أبو نوح ‏ ‏أخبرنا ‏ ‏يونس بن أبي إسحق ‏ ‏عن ‏ ‏أبي بكر بن أبي موسى ‏ ‏عن ‏ ‏أبيه ‏قال ‏ :
‏خرج ‏ ‏أبو طالب ‏ ‏إلى ‏ ‏الشام ‏ ‏وخرج معه النبي ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏في أشياخ من ‏ ‏قريش ‏ ‏فلما ‏ ‏أشرفوا ‏ ‏على ‏‏ الراهب ‏ ‏هبطوا فحلوا ‏ ‏رحالهم ‏ ‏فخرج إليهم ‏‏ الراهب ‏ ‏وكانوا قبل ذلك يمرون به فلا يخرج إليهم ولا يلتفت قال فهم يحلون ‏ ‏رحالهم ‏ ‏فجعل يتخللهم ‏‏ الراهب ‏ ‏حتى جاء فأخذ بيد رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏قال ‏ ‏هذا سيد العالمين هذا رسول رب العالمين يبعثه الله رحمة للعالمين فقال له أشياخ من ‏ ‏قريش ‏ ‏ما علمك فقال إنكم حين ‏ ‏أشرفتم ‏ ‏من العقبة لم يبق شجر ولا حجر إلا ‏ ‏خر ‏ ‏ساجدا ولا يسجدان إلا لنبي وإني أعرفه بخاتم النبوة أسفل من غضروف كتفه مثل التفاحة ثم رجع فصنع لهم طعاما فلما أتاهم به وكان هو في رعية الإبل قال أرسلوا إليه فأقبل وعليه غمامة تظله فلما دنا من القوم وجدهم قد سبقوه إلى ‏ ‏فيء ‏ ‏الشجرة فلما جلس مال ‏ ‏فيء ‏ ‏الشجرة عليه فقال انظروا إلى ‏ ‏فيء ‏ ‏الشجرة مال عليه قال فبينما هو قائم عليهم وهو ‏ ‏يناشدهم ‏ ‏أن لا يذهبوا به إلى ‏ ‏الروم ‏ ‏فإن ‏ ‏الروم ‏ ‏إذا رأوه عرفوه بالصفة فيقتلونه فالتفت فإذا بسبعة قد أقبلوا من ‏ ‏الروم ‏ ‏فاستقبلهم فقال ما جاء بكم قالوا جئنا إن هذا النبي خارج في هذا الشهر فلم يبق طريق إلا بعث إليه بأناس وإنا قد أخبرنا خبره بعثنا إلى طريقك هذا فقال هل خلفكم أحد هو خير منكم قالوا إنما أخبرنا خبره بطريقك هذا قال أفرأيتم أمراً أراد الله أن يقضيه هل يستطيع أحد من الناس رده؟ قالوا لا. قال فبايعوه وأقاموا معه .قال :‏ ‏أنشدكم ‏ ‏بالله أيكم وليه؟ قالوا ‏: ‏أبو طالب. ‏ ‏فلم يزل ‏ ‏يناشده ‏ ‏حتى رده ‏ ‏أبو طالب ‏ ‏وبعث معه ‏ ‏أبو بكر ‏ ‏بلالا ‏ ‏وزوده‏‏ الراهب ‏ ‏بالكعك والزيت ‏".
‏قال ‏ ‏أبو عيسى ‏ ‏هذا ‏ ‏حديث حسن غريب ‏ ‏لا نعرفه إلا من هذا الوجه
هذا حديث موضوع لعدة أسباب :-
1- إن معظم الرواة يُعتبرون بطريقة أو بأخرى غير ثقاة
2- إن سلسلة الرواة تعتبر منقطعة
3- إن الراوي الأول ليس شاهد عين للحدث أو طرف فيه.
ولتفصيل ذلك أقول وبالله التوفيق :-
1- الفضل ابن سهل ابن إبراهيم الأعرج: كان راوياً قوياً ،ولكن هناك تحفظات بالنسبة له. يقول الخطيب البغدادي :-
قال لي أحمد ابن سليمان ابن علي المقرىء عن أبي سعيد أحمد ابن محمد الملِني عن عبدالله ابن عدي قال "سمعتُ عبدان يقول أنه سمع أبا داود الساجستاني يقول أنه لم يُحب رواية بعض الأحاديث عن الفضل الأعرج" فسألته عن السبب. فأجاب كيف يمكن أنه لم يصدر عنه أي حديث صحيح" . قال ابن عدي أنه سمع أحمد ابن الحسين الصوفي يقول أن الفضل ابن سهل الأعرج كان شخصاً ماكراً كالثعالب ومراوغاً ومخادعاً.
2- عبدالرحمن ابن غزوان : رغم أن معظم النقاد وضعوه في صف الرواة الأقوياء والموثوق بروايتهم ،إلا أنه لم يسلم من اللّوم فقد قال عنه الإمام المِزّي :-
قال ابن حبان عنه لقد اعتاد ارتكاب الأخطاء.فإن روايته لقصة المماليك عن الليث عن مالك عن الزهري عن عروة عن عائشة تؤلم وتزعج العقل والقلب.
3- يونس ابن أبي إسحق : يروي صالح ابن أحمد ابن حنبل عن علي المديني أنه قال عندما ذُكر يونس ابن إسحق : " كان الإهمال وعدم الاهتمام صفة متأصلة في شخصه ". يستشهد بُندار بقول سَلم ابن قتيبة "جئت من الكوفة. وقد سألني شعبة عمن رأيت هناك ، فقلت رأيت فلاناً وفلاناً ، وقابلت أيضاً يونس ابن إسحق ، ثم سألني وأي حديث نقل إليك ، فرويت له ما سمعت ، فسكت برهة قلتُ له أن يونس قال " قال لي بكر ابن ماعز" فقال شعبة " ألم يقل أن عبدالله ابن مسعود روى له ؟ (وكان ذلك مستحيلاً وبوضوح نظراً للفارق الزمني بينهما. وهذا يعني أن شعبة ينظر إليه على أنه مبتدع) . يقول أبو بكر الأثرم سمعت أبا عبدالله عندما ذُكر اسم يونس ابن أبي إسحق يصنف روايته عن أبيه بأنها غير موثوقة. لقد أخبر أبو طالب أحمد ابن حنبل أن هناك إضافات على روايات الأشخاص في حديث يونس ابن إسحق، وقد سمع ابنه إسرائيل ذلك ودَوّنه من أبي إسحق ، لكن لا توجد أيّ إضافات كإضافات يونس. قال عبدالله ابن أحمد ابن حنبل " لقد سألت أبي عن يونس ابن أبي إسحق فأجاب أن رواياته ضعيفة ومشوشة....وأنه كذا وكذا " قال أبو هيثم أنه كان موثوقاً به، لكن أحاديثه يصعب تصديقها واتخاذها دليلاً على شيء.
4- إن أبا بكر يروي الحديث عن أبيه أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، ولا يوجد دليل واحد على أنه سمع حديثاً عن أبيه وذلك لأنه توفي عام 106 هـ بينما توفي والده أبو موسى الأشعري عام 42 هـ عن عمر ناهز 63 عاماً كما روى الإمام شمس الدين الذهبي ، كما نورد هنا " يروي ابن سعد عن هيثم ابن عدي أنه مات عام 42 هـ أو لاحقاً..."
وهذا يعني أنه عاش 64 عاماً أو نحوها بعد وفاة أبيه مما يؤكد أنه كان صبياً وقتها فكيف حفظ هذا الحديث ؟
وقد رفض الإمام أحمد ابن حنبل رفضاً قاطعاً إمكانية قبول روايته.
ويعتبره ابن سعد كاذباً ولا يؤخذ بقوله.
عندما نُحلل نص الحديث بطريقة نقدية فإن ذلك يكشف عن ثغرات جدية:-
1- كان الدخول في التعاملات التجارية والذهاب ضمن قوافل تجارية محصوراً على الأشخاص الأثرياء ولم يحلم أبو طالب أن يكون منهم ، لأنه لم يكن ثرياً أبداً ، بل إن ثروته كانت ضئيلة لدرجة عدم تمكنه من الإنفاق على أولاده ، مما جعل بعض أقاربه يتعاطفون معه ويأخذون على عاتقهم مسئولية تربية بعض أبنائه. إن قصة الحديث مختلقة ، ولا يوجد دليل على أن أبا طالب كان له رحلات تجارية إلى أي مكان. لقد كان بائع عطور بسيط ، وقد رُوي أنه كان أعرجاً وبذلك يفقد الأهلية للقيام برحلة شاقة كتلك.
2- لو كان بحيرى حقاً عالماً عظيماً وبارعاً لدرجة أنه خطط لنبوة محمد صلى الله عليه وسلم ، فإن من المفروض أن يوجد له في السجلات النصرانية أدب كثير ، ومجلدات عن حياته وأعماله ، ولكننا لا نجد عنه شيئاً إلا في أحاديث الدرجة الثالثة في الأدب الإسلامي.
3- اختار بحيرى نبي المستقبل وفي حضور كبار رجال قريش قال إن الصبي سيصبح رئيس العالم المختار ، ونبي رب العالمين ورحمة للعالمين. وبذلك يكون رجال قريش شهوداً على تلك الحادثة الغير عادية ، وينقلونها إلى أهل مكة عند عودتهم إليها وبذلك تصبح حديث الناس ، ومن الطبيعي أنه لو حدث شيء يتعلق بنبي المستقبل فإن أولئك الرجال ومن سمع الحادثة منهم سيعودون للحديث عن تلك الحادثة ، لقد ظهر محمد في الصباح الباكر في البيت الحرام بعد ذلك ببضعة سنوات ، حيث حل النزاع حول وضع الحجر الأسود ، كان من المفروض حسب الحديث أن يصيح الناس " لقد وصل رسول رب العالمين ، ورئيس جميع المخلوقات ، وظهر رحمة العالمين ، ونحن نؤيده ونقبل رأيه ". لكن كتب التاريخ لم تذكر شيئاً من هذا القبيل ، بل تذكر أنهم قالوا "جاء الأمين-الصادق-الخ" ومرة أخرى عندما أعلن النبي المنتظر أنه اختير لأداء المهمة ، كان من المفترض حسب الحديث أيضاً أن يعلن كل من اعتنقوا الإسلام أنهم كانوا يعرفون ذلك وينتظرونه ، فإننا نجد أن ذلك لم يحدث.
4- عندما سُئل بحيرى عن سبب معرفته بأن الصبي سيصبح نبياً أجاب بأن جميع الأشجار والحجارة قد ركعت له. ولو كان الأمر كذلك فإن كل من كانت له صلة به في مكة أو غيرها سيعرف ذلك أيضاً ، فقد كان أمراً غير عادي ، وظاهرة غير طبيعية أو مألوفة ، وبذلك لا يمكن أن تمر دون أن لا يلاحظها الناس . من الغريب أن رجال القافلة الذين ارتحلوا معها مئات من الأميال لم يلاحظوا الأمر وكان بحيرى فقط هو الذي أدركها. وبناء عليه فإن من المفترض أن علامة النبوة المذكورة تكون موجودة في الإنجيل ، لكن الأمر ليس كذلك مما يجعل الحادثة مختلقة وغير موثوقة.
5- لو أن المستشرقين الذين اتخذوا من تلك الحادثة عاملاً يساعدهم في ادعائهم أن محمداً صلى الله عليه وسلم قد تعلم وأخذ تعاليم دينه عن النصرانية من خلال الراهب المذكور، لو أنهم اعتقدوا أن حادثة بحيرى تلك كانت حقيقة وليست خيالاً ،ولو أنهم كانوا صادقين في دراساتهم لكان موقفهم تجاه الإسلام مختلفاً تماماً ، بينما يكشف موقفهم السلبي الحالي من الإسلام أنهم حقاً لا يعتقدون بصحة ذلك الحديث.
6- لو كان قول أن الأشجار والحجارة ركعت للنبي صلى الله عليه وسلم ، فإن ذلك لن ينحصر في تلك الحادثة فقط ، ويكون الآلاف من الأشخاص قد شاهدوا ذلك في مكة وسواها. لكننا لا نجد حديثاً صحيحاً واحداً يؤيد حدوث ذلك، مما يؤكد أن ذلك الحديث موضوع لا أصل له.
7- لقد حثهم الراهب على عدم أخذ الصبي إلى بلاد الروم، لأنه لدى رؤيته له تعرّف على علامات النبوة التي ستجعلهم يقتلونه، وهذا يعني أن علامات نبوة النبي المنتظر كانت من الوضوح في الإنجيل بحيث لا يمكن أن تفوت عن أنظار كبار الروم. هل يتفق المستشرقون مع ملاحظات الراهب؟ وإن كان الأمر كذلك فما مدى استعدادهم لقبول مصداقية نبوة محمد صلى الله عليه وسلم؟ هل يعتقد أولئك أن العلامات لصالح نبي الإسلام حقاً موجودة في الإنجيل بوضوح بحيث أن مجرد رؤيته تجعل العالِم يتعرف عليه كما ظن الراهب ؟.
8- أما عن مجموعة الرجال السبعة الروم الذين قالوا إن النبي المنتظر كان سيخرج من بلده ذلك الشهر، فإن المرء يتساءل عن مصدر علمهم ذلك، فبالنسبة للإنجيل لا يوجد شيء فيه من هذا القبيل، ومن الغريب أن يكون المستشرقين قد اختاروا بناء قصرهم بدون أي أساس وعلى أرضية مزيفة، مما يجعله قابلاً للسقوط بمجرد ضربة واحدة من قبل ناقد موضوعي.
9- لو كانت الحادثة حقيقية لما تردد كبار قريش وخاصة أبو طالب في اعتناق الإسلام فور إعلان النبي صلى الله عليه وسلم لرسالته.
10- لو كان في الرواية أي جزء من حقيقة لامتلأت كتب الأدب الديني الإسلامي بوصف مراحل حياة ذلك الراهب المختلفة ، لكننا لا نجد له أثراً فيها.
11- يقول الفصل الأخير من الحديث أنه وبناء على إصرار من الراهب فإن أبا طالب أعاد الصبي مع أبي بكر وبلال ، وهذا دليل واضح على أن القصة مختلقة ، فإن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يكن أكبر من أبي بكر رضي الله عنه إلا بعامين أو ثلاثة ، فلو كان عمر النبي صلى الله عليه وسلم حينئذ 9 سنوات ، فإن عمر أبا بكر سيكون 6 سنوات ، ولو كان عمر نبي المستقبل 12 عاماً لكان عمر أبي بكر 9 أعوام
12- أما بالنسبة لبلال رضي الله عنه فقد توفي عام 17 أو 18 والأرجح أنها عام 20 هـ أي 6-7 والأرجح 9 سنوات بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم. وبناء عليه فإنه قد لا يكون قد وُلد بعد أو أن عمره كان 1-3 سنوات ، عندما كان عمر الرسول صلى الله عليه وسلم 9 سنوات!!!
13- الراهب بحيرى لم يكن من سكان مكة بل وكان يسكن على مسافة بعيدة عنها فكيف تمكن من تعليم صبي كتاباً ضخماً في زيارة واحدة ؟! ولماذا انتقى بحيرى محمداً بالذات وأعطاه هذا التشريع ، ولم يعطه لابنه أو قريبه أو يدعيه لنفسه ؟! ولماذا لم يحدث ذلك قبل حياة محمد صلى الله عليه وسلم ؟ هل نفهم أن النصارى بقوا بدون كتاب لمئات من السنين ؟
14- يقول النصارى أنه كان نسطورياً أو أبيونياً وهي فرق مهرطقة خرجت عن النصرانية فكيف يصدقه رهبان الشام إذا كانت تلك الفرق مهرطقة ؟ أم أن جميعهم مهرطقين ؟؟؟
15- عندما أصبح النبي صلى الله عليه وسلم شاباً في سن الخامسة والعشرين ، شارك مرة أخرى في رحلة مع قافلة تجارية إلى بلاد الشام لصالح خديجة رضي الله عنها. لو كان يعرف مسبقاً أن أهل تلك البلاد يُكنون له العداوة ، وأنهم بمجرد رؤيته سيتعرفون عليه من خلال علامات نبوته الواضحة لما قام أبداً بتلك الرحلة. لكنه لم يُبد أي تردد في قبول عرض خديجة له في الاتجار لصالحها ، ولم يقم أحد بإيذائه وعاد سالماً معافاً بعد قيامه بعمليات تجارية رابحة.
16- من الغريب ملاحظته في هذا الحديث الذي وبالرغم من أنه كله ملفق ، إلا أنه أقوى من جميع الأحاديث التي تناولت حادثة بحيرى ، لكن الراهب لم يخاطب نبي المستقبل مباشرة في أي وقت من الأوقات ، وبإمكان الشخص ملاحظة ذلك من خلال قراءته للحديث ليرى بنفسه تلك الظاهرة الغريبة. لا يوجد في الحديث ضمير غائب بديلاً لمحمد صلى الله عليه وسلم ، لقد استعمل الراهب في كل مرة شخصاً ثالثاً أو ضمير إشارة بدلاً من الصبي. هذا يدل على أن الراهب لم يعتبر أن صبياً أمياً يمكنه أن يفهم ما يقول عنه. ومن الملاحظ أيضاً أن أحداً من رواة ذلك الحديث لم يكن من السخف لدرجة أن يُظهر الراهب وهو يخاطب الصبي بشكل مباشر. لأنهم من الطبيعي أن لا يتصورا أن صبياً في مثل عمره يستحق تلك المحادثة .
17- لم يعاصر بحيرى التسلسل الزمني للحوادث الواردة في القرآن الكريم فكيف يكون القرآن الكريم من عنده ؟
18- في القرآن الكريم آيات لا توافق عقيدة المسيحية بل تبطل التثليث بشكل واضح فكيف يكتبها بحيرى ؟
19- هل يجوز لراهب أن يكذب ؟ كيف يقول بحيرى أن القرآن من عند الله نزل على قلب محمد وهو من عنده ؟؟؟ كيف يرضى أصحاب الشبهة هذه أن يكون عالم دينهم كذاب ؟
وخلاصة القول: إن من المفيد إلقاء نظرة على الملاحظات الحيادية لبعض المستشرقين . يقول جون ب. نوس وديفيد س. نوس في كتابهم الشهير " أديان الرجل" : (.... إن من الواجب إدراج الحديث الشريف الذي يقول إن محمداً صلى الله عليه وسلم تعلم اليهودية والنصرانية خلال رحلاته مع القافلة التجارية المتجهة للشام ، وكانت الأولى بصحبة عمه أبي طالب عندما كان في سن الثانية عشرة ، والثانية عندما كان عمره 25 عاماً كموظف لخديجة التي تزوجها فيما بعد ، على أنه حديث غير مقبول ).
ويقول توماس كارلايل :-
لا أعرف ماذا أقول بشأن سيرجيوس [ بحيرى أو بحيرى ، مهما كان اللفظ ،وقد أُطلق عليه أيضاً اسم سرجيوس] ، الراهب النسطوري الذي قيل إنه تحادث مع أبي طالب ، أو كم من الممكن أن يكون أي راهب قد علم صبياً في مثل تلك السن ، لكنني أعرف أن حديث الراهب النسطوري مبالغ فيه بشكل كبير ، فقد كان عمر محمد صلى الله عليه وسلم 14 عاماً [كان عمره إما 9 أو 12 عاماً على أكثر تقدير] ولم يعرف لغةً غير لغته ، وكان معظم ما في الشام غريباً وغير مفهوم بالنسبة له.
*****************

المرجع : ترجمتُ الموضوع عن مقال أرسلها لي أحد الأخوة بعنوان:
A CRITICAL APPRAISAL OF
THE BUHAIRA MONK EVENT
Abdus Sattar Ghouri

muslimah
12-20-2004, 04:57 PM
رابعاً : هل ألّفـه ورقة ابن نوفل ؟

تعريف بالفرقة الأبيونية :-
- قال المؤرخ موشيم في المجلد الأول من تاريخه: (إن الفرقة الأبيونية التي كانت في القرن الأول كانت تعتقد أن عيسى عليه السلام إنسان فقط تولد من مريم ويوسف النجار مثل الناس الآخرين وطاعة الشريعة الموسوية ليست منحصرة في حق اليهود فقط، بل تجب على غيرهم أيضاً والعمل على أحكامه ضروري للنجاة.
ولما كان بولس ينكر وجوب هذا العمل ويخاصمهم في هذا الباب مخاصمة شديدة كانوا يذمونه ذماً شديداً ويحقرون تحريراته تحقيراً بليغاً .انتهى.

- وقال جامعو تفسير هنري واسكات: "سبب فقدان النسخة العبرانية أن الفرقة الأبيونية التي كانت تنكر ألوهية المسيح حرفت هذه النسخة وضاعت بعد فتنة يروشالمن وقال البعض إن الناصريين أو اليهود الذين دخلوا في الملة المسيحية حرفوا الإنجيل العبراني، وأخرجت الفرقة الأبيونية فقرات كثيرة منه.

- ويشير أبو موسى الحريري في كتابه "قس ونبي" إلى عقائد بعض الفرق الأبيونية الهرطوقية التي ادعت أن المسيح يتحول برضاه من صورة إلى صورة، فقد ألقى في صلبه شبهه على سمعان، وصُلب سمعان بدلاً عنه، فيما هو ارتفع إلى السماء حياً إلى الذي أرسله، ماكراً بجميع الذين مكروا للقبض عليه. لأنه كان غير منظور للجميع (ص 129).

وكان ورقة أبيونياً:-

يزعم النصارى أن ورقة ابن نوفل هو المصدر الذي تعلم منه محمدٌ صلى الله عليه وسلم القرآن الكريم وأن ورقة كان أبيونيا والقرآن الكريم بزعمهم مقتبس من ترجمة التوراة من العبرية إلى العربية على يد ورقة ابن نوفل .
ويزعمون أن كُتاب السيرة النبوية حاولوا إخفاء الصورة الحقيقية للعلاقة بين محمد بن عبدالله والقس ورقة بن نوفل النصراني النسطوري وغيره من رهبان النصارى مثل الراهب بحيرى وغيره. ويقولون أن ورقة بن نوفل كان زعيماً لكنيسة مكة النسطورية وكان يعمل على إعداد خلف له ليترأس الكنيسة وعثر في محمد (الذكي جدا) على ضالته المنشودة فأزوجه من بنت عمه (خديجة هي بنت عم ورقة وهي نصرانية) واعتنى به وكان هو وخديجة وعبد المطلب (أتباع الحنيفية) خير عضد وسند لمحمد في بداية دعواه.

ويستندون في زعمهم إلى حديث يتضمن قول " ثم يموت ورقة ويفتر الوحي" ويضيفون أنه عندما ماتت أم المؤمنين خديجة بنت خويلد رضي الله عنها ومات عبد المطلب بدأ القرشيون بمهاجمة محمد بدون أن يجدوا من يقاومهم. فورقة زعيم النصارى مات وعبد المطلب كبير الهاشميين مات وزوجته الثرية ماتت. فكانت الهجرة وجمع الفلول والعودة بقوة السلاح لفرض ما يريده. في هذه الفترة رأى محمد أنه سيفشل إن استمر في الدعوة للنصرانية بما فيها من جدالات ونقاشات حول الله وهل هو ثلاثة أو واحد والمسيح إله أم بشر أم غيره. فماذا فعل؟!
عاد إلى الأصل وأين الأصل؟ إنه ليس في موسى والشريعة واليهودية بل في أبو الديانتين المسيحية واليهودية حين كان الله واحد بكل بساطة وبدون أنبياء: إبراهيم!
وهنا حاك قصة إسماعيل بن إبراهيم وأبو العرب وكان يعلم عن ذلك من دروسه الكتابية التي نالها على يدي ورقة وغيره.
ثم يوردون قولاً مزعوماً من نبينا الكريم لأبي بكر وهو " لو أنك سبقت لفزت أنت بالنبوة ولكنني أنا سبقت فهي من نصيبي" ويفسرونه على أن الاثنين الرفيقين الذين تعبدا في غار حراء كانا يستعدان معا لقيادة كنيسة مكة ولكن محمدا (الذكي العبقري) سبق وأعلن الوحي والنبوءة فلم يتبقّ لأبي بكر غير الإذعان والتصديق ! وكانت مكافأة أبو بكر أنه خلف محمداً ثم عمر بن الخطاب بينما كان الأولى أن يخلفه علي بن أبي طالب!"

ملاحظات حول هذه الادعاءات:-
1- كيف تمكن أولئك من الوصول للحقائق المزعومة هذه وقد أخفاها أصحابها فهي لا توجد في أي مرجع قديم ؟
2- كذب ادعاء أن ورقة هو الذي زوج خديجة رضي الله عنها ومحمداً صلى الله عليه وسلم فجميع المصادر تذكر قصة زواجهما ولا يوجد لورقة أي ذكر في الموضوع . فمن أين أتوا بهذه الفرية؟ تذكر جميع كتب السيرة أنه لما بلغ محمدٌ صلى الله عليه وسلم من العمر خمساً وعشرين سنة، سافر إلى بلاد الشام للمرَّة الثانية، في تجارةٍ تخصُّ خديجة بنت خويلد، وهي سيِّدة كانت توكل إلى الرجال أمر تجارتها، وقد رغبت في إسناد هذه المهمَّة إلى محمَّد الَّذي عُرف بين القوم بحسن الخلق، وصدق الحديث، وأداء الأمانة، حتَّى اشتُهِر عنه لقب (الصادق الأمين)، وصار موضع ثقة الناس واحترامهم. وقد أرسلت معه خادمها ميسرة، فذهبا واتَّجرا بمالها وربحا ربحاً وافراً، ولما رجَعَا إلى مكَّة أخبر ميسرة سيِّدته بما رأى من غرائبَ شَهِدَها بصحبته محمَّداً في تلك الرحلة؛ فقد كان من شأنه أنه كلَّما اشتدَّ الحرُّ، رأى ملَكين يظلِّلانه من حرارة الشمس وقيظها، فأُعجِبت خديجة بما سمعت، وأرسلت إليه تخطبه لنفسها وكانت في الأربعين من عمرها، فقبل محمَّد وأرسل عمَّه يطلب يدها من أهلها ثمَّ تزوجها.
3- لماذا اختص ورقة ابن نوفل محمداً من دون البشر ليوكل له مهمة ترأس كنيسة مكة ؟ ألم يكن له أبناء أو أخوة أو أبناء أخوة أو أفراد عندهم علم أو أكثر قرابة من محمد صلى الله عليه وسلم؟ ولماذا لم يؤلف قرآناً لنفسه بدلاً من أن يعطي فضل ذلك لغيره ؟؟!! من المضحك أنهم يقولون أن علي ابن أبي طالب كان أحق بخلافة النبي من أبي بكر وعمر رضي الله عنهما وذلك بسبب قرابته له بينما ينفون عن أقارب ورقة تلك الأحقية !!!!
4- لا نجد السيرة الذاتية لبحيرى وورقة في كتب النصارى القديمة فمن أين جاءوا بمعلوماتهم الكاذبة هذه ؟
5- من أين أتوا بدعوى أنه كان في مكة نصارى وكنيسة بينما أجمعت كتب التاريخ على أن أهل مكة كانوا وثنيين يعبدون الأصنام وقد أعرضوا عن اعتناق النصرانية لتنافرها مع العقل والفطرة السليمة، كما وأنهم أعرضوا عن اليهودية لأن أنَفَتَهُم وإباءهم جعلتهم يرفضون فكرة شعب الله المختار التي تجعل من معتنقي اليهودية الجدد يهود من الدرجة الثانية ! لم يبلغ عدد نصارى مكة عدد أصابع اليد الواحدة وأسماؤهم مذكورة في كتب السيرة النبوية وقد أسلموا جميعاً ولله الحمد. ألا يصف كتاب النصارى عرب الجاهلية بالأمة الغبية كما في سفر التثنية الإصحاح 32 " 21 هم اغاروني بما ليس الها اغاظوني باباطيلهم. فانا اغيرهم بما ليس شعبا. بامّة غبية اغيظهم." ؟؟؟

أما إنجيل متى فيقول في الإصحاح 4 " 16 الشعب الجالس في ظلمة ابصر نورا عظيما. والجالسون في كورة الموت وظلاله اشرق عليهم نور.”

قال اليعقوبي في تاريخه : و أما من تنصر من أحياء العرب فقوم من قريش من بني أسد بن عبد العزي . منهم عثمان بن الحويرث بن أسد بن عبد العزي و ورقة بن نوفل بن أسد ... (تاريخ اليعقوبي 1- 157 )

إذن كان ورقة ممن ( تنصروا ) و ليس ممن ورثوا النصرانية ..!!

6- أين نجد أسماء رؤساء كنيسة مكة المزعومة قبل ورقة؟ ثم إننا نجد على الانترنت مقالات تزعم أنه كان في مكة أكثر من كنيسة ودير فما هو مرجعهم في ذلك ؟
7- إذا كانت الأبيونية قد تكونت في القرن الميلادي الأول فلماذا انتظر معتنقوها قروناً ولم يعملوا على تأليف كتاب جديد لهم قبل سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم؟
8- " ثم يموت ورقة ويفتر الوحي" أليس هذا دليلاً قاطعاً على أن محمداً صلى الله عليه وسلم كان يتلقى الوحي من الله ؟ وإلا فكيف يكون شديد الذكاء كما قالوا ولا يفطن إلى أن انقطاعه بعد وفاة ورقة عن تزويد أتباعه بآيات جديدة سيؤدي إلى كشف عدم صدقه في دعواه أن الله هو الذي يوحي إليه ؟؟؟
ثم إن الوحي لم ينزل على نبي الإسلام إلا مرة واحدة قبل وفاة ورقة .وعندما عاد نزلت سورة الضحى : بسم الله الرحمن الرحيم
" وَالضُّحَى 1 وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى 2 مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى 3 وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَّكَ مِنَ الْأُولَى 4 وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى 5 أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى 6 وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى 7 وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَى 8 فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ 9 وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ 10 وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ 11 ".

9 - ما الذي جعل محمداً متأكداً من أن المستقبل سيكون فيه الرضى له كما تقول السورة وقد تحقق ذلك في حياته ؟؟؟

هنا لفتة لغوية وهي أن الجملة تقول " وفتر الوحي " وليس ففتر الوحي. يقول علم النحو إن حرف الواو يدل على تتابع الأحداث بالترتيب الزمني أي على التراخي بمعنى : مات ورقة وبعد ذلك فتر الوحي
أما " ففتر الوحي " فإن حرف الفاء تفيد السببية بمعنى أن موت ورقة كان سبباً في انقطاع الوحي وهذا ما لم يحدث.
قول "ويموت عبد المطلب" لم يذكر الكاتب ما إذا كان عبدالمطلب نصرانياً أم لا ، رغم أنه زعيم قريش التي من المفترض حسب دعواهم أن تكون نصرانية

1- يزعمون أن الهجرة كانت بهدف جمع الفلول والعودة بقوة السلاح لفرض ما يريده نبي الإسلام !!! يبدو أنهم نسوا أن ورقة ابن نوفل قد تنبأ لمحمد صلى الله عليه وسلم بأنه سيضطر للخروج من مكة المكرمة تماماً كما حدث مع بعض أنبياء الله مثل سيدنا موسى عليه السلام عندما أمره الله بالخروج من مصر! وهناك مثال آخر عن ثقة النبي صلى الله عليه وسلم في صدق نبوته وبالتالي في التأكد من حماية الله له ولرسالته، وذلك عندما ترك مكة ومعه أبو بكر الصديق رضي الله عنه أثناء الهجرة إلى المدينة ، فقد رأوا رجالاً قادمين لقتلهم مما أخاف أبي بكر ، لو كان محمد صلى الله عليه وسلم كاذباً أو دجالاً أو شخصاً يحاول خداع الناس لأن يصدقوا نبوته ، فإن المفروض في تلك الحالة أن يقول لصاحبه " اسمع يا أبا بكر حاول أن تجد مخرجاً خلفياً لهذا الكهف " أو اجلس القرفصاء في تلك الزاوية وابق هادئاً". لكنه قال لأبي بكر " لا تحزن. إن الله معنا !" وهذا دليل واضح على ثقته بعون الله له. إذا كان الشخص يعرف أنه يخدع الناس فمن أين له تلك الثقة ؟ إن حالة الطمأنينة الفكرية هذه لا يمكن أن توجد في شخص كذاب أو دجال.
2- يتجاهل أولئك الضالون أو يتعامون عن حقيقة أن الدعوة تدرجت من كونها سرية بدأت بدعوة عائلة نبي الله صلى الله عليه وسلم لقوله سبحانه )وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ) (الشعراء:214) ثم اتخذت صفة الجهر بالدعوة بناءً على أوامر الله لقوله سبحانه )فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ) (الحجر:94) وقد بقي نبي الله في مكة يدعو للإسلام ويتلقى وأصحابه صنوف العذاب من الكفار على مدى ثلاث عشرة سنة . وبعد ذلك أمره الله بالهجرة إلى المدينة المنورة وقد ورد ذكر ذلك في سفر إشعياء الإصحاح 21 " 13نُبُوءَةٌ بِشَأْنِ شِبْهِ الْجَزِيرَةِ الْعَرَبِيَّةِ: سَتَبِيتِينَ فِي صَحَارِي بِلاَدِ الْعَرَبِ يَا قَوَافِلَ الدَّدَانِيِّينَ، 14فَاحْمِلَوا يَا أَهْلَ تَيْمَاءَ الْمَاءَ لِلْعَطْشَانِ، وَاسْتَقْبِلُوا الْهَارِبِينَ بِالْخُبْزِ، 15لأَنَّهُمْ قَدْ فَرُّوا مِنَ السَّيْفِ الْمَسْلُولِ، وَالْقَوْسِ الْمُتَوَتِّرِ، وَمِنْ وَطِيسِ الْمَعْرَكَةِ. 16لأَنَّهُ هَذَا مَا قَالَهُ لِي الرَّبُّ: فِي غُضُونِ سَنَةٍ مَمَاثِلَةٍ لِسَنَةِ الأَجِيرِ يَفْنَى كُلُّ مَجْدِ قِيدَارَ، 17وَتَكُونُ بَقِيَّةُ الرُّمَاةِ، الأَبْطَالُ مِنْ أَبْنَاءِ قِيدَارَ، قِلَّةً. لأَنَّ الرَّبَّ إِلَهَ إِسْرَائِيلَ قَدْ تَكَلَّمَ."
وهذا تعليق على فقرة إشعياء :-
- نبوة محمد صلى الله عليه وسلم الوحيدة في بلاد العرب
- "العطشان والهارب بخبزه" هو صلى الله عليه وسلم عندما هاجر من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة
- "فإنهم من أمام السيوف قد هربوا " أمر الله سبحانه وتعالى رسوله بالهجرة من مكة إلى المدينة هرباً من بطش قريش عندما تسلحوا بسيوفهم وحاصروا بيته لقتله ولكن الله سبحانه وتعالى نجاه منهم
- "يا سكان أرض تيماء" مدينة في المملكة العربية السعودية تقع شمال المدينة المنورة وقد كان يسكنها اليهود وهذا أمر من الله سبحانه وتعالى لهم باتباع محمد صلى الله عليه وسلم
- " في مدة سنة كسنة الأجير يفنى كل مجد قيدار " لقد حدثت معركة بدر الكبرى وقد نصر الله سبحانه وتعالى فيها محمد صلى الله عليه وسلم في العام الثاني للهجرة وكانت بداية فناء أمجاد قيدار الجاهلية واعتنق جميعهم الإسلام فيما بعد
- "وبقية عدد قسي أبطال بني قيدار تقل" لقد قُتل 70 من صناديد قريش يوم بدر
فهل خطط ورقة ابن نوفل لهذا أيضاً ؟؟؟
- لقد حُرم نبي الله وأصحابه من وطنهم وأملاكهم وعائلاتهم فأذن الله لهم بمحاربة الكفار لقوله سبحانه )أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ) (الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ (الحج 39-40) فكيف يدعون أن نبي الله هاجر ليفرض الإسلام بالسيف ؟ وكيف عرف أن أهل المدينة المنورة سيناصرونه خاصة وأن بينهم اليهود وهم من أشد الناس عداوة للمسلمين ؟ بل وكيف يكذبون ما ورد في كتابهم على لسان المسيح عليه السلام في إنجيل لوقا 4 " 24ثُمَّ أَضَافَ: «الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: مَا مِنْ نَبِيٍّ يُقْبَلُ فِي بَلْدَتِهِ." .

12- قولهم " في هذه الفترة رأى محمد أنه سيفشل إن استمر في الدعوة النصرانية بما فيها من جدالات ونقاشات حول الله وهل هو ثلاثة أو واحد والمسيح إله أم بشر أم غيره. فماذا فعل؟! عاد إلى الأصل وأين الأصل لا في موسى والشريعة واليهودية بل في أبو الديانتين المسيحية واليهودية حين كان الله واحد بكل بساطة وبدون أنبياء: إبراهيم."
أقول : أحمد الله الذي يدافع عن دينه ويظهر الحق حتى على ألسنة أعدائه ! فقد أثبتوا أن التثليث دخيل على دين الله منذ أن خلق آدم وإلى يوم القيامة ولا علاقة لأنبياء الله الكرام إبراهيم أو موسى عليهم السلام به . ثم إنهم يدعون أن القرآن الكريم نسخة مختزلة من كتابهم فكيف يكون ذلك وقد حارب القرآن الكريم التثليث ؟؟!!

13- "وهنا حاك قصة إسماعيل بن إبراهيم وأبو العرب وكان يعلم عن ذلك من دروسه الكتابية التي نالها على يدي ورقة وغيره." لي أكثر من ملاحظة على هذه المقولة :-
- لقد بقي العرب يعظمون دين إبراهيم عليه السلام وهذا سبب حرصهم على إبقاء الكعبة قائمة أم أنهم ينكرون وجود الكعبة في مكة المكرمة لمئات السنين قبل حياة محمد صلى الله عليه وسلم ؟
- وماذا عن بئر زمزم ؟ أم أنهم أيضاً ينكرون وجوده؟ بل وماذا عما يقول كتابهم بهذا الشأن حيث يقول سفر التكوين الإصحاح 21" وَتَشَبَّثِي بِهِ لأَنَّنِي سَأَجْعَلُهُ أُمَّةً عَظِيمَةً». 19ثُمَّ فَتَحَ عَيْنَيْهَا فَأَبْصَرَتْ بِئْرَ مَاءٍ، فَذَهَبَتْ وَمَلأَتِ الْقِرْبَةَ وَسَقَتِ الصَّبِيَّ. 20وَكَانَ اللهُ مَعَ الصَّبِيِّ فَكَبُرَ، وَسَكَنَ فِي صَحْرَاءِ فَارَانَ، وَبَرَعَ فِي رَمْيِ الْقَوْسِ. 21وَاتَّخَذَتْ لَهُ أُمُّهُ زَوْجَةً مِنْ مِصْرَ.
- كيف يفسرون ما يقول سفر التثنية الإصحاح 33 : 2- 4 " جاء الرب من سيناء وأشرق لهم من سعير وتلألأ من جبل فاران ...." وفاران هي مكة المكرمة؟
- وماذا عما جاء في سفر التكوين الإصحاح 17" 20أَمَّا إسماعيل، فَقَدِ اسْتَجَبْتُ لِطِلْبَتِكَ مِنْ أَجْلِهِ. سَأُبَارِكُهُ حَقّاً، وَأَجْعَلُهُ مُثْمِراً، وَأُكَثِّرُ ذُرِّيَّتَهُ جِدّاً فَيَكُونُ أَباً لاثْنَيْ عَشَرَ رَئِيساً، وَيُصْبِحُ أُمَّةً كَبِيرَةً.." أين هي تلك الأمة ؟ وهل تُقاس الأمم في الكتب المقدسة بعددها أم بقيمتها الإيمانية ؟؟؟

14- ثم يأتون بأكذوبة أخرى في قولهم على لسان نبينا الكريم لأبي بكر" لو أنك سبقت لفزت أنت بالنبوة ولكنني أنا سبقت فهي من نصيبي؟! فماذا يعني بذلك؟! ألا يعني أن الاثنين الرفيقين الذين تعبدا في غار حراء كانا يستعدان معا لقيادة كنيسة مكة ولكن محمدا (الذكي العبقري) سبق وأعلن الوحي والنبوءة فلم يتبقّ لأبي بكر غير الإذعان والتصديق؟! وكانت مكافأة أبو بكر أنه خلف محمد ثم عمر بن الخطاب بينما كان الأولى أن يخلفه علي بن أبي طالب."
من أين أتوا بهذا الزور؟ ثم إن أبا بكر لم يشارك نبي الله في تحنثه في الغار . ومن المستحيل على رجل عظيم مثل عمر أن يكون تابعاً لأحد ما لم يكن متأكداً من صدقه ؟
وأخيراً : هذا هو الحديث الخاص بنزول الوحي لأول مرة على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم:
" وقد ذكر النبي صلى الله عليه وسلم فيما روته عنه عائشة زوجه رضى الله عنها قالت : { أول ما بدئ به رسول الله صلى الله عليه وسلم من الوحي ، الرؤيا الصادقة في النوم، فكان لا يرى شيئاً إلا جاء مثل فلق الصبح . ثم حبّب إليه الخلاء ، فكان يخلو بغار حراء يتحنث فيه – أي يتعبد فيه- الليالي ذوات العدد قبل أن ينزع إلى أهله ويتزود لذلك ، ثم يرجع إلى خديجة –زوجه – فيتزود لمثلها ، حتى جاءه الحق وهو في غار حراء ، فجاءه الملك فقال : اقرأ . قال صلى الله عليه وسلم : فقلت : ما أنا بقارئ فأخذني فغطني حتى بلغ مني الجهد ثم أرسلني فقال :اقرأ فقلت : ما أنا بقارئ .فأخذني فغطني الثانية حتى بلغ مني الجهد ،ثم أرسلني فقال : ((اقرأ باسم ربك الذي خلق . خلق الإنسان من علق .اقرأ وربك الأكرم . الذي علم بالقلم . علم الإنسان ما لم يعلم )) فرجع بها رسول الله يرجف فؤاده ،فدخل على خديجة بنت خويلد ، فقال زمّلوني زملونّي ، فزمّلوه حتى ذهب عنه الرّوع ، فقال لخديجة وأخبرها الخبر : لقد خشيت على نفسي ، فقالت خديجة : كلا والله ، ما يخزيك الله أبداً ، إنك لتصل الرحم وتحمل الكّل وتكسب المعدوم ، وتقرى الضيف وتعين على نوائب الدهر .
فانطلقت به خديجة إلى ورقة بن نوفل بن عبد العزّى- ،ابن عم خديجة – وكان امرءً تنصر في الجاهلية ، وكان يكتب الكتاب العبراني ، فيكتب من الإنجيل بالعبرانية ما شاء الله أن يكتب ، وكان شيخاً كبيراً قد عمى –فقالت له خديجة : يا ابن عم ، اسمع من ابن أخيك ، فقال له ورقة : يا ابن أخي ماذا ترى ؟ فأخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم خبر ما رأى . فقال له ورقة : هذا الناموس الذي أنزل على موسى – عليه السلام – يا ليتني جذعاً ، ليتني أكون حياً إذ يخرجك قومك . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أو مخرجي هم ؟ قال : نعم ، لم يأت رجل قط بمثل ما جئت به إلا عودي وإن يدركني يومك أنصرك نصراً مؤزراً . ثم لم ينشب ورقة أن توفى ،وفتر الوحي } "

muslimah
12-24-2004, 02:43 AM
خامساً : الحقيقة أن القرآن الكريم كتاب الله

يقول الله جل في علاه (إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) (يوسف:2)
وهذا كاف لنا كمسلمين لمعرفة المصدر الحقيقي للقرآن الكريم الذي أنعم به علينا وعلى البشرية كافة وقد أنزله على نبيه الكريم على مدى ثلاث وعشرون عاماً وما يزال بين أيدينا ولله الحمد والمنة كما أُنزل فقد تكفل الله بحفظه فقال سبحانه ( إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) (الحجر:9)
تاريخ جمع القرآن الكريم
تزودنا تفاصيل تاريخ جمع القرآن الكريم الموجودة في كتب التفاسير والتاريخ بمعلومات مفصلة عن طريقة حفظ وتوزيع القرآن الكريم ، لكننا عندما نبحث في كتب الحديث وكتب التاريخ ، فإنه يتوجب علينا التذكر بأن مصداقية القرآن الكريم لا تعتمد على تلك المصادر بل على التواتر الذي نُعرفه على أنه الطريقة التي ينقل جيل من خلالها الخبر (المرئي أو المسموع) لجيل آخر ، ويتكرر ذلك دون انقطاع ، ويتم هذا النقل بحيث أن عدد الناقلين للخبر في كل جيل كبيرٌ لدرجة عدم إمكانية حدوث سوء فهم أو نسيان أو اتفاق على الكذب.
أثناء حياة النبي صلى الله عليه وسلم :-
عندما كان عدد المسلمين في مكة قليلاً وبدون سلطة رسمية خلال الثلاثة عشرة عاماً الأولى من دعوته ، اعتاد محمد صلى الله عليه وسلم أن يقرأ على أتباعه وغيرهم الفقرات القرآنية التي أُوحيت إليه ، وقد حفظها أتباعه عن ظهر قلب ، وهناك براهين على أن تلك الآيات أو السور قد كُتبت على ما كان متوفراً من وسائل في حينه.
رُوي أن عمر ابن الخطاب رضي الله عنه سمع عن اعتناق أخته وزوجها للإسلام ، فأسرع لبيتهما وهو مشتاط غضباً ، ولما وصل إلى هناك أخفت أخته صحيفة القرآن التي كانت تقرأ منها ، وعندما أظهر رغبته في الاطلاع عليها، أخبرته أخته أن الصحيفة القرآنية مُطهرة لا يجوز أن يمسها غير طاهر ، وطلبت منه أن يغتسل قبل لمسها ، مما يدل على أن القرآن الكريم كان مدوناً في السنة السادسة لبعثة النبي صلى الله عليه وسلم ، إضافة إلى حفظه في الصدور .
وعندما هاجر النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة المنورة ، وأسس أول دولة إسلامية ، وضع أولويات لهذه المهمة ، فوضع أُسساً قانونية على نطاق واسع ، تحت إشراف السلطة لحفظ وجمع القرآن الكريم ، وللتأكد من ذلك فقد وضع ترتيبات منظمة للغاية. فقد أسس لجنة من حوالي أربعين شخصاً أو أكثر من أصحابه القادرين على القراءة والكتابة وأوكل إليهم مهمة كتابة القرآن الكريم ، وقد أورد ابن عبدربه وابن القيم أسماء بعض هؤلاء مثل:-
1. أبو بكرالصديق
2. عمر ابن الخطاب
3. عثمان ابن عفان
4. علي ابن أبي طالب
5. الزبير ابن العوام
6. عامر ابن فهيرة
7. أُبي ابن كعب
8. زيد ابن ثابت
9. خالد ابن سعيد ابن العاص
10. معاوية ابن أبي سفيان
11. المغيرة ابن شعبة
12.عبدالله ابن الأرقم
13.العلاء ابن عقبة
14.عمرو ابن العاص
15.ثابت بن قيس
16.عبدالله ابن رواحة
17.خالد ابن الوليد
يقول المؤرخ "العراقي" في مقطع شعري من كتابه "حياة محمد صلى الله عليه وسلم" (شعر) عن عدد الكتبة :-
" وكان عدد كُتّابه اثنان وأربعون "

كان الصحابي الشهير حنظلة ابن ربيع الأسدي رئيساً لتلك اللجنة. ويصنف على أنه رئيس جميع كتبة النبي صلى الله عليه وسلم (خليفة كل كاتبٍ من كُتاب النبي ) . وكان يقضي معظم وقته مع النبي صلى الله عليه وسلم ، وقد انتقلت مسؤولياته بعد وفاته إلى صحابي آخر.
يمكن تفسير سبب ترشيح عدد كبير من الكُتاب كهذا على أن هدفه كان تأمين تواجد كاتب كلما دعت الحاجة لذلك ، فقد كان الوحي ينزل على النبي صلى الله عليه وسلم في أي وقت وأي مكان ، خلال رحلاته وحملاته العسكرية. وما ترشيحه لهذا العدد من الكتاب إلا خير دليل على جدية حرصه على حفظ القرآن الكريم مكتوباً.
اعتاد النبي صلى الله عليه وسلم كلما أُنزلت عليه آية أو آيات من عند الله أن يستدعي أحد أعضاء اللجنة ويملي عليه ما أُنزل ، مع توجيهه له للمكان من القرآن الكريم الذي يكتب فيه الوحي الجديد ، وبذلك يكون النبي صلى الله عليه وسلم لم يقم بإملاء الآيات المبعثرة فقط ، بل أعطى نظام ترتيب كل آية حسب الوحي ، ولم يترك مهمة تنظيم السور والآيات للأجيال اللاحقة ، فقد كان ذلك ضرورياً لأن أكثر من سورة أُنزلت على النبي صلى الله عليه وسلم في نفس الوقت ، لذلك فقد كان النساخ بحاجة إلى إرشاد الوحي في تنظيم القرآن الكريم أيضاً.
روى زيد ابن ثابت أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يطلب من الكاتب أن يقرأ له ما كتب بعد إتمام إملائه صلى الله عليه وسلم ، وذلك لتصحيح ما قد يكون الكاتب قد أخطأ فيه ، وللتأكد من صحة المسودة (ثم أُخرج به إلى الناس) وقد اعتاد الناس أن يكتبوا نُسخاً منه لاستعمالهم الشخصي ، ولحفظها غيباً في ذاكرتهم .
كان الصحابة متحمسين لدراسة وحفظ القرآن الكريم لما له من أهمية أساسية في حياتهم ، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم أكد على أهميته بشدة وباستمرار. تكثر الأحاديث النبوية الشريفة التي تقول أن قراءة القرآن الكريم من المصحف الشريف تعادل قراءته عن ظهر قلب ، ويشبه ذلك بفضل صلاة الفريضة على صلاة النافلة ، وقد قال أن من يتلو القرآن الكريم أثناء الليل شخص سعيد ومحظوظ . وقال أيضاً "خيركم من تعلم القرآن وعلمه" . كان تأكيده صلى الله عليه وسلم على أهمية حفظ القرآن غيباً واضحاً بحيث أنه جعل ذلك مهراً قدمه صحابي فقير إلى زوجته ، وكان أحياناً يطلب من أصحابه أن يتلو القرآن عليه ، فقد سأل عبدالله ابن مسعود النبي صلى الله عليه وسلم " يا رسول الله أقرأ عليك وعليك أُنزل ؟" فأجابه عليه الصلاة والسلام " إني أُحب أن أسمعه من غيري ".
نظراً لازدياد عدد أتباع النبي صلى الله عليه وسلم بعد الهجرة النبوية ، فقد تعلم القرآن الكريم ودونه عدد كبير من أتباعه ، روى أنس ابن مالك أن أربعة من كبار الأنصار من صحابة رسول الله قد جمعوا القرآن الكريم وهم : أُبَيّ ابن كعب – معاذ ابن جبل – زيد ابن ثابت – أبو زيد ، وزاد أنس في رواية أخرى اسم أبو الدرداء أيضاً ، وقد أخطأ الكثير من المؤرخين عندما حصروا عدد صحابة الرسول صلى الله عليه وسلم الذين جمعوا القرآن الكريم بأنهم أربعة فقط.
إن الرواية تهدف إلى ذكر أولئك الصحابة من الأنصار ولا تشتمل على أسماء الصحابة المهاجرين الذين جمعوا القرآن الكريم.
تلا بعض الصحابة القرآن الكريم على النبي صلى الله عليه وسلم لنيل تصديقه عليه ، رُوي أن عبدالله ابن مسعود تلا سورة يوسف على النبي صلى الله عليه وسلم ، بينما تعلم أُبَيّ ابن كعب القرآن كاملاً من النبي صلى الله عليه وسلم . يروي الإمام البخاري في صحيحه أن سبعين من قراء القرآن الكريم قد استشهدوا في غزوة بئر معونة ، وقد انتشرت نسخ مكتوبة من القرآن الكريم أثناء حياة النبي صلى الله عليه وسلم ، كما رُوي أن عائشة رضي الله عنها قد احتفظت بمصحف لها في بيتها (بيت الرسول صلى الله عليه وسلم) ، وهذا يؤكد وجود مصحف في بيت الرسول صلى الله عليه وسلم. كما امتلك المصحف العديد من الصحابة وقد كانوا متحمسين لحمله معهم أثناء المعارك ، لكن النبي صلى الله عليه وسلم لم يشجعهم على ذلك .
وفي حجة الوداع ألقى الرسول الكريم خطبة حث فيها على تحصيل العلم قبل ضياعه ، فسأله أعرابي " أيضيع العلم والمصحف بين أيدينا ؟"
تؤكد لنا هذه الحادثة طبيعة القرآن الكريم الشاملة في بداية الإسلام، فمن الواضح أنه كان مكتوباً ومجموعاً قبل وفاة النبي صلى الله عليه وسلم. روى البخاري أن نسخة من القرآن الكريم قد احتُفظ بها في بيت النبي صلى الله عليه وسلم عند عائشة رضي الله عنها، إضافة إلى عدة نُسخ أخرى عند الصحابة رضوان الله عليهم، وقد نُسخت جميعها من النسخة الأصلية التي أشرف عليها النبي صلى الله عليه وسلم مباشرة .

ترتيب سور القرآن الكريم :-
لقد اُنزل القرآن الكريم مُنجماً أي على فترات تتناسب مع مراحل البعثة النبوية، لكنه لم يُرتب ترتيباً زمنياً حسب نزوله، ونُظم بطريقة جديدة أثناء جمعه وتنظيمه بحيث يظهر لقارىء المستقبل متماسكاً، واعتاد النبي صلى الله عليه وسلم كلما أملى فقرة من القرآن الكريم للكتبة أن يُخبرهم بمكانها في القرآن الكريم. وهذا يعني أن القرآن الكريم لم يكن يُدون ويُحفظ تدريجياً كما كان ينزل، بل كان يُجمع ويُنظم تنظيماً جديداً تحت إشراف النبي صلى الله عليه وسلم مباشرة، والذي كان بدوره يتلقى التعليمات من الله عز وجل وبناء على ذلك فإن الصحابة استعملوا لفظ " جمع " لتعريف دورهم في كتابة القرآن الكريم. رُوي أنهم قالوا " كنا نجلس مع رسول الله صلى الله عليه وسلم نجمع القرآن الكريم على الرقاق"
رويت عدة أحاديث تفيد أنه عندما اكتمل إنزال القرآن الكريم تلاه النبي صلى الله عليه وسلم على جبريل عليه السلام وقد كانت آخر مراجعة هي صورة القرآن الكريم في شكله الأخير تحت إشراف الله عز وجل.
وبذلك يكون القرآن الكريم كاملاً قد جُمع ودُون كتابة أثناء حياة النبي صلى الله عليه وسلم. كانوا يكتبون القرآن الكريم على الجلد المدبوغ، وعلى ألواح من الحجارة والخشب، وقطع من القماش، وعلى عظام أكتف الحيوانات....الخ واحتُفظ بنسخة كاملة منه لدى السلطة الرسمية، أي في بيت النبي صلى الله عليه وسلم في المسجد النبوي حيث كان يسكن، مما أتاح للجميع حرية نسخها واستعمالها للحفظ أو التلاوة. وإضافة إلى تلك النسخة الأساسية فإن عدداً آخر من النسخ قد وُجد لدى بعض الصحابة، ومنها ما كان مصحفاً كاملاً، وأخرى كانت أجزاء منه. وقد حدث ذلك بالضبط موافقاً لتعليمات القرآن الكريم :-
"إن علينا جمعه وقرءانه * فإذا قرأناه فاتبع قرءانه * ثم إن علينا بيانه" (75 : 17-19)
توضح تلك الآيات في كلمات قليلة المنهج الإلهي لطريقة المحافظة على القرآن الكريم.

muslimah
12-29-2004, 08:12 PM
تاريخ جمع القرآن الكريم ( أثناء خلافة أبي بكر ):-

من المهم أن نفهم طبيعة الدور الذي قام به الخليفة الأول أبو بكر الصديق رضي الله عنه في إيصال القرآن الكريم إلى صورته النهائية، فأثناء خلافته استشهد العديد من حفظة القرآن الكريم في ساحات المعارك، مما أقلق عمر بن الخطاب رضي الله عنه فاقترح على أبي بكر ما يلي :-

1- وجوب مسئولية الدولة عن نشر القرآن الكريم بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم
2- وجوب توفر نسخة من القرآن الكريم مكتوبة على صفحات متساوية الحجم ومجموعة في كتاب واحد
وبناءً عليه فقد قرر الخليفة الأول أبو بكر الصديق رضي الله عنه أن يجمع القرآن الكريم في كتاب واحد، فألف لجنة تحت رئاسة زيد ابن ثابت، وقد أعانه جميع الصحابة وبذلك يكون الكتاب قد جُمع وصُدق عليه من قِبل مئات الصحابة. ودُعي كل صحابي كانت عنده أية آية مكتوبة على أية شيء، وطُلب منه أن يأتي بشاهدين على أن تلك الآيات قد أملاها وقرر مكانها النبي صلى الله عليه وسلم ، واستُدعي الشهود للتأكد من صدق الأمر، وللتأكد من مشاركة الصحابة الجماعية في ذلك العمل الجليل.
لقد اختص جهدهم هذا بالقرآن الكريم المكتوب وبتوزيعه، إن النقل المكتوب ليس الطريقة الوحيدة التي حُفظ من خلالها القرآن الكريم، بل لقد اتُبعت وسائل أخرى لحفظه.
رغم أن القرآن الكريم قد جُمع أثناء حياة النبي صلى الله عليه وسلم، إلا أن مهمة إعداد نسخة رسمية قد تطلبت إعادة كتابته على صفحات متساوية الحجم، ونظراً للحساسية التي أولاها الصحابة للقرآن الكريم فإن تلك المهمة لم تُترك لشخص واحد، فقد عظم الصحابة القرآن الكريم أكثر من أي شيء آخر، وأكد جميعهم على ضرورة عدم وجود خطأ أو أي اختلاف أثناء كتابة الآيات من النسخة الأصلية وجمعها في كتاب واحد، إضافة إلى ذلك فإن الدليل الشفوي والكتابي يجب أن يتوفر، لا لاكتشاف شيء جديد ولكن للتأكيد على صحته بشكل أكبر. إن الحذر الملاحظ الذي اتخذته اللجنة التي أسسها أبو بكر الصديق رضي الله عنه، يمكن مقارنته مع أية محاولة حديثة لنشر القرآن الكريم على نطاق واسع، حيث تُقارن وتُدقق محتويات النُسخ ثم يُصدق عليها من قِبَل الحُفّاظ الذين يحفظون القرآن الكريم غيباً والمتوفرين بأعداد كبيرة.
لقد وُضع مجلد القرآن الكريم الذي أُعد من قِبل اللجنة وصُدق من قِبل الصحابة في مكان عام حيث بإمكان الناس أن ينسخوا ما يشاءون منه .

muslimah
01-02-2005, 06:52 PM
تاريخ جمع القرآن الكريم( أثناء خلافة عثمان ابن عفان ):-

لقد أودع القرآن الكريم بعد وفاة أبي بكر الصديق عند عمر ابن الخطاب رضي الله عنهما، ثم أودع عند ابنة عمر حفصة زوجة الرسول صلى الله عليه وسلم بعد وفاته .

وأثناء خلافة عثمان ابن عفان رضي الله عنه اعتنق الإسلام عدد كبير من غير العرب، ولم تكن العربية هي لغة الأم عندهم، فقد كانوا يتكلمون الفارسية ولغات أخرى، وبعضهم كانوا يقرأون العربية بطرق مختلفة، واعتاد بعض العرب في مناطق نائية تلاوة القرآن الكريم بلهجات مختلفة. ولم تؤثر مثل تلك الاختلافات على المدى البعيد على عملية المحافظة على القرآن الكريم، وذلك لتوفر أعداد كبيرة من النسخ المكتوبة من القرآن الكريم، ولوجود آلاف من الناس الذين كانوا يتلونه بلهجته الأصلية، رغم أن تلك الاختلافات بسيطة في طبيعتها، إلا أن تلك الاختلافات في اللفظ كانت محط قلق الخليفة الذي خشي أن تتطور لتصبح نُسخاً مختلفة مما قد يؤدي إلى اختلاف في المعاني. وبناء عليه فكما اتُخذت قاعدة في النص فقد اتُخذت قاعدة للفظ. ولم يكن ذلك قراراً صعباً. فقد تشاورالخليفة عثمان ابن عفان مع الصحابة رضوان الله عليهم، وقرر وجوب قراءة القرآن الكريم مطابقة للهجة النبي صلى الله عليه وسلم، أي لهجة قريش في مكة المكرمة. وبذلك يتضح أن طريقة قراءة النبي صلى الله عليه وسلم للقرآن الكريم هي الطريقة الأصلية والمقبولة. لقد أعد عثمان ابن عفان نُسخاً من القرآن الكريم كُتبت طبقاً للهجة وخط قريش، ووُزعت هذه النسخ على سائر مدن الخلافة الإسلامية، كنُسخ أصلية استُعملت لكتابة نُسخ متعددة أُخرى وتم توزيعها. يقال أن نسختين أصليتين من نُسخ عثمان رضي الله عنه موجودتان في متاحف في طشقند وإستانبول. ومن المعلوم أن الخليفة عثمان رضي الله عنه لم يكتف بإرسال نُسخة إلى المدينة الإسلامية بل أرسل قارئاً قرشياً ليعلم الناس الطريقة النبوية الصحيحة لقراءة القرآن الكريم. وهكذا فإن توزيع عثمان رضي الله عنه للقرآن الكريم لا يعني جمعه لأول مرة كما يُظن، فقد كان مجموعاً أثناء حياة النبي صلى الله عليه وسلم، وضُم في كتاب واحد متعادل الصفحات زمن الخليفة أبو بكر الصديق. إن أهمية إسهام عثمان رضي الله عنه تكمن في قدرته على ملاحظة اختلاف اللهجات بين معتنقي الإسلام، مما حدا به لاستشارة الصحابة لحل المشكلة فوراً وتقرير توحيد القراءة على لهجة واحدة وهي لهجة قريش قبيلة النبي صلى الله عليه وسلم.

muslimah
01-08-2005, 02:11 PM
تاريخ جمع القرآن الكريم(أثناء خلافة علي وحكم معاوية رضي الله عنهما):-

انقسمت الأمة الإسلامية بعد اغتيال عثمان ابن عفان رضي الله عنه إلى فريقين، خاضا ضد بعضهما حروباً ضارية، وخلال ظروف مضطربة كتلك فإن أُسس العقيدة الجدبدة التي ساهمت في ظهور تلك الأطراف، قد تتعرض لتكون موضع نزاع بين الأطراف المتناحرة، مما قد يؤدي إلى ظهور نصين لكتابين دينيين مختلفين، لكن ذلك لم يحدث في تلك الحالة، بل إن الفريقين المتنازعين استمرا في اعتقادهما الراسخ في نفس الكتاب. لقد حافظ علي رضي الله عنه على القرآن الكريم كما هو عندما استلمه من الخلفاء الثلاثة الذين سبقوه وكذلك فعل معاوية رضي الله عنه.
كانت وجهات نظرهما متباينة في بعض الأمور، لكنهما كانا متفقين في إيمانهما بالقرآن الكريم، وواصلا جهودهما في محافظة الأمة الإسلامية على القرآن الكريم ونشره. ولو أن علياً رضي الله عنه جمع نصاً مختلفاً من القرآن الكريم (كما ورد في بعض الأخبار الفردية) لكان قد فرضه (كما يدعي بعض الشيعة) بدلاً من النص الذي وضعه الخلفاء الذين سبقوه، لقد خلت سنوات حكمه الست من أي ادعاء كهذا، بل إننا نجده يتلو النص نفسه، ويعتمد عليه في فتاواه ويعلمه للأجيال القادمة.

muslimah
01-15-2005, 11:37 AM
ومنــــــــذ ذلـــــك الحيـــــــــن :-
انتعش المسلمون بعد زمن الفتنة، وعمل الحكام الأمويون والعباسيون على التأكيد على أن نسخة القرآن الكريم الأصلية هي النسخة الوحيدة المقبولة والموثوقة والمقدسة. وبعد سقوط العباسيين تولى الحكم الخلافة العثمانية التركية، وجعلت الدولة المحافظة على القرآن الكريم ونشره على رأس أولوياتها. لقد اعتُرف بنص واحد ولم يوجد غيره، واستمر آلاف المسلمين في تلاوته كاملاً سنوياً خلال صلاة التراويح في شهر رمضان المبارك طيلة الأربعة عشر قرناً الماضية في كل بقاع الأرض. وقد طًبعت نُسخ عديدة من القرآن الكريم عندما اخترعت آلات الطباعة ووزعت على نطاق واسع، ولا يوجد أدنى شك في وجود أي تحريف فيه عن الأصل.


والله تعالى أعلم


تمــــت الحلقـــــات بحمـــــد اللـــــه

مجدي
01-15-2005, 07:37 PM
الاخت مسلمة جزاك الله خيرا على هذا الموضوع .
لي عدة ملاحظات :
الاولى : ان كل ما تكلمت عنه انما هو كلام متعلق بالمصاحف لا بالقران .
والفرق بين الامرين معروف وان لم يفرق به في الكثير من الكتب ,للتوضيح اكثر :
القران جمع وفصلت الايات والسور قبل وفاة النبي صلى الله عليه وسلم , فكان النبي يقول لهم ضعو هذه الايات في سورة كذا في مكان كذا . وان العرضة الاخيرة كانت على ما نعرفه الان . اما قبلها فقد كان ترتيب السور بشكل مختلف .
الذي فعله الصديق عليه السلام هو جمع الصحف التي كتبت زمن النبي صلى الله عليه وسلم في مصحف واحد مراعي للرسم الذي علمهم اياه النبي المحتمل للقراءات المنزل بها القران ,لان الامر توقيفي لا اجتهادي .
وما فعله الصديق رضي الله عنه انما كان خوفا من ضياع احرف القران , وخوفا من اختلاف المسلمين في القرأة بعد موت الحفاظ .
الثانية : النسخ الى سبع نسخ هو ما فعله عثمان رضي الله عنه . ولم يكن النسخ من الصحف التي بين ايدي الناس فقط وانما المقابلة بالاصل الذي كان عند ام المؤمنين حفصة رضي الله عنها .
سبب اختلاف الناس قبل النسخ في الامصار يرجع الى ان الكتابات التي بين ايديهم لم تكن بالرسم من ناحية ,وبطريقة القرأة من ناحية اخرى , فالكلام لم يكن منقطا من ناحية ولم يكن الناس كلهم ذوا علم في القران.
ولم يكن من السهل الوصول الى النسخة الموجودة في المدينة .
بالنسبة للهجات
الثالثة :اللهجات العربية الموافقة للقراءات الصحيحة لا شيء عليها . انما لا تصح بلهجات لم ينزل بها القران
واللهجات انما هي مختصة بطريقة لفظ الكلمة وفي تفخيم وترقيق الحروف وليس لها علاقة مباشرة فيما فعله عثمان الا من ناحية الرسم.
لذلك امر عثمان بجمع كل الصحاف وحرقها وابقى على النسخ التي جمعت وهي لا تحوي اللهجات وانما تحوي الرسم .
كل هذا انما يتعلق بخط المصحف او رسم المصحف وجمعه كتابة . اما ما يتعلق بحفظه القران فهنال فرق بين الخواص والعوام .
فالخواص من علماء وقراء .انما تلقوا العلم بشكل مشافهة عن الصحابة ,والصحابة كذلك انما اخذوا ذلك عن الصحابة وعن الرسول . اما العوام فانهم يتلقون العلم بطرق عفوية ووعظية اكثر من كونها علمية .
فتجد الاجازة في قرأة القران تتضمن القرأة برواية دون غيرها . والقراءات انما هي تبعا للهجات العرب من اصول وما انزل الله من فروش.

muslimah
01-16-2005, 06:10 AM
إضافـــة قيمـــة فجـــزاك الله خيـــر الجـــزاء

الغزالى
03-23-2005, 10:21 AM
يقول تعالى : "وَكَذَلِكَ نُصَرِّفُ الآيَاتِ وَلِيَقُولُواْ دَرَسْتَ .."

فقد اتهم كفار مكة النبى (ص) بالتلقى من اهل الكتاب , و واضح انهم كانوا يقصدون اشخاصا من اهل الكتاب وقت نزول هذه الاية ,فلم يخطر ببالهم قط اتهام النبى (ص) بتلقى مضمون القران من ورقة بن نوفل ,و لا شك انه لم يكن ثمة نسخة عربية من التوراة انذاك ,و كان علماء اليهود يحتفظون بالنسخة العبرية و يجعلونها - كما حكى القران - قراطيس يبدون بعضها و يترجموه و يخفون بعضها ,و لو كان هناك اى احتمال حقيقى لتتلمذ النبى -ص- على ورقة لما تاخر كفار مكة عن الاحتجاج و التشكيك بذلك بدلا من ان يتهموا النبى -ص- بتلقى القران من حداد رومى !


و حتى النصارى القدامى لم يكونوا يحتجون مطلقا بحكاية ورقة تلك , كما نجد مثلا فى رسالة عبد المسيح الكندى ,حيث اضطر الى اتهام النبى -ص- بتلقى مضمون القران من سرجيوس !!

يقول الكندى :


"إنه ينبغي لك أن تعلم أولاً كيف كان السبب في هذا الكتاب، ذلك أن رجلاً من رهبان النصارى اسمه سرجيوس أحدث حَدَثاً أنكره عليه أصحابه، فحرموه من الدخول إلى الكنيسة وامتنعوا عن كلامه ومخاطبته، على ما جرت به العادة منهم في مثل هذا الموقف. فندم على ما كان منه، فأراد أن يفعل فعلاً يكون له حجة عند أصحابه النصارى، فذهب إلى تُهامة فجالها حتى بلغ مكة، فنظر البلد غالباً فيها صنفان من الديانة: دين اليهود وعبادة الأصنام، فلم يزل يتلطف ويحتال بصاحبك حتى استماله وتسمَّى عنده نسطوريوس، وذلك أنه أراد بتغيير اسمه إثبات رأي نسطوريوس الذي كان يعتقده ويتديَّن به. فلم يزل يخلو به ويكثر مجالسته ومحادثته إلى أن أزاله عن عبادة الأصنام ثم صيَّره داعياً وتلميذاً له يدعو إلى دين نسطوريوس. فلما أحست اليهود بذلك ناصبته العداوة، فطالبته بالسبب القديم الذي بينهم وبين النصارى. فلم يزل يتزايد به الأمر إلى أن بلغ به ما بلغ. فهذا سبب ما في كتابه من ذكر المسيح والنصرانية والدفاع عنها وتزكية أهلها والشهادة لهم أنهم أقرب مودّة، وأن منهم قسيسين ورهباناً وأنهم لا يستكبرون (مائدة 82).

فلما توفي وارتدّ القوم وانتهى الأمر إلى أبي بكر، قعد علي بن أبي طالب عن تسليم الأمر لأبي بكر، فعلم عبد الله بن سلام وكعب الأحبار اليهوديان أنهما ظفرا بما كانا يطلبان ويريدان في نفسيهما، فاندسَّا إلى علي بن أبي طالب فقالا له: ألا تدَّعي أنت النبوّة ونحن نوافقك على مثل ما كان يؤدب به صاحبك نسطوريوس النصراني، فلست بأقل منه؟ ولكن أبا بكر عرف بما كان من أمرهما مع علي، فبعث إلى علي. فلما صار إليه ذكّره الحرمة. ونظر علي إلى أبي بكر وإلى قوته، فرجع عما كان عليه ووقع بقلبه. "

انتهى هذيان الكندى ..


و اية "و ليقولوا درست .." كرر الاحتجاج بها القس يوسف الحداد فى كتبه , و زعم ان القران لم يرد عليها متجاهلا هو و اضرابه من خصوم الاسلام ان القران نسف هذه الشبهة, فقد بين القران الكريم ان كفار مكة اتهموا انسانا اعجميا بانه مصدر القران ,و رد عليهم القران مشيرا الى بدهية ان وسيلة التعلم هى اللغة , و محمد (ص)لم يكن يعرف لغة هذا الاعجمى حتى يتلقى منه القران , كما بين القران ان الجالية التى كانت فى مكة من اهل الكتاب ,قد شهدت بنبوة محمد -ص-,و امنوا بان القران وحى الهى لما راوه يخبر بما فى صحف موسى و نحوه من الكتب التى لم يطلع عليها محمد (ص) ,و القران مشحون بالايات التى تقرر ذلك و تحتج بايمان هؤلاء على كفار مكة :

قال تعالى فى سورة الانعام التى وردت فيها تلك الاية :


"أَفَغَيْرَ اللّهِ أَبْتَغِي حَكَمًا وَهُوَ الَّذِي أَنَزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتَابَ مُفَصَّلاً وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِّن رَّبِّكَ بِالْحَقِّ فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ " الانعام :114

و قال تعالى :
"قُلْ آمِنُواْ بِهِ أَوْ لاَ تُؤْمِنُواْ إِنَّ الَّذِينَ أُوتُواْ الْعِلْمَ مِن قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ سُجَّدًا 107 وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِن كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولاً 108 وَيَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا" الاسراء :107-109

و فى قولهم "ان كان وعد ربنا لمفعولا " اشارة الى بشارة الكتب السابقة بهذا النبى الامى .

و قال تعالى :
" وَكَذَلِكَ أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ فَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمِنْ هَؤُلَاء مَن يُؤْمِنُ بِهِ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا الْكَافِرُونَ 47 وَمَا كُنتَ تَتْلُو مِن قَبْلِهِ مِن كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لَّارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ "العنكبوت :47-48

"أَفَمَن كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِّنْهُ وَمِن قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَى إَمَامًا وَرَحْمَةً أُوْلَـئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمَن يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الأَحْزَابِ فَالنَّارُ مَوْعِدُهُ فَلاَ تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِّنْهُ إِنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يُؤْمِنُونَ " هود :17

"وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِي أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ هُوَ الْحَقَّ وَيَهْدِي إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ " سبا :6

"وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَسْتَ مُرْسَلاً قُلْ كَفَى بِاللّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِندَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ " الرعد:43

ناصر الشريعة
04-26-2007, 02:10 PM
جزاكم الله خيرا جميعا .

وأضيف هذا الكتاب إليه :


كتاب (مصدر القرآن) للأستاذ الدكتور إبراهيم عوض
http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?p=25680&mode=threaded

وحبذا لو قام أحد بتلخيصه للقراء .