المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : حميدة قطب: رحلة في أحراش الليل



هشام بن الزبير
07-17-2012, 11:26 AM
كتبت الأخت الفاضلة الداعية حميدة قطب تجربتها في سجون طاغوت مصر
في قالب قصصي وأسمتها (رحلة في أحراش الليل)
وأهدتها لأخيها الشهيد بإذن الله سيد قطب,
فرحمهما الله وألحقنا بهما صالحين موحدين:

« أخي الحبيب… سيّد
إليك في عالمك العلوي الذي اصطفاك الله له ، بفضله سبحانه… أهدي هذه المجموعة القصصية الأولى ،
تحكي قصة معاناة عشناها معاً ؛ والفضل فيها - بعد الله سبحانه - راجع إليك…
فأنا وما أنتج ما حييت - بفضل من الله - إنتاج من إنتاجك… »

« لم يكن في نيتي طوال السنوات التي انطوت منذ انتهاء مرحلة من مراحل عهد القهر الكبير الذي ابتلي به
المسلمون تُعد قمة من قممه الرهيبة ؛ ثم خروج من تَبَقّى في سجونه إلى عالم الأحياء ؛
لم يكن في نيتي أن أحكي شيئاً مما دار هناك في المجزرة ، فقد أحببت من كل قلبي أن أحتفظ بها لي ،
ولنا عند الذي يقدر الأقدار ، ويزنها بقدرها .

ولكن أصواتاً كثيرة عارضتني في أمر ذلك القرار ، وألحت علي أن أكتب ،
وكان رأيها يستند أساساً إلى اعتبار أن التجربة - مع أنها شخصية - إلا أنها في الحقيقة ملك للمجموع ،
خاصة هؤلاء السائرين في الطريق الوعر ، يعانون حتى الآن ،
وحتى الغد الممتد في علم الله ؛ من أشواكه ودمائه وآلامه وآماله .
هذه باختصار قصة هذه المجموعة وإخراجها من مخابئها العميقة في القلب إلى الوجود !

ولست أدري - حقيقة - في أي خانة من خانات « الكتابة » أضعها ،
فأنا حتى الآن ، وبعد أن أتممتها ، لا أستطيع أن أضعها يقيناً في تصنيف معين من تصانيف الأدب…
بل أكثر من ذلك ، فإني لا أملك أن أقحمها على عالم الأدب أصلاً ! فقانون الأدب ذاته يدعوني أن أترك ذلك للمتَلَقّي ؛
يقيمها بما تحمل في كيانها من ملامح الأدب وشروطه الحقة ، ويضعها في الخانة التي تصلح لها…

والحق أنني لم أتدخل كثيراً في اختيار الثوب الذي تخرج فيه تلك الحقائق ، ولكني تركتها هي تملي عليّ ،
وتتخذ طريقها الذي تريده من خلالي !
والحق أن أشد ما حرصت عليه في كتابتها كان هو الصدق ، صدق الحدث أولاً ،
فهي تاريخ ، نعم ، فهي تحكي قطاعاً من مسيرة العمل الإسلامي بصوابه وخطئه ومعاناته ؛
هذه المسيرة التي لا أشك لحظة في وصولها إلى هدفها الأسمى ،
وهو أن تكون كلمة الله هي العليا في أرضه ؛ مهما تكن الأخطار التي تعترضها ،
أو الانحرافات التي تنتابها في مرحلة أو أخرى من مراحل سيرها في الطريق الصعب ، الملبد بالشوك والغيوم والدماء…

وهي ثانياً ، تعبير إنساني عن « الإنسان » من خلال معاناة قد تكون ليست شائعة الحدوث لفرد إنساني أو أفراد ،
على الأقل هي ليست تجربة الغالبية الواسعة من المجتمع الإنساني !…
هي إذن تعبير عن « الإنسان » كما هو ، بطاقات قوته وبنقاط ضعفه ، بلحظات إشراقه وتطلعات روحه ،
وبظلمات نفسه وساعات خذلانه وهو تحت مطارق العذاب ؛ حين يكون في معية الله في أوج توهجه ،
أو حين تغيب عنه معيّةُ الله ولو للحظات قليلة فيسقط في تيه الحيرة ؛ حين يعلو فوق ذاته ،
فوق رغائب هذه الدنيا الصغيرة ، أو حين يستنيم ساعة لأَوهاق قبضة الطين فتغلبه رغائب الحياة الدنيا !

وهي ثالثاً ، محاولة للتعبير عن الإنسان المسلم ، بوجهته الخاصة ورؤيته الخاصة ومعرفته الخاصة بالله,
وبطريقه الذي أحبه ورسمه للإنسان كله وقال بشأنه : {وأنّ هذا صراطي مستقيماً فاتّبعوه ولا تتّبعوا السبل فتفرّق بكم عن سبيله }.
تعبير له خصوصياته عن هذا الإنسان بإشراقات روحه وتطلعاته إلى الملأ الأعلى ،
وبلحظات ضعف بشريته حين تتكاثف عليه قوى الشر ؛ وحين تخذله قواه فيهوي برهة ،
ثم يجاهد خذلانه فيصعد من جديد ، وحين يتغبش أمامه هذا الطريق « المستقيم » فيتوه قلبه وفكره في الغموض والغبش ،
ثم يعود يفتش ، يتوخى الأضواء الآتية من بعيد فيهديه الله إلى النور !

وأعرف أن هناك من يحب أن تكون الكتابة عن الإنسان المسلم إبرازاً للحظات قوته وحدها ؛
أو تغليبها دوماً على الأقل ،
وأعرف أن معنى من معاني الصبر والقوة والانتصار عندهم - خاصة والمسلمون في مرحلة من مراحل ضعفهم وقهرهم -
يتمثل أساساً في إخفاء لحظات السقوط في الضعف أو اليأس أو الشعور بالهزيمة حتى لو كانت هزيمة مؤقتة ،
ويرون أن الألم صورة من صور الضعف وحالة من حالات الهزيمة !…
ولكني أرى في هذا غير رؤيتهم…
فالضعف في الكيان البشري أمر فطري مقبول مادام في حدوده المأمونة التي لا تسقط الإنسان في مهاوي الخطأ ،
والألم في أعمق حالاته هو شعور إنساني نبيل ، ما لم يتخط حدود الألم إلى شفا الانهيار !…
وقدرة الإنسان الإيمانية تقاس بمدى قدرتها على مقاومة هذا الضعف ،
والتغلب على هذا الألم ثم الثبات بعده على الطريق ؛ وكلما ازداد الشعور بالألم ،
وتم - رغم ذلك - الثبات على المعاناة ، كان الانتصار أقوى تحققاً !…
من أجل ذلك قد آثرت أن أترك التعبير يأخذ طريقه إلى « الإنسان » كما هو ، بصدق كامل وبغير تزيين !

ولا أبالغ حين أقول إنني قد جرت على الواقع ذاته أحياناً ،
وأنا أصور مشاهد الألم بكامل أعماقه ومساحاته ،
ولا أعطي نفس القدر من المساحة لتصوير مشاعر السكينة والسعادة والاستعلاء التي كانت حقيقة هي الأخرى !…
فالحق أنه في هذه التجربة الصعبة ، كما ينبثق من خلال ضراوة المعاناة في أحيان كثيرة ،
توهجات سعادة تملأ القلب ، وإشعاعات أنوار تفعم النفس وترف بها الروح ؛
ومعارف لدنية لا يستطيع الإنسان أن يكتسبها من الكتب ولا من المعاناة اليومية الدارجة ،
ولا حتى من قراءته للقرآن ، وحياته ثابتة آمنة مستقرة ، بعيدة عن حقيقة الجهاد والمعاناة في سبيل الله ،
حيث يزداد القلب الإنساني قرباً من الله !…
وقد يكون ذلك التقصير ناشئاً عن الخوف من أن يمس القلب طائف من رياء فيحبط العمل !
فأحتسب ذلك عند الله إن شاء الله…

قلت إني لا أستطيع أن أصنف هذه المجموعة التي نطلق عليها تجاوزاً « قصصاً قصيرة » في خانة القصص !
فذلك موكول إلى المتلقّي الناقد ؛ وأنا لست بناقد ؛ …
فقد يكون فيها ما يدخلها حقاً في باب القصص ،
وقد يكون فيها ما يخرجها منها ؛ وقد يكون فيها ما يضعها في خانة السير الذاتية ،
وقد لا تنطبق عليها شروط السير الذاتية بكاملها ؛ وهي قد تجمع بين ملامح القصة الطويلة والأقصوصة معاً ؛
وهي قد تخرج من ذلك كله إلى شيء آخر جديد… وهي قد تدخل ساحة الأدب من بابها الواسع وقد لا يقبلها أصلاً في رحابه !

أقول إن هذا كله لا يشغلني كثيراً ، فهو من شأن غيري !
ولكني فقط أحب أن أسجل هنا أنني لم أتدخل - كما أشرت إلى ذلك من قبل - في الصورة التي تخرج عليها تلك التجربة ،
ولم أتدخل كثيراً في صورة التعبير ، ولكني تركته يخرج على سجيته ،
فجاء على هذه الصورة التي أرجو لها أن تسلس في نفس القارئ فلا تعنته ، ولا يملها !

أبرز شيء في ملامح هذه الأقاصيص - إن أعطيناها هذا الاسم ،
ولو مؤقتاً - هو طغيان المساحة الداخلية بكل أنواعها - شعورية وفكرية وتخيلية - على الحدث !…
كذلك ندرة الحوار « الديالوج » ؛ وقلة « التعامل » مع « الخارج » !
ويبدو لي أن هذا أمر منطقي مع طبيعة الوضع والموضوع الذي تعالجه هذه الأقاصيص ؛
ففي السجن عموماً ، بله « السجن الحربي » - وإن زدنا على هذه الوضعية ،
أن الإقامة فيه بالنسبة لي كانت انفرادية أكثر الوقت - فلا مجال إطلاقاً لكلمة « الخارج » !
إلا ما يتراءى في الخاطر ويهجس به القلب ! أي ما يأتي من « الداخل » !

والسجين بين الجدران الأربع ، لا يدخل « الحدث » في حياته كثيراً ، بل لا يصادفه إلا نادراً !…
والحدث في ذلك المكان كان يتمثل أساساً في ألوان التعذيب التي استعملت فيه بكثرتها وبشاعتها وتفننها في الإيلام ،
وفي عدد ضحاياها ؛ ولم يكن هدفي في هذه الأقاصيص ،
تسجيل ذلك رغم كل أهميته التاريخية ، وإنما كان هدفي الأكبر هو تسجيل حالة إنسانية ،
للإنسان المسلم صاحب الطريق المتميز ،
في مواجهة الحرب الحاقدة التي يشنها الباطل دوماً ضد الحق وتتعدد فيها الطرائق والسبل ؛
فتصل إلى درجات من التوحش تذهل العقل وتدمي القلب !

وفي السجن لا مجال للحوار ؛ غير الكلمات القلائل التي تفرضها مقتضيات العيش الضيقة ،
أما ما يقع من نقاش أثناء دورات التحقيق التي استمرت عاماً كاملاً ،
فلم يكن تسجيلها هدفاً من أهدافي أيضاً ؛ فلقد كان أكثره أقرب إلى الهزل الملفق !
وإن كان من الأهمية بمكان أن يسجل فلقد كانت القضية كلها مهزلة كبرى !

وبعد… فإني أقدم جهدي هذا… وهو ما منّ الله عليّ به ،
أقدمه لله قبل كل أحد وقبل كل شيء ،
وخطوة في الطريق الطويل ولبنة في البناء الشامخ بإذن الله ،
فأرجو الله أن يتقبله خالصاً لوجهه…
ثم بعد ذلك أقدمه هدية للسائرين في الطريق الشاق إلى أنوار الملأ الأعلى ،
لعلها تؤنس وحشتهم في ظلمة الغلس حتى يبين الفجر…
وأتقدم بها للقارئ من كل فج ، الذي يلتقي قلبه الإنساني مع « الإنسان » في معاناة الإنسان…
أو يتوق إلى التعرف على حقائق حقبة من أظلم حقب التاريخ البشري ؛
خاصة أولئك الذين عاشوا في أبخرة الدعاية الفاجرة ، التي صورت المجرمين أبطالاً ،
وجعلت من عباد الله الأتقياء مجرمين وقتلة !
فأما الناقد - والنقد حق لكل قارئ - فلي عنده رجاء حار ؛ أن يكون معي صريحاً وهادياً إلى الصواب ،
فيدلني على مواطن الخطأ والضعف في هذا العمل… وأقول له : رحم الله امرأ أهدى إلي عيوبي ! »

إلى حب الله
07-17-2012, 01:21 PM
أين البقية أخي هشام ؟؟ أو حتى رابط تنزيل أو تحميل ؟؟..
ورحم الله الكاتبة ..

طارق منينة
07-17-2012, 02:10 PM
حميدة قطب - رحلة فى احراش الليل

http://www.4shared.com/office/kt0FS0ue/__-____.htm