المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : قصة عبد الله وعبد الصدفة



هشام بن الزبير
09-20-2012, 11:47 AM
خرج مستكشفان أحدهما مؤمن والآخر ملحد يضربان في الأرض, فقطعا مسافات شاسعة تلفها الصحاري والفقار حتى يئسا من النجاة وكادا يقضيان جوعا وعطشا, ولما أن أيقنا أنهما لن ينجوا إلا بمعجزة, قال المؤمن للملحد:
"هائنتذا ترى ما نحن فيه من الكرب الشديد, وأنا أوقن ألن ينجينا مما نحن فيه غير ربنا, فتب إلى الله ودعنا نخلص الدعاء سوية, فإننا مضطران, فلعل الله أن ييسر لنا مخرجا."

نظر إليه الملحد وقد خارت قواه, فلم يقو على الجواب غير أنه حرك رأسه موافقا, عندها جثا المؤمن على الرمال الملتهبة فصنع صاحبه مثله, ثم رفعا أيديهما وتضرع المؤمن وجأر بالدعاء وسال دمعه على خديه, وما أن فرغ حتى أظلمت السماء ثم أمطرت حتى ملأ الرجلان ما معهما من القرب والآنية. ازداد قلب المؤمن إيمانا و خشوعا ولم ينبس الملحد بكلمة.

ثم سار الرجلان ساعات فوصلا إلى طريق ضيق بين جبلين فمشيا حتى أشرفا على مدينة عجيبة بنيت بشكل دائري فيها من كل مرافق الحياة, ففي وسطها حدائق يانعة وساحات واسعة وفيها نظام دقيق لتوزيع المياه ونظام للإنارة, فإذا دنت ساعات الليل أضاءت المصابيح أرجاءها, و وجدا فيها بساتين غنّاء فيها من كل الفواكه و البقول والخضار, لكنهما لم يريا بها بشرا.
ولما أكل الرجلان وشربا واستراحا في أحد البيوت من عناء سفرهما الطويل, نظر المؤمن إلى صاحبه هنيهة ثم قال:
"ما أعجب أمر الصدفة التي رتبت هذه المدينة هذا الترتيب العجيب وسط بيئة قاحلة, ولطّفت الجو كي ننعم بهذا الهواء البارد, وهيأت الأسباب ليقوم هذا البنيان المحكم, وفجرت الماء من الأرض لتنشأ هذه الشبكة المعقدة من أنابيب المياه, وشقت التربة لتخرج هذه النباتات والثمار, واستطاعت أن تستثمر القوانين الفيزيائية لإعداد شبكة الإنارة, لا بد أن هذا كله استغرق ملايين السنين, ما رأيك؟"

نظر إليه الملحد مبتسما وقال: " للأسف لا أستطيع أن أنسب هذا الذي أراه هنا للصدفة, كل ما هنالك أن سكان هذه المدينة قد غادروها فجأة قبل وصولنا لسبب نجهله, فإن كل شيء يسير وفق الترتيب الذي وضعوه, ويستحيل أن يكون هذا النظام الدقيق ثمرة صدفة."
سأله المؤمن: "و ماذا عن دعائنا في الصحراء, ألا ترى أنه استجيب, وأننا كنا سنهلك لولا ذلك؟"
فأجابه الملحد: "أما ذلك فصدفة بلا أدنى شك, فأنا رأيت بشرا يبنون مدنا, لكني لم أر من قبل إلها."
كان المؤمن يتوقع هذا الجواب فبادر صاحبه بالسؤال: " هل فكرت يوما أن الإلحاد أشبه شيء بالثوب البالي, يحاول به صاحبه أن يستر الحقيقة, فإذا أعياه ذلك وضعه على مشجب كبير اسمه "الصدفة"؟

مسلم أسود
09-22-2012, 12:09 PM
صدقت

هشام بن الزبير
10-20-2012, 08:50 PM
بارك الله فيك أخي مسلم.

muslim.pure
10-21-2012, 04:53 PM
دهاء كبير من الشاب المسلم
قصة فيها عبرة
جزاك الله خيرا