المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : سرّ الهداية ..



أبو القـاسم
09-01-2012, 10:48 PM
لو قيل لشخص : كن كذا وسعه أن يفعل مهما كان هذا الـ"كذا" ، كأن يقال : ادرس طبا أو هندسة-وعنده الملكة - استطاع ذلك وإن لم يكن راغبا،.. أو قيل كن فقيرا أو غنيا : أمكنه ..بملء إرادته إذا كان السبيل المادي قدامه مشرعا ..بل لو قيل لرجل : كن مخنثا ولك كذا وكذا ..أمكنه أن يكون ولن يكلفه الأمر سوى تناول هرومونات الأنوثة أو دونها إن شئت ، والمقصود أنه بإرادة قارّة في فؤاده يجوز أن يتمثل كل شيء وإن لم يكن محبوبا عنده ،مقابل عطاء أو دونه ..ولكن لو قيل له : كان مسلما ، أو أسلم تسلم ..لم يكن في دائرة وسعه أن يفعل إلا بأن ينافق فيظهر الإسلام ويبطن الكفر فلا يكون مسلما في حقيقة الأمر..ومهما أغريته بكنوز الدنيا ، لن يقدر على الدخول فيه على الحقيقة إلا بأن يكون قلبه أهلا لحلول هداية الله -تبارك وتعالى -فيه ، هكذا في الأصل ..وبهذا تعلم : أن الهداية منحة ربانية ، وليست قانونا فيزيائيا ، ولا معادلة رياضية ، وإنما يكون من أهل استحقاقها في الأصل من تمتع :بالصدق مع النفس والتجرد الخالص والجدية في البحث ..ومن هنا لا تعجب أن تجد كلمات كثيرة لمفكرين غربيين أقروا صراحة بصحة نبوة سيدنا محمد(ص) ، ولم يدخل الإسلام في قلوبهم ,ولا ذاقوا حلاوة الإيمان قط ..حتى ماتوا على ماهم عليه من كفر ..

ابو ذر الغفارى
09-02-2012, 01:55 AM
بارك الله فيك استاذ ابو القاسم ...صدقت فإن الإيمان منة ربانية واستمراره أيضا كذلك وكان أكثر دعاء النبى صلى الله عليه وسلم اللهم يا مقلب القلوب والأبصار ثبت قلبى على دينك وقال تعالى ( وَلَوْ أَنَّنَا نَـزَّلْنَا إِلَيْهِمُ الْمَلائِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتَى وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلا مَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا إِلا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ يَجْهَلُونَ )
وبالفعل قد يعلم الإنسان الحق لكنه يحرم الإيمان والإذعان كحال فرعون وملئه الذين قال الله فيهم(وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا)
وكحال اليهود الذين كانوا يعرفون النبى صلى الله عليه وسلم كما يعرفون أبناءهم

لكنى أود أن أضيف نقطة أخرى لها علاقة بالموضوع وهى من صد الشيطان لكثير من هؤلاء التائهين عن سبيل النجاة وهى
أن الشخص لو كان معه شيء من الإيمان ولو يسير جدا وهذا القدر دون القدر الواجب من الإيمان الذى يجب أن يكون عليه أى عبد لينجوا من عقاب الله فعليه أن يدخل الإسلام ويتخذ من ذلك سبيل ليصل إلى الإيمان الواجب الذى يتمناه هو ولا يسمع كلام الشيطان عندما يقول له لن ينفعك هذا فما انت إلا منافق فى الدرك الأسفل من النار وأنه يجب أن تحقق الإيمان الصحيح الواجب قبل دخول الإسلام وإلا فلا قيمة لما تفعل من الطاعات .........
فهذا فخ شيطانى يجب التحذير منه لأن من فضل الله ان الأمر ليس كذلك وهنا أنقل بعض كلام شيخ الإسلام بن تيمية من كتاب الإيمان
قال رحمه الله :
( والدليل على أن الإسلام المذكور في الآية هو إسلام يثابون عليه وأنهم ليسوا منافقين، أنه قال‏:‏ ‏{‏قَالَتِ الأَعْرَابُ آمَنَّا قُل لَّمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ‏}‏ ثم قال‏:‏ ‏{‏وَإِن تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ لا يَلِتْكُم مِّنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئًا‏}‏ ‏[‏الحجرات‏:‏14‏]‏، فدل على أنهم إذا أطاعوا اللّه ورسوله مع هذا الإسلام، آجرهم اللّه على الطاعة، والمنافق عمله حابط في الآخرة‏.‏
وأيضاً، فإنه وصفهم بخلاف صفات المنافقين، فإن المنافقين وصفهم بكفر في قلوبهم، وإنهم يبطنون خلاف ما يظهرون، كما قال تعالي‏:‏ ‏{‏وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا بِاللّهِ وَبِالْيَوْمِ الآخِرِ وَمَا هُم بِمُؤْمِنِينَ يُخَادِعُونَ اللّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلاَّ أَنفُسَهُم وَمَا يَشْعُرُونَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَهُمُ اللّهُ مَرَضاً‏}‏ الآيات ‏[‏البقرة‏:‏8‏:‏ 10‏]‏، وقال‏:‏‏ {‏إِذَا جَاءكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ‏}‏ ‏[‏المنافقون‏:‏1‏]‏، فالمنافقون يصفهم في القرآن بالكذب، وأنهم يقولون بأفواههم ما ليس في قلوبهم، وبأن في قلوبهم من الكفر ما يعاقبون عليه، وهؤلاء لم يصفهم بشيء من ذلك، لكن لما ادعوا الإيمان قال للرسول‏:‏‏ {‏قُل لَّمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ وَإِن تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ لا يَلِتْكُم مِّنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئًا‏}‏‏.‏ ونفى الإيمان المطلق لا يستلزم أن يكونوا منافقين، كما في قوله‏:‏ ‏{‏يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَنفَالِ قُلِ الأَنفَالُ لِلّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُواْ اللّهَ وَأَصْلِحُواْ ذَاتَ بِيْنِكُمْ وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ‏}‏ ‏[‏الأنفال‏:‏1‏]‏ ثم قال‏:‏ ‏{‏إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا‏}‏ ‏[‏الأنفال‏:‏2‏:‏ 4‏]‏، ومعلوم أنه ليس من لم يكن كذلك، يكون منافقاً من أهل الدرك الأسفل من النار، بل لا يكون قد أتى بالإيمان الواجب، فنفى عنه كما ينفي سائر الأسماء عمن ترك بعض ما يجب عليه، فكذلك الأعراب لم يأتوا بالإيمان الواجب، فنفى عنهم لذلك وإن كانوا مسلمين، معهم من الإيمان ما يثابون عليه‏.‏
وهذا حال أكثر الداخلين في الإسلام ابتداء، بل حال أكثر من لم يعرف حقائق الإيمان، فإن الرجل إذا قوتل حتى أسلم، كما كان الكفار يقاتلون حتى يسلموا، أو أسلم بعد الأسْرِ، أو سمع بالإسلام فجاء فأسلم، فإنه مسلم ملتزم طاعة الرسول، ولم تدخل إلى قلبه المعرفة بحقائق الإيمان، فإن هذا إنما يحصل لمن تيسرت له أسباب ذلك، إما بفهم القرآن وإما بمباشرة أهل الإيمان والاقتداء بما يصدر عنهم من الأقوال والأعمال، وإما بهداية خاصة من اللّه يهديه بها‏.‏ والإنسان قد يظهر له من محاسن الإسلام ما يدعوه إلى الدخول فيه، وإن كان قد ولد عليه وتربى بين أهله فإنه يحبه، فقد ظهر له بعض محاسنه وبعض مساوئ الكفار‏.‏ وكثير من هؤلاء قد يرتاب إذا سمع الشبه القادحة فيه، ولا يجاهد في سبيل اللّه، فليس هو داخلاً في قوله‏:‏‏ {‏إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ‏}‏ ‏[‏الحجرات‏:‏15‏]‏، وليس هو منافقاً في الباطن مضمراً للكفر، فلا هو من المؤمنين حقاً ولا هو من المنافقين، ولا هو أيضاً من أصحاب الكبائر، بل يأتي بالطاعات الظاهرة ولا يأتي بحقائق الإيمان التي يكون بها من المؤمنين حقاً، فهذا معه إيمان وليس هو من المؤمنين حقاً، ويثاب على ما فعل من الطاعات؛ ولهذا قال تعالى‏:‏ ‏{‏وَلَكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا‏})وقال رحمه الله :
(وأما ما نقل من أنهم أسلموا خوف القتل والسبي، فهكذا كان إسلام غير المهاجرين والأنصار، أسلموا رغبة ورهبة، كإسلام الطلقاء من قريش بعد أن قهرهم النبي صلى الله عليه وسلم، وإسلام المؤلفة قلوبهم من هؤلاء ومن أهل نَجْد وليس كل من أسلم لرغبة أو رهبة كان من المنافقين الذين هم في الدرك الأسفلمن النار، بل يدخلون في الإسلام والطاعة وليس في قلوبهم تكذيب ومعاداة للرسول، ولا استنارت قلوبهم بنور الإيمان ولا استبصروا فيه، وهؤلاء قد يحسن إسلام أحدهم فيصير من المؤمنين كأكثر الطُّلَقَاء، وقد يبقى من فساق الملة، ومنهم من يصير منافقاً مرتاباً إذا قال له منكر ونكير‏:‏ ‏"‏ما تقول في هذا الرجل الذي بعث فيكم، فيقول‏:‏ هاه هاه لا أدري، سمعت الناس يقولون شيئًا فقلتهَ‏"‏ )

اخت مسلمة
09-02-2012, 03:03 AM
الحمد لله على نعمة الإسلام وكفى بها نعمة .. صدق الحسن البصري رحمه الله فنحن في نعمة لو علمها الملوك لقاتلونا عليها بالسيوف !
جزاك الله خيراً , كلمات موجزة وغالية ..... نسأل الله الهداية للجميع

shahid
09-02-2012, 02:21 PM
حقيقةً الهداية امرها امر وشأنها شأن ، اسأل الله ان يثبتنا ويهدينا لأقرب مما نحن عليه رشدا . صحيح الى حدٍ ما قلته يا اخي الكريم ابا القاسم إلا ان اصناف الناس فيها ما يشذ عن ذلك واسمح لي ان اذكرك بمقالة انس بن مالك رضي الله عنه التي يقول فيها :( إن كان الرجل ليسلم ما يريد إلا الدنيا فما يسلم حتى يكون الإسلام أحب إليه من الدنيا وما عليها). فهناك من يحمل صورة عن الاسلام مغايرة للحقيقة ولكن لما يُتألف قلبه بشي من المال ينشرح صدره وتعتدل الصورة امامه . وطبعا هناك من يرفض الاسلام مع علمه يقينا انه الحق فهذا لا يجدي معه عطاءً ولا ينفع معه سخاءً . ولعل هذا الصنف هو الذي تعنيه .
وفقنا الله واياك وزادانا هدىً ورشداً .

أبو القـاسم
09-02-2012, 02:28 PM
بارك الله فيك أخي أبا ذر على ما أضفت من فوائد قيّمة ..وجزيت خيرا أختي المكرمة أخت مسلمة على تعليقك المفيد..
أخي شهيد بارك الله فيك: لعلك لم تنتبه لقولي : (هكذا في الأصل) لبيان أن الاستثناء وارد ، وقد وضعته تحسبا لهذا الاعتراض ، وكذلك يقال :الذي أسلم لأجل غرض قريب ، ففي قلبه من الخير قدر ولو يسير بحيث يجعله يتقبل الإسلام وإن كان تألف قلبه مالٌ ونحوه ، مادام هو قبل الإسلام ولم يقصد النفاق..فلا يتعارض مع ما قلت حتى من هذه الناحية..والله الموفق

shahid
09-02-2012, 02:33 PM
بارك الله فيك أخي أبا ذر على ما أضفت من فوائد قيّمة ..
أخي شهيد بارك الله فيك: لعلك لم تنتبه لقولي : (هكذا في الأصل) لبيان أن الاستثناء وارد ، وقد وضعته تحسبا لهذا الاعتراض ، وكذلك يقال :الذي أسلم لأجل غرض قريب ، ففي قلبه من الخير قدر ولو يسير بحيث يجعله يتقبل الإسلام وإن كان تألف قلبه مالٌ ونحوه ، مادام هو قبل الإسلام ولم يقصد النفاق..فلا يتعارض مع ما قلت حتى من هذه الناحية..والله الموفق

صحيح لم انتبه ولو انتبهت لما نزلت مشاركتي هذه . وفقك الله وسددك .

مالك بن نبي
09-10-2012, 06:27 PM
الاخ الفاضل ابا القاسم
اعجبني موضوع الهداية
اليك هذا السؤال والقصد منه دفع الشبهة وتفعيل الموضوع
يقو ل الحق سبحانه وتعالى :((إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاء))سورة القصص
ويقول ايضا : ((وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ))سورة الشورى

الظاهر في الآيتين تعارض
مرة نفى عنه-صلى الله عليه وسلم - بلاالنافية"لا تهدي"
ومرة أثبت له-صلى الله عليه وسلم - ذلك بلام التوكيد"إِنَّكَ لتهدي"
وفقك الله

بحب دينى
09-10-2012, 09:26 PM
الفرق هو أن ما أثبته الله عز وجل لنفسه من هداية هى هداية التوفيق والثانية التى أثبتها لنبيه ( ص ) هى هداية الدلال والدعوة والأرشاد والله أعلم والأمر يوضحه لك أكثر الأخ الفاضل أبو القاسم ...وفقك الله لكل خير ...

مجرّد إنسان
09-18-2012, 06:16 PM
هداك الله يا مالك.....

قرأت ردّك وقرأت قبيح تعريضك بإخوانك.....وكأننا لا ننزل للعلماء منازلهم ولا نحترم ما حباهم الله من جواهر علمه...

وكأننا لا نؤمن إلا بسياسة اللونين: الأبيض والأسود....وكأننا لا نملك إلا ميزان أعلى العليّين وأسفل السافلين...وحسب

هداك الله....وليتك تقرأ ميزان الاعتدال...والتطبيق الرائع لتقويم الناس في سير أعلام النبلاء....حتى ترى كيف يكون التعامل مع "النبلاء" بموضوعيّة

ولتعلم: أن ما ذكرته غير صحيح...بل هو مذكور من قبل مئات السنين على يد صالحي الأمة وعلمائها

هداك الله ورزقك الإنصاف