المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : تأملات فى المعجزة (2)



القلم الحر
09-14-2012, 10:05 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله وحده ,و الصلاة و السلام على من لا نبى بعده
كنت كتبت موضوعا بعنوان : تاملات فى المعجزة ,و راعيت الاختصار حتى لا تمنع كثرة الصفحات اقبال القارىء عليه
و نكمل هنا بعون لله

القلم الحر
09-14-2012, 10:07 PM
يقول بعض الافاضل :
الاعجاز القرانى معنى يشيع فى ثنايا القران اتساقا و انسجاما
و عظمة و فخامة
و صياغة عجيبة محيرة
مع تجرد عن المشخصات
و تعالى عن الزمان و المكان
و تجدد يستوعب به كل مستحدث

القلم الحر
09-16-2012, 01:01 AM
من خصائص هذا الكتاب المجيد المعجز انه يصدق بعضه بعضا
فما يجمله فى موضع يفصله فى اخر
و يطلق فى موضع و يقيد فى اخر و هكذا
و ربما تعرض لمعنى واحد فى غير موضع لحكم عالية اقتضت تخصيص كل موضع بالقدر الذى اورده فيه
فاذا ما جمع المفسر كل مواضع ورود المعنى تجلى له الهيكل العام الذى اراده القران فى تلك القضية
و قد علم المصطفى (ص) الصحابة هذا المنهج
فعن ابن مسعود: لما نزلت الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم شق ذلك على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالوا أينا لا يظلم نفسه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس هو كما تظنون إنما هو كما قال لقمان لابنه: يَا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ"
اى الشرك
و ما زال هذا المعنى باهل العلم حتى صرحوا بان القران كله كالسورة الواحدة !
قال الامام الرازى فى مفاتح الغيب:
(لان القران كله كالسورة الواحدة
و كالاية الواحدة
يصدق بعضها بعضا
و يبين بعضها معنى بعض
الا ترى ان الايات الدالة على الوعيد مطلقة, ثم انها متعلقة بايات التوبة و بايات العفو )

و قد صنف ابن الجوزى كتابا فيما اجمل فى القران فى موضع و فسر فى موضع اخر
و لا نظير للقران فى هذا

القلم الحر
09-16-2012, 05:07 AM
ما أحسن ما رواه الامام السيوطي رحمه الله تعالى في كتابه الاتقان عن بعضهم حيث يقول:
اعتنى قوم بضبط لغات القرآن وتحرير كلماته ومعرفة مخارج حروفه وعددها، وعدد كلماته وآياته وسوره وأحزابه وأنصافه وأرباعه، وعدد سجداته والتعليم عند كل عشر آيات إلى غير ذلك من حصر الكلمات المتشابهة والآيات المتماثلة، من غير تعرض لمعانيه ولا تدبر لما أودع فيه فسمو القراء

- واعتني النحاة بالمعرب منه والمبنى من الأسماء والافعال والحروف العاملة وغيرها، وأوسعوا الكلام في الأسماء وتوابعها وضروب الافعال واللازم والمعتدى ورسوم خط الكلمات وجميع ما يتعلق به حتى أن بعضهم أعرب مشكله وبعضهم أعربه كلمة كلمة -

-واعتني المفسرون بألفاظه فوجدوا منه لفظا يدل على معنى واحد ولفظا يدل على معنيين ولفظا يدل على أكثر فأجروا الأول على حكمه وأوضحوا معنى الخفي منه وخاضوا في ترجيح أحد المحتملات ذي المعنيين أو المعاني وأعمل كل منهم فكره وقال بما اقتضاه نظره

- واعتني الأصوليون بما فيه من الأدلة العقلية والشواهد الأصلية والنظرية فاستنبطوا منه وسموا هذا العلم بأصول الدين

- وتأملت طائفة منهم معاني خطابه فرأت منها ما يقتضى العموم ومنها ما يقتضى الخصوص إلى غير ذلك فاستنبطوا منه أحكام اللغة من الحقيقة والمجاز - وتكلموا في التخصيص والاخبار والنص والظاهر والمجمل والمحكم والمتشابه والامر والنهى والنسخ، إلى غير ذلك من الأقيسة واستصحاب الحال والاستقراء وسموا هذا الفن أصول الفقه

- وأحكمت طائفة صحيح النظر وصادق الفكر فيما فيه من الحلال والحرام وسائر الأحكام فأسسوا أصوله وفرعوا فروعه وبسطوا القول في ذلك بسطا حسنا وسموه بعلم الفروع وبالفقه أيضا

- وتلمحت طائفة ما فيه من قصص القرون السالفة والأمم الخالية ونقلوا أخبارهم ودونوا آثارهم ووقائعهم حتى ذكروا بدء الدنيا وأول الأشياء وسموا ذلك بالتاريخ والقصص

-وتنبه آخرون بما فيه من الحكم والأمثال والمواعظ التي تقلقل قلوب الرجال فاستنبطوا مما فيه من الوعد والوعيد، والتحذير والتبشير، وذكر الموت والميعاد، والحشر والحساب، والعقاب والثواب، والجنة والنار فصولا من المواعظ وأصولا من الزواجر فسموا بذلك الخطباء والوعاظ

- وأخذ قوم بما في آية المواريث من ذكر السهام وأربابها وغير ذلك من علم الفرائض واستنبطوا منها من ذكر النصف والربع والسدس والثمن حساب الفرائض - ونظر قوم إلي ما فيه من الآيات الدالة على الحكم الباهرة في الليل والنهار والشمس والقمر والنجوم والبروج وغير ذلك فاستخرجوا منه علم المواقيت

- ونظر الكتاب والشعراء إلى ما فيه من جزالة اللفظ وبديع النظم وحسن السياق والمبادئ والمقاطع والمخالص والتلوين في الخطاب والاطناب والايجاز وغير ذلك فاستنبطوا منه المعاني والبيان والبديع

فهل رايت مثلا لهذا الكتاب ؟
و هل رايت معلما نشأ بين ظهرانى جهلة كالحبيب (ص) الذى يسبه حثالى الصليب؟

القلم الحر
09-16-2012, 05:30 AM
يقول الرافعى فى كتابه اعجاز القران :
القرآن ألفاظ إذا اشتدت فأمواج البحار الزاخرة، وإذا هي لانت فأنفاس الحياة الآخرة، تذكر الدنيا فمنها عمادها ونظامها، وتصف الآخرة فمنها جنها وضرامها، ومتى وعدت من كرم الله جعلت الثغور تضحك في وجوه الغيوب، وان أوعدت جعلت الألسنة ترعد من حمى القلوب، ومعان بينا هي عذوبة ترويك من ماء البيان، ورقة تستروح منها نسيم الجنان، ونور تبصر به في مرآة الايمان وجه الأمان، وبينا هي ترف بندى الحياة على زهرة الضمير، وتخلق في أوراقها من معاني العبرة معنى العبير، وتهب عليها بأنفاس الرحمة فتنم بسر هذا العالم الصغير، ثم بينا هي تتساقط من الأفواه تساقط الدموع من الأجفان، وتدع القلب من الخشوع كأنه جنازة ينوح عليها اللسان، وتمثل للمذنب حقيقة الانسانية حتى يظن أنه صنف آخر من الانسان، إذا هي بعد ذلك اطباق السحاب وقد انهارت قواعده، والتمعت ناره وقصفت في الجو رواعده، وإذا هي السماء وقد اخذت على الأرض ذنبها واستأذنت في صدمة الفزع ربها، فكادت ترجف الراجفة تتبعها الرادفة، وانما هي عند ذلك زجرة واحدة، فإذا الخلق طعام الفناء وإذا الأرض مائدة.

القلم الحر
09-17-2012, 01:04 PM
وقفة مع المعجزات الحسية
ان معجزات النبى (ص)الحسية متواترة حتى اوصلها بعضهم الى الف
و نذكر هنا نموذجين

فى معركة بدر :
هل من المعقول لجيش من 313 رجل ليس عندهم الا ست سيوف والبقية بجريد النخل أن يقابل جيشا مسلحا باقوى السيوف والرماح مكون من 930 محارب متمرس
وليس معهم من الخيول الا ثلاثةمقابل 100 ،
ان عدد القتلى متكافئ فكيف لجيش يُقتل خمسه ينتصر على جيش يقتل اقل من عشره ؟
العادى ان يكون المسلمون مهزومين لكثرة الاصابات وانعدام السلاح والتدريب وما شابه ذلك. لكن النتيجة معاكسة تماما وهذا لا يكون الا من فعل الله و تاييده
فكيف تتكافأ الفرص الا بنصر غير طبيعي
لقد قتلوا سبعين و هزموا قرابة الالف ، مع ان من يحمل العصى مقتول لا محالة بيد من يحمل السيف والرمح.

فى معركة احد :
في معركة أحد ، هرب كل الناس تقريباً ، ولم يبق في ميدان القتال الحقيقي الا محمد (ص) و نفر يسير ، و كان جيش المشركين ثلاثة آلاف مقاتل في كامل العتاد والعدّة ، وهنا نسأل أهم سؤال في تاريخ مقارعات الفرسان ، وقتال الأبطال ..

لِمَ لمْ يستطع ثلاثة آلاف فارس أن يقضوا على النبي ؟

كل مصادر التاريخ تذكر أن النبي كان يقاتل هذا الجيش وحده ، حيث لم تستطع سيوف المشركين ولا رماحهم أنْ تنال منه قليلاً أو كثيراً إلاّ جراحات وخدوش بسيطين !!

وهنا نسال: ماذا فعل هذا الجيش في آلافه الثلاثة ، لمّا عجز عن مقارعة النبي ومجالدته ،
لقد رضخوه بالحجارة الكثيرة من بعيد ؛و كسروا رباعية النبي رضخا بالحجارة ، لا بالسيوف ولا بالرماح !

فلِمَ لمْ يقض جيش عدته ثلاثة آلاف عليه صلوات الله عليه مع أنّهما في القياسات العسكريّة أيسر من شربة ماء؟

ان لم يكن هذا اعجاز فلا اعجاز , فلينكر الملحد او اللادينى المعاند معركتى بدر و احد بل لينكر ايضا وجود محمد (ص) الذى يغلى الحقد عليه فى قلوبهم

القلم الحر
09-18-2012, 05:29 AM
من هدى القران

ان الغرض من خلقة البشر معرفة الله و عبادته
و قد بلغت معرفة الله ذروتها على يد المصطفى صلى الله عليه و سلم ,يتجلى ذلك بالمقارنة فى باب الالهيات مع الاديان و الفلسفات الاخرى
و كفى به برهانا لاولى البصيرة على نبوته
و قد اعتبر القران وجود الله امرا بدهيا فطريا مشيرا الى ان القلب يشعر بوجود الله تبارك وتعالى , حين يدهمه الخطر , وهذا يعني إن العلم بالله علم فطري , لا يمكن الغش فيه , قال تعالى :
[ هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُوا بِهَا جَاءَتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ وَجَاءَهُمُ الْمَوْجُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ دَعَوْا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ لَئِنْ أَنْجَيْتَنَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنْ الشَّاكِرِينَ ] [يونس : 22 ] .
إن الإيمان بالله مغروس في الفطرة ، وما على الإنسان إلا استكشاف ذلك بتنظيم الركائز الفطرية مثل السببية ، ووجود القوة المحيطة بالإنسان ، وواقعية الخلق ، ووجود النعم
وقد قيل ان كل الوثنيات نشأت للشعور الفطري بالحاجة الى الخالق والتقرب اليه ولكن بدون دليل حقيقي الى الله فاختاروا الطريق الخطأ ، هذا بناء على النظرية الاوربية بان الانسان كان بدائيا لا يعرف الديانات ، بعكس نظرنا فان الشرك والوثنية عندنا نشأت من انحراف الديانات السماوية الاصل
فهناك قابلية فكرية فطرية لوصول الانسان الى طلب الخالق من دون تأثير خارجي , فلو فرضنا ان انسانا نشأ فى جزيرة منعزلة فانه سيعرف ربه و خالقه
وقد ألف العلماء فى ذلك قصصا مثل قصة حي بن يقظان وهي قصة تحكي قصة شخص يدعى حي بن يقظان نشأ في جزيرة وحده، وترمز للإنسان، وعلاقته بالكون والدين، أنشأها فلاسفة، واحتوت مضامين فلسفية. كتبها الفيلسوف الأندلسي ابن طفيل، ثم كانت آخر رواية للقصة من قبل ابن النفيس . ومن شهرة هذه الرواية الفلسفية، فإن قصصا غربية مثل قصة روبنسون كروزو قد استوحيت من هذه القصة

القلم الحر
09-18-2012, 07:45 AM
تبين ان للضراء فائدة عظمي هي تذكير الانسان بخالقه
بل يبين هدي القران الكريم ان هذا سر البلاء الذي يتعرض له الانسان في هذه الحياة
وَلَقَدْ أَخَذْنَآ آلَ فِرْعَونَ بِٱلسِّنِينَ وَنَقْصٍ مِّن ٱلثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ
وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ
فليس في هذا الضر ظلم سيما اذا لاحظنا الفوائد التربوية للمصائب
فالمصائب خير وسيلة لتفجير الطاقات وتقدم العلوم ورقي الحياة البشرية، فإن الإنسان إذا لم يواجه المشاكل في حياته لا تنفتح طاقاته ولا تنمو، بل نموها وخروجها من القوة إلى الفعل رهن وقوع الإنسان في مهب المصائب والشدائد
و المسلم امره كله خير
ان اصابته ضراء صبر فكان خيرا له
و ان اصابته سراء شكر فكان خيرا له
ثم يبين القران الحكيم قانون هذه الحياة
إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً

(وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ)
وكم لله من لطفٍ خفيٍّ** يَدِقّ خَفَاهُ عَنْ فَهْمِ الذَّكِيِّ
وَكَمْ يُسْرٍ أَتَى مِنْ بَعْدِ عُسْرٍ** فَفَرَّجَ كُرْبَة َ القَلْبِ الشَّجِيِّ
وكم أمرٍ تساءُ به صباحاً** وَتَأْتِيْكَ المَسَرَّة ُ بالعَشِيِّ
إذا ضاقت بك الأحوال يوماً**فَثِقْ بالواحِدِ الفَرْدِ العَلِيِّ
وَلاَ تَجْزَعْ إذا ما نابَ خَطْبٌ ** فكم للهِ من لُطفٍ خفي

القلم الحر
09-24-2012, 03:42 PM
اتساع مدلولات التراكيب
قال علماء الاصول :
الاستعمال من صفة المتكلم
و الحمل من صفة المخاطب
و الوضع قبلهما

و المقصود ان حمل الكلام على معانيه
و تنزيله على اوضاعه اللغوية من صفات المتلقى او المستمع الذى يتلقى الكلام فيحلله و يستخرج مضامينه
و هذه العملية متوقفة على تنزيل كل لفظ علىمعناه او معانيه التى ركب بازائها
فلكل مستمع حظمن الفهم للتركيب
بحيث كلما اتسعت معرفته و ازدادت خلفياته و امتد تصوره الى معان اوسع
راى ان التركيب يحتملها و يؤمىء اليها
و لا يكاد ان يقع هذا فى كلام البشر الا نادرا لاستواء البشر فى معارفهم او تقاربهم فيها
و هم فى هذا محكومون بمعطيات زمانهم
بحيث لا يخطر لاحدهم ما سوف يكشفه الزمن من الامور , ليضمن كلامه اشارة اليه
و هو ما وجدناه فى القران
فانه ضمن كلامه اشارة الى ذلك كله
بحيث كلما استجد شىء لاحت دلالة النص القرانى عليه
فالقران العظيم نص جاءت الفاظه و تراكيبه من عند الله تعالى بحيث لا تتناقض مدلولاته مع اى سقف معرفى ياتى به زمن
و ليس ذلك فى قدرة البشر
لذا وجدنا الكتب الاخرى المنسوبة للسماء قاصرة لا تحيط بمستجدات الامور فى الازمنة المقبلة بل تقيد طلاقة النص و اطلاقه , و تجعل احداث الازمان تناقضه
فالبشر كلما ارتقت معارفهم و استحدثت عندهم معطيات
وجدوا ان النص القرانى متسق مع تلك المعطيات
بينما يسقط اى كلام بشرى عن مواكبة الزمن, لقصور تصور قائله ,و عدم احاطته عند صياغة كلامه بما سوف يقع
و كلما كان قارىء القران اوسع احاطة بالعلوم و الافكار المختلفة , اتسعت دلالة القران فى نظره على نحو معجز
لذا قال الرافعى :
"القران وجود لغوى , ركب ما فيه على ان يبقى خالدا مع الانسانية "
و نضرب مثالا : يقول تعالى "عرضها كعرضها السماء و الارض "فاقتصر على ذكر العرض
و هو دليل فهمه المتاخرون على الكروية الكونية ,اذ لا طول للكرة , انما هو بعد قطرى عبر عنه القران بالعرض فى هذه الاشارة المعجزة التى طالما غفل عنها المتحدثون فى النص الكريم فتسائلوا من باب التعظيم هذا العرض فما بال الطول "
فهذا باب للتأمل و التدبر فى الكتاب المعجز الحكيم

القلم الحر
05-18-2014, 07:50 PM
اللهم صلى على محمد و اله و صحبه