المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مفهوم الزمن ومعضلة بداية الكون ( مقال روعة)



shahid
11-06-2012, 07:48 PM
بقلم : بروفيسور محجوب عبيد طه
(عالم فيزيائي وصاحب انجازات علمية كبيرة )

الزمن وبداية الكون:عند الحديث عن تعريف الزمن، في الفقرة الثانية من المقالة الأولى، أشرت إلى صعوبة تعريف الزمن في ظروف يطغى فيها الاضطراب الكمي في المقادير المقيسة ويضيع فيها مفهوم ترتيب الحوادث. مثل هذه الظروف متوقع عند بداية الكون وفق التصور المعتمد في فيزياء الكون الابتدائي: كثافة رهيبة للمكونات الأولية للمادة والإشعاع تحت ضغط هائل داخل حيز ضيق جداً. مع التوغل في الزمن السابق، والاقتراب من لحظة الصفر، تزداد حدة هذه الظروف ويضيع معنى القياس ويصعب ربط الحوادث بإطار محدد للزمان والمكان، فينهار الفكر العلمي المعملي. هذه قضية أساسية لا تقتصر على موضوع تعريف الزمن؛ هي مسألة محدودية مفاهيم العلم البشري بسبب محدودية التجربة البشرية. بعض الباحثين في علم الكون يستهين بهذه المسألة ويعتبر تمديد المفاهيم الإجرائية لمثل هذه الظروف ممكناً بعد تعديلها على نحو مناسب. ولكن الحقيقة هي أن غياب إمكانية التجريب، من حيث المبدأ، يجعل محاولات التعديل وإعادة الصياغة عمليات شكلية لا تعكس تنظيراً يمكن إخضاعه للملاحظات التجريبية وربطه بالبناء العلمي المعتمد.ويرغب عدد من الباحثين في أصل الكون أن يفسروا كيف ظهر من العدم. وهذا مسعى مستحيل التحقيق، في نطاق العلم الطبيعي، كما سبق أن وضحت في مقالات سابقة. سبب الاستحالة عدم وجود قوانين طبيعية تصف الانتقال من العدم إلى الوجود، وعدم جدوى البحث عن مثل هذه القوانين من موقع الإنسان داخل الكون المشاهد. ولقد كتبت بحوث كثيرة في موضوع خلق الكون من العدم، استهدفت أن تتلمس اللاشيء خلف كل شيء. بنيت هذه المحاولات على تصورات مستوحاة من الخبرة العلمية مثل الانبثاق بوساطة الخندقة الكمية أو مبدأ لا تحددية الزمن والطاقة أو التذبذبات الكمية في متسع الزمان والمكان أو فرضية اللاحدود في الدالة الكونية. غير أن كل هذه المحاولات، من حيث تفسيرها لظهور الكون من العدم، لا تعدو أن تكون أمثلة جيدة للطرائق المختلفة التي يمكن أن يفشل فيها أي مجهود يستهدف تحقيق المستحيل.في ظل فشل هذه المحاولات وعدم الاقتناع بمنطلقاتها الأولية، نشر باحثان في علم الكون، هما قوت ولي، مقالة متخصصة فضفاضة في منتصف عام 1998م يقترحان فيها فكرة أن يكون الكون قد خلق نفسه، ويوضحان أن القوانين الفيزيائية تسمح بذلك! أساس المقالة ملاحظة المؤلفين وجود أمثلة لحلول معادلات النسبية العامة تحوي مسارات زمانية مغلقة. المسار الزماني المغلق يكرر دورياً الانتقال من أية حالة عليه إلى الحالة نفسها بعد المرور على بقية الحالات التي تشكله. يمكن أن نعتبر أن كل حالة على هذا المسار قد «خلقت نفسها»، لأن الانتقال منها إلى سابقاتها في التسلسل الزمني يقود إليها مرة أخرى؛ أي أن البحث عن سببها ينتهي إلى أنها هي السبب.ونلاحظ أن كل حالة على المسار مسبوقة بحالة أخرى وليست هنالك حالة ابتدائية. يتصور المؤلفان أن الكون يمكن أن ينشأ بتفرع عن إحدى حالات هذا النظام الأولي ثم يتطور على النحو المشاهد. تعقب تاريخ الكون سيقود، إذن، إلى الحالة التي تفرع عندها عن المسار المغلق ثم إليها مرة أخرى عبر حالات هذا المسار. وعليه فإن الكون قد «خلق نفسه»!قبل أن أناقش هذه الفكرة أود أن أعلق، باختصار، على استخدام مصطلح «خلق النفس» في هذا السياق. لنفرض أننا اكتشفنا بالفعل وجود مسار زماني مغلق في ماضي الأنموذج الكوني المعتمد. ماذا يمكن أن نستنتج منه فيما يخص خلق الكون؟ ما يمكن استنتاجه هو أن تتبعنا لماضي الكون لم يقدنا إلى بداية محددة له هي لحظة خلقه، وإنما قادنا إلى دوامة دورية لا نستطيع أن ننفذ منها. ولن يعني هذا أن الكون قد خلق نفسه وإنما يعني أن خالق الكون، ومدبر قوانين تطوره، لم يشأ أن يترك فيه أثراً يدل على متى خلقه ومن أي شيء خلقه. دعوى أن الكون خلق نفسه أكبر من وجود نماذج كونية فيها هذه المسارات، وتنبئ عن عقيدة إلحادية لا تقتضيها فرضية هذه الخاصية الرياضية.أشير، في البداية، إلى ملاحظة مهمة، هي أن وجود حلول للنسبية العامة لها خصائص رياضية معينة أمر، وقبول هذه الخصائص في أنموذج كوني عملي أمر آخر. وكان خوكنق قد رفض المسارات الزمانية المغلقة على أساس أنها كانت مصحوبة، في الحلول التي قدمت، بقيم لا نهائية في بعض المناطق لممتدة الطاقة والاندفاع (لاحظ التسبيب الرياضي مرة أخرى!) ثم قدمت حلول أخرى عالجت هذا العيب، فاعتبر البعض ذلك بمنزلة قبول لهذه المسارات في علم الكون. والواقع أنه لا يوجد أنموذج كوني جاد يحوي مثل هذه المسارات وليس هنالك سبب للاعتقاد بجدواها في تفسير أية ظاهرة كونية.وأقدم الآن حجة عامة وبسيطة أراها كافية لرفض وجود المسارات الزمانية المغلقة في النظم الطبيعية. تعتمد الحجة على وجود دالة مؤشر الزمن، أي على لاعكوسية التطور التلقائي. انتقال النظام الطبيعي من حالة معينة إلى ذات الحالة بعد حين، بتطور تلقائي، يقتضي أن تظل دالة مؤشر الزمن بقيمة ثابتة على كل المسار ويصح هذا، ليس فقط على النظام الكلي، وإنما أيضاً على كل النظم الداخلية التي يتكون منها، لأن الحالة التي نعنيها تتشكل من الحالات الدقيقة للمكونات. ثبات دالة مؤشر الزمن على قيمة واحدة خلال التطور التلقائي لهذه النظم يخالف القوانين الطبيعية المستنبطة من الكون المشاهد بعد انفصاله عن هذا الأصل السرمدي.وأضيف أن النظرية الكمية ترفض المسار المحدد بتطور حتمي، وتوضح أن تطابق حالتين لا يعني تطابق التطور المستقبلي لكل منهما؛ أي أن المستقبل المترتب على الحاضر المعلوم ليس أمراً متيقناً وإنما هو مجموعة إمكانات باحتمالات معلومة. وهذا يعني أن تطابق حالتين للنظام، وإن وجد، لا يقود إلا إلى عقدة في المسار يسبقها ماض لا يكرر نفسه! ولا يكون المسار معرفاً إلا بمعنى التقريب الكلاسيكي، إذ إن الدقة الكمية تقتضي استبداله بحزمة ضبابية الحدود، تزداد سعة كلما توغلنا في الماضي حتى يفقد ترتيب الحوادث، أي مفهوم الزمن المقيس، معناه.وهنالك إشكالية أساسية تتعلق بانبثاق الكون المشاهد عن حالة على مسار مغلق. إذا كان المسار محدداً بحالات متتابعة وفق تطور حتمي فيلزم أن ينبثق الكون عن هذه الحالة بعد كل دورة على المسار المغلق تبدأ من هذه الحالة وتنتهي إليها! وإذن فقد أصبح هذا الأصل السرمدي مصدراً يولد الأكوان المتطابقة بصفة دورية دون أن يؤثر فيه ذلك أي تأثير! أما إن كان المسار ضبابي المعالم احتمالي التطور، فإن إنتاج الأكوان لا يكون حتمياً، وإنما يحدث باحتمالات محسوبة. وإذ إن تميز حالة معينة لا أساس له، فإن إنتاج الأكوان يكون ممكن الاحتمال عند كل حالة على المسار. وإذن فقد حصلنا على ماكينة للحركة الدورية تؤدي عملاً مستمراً دون أن تفقد شيئاً. لقد قررت فيزياء القرن التاسع عشر استحالة وجود مثل هذه الماكينة حتى لو كانت على اتصال دائم بمصدر للطاقة الحرارية!الإجابة عن التساؤل الذي طرحه المؤلفان: «هل تمنع القوانين الطبيعية الكون أن يخلق نفسه؟» واضحة ومباشرة القوانين الطبيعية هي خصائص العالم المشاهد. ونحن لا نعلم نظاماً طبيعياً معزولاً له خاصية خلق ذاته. وإذن فليست لدينا قوانين طبيعية تصف خلق الذات في النظم المعزولة، وليست لدينا مشاهدات تعرّف هذه الخاصية. وعليه فإن موضوع «خلق الذات» يقع خارج النطاق الراهن للمعرفة البشرية. أما التصور المعين الذي يقدمه المؤلفان لبداية الكون فيمكن مناقشته في نطاق العلم الطبيعي وقد وجدناه مناقضاً لبعض الأساسيات المتفق عليها.تغير الزمن مع الموقع الكوني:يعرف الكثيرون ما تقول به النظرية النسبية الخاصة من الاختلاف بين المشاهدين في قياس الفترة الزمنية بين حدثين معينين. هذا الاختلاف ناتج عن الحركة النسبية بين المشاهدين، ولا صلة له بالموقع. غير أن النسبية الخاصة لا تصف الظواهر الكونية. النظرية التي تصف الظواهر الكونية هي النسبية العامة، وهي في الأساس نظرية للجاذبية. والجاذبية هي أهم قوة طبيعية كونية، ولها في كل موقع من العالم قيمة. بل إن النماذج الكونية تبنى على أساس أنها القوة الطبيعية الوحيدة في العالم المشاهد.في النسبية العامة، الجسيم الطليق هو الذي لا يتأثر إلا بقوة الجاذبية، وهذا اختلاف عن تعريف الجسيم الطليق في الميكانيكا التقليدية، سببه أن النسبية العامة تستبدل الجاذبية بتغيير في خصائص هندسة الفراغ يلزم الجسيمات الطليقة بمسارات تكافئ مساراتها تحت تأثير الجاذبية، ويمكننا افتراض أن مكونات العالم المشاهد كلها جسيمات طليقة، أي أنها لا تتأثر إلا بالجاذبية، وأن المسارات الممكنة لها محددة بهندسة الفراغ حولها.ومن خواص الجاذبية أن سرعة الجسيم الطليق، بعد تحديد شروط الحركة الابتدائية، تعتمد على الموقع فقط، وهذا يعني أنها تعتمد على قيمة الجاذبية عند هذا الموقع، وينطبق هذا التأثير على الضوء أيضاً، فسرعته في حقل الجاذبية تعتمد على موقعه، وهي أقل من سرعته في الفراغ، ولكنها أعلى من سرعة الجسيمات المادية عند ذلك الموقع.وإذاً فإن الجاذبية تؤثر على قياس الفترات الزمنية بسبب تأثيرها على الحالة الحركية للمشاهد. هذا يعني أن المشاهد الذي يقيس الفترة الزمنية التي تنقضي بين موقعين على مسار مركبة فضائية يجد قيمة مختلفة عن تلك التي يسجلها مشاهد على المركبة، يعتمد الفارق بين القياسين على موقعي المشاهدين. وللحضور لدى الحدث أهمية خاصة.فالمشاهد الذي يحضر الحدث، أي يكون داخل المركبة، يجد فترة زمنية أقل من تلك التي يجدها أي مشاهد يراقب المركبة من بعيد، ومن الممكن أن يكون الفارق كبيراً جداً إذا كانت المركبة تتحرك في مجال قوي للجاذبية بينما يتأثر المراقبون بمجالات جاذبية أقل بكثير. أقوى مجالات الجاذبية تكون على مقربة من الثقوب السوداء، لذلك فإن المشاهد الذي يكون داخل مركبة تقترب من حافة ثقب أسود (وهي سطح مغلق حول الثقب الأسود يسمى بالأفق) يسجل فترة زمنية قصيرة تعطي قياسات المشاهد البعيد أضعافاً مضاعفة منها. بحسب قربه من الحافة، يمكن أن يكون اليوم عند المشاهد حاضر الحدث مكافئاً لأي عدد من السنوات عند المشاهد البعيد. وهذا يوضح أن اختلاف الفترات الزمنية باختلاف المواقع الكونية ليس أمراً شكلياً، وفي العالم المشاهد فروق كبيرة في قوة الجاذبية بين موقع وآخر. ونلاحظ أن الفارق في قياس الفترات الزمنية لا يعتمد على السرعات العالمية كما هو الحال في غياب الجاذبية في النسبية الخاصة. سبب ذلك أن سرعة الضوء في الفراع ثابتة بينما تتغير في مجال الجاذبية حسب قوة المجال.سقنا هذا الشرح لتوضيح أن الحديث عن زمن واحد في هذا العالم الذي يسبح في مجال للجاذبية شامل، يؤثر على كل مكوناته ليس وارداً. وأنه لابد من أخذ اختلاف الفترات الزمانية باختلاف المواقع الكونية في الاعتبار، متى كان هذا الاختلاف بقدر يؤثر على المشاهدات. وكذلك أوضحنا خصوصية المشاهد حاضر الحدث في تميزه عن كل مشاهد آخر، بأقصر فترة زمنية مقيسة. وفي ختام هذه الفقرة نذكر أن نسبة فترة المشاهد الحاضر لفترة مشاهد بعيد في موقع محدد ليست ثابتة. ففي مثال الثقب الأسود يستطيع المشاهد الحاضر أن يجعلها نسبة يوم لسنة أو يوم لمليون سنة بمزيد من الاقتراب من الثقب الأسود. الزمن في القرآن الكريم:ما ذكرناه في الفقرة السابقة كان لتوضيح أن الاختلاف في قياس الفترات الزمنية ظاهرة من ظواهر العلم الطبيعي يمكن دراستها ومعرفة أسبابها. ورغم أن العلم الطبيعي غير الوحي الإلهي، وأن المشاهد المخلوق الذي يتأثر بالقوى غير الخالق الذي يفعل ما يريد فإن معرفة الظواهر الطبيعية ذات الصلة تقرب للأذهان معاني إشارات قرآنية لموضوعات كونية، وتمكن من الرد على من ينكرونها من الملاحدة الذين يحسبون أن العلم الطبيعي يدعم إلحادهم. ففي العلم الطبيعي يستطيع المشاهد حاضر الحدث بتغيير موقعه في مجال الجاذبية، أن يجعل فترة زمنية ثابتة عنده مكافئة لما يشاء من السنوات عند مشاهد آخر. كيف ينكر الملاحدة أن يكون ذلك بمقدور خالق المشاهدين وما يشاهدون؟ من منصة ملتزمة بالعلم الطبيعي نجد أن الإلحاد عقيدة ممكنة ولكن
الاستعانة بالعلم الطبيعي لدعمه ليست ممكنة.وفي ظل هذه الملاحظة أقول، وبالله التوفيق، إن الإشارات للزمن عديدة في القرآن الكريم، ولعلي أبدأ بآيات الخلق وهي متكررة في عدة سور وتفيد أن الله سبحانه وتعالى خلق السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام. من الواضح أن اليوم هنا ليس فترة دورة الأرض حول نفسها، إذ الكلام عن خلق الأرض. ولم يتبع أياً من آيات خلق السماوات والأرض ذكر لما يكافئ مقدار اليوم فيها مما نعده من السنوات. والظن عندي، ولست مفسراً، أن هذه الأيام الستة هي مراحل خلق العالم، ولا يعلم ما يعادل مداها عند البشر إلا الله سبحانه وتعالى. ويقدر علماء الكون أن المدة التي انقضت منذ الفرقعة الكبرى وحتى تكوين المجرات نحو عشرة بلايين سنة. إذا افترضنا أن هذه هي فترة خلق العالم، فمن الممكن أن نطلق العنان لخواطرنا فنقدر مدى اليوم من هذه الأيام الستة، ونحاول التعرف على مراحل خلق العالم من القرآن الكريم ومن تقديرات علم الكون. وهذا مبحث مستقل لا نخوض فيه الآن، لكنه مهم ويتطلب الأناة والحذر.ورد تحديد مقدار اليوم عند الله بألف سنة مما يعده الناس في سورة الحج، قال تعالى {ويستعجلونك بالعذاب ولن يخلف الله وعده،وإن يوماً عند ربك كألف سنة مما تعدون. وكأين من قرية أمليت لها وهي ظالمة ثم أخذتها وإليّ المصير} وهذه آية صريحة لورود {عند ربك} و{مما تعدون} في ذات النص. والمعنى أن العذاب لا محالة واقع، ولكن الله سبحانه وتعالى يمهل، إذ اليوم عنده كألف سنة عندهم، فلو أمهلهم نصف يوم عنده فقد أمهلهم خمسمائة سنة بحسابهم. وقد حدث الإمهال ثم الهلاك لأمم سابقة.ورد ذكر الألف سنة في أية من سورة السجدة: {يدبر الأمر من السماء إلى الأرض ثم يعرج إليه في يوم كان مقداره ألف سنة مما تعدون}، وليس فيها ذكر صريح لكون اليوم يوماً عند الله. (جاء في صفوة التفاسير للصابوني: ذهب المفسرون إلى أن المقصود هو يوم القيامة). وليس واضحاً من السياق قبل وبعد الآية أنها تتعلق بيوم القيامة. ثم إن هذا يجعل يوم القيامة بمقدار ألف سنة من سنواتنا، بينما تفيد آية المعارج أن مقداره خمسون ألف سنة، في سياق واضح الإشارة إلى يوم القيامة {تعرج الملائكة والروح إليه في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة. فاصبر صبراً جميلاً. إنهم يرونه بعيداً. ونراه قريباً}، لذا فيبدو، والله أعلم، أن آية السجدة مثل آية الحج تشير إلى أن يوماً عند الله كألف سنة مما نعد.إذن نخلص إلى القول بأن لله سبحانه وتعالى زمناً خاصاً وأن مكافأة الفترات الزمنية عنده لفترات زمنية عند الناس ليست بنسبة ثابتة، فهي ليست بنسبة ثابتة بين خلقه وخلقه، ولله المثل الأعلى، وبصفة خاصة ليس هنالك ما يلزمنا بنسبة اليوم للألف سنة في آيات خلق السماوات والأرض والمفسرون يقولون إنها ستة أيام من أيام الدنيا. وكلا القولين، ستة آلاف سنة أو ستة أيام دنيوية، يقود لاستنتاج أن عمر الكون هو عمر الأرض مما يختلف مع المشاهدات الفلكية والقياسات الجيولوجية، ولسنا مضطرين إليه.وفي الختام أقول إن أكبر إعجاز القرآن الكريم، في رأيي هو انتصاره الدائم في المواجهة المستمرة بين الآيات الكونية فيه ومكتشفات العلم الطبيعي عبر القرون. هذه المواجهة تبين اتساق القرآن الكريم والعلم الطبيعي وعدم تناقضهما. وهذا أمر لا يتحقق لأي كتاب كتبه بشر قبل مئة عام فضلاً عن أن يكون كتبه قبل أربعة عشر قرناً.