المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : إعلان قلوب .. وقلوب !



إلى حب الله
12-15-2012, 10:17 PM
قلوب ٌ.. وقلوب ..!
< موضوع استوحيته من خطبة جمعة : فجزا الله الخطيب خيرا ً>

رحلة استقصائية : أحاول فيها التكلم على لسان أو عن : أقصى القلوب سلامة ًوطيبة ًوإيمان :
وعلى لسان أو عن : الطرف النقيض الآخر من أقصى القلوب مرضا ًوسوادا ًوشرا ًوكفرا ً!!

(1)
يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم :
" تعرف إلى الله في الرخاء : يعرفك في الشدة " !!!..
ويقول كذلك صلوات ربي وسلامه عليه :
" مَن سره أن يستجيب الله له عند الشدائد والكرب : فليكثر الدعاء في الرخاء " !!!..

أقول :
يُخطيء مَن يظن أن أنبياء الله عز وجل والصالحين :
لا يُفتنون ولا يُمتحنون لإظهار قوة إيمانهم التي يعلمها الله تعالى : على أرض الواقع !!!..
وإلا :
فعلى ماذا اصطفاهم ربك سبحانه : وجعلهم للناس قدوة ًوإماما ً؟!!!..

فهذا يُونـُس بن متى نبي الله عليه السلام ...
كانت له عبادة ٌلله وذكر ..
ويوم التقمه الحوت : صار في لحظات : في جوف ظلمات ٍثلاث !!!!..
ظلمة بطن الحوت حيث لن يسمعه ولن يراه أحد !!!..
وظلمة البحر ولجته وموجه !!!..
وظلمة الليل البهيم !!!..

والسؤال : هل تشعرون بهذا القلب في تلك اللحظات ؟؟؟..

هل لو لم يكن مؤمنا ًحق الإيمان بالله عز وجل : هل كان سيدعوه ويناديه من تلك الظلمات ؟؟..
" لا إله إلا أنت سبحانك : إني كنت من الظالمين " !!!..

يا اللـــــــــــــه !!!..
لعلها الملائكة الآن تسأل وتتعجب : صوت مَن هذا ؟؟.. أليس هذا صوت يُونـُس بن متى النبي ؟؟
ذاك العابد لله الذاكر ؟؟!!!..
إنه ما زال يُرفع ُله عمل ٌصالح !!!..

فيجيئه المدد الإلهي والصفح والإحسان :
من لدن الخبير المحيط الذي يستوي عنده وفي علمه : علانية الواحد منا وسره !!!..

" فاستجبنا له !!.. ونجيناه من الغم : وكذلك ننجي المؤمنين " !!!..

فقد كان عابدا ًذاكرا ًلله تعالى في الرخاء أوقات حياته :
فلم يتخلف عنه الله تعالى حينما دعاه في الشدة !!!!!..
ولو كان أحدنا مكانه في بطن الحوت : ويعلم أنه لن يسمعه أبدا ًأحد ٌلينقذه :
فلربما تحسس جسده بيديه - حتى وهو حي - : وهو لا يصدق أنه ما زال يتنفس !
ولكن الله تعالى نجاه :

" فلولا أنه كان من المسبحين : للبث في بطنه إلى يوم يبعثون !!!!..
فنبذناه بالعراء وهو سقيم .. وأنبتنا عليه شجرة ًمن يقطين !!!..وأرسلناه إلى مئة ألف أو يزيدون !!!..
فآمنوا .. فمتعناهم إلى حين " !

ابنة الاسلام2
12-15-2012, 10:27 PM
جزاك الله خيراً

إلى حب الله
12-15-2012, 11:29 PM
(2)
وفي نفس موقف لجج البحر وموجه :
نرى قلبا ًآخرا ً...
ولكنه عاش حياته على النقيض !!!!..

لم يسجد لله تعالى سجدة : يُمرغ فيها أنفه لخالقه عز وجل !!!..
ولم يدعوه ساعة ًمن حياته : يتذلل له فيها : ذل المخلوق الضعيف للرب القادر المالك !

قلب ٌ: قد أعماه الكفر والإلحاد : فأنكر وجود الله كبرا ًوجحودا ً!!!..
ولو كان مؤمنا ًبوجود الله تعالى : ما كان تجرأ على أن يقول :
" أنا ربكم الأعلى " !!!..
ولكنه :
" استخف قومه : فأطاعوه " !!!..

قلب ٌ: زاده غش البطانة وتملقهم ونفاقهم : غروروا ًوطغيانا ً!!!..
حتى لكأني به وقد صدّق كذبته لحظة ًمن الزمان : فظن نفسه بالفعل إله !!!..

طقوس ٌومراسم ٌوتفخيم ٌوتعظيم ٌوكذب ٌوخداع ٌوعبيد ُمال ٍومنفعة ٍيحفونه من حوله وأينما ذهب :
أليس كل أشباهه - وإلى اليوم - كذلك ؟!!...

فلما أمهله الله تعالى من عمره عشرات السنين ...!
ولما أرسل له رسولين من عنده موصيا ًإياهما :
" فقولا له قولا ًلينا ً: لعله يتذكر : أو يخشى " !!!!..
ولما اختار هذا الخاسر الظالم لنفسه الدنيا الفانية : على الآخرة الباقية :
وأعمته قوته البادية : عن حقيقة ضعفه كعبد من أضعف مخلوقات الله تعالى :
جاءه العذاب : وبعد إغرائه بتخطي البحر المفلوق :
" فأوحينا إلى موسى أن اضرب بعصاك البحر : فانفلق : فكان كل فرق كالطود العظيم " !!

وفي لحظات : كاد ذلك القلب الميت فيها أن يلامس نشوته في بغيه واعتدائه على ضعاف البشر :
" وجاوزنا ببني إسرائيل البحر : فأتبعهم فرعون وجنوده : بغيا وعدوا " !!..

وظن أنها نشوة ٌفي يده سيحوزها ولا ضير : وكما قتل أبناءهم صغارا ًمن قبل واستحيا نساءهم :
فوقع له ما لم يكن في حسبانه من فرط غفلته واندماجه في كذبته أنه الإله !!!..

فكل طود ماء ٍعن يمينه وعن شماله : بدأ في التحرك والانهيار : وهو لم يزل وجنده في وسط الطريق !
يا إلهي ( ربما قالها لأول مرة في حياته ) :
لا يمكن أن تكون نهايتي هكذا ؟؟؟..
غرقا ً؟؟؟..
يملأ الماء فمي وأنفي وأذني وعيني ؟؟!!
فأصير أضعف من أن أحوذ حتى على نـَـفـَس هواء ؟؟؟!!..
يا لضعفي !!..
ماذا سأقول لمليكي : رب موسى وهارون وهؤلاء المستضعفين ؟؟!!!..
الآن انتهى وقت الكذب والخداع والضحك على النفس والآخرين بما لن يعد يجدي :
وحان وقت العمل لإنقاذ نفسي !!!!.. وإلا : فخسارتي أبد الآبدين !!
نعم سأقولها ...
سأقولها ولن أستحي أن يسمعني أحد جنودي أو ملأي !!!..
فكلهم مثلي سيموتون : ولن يهمني اللحظة إلا نفسي !!!..

" حتى إذا أدركه الغرق قال : آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل : وأنا من المسلمين " !

يا اللـــــــــه !!!..
حتى اسم ( الله ) تعالى : تكبر عن نطقه ليكمل به الشهادة كما تنبغي !!!!..
فاستبدله بقوله ( الذي آمنت به بنو إسرائيل ) !!!..
ولك حق يا جبريل والله فيما قلت عن هذا الكافر الجاحد المكابر المراوغ !!!..
ففي الحديث يقول عليه السلام لنبينا المكرم : صلى الله عليه وسلم :
" لو رأيتني وأنا آخذ من حال (أي وحل وطين) البحر : فأدسه في فم فرعون : مخافة أن تدركه الرحمة " ؟!

فيا سبحاااااان الله !!!..
شتان بين ردة فعل الروح القدس الملائكي جبريل : مع انطلاق صوت فرعون بالشهادة :
وبين ملائكة الرب جل وعلا التي فرحت بسماع ذكر وتسبيح يُونـُس في بطن الحوت لم يزل !!..

كلاهما وقع في لجة البحر وبين أمواجه ولكن :
اختلفت النهايتان بما قدم كل ٌمنهما في حياته حال رخائه !!!!..

وانقلب الظن الخائب لفرعون حال معاينته للموت وتيقنه من لحاقه به لا محالة (ذاك مُذل الملوك) :
لحقيقة مقابلة الله تعالى له بما قدم من كفر وجحود :

" آلآن ؟؟؟!!.. وقد عصيت قبل : وكنت من المفسدين " ؟!!!..

يُعاملون الله تعالى : كأنهم يعاملون صبيانهم وحاشاه !!!..
تلك هي قلوب المجرمين من الكفرة والمنافقين والمسوفين والمغترين بطول الحياة !!!..

" فاليوم ننجيك ببدنك : لتكون لمَن خلفك آية !!.. وإن كثيرا ًمن الناس عن آياتنا لغافلون " !

حقا ًيا الله .. هم عن آياتك غافلون ...
ولو كانوا يعلمون :
لكانوا أدركوا أن فرصة إجابة الامتحان والابتلاء : تنتهي وقت إظهار الإجابة ورؤيتها :
" هل ينظرون إلا أن : تأتيهم الملآئكة ؟؟!!.. أو يأتي ربك ؟؟!!.. أو يأتي بعض آيات ربك ؟؟!!..
يوم يأتي بعض آيات ربك :
لا ينفع نفسا ًإيمانها : لم تكن آمنت من قبل !!.. أو كسبت في إيمانها خيرا !!!..
قل انتظروا : إنا منتظرون " ...!

حقا ًيا ربي ...
إنا منتظرون ...!

إلى حب الله
12-16-2012, 01:53 AM
(3)
ولا زلنا مع قول نبينا صلى الله عليه وسلم :
" تعرف إلى الله في الرخاء : يعرفك في الشدة " !!!..
ومع قوله كذلك صلوات ربي وسلامه عليه :
" مَن سره أن يستجيب الله له عند الشدائد والكرب : فليكثر الدعاء في الرخاء " !!!..
ولكننا هذه المرة :
لسنا مع قلب ٍواحد نعرض حاله وأحواله من هذه المعاني ولكن :
مع قلوب ٍمجتمعة ...!

فها هم الثلاثة نفر الذين احتموا بغار ٍللمبيت : فسقطت على فتحته صخرة ٌلتحبسهم بداخله !!!
لا مخزون كاف من الطعام .. ولا الشراب .. وربما ولا النــَـفـَس !!!!..
وإذا صرخوا : لن يسمعهم أحد !!!!..
وإذا حاولوا دفع الصخرة : تلتوي أيديهم ولا تتحرك الصخرة قيد أنملة !!!!..

فيا لها من قلوب ٍمرتجفة ٍساعتها !!!..
فهل هو محك ٌمن محكات الإيمان ؟!!.. أي وربي .. وماذا غير ذلك في المصائب ؟!!!..

اللهم لا سميع لنا ولا مطلع علينا إلا أنت !!.. ولن يُجيبنا إلا سواك يا قريب يا رحمن !!!..

هكذا أتخيل كلا ًمنهم في مناجاته لربه وهو قاب قوسين أو أدنى من الموت !!!..
ماذا عن الزوجة ؟؟.. أولادي أحبابي ؟؟.. أموالي وتجارتي ؟؟.. إنجازاتي وتاريخي وسيرتي ؟؟؟..
هل كل ذلك سينتهي في ساعات ليذهب أدراج الرياح ؟!!!..

كم هي رخيصة ٌهذه الدنيا والله ...!
وكم هو رخيص ٌكل ما فيها : إذا اقترب الموت وصار على مرمى حجر !!!..
ولكن ......

هذه القلوب الثلاثة ليست من تلكم القلوب اليائسة من رحمة الله !!!.. فانتبهوا !!!!..
إنها من القلوب الطائعة المؤمنة !!!..
وما أشبهها بقلوب مَن قال فيهم عز وجل :
" إن الإنسان : خلق هلوعا ً!!.. إذا مسه الشر : جزوعا ً!!!..وإذا مسه الخير : منوعا ً!!.. إلا :
المصلين ..
الذين هم على صلاتهم : دائمون ...
والذين في أموالهم : حق ٌمعلوم .. للسائل : والمحروم ..
والذين يُصدقون : بيوم الدين ..!
والذين هم من عذاب ربهم : مشفقون .. إن عذاب ربهم : غير مأمون ..
والذين هم لفروجهم : حافظون .. إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم : فإنهم غير ملومين ..
فمن ابتغى وراء ذلك : فأولئك هم العادون ..
والذين هم لأماناتهم وعهدهم : راعون ..
والذين هم بشهاداتهم : قائمون ..
والذين هم على صلاتهم : يحافظون ..
أولئك في جنات مكرمون " ..

فلما كانوا من أهل الإيمان والثبات والطاعات :
قالوا لأنفسهم :
ليدعوا كل ٌمنا ربه بأرجى عمل ٍعمله لوجهه عز وجل خالصا ًله :
عسى الله تعالى أن يفرج عنا ما نحن فيه !!!..

عرفوا الله .. وعرفوا أنه ما لهم سواه : فدعوه بأرجى أعمالهم وأصلحها في نظرهم وأخلصها لله :
في حال رخائهم ....!
" تعرف إلى الله في الرخاء : يعرفك في الشدة " !!!..
" مَن سره أن يستجيب الله له عند الشدائد والكرب : فليكثر الدعاء في الرخاء " !!!..

>> فأما أحدهم ...
فحكى كيف وقف ليلة ًبأكملها يحمل الحليب لوالديه النائمين لا يريد إيقاظهما تأدبا ًوبرا ً:
وأولاده الصغار يتضاغون من الجوع تحت قدميه !!!..
إلى أن صحيا في الفجر ( لاحظوا : من الليل للفجر ) .. فناولهما غبوقهما : ثم أعطى أولاده !!!..
فيا اللـــــــــه !
هل هذا هو دين الله عز وجل ؟؟.. أن يبلغ البر بالوالدين ما بلغ بهذا الرجل مع أبويه ؟!!!..
أي والله ...
ولن يعرف الولد مقدار تعب أبويه معه : إلى أن يصير مثلهما ويبلغ من العمر ما بلغا من عطائهما !
إنها سلاسل من الرحمات تتكرر فينا جيلا ًمن بعد جيل !!!..
فهنيئا ًله مَن يعي ..
ولمَن لم يعي .. ولمَن لم يتزوج ويُنجب :
فيكفيه امتثال أوامر ونواهي هذا الدين الرباني مع الأبوين !!!..
" رب ارحمهما : كما ربياني صغيرا ً" ..!
فهذا قلب ...
ولمثل هذا القلب : أزاح الله تعالى الصخرة قليلا ً..

>> وأما الآخر :
فحكى كيف كان قلبه مولع ٌبابنة عم ٍله : رغب فيها أشد ما يرغب الرجال بالنساء ..
ولكنها تمنعت منه ...
ثم دار عليها سنة ٌ( أي فقر وحاجة وعوز ) فأدى لها مائة ًوعشرين دينار لتمكنه من نفسها !
فيا له من قلب تعميه غشاوة الهوى وظلام الشهوة ساعتها : أن يقع عليها في الحرام !
فلما تمكن منها ...
ذكرته بتقوى الله !!!.. وألا يفض الخاتم إلا بحقه !!!..
يا اللـــــــــــــــــه !!..
هنا تتجلى آية ٌمن آيات الله عز وجل حينما قال سبحانه في حال المؤمنين الحق :
" إن الذين اتقوا : إذا مسهم طائف ٌمن الشيطان : تذكروا !!.. فإذا هم مبصرون " !!..
أي وربي ...
مبصرون بتقوى الله !!!..
نعم .. قد تعمى الأعين والأبصار وتتغشى القلوب بغشاوة طائف ِالشيطان وشهوات النفس ولكن :
إذا ذ ُكرت مثل هذه القلوب بالله : تذكرت !!!..
تذكرت : ولم تتمادى حتى تستوفي شهوتها التي لم يعد بينها وبينها شيء !!!..
تذكرت : ولم تتغافل وكأنها ما سمعت شيئا ًولا ذ ُكرت بشيء !!!..
تذكرت : ولم تكن مما قال الله تعالى فيهم :
" والذين إذا ذ ُكروا بآيات ربهم : لم يخروا عليها صما وعميانا " !!!..
فاقشعر البدن ...
وقام عنها وترك لها المال الذي أعطاها :
خشية ًمن الله وحده !!!..
واتقاء ًلوجهه وحده !!!..
ورغبة ًواحتسابا ًفيما عنده وحده !!!..
فهذا قلب ...
ولمثل هذا القلب : أزاح الله تعالى الصخرة قليلا ً..

وأما ثالثهم :
فحكى كيف أنه استأجر أجيرا ً.. فلما قضى الأجير ُعمله الذي طـُلب منه :
مضى ولم يأخذ أجرته ...
فماذا فعل أخونا الثالث هذا ؟؟؟..
هل قال : " بركة أنها جاءت من عنده " ؟؟!!..
هل قال : " رزق ٌقد ساقه الله إليّ " ؟؟؟!!..
هل قال : " أجرته وقد استغنى عنها فهي الآن لي " ؟؟؟!!!..
ووالله : كل ذلك لمستساغ لو فعله : وخصوصا ًفي عصرنا هذا !!!!..
ولكنه قلب : من القلوب السليمة التي تعامل ربها عز وجل : وقبل أن تعامل الناس !!!..
لقد أخذ هذه الأجرة القليلة لذلك الأجير : بأمانة الله !!!..
فنماها .. ورعاها .. وكبرها ...
حتى إذا جاءه ذاك الأجير في يوم من الأيام وقد أحوجته الحاجة لما زهد فيه من قبل من أجرته :
فرح أخونا أشد الفرح وقد حان وقت قضاء أمانته !!!!..
والتي صانها لوجه الله !!!..
فأخذ الأجير ليريه ما صار إليه أجره الزهيد الذي نماه له ...
فإذا بالرجل يرى إبلا ًوبقرا ًوغنما ًورقيقا ً!!!!!..
فيلتفت لأخينا قائلا ً: يا عبد الله : لا تستهزيء بي !!!!..
فيخبره أخونا أنه لا يستهزيء به : ثم يخبره بالخبر والأمانة التي صانها لوجه الله وحده !!!..
وبالفعل :
يسوق الأجير كل ما له من إبل وبقر وغنم ورقيق : ولم يترك منه شيئا ًحتى لأخينا !!!..
يا اللــــــــــــــه !!!..
هل تتخيلون معي تلك اللحظات على قلبه ؟؟؟!!..
وهو يرى كل ما جمع لأسابيع وربما لشهور أو سنين :
وهو يذهب كله في لحظات من أمام عينيه ولا يتبقى له منه شيء ؟؟!!..
ويا لحسرتنا نحن على وداعنا للجنيه الواحد أو الريال الواحد حين تفرق بيينا وبينه الصدقات !!!
فهذا قلب ...
ولمثل هذا القلب : أزاح الله تعالى الصخرة قليلا ً: وحتى صار بإمكانهم الخروج !!!..

هؤلاء تعاملوا مع الله تعالى في رخائهم :
فعاملهم سبحانه في شدتهم : وبما دعوه به بصالح أعمالهم وأرجاها وأخلصها له !!!..

أقول :
هذه قلوب ثلاثة نفر فقط : وقد استجاب الله تعالى لدعائهم في كربتهم :
وبما قدموا من تقواه سبحانه في سالف أيامهم !!!!..

هذا أحدهم راعى الرحم كأحسن ما يقدر عليه !!!..
وهذا الآخر داس على شهوته وأطفأ نارها اتقاء لله وعندما ذ ُكر بالله !!!...
وذاك الثالث لم يعم ِالمال بصره وبصيرته واستعبده له كمعظم أهل الأرض اليوم !!!..

والسؤال :
هل لو كانت أمتنا تقدم في رخائها : ما قدمه هؤلاء القلوب الثلاثة في رخائهم :
هل كان دعاؤها ساعتها إلا مستجابا ً؟؟؟..
ولكن :
هي قلوب ٌ.. وقلوب ....!
والله المستعان !!..

" تعرف إلى الله في الرخاء : يعرفك في الشدة " !!!..
" مَن سره أن يستجيب الله له عند الشدائد والكرب : فليكثر الدعاء في الرخاء " !!!..

إلى حب الله
12-20-2012, 11:24 PM
(4)
هو أنقى القلوب وأتقاها ..
هو قلب رسول الله صلى الله عليه وسلم !!!..
مَن لي بأقلام ومجلدات لأكتب عنه ولا أنتهي ؟؟؟..

فإن قلنا قلب ٌمعلق ٌبالله : فهو !!..
وإن قلنا قلب ٌيخشى الله : فهو أيضا ً!!!..
وإن قلنا قلب ٌيحب الله تعالى : فهو كذلك !!!..
وإن قلنا قلب ٌيرقب الله تعالى في كل نفس ٍمن أنفاسه وقول وعمل : فهو !!..
وإن قلنا قلب ٌتشرب بمعرفة الله تعالى ففاضت عليه الرحمة برحمة والحلم بحلم : فهو !!..
وإن قلنا قلب ٌعرف لله تعالى عظمته ومُلكه وجبروته : فتواضع له وحقق كمال العبودية والطاعة : فهو !

وإن قلنا قلب ٌصبر على مشاق الدعوة وبذل النفس والمال والوقت والجهد : فهو !!..
وإن قلنا قلب ٌعرف لكل نفس مفتاحها فساقها للإسلام بإذن ربه : فهو !
وإن قلنا قلب ٌعرف اختلاف شخصيات صحابته خاصة والمسلمين عامة فعاملهم بذلك ونجح : فهو !!..
وإن قلنا قلب ٌعرف للناس منازلهم وطباعهم الخاصة بكل منهم : الطفل والمرأة والعجوز : فهو !
وإن قلنا قلبٌ لامس بشفقته الفقير والمسكين والأرملة واليتيم والعبد والأسير وعابر السبيل وذا الحاجة : فهو !
وإن قلنا قلبٌ غلبت أمانته عداء قومه له ؟ وغلب عفوه إيذاء قومه له ؟ فعاد كل ذلك بالخير على دعوته : فهو !

وإن قلنا قلب ٌكان أشد القلوب في الله ولله : فهو !!..
وإن قلنا قلب ٌما انتصر لنفسه قط في غضب : وإنما لله : فهو !!!..
وإن قلنا قلب ٌجمع تأديب المعلم وإرشاد العالم وتوجيه القائد وحنكة السياسي وزهد الناسك وتحنث العابد : فهو !
وإن قلنا قلب ٌكان أشجع ما يكون في الإقدام ؟ وأثبت ما يكون في النوازل ؟ وأصدق ما يكون مع الله : فهو !
وإن قلنا قلب ٌكان يتفطر لموت أصحابه : ولا يعزيه إلا موتهم على الإسلام أو شهادتهم في سبيل الله : فهو !!..
وإن قلنا أنه كذلك قلب ٌكان يتفطر حزنا ًوأسىً على الكافرين والمنافقين مما يعلم من مصيرهم : فهو !!..

وإن قلنا قلب ٌكان محل الرسالة الخاتمة من الله تعالى للبشرية جمعاء : فهو !!..
وإن قلنا قلب ٌكان مثالا ًلكمال الإنسان عابر السبيل الذي لم يستمتع من دنياه إلا بما يبلغه رحلته على خير : فهو !
وإن قلنا قلب ٌكان يخالطه الوحي بجلالته وأنواره : فهو !!!..
وإن قلنا قلب ٌكان أهلا ًلإسرائه إلى الأقصى ومعراجه إلى السماوات وحتى سدرة المنتهى : فهو !!!..
وإن قلنا قلبٌ في ورع مَن أراه الله النار رأي العين .. ورجاء مَن أراه الله الجنة وما فيها : فهو !!!..
وإن قلنا قلب ٌكان أنقى القلوب قبل رسالته وحتى سن الأربعين : فكان اختيار الله تعالى له واصطفائه على قدر : فهو !
وإن قلنا قلب ٌكان أشفق ما يكون على أصحابه وأمته : فلم يترك خيرا ًإلا ودلهم عليه ولا شرا ًإلا وحذرهم منه : فهو !

وإن قلنا قلب ٌكان مطواعا ًليد جاريةٍ طفلة ٍصغيرة ٍتذهب به ويذهب معها حيث قضت حوائجها : فهو !!!..
وإن قلنا قلب ٌكان بكاءً بالقرآن وللقرآن ويحب أن يسمعه من غيره : فكيف بصوته : فهو !!!..
وإن قلنا قلب ٌمعطاءٌ لم يكن يمنعه فقر بيته وخلوه من الزاد عن أن يضيف الضيفان ولو بإرسالهم لمَن لن يخذلهم : فهو !
وإن قلنا قلب ٌاختار الفقر تعففا ًوزهدا ًعلى الغنى الذي كان يأتيه من الغنائم والهدايا والعطايا إلخ : فهو !!..
وإن قلنا قلب ٌصابر ٌعلى فقدان الأحبة منذ الصغر حتى شملته معية الله : فهو !!..
وإن قلنا قلب ٌيقود جسدا ًتطهرت جوارحه وأعضائه عن الحرام والشبهة : فكأنما هو ملاك في جثمان بشر : فهو !!..

وإن قلنا قلب ٌعرفه الكفار من قبل الرسالة بالصدق والأمانة : فهو !!..
وإن قلنا قلب ٌأسَر َالمنصفين والصادقين من الكفار بكرم أخلاقه وسموها حتى أسلموا من سمته ومعاملته : فهو !
وإن قلنا قلب ٌما زالت سيرته إلى اليوم تلهب المحبين لله وللخير بالإيمان : وتزيل عنه شبهات الكاذبين : فهو !
وإن قلنا قلب ٌقد أمر الله تعالى مَن أراد الفلاح أن يتخذه أسوة : ومَن كان يُحب الله أن يتبعه : فهو !!..
وإن قلنا قلب ٌلولا أرسله الله تعالى إلى العالم من وقته وإلى اليوم : لما كان أحيا الله تعالى به قلوب : فهو !!
وإن قلنا قلب ٌصنع مدرسة ًمن الصحابة ما إن كل واحد منهم مدرسة ًلوحده هو الآخر :
فلا شك أنه عظيم !!..

إنه محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم :
رسول ُرب العالمين !!!..

إلى حب الله
12-20-2012, 11:54 PM
(5)
فإذا كان هذا هو حال أنقى قلوب البشر وأتقاها كما رأيناه بالأعلى :
فكيف هو حال مبغضيه ؟؟.. أو كارهيه ؟؟.. أو شانئيه ؟؟..
ما هو حالهم إذا امتعضوا كذلك من سنته ؟.. أو من صفاء عقيدته ؟؟..

" إنا أعطيناك الكوثر .. فصلّ لربك وانحر .. إن شانئك : هو الأبتر " !

يا اللـــــــــه !!!..
الأبتر .. ومعرفة ٌبألف ولام أيضا ً؟؟!!..

فيا ليت هذا الأبتر حتى سيكون معروفا ًمثل صفته تلك !!.. ألا وإنه سيندثر أثره وذكره :
فإذا ذ ُكر :
ذ ُكر في مزبلة التاريخ مع كل كافر وملحد وطاغوت وكافر وجاحد ومكابر أو معاند !!!..
وإلا :
فكم واحد من القراء الآن يعرف مَن المقصود بالذم في سورة الكوثر هذه ؟؟؟..
سبحان الله العظيم !!!..
إما يصير نكرة مبتور الذكر لا يذكره الناس : وإما يكون مبتور الذكر الحسن :
فلا يُذكر إلا مع فرعون وهامان وقارون والنمروذ وأبي لهب ٍوأبي جهل !!!..

ولا أجد أجمل ما أختم به هنا عن تلك القلوب المبتورة من كل خير :
مما قاله شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى في مجموع الفتاوى (16/ 526 : 529) :

" سورة الكوثر : ما أجلّها من سورة ! وأغزر فوائدها على اختصارها ! وحقيقة معناها : تُعْلم من آخرها !
فإنه سبحانه وتعالى بَتَر شانيء رسوله من كل خير !!.. فيَبتر ذكره وأهله وماله : فيخسر ذلك في الآخرة !
ويبتر حياته : فلا ينتفع بها !! ولا يتزوّد فيها صالحا لمعاده !!.. ويبتر قلبه : فلا يعي الخير !!..
ولا يؤهِّله لمعرفته ومحبته والإيمان برسله !!.. ويبتر أعماله : فلا يستعمله في طاعة !!..
ويبتره من الأنصار : فلا يجد له ناصرا ولا عونا !!.. ويبتره من جميع القرب والأعمال الصالحة :
فلا يذوق لها طعما !!.. ولا يجد لها حلاوة !!.. وإن باشرها بظاهره : فقلبه شارد ٌعنها !!..
وهذا جزاء من شنَأ بعض ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم :
وردَّه لأجل هواه أومتبوعه أو شيخه أو أميره أو كبيره !!!..
كمَن شنأ آيات الصفات وأحاديث الصفات !!.. وتأوَّلها على غير مراد الله ورسوله منها !!..
أو حملها على ما يوافق مذهبه ومذهب طائفته !!.. أو تمنَّى ألا تكون آيات الصفات أ ُنزلت !!..
ولا أحاديث الصفات قالها رسول الله صلى الله عليه وسلم !!..
ومن أقوى علامات شناءته لها وكراهته لها :
أنه إذا سمعها حين يَستدل بها أهلُ السنة على ما دلت عليه من الحق : اشمأز من ذلك !!..
وحاد ونفر من ذلك !!.. لِما في قلبه من البغض لها والنفرة عنها !!..
فأي شانيء للرسول أعظم من هذا ؟؟..
وكذا : مَن آثر كلام الناس وعلومهم : على القرآن والسنة !!.. فلولا أنّه شانيء لِما جاء به الرسول :
ما فعل ذلك .. حتى إن بعضهم لينسى القرآن بعد أن حفظه !!.. ويشتغل بقول فلان وفلان !!..
فالحذرَ الحذرَ أيها الرجل :
من أن تكره شيئا مما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم أو تردّه لأجل هواك !!..
أو انتصاراً لمذهبك أو لشيخك !!.. أو لأجل اشتغالك بالشهوات أو بالدنيا !!..
فإن الله لم يوجب على أحد طاعة أحد : إلا طاعة رسوله : والأخذ بما جاء به ..
بحيث لو خالف العبد جميع الخلق : واتبع الرسول :
ما سأله الله عن مخالفة أحد ..!! فإن مَن يطيع أو يُطاع :
إنما يُطاع تبعا للرسول .. وإلا لو أمر بخلاف ما أمر به الرسول : ما أُطيع ...
فاعلم ذلك .. واسمع وأطع واتبع ولا تبتدع تكن أبتر مردودا عليك عملُك !!.. بل :
لا خير في عمل أبتر من الاِتّباع !!!.. ولا خير في عامله !!.. والله أعلم " ..