المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : معرفة الله، الجواب اليقيني على كل الأسئلة



ابن العربي
02-10-2013, 05:57 PM
إننا خلقنا من لا شيء، و بمعنى آخر خلقنا من شيء تافه، ثم أصبحنا كائنات تحس و تتفكر، و وجدنا أنفسنا في هذا العالم الحافل بالخلائق المتجددة و بالتغيرات الطبيعية المتعددة، و بأحداث البشر و التاريخ، و كان السؤال الأبرز الذي يمس مباشرة إحساسنا بوجودنا هو : من هو الله الذي يتردد اسمه على كل الألسن و بمختلف اللهجات، هل هو حق أم وهم ؟ و تلي هذا السؤال أسئلة أخرى :
فإذا كان الله حقا، ماذا يريد من خلق كل هذا الخلق ؟
و لماذا هذا الزمن الممتد في الوجود الكوني و في الحياة الإنسانية ؟
إلى أي شيء يريد أن ينتهي بنا ؟
إذا كان الإنسان صادقا و جديا إزاء هذه الأسئلة لا يركبه الغرور و الهوى، و لا يفرح بمبلغ علمه، لأنه ببساطة يدري أن هذه الأسئلة أكبر من الإنسان من حيث الوزن و القيمة، و ليس معنى هذا أنه لن يعرف جوابها و لن يفهم أبدا سر وجوده.

لا بد أن هناك إجابات مختلفة على تلك الأسئلة عن سر وجودنا، و عن مصيرنا، و عن الله، في الفكر الإنساني عامة و في الأديان.
و الوصول إلى الحقيقة ربما يقتضي منك بحثا طويلا و ربما تكتفي بالإجابة الفطرية التي اقتنعت بها منذ طفولتك و مراهقتك.
لكن هل هو جواب يحسم في كل هذه القضايا، فنخرج من خلاله بفكر مستقر و نفس مطمئنة و بال مرتاح ؟
إن أقصر طريق إلى الإجابة هي معرفة الله تعالى ذاتها، فإذا عرفنا ذات الله و أفعال الله، من خلال اسمه و صفته كما عرفنا بنفسه في القرآن الذي نعرف جميعا أو على الأقل في قرارة أنفسنا أنه ليس كلاما عاديا .. معرفة الله هي الحل لكل المشاكل العقلية التي تظل عالقة في النفس و تؤثر في وجودنا و سلوكنا كبشر.

فمن هو الله أو من هو الخالق ؟

هناك ثلاث إجابات لا رابع لها :

1- أنه بشر مثلنا و نحن نعرف خصائص البشر أو من جنس الطبيعة المخلوقة من عدم و نحن نعرف خصائصها أيضا، و لا أحد يقبل بأن المادة و القانون يستطيعان خلق نفسيهما

2- أنه عدم لا وجود له و مع ذلك فقد أوجدنا، و لا عقل يقبل بذلك

3- أنه ليس مخلوقا و لا عدما فهو بغير مثيل و لا نظير و لا كفؤ و لا شبيه

فما الذي تراه جوابا معقولا أو الأقرب إلى عقلك ؟

لا شك أن الجواب الثالث هو الأقرب، و هو يعطينا فكرة عن وجود مقدس مطلق لا ندركه بالعقول فضلا عن الأبصار. و هو الذي خلقنا و خلق كل شيء.

و أي جواب بعد هذا الجواب يعتبر تجديفا و تخليطا و ضربا من التخيلات، لأنه الجواب المنطقي الوحيد كما في قول الله تعالى :

{قُلْ هُوَ اللَّـهُ أَحَدٌ ﴿١﴾ اللَّـهُ الصَّمَدُ ﴿٢﴾ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ ﴿٣﴾ وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ ﴿٤﴾} سورة الإخلاص


الله الذي خلق الكون، و الإنسان، فهل ترك الإنسان في الكون هملا ؟ هل أعطاه هذا العقل و الإحساس سدى، هل أوجده في هذا العالم بغير حكمة و هدف ؟

إن مشكلة الأمم السابقة التي عبدت مع الله غيره هي ذاتها في معرفة الله و الجدوى من خلقه للإنسان، فكان اعتقاد كثير من الأمم في الله مغلوطا و قاصرا و منتقصا من الذات الإلهية و كانت نظرتهم إلى المصير بحسب ذلك، فبعث الله الرسل بالبينات و هي المعجزات ليبينوا للناس غلطهم و قصورهم و انتقاصهم ذلك.

فالله ليس كما نشتهي نحن أن يكون، لا بد أنه أعظم و أسمى من ذلك، و هذا ما حاول الرسل جاهدين إيضاحه للناس بمنطق العقل و ليس بمنطق الشهوة،
فتصور الإله عند النصارى مثلا أو عند اليهود نابع من شهوتهم و ليس من منطق العقل، فما ظنك بإله صفاته بشرية و لا يتنزه عن نقائص البشر ؟

فإذا عرفنا أن الله أكبر و أعظم من كل ما أوجده في الكون بمشيئته استطعنا أن نعلم بذلك سر وجودنا و الحكمة من كل النعم و حتى النقم التي تصيبنا،
الله ابتلانا بالعقل و الوجود و الخير و الشر و لكنه بقدر ذلك يحيطنا بعنايته في كل مكان، و في الوقت ذاته ائتمننا على هذه الأرض و أوكل إلينا العناية بها كبشر عاقلين و فق شرائعه المنصوص عليها في كتبه و على لسان كل رسول حق من رسله.
أمرنا بالعدل و نهانا عن الظلم و الخروج عن الفطرة التي فطرنا عليها و منحنا الإحساس الروحي الذي ينبئنا بحدود هذه الفطرة تماما كما منحنا موازين لهذا الجسد.
و ليس من العدل الإلهي أن يدع قوما مثل قوم لوط أو آل فرعون ليفسدوا في الأرض و يستكبروا فيها و يعتدوا على النساء و الأطفال، فقد أرسل الله إليهم من يهديهم إلى الفطرة و الطريق السوي، و حتى لا يكون للناس حجة على الرسل صلوات الله و سلامه عليهم أرسل معهم البينات، مع أن منطق الرسل وحده كاف لإقناع البشر.
و لكم أن تتدبروا معي موقف الرسول الكريم محمد صلى الله عليه و سلم من قومه الذين آذوه رغم أنهم كانوا يعلمون صدقه و كيف صبر عليهم مدة طويلة قبل أن يقاتل من قاتله على الحق، و كذا موقفه من الذين لم يؤذوه من أهل الكتاب الذين يعطون الجزية و أوصى بهم حتى أخبر أن من قتل معاهدا لم يرح رائحة الجنة، و موقفه من علاقة الناس ببعضهم و خاصة العلاقة بالآباء و الأبناء و علاقة الأقارب و الزوج بزوجته و بناء ذلك على الحب و الإحترام و حفظ الحقوق، و موقفه من الأعراب الذين لم يدركوا معاني الإسلام و لم يفقهوا كثيرا من أحكامه المتغيرة بتغير الأشخاص و الأمكنة و الأزمنة، و موقفه من الضعفاء و المرضى و المساكين و ابن السبيل حتى من غير المسلمين، و موقفه من الدواب و الحيوانات و الأشجار، و من النجاسة و الأوساخ – رفع الله قدركم –
و موقفه من الضيف و الجار و اليتيم و الجاهل عليه و كيف أمر بالإحسان إليهم، و موقفه من الأموات من الأصدقاء و حتى من الأعداء و موقفه من الأسرى و أننا يجب أن نعامل الكل بعدل و دون اعتداء، أليس ينبئ ذلك عن صفات الله العلية صفات الله الذي أرسله رحمة للعالمين ؟

muslim.pure
02-10-2013, 08:43 PM
مقال ممتاز يضع النقاط على السطور و صاحب الحق يكفيه دليل و صاحب الهوى لا يكفيه ألف دليل
جزاك الله خيرا