المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : من أوروبا المحطة .. لاعب البيانو



د. هشام عزمي
07-15-2012, 06:35 PM
من أوروبا المحطة .. لاعب البيانو
د. دسوقي أحمد

(1)
رحلة في العقل الأوروبي
مشغول أنا دائما بذلك السؤال الوجودي الملح .. لماذا يدعم هؤلاء الأوروبيون الكيان اللقيط المسمي (إسرائيل) ؟
هؤلاء- الأوروبيون أعني - ليسوا قتلة .. قطعا ليسوا قتلة .. لكنهم بدعمهم لذلك الكيان فانهم يدعمون ليس مجرد قتلة بل عصابات ارهابية منظمة تغتصب الارض وتقتل الشعوب وتهدد السلام العالمي
وفي ظل البحث عن إجابة لهذا السؤال كان لابد من محاولة الولوج إلي تلافيف العقل الأوروبي ومكوناته
حسنا نحن الان داخله .. هذه الكومة هناك لاتلزمني انها كحوليات وخمور .. اتفهم ثقافتهم ولا ارتضيها .. هذه الللفافة هناك .. امممم .. حسنا لاتلزمني ايضا انها عن حقوق المجموعات (المتميزة) مثل الشواذ والمعاقين والاقليات ... لدي أخري مماثلة لهذه النقطة أفضل ترتيبا ومغايرة لهذا النسق
هذا (العقل الأوروبي) مليء بالكثير مما لاأرغب في التعرف عليه .. هذه ذكريات أول صديقة ..هذه ذكريات حفلة ماجنة ... هذه .... أوه يكفي
لماذا لا أبحث عن الجزء الموضوعي ؟ أين المكتبة ؟
هناك ضوء في الجانب المقابل .. إنها فعلا المكتبة
مكتبة (العقل الأوروبي) مليئة للغاية
الاوروبيون خاصة (غرب أوروبا) يقرؤون كثيرا جدا جدا جدا ، يقرؤن في كل مكان ، في المواصلات ،في البيوت ، بل وفي المطاعم والشوارع وهو امر لايحتاج كثير عناء لملاحظته ولايقتصر علي مرحلة عمرية محددةويكفي ان تنظر الي اي من اماكن انتظار الاتوبيسات لتري كل شخص تقريبا يمسك كتابا وينغمس في قراءته ولازلت اذكر يوم دلفت الي احد محطات القطار الواحدة صباحا وهو وقت يندر ان تجد فيه احدا في المانيا كلها بله ان تجد ثلاثة مراهقين ولد وبنتان ينتظرون شيئا ما وقد امسك كل منهم بكتاب وانهمك في قراءته
حسنا المكتبة - كما توقعت - في غاية الروعة والترتيب ومليئة بالكتب .. للاسف لايوجد كتاب عربي واحد ولافيلم أو مسرحية أو مقطوعة موسيقية ... مع كثرة ماتمتليء به المكتبة من كتب مختلفة الثقافة
هاهنا المكتبة السينمائية كذلك غزيرة .. دعنا نتصفحها
(انقاذ الجندي رايان) رائعة ستيفن سبيلبرج التي نالت الاوسكار وتتحدث عن انقاذ جندي (يهودي) بعد ان قضي اخوانه الثلاثة في الحرب مستبسلين في الدفاع عن بلادهم ضد (النازية العنصرية)
(الحياة جميلة) هذه رائعة أخري لـ(روبرتو بينيتشي) تتحدث عن أب (يهودي) وعائلة إيطالية جميلة تحكمها فلسفة جمال الحياة رغم كل الصعاب .. تواجه بابتسامة صافية وروح مشرقة معاناة معسكرات الاعتقال التي نظمتها لهم الفاشية الايطالية
(قائمة شندلر) رائعة أخري لـ(ستيفن سبيلبرج) تتحدث أيضا عن معاناة (اليهود) في معسكرات الاعتقال
فيلم (القاريء) لـ(كيت وينسيلت) هذا ياعزيزي فيلم يتحدث عن شخص ما كان - فقط - يقرأ لامرأة اكتشف فيما بعد أنها كانت تعمل (سجانة) في أحد معسكرات الاعتقال
ماهذا الفيلم ؟ (عازف البيانو) .. حسنا فلأشاهده .. فقد حصل - كما أغلب السابق - علي 3 جوائز اوسكار
انه علي أقل تقدير (رائعة) من روائع رومان بولانسكي, وهو بطولة الاوسكاري ادريان برودي
القصة تدور حول بولندي يهودي, و عازف بيانو موهوب, يشهد تدمير عاصمة بولندا على يد النازيين, و ترحيل عائلته الى مخيمات الأسر, المدينة تم تحويلها الى المخيم المشهور "وارساو غيثو" الذي وضع فيه أكثر من 400 ألف يهودي "حسب قولهم", البولندي يتمكن من الهرب و الاستمرار في العيش في أنقاذ المدينة المدمرة
الفيلم مصنوع بحرفية شديدة .. أدريان برودي الذي قام بدور العازف اليهودي ممثل متقن للغاية .. الفيلم يصور معاناة اليهود بحرفية تستجلب الدمع من عينك وفي حال مااذا كنت لم تقرا شيئا مغايرا فاعتقد انك سوف تتعاطف مع هؤلاء (اليهود المساكين) حتي يحصلوا علي حقوقهم كاملةحتي لوكان حقا مزعوما لهيكل مزعوم فوق ارض لايملكونها ودولة يعتزمون بنائها من جديد
مكتبة العقل الاوروبي مليئة بكل ماهو إنساني ويهودي في نفس الوقت .. ولاتتحدث باي حال من الاحوال عن فلسطين ولا بشكل مباشر عن اسرائيل وانما تصور التاريخ اليهودي الاوروبي علي انه مثال للمساكين الودعاء الذين مورس ضدهم كل تمييز وعنصرية فيما كانوا هم مسالمين يقتلون دون ان ينبسوا ببنت شفة
مشهد الطفل اليهودي الذي يحشر في نفق صغير أسفل سور المخيم البولندي الشهير الذي تم حشر اليهود البولنديين فيه .. مشهد الطفل الذي يجاهد للعبور وهو يحمل كسرة خبز حصل عليها سرا من سوق المدينة فيما يحتجز احدهم نصفه الاخر خارج النفق ويضربه بكل عنف وهو يصرخ (يهود ملاعين) , يجاهد بطل الفيلم لجذب الطفل وينجح بالفعل بعد ان تكون روح الطفل قد فاضت ... أنا ياسادة مسلم عربي مصري يتوق الي تحرير فلسطين ويعلم كثيرا عن صناعات الكذب والتهويل الاعلامية لكنني بكيت
مشهد الام التي فقدت عقلها وظلت تصرخ وتكرر (لماذا فعلت هذا) في مشهد ماساوي لانها كتمت انفاس رضيعها الصغير خوفا من ان يكتشف رجال الشرطة بكائه فيقبضون عليهم ... حسنا مات الطفل وقبض عليهم وسيرحلوا الي معسكرات الغاز .. حسنا انا بكيت مرة أخري
مشهد الشيخ الهرم اليهودي الذي يحاول ان يختطف من عجوز يهودية طبقا من الطعام .. فتحاول الامساك بطبقها وهي تسبه وتصرخ انها جائعة فيما يصرخ هو انه جائع .. ويستمر العراك حتي يقع الطعام في الوحل .. هذا مشهد اليم فعلا ياسادة .. لكنك تبكي حين يجثم الرجل علي بطنه في الطين وهو يلعق الطعام المختلط يالطين من شدة الجوع فيما تواصل العجوز البكاء علي طعامها الذي فقدته
مشهد عازف البيانو الذي يختبيء دون طعام او شراب او غطاء في احد شقق العاصمة البولندية ويصاف بالصفراء والرعشة من جراءالحمي ويهرع لزيارته امرأة وزوجها من رجال المقاومة البولندية التحررية ضد النازيين ليبكوا علي حاله
حسنا كل من يتعاطف مع هذا العازف هو شريف بولندي مقاوم للفاشية ... حتي الضابط الالماني الذي لايقتله ويستمع الي عزفه غير راض عن سياسات جيشه .. هذا اليهودي ظلم كثيرا حتي بعد ان دخلت قوات الحلفاء وخرج اليهم مرحبا .. نسي أنه يتدثر برداء الماني فظنه الجنود ألمانيا واطلقوا نحوه النار حتي كاد يلقي حتفه ... وهو يصيح انا بولندي انا بولندي .. مسكين هذا اليهودي .. ظلمه القريب والغريب
هذه ياعزيزي هي الروائع الانسانية المكونة للعقل الاوروبي .. نعم هي روائع تتجاهل التاريخ الدموي لليهود في فلسطين وتتناسي قبله تاريخا ملطخا بالدسائس والمؤامرات .. لكنها تتجاوز ذلك كله وتنجح في ربط كل ماهو انساني ومن مباديء الحضارة الحديثة باليهود والظلم الذي وقع عليهم
هذه (الوسائل المعرفية) ترسخ (حدودا حقوقية) جديدة حتي تصل الي درجة قانون يعاقب من ينكر مذابح اليهود كما هو الحال في فرنسا العلمانية التي لاتعاقب من يتهجم علي (الله) أو حتي المقدسات اللاهوتية
هذه الوسائل المعرفية التي دائما ماتبرز شجاعة (أهل ستاليننجراد) في معركتهم الخالدة ضد النازية من بيت الي بيت ومن زقاق الي زقاق لكنك ياعزيزي المصري لم تر عملا واحدا يخلد معركة مماثلة حدثت في أرض بورسعيد والسويس
تستطيع أن تشاهد الكثير من الروائع العالمية عن (حصار وارسو) وعن (المقاومين الفرنسيين الذين يتخذون من أنفاقها التي أصيحت شهيرة فيما بعد مركزا وملاذا) لكنك لن تري واحدا من (ولاد الوسخة) الذين يصدعوننا في الاعلام ليل نهار مدافعين عن (حرية الابداع) و (حرية الفكر) .. لن تجد لواحد منهم عملا فنيا محترما عن (حصار الفلوجة) أو عن (بطولات مجاهدي الانبار) أو حتي تبريرا لما قام به أهل أفغانستان من جهاد عظيم وبطولي ضد الامريكان الملاعين
حسنا لدينا ايضا بطولات (قلعة جهانجي) في أفغانستان ومذبحة للافغان العرب .. أبطال الجهاد المقاومين للامبريالية الامريكية .. لكن ليس لدينا سبيلبيرج وبولانسكي .. وانما خالد يوسف يواصل بمهارة تشكيل العقل المصري بمكتبته السينمائية (للكبار فقط)
هذه واحدة ياسادة ... عن تشكيل الوعي في زمن السينما

(2)
معركة شارع (محمد محمود)
هذ المرة .. كنت هناك ... وسط الميدان .. معركة (محمدمحمود) الخالدة
وكان هناك الآلاف بل مئات الالاف من شعب مصر ... لم أر واحدا ممن يتاجرون بدماء الضحايا علي شاشات الفضائيات
حتي (البوب) الذي شقت تغريداته سماء تويتر وصاحت بصوت هادر :
عنف مفرط و أسلوب همجى. إنقاذ مصر واجب وطنى لا يحتمل التأخير
ياللروعة .. هذا هدف يستحق أن يعلق عليه عصام الشوال !!!! ساخصيا !!!
معركة محمد محمود كانت ملحمة وطنية بامتياز .. ملحمة لاولاد البلد وليست لراهب فيينا القابع علي الايباد .. رايت هناك ابطال يركبون الموتوسيكلات الصيني ويخوضون وسط الغاز والخرطوش لينقذوا المصابين ... السلفيون مثلوا مالايقل عن نصف هؤلاء المسعفين الابطال ... الشباب السلفي ملأ الميدان من مختلف الاتجاهات السلفية ... شباب الاخوان .. الذين كان تذبح جماعتهم ويشهر بهم (سواء بحق أو بباطل) علي الفضائيات من مجموعات من المتاجرين الذين يعف لساني عن وصفهم بالـ(معرصين) .. كان شباب الاخوان يملئون المستشفي الميداني ويساهمون في اسعاف المصابين
شاب (حازمون) و (الجبهة السلفية) و(حزب النور) و (الدعوة السلفية بمدينة العبور) كانوا يملئون الميادين .. يسعفون الجرحي او يدخلون حتي جبهة القتال او يصنعون دروعا بشرية كمحاولة لمنع الاقتتال الدائر
كان الشباب السلفي يملأ الميدان ملتحما بالجماعة الوطنية .. وقد كتبت بيان حزب النور عن الاحداث ونحن وسط الميدان علي حاسبي الخاص بوجود نادر بكار ومحمد نور المتحدثين باسم حزب النور وبتوجيه من المهندس جلال مرة الأمين العام وفي وجود الدكتور عماد عبدالغفور .. ثم رجعت الي شقة الظاهر لاجد الاخبار تهتف بان السلفيون باعوا الثورة والميدان
يومها احتد أمين حزب النور بالقاهرة وهو شاب ثلاثيني علي بعض المتحدثين عن تهدئة ممكنة للاوضاع ولقاء مع المجلس العسكري .. ويومها ساهم الشباب في رفض اي تسوية سياسية لايتم اعلانها او التوافق الوطني عليها
في نفس ذات الوقت خرجت مبادرة من مجموعات شبابية أخري تنادي بالبرادعي رئيسا للوزراء وبابوالفتوح نائبا له وتم الاجتماع في بيت الدكتور ابوالفتوح .. ووافق البرادعي ... ثم جاءت الاخبار بعدها أن (راهب فيينا القابع علي الآيباد) يرفض أن يكون رئيسا للوزراء إلا بتوافق وطني تام !!!
والحقيقة - كما عرفتها فيما بعد - أن تهديد المجلس العسكري للرجلين البرادعي وأبوالفتوح بأن إعلان واحد منهم نفسه رئيسا للوزراء من طرف واحد هو (سلوك عدائي يستوجب توجيه تهمة الخيانة العظمي ومحاولة قلب نظام الحكم) إلا أن (المتطهر الصوفي من أرجاس السياسة) (المنادي بالشفافية) أرجع ذلك إلي توافق وطني لم يتوقف عنده في البداية ولو للحظة
واستقر في (الوعي الاعلامي) أن السلفيون باعوا الناس في محمد محمود وأن الاخوان (ركبوا الثورة) وحتي حينما خاض بعضهم المعارك الانتخابية وهي الوسيلة الديموقراطية المتوافق عليها .. شكك (البوب) في شرعية البرلمان ثم تنادي وتحسر علي السلوك الانتقالي السييء وحتي حينما فاز رئيس الجمهورية فانه ينادي بنفس الفكرة التي تنادي بها المستشارة زكية زكريا بأن يكون الرئيس مؤقتا لمدة سنة !!!!!
إن البلاد التي يحظي فيها (البوب) (راهب فيينا القابع علي الايباد) بتغطية إعلامية واسعة فيما يتنادي كتاب المجلس العسكري بانتقاد الرئيس الشرعي للجمهورية وانتقاد (مصاريف العمرة) التي أداها علي هامش زيارته لأرض الحجاز .. هذه بلاد لديها أزمة في (الوعي) وأزمة في (المعرفة)
تخوض الثورة معارك التحرر ويسقط الشهداء .. ويرتفع نجم (البوب) في سماء الاعلام المصري وهو مازال يقبع في فيينا
وتخوض الثورة معاركها الديموقراطية وتتكون مؤسسات منتخبة يجهد (البوب) حتي يساهم في تشويهها واسقاطها ويرتفع نجمه في سماء الاعلام المصري (المعرص)
ثم يصور (البوب) علي انه المخلص والمهدي المنتظر ومينا موحد القطرين فيما ليس للرجل اي شرعية تنفيذية او انتخابية اللهم الا بعضا من الدراويش والعبيد وأصحاب المصالح وقليل من المخلصين
لماذا إذا تلوي الحقائق ؟
لماذا تختفي حقيقة أن السلفيين كانوا أبطالا في معركة محمد محمود بل وتوجه اليهم تهم التخاذل ؟


(3)
مابين معركة (وارسو) التي لم تكن لليهود وحدهم .. ومعركة (محمد محمود) التي لم يتخاذل فيها السلفيون
مابين (صناعة التعاطف) و (تسويق القضية اليهودية) و (زرع) وجوب دعم اليهود في العقل الاوروبي,
و تشويه السلفيين والحركات الاسلامية في مقابل تلميع نجم (البوب العلماني)
هناك دائما (عازف بيانو ماهر) ومخرج مبدع مثل رامون بولانسكي
نفتقده نحن معاشر السلفيون

علي الادربسي
07-16-2012, 12:16 AM
السلام عليكم و رحمة الله تعالى و بركاته
ما شاء الله أستادي هشام موضوع تعبيري يوصل الأطروحة بكل سلاسة .
الإعلام مند االبداية يحمل حربا نفسية أو ما يسمى عند بعض الكتاب الغربيين La Guerre Psychologique هي طبعا حرب تستهدف الأجيال القادمة من الغربيين أو حتى أبنائنا المسلمين فالغريب و النتيجة البعض اليوم من أبناء جلدتنا ينادي بالصلح و التوافق و بناء دولة اسرائيلية /فلسطينية نعم فما خلفه هتلر (و لو كان فيه تضخيم كبير جدا لأن الهولوكوست لا وجود له إلى في عقول اليهود ) أصبح مبررا لكل ما تفعله اسرائيل و من خالف يعاقب تحت مسمى معادات السامية و منهم الراحل روجيه جارودي اللدي أعطى دلائل قوية على استحالة وصول عدد المحرقة إلى 10 مليون ضحية كما يدعون . و عجبا كيف أنه أرتبط لإسم السامية باليهود حتى نسينا أن العرب أيضا من السامية .
و في الجهة المقابلة تجد حربا أخرى و هده المرة على المسلم هدفها جعله مسخ غربي بدون هوية إدن ما الحل ؟ طبعا تشويه اللإسلام و المنهج السلفي و لا يخلو هد الجانب من الغرابة حيت أن البعض و اللع العظيم أستادي أصبح يعتقد أن السلفية و الوهابية بكترة ما يسمعها و يسمع عنه بأقبح الألفاظ يعتقد أنها مداهب كالمالكي و الحنبلي و الشافعي و الحنفي . و لاحول ولاقوة إلا بالله . فبيدهم الإعلام و التصدي لهم يصبح من الصعب إلا الأصعب .