المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : عقلى أم عقلك!؟ ، تأملات فى كلام شيخ الاسلام ابن تيمية



بحب دينى
10-27-2012, 07:15 AM
بسم الله الهادى الى الصراط المستقيم ، والحمد له سبحانه الذى نجانا من مذاهب المبطلين ، والصلاة والسلام على البشير النذير المصطفى محمد من الانبياء والمرسلين ، فكان كموضع لبنة اكلمت مبنى دقيق وجميل و رزين ، أما بعد :
فانى قد خطر ببالى من مدة حال الناس وعقولهم ، فوجدت أنها تتفاوت فى الادراك والمعرفةوفهم الدنيا على حقيقتها ، فمنهم من فى الدركات ومنهم من فى الدرجات ! ، وكلاهم يزعم أنه على الحق المستقيم ! ، وأن معارضه أما جاهل او مسكين او مغرر به أو أخطأ على غير الصراط المستقيم ،فظللت ابحث ملياً فى عجائب عقول البشر وكل يدعى العقل ووصل بليلى ! ، فأيهم الحق !؟ ، أعقلى أم عقلك !؟ ، كلانا نمتلك نفس العقل ولكن أحدنا فى طريقه فى أقصى الشمال والأخر فى أقصى الجنوب، وكلما تباعدت الازمنة تغيرت الادركات والمفاهيم ...وهذا يقول : العقل يوافق والأخر يقول العقل يؤيد !....والعكس فى الرفض العقلى يذكر !....

فقلت فى نفسى عجباً لملحد الفرضيات والظنون ! ، تجده يعرض عليك الفرضيات ويقاتل عليها ، ويدعى أنه لاحق ! وانما أفهام تفسر وتشطح فى كل سبيل وتهيئات ! ، فينظر ايهما تنطلى على خياله ووجدانه ! ، والأقرب الى عاطفته وأسنانه ! ، وآخر لادينى لا يمتلك الا مرض الشك ! ، وكلاهما من ملة الكفر الواحدة ! : شكك تسد ! ، ولو قلبنا عليهم الطاولة وسألناهم عن معتقدهم الذى يجابهوننا من أجله وجدناه ضرباً من الخيالات والخرابيش التى لاتغنى من الحق شيئاً !، فكان حرياً بصاحب الحق أن يقول : أين الحق !؟ ويبحث عنه ....

ولما نظرت فى مذاهب الباطل جميعاً : وجدتها اهواء واضمحلالات فكرية وتقيئات سحرية ! ، من وحى خيال وضرب لوجدان وعاطفة ! ، كل يدعى فيها العقلانية ! ، ويرقى بأنفه الى السماء ولا يكاد ينظر الى الأرض الا أن تاتيه صاعقة تضرب أم رأسه فيسقط صريعاً ، وأحسب تلك الصاعقة هى صاعقة الحق التى تضرب بجذورها فى اعماق ودواخل الأرض ! وترتفع الى اعالى القمم الشاهقات ! ، كمثل ذبابة ترفع أنفها للسماء وتقول : لاتقلقى فلن تنالى منى أذى ! ، فتنظر اليها السماء بعجب قائلة : ومن أنت لتؤذينى !؟....

ولقد نظرت الى النقل الشرعى الاسلامى : فوجدته الفرقان الذى يميز هذا من ذاك ! ، ويرفع اقواماً ويذل اخرين ! ، ويرقى بأفهام ويقدح فى آخرين ، وحرى بالباحث عن الحق ان يبحث فيه ويتأمل ففيه عظيم الدواء لمن كان فى قلبه المرض والسقم والداء ! ، ولكن حق لمن يبحث عن الحقيقة ان يجاهد ! فى سبيل نيل شرف الرقى بنفسه ! ، فصاحب البحث عن المال يبحث ويكد لأجله لرفعة هو يبحث عنها فى دنياه وارتقاء بنفسه من حالة لأخرى ! ، ولما نظرت لصاحب البحث عن الحق وجدته يطلب رفعة عقله وتنقيحه من ظلام الكفر الدامس ! ، فهل المال الذى سيفنى وتبحث عنه وتكد ثم أنت لا تبحث عن الفرقان الذى ينجيك من شقاء مكلوم وصدر أصابته ظلمات فوق بعضها !؟ او تستصعب المجاهدة فى سبيله فتدع البحث عنه بالكلية !؟......

ولكلمات شيخ الاسلام أثر عجيب ، تشعرك أنه رجل فهم دينه وربطه بواقعه ، متبحر يسير بعلمه بجذور ثابتة شامخة ! ، راسخاً بجذور علمه والتى تبهر به الافهام المؤيةد والمخالفة ، ولما قرأت فى كتابه :الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر وجدته يتكلم عن اهواء البشر واختياراتهم وسمات النفس واعاجيبها فخطرت فى بالى خاطرة أردت بها النفع والافادة ، وهى ربط ذاك الموضوع الذى أتكلم عنه بما قاله شيخ الاسلام واستدلالاته البديعة وحق أن ينظر فيها فهى مفيدة بحق ، فيشعرك باستدلالاته كأنه بحر فى الفهم ! يكاد يلقى على مسامعك الدليل تلو الأخر ليزيدك يقيناً بما يتكلم عنه ، ويشعرك أن رجل عاش مع القرآن ، فرحمه الله وغفر لنا وله ....

يتبع إن شاء الله ...

بحب دينى
10-27-2012, 08:40 AM
عقلى أم عقلك ؟!
ومن تأملاتى فى كلام شيخ الاسلام فى كلامه هذا :

فإن من الناس من يكون حبه وبغضه وإرادته وكراهته بحسب محبة نفسه وبغضها ، لابحسب محبة الله ورسوله ، وبُغض الله ورسوله ، وهذا نوع من الهوى ، فإن اتبعه الانسان ، فقد اتبع هواه :َمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّه ....فإن أصل الهوى هو محبة النفس ويتبع ذلك بغضها .
والهوى نفسه هو الحب والبغض الذى فى النفس - لا يلام العبد عليه ، فإن ذلك لايملكه ، وإنما يلام على اتَّباعه .
كما قال تعالى :يَا دَاوُدُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّه....وقال تعالى :وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّه....وقال النبى صلى الله عليه وسلم : ثلاث منجيات : خشية الله فى السر والعلانية ، والقصد فى الفقر والغنى ، وكلمة الحق فى الغضب والرضا ، وثلاث مهلكات : شح مطاع ، وهوى متبع ، وإعجاب المرء بنفسه .....

والحب والبغض يتبعه ذوق عند وجود المحبوب والمُبغَض ، ووجد وإرادة وغير ذلك ، فمن اتبع ذلك بغير امر الله ورسوله فهو ممن اتبع هواه بغير هدى من الله ، بل قد يتمادى به الأمر الى أن يتخذ الهه هواه ....

واتَّباع الاهواء فى الديانات اعظم من اتباع الأهواء فى الشهوات . فإن الأول حال الذى كفروا من أهل الكتاب والمشركين كما قال تعالى : {فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ}[القصص:50].
وقال تعالى :{ضَرَبَ لَكُمْ مَثَلاً مِنْ أَنْفُسِكُمْ هَلْ لَكُمْ مِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ شُرَكَاء ....الآية الى قوله :بَلِ اتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَهْوَاءَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ.}
وقال تعالى : {قَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلاَّ مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ وَإِنَّ كَثِيْرًا لَّيُضِلُّوْنَ بِأَهْوَائِهِم بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِالْمُعْتَدِيْنَ}..

وقال تعالى :{وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءهُم بَعْدَ الَّذِي جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللّهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ }....
وقال نعالى :ولئن اتبعت أهواءهم من بعد ما جاءك من العلم إنك إذا لمن الظالمين .
وقال :وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ.
ولهذا كان من خرج عن موجب الكتاب والسنة من المنسوبين الى العلماء والعباد يُجعل من أهل الأهواء ، كان السلف يسمونهم أهل الأهواء .وذلك أن كل من لم يتبع العلم فقد اتبع هواه ، والعلم بالدين لايكون الا بهدى الله الذى بعث به رسوله صلى الله عليه وسلم .
ولهذا قال تعالى فى موضع :وَإِنَّ كَثِيْرًا لَّيُضِلُّوْنَ بِأَهْوَائِهِم بِغَيْرِ عِلْمٍ. فالواجب على العبد أن ينظر فى نفس جبه ومقدار حبه وبغضه هل هو موافق لأمر الله ورسوله ، وهو هدى الله الذى أنزله على رسوله صلى الله عليه وسلم بحيث يكون مأموراً بذلك الحب والبغض ، لايكون متقدما فيه بين يدى الله ورسوله ؟ ومنْ أحب أو أبغض قبل أن يأمر الله ورسوله ففيه نوع من التقدم بين يدى الله ورسوله .
ومجرد الحب والبغض هو هوى ، لكن المحرم منه اتباع حبه وبغضه بغير هدى من الله ، ولهذا الله لنبيه داود : ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله إن الذين يضلون عن سبيل الله لهم عذاب شديد. فأخبر أن من اتبع هواه أضله ذلك عن سبيل الله ، وهو هواه لذى بعث به رسوله وهو السبيل اليه .*

قلت : والعقول لاتستقيم الا بفرقان يميز بين سقيمها وصحيحها ! ، والحاجة الى ذلك الفرقان الهادى ماسة شديدة ، فينصلح حال العباد والبلاد ، وليس كما يسمى بالعامية : سمك لبن تمر هندى ! ، كما يريد متبعى بنى الأصفر فى كل شىء حتى فى الالتهابات والقرح والأمرض والأوبئة ! ، فجر شرهم على البلاد والعباد ما الله به عليم ، فإنهم يريدون جعل المسلم كالكافر ولا حق ولا باطل ، ولو يزني أو يماس الشذوذ أحدهم أو سب أو شتم فذاك من حرية الرأى والفعل والتعبير ! ، وإن حاججته قال لك عقلى عقلى ! ، وكم جرت العقول الخربة على البلاد والعباد من حروب فتاكة ! ولا يخفى عليك ما حدث فى سوريا ! ، من طمع واستئثار من نذل وجبان على سلطته ! ، فظل يقتل فى العباد وكأنهم فى مفرمة لحوم ! ، فتسمع فى الاخبار قتل مئة اليوم او مئتين ! وكأنه يحارب بلدة معادية لا بلدته ! والشعب الذى يعيش بينه !....

وما هتلر ولينين وكل مفسد عاش فى الأرض يخفى عليك ! ، فإنه لايعجز أن يبرر بعقله أى شىء ! ، وقالوا فى الأمثال : قالوا للحرامى أحلف قال جاءك الفرج ! ، فلو كان ما سيفعله الانسان كفراً ليستأثر بما يريد فله من تلك المبررات أعاجيب ! ، وعند أتباع بنى الأصفر من العلمانين والعقلانين أن هذه مبررات عقلية ! ، وإن تبرأوا من ذلك قلنا عاد عليكم حجتكم التبريرية فى حرية الزنا والدعارة !؟ ..فهى تبريرات لأنفسكم ! أما حينما تصطدمون بغيركم فلا ! والسؤال : عقلى أم عقلك هو المرجح لديك عند اختلافنا !؟....



ان الانسان بحاجة الى فرقان بين الحق والباطل ليميز الحق من الباطل ويقول لهذا أصبت وهذا أخطأت ويقيم فى الناس العدل ويقتص من ظالمهم ! ، قال جل وعلا :َلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ . فلا تسمع أخى المسلم لتلك الدعايا والدعاوى ! بحجة العقلانية ! ، بل رد عليهم عقلانيتهم واتبع ما أمرك به ربك، ولتعلم أن ما أمرك به هو ما سيجلب عليك فى دنياك العدل والسعادة ! والعزة والتمكين ! وما يأمرك به أتباع بنى الأصفر هو البؤس والشقاء وما أثاره تخفى عنك ! فتخلف الانظمة العلمانية من مئة عام يتجلى الان بالحديد والنار !.....

وفى الختام تذكر أتبع ما أنزل الله اليك ولا تحيد عنه ، ولتعلم أن سر سعادة المرء فى دنياه دينه واتباع ما أمر الله به وسر بؤسه وحزنه أن يسمع لشياطين الأنس والجن فيصدونه عن الحق ، ويملون عليه ترهاتهم ! ، بشبهات ماتت واندثرت فبحثوا عنها من بعد ما أملى عليهم شيطانهم معازف وحيه الباطل ! ، فلا تحد عن فرقان أنزله الله اليك لينصلح به حال البلاد والعباد وفقنى الله وإياك لمرضاته .....
-------------------------------------------
*كتاب الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر ط دار الاستقامة ص 16-19 بتصرف يسير

اخت مسلمة
10-27-2012, 08:59 PM
مميز !!
بارك الله فيكم