المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : اعجاز القران الكريم



عبد اللـه
09-09-2004, 06:25 AM
بسم الله الرحمن الرحيم

قد ذكر للاعجاز في اللغة عدة معان : الفوت . وجدان العجز . إحدائه كالتعجيز . فيقال : أعجزه الامر الفلاني أي فاته ، ويقال : أعجزت زيدا أي وجدته عاجزا ، أو جعلته عاجزا .
وهو في الاصطلاح أن يأتي المدعي لمنصب من المناصب الالهية بما يخرق نواميس الطبيعة ويعجز عنه غيره شاهدا على صدق دعواه .

وإنما يكون المعجز شاهدا على صدق ذلك المدعي إذا أمكن أن يكون صادقا في تلك الدعوى . وأما إذا امتنع صدقه في دعواه بحكم العقل ، أو بحكم النقل الثابت عن نبي ، فلا يكون ذلك شاهدا على الصدق ، ولا يسمى معجزا في الاصطلاح وإن عجز البشر عن أمثاله :

مثال الاول : ما إذا ادعى أحد أنه إله ، فإن هذه الدعوى يستحيل أن تكون صادقة بحكم العقل ، للبراهين الصحيحة الدالة على استحالة ذلك .

ومثال الثاني : ما إذا ادعى أحد النبوة بعد نبي الاسلام ، فإن هذه الدعوى كاذبة قطعا بحكم النقل المقطوع بثبوته الوارد عن نبي الاسلام ، بأن نبوته خاتمة النبوات ، وإذا كانت الدعوى باطلة قطعا ، فماذا يفيد الشاهد إذا أقامه المدعي ؟ ولا يجب على الله جل شأنه أن يبطل ذلك بعد حكم العقل باستحالة دعواه ، أو شهادة النقل ببطلانها

و قد يدعي أحد منصبا إلهيا ثم يأتي بشئ يعجز عنه غيره من البشر ويكون ذلك الشئ شاهدا على كذب ذلك المدعي ، كما يروى أن " مسيلمة " تقل في بئر قليلة الماء ليكثر ماؤها فغار جميع ما فيها من الماء ، وأنه أمر يده على رؤوس صبيان بني حنيفة وحنكهم فأصاب القرع كل صبي مسح رأسه ، ولثغ كل صبي حنكه فإذا أتى المدعي بمثل هذا الشاهد لا يجب على الله أن يبطله ، فإن في هذا كفاية لابطال دعواه ، ولا يسمى ذلك معجزا في الاصطلاح .

وليس من الاعجاز المصطلح عليه ما يظهره الساحر والمشعوذ ، أو العالم ببعض العلوم النظرية الدقيقة ، وإن أتى بشئ عنه غيره ، ولا يجب على الله إبطاله إذا علم استناده في عمله إلى أمر طبيعي من سحر ، أو شعبذة ، أو نحو ذلك وإن ادعى ذلك الشخص منصبا إلهيا ، وقد أتى بذلك الفعل شاهدا على صدقه ، فإن العلوم النظرية الدقيقة لها قواعد معلومة عند أهلها ، وتلك القواعد لا بد من أن توصل إلى نتائجها ، وإن احتاجت إلى دقة في التطبيق ، وعلى هذا القياس تخرج غرائب علم الطب المنوطة بطبايع الاشياء ، وإن كانت خفية على عامة الناس ، وبل وإن كانت خفية على الاطباء أنفسهم . وليس من القبيح أن يختص الله أحدا من خلقه بمعرفة شئ من تلك الاشياء ، وإن كانت دقيقة وبعيدة عن متناول أيدي عامة الناس ، ولكن القبيح أن يغري الجاهل بجهله ، وأن يجري المعجز على يد الكاذب فيضل الناس عن طريق الهدى .

عبد اللـه
09-09-2004, 06:26 AM
لا بد للنبي من إقامة المعجز :
تكليف عامة البشر واجب على الله سبحانه ، وهذا الحكم قطعي قد ثبت بالبراهين الصحيحة ، والادلة العقلية الواضحة ، فإنهم محتاجون إلى التكليف في طريق تكاملهم ، وحصولهم على السعادة الكبرى ، والتجارة الرابحة . فإذا لم يكلفهم الله سبحانه ، فإما أن يكون ذلك لعدم علمه بحاجتهم إلى التكليف ، وهذا جهل يتنزه عنه الحق تعالى ، وإما لان الله أراد حجبهم عن الوصول إلى كمالاتهم ، وهذا بخل يستحيل على الجواد المطلق ، وإما لانه أراد تكليفهم فلم يمكنه ذلك ، وهو عجز يمتنع على القادر المطلق ، وإذن فلا بد من تكليف البشر ، ومن الضروري أن التكليف يحتاج إلى مبلغ من نوع البشر يوقفهم على خفي التكليف وجليه : " ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حي عن بينة " .
ومن الضروري أيضا أن السفارة الالهية من المناصب العظيمة التى يكثر لها المدعون ، ويرغب في الحصول عليها الراغبون ، ونتيجه هذا أن يشتبه الصادق بالكاذب ، ويختلط المضل بالهادي . وإذن فلا بد لمدعي السفارة أن يقيم شاهدا واصحا يدل على صدقه في الدعوى ، وأمانته في التبليغ ، ولا يكون هذا الشاهد من الافعال العادية التي يمكن غيره أن يأتي بنظيرها ، فينحصر الطريق بما يخرق النواميس الطبيعية . وإنما يكون الاعجاز دليلا على صدق المدعي ، لان المعجز فيه خرق للنواميس الطبيعية ، فلا يمكن أن يقع من أحد إلا بعناية من الله تعالى ، وإقدار منه ، فلو كان مدعي النبوة كاذبا في دعواه ، كان إقداره على المعجز من قبل الله تعالى إغراء بالجهل وإشادة بالباطل ، وذلك محال على الحكيم تعالى . فإذا ظهرت المعجزة على يده كانت دالة على صدقه ، وكاشفة عن رضا الحق سبحانه بنبوته .
وما ذكرناه قاعدة مطردة يجري عليها العقلاء من الناس فيما بشبه هذه الامور ، ولا يشكون فيها أبدا ، فإذا ادعى أحد من الناس سفارة عن ملك من الملوك في امور تختص برعيته ، كان من الواجب عليه أولا أن يقيم على دعواه دليلا يعضدها ، حين تشك الرعية في صدقه ، ولا بد من أن يكون ذلك الدليل في غاية الوضوح ، فإذا قال لهم ذلك السفير : الشاهد على صدقي أن الملك غدا سيحييني بتحيته الخاصة التي يحيي بها سفراءه الاخرين . فإذا علم الملك ما جرى بين السفير وبين الرعية ، ثم حياه في الوقت المعين بتلك التحية ، كان فعل الملك هذا تصديقا للمدعي في السفارة ولا يرتاب العقلاء في ذلك لان الملك القادر المحافظ على مصالح رعيته يقبح عليه أن يصدق هذا المدعي إذا كان كاذبا ، لانه يريد إفساد الرعية .
وإذا كان هذا الفعل قبيحا من سائر العقلاء كان محلا على الحكيم المطلق ، وقد أشار سبحانه إلى هذا المعنى بقوله في كتابه الكريم : " ولو تقول علينا بعض الاقاويل لاخذنا منه باليمين ثم لقطعنا منه الوتين " . والمراد من الاية الكريمة أن محمدا الذي أثبتنا نبوته ، وأظهرنا المعجزة لتصديقه ، لا يمكن أن يتقول علينا بعض الاقاويل ، ولو صنع ذلك لاخذنا منه باليمين ، ولقطعنا منه الوتين ، فإن سكوتنا عن هذه الاقاويل إمضاء منا لها ، وإدخال للباطل في شريعة الهدى ، فيجب علينا حفظ الشريعة في مرحلة البقاء ، كما وجب علينا في مرحلة الحدوث .

عبد اللـه
09-09-2004, 06:29 AM
خير المعجزات ما شابه أرقى فنون العصر :

المعجز - كما عرفت - هو ما يخرق نواميس الطبيعة ، ويعجز عنه سائر أفراد البشر إذا أتى به المدعي شاهدا على سفارة إلهية . ومما لا يرتاب فيه أن معرفة ذلك تختص بعلماء الصنعة التي يشابهها ذلك المعجز ، فإن علماء أي صنعة أعرف بخصوصياتها ، وأكثر إحاطة بمزاياها ، فهم يميزون بين ما يعجز البشر عن الاتيان بمثله وبين ما يمكنهم . ولذلك فالعلماء أسرع تصديقا بالمعجز .
أما الجاهل فباب الشك عنده مفتوح على مصراعيه ما دام جاهلا بمبادئ الصنعة ، وما دام يحتمل أن المدعي قد اعتمد على مبادئ معلومة عند الخاصة من أهل تلك الصنعة ، فيكون متباطئا عن الاذعان .
ولذلك اقتضت الحكمة الالهية أن يخص كل نبي بمعجزة تشابه الصنعة المعروفة في زمانه ، والتي يكثر العلماء بها من أهل عصره ، فإنه أسرع للتصديق وأقوم للحجة ، فكان من الحكمة أن يخص موسى عليه السلام بالعصا واليد البيضاء لما شاع السحر في زمانه وكثر الساحرون .
ولذلك كانت السحرة أسرع الناس إلى تصديق ذلك البرهان والاذعان به ، حين رأوا العصا تنقلب ثعبانا ، وتلقف ما يأفكون ثم ترجع إلى حالتها الاولى . رأى علماء السحر ذلك فعلموا أنه خارج عن حدود السحر وآمنوا بأنه معجزة إلهية . وأعلنوا إيمانهم في مجلس فرعون ولم يعبأوا بسخط فرعون ولا بوعيده .
وشاع الطب اليوناني في عصر المسيح عليه السلام وأتى الاطباء في زمانه بالعجب العجاب ، وكان للطب رواج باهر في سوريا وفلسطين ، لانهما كانتا مستعمرتين لليونان ، وحين بعث الله نبيه المسيح في هذين القطرين شاءت الحكمة أن تجعل برهانه شيئا يشبه الطب ، فكان من معجزاته أن يحيي الموتى ، وأن يبرئ الاكمه والابرص . ليعلم أهل زمانه أن ذلك شئ خارج عن قدرة البشر ، وغير مرتبط بمبادئ الطب ، وأنه ناشئ عما وراء الطبيعة .

وأما العرب فقد برعت في البلاغة ، وامتازت بالفصاحة ، وبلغت الذروة في فنون الادب ، حتى عقدت النوادي وأقامت الاسواق للمباراة في الشعر والخطابة . فكان المرء يقدر على ما يحسنه من الكلام ، وبلغ من تقدير هم للشعر أن عمدوا لسبع قصائد من خيرة الشعر القديم ، وكتبوها بماء الذهب في القباطي ، وعلقت على الكعبة ، فكان يقال هذه مذهبة فلان إذا كانت أجود شعره . واهتمت بشأن الادب رجال العرب ونساؤهم ، وكان النابغة الذبياني هو الحكم في شعر الشعراء . يأتي سوق عكاظ في الموسم فتضرب له قبة حمراء من الادم ، فتأتيه الشعراء تعرض عليه أشعارها ليحكم فيها
ولذلك اقتضت الحكمة أن يخص نبي الاسلام بمعجزة البيان ، وبلاغة القرآن فعلم كل عربي أن هذا من كلام الله ، وأنه خارج ببلاغته عن طوق البشر ، واعترف بذلك كل عربي غير معاند .
وقد كانت للنبي معجزات اخرى غير القرآن ، كشق القمر ، وتكلم الثعبان ، وتسبيح الحصى ، ولكن القرآن أعظم هذه المعجزات شأنا ، وأقومها بالحجة ، لان العربي الجاهل بعلوم الطبيعة وأسرار التكوين ، قد يشك في هذه المعجزات ، وينسبها إلى أسباب علمية يجهلها . وأقرب هذه الاسباب إلى ذهنه هو السحر فهو ينسبها اليه ، ولكنه لا يشك في بلاغة القرآن وإعجازه ، لانه يحيط بفنون البلاغة ، ويدرك أسرارها . على أن تلك المعجزات الاخرى موقتة لا يمكن لها البقاء فسرعان ما تعود خبرا من الاخبار ينقله السابق للاحق ، وينفتح فيه باب التشكيك . أما القرآن فهو باق إلى الابد ، وإعجازه مستمر مع الاجيال . وسنضع بحثا خاصا عن معجزات النبي غير القرآن ، ونتفرغ فيه لمحاسبة من أنكر هذه المعجزات من الكتاب المعاصرين وغيرهم .

عبد اللـه
09-09-2004, 06:32 AM
القرآن معجزة إلهية :
قد علم كان عاقل بلغته الدعوة الاسلامية ، أن محمدا - ص - بشر جميع الامم بدعوتهم إلى الاسلام ، وأقام الحجة عليهم بالقرآن ، وتحداهم بإعجازه ، وطلب منهم أن يأتوا بمثله وإن كان بعضهم لبعض ظهيرا ، ثم تنزل عن ذلك فطلب منهم أن يأتوا بعشر سور مثله مفتريات ، ثم تحداهم إلى الاتيان بسورة واحدة . وكان من الجدير بالعرب - وفيهم الفصحاء النابغون في الفصاحة - أن يجيبوه إلى ما يريد ، ويسقطوا حجته بالمعارضة ، لو كان ذلك ممكنا غير مستحيل .
نعم كان من الجدير بهم أن يعارضوا سورة واحدة من سور القرآن ، ويأتوا بنظيرها في البلاغة ، فيسقطوا حجة هذا المدعي الذي تحداهم في أبرع كمالاتهم ، وأظهر ميزاتهم ، ويسجلوا لانفسهم ظهور الغلبة وخلود الذكر ، وسمو الشرف والمكانة ، ويستريحوا بهذه المعارضة البسيطة من حروب طاحنة ، وبذل أموال ، ومفارقة أوطان ، وتحمل شدائد ومكاره .
ولكن العرب فكرت في بلاغة القرآن فأذعنت لاعجازه ، وعلمت أنها مهزومة إذا أرادت المعارضة ، فصدق منها قوم داعي الحق ، وخضعوا لدعوة القرآن ، وفازوا بشرف الاسلام
وركب آخرون جادة العناد ، فاختاروا المقابلة بالسيوف على المقاومة بالحروف ، وآثروا المبارزة بالسنان على المعارضة في البيان ، فكان هذا العجز والمقاومة أعظم حجة على أن القرآن وحي إلهي خارج عن طوق البشر .


وقد يدعي جاهل من غير المسلمين : أن العرب قد أتت بمثل القرآن وعارضته بالحجة ، وقد اختفت علينا هذه المعارضة لطول الزمان .
وجواب ذلك : أن هذه المعارضة لو كانت حاصلة لاعلنتها العرب في أنديتها ، وشهرتها في مواسمها وأسواقها . ولاخذ منه أعداء الاسلام نشيدا يوقعونه في كل مجلس ، وذكرا يرددونه في كل مناسبة ، وللقنه السلف للخلف ، وتحفظوا عليه تحفظ المدعي على حجته ، وكان ذلك أقر لعيونهم من الاحتفاظ بتاريخ السلف ، وأشعار الجاهلية التي ملات كتب التاريخ ، وجوامع الادب ، مع أنا لا نرى أثرا لهذه المعارضة ، ولا نسمع لها بذكر . على أن القرآن الكريم قد تحدى جميع البشر بذلك ، بل جميع الانس والجن ، ولم يحصر ذلك بجماعة خاصة . فقال عز من قائل : " قل لئن اجتمعت الانس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا " .

عبد اللـه
09-09-2004, 06:37 AM
القرآن معجزة خالدة :
قد عرفت أن طريق التصديق بالنبوة والايمان بها ، ينحصر بالمعجز الذي يقيمه النبي شاهدا لدعواه ، ولما كانت نبوءات الانبياء السابقين مختصة بأزمانهم وأجيالهم ، كان مقتضى الحكمة أن تكون معاجزهم مقصورة الامد ، ومحدودة ، لانها شواهد على نبوءات محدودة ، فكان البعض من أهل تلك الازمنة يشاهد تلك المعجزات فتقوم عليه الحجة ، والبعض الاخر تنقل اليه أخبارها من المشاهدين على وجه التواتر ، فتقوم عليه الحجة أيضا . أما الشريعة الخالدة ، فيجب أن تكون المعجزة التي تشهد بصدقها خالدة أيضا ، لان المعجزة إذا كانت محدودة قصيرة الامد لم يشاهدها البعيد ، وقد تنقطع أخبارها المتواترة ، فلا يمكن لهذا البعيد أن يحصل له العلم بصدق تلك النبوة ، فإذا كلفه الله بالايمان بها كان من التكليف بالممتنع ، والتكليف بالممتنع مستحيل على الله تعالى ، فلا بد للنبوة الدائمة المستمرة من معجزة دائمة .
وهكذا أنزل الله القرآن معجزة خالدة ليكون برهانا على صدق الرسالة الخالدة ، وليكون حجة على الخلف كما كان حجة على السلف .
وقد نتج لنا عما قدمناه أمران :
الاول : تفوق القرآن على جميع المعجزات التي ثبتت للانبياء السابقين ، وعلى المعجزات الاخرى التي ثبتت لنبينا محمد صلى الله عليه واله وسلم لكون القرآن باقيا خالدا ، وكون إعجازه مستمرا يسمع الاجيال ويحتج على القرون .
الثاني : إن الشرائع السابقة منتهية منقطعة ، والدليل على انتهائها هو انتهاء أمد حجتها وبرهانها ، لانقطاع زمان المعجزة التى شهدت بصدقها

عمر الفاروق 1
07-04-2010, 05:10 PM
جزاكم الله كل الخير أخى الكريم ونفعكم نفع بكم
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

maybe
07-04-2010, 05:27 PM
ما يحيرني عزيزي بالنسبة لمعجزة القرآن البلاغية مقارنة بسيطة جدا بين اليهود وموقفهم من معجزة موسى والعرب وموقفهم من معجزة الرسول

اليهود: كانوا يحترفون السحر في زمن موسى وعندما دخلوا في مواجهة مع موسى في يوم الزينة والقصة التي نعرفها جميعاً وبحكم اتقانهم لصنعة السحر وعندما تأكد لهم بما لا يدع مجالاً للشك أن ما رآوه ليس بسحر وأنه معجزة من رب العالمين (وعلى الرغم من أخلاقهم التي نعرفها وعنادهم للحق) ماذا فعلوا؟؟ ألقي السحرة ساجدين قالوا أمنا برب العالمين رب موسى وهارون

العرب: وعلى الرغم من أن القرآن هو معجزة بيانية وبلاغية وبرغم أن اللغة هي صنعة العرب وأنه كان من الواجب عليهم أمام هذه المعجزة التي أعجزتهم جميعا أن يدخلوا في دين الله أفواجاً ،، إلا أن هذا لم يحدث

ناصر التوحيد
07-04-2010, 07:20 PM
بل دخل العرب والناس في دين الله أفواجاً

بسم الله الرحمن الرحيم
إِذَا جَاء نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ (١) وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا (٢) فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا (٣).

فقد عرفت أنه دين الحق
ولذلك نرى الوفود تقصد المدينة تترى في العامين التاسع والعاشر ونرى الناس يدخلون في دين اللَّه أفواجاً، حتى إن الجيش الإسلامي الذي كان قوامه عشرة آلاف مقاتل في غزوة الفتح، إذا هو يزخرفي ثلاثين ألف مقاتل في غزوة تبوك قبل أن يمضي على فتح مكة عام كامل، ثم نرى في حجة الوداع بحراً من رجال الإسلام - مائة ألف من الناس أو مائة وأربعة وأربعون ألفاً منهم - يموج حول رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بالتلبية والتكبير والتسبيح والتحميد تدوي له الآفاق، وترتج له الأرجاء.

maybe
07-04-2010, 07:38 PM
بل دخل العرب والناس في دين الله أفواجاً

بسم الله الرحمن الرحيم
إِذَا جَاء نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ (١) وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا (٢) فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا (٣).

فقد عرفت أنه دين الحق
ولذلك نرى الوفود تقصد المدينة تترى في العامين التاسع والعاشر ونرى الناس يدخلون في دين اللَّه أفواجاً، حتى إن الجيش الإسلامي الذي كان قوامه عشرة آلاف مقاتل في غزوة الفتح، إذا هو يزخرفي ثلاثين ألف مقاتل في غزوة تبوك قبل أن يمضي على فتح مكة عام كامل، ثم نرى في حجة الوداع بحراً من رجال الإسلام - مائة ألف من الناس أو مائة وأربعة وأربعون ألفاً منهم - يموج حول رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بالتلبية والتكبير والتسبيح والتحميد تدوي له الآفاق، وترتج له الأرجاء.

يا سيدي الفاضل أنا لا أتحدث عن دخول المسلمين أفواجاً بعد فتح مكة وبعد أن أصبح موالاة الكيان الإسلامي أمر براغماتي لابد منه

ما أتحدث عنه الآن ولنكن أكثر تحديداً هو الفترة المكية
ثلاثة عشر عاما
ثلاثة عشر عاما في مكة
ثلاثة عشر عاما ومعه (كما تقول) معجزة ألجمت العقول والألسن ،، معجزة لا يمكن لسامعها العربي إلا أن يقر بأنها ليست قول بشر وأنها إلهية
السحرة اليهود الذين لا خلاق لهم عندما رأوا المعجزة التي لم يشكوا في كونها إلهية ألقوا ساجدين مؤمنين برب العالمين رب موسى وهارون (لم يقدروا أن يقاموا أو يعاندوا لأنهم أهل سحر ويعرفون الفرق بين السحر والمعجزة)
تماماً مثلما يعرف العرب أصحاب اللغة وأصحاب البلاغة الفرق بين ما هو بشري وما هو إلهي
ثلاثة عشر عاماً في مكة ،، هل يمكن أن تخبرني كم أسلم في هذه المدة؟؟

ناصر التوحيد
07-04-2010, 08:14 PM
يا سيدي الفاضل أنا لا أتحدث عن دخول المسلمين أفواجاً بعد فتح مكة وبعد أن أصبح موالاة الكيان الإسلامي أمر براغماتي لابد منه

ما أتحدث عنه الآن ولنكن أكثر تحديداً هو الفترة المكية
ثلاثة عشر عاما
ثلاثة عشر عاما في مكة
ثلاثة عشر عاما ومعه (كما تقول) معجزة ألجمت العقول والألسن ،، معجزة لا يمكن لسامعها العربي إلا أن يقر بأنها ليست قول بشر وأنها إلهية
السحرة اليهود الذين لا خلاق لهم عندما رأوا المعجزة التي لم يشكوا في كونها إلهية ألقوا ساجدين مؤمنين برب العالمين رب موسى وهارون (لم يقدروا أن يقاموا أو يعاندوا لأنهم أهل سحر ويعرفون الفرق بين السحر والمعجزة)
تماماً مثلما يعرف العرب أصحاب اللغة وأصحاب البلاغة الفرق بين ما هو بشري وما هو إلهي
ثلاثة عشر عاماً في مكة ،، هل يمكن أن تخبرني كم أسلم في هذه المدة؟؟

للاسف الشديد كلامك هذا فيه الكثير من الجهل والادعاءات

فالدعوة الاسلامية مرت بثلاث فترات وكلها فترات متتابعة ومتلاحقة وكل واحدة منها لها منهجها وطرحها وهدفها

وسحرة فرعون لم يكونوا يهودا بل من سحرة الفراعنة المصريين
وَقَالُوا بِعِزَّةِ فِرْعَوْنَ إِنَّا لَنَحْنُ الْغَالِبُونَ }الشعراء44
حتي أدركوا انهم ليسوا امام ساحر.. وان مارأوه من موسي عليه السلام لايدخل في باب السحر.. إنما هو معجزة من رب العالمين
فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سُجَّدًا قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ هَارُونَ وَمُوسَى
فالإيمان إذن لايحتاج الي إذن من أحد
طبعاً من المعلوم أن قوم موسى قبل بعثته بالرسالة لم يكونوا من سكان مصر الأصليين , لماذا ؟ لأن أصلهم من قوم يوسف عليه السلام و ذرية يعقوب الذين أتوا مصر على يد يوسف عليه السلام


هل يمكن أن تخبرني كم أسلم في هذه المدة؟؟
يهمنا العدد ..لكن تهمنا النوعية اكثر في البداية بل وفي النهاية والنتيجة

أوائل من اسلموا في الفترة المكية السرية كانوا من اشراف القوم بالاضافة الى بعض العبيد
وفي فترة الدعوة الجهرية ومع تنامى قوة المسلمين بدأت قريش فى المساومة والمفاوضة مع النبى صلى الله عليه وسلم
وباءت هذه المفاوضات بالفشل لرفض رسول الله صلى الله عليه وسلم عروضهم له
ففرضوا الحصار على المسلمين والذي دام 3 سنوات وكانت سنوات مؤلمة مجهدة شديدة لم تزد المسلمين الا ايمانا وتمسكا وقوة وصلابة
وفي الفترة المكية تم إسلام مجموعة من الجن

واليك هنا هذه السلسلة عن المرحلة المكية فى سيرة النبي صلى الله عليه وسلم للدكتور راغب السرجاني
http://www.islamway.com/?iw_s=Scholar&iw_a=series&series_id=2021
هؤلاء أجدادي فأتني بمثلهم

maybe
07-04-2010, 08:21 PM
للاسف الشديد كلامك هذا فيه الكثير من الجهل والادعاءات

وسحرة فرعون لم يكونوا يهودا بل من سحرة الفراعنة المصريين
وَقَالُوا بِعِزَّةِ فِرْعَوْنَ إِنَّا لَنَحْنُ الْغَالِبُونَ }الشعراء44
حتي أدركوا انهم ليسوا امام ساحر.. وان مارأوه من موسي عليه السلام لايدخل في باب السحر.. إنما هو معجزة من رب العالمين
فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سُجَّدًا قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ هَارُونَ وَمُوسَى


وأنا لم أقصد إلا هذا سيدي الفاضل ،، وسأستعير عبارتك:
حتى أدركوا (سحرة فرعون) أنهم ليسوا أمام ساحر .. وأن ما رأوه من موسى عليه السلام لا يدخل في باب السحر .. إنما هو معجزة من رب العالمين
فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سُجَّدًا قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ هَارُونَ وَمُوسَى

بتطبيق هذه الجملة على معجزة القرآن كان يجب أن تكون كالآتي:

بمجرد سماعهم (العرب) للقرآن أدركوا أنهم ليسوا أمام كلام بشري ،، وأن ما سمعوه من محمد عليه السلام لا يدخل في باب الشعر أو النثر ،، إنما هو معجزة من رب العالمين
فألقي العرب ساجدين قالوا آمنا برب العالمين

ولم يتخلف عن الإسلام في البداية إلا من كان غير ملماً باللغة العربية وبالتالي لم يدرك أثر هذه المعجزة

ناصر التوحيد
07-04-2010, 08:35 PM
هناك مصارف تجعل البعض يحيد عن الحق ويظل يتبع الباطل والضلال رغم كثرة الايات والدلائل على الحق

اسمع وعٍ ما يلي :

فَمَا لَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ
وَإِذَا قُرِئَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنُ لا يَسْجُدُونَ
بَلِ الَّذِينَ كَفَرُواْ يُكَذِّبُونَ
وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُوعُونَ



اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانشَقَّ الْقَمَرُ
وَإِن يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُّسْتَمِرٌّ
وَكَذَّبُوا وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءهُمْ وَكُلُّ أَمْرٍ مُّسْتَقِرٌّ
وَلَقَدْ جَاءهُم مِّنَ الْأَنبَاء مَا فِيهِ مُزْدَجَرٌ
حِكْمَةٌ بَالِغَةٌ فَمَا تُغْنِ النُّذُرُ
فَتَوَلَّ عَنْهُمْ يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِ إِلَى شَيْءٍ نُّكُرٍ


أَفَكُلَّمَا جَآءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لاَ تَهْوَىٰ أَنْفُسُكُمْ ٱسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقاً كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقاً تَقْتُلُونَ

maybe
07-04-2010, 08:47 PM
هناك مصارف تجعل البعض يحيد عن الحق ويظل يتبع الباطل والضلال رغم كثرة الايات والدلائل على الحق



أؤيدك في أن البعض يحيد عن الحق ويظل يتبع الباطل والضلال خصوصا في الحالات الطبيعية التي لا يوجد فيها معجزات

وحتى في الحالات التي يوجد معجزات سيظل هناك من يحيد عن الحق ويتبع الباطل لكنهم سيكونون أقل بالتأكيد

نحن إذن أمام معجزة إلهية ،، وفي ماذا؟؟ في مجال العرب الذي يحترفونه (اللغة والبلاغة) معجزة معها يسجد ويركع العربي (مهما كان باطله ومهما كان جبروته)
بالتأكيد وأنا لا أنكر سيظل هناك من يتبع هواه ويرفض الإقرار بها
عشرة عشرين ،، مائة ،، ألف

ثلاث عشرة سنة في مكة بهذه المعجزة البلاغية الإلهية؟؟ ترى كم أسلم لهذه المعجزة من قريش

نصفهم
ثلثهم
ربعهم
خمسهم

ثلاث عشرة سنة ولم يسلم من قريش إلا بضع عشرات ،، ثلاث عشرة سنة وقريش كلها ترفض ان ترى هذه المعجزة
قريش كلها

أحمد زكي
07-04-2010, 08:58 PM
في قصة موسى عليه السلا م الذي تستدل بها ،
كم كان عدد السحرة إلى عدد فرعون و أعوانه و قومه الذين استخفوا و أطاعوه ؟! و كل هذا بعد ان جاءتهم تسع آيات بينات !!
ثم هل كانت معجزة القرآن اكتملت في مكة ؟

maybe
07-04-2010, 09:02 PM
في قصة موسى عليه السلا م الذي تستدل بها ،
كم كان عدد السحرة إلى عدد فرعون و أعوانه و قومه الذين استخفوا و أطاعوه ؟! و كل هذا بعد ان جاءتهم تسع آيات بينات !!
ثم هل كانت معجزة القرآن اكتملت في مكة ؟

عدد السحرة كان بالتأكيد قليلا إلى عدد فرعون وأعوانه ولكنهم كانوا هم الأدرى بهذه المعجزة وحقيقتها هم من أدركوا أنها معجزة وليست سحرا

هل معجزة القرآن فيه جملة واحدة؟؟ أم كفى بسورة منه إعجازاً بلاغياً تذهل له العقول والقلوب والأفئدة؟؟

ناصر التوحيد
07-04-2010, 09:13 PM
يا maybe
قبل ان تستلوح اكثر مما انت عليه من استلواح ..أجب على سؤال الاخ :

في قصة موسى عليه السلا م الذي تستدل بها ،
كم كان عدد السحرة إلى عدد فرعون و أعوانه و قومه الذين استخفوا و أطاعوه ؟! و كل هذا بعد ان جاءتهم تسع آيات بينات !! ؟

وسؤال اخر لك من عندي
نعرف ان فرعون جمع سحرته وجمع معهم الناس
فلماذا لم يؤمن باقي الناس عندما راوا ايمان السحرة او عندما روا ان ما مع موسى عليه السلام هو معجزة واقوى من السحر لانهم أدركوا - او غالبيتهم- أنها معجزة وليست سحرا ..
ام انهم خافوا من الايمان او اعلانه لما سمعوا فرعون يهدد السحرة المؤمنين حين قال لهم :
لأقطعن أيديكم وأرجلكم من خلاف ثم لأصلبنكم أجمعين

maybe
07-05-2010, 02:36 AM
يا maybe
قبل ان تستلوح اكثر مما انت عليه من استلواح ..أجب على سؤال الاخ :


وسؤال اخر لك من عندي
نعرف ان فرعون جمع سحرته وجمع معهم الناس
فلماذا لم يؤمن باقي الناس عندما راوا ايمان السحرة او عندما روا ان ما مع موسى عليه السلام هو معجزة واقوى من السحر لانهم أدركوا - او غالبيتهم- أنها معجزة وليست سحرا ..
ام انهم خافوا من الايمان او اعلانه لما سمعوا فرعون يهدد السحرة المؤمنين حين قال لهم :
لأقطعن أيديكم وأرجلكم من خلاف ثم لأصلبنكم أجمعين

قبل أن أستلوح ويذهب بي الاستلواح مبلغه
أقول أن إجابتي في المداخلة السابقة
تحياتي

متروي
07-05-2010, 02:44 AM
هل يمكن أن تخبرني كم أسلم في هذه المدة؟؟

عدد الذين شهدوا فتح مكة مع النبي صلى الله عليه و سلم من المقاتلين فقط عشرة الاف مسلم

ناصر التوحيد
07-05-2010, 03:28 AM
لا يهم العدد ولا الكمية بل المهم هو النوعية والوصفية
فليس العبرة بالعدد
وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يُؤْمِنُونَ


ورغم أن الفصحاء والبلغاء من العرب العرباء كثيرون كثرة رمال الصحراء بالدراسة والتعلم والسليقة , فليس كل العرب والاعراب فصحاء وبلغاء بنفس الدرجة والقدر حتى يدركوا جميعهم جميع صور ووجوه وتعابير البلاغة القرانية على النحو الذي يدركها كل بلغاء العرب وفصحائهم ...من القبائل التي اختصت بالفصاحة والبلاغة مثل قريش وبني أسد وقبائل السراة ، ومع ذلك فقد علموا بذلك القدر المتوفر لهم كلهم او جلهم او بعضهم أن القرآن ليس كلام البشر، وأن هذا الأمر عند كل البلغاء والفصحاء خارج عن القدرة البشرية. ...كونه في الدرجة العالية من البلاغة , فإنه مع طوله فصيح كله، بحيث يعجز الخلق عنه.

بل ولم يسمعه كل بلغاء العرب وفصحائهم
فان لسماع القرآن سحر للقلوب وسلطان عليها، ولذة لا تقاوم

وقد جاء حكيم العرب -كما وصفوه- يساوم النبي صلى الله عليه وسلم؛ مقلبًا له الأمور على كل وجوه الاسترضاء التي يقبلها البشر. وهنا يقول له النبي صلى الله عليه وسلم: "أفرغت أبا الوليد"، يقول نعم فيقول له: "فاسمع مني"، ثم تلا عليه سورة فصلت حتى وصل إلى قوله تعالى: "فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ" (فصلت: 13).

فوضع يده على فم النبي صلى الله عليه وسلم وناشده الله والرحم ألا يكمل. وعاد لقومه بوجه غير الذي ذهب به. ولما سئل قال: "سمعت منه كلامًا ليس من كلام الجن ولا من كلام الإنس، والله إن له لحلاوة، وإن عليه لطلاوة، وإن أعلاه لمثمر، وان أسفله لمغدق، وإنه يعلو ولا يُعلى عليه".

ومع ذلك كان كفار قريش يمنعون العرب والاعراب من سماع القران الكريم وقالوا لهم لا تسمعوا لهذا القرآن وألغوا فيه لعلكم تغلبون... وذلك صدا عن التأثر بالقرآن وخوفا من الايمان به وبرسول الله (ص) بعد سماعه ... لأنه مشتمل على جميع فنون البلاغة من ضروب التأكيد وأنواع التشبيه والتمثيل، وأصناف الاستعارة وحسن المطالع والمقاطع، وحسن الفواصل، والتقديم والتأخير والفصل والوصل اللائق بالمقام، وخلوه عن اللفظ الركيك والشاذ الخارج عن القياس النافر عن الاستعمال، وغير ذلك من أنواع البلاغات. ولا يقدر أحد من البلغاء والكملاء من العرب العرباء إلا على نوع أو نوعين من الأنواع المذكورة، ولو رام غيره في كلامه لم يتأت له، وكان مقصراً.... مع اشتماله على دقائق البيان وحقائق العرفان، وحسن العبارة، ولطف الإشارة، وسلامة التركيب، وسلامة الترتيب، فتحيرت فيه عقول العرب العرباء، وفهوم الفصحاء. والحكمة في هذه المخالفة أن لا يبقى لمتعسف عنيد مظنة السرقة، ويمتاز هذا الكلام عن كلامهم ويظهر تفوقه
فالقرآن في الدرجة العالية من البلاغة الخارجة عن العادة، يعرفه فصحاء العرب بسليقتهم، وعلماء الفرق بمهارتهم في فن البيان وإحاطتهم بأساليب الكلام، ومن كان أعرف بلغة العرب وفنون بلاغتها كان أعرف بإعجاز القرآن.


مظاهر تأثر الناس بالقرآن الكريم
إن القرآن الكريم له أثره العظيم في حياة الناس سواءً كانوا من أوليائه أو من أعدائه وقد ثبت ذلك في تصرفات الناس كافة بعد نزول القرآن الكريم ويمكن أن نجمل مظاهر تأثير القرآن الكريم في حياة الناس فيما يلي :

أولا : مظاهر تأثير القرآن الكريم في أعدائه
المظهر الأول :
أن هؤلاء المشركين مع حربهم له ، ونفورهم مما جاء به كانوا يخرجون في جنح الليل البهيم يستمعون إليه والمسلمون يرتلونه في بيوتهم فهل ذاك إلا لأنه استولى على مشاعرهم ، ولكن أبى عليهم عنادهم وكبرهم وكراهتهم للحق أن يؤمنوا به ** بل جاءهم بالحق وأكثرهم للحق كارهون } .
المظهر الثاني :
أن أئمة الكفر منهم كانوا يجتهدون في صد رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قراءته في المسجد الحرام وفي مجامع العرب وأسواقهم ، وكذلك كانوا يمنعون المسلمين من إظهاره حتى لقد هالهم من أبي بكر أن يصلي به في فناء داره، وذلك لأن الأولاد والنساء كانوا يجتمعون عليه يستمتعون بلذة هذا الحديث ويتأثرون به ويهتزون له .
المظهر الثالث :
أنهم ذعروا ذعرا شديدا من قوة تأثيره ونفوذه إلى النفوس على رغم صدهم عنه واضطهادهم لمن أذعن له ، فتواصوا على ألا يسمعوه ، وتعاقدوا على أن يلغوا فيه إذا سمعوه ، ** وقال الذين كفروا لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه لعلكم تغلبون } .
المظهر الرابع :
أن بعض شجعانهم وصنايهم كان الواحد منهم يحمله طغيانه وكفره وتحمسه لموروثه ، على أن يخرج من بيته شاهرا سيفه معلنا غدره ناويا القضاء على دعوة القرآن ومن جاء بالقرآن ، فلم يلبث حين تدركه لمحة من لمحات العناية وينصت إلى صوت القرآن في سورة أو آية أن يذل للحق ويخشع ويؤمن بالله ورسوله وكتابه ويخضع . وإن أرت شاهدا على هذا فاستعرض قصة إسلام عمر بن الخطاب وهي مشهورة . وانظر كيف أسلم سعد بن معاذ سيد قبيلة الأوس هو وابن أخيه أسيد بن حضير رضي الله عنهم أجمعين .