المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : إعجاز القرآن.. حقيقته، وجوانبه، ومفاهيم خاطئة



الجاحـظ
04-25-2006, 07:11 PM
الزملاء الكرام، أود نقاش موضوع إعجاز القرآن معكم، مستعينًا ببعض ما قرأته من كتب، وآخذًا بآرائكم في هذا الموضوع المهم، وسأقسم الموضوع على مجموعة مداخلات حتى يسهل التعامل معها.

ما موضوع الإعجاز؟

رأيت أن هذا الموضوع هو أهم المواضيع، وفي الماضي فهمت موضوع الإعجاز بشكل خاطئ بل وتفاجأت الآن بأن الأغلبية الساحقة منا يخطئون في هذه الجزئية أيضًا، فرأيت أن أطرح الموضوع لإفادتكم أيضًا.


ما هو المطلوب في التحدي؟

ذكر التحدي في أربع مواطن في القرآن الكريم:


أَمْ يَقُولُونَ تَقَوَّلَهُ بَل لَّا يُؤْمِنُونَ (33) فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِّثْلِهِ إِن كَانُوا صَادِقِينَ (34)

الطور


أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مِّثْلِهِ وَادْعُواْ مَنِ اسْتَطَعْتُم مِّن دُونِ اللّهِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ (38)

يونس


أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُواْ بِعَشْرِ سُوَرٍ مِّثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وَادْعُواْ مَنِ اسْتَطَعْتُم مِّن دُونِ اللّهِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ (13)

هود


وَإِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِهِ وَادْعُواْ شُهَدَاءكُم مِّن دُونِ اللّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (23)

البقرة

المطلوب في التحدي هو الإتيان بمثل القرآن سواءً كان هذا المثل سورة أو عشر سور أو حديثًا كاملاً، وقد تكررت كلمة ((مثله)) في كل آيات التحدي وكان الكفار يعرفون المراد بالمثلية المطلوبة منهم، وهي المثلية البيانية.

والمعنى: قدموا حديثًا أو سورة أو عشر سور، مثل القرآن في بيانه وفصاحته وبلاغته وتعبيره وأسلوبه ولغته. لأن هذا هو ما كانوا يتقنونه في حياتهم الأدبية.

وكأنه يقول لهم: القرآن الذي تسمعونه بلغة عربية وبيان رفيع، وأنتم تتقنون اللغة العربية والبيان والبلاغة، فأتوا بكلام مثل هذا القرآن، في بيانه وفصاحته وبلاغته.

لم تكن مضامين القرآن ومعانيه وعلمومه داخلة في التحدي المطلوب، وليست هذه المضامين هي المثلية المطلوبة، والذي يدل دلالة صريحة على هذا، كلمة في آية التحدي في سورة هود قد يغفل عنها كثيرون ممن يتحدثون عن إعجاز القرآن، إنها كلمة ((مفتريات)) الواردة في قوله (أم يقولون افتراه قل فأتوا بعشر سور مثله مفتريات).

وكأن جملة (بعشر سور مثله مفتريات) تجاوزت عن الصدق الموضوعي في ما طلب من الكفار تقديمه، فلم تطلب منهم علمًا صائبًا ولا أخبارًا صادقة، ولا معاني رفيعة ولا حقائق موضوعية، وأجازت لهم تقديم امور مفتراة مكذوبة في ذلك، ولكنها بأسلوب وبيان رائع، مثل القرآن في بيانه وأسلوبه.


فالتحدي ليس في المضامين والحقائق والعلوم، وإنما في البيان والفصاحة والبلاغة.

لادينية
04-25-2006, 10:17 PM
فالتحدي ليس في المضامين والحقائق والعلوم، وإنما في البيان والفصاحة والبلاغة

كلام سليم وجميل في نفس الوقت وانا متابعة ...

ناصر التوحيد
04-25-2006, 11:03 PM
الزملاء الكرام، أود نقاش موضوع إعجاز القرآن معكم، مستعينًا ببعض ما قرأته من كتب، وآخذًا بآرائكم في هذا الموضوع المهم، وسأقسم الموضوع على مجموعة مداخلات حتى يسهل التعامل معها.
ما موضوع الإعجاز؟
وكأن جملة (بعشر سور مثله مفتريات) تجاوزت عن الصدق الموضوعي في ما طلب من الكفار تقديمه، فلم تطلب منهم علمًا صائبًا ولا أخبارًا صادقة، ولا معاني رفيعة ولا حقائق موضوعية، وأجازت لهم تقديم امور مفتراة مكذوبة في ذلك، ولكنها بأسلوب وبيان رائع، مثل القرآن في بيانه وأسلوبه.

في سورة الإسراء : ﴿قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْءَانِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا﴾
وتحداهم الله أخيرا بالاتيان بسورة واحدة من مثله فقال سبحانه في سورة البقرة :( ﴿وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ * فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ﴾)

أتوقع ان اجد هنا دراسة دقيقة ومؤصلة ومتدبرة ..
فبارك الله فيك وفي جهودك وفي فكرك النيّر .

د. هشام عزمي
04-25-2006, 11:34 PM
أحسنت أخي الجاحظ .. يجب الانتباه كذلك إلى الفرق بين إعجاز القرآن ، وهذا له جوانب عديدة ، وتحدي العرب وهو يقتصر على ما قلت .

الجاحـظ
04-25-2006, 11:59 PM
في سورة الإسراء : ﴿قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْءَانِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا﴾
وتحداهم الله أخيرا بالاتيان بسورة واحدة من مثله فقال سبحانه في سورة البقرة :( ﴿وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ * فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ﴾)

أتوقع ان اجد هنا دراسة دقيقة ومؤصلة ومتدبرة ..
فبارك الله فيك وفي جهودك وفي فكرك النيّر .

وبك أخ ناصر التوحيد،
تجدر الإشارة إلى كوني ناقل لا أكثر، وأحببت إفادة الزملاء هنا،
ولولا ضيق الوقت لنقلت الصفحات في هذا الموضوع المهم، لذا أرجو العذر إن انقطعت أو نقلت الصفحات مصورة.
سأعلق على آية سورة الإسراء في المداخلة القادمة إن شاء الله.

الأخ د.هشام


أحسنت أخي الجاحظ .. يجب الانتباه كذلك إلى الفرق بين إعجاز القرآن ، وهذا له جوانب عديدة ، وتحدي العرب وهو يقتصر على ما قلت .
أظن أن الخطأ الشائع نالك أيضًا يا د.هشام!
سأوضح وجه الخطأ في مداخلتي القادمة.

[line]

ملاحظة: الكلام الذي أنقله مصدره بشكل مكثف هو كتاب (إعجاز القرآن البياني ودلائل مصدره الرباني) للدكتور صلاح عبد الفتاح الخالدي.

http://www.neelwafurat.com/images/lb/abookstore/covers/normal/114/114797.gif

الجاحـظ
04-26-2006, 12:38 AM
الترتيب المرحلي لخطوات المعركة

(1)المعاجزة (مصدر عَاجَزَ بمعنى طالَبَ وتحدى)

(2)العجز (وقوع الفشل)

(3)الإعجاز (النتيجة النهائية في فوز المعاجِز "بكسر الجيم")


هذه هي مراحل الـ"معركة الفكرية" التي يجب أن تمر بها حتى نخلص إلى وقوع الإعجاز، فهل نجد في القرآن مناداة بالتحدي في أي جانب غير البيان؟

الجواب لا، وبالتالي فالجانب المعجز من القرآن هو البيان فقط لا غير.

تطورت دراسة إعجاز القرآن من دراسة بيانية للتعبير القرآني إلى دراسة شاملة لكافة دلائل مصدر القرآن التي تدل على أنه كلام الله ووجيه إلى رسوله.

وهذه الدلائل قد تكون من تعبير القرآن البياني المعجز، وقد تكون من مضامين القرآن وموضوعاته وحقائقه، وقد تكون من أمور أخرى تتعلق بالقرآن ذاته، وقد تكون من أمور أخرى خارج القرآن كالسيرة النبوية مثلاً.

هذه الأدلة المختلفة اعتبرت داخلة ضمن إعجاز القرآن، واعتبرت من وجوه الإعجاز فيه.

وقد بدأت إشارات مجملة إلى هذه النقلة الخطيرة للإعجاز في الماضي قال بها الباقلاني والرازي والغزالي والقاضي عياض والسيوطي وغيرهم.

لكن هذه المرحلة توسعت كثيرًا في العصر الحاضر وقال بها معظم الذين بحثوا (إعجاز القرآن)، أصبحت مضامين القرآن في هذه المرحلة الخطيرة من وجوه إعجازه: أصبحت اللفتات العلمية في القرآن الإعجاز العلمي! وأصبحت أخبار الغيب في القرآن الإعجاز الغيبي! وأصبحت تشريعات القرآن السامية الإعجاز التشريعي، وهكذا...

وأغفل العلماء الذين أدخلوا هذه المضامين والحقائق ضمن وجوه الإعجاز معنى الإعجاز اللغوي والاصطلاحي، كما أغفل هؤلاء سياق آيات التحدي والتلازم المرحلي في معركة إثبات مصدر القرآن بين الخطوات الثلاثة: المعاجزة والعجز والإعجاز.

عند هؤلاء الدارسين –الذين كثروا في العصر الحاضر- كل دليل يدل على أن القرآن كلام الله، هو وجه من وجوع إعجاز القرآن!

وبهذه النقلة الواسعة الخطيرة لعلم الإعجاز، الشاملة لعلم دلائل القرآن، التبس الأمر كثيرًا في موضوع الإعجاز، واختلطت الحقائق الكثيرة، واختفت مسألة (التحدي والمعاجزة والعجز والإعجاز) وسط هذا الركام الضخم من الدلالات المستنبطة من مضامين القرآن وموضوعاته، هذه المضامين التي لم تكن مطلوبة في تحدي الكافرين السابقين باعتراف الدارسين أنفسهم!
وإنه قد آن الأوان لنعود بإعجاز القرآن إلى المرحلة الأولى والكلام المجمل عنه، والذي يحقق الغاية القرآنية المتوخاة منه، كما كان في القرون الثلاثة الأولى.

وإن كان لابد من تفصيل القول في الإعجاز، فلا مانع من الوقفة مع علم إعجاز القرآن باعتباره علمًا مستقلاً يبجث في البيان القرآني المعجز، أما أن نبقى نخلط الحقائق العلمية وندخل على إعجاز القرآن ما هو بعيد عن أصل معناه ومفهومه وحقيقته، ونجعله شاملاً لجميع الدلائل الموضوعية على مصدر القرآن، فهذا بعيد عن حقيقة الإعجاز اللغوية والاصطلاحية والتاريخية والموضوعية والقرآنية، لا بد أن نتوقف عنه.


لابد أن نفصل علم (إعجاز القرآن البياني) عن علم (دلائل مصدره الرباني)، وهما علمان ضروريان لحسن فهم القرآن والدعوة إليه وإقناع الآخرين من العرب والعجم، فالأول جزء من الثاني، وكم يخطئ من يجعلون العلم الثاني جزءًا من الأول! وكم يسيؤون بهذا إلى حقيقة العلم وفكرة إعجاز القرآن!

مهموم
04-26-2006, 01:54 AM
اخي الجاحظ انت حر كيف ترى الاعجاز القرآني ولكن من الخطأ حصرة في البيان , والذي يؤدى بنا الى انه كتاب صحراوي يجب ان يبقى هناك .
كتاب الله هو كتاب معجز من جميع النواحي , وقد وضع الله الاعجاز مختصرا - لا ارى في ذلك عيبا كما يرى البعض - , باختصار لا اريد ان اكتب الكثير عن ذلك لان المدافعيين عن اعجاز القرآن خارج البيان كثر , ومن ضمنهم د.زغلول النجار الدي الذي صب بروتين جام غضبه عليه.
باستطاعتي ان ااتي بالكثر من الايات التي تتكلم عن الاعجاز خارج البيان ولكن اكتفي بما كتبت لنرى تمخضات الموضوع.
السلام عليكم

د. هشام عزمي
04-26-2006, 02:07 AM
جزاك الله خيرًا أخي الجاحظ .. أنا أفهم ما تقصده بالخطأ الشائع ، والخلاف لفظي في واقع الأمر .

ومعلوم أن الله عز وجل لم يتحدى العرب إلا ببلاغة القرآن الكريم كدليل على إلوهية مصدره لكن في القرآن دلائل أخرى على ألوهية هذا المصدر بخلاف الإعجاز اللغوي ، وهذه الدلائل على ألوهية القرآن إن شئت أن تسميها إعجازًا كما هو شائع فافعل وإن لم تشأ فلا مشاحة في الاصطلاح إن شاء الله تعالى .

ولا أنسى في النهاية أن أعبر عن إعجابي بفكرة هذا الموضوع ، وأدعو الله أن يجعل هذا العلم النافع في ميزان حسناتك .

muslimah
04-26-2006, 09:57 AM
فالتحدي ليس في المضامين والحقائق والعلوم، وإنما في البيان والفصاحة والبلاغة.

لقد برع الفراعنة بالسحر فجاء سيدنا موسى عليه السلام بمعجزات فاقت سحرهم مما أدى بسحرتهم لأن يسلموا

وبرع العرب باللغة العربية فجاء القرآن الكريم بمعجزات تفوق براعتهم مما جعلهم يعترفون بأنه وحي إلهي

قرأت في مكان ما أن ما أوردتَ من التحدي كان مختصاً بالعرب لأنهم أهل بيان وفصاحة وبلاغة ولم يكن لديهم معرفة بما يحويه كتاب الله من أنواع الإعجاز الأخرى

لذا فالتحدي يشتمل كل ما بإمكان الناس الإتيان به ويشمل هو في زماننا هذا التحدي العلمي والعددي

الجاحـظ
04-26-2006, 10:44 AM
لماذا يقتصر إعجاز القرآن على الجانب البياني فقط؟

1) لأن التحدي جاء بسورة من مثله، وبالتالي فسورة الكافرون ليست معجزة
يقول سيد قطب رحمه الله: كيف استحوذ القرآن على العرب هذا الاستحواذ؟ بعض الباحثين في مزايا القرآن ينظر إلى القرآن جملة ثم يجيب، وبعضهم يذكر غير النسق الفني للقرآن أسبابًا أخرى يستمدها من موضوعاته بعد أن صار كاملاً، من تشريع دقيق، ومن علوم كونية في خلق الكون والإنسان.

ولكن البحث على هذا النحو إنما يثبت المزية للقرآن مكتملاً، فما القول في السور القلائل التي لا تشريع فيها ولا غيب ولا علوم؟ ولا تجمع بطبيعة الحال كل المزايا المتفرقة في القرآن؟

يجب أن نبحث عن منبع السحر في القرآن قبل التشريع المحكم، وقبل النبوءة الغيبية، وقبل العلوم الكونية، وقبل أن يصبح القرآن وحدة مكتملة، تشمل هذا كله... فقليل من القرآن الذي كان في أيام الدعوة الأولى، كان مجردًا من هذه الأشياء التي جاءت فيما بعد، وكان مع ذلك محتويًا على هذا النبع الأصيل الذي تذوقته العرب.

2) هل نتحدى العالم الآن بالعلم القرآني؟!
ما معنى أن تسمي اللفتات العلمية القرآنية بالإعجاز العلمي؟ معناه أن تتحدى العالم بالإتيان بعلم مثل العلم الذي في القرآن! لأن هذا هو معنى التحدي، وهذا هو مفهوم التحدي في القرآن، لأن الله في كل آيات التحدي كان يطلب منهم الإتيان بمثل القرآن.

فنحن عندما نتحدى غير العرب الآن بالعلم القرآني، هل سيقدمون مثل العلم القرآني أم سيعجزون؟!
طبعًا سيقدمونه ولن يعجزوا!
لأنهم علماء تجريبيون وعندهم مختبرات علمية، يجرون فيها الكثير من التجارب، وعندهم خبرة علمية، ويملكون خلفية وثقافة علمية، كل هذا يمكنهم من تقديم المطلوب، عندها سينجحون في التحدي، وهكذا يبطل (إعجاز القرآن)!

نقول لعلماء العالم الآن: قال الله في القرآن أن الجنين يكون في ظلمات ثلاث، إن هذا إعجاز علمي، ومعناه أننا نتحداكم يا علماء الاختصاص في الطب، هاتوا علمًا مثل العلم الذي في الآية! أي هاتوا وأرونا الظلمات الثلاث التي تلف الجنين،
طبعًا سيأتوننا بالمطلوب ولن يعجزوا، سيقولون لقد اكتشفنا في العلمنا التجريبي هذه الظلمات الثلاث وعرفناها وصورناها داخل الرحم.
هذا معناه أنهم نجحوا في التحدي وقدموا المطلوب منهم، وبالتالي سيبطل الإعجاز القرآني ولن يعود معجزًا.

ما الحل؟
الحل هو أن نجعله دليلاً على مصدر القرآن الرباني، فنقول لهم إن الحقيقة العلمية التي قررها القرآن قبل خمسة عشر قرنًا، والتي صدقتموها أنتم في تجاربكم، دليل على أن القرآن كلام الله، وأن محمدًا رسول الله، وأن الإسلام هو الدين الصحيح، فتفضلوا وادخلوا في الإسلام.
إذن فرق بعيد بين اعتبار اللفتات العلمية في القرآن إعجازًا علميًا، وبين جعلها دليلاً يقينيًا على المصدر الرباني للقرآن الكريم.


3) الدليل الصريح في أن المطلوب هو البيان حتى لو كان المضمون فاسدًا
وهي الآية الكريمة في سورة هود كما ذكرت سابقًا
أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُواْ بِعَشْرِ سُوَرٍ مِّثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وَادْعُواْ مَنِ اسْتَطَعْتُم مِّن دُونِ اللّهِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ (13)

الجاحـظ
04-26-2006, 11:18 AM
عودة للزملاء الكرام

الدكنور هشام عزمي


جزاك الله خيرًا أخي الجاحظ .. أنا أفهم ما تقصده بالخطأ الشائع ، والخلاف لفظي في واقع الأمر
بالضبط هذا هو الموضوع باختصار، ليس إلغاءً للفتات العلم القرآنية، بل تصويب التسمية.

ومعلوم أن الله عز وجل لم يتحدى العرب إلا ببلاغة القرآن الكريم كدليل على إلوهية مصدره لكن في القرآن دلائل أخرى على ألوهية هذا المصدر بخلاف الإعجاز اللغوي ، وهذه الدلائل على ألوهية القرآن إن شئت أن تسميها إعجازًا كما هو شائع فافعل وإن لم تشأ فلا مشاحة في الاصطلاح إن شاء الله تعالى .
أنقل لك كلام الدكتور عدنان زرزور في كتابه (مدخل إلى تفسير القرآن وعلومه) صفحة 153:
((نحن لم ننكر أن تكون مضامين القرآن من أهم وسائل تعميمه والدعوة إليه، وأن تكون براهين على أن القرآن الكريم تنزيل من حكيم حميد.. ولكن أنكرنا أن تكون مناط الإعجاز الذي وقع به التحدي.
ومن شاء أن يسميها إعجازًا من باب التجوز فليفعل، على ما يعود من عمله هذا على القضية الأساسية من بعد وإساءة ، أو خلط وتمييع، ولو عن غير قصد)).


ولا أنسى في النهاية أن أعبر عن إعجابي بفكرة هذا الموضوع ، وأدعو الله أن يجعل هذا العلم النافع في ميزان حسناتك
وأنا معجب بتعقيباتك التي تجيء في الصميم :emrose:
[line]
الزميل شاك

اخي الجاحظ انت حر كيف ترى الاعجاز القرآني ولكن من الخطأ حصرة في البيان , والذي يؤدى بنا الى انه كتاب صحراوي يجب ان يبقى هناك .
كتاب الله هو كتاب معجز من جميع النواحي , وقد وضع الله الاعجاز مختصرا - لا ارى في ذلك عيبا كما يرى البعض - , باختصار لا اريد ان اكتب الكثير عن ذلك لان المدافعيين عن اعجاز القرآن خارج البيان كثر , ومن ضمنهم د.زغلول النجار الدي الذي صب بروتين جام غضبه عليه.
باستطاعتي ان ااتي بالكثر من الايات التي تتكلم عن الاعجاز خارج البيان ولكن اكتفي بما كتبت لنرى تمخضات الموضوع.
السلام عليكم
أخشى أن الفكرة لم تصلك جيدًا يا زميلي،
وواقع أن الدكتور النجار من ضمنهم لا تعني أن التسمية سليمة،
من العلماء الذين استنكروا هذه التسمية الإمام عبد القادر الجرجاني من السابقين، ومحمود شاكر (رحمه الله) وسيد قطب ومحمد الغزالي وعدنان زرزور من المعاصرين، وليس العضو الجاحـظ في منتدى التوحيد!
[line]

الزميلة مسلمة:

قرأت في مكان ما أن ما أوردتَ من التحدي كان مختصاً بالعرب لأنهم أهل بيان وفصاحة وبلاغة ولم يكن لديهم معرفة بما يحويه كتاب الله من أنواع الإعجاز الأخرى
سأتحدث عن هذه الجزئية إن شاء الله.

الجاحـظ
04-26-2006, 11:37 AM
بعد هذا الشرح لموضوع وجانب الإعجاز القرآني (وهو أهم المواضيع)، أنتقل إلى موضوع آخر وهو خصائص وحقائق حول إعجاز القرآن.

يبين محمود شاكر رحمه الله أن هناك سبع حقائق حول إعجاز القرآن:

1)قليل القرآن وكثيره في شأن الإعجاز سواء.. وأقصر سورة في القرآن (الكوثر) معجزة مثل أطول سورة.

2)إعجاز القرآن كائن في بيان القرآن ونظمه، ومباينة خصائص البيان في القرآن لكل خصائص البيان في لغة العرب، وفي سائر اللغات.

3)أوتي العرب القدرة على الفصل بين كلام البشر وكلام غيرهم. ولذلك تحداهم الله.

4)كان العرب يعرفون أن المطلوب منهم في التحدي هو مثل هذا البيان القرآني، الذي يدركون أنه خارج عن جنس كلام البشر.

5)لم يكن المطلوب منهم في التحدي الإتيان بمثل القرآن مطابقًا لمعانيه، وإنما المطلوب مثله في البيان فقط، ولا يهم إن كان المعنى مفترى أو مختلقًا أو كذبًا.

6)التحدي في القرآن للكافرين المنكرين الزاعمين القدرة على المعارضة، وهو قائم مستمر إلى يوم الدين.

7)مضامين القرآن ليست داخلة في التحدي مثل أخبار الغيب والتشريع وحقائق العلم، وهذه المضامين تعد دلائل على أن القرآن من عند الله، لكنها لا تدل على أن القرآن معجز.

الجاحـظ
04-26-2006, 11:55 AM
دلالات آيات التحدي

بالرجوع إلى آيات التحدي الأربع نجد ما يلي:

1)أنها شملت القرآن المكي والمدني،

2)كانت تطبيقًا عمليًا للخبر في سورة الإسراء في عدم قدرة الإنس والجن على الإتيان بمثل القرآن.

3)وردت الآيات كلها في سياق واحد، هو النقاش مع الكافرين، في موضوع النبوة وارسالة القرآنية.

4)كان يسبق آية التحدي الحديث عن تشكيك الكافرين في القرآن وزعمهم أنه ليس كلام الله وأن محمدًا افتراه.

5)كان يتبع التحدي إثبات مصدر القرآن وتقرير أنه كلام الله.

6)كان التحدي في الآيات لإثبات عجز الكفار عن الإتيان بالمطلوب، وإثبات العجز ليس هدفًا بحد ذاته، وإنما هو وسيلة وغاية سامية، وهب إثبات أن القرآن كلام الله، وأن محمدًا هو رسول الله، وإيمنا الكفار بذلك ودخولهم في الإسلام.

7)السماح للكافرين بدعوة من يريدون والاستعانة بمن يستطيعون.

8)تقرر آيات التحدي عجزهم عن المعارضة، وتقرر لهم هذه النتيجة قبل البدء بالمحاولة من باب الحرب النفسية التي تشنها الآيات، لزعزعة ثقتهم بقدراتهم البيانية وتقرير هزيمتهم في هذا التحدي.

9)جزم القرآن بعدم قدرتهم عن المعارضة تحد آخر لهم (فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا).


وهنا أرجع للزميل ناصر التوحيد وأعلق على استشهاده بالآية من سورة الإسراء، وهو أن الآية إخبار عن عجزهم وليست تحديًا لهم، وليس فيها خبر تكذيب الكافرين للنبي (ص) بل على العكس تتحدث عن منة وفضل الله على رسوله الكريم، فهي خبرية تقدم وعدًا وليس تحديًا مباشرًا.

الجاحـظ
04-26-2006, 12:23 PM
شخص الخصم، لمن التحدي؟

هذا المبحث مهم جدًا ويخطئ فيه الكثير من الناس أيضًا، ومصدر الخطأ يأتي في معظمه من الاعتقاد بأن الآية التي استشهد بها الزميل ناصر التوحيد هي آية تحد، بينما في الواقع هي آية خبرية كما بينا.

التحدي موجه للكافرين

الدليل النقلي هو آيات التحدي الأربعة نفسها، فهي تتحدى الكفار المكذبين للنبي (ص).
والدليل العقلي يُستنبط من الآيات نفسها أيضًا، فهل يتحدى الله الصحابة ومن بعدهم من المؤمنين بالقرآن؟؟ وهل يتحدى الله نبيه نفسه وهو في مقدمة المؤمنين؟

وهنا ينبع لبس آخر، من هم الكفار المعنيون في التحدي؟ هل هم كفار قريش؟ أم الحبشة؟ أم الفرس والروم والهنود وكل كافر برسالة محمد (ص)؟
لو وجه التحدي لهؤلاء لاحتجوا بعدم مهارتهم في اللغة العربية، فكيف يطلب منهم تأليف كلام بلغة لا يتقنونها؟
هذا يدل على خطإ قول بعض العلماء: التحدي في القرآن موجه للناس جميعًا، من عرب وعجم، وموجه للثقلين جميعًا من الإنس والجن.
وكم يخطئ هؤلاء ويسيؤون لفكرة التحدي في تعميمهم هذا، كم سيسخر الناس من بطل في المصارعة يتحدى غلامًا لم يتجاوز العاشرة من عمره ويقول له: أنت لن تقف أمامي! وسأقضي عليك بالضربة القاضية! كم سيسخر الناس من بطل في الجري يتحدى مشلولاً أو مقعدًا أو أعمى ويقول له تعال سابقني في الجري، وسأسبقك وأتغلب عليك!!


من هنا نستنتج ما يلي:

التحدي موجه لفئة معينة فقط وهم العرب الكافرون (مرحلة المعاجزة كما بينت سابقًا).
العجز يشمل الإنس والجن جميعًا (المرحلة الثانية).

إن انتقاء الألفاظ أمر مهم جدًا يؤثر على فهم إعجاز القرآن وموقف أعدائه منه.

د. هشام عزمي
04-26-2006, 12:23 PM
أحسنت أخي الجاحظ ، بارك الله فيك وزادك علمًا وفضلاً .


قرأت في مكان ما أن ما أوردتَ من التحدي كان مختصاً بالعرب لأنهم أهل بيان وفصاحة وبلاغة ولم يكن لديهم معرفة بما يحويه كتاب الله من أنواع الإعجاز الأخرى

لذا فالتحدي يشتمل كل ما بإمكان الناس الإتيان به ويشمل هو في زماننا هذا التحدي العلمي والعددي
أخشى أن المرء لا يستطيع أن يتفق تمامًا مع هذا الرأي يا أختاه ، وقد أشار الأخ الجاحظ لطرف من هذا مشاركاته أعلاه خاصة في المشاركة رقم 10 .

الجاحـظ
04-26-2006, 12:45 PM
كم يسعدني تفعالك ومشاركتك لي يا دكتور هشام،

سأعود للكتابة اليوم في المساء إن شاء الله، وسأتحدث عن (لجنة التحكيم) في هذا التحدي، وعن أخطاء شائعة أخرى، بعد أن تحدثت عن ماهية الإعجاز وخصائصه وشخص الخصم.

روشة
04-26-2006, 01:34 PM
الإخوة الكرام
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لا أتفق مع الأخ كاتب المشاركة ( الجاحظ ) فى أن القرآن لا يشتمل إلا على الإعجاز البيانى
وذلك لأن القرآن الكريم جاء لكل زمان ومكان ليس لقريش فقط والله عز وجل جعل فيه من الإشارات التى تعجز البشر عن الإتيان بمثله فى كل الجوانب ليس الجانب البيانى فكيف يتحدى القرآن أهل العلم من الأجانب باللغة العربية فى الجانب البيانى منها وهم ليسوا أهل اللغة ؟؟؟؟
إن الله عز وجل وضع أسرارا كثيرة فى القرآن الكريم لا تنحصر فى الإعجاز البيانى لأنه يوجد مثلا الإعجاز التنبؤى مثلما أخبر قبل تسع سنين من انهزام الروم أنها غلبت ومثل الإعجاز الطبى عندما تحدث عن العسل الأبيض وأن فيه شفاء للناس ويكتشف العلماء الآن فوئد كبيرة فى عسل النحل ومثل الإعجاز العلمى عندما يتحدث القرآن عن مراحل خلق الإنسان فى رحم أمه ويكتشف العلم الحديث تطابق الوصف مع مايرونه بالأجهزة الحديثة

أرجو من الجميع زيارة هذا الموقع www.elnaggarzr.com
وأرجو أيضا أن لا نتوغل فى علم بدون استشارة أهل هذا العلم بما نقول فيه حتى لا نخطىء الفهم

وجزاكم الله خيرا

الجاحـظ
04-26-2006, 04:37 PM
حل مشكلتين معاصرتين أمام الإعجاز البياني

حصرنا إعجاز القرآن ببيان القرآن ونظمه وأسلوبه وتعبيره، وقولنا: الوجه الوحيد في الإعجاز القرآني هو الجانب البياني، يقودنا إلى مشكلتين معاصرتين:

المشكلة الأولى: كيف نتذوق نحن العرب المعاصرين الإعجاز البياني القرآني مع ضعفنا الملحوظ في البيان والبلاغة والنحو؟ وتذوق الإعجاز البياني يحتاج إلى موهبة بيانية، وتمكن من علوم البيان والنحو والبلاغة!

المشكلة الثانية: كيف ندعو غير العرب إلى القرآن وهم لا يعرفون الإعجاز البياني؟

يقدم الدكتور عدنان زرزور إجابة على هذين السؤالين:

قال عن حل المشكلة الأولى: (( قد أجاب عنها بعض العلماء السابقين، بأن هذا الإعجاز إذا كان لزم الأوائل –وهم من هم من أهل البلاغة والفصاحة- فلأن يلزم سائر الأجيال اللاحقة من باب أولى..

إن (حقيقة) الإعجاز واقعة على كل حال، وإن عجزت بعض الأجيال عن إدراك سببه أو وجهه.

ونحن نقول من وجه آخر –ونرجو ألا يكون في ذلك حيف أو تجاوز- إن جيلنا اليوم قد يكون أقدر من أجيال سابقة كثيرة على إدراك بعض مناحي الإعجاز البلاغي..

وما بين أيدينا اليوم من تراث نقدي وأدبي في لغة العرب وسائر لغات اعالم، ينهض إلى هذا المقام، أو يقوم على الأقل مقام تلك السليقة المطبوعة والبيان الموروث.

إن نظرية النظم لم تكن إلا في عصر التصنيف، كما أن الحديث اليوم عن التصور والنظم اللغوي أو الموسيقي كان –من بعض وجوهه- صدى لتيارات أدبية ونقدية مترجمة أو منقولة.

ولعلنا نملك أن نقول: إن التراث الأدبي والنقدي الذي نملكه الآن يفوق ما كان عليه الوليد بن المغيرة وغيره ممن بهرهم القرآن.

ولن ينقطع هذا الخيط على كل حال.. والتحدي بالقرآن قائم إلى يوم الدين)).

وقال عن حل مشكلة غير العرب مع الإعجاز:

(( أما مشكلة غير العرب: فلا أدري: هل ينتظر بعض الناس أن ينزل القرآن بكل لغات الأرض؟! ما كان منها وما سيكون إلى يوم الدين؟! وهل يتساوى هذا مع طبيعة الأشياء؟ ومع طبيعة الإيمان الذي أراده الله من الإنسان؟
أليس في لغات العالم لغة هي مثال اللغات؟ ينزل بها كتاب الله إلى الإنسان؟ وشعب –من حيث الفطرة والموهبة والاستعداد- هو مثال الشعوب؟ يحمل أعباء الرسالة ولو للمرة الأولى على أقل تقدير ويذيعها في العالمين؟؟

يسع العجم ما وسع العرب –كما قال علماؤنا الأوائل-.
وإن بعض وجوه الإعجاز البياني تلزم حتى غير العرب.
وإن من حق أو واجب جميع الناس أن تعمهم ((اللغة المثال)) ما دام القرآن نازلاً بلغة واحدة من لغات الأرض.
ولقد قلنا أكثر من مرة: إن في وسعنا أن نقيم الدليل لؤلاء على أن الكتاب الخالد هو كلام الله.. من وجوه أخرى كثيرة على كل حال.
ولكن علينا أن نبقي الإعجاز الذي وقع به التحدي في إطاره الصحيح)).

المصدر: مدخل إلى تفسير القرآن وعلومه (186-188) للدكتور عدنان زرزور.

ولا ننسى أن مضامين القرآن من اللفتات العلمية وأنباء الغيب وتشريعات القرآن والتناسق العددي يقيم الحجة على العجم والناس أجمعين.

أبو جهاد الأنصاري
04-26-2006, 05:39 PM
أحب موضوع الإعجاز ، وكل من يتحدث فيه ، ولكنى قد لا أوافق البعض فى بعض آرائه فى قضية الإعجاز.

1) لأن التحدي جاء بسورة من مثله، وبالتالي فسورة الكافرون ليست معجزةهل ما أقرأه هذا صحيحاً؟ أم أنا فهمت خطأً؟
من ذا الذى يقول أن سورة الكافرون ليست معجزة ، أليست من القرآن!؟
أرجو التوضيح.

ولكن البحث على هذا النحو إنما يثبت المزية للقرآن مكتملاً، فما القول في السور القلائل التي لا تشريع فيها ولا غيب ولا علوم؟ ولا تجمع بطبيعة الحال كل المزايا المتفرقة في القرآن؟
أعترض !
فليس معنى عجزنا أن نستخرج أشكال الإعجاز التشريعى والغيبى والمعلمى فى سورة ما ، ليس معناه أنها لا تحتوى على إعجاز حقيقى فى مثل تلك الأمور وغيرها مما لم نحط به علماً.
مثال على ذلك وهو معبر جداً عما أقول :
سورة الكوثر وهى أضغر سورة فى القرآن ، أليست تحتوى على إعجاز تشريعى ، وغيبى ، ورقمى ، بجانب الإعجاز اللغوى والبلاغى!؟
من قال أن هذه السورة التى لا تتجاوز عشر كلمات ليس فيها إعجاز تشريعى ولا غيبى ولا رقمى إذن فالقصور عنده.
===============
ملحوظ مهمة : حديثى بطبيعة الحال موجه لصاحب الكتاب الذى ينقل عنه أستاذنا الجاحظ ، وليس الجاحظ نفسه هو المقصود بتساؤلاتى. ولكنه - أى الجاحظ - مقصود بحواراتى.
:emrose:

د. هشام عزمي
04-27-2006, 02:05 AM
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته يا أختاه ،

أرجوك يا أخت روشة أن تقرئي ما كتبه الأخ الجاحظ من مشاركات ثم أعيدي النظر في كلامك ؛ فالرجل ذكر مصادره وأكد على أنه ينقل منها بالنص تقريبًا . ولا شك عندي أن علماء من وزن الدكتور صلاح الخالدي والدكتور عدنان زرزور ليسوا فقط من أهل الذكر ، بل هم من المتخصصين شرعيًا وأكاديميًا في علوم القرآن .

ومن الثابت أن أهل كل فن أولى بفهمه وتفسير مراده من غيرهم ؛ فعلماء الحديث أولى ببيان الأحاديث صحة وضعفًا من الفقهاء ، والفقهاء أولى ببيان أحكام الشريعة من المفسرين ، والمفسرون أولى بتفسير القرآن من علماء الحديث ، وهكذا .

وقولك يا أختاه (وذلك لأن القرآن الكريم جاء لكل زمان ومكان ليس لقريش فقط والله عز وجل جعل فيه من الإشارات التى تعجز البشر عن الإتيان بمثله فى كل الجوانب ليس الجانب البيانى فكيف يتحدى القرآن أهل العلم من الأجانب باللغة العربية فى الجانب البيانى منها وهم ليسوا أهل اللغة ؟؟؟؟) فيه طعن شنيع على الإعجاز البياني وتحقير لقدره ، وعلى مثال سؤالك الاستنكاري لا يكون القرآن معجزًا للفرس والروم والقبط والبربر والقوط والترك ، وهذه هي الشعوب التي دخلت الإسلام في القرن الأول بعد الهجرة .

وهذا خطأ !

وهو نتيجة لانشغال الناس بوجوه الإعجاز العلمي عن الإعجاز الأصلي للقرآن الكريم الذي قام به تحدي العرب المشركين حتى ظنوا - أي الناس - أن الإعجاز البياني لا يصلح لإقناع غير المسلمين في هذا الزمان ، وأن الأسهل هو بيان الإعجاز العلمي دون الإعجاز البياني ففيه من الحجة والدليل ما يغني عن الإعجاز البياني ، رغم أن هذا الأخير هو معجزة النبوة الأولى والعظمى ، التي دوخت العرب ، وجعلتهم يفضلون القتال بالسيف عن قبول التحدي القرآني ، ويتحملون في سبيل ذلك قتل رجالهم وسبي نسائهم وهلاك أولادهم وغنيمة أموالهم ، مع أن معارضة القرآن كانت تكفيهم وتغنيهم عن كل هذا العناء .

والحق أن مشاركتك ومشاركة الأخت مسلمة قبلها يدقان ناموس الخطر في رأسي بشدة ، فهما تشيران بقوة إلى تراجع أهمية الإعجاز الأصلي والحقيقي للقرآن عند مسلمي هذا الزمان ، وهو معجزة القرآن الخالدة التي توافرت فيها جميع شروط المعجزة الخاتمة فظلت تعجز كل البشر في كل مكان وزمان .

ولولا خوف الإطالة وإفساد موضوع الأخ الجاحظ لفصلت في هذه المسألة ، لكني أترك ذلك لأخينا الجاحظ فهو قادر على هذا إن شاء الله تعالى ، وربما يسر الله لي أن أكتب في هذا الموضوع فيما بعد .

والله الموفق .

الفايز
04-27-2006, 07:01 AM
هنا رأي اخر لاحد الباحثين ...
الاستاذ عزيز ابوخلف باحث في جامعة الملك سعود

الإعجاز العلمي ... تقدمٌ أم تخلف؟

الإعجاز العلمي هو بيان أن ما توصلت إليه الحضارة الغربية من أفكار علمية موجود لدينا في نصوص القرآن والسنة، على قاعدة "سبقناكم"، وهذا يدل على إعجاز القرآن والسنة وانهما من الله. فهل في هذا ما يؤدي إلى أي تقدم علمي يمكن أن تحصله الأمة الإسلامية؟ أم يا ترى أنه يمكن أن يؤدي إلى تخلفها كما حصل مع منطق اليونان ولو بشكل غير مباشر؟ ذلك أن العمل في الإعجاز العلمي يمكن أن يؤدي إلى مزيد من النوم والاسترخاء بانتظار ما يجود به علينا الوسط العلمي الغربي، وما علينا الا مجرد الانتظار والفهم والمطابقة مع النصوص.

ثمة فرق بين المتبنين للإعجاز العلمي ومن تبنى المنطق الأرسطي، في أنهم في الإعجاز العلمي يقولون بأنهم يستندون إلى الحقائق العلمية التي ينتجها الغرب. كما أنهم لم يجعلوا ذلك في صلب العقيدة وانما اعتبروه وسيلة للدعوة، لا سيما لمن يفهم لغة الإعجاز العلمي كي يدخلوا في الدين.

لقد فتح الإعجاز العلمي الباب على مصراعية لتحقيق مقولة السبق، حتى ولج فيه الكثيرون وتعرضوا لأمور نخشى أن تتحول إلى أن تكون نقمة على الدين بدلاً من أن تكون منقبة كما أريد لها. لقد اصبح المشتغلون في هذا المجال يتصيدون أية فكرة ثم يبحثون عن نص فيه شبهة منها، ثم يخرجون بفكرة السبق في هذا المجال، حتى لم تسلم منه أمور الفها الناس وعرفوها في عصر النبوة ويعلمها أهل الطب والخبراء في ذلك المجال.

إذا كان على المشتغلين بالإعجاز العلمي أن يثبتوا مصداقية ما يقولون، فعليهم أن يقلبوا المنهج الذين يشتغلون به. اننا نطالبهم أن يكتشفوا حقائق جديدة بناء على تأملاتهم في القرآن الكريم أو السنة بدلاً من الانتظار على أبواب العلم الغربي ثم مقارنته بالنصوص والإدعاء أننا سبقناهم إليه منذ قرون. فهل يا ترى سيفلحون في ذلك، وإذا أفلحوا فهل ستمر أبحاثهم دون موافقة المؤسسات العلمية الغربية على ذلك؟ قد يكون من المفيد أن نفكر في العمل على الإعجاز الفكري الذي هو اقرب لحضارة الأمة وتراثها، بدلاً من انتظار أفكار ينتجها غيرنا ثم ندعي أنها عندنا وأننا سبقناهم إليها.

المقالة بالكامل على الرابط:

http://www.diwanalarab.com/article.php3?id_article=2211

أبو جهاد الأنصاري
04-27-2006, 11:21 AM
يجب علينا أن نأخذ كل أمر بضوابطه ، دونما إفراط ولا تفريط ، فإن كان ثمة جانب إعجازى وجب الأخذ به بضوابطه ، بعيداً عن الافتعال وبعيداً - أيضاً - عن التقصير.
فطالما أن هناك إعجاز غيبى فلماذا ننكره ، وطالما أن هناك إعجاز تشريعى فلمصلحة من نغفل عنه ، والأمر فى الإعجاز العلمى كذلك.
المهم أن نتحدث فى كل مسألة بضوابطها.
فالحديث فى الإعجاز اللغوى والبلاغى يختلف عنه فى الإغجاز الغيبى ، وهما يختلفان عن الإعجاز التشريعى ، وهكذا الحال فى باقى صور وجوانب الإعجاز ، ناهيك عن وجوه الإعجاز التى لم ندركها بعد ، وسوف تظهر مع تغير قيم كل عصر.
إن مسألة إعجاز القرآن الكريم مسألة تحتاج لشمولية وسعة أفق وضبط ، بل لا أكون مغالياً أن الإعجاز فى القرآن الكريم سيعجزنا أن نحيط به ، ولو أحطنا بكافة وجوه إعجاز القرآن الكريم لانتقض الإعجاز.

روشة
04-27-2006, 03:22 PM
[b]الإخوة الأفاضل
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أرجو أن يفهمنى أحد المشاركين هل يقصد كاتب المشاركة ( الجاحظ ) إنكار وجود أى نوع من الإعجاز إلا الإعجاز البيانى فى القرآن الكريم هل القرآن الكريم جاء معجزا فى لفظه فقط ؟
وأعرض لكم جزء من كتاب للدكتور زغلول النجار بعنوان " قضية الإعجاز العلمى للقرآن الكريم وضوابط التعامل معها "

(( من أوجه الإعجاز في القرآن الكريم
تتعدد أوجه الإعجاز في كتاب الله بتعدد جوانب النظر فيه ، فكل حرف من حروفه ، وكل كلمة من كلماته ، وكل آية من آياته فيها إعجاز لفظي وبياني ودلالي ، وكل مجموعة من الآيات ، وكل سورة من السور – طالت أم قصرت – تشهد لكتاب الله تعالى بأنه معجز بما فيها من قواعد عقدية أو أوامر تعبدية أو قيم أخلاقية أو ضوابط سلوكية أو أحداث تاريخية أو إشارات علمية إلى شيء من أشياء هذا الكون الفسيح وما فيه من ظواهر وسنن وكائنات . فكل تشريع وكل قصة وكل واقعة تاريخية وكل وسيلة تربوية وكل نبوءة مستقبلية ، وكل إشارة تنظيمية ، وكل خطاب إلى النفس الإنسانية; جاء في القرآن الكريم يفيض بجلال الربوبية ويتميز عن كل صياغة إنسانية مما يشهد للقرآن الكريم بالتفرد كما يشهد بعجز الإنسان عن أن يأتي بشيء من مثله
وقد أفاض المتحدثون عن أوجه الإعجاز فى كتاب الله ، فكان منهم من رأى ذلك في جمال بيانه ودقة نظمه وكمال بلاغته وروعة معانيه وشمولها واتساقها ودقة صياغتها وقدرتها على مخاطبة الناس على اختلاف مداركهم وأزمانهم وإشعاعها بجلال الربوبية فى كل آية من آياته .. !! ومنهم من أدرك أن إعجاز القرآن هو في كمال تشريعه ودقة تفاصيل ذلك التشريع وحكمته وشموله ، ومنهم من وجده في استعراضه الدقيق لمسيرة البشرية ولتاريخ عدد من الأمم السابقة من لدن أبينا آدم – عليه السلام - إلى خاتم الأنبياء والمرسلين – عليه وعليهم أجمعين أفضل الصلاة وأزكى السلام – ، مما لم يكن يعلم تفاصيله أحد من الناس في زمن الوحي .
ومنهم من رأى إعجاز القرآن الكريم في منهجه التربوي الفريد وأطره النفسية السامية والعلمية في نفس الوقت والثابتة على مر الأيام ، أو في إنبائه بالغيب مما تحقق بعد نزوله بسنوات طويلة ، أو في إشارته إلى العديد من حقائق الكون وسنن الله فيه مما لم يكن ممكنا لأحد من البشر أن يصل إلى شيء من معرفته وقت نزول القرآن الكريم ولا لمئات السنين من بعد ذلك .
ومنهم من رأى إعجاز القرآن فى صموده أمام كل محاولات التحريف التى قامت بها قوى الشر المتعددة متمثلة فى الكفرة والمشركين والملاحدة المتشككين على مدى الأربعة عشر قرنا الماضية وذلك لأن الله تعالى قد تعهد بحفظه بعهده الذي قطعه – سبحانه وتعالى- على ذاته العلية ولم يقطعه لرسالة سابقة أبدا ، وذلك بقوله العزيز : " إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ " (الحجر:9) .
ومن العلماء من يرى إعجاز القرآن الكريم فى ذلك كله وفى غيره مما يقصر الحديث عنه فهناك الإعجاز اللغوي ، البياني ، النظمي ؛ والإعجاز العقدي والتعبدي والأخلاقي ، والتشريعي ، وهناك الإعجاز التاريخي ، والتربوي ، والنفسي ، والاقتصادي ، والإداري ، والإعلامي ، وهناك الإعجاز العلمي والتقني ، والإعجاز العددي / الرقمي / الحسابي ، وإعجاز التحدي الذي لم يجب ولن يجب إلي قيام الساعة ، والإعجاز الحفظي، وغير ذلك كثير.))

الجاحـظ
04-27-2006, 03:56 PM
أعتذر عن الاستمرار في الكتابة في هذا الموضوع.

د. هشام عزمي
04-27-2006, 04:20 PM
أرجو أن يفهمنى أحد المشاركين هل يقصد كاتب المشاركة ( الجاحظ ) إنكار وجود أى نوع من الإعجاز إلا الإعجاز البيانى فى القرآن الكريم هل القرآن الكريم جاء معجزا فى لفظه فقط ؟
الأخ الجاحظ لم يقصد إنكار وجوده بالطبع ، لكن وجهة نظره هي أن مصطلح الإعجاز يطلق فقط على عجز العرب عن معارضة القرآن ، أي الإعجاز البياني فقط ، أما ما نسميه إعجازًا علميًا أو غيبيًا أو تربويًا أو تشريعيًا أو رقميًا فهذا كله لا يسمى إعجازًا في الاصطلاح الشرعي المعروف بل يسمى دلائل على ربانية أو ألوهية مصدر القرآن .

هذا هو قصده من كتابة هذا الموضوع ، وقد قال أهل العلم قديمًا : لا ترد على أحد جواباً حتى تفهم كلامه .

أخي الجاحظ ، وعدتنا بإكمال الموضوع الليلة الماضية ولم تفعل .. أرجو أن يكون المانع خيرًا .

muslimah
04-27-2006, 04:33 PM
والحق أن مشاركتك ومشاركة الأخت مسلمة قبلها يدقان ناموس الخطر في رأسي بشدة ، فهما تشيران بقوة إلى تراجع أهمية الإعجاز الأصلي والحقيقي للقرآن عند مسلمي هذا الزمان ، وهو معجزة القرآن الخالدة التي توافرت فيها جميع شروط المعجزة الخاتمة فظلت تعجز كل البشر في كل مكان وزمان .

ولولا خوف الإطالة وإفساد موضوع الأخ الجاحظ لفصلت في هذه المسألة ، لكني أترك ذلك لأخينا الجاحظ فهو قادر على هذا إن شاء الله تعالى ، وربما يسر الله لي أن أكتب في هذا الموضوع فيما بعد .

والله الموفق .

يؤسفني أنني فعلت ذلك ولا أعرف كيف حدث ؟!
لنفترض أن شخصاً ما تمكن من تأليف كتاب يماثل بلاغة القرآن الكريم فهل يكون بذلك قد تمكن من تحقيق التحدي ؟{قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هَـذَا الْقُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً }الإسراء88

ألا ترى أن هذا ليس فقط إقصاء لأنواع إعجاز كثيرة في كتاب الله بل تكذيب -والعياذ بالله- لما قال ربنا جل في علاه

{وَإِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِهِ وَادْعُواْ شُهَدَاءكُم مِّن دُونِ اللّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ }البقرة23 {فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ وَلَن تَفْعَلُواْ فَاتَّقُواْ النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ }البقرة24

وماذا عن قوله جل في علاه {سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ }فصلت53 ؟؟ كيف سيريهم الله آياته إن لم يكتشفوا في كتابه الكريم أموراً لم تكن معروفة من قبل؟


ثم انظر ما كتب الزميل الجاحظ :

ولا ننسى أن مضامين القرآن من اللفتات العلمية وأنباء الغيب وتشريعات القرآن والتناسق العددي يقيم الحجة على العجم والناس أجمعين.

كيف يتوافق هذا مع قوله إن الإعجاز اللغوي هو المقصود؟

مراقب 4
04-27-2006, 04:49 PM
فليعذرني جميع من تناول هذه القضية....

أطرح بين يديكم اقتراحا آمل أن ينفذه الزميل الجاحظ.....



وهو أن يضع خلاصة ما يراه في هذه المسألة بشكل مختصر للغاية.....ثم يبدأ الحوار بين جميع الأطراف سلبا أو إيجابا....


اقتراحي هذا تنظيمي فحسب....ولكم الخيار فيه

مشرف

muslimah
04-27-2006, 06:05 PM
أقترح فتح موضوع آخر بعنوان "التعليق على موضوع الجاحظ" ونقل جميع المداخلات الفرعية إليه

حتى يتسنى للجاحظ إتمام موضوعه بمفرده

أبو جهاد الأنصاري
04-27-2006, 06:07 PM
لا أعرف سبب اعتذار الأستاذ الجاحظ عن استكمال هذا الموضوع؟
هل مس أحد شخصه بشئ؟
الأخوة الأفاضل/
الأستاذ الجاحظ لا يقدم وجهة نظره بل هو ذكر منذ البداية أنه ينقل عن كتب.
فمن أراد مناقشته فلينتظر حتى اكتمال الموضوع.
فليتفضل.

مجدي
04-27-2006, 06:26 PM
أود ان أوضح امور مهمة
* الاعجاز فيما يقال انه اعجاز علمي او غيبي انما مرده للدلالة وهو اصل الموضوع . يعني دلالة صدق النبي ما جاء في القران من أخبار وما تكلم به عن حقائق لم يكن بمقدور النبي ولا غيره من الناس في ذلك الوقت ان يعرفوها وهذا ما كانت تؤلف به كتب دلائل النبوة فمنها للبيهقي وابي نعيم وغيرهم .
** اذا اطلقنا كلمة الاعجاز وقصدنا بها دلائل النبوة صح ما يقال عنه الاعجاز في هذه الايام ويبقى مع هذا وضع الضوابط الصحيحة للقول بان هذا اعجاز وعدم تحميل النصوص ما لا تحتمل . فلكلمات القران معاني محصورة فيما يستخدمه القران او بمعنى آخر عرف القران (http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?t=5313)او بمعنى آخر معرفة عرف القرآن والمعهود من معانيه واستعمالاته (http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?t=2279&page=1&pp=15) فهو امر لا يجوز ان يتعداه المفسر للدلالة او الاعجاز .
الامر الاهم ليس فقط بلاغة القران هي ما تحدى الله به الجن والانس . وانما بمثله بما يحويه من بلاغة وبيان وما فيه من حسن المعاني وحسن السماع والصدق في كلامه دون خطأ والحديث عن كل شيء كما هو .
فكم كان من العرب من فصحاء ولقد أتى أعرابي الى الناس فتكلم بفصاحة فقال النبي صلى الله عليه وسلم " وان من البيان لسحرا" او كما قال صلى الله عليه وسلم .
ولقد تناول موضوع التحدي في القران في كثير من الكتب والراجح انما تحدى الله البشر ان يأتوا بمثله والمثل لا يكون بالفصاحة والبلاغة وحدها بل يكون بالأخبار ايضا :

وَقَالُوا لَوْلَا يَأْتِينَا بِآَيَةٍ مِنْ رَبِّهِ أَوَلَمْ تَأْتِهِمْ بَيِّنَةُ مَا فِي الصُّحُفِ الْأُولَى (133) ولو كانت هذه آية النبي كآية عاد وثمود لأخذهم ما أخذ عاد وثمود من العذاب بعد الاعراض .
وقد ذكر جل وعلا اسمه امورا عن هذا القران
:{ وَهَذَا ذِكْرٌ مُبَارَكٌ أَنزلْنَاهُ أَفَأَنْتُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ (50) }وذكر عز وجل ان فيه شفاء لما في الصدور:
{ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ } وفي اسلوب القران في هداية الناس والاستدلال عليهم وارشادهم للحق هو الشفاء الذي يناله المتبع ويكون عما على المعرض
:قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآَنًا عَجَبًا (1) يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآَمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا (2) فكان من عجائبه هدايته الناس والجان الى الحق بحيث لم يبقي لهم حجة في معارضته وانما يعارضه من لا يريد الحق ولا يتبعه
والله تعالى أعلم

ناصر التوحيد
04-27-2006, 07:10 PM
هي واحدة من اثنتين :
1- إما :

أقترح فتح موضوع آخر بعنوان "التعليق على موضوع الجاحظ" ونقل جميع المداخلات الفرعية إليه حتى يتسنى للجاحظ إتمام موضوعه بمفرده
2- أو :

فمن أراد مناقشته فلينتظر حتى اكتمال الموضوع.

وأرجو من الاستاذ الجاحظ ان يكمل موضوعه , فنحن واياه واقفون في منتصف الطريق , والتوقف هنا يسيء للموضوع .
وليس من الغلط التلميح ااو الادلاء ببعض الاشارات على الموضوع , ولكن من الغلط ان ندلي براينا كاملا قبل ان يتم اكمال الموضوع كما يريده الاخ الفاضل الجاحظ .
خاصة وانه يجمع بين القولين :
1- صورة ووجه التحدي القراني
2- صور ودلائل الاعجاز القراني في اثبات صدق نبوة رسول الله ( ص )

الجاحـظ
04-27-2006, 08:28 PM
السلام عليكم

ما دفعني للتوقف عن إكمال الموضوع هو طبيعة الردود ومحتواها، فقد وصلنا للمداخلة 16 والبعض يظنني أنفي الإعجازات غير البيانية عن القرآن الكريم، بينما كل الموضوع يوضح أن الخطأ يكمن في التسمية لا أكثر،، فقلت في نفسي لم أكمل الموضوع وهو غير مفهوم منذ البداية؟؟؟ هل ستتحقق غايتي إذا أكملته ونحن على هذا البعد منذ البداية؟؟

يسرني النقاش معكم والاستفادة من آرائكم الموضوعية ولا يهمني إلزام أحد بهذه النصيحة والتي رأيت مدى أهميتها حيث تحدث عنها مجموعة من علمائنا كمحمود شاكر وسيد قطب وعدنان زرزور والدكتور الخالدي ومن قبلهم الجرجاني، ولا أحبذ نوعية الردود المعتمدة على الرأي غير المدعوم بالدليل.

لا مانع من تأجيل التعليقات قليلاً خصوصًا أن ما بقي هو بضعة فقرات فقط.

ووقوفًا عند رغبة الأخ المشرف سأقوم بتلخيص ما سبق طرحه:

(1)الإعجاز القرآني جزء من الدليل على ربانية القرآن، وليس العكس..

(2)الإعجاز يسبقه مرحلتان: المعاجزة (تحدي الخصم)، العجز (فشل الخصم في التحدي)، وأخيرًا يحصل الإعجاز.

(3)المرحلة الأولى (التحدي) خاصة (كفار العرب)، والنتيجة النهائية (الإعجاز) عامة ملزمة لكل الخلق.

(4)الإعجاز خاص بالجانب البياني فقط، والدليل عليه مفصل في المداخلة رقم 10.

(5)دعوة العالمين إلى الدين الإسلامي تقوم على تقديم الأدلة على المصدر الرباني للقرآن، والتي تشمل الإعجاز البياني، واللفتات العلمية والغيبية والتشريعية والتناسق العددي وغيرها مما يزخر به كتاب الله.

أبو جهاد الأنصاري
04-27-2006, 08:36 PM
عظيم جداً فلنكمل يا سيدى ونحن نتابعك باهتمام إن شاء الله تعالى.

السندباد
04-27-2006, 08:50 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الأخ الحبيب الجاحظ:
ما زلنا نتابعك
ونرجو منك الإكمال لو تكرمت
حياك الله
جزاك الله كل خيرٍ
:emrose: :): :emrose:

nabilbenka
04-27-2006, 10:27 PM
السلام عليكم

أولا أود أن أخبركم بأنني لست من العباقرة مثلكم وإنما غيور على ديني و اختصاصي في التصميم والرسم.

لكن أردت ن أطرح فكرتي لعلها تهم الأعضاء.

عندما نقول أن التحدي الذي في القرآن هو تحدي لغوي بياني فقط لأنه كان موجه للقبائل التي تحسن الشعر واللغة العربية عامة. فإننا بذلك نحصر آيات التحدي فقط على القبائل العربية في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم.

يعني أن الآيات لا تتحدى سوى أصحاب اللغة. وليست موجهة للعلماء في مجالات أخرى.
ممكن أن نقول ان الآية ليست صالحة لكل زمان ومكان
و أن القرآن يقدر على تحدي أصحاب اللغة فقط ولا يستطيع تحدي الآخرين
وهذا أعتبره خطأ فادح.

لقرآن يجمع بين
اللغة + علم الجيولوجيا + التأريخ + الفيزياء + الفضاء ...
والتحدي قائم إلى قيام الساعة

لا أدري كيف أعبر عن الفكرة مممممم

((القرآن فيه التاريخ و أمور مستقبلية مع معلومات علمية أخرى كله في قالب لغوي رائع منيق بطريقة حسابية))

السلام عليكم

مهموم
04-27-2006, 11:55 PM
صقدقني زميلي الجاحظ لو ان القران لا يومد فيه الا الاعجاز البياني لما وسعني الا ان اعتبره كتاب بشري لا يمت للاله وكلماته بصله , وذلك لان البيان كان متطور عند العرب لا عند غيرهم ثم ان تجربة شخص ما في البيان لم ولن تكون كغيرها والعلم الان يشهد على ذلك.

ماذا يهم الهندي والصيني السويدي بالاعجاز البياني , الا يستطيعوا ان يعملوا كتاب معجر من جانب واحد ثم يقولوا هذا من عند الله , لا بل سيقولوا كتابكم معجز من جانب واحد فاننا سنأتيكم بكتاب معجز من جانت واحد لا علاقة له بالبيان.

كتاب الحاسوب - الحاسوب بما يحتويه من تعقيدات تركيبية بنيوية تقنية - كتاب معجز فهل هو من عند الله او بمعني اخر هل كتاب الحاسوب مبعوث الى الناس كافة او الى قوم محدديين ؟!!, لغة سي ++ تعتبر لغة معجزة ولغة الاسمبلي كذلك , الطب هذا الموضوع الضخم يعتبر معجزة وله جوانب متعددة , اكتشاف الجين يعتبر معجزة , موضوع اليكمياء بتعقيداته يعتبر معجزة .

ان حصر الاعجاز كتاب الله المقروء في البيان لا يشرف احد , لا بل اني اجد حالي على خطأ في اتباع كتاب لا يوجد فيه الا اعجاز بياني , فما المشكلة من اتباع الاعجاز الحاسوبي واكون لا دينيا بعيدا عن التكاليف.

ارجو ان تكمل موضوعك اخينا الجاحظ

الجاحـظ
04-27-2006, 11:55 PM
لجنة التحكيم

سأتحدث في هذه الفقرة عن (لجنة التحكيم) التي ستقضي بين القرآن وبين المتحدين له، فلو قدم شخص منظومة كلامية بليغة وقال ها أنا جئت بمثل قرآنكم وأبطلت التحدي وأسقطت إعجازكم القرآني وبالتالي فهذا القرآن غير موحى به ولا دليل على نبوة محمد (ص)، فمن سيقضي بهذا الادعاء؟؟

في الواقع لم يتحدث الدكتور الخالدي عن هذه الجزئية، وقد رأيت أن أتولى الرد عليها بنفسي.

إن طارح هذا السؤال (وهو شخص معين لاحظت أنه يكرر السؤال في كل مناسبة تتحدث عن الإعجاز البياني) لا يعي مدى سخافة سؤاله وضحالة تفكيره عندما يكرر هذا الاعتراض، فهل يتوقع أن نذهب لنحتكم عند بائع الفلافل؟ أم عند شاكلته من فنانات أيامنا؟؟

إن الجواب على سؤاله التافه يكمن في كلمتين: علماء البيان.

لكنه بالطبع لا يقصد بسؤاله هذا الجواب، بل يخفي خلفه نقدًا مبطنًا وهو أن ممارسي هذا الفن معظمهم من المسلمين، وسيتحيزون للقرآن بلا شك وبالتالي فالتحكيم غير عادل والإعجاز كله غير منطقي.

وردي على هذه الفقاعات الفكرية هو إخباره بأن أقدم كتاب يتحدث عن إعجاز القرآن الكريم جاء على يد علي بن ربن الطبري رحمه الله في القرن الثالث الهجري وهو: الدين والدولة في إثبات نبوة محمد (ص)،

وكان علي بن ربن الطبري تصرانيًا، متعمقًا في الدين المسيحي، شرح الله صدره للإسلام فأسلم في خلافة الخليفة العباسي المتوكل، وأنكر عليه أقاربه إسلامه، وكان له عم مسيحي متعصب اسمه يحيى بن النعمان الطبري، وله تلاميذ يدعون إلى المسيحية، فأنكروا عليه إسلامه، فألف كتابه ((الدين والدولة في إثبات نبوة محمد (ص) )) في الرد عليهم.

والكتاب وثيقة تاريخية مهمة، فهو من أوائل الكتب في مقارنة الأديان، والانتصار للقرآن والإسلام، وإثبات نبوة محمد (ص)، وكشف خفايا التوراة والإنجيل.

طبعًا "صاحب الاعتراض" لا يعرف هذا الكلام، لكن كما يقال: الجهل لا يؤلم.

كما نرى، إن مثالاً رائعًا كهذا يثبت أن ديانة الحكم لا تؤثر في مصداقية تحكيمه لإعجاز القرآن إذا صدق مع نفسه وراعى الموضوعية ولم يتعصب لدين آبائه..

[line]

ملاحظة للإفادة: كتاب (الدين والدولة في إثبات نبوة محمد (ص) ) حققه الكاتب الباحث عجاج نويهض وطبعته دار الآفاق الجديدة في بيروت.

الجاحـظ
04-27-2006, 11:58 PM
لا حول ولا قوة إلا باللــــــــــــه!

السندباد
04-28-2006, 01:26 AM
لا حول ولا قوة إلا باللــــــــــــه!
الحبيب الغالي الجاحظ:
الكثير منا ما زال يتابعك
فحلمك عليك علينا يا غالي
تحياتي لك

د. هشام عزمي
04-28-2006, 01:41 AM
أكمل أخي الجاحظ لا فض فوك .

موضوعك هذا هو أكثر الموضوعات من جهة معدل القراءة في المنتدى ، لا أدخل في مرة إلا وأجد ثلاثة أو أربعة يتصفحونه .

الجاحـظ
04-28-2006, 11:34 AM
الإعجاز البياني، فيم هو؟


لاحظنا قيام البعض بكتابة ما يسمى بالـ"سور" التي يزعم فيها أنها تضاهي القرآن وأنها "من مثله"، يضع في طياتها كلمات مماثلة أو مشابهة لألفاظ القرآن الكريم مع بعض التنقيحات، ثم يقول: ها أنا أجبت التحدي وقدمت "مثل القرآن"، فكيف نرد عليه؟؟

قد يرد البعض بأن ما قام به هو سرقة أدبية قام فيها بانتحال ألفاظ ومعاني القرآن الكريم، لكن عندها يرد عليه بأن هذا هو المطلوب في قوله (مثله) أو (من مثله)، وإلا فما التحدي المطلوب؟؟

مرة أخرى تكشف هذه المحاولات مدى سطحية هؤلاء وضحالة علمهم وثقافتهم بعلم البلاغة خصوصًا وبالدين الإسلامي عمومًا، فهل كان الناس عاجزين عن تقليد القرآن الكريم بتغيير لفظ أو لفظين أو استعمال ألفاظه في بناء منظومة كلامية؟؟!

إن البيان القرآني يشمل جوانب عديدة ونظريات كثيرة يكتشف البشر بعضها في كل زمن من الأزمان وكل عصر من العصور، فهو لا يقتصر على الألفاظ كما فهم هؤلاء، ونحن نعذرهم ففهم أحدهم وثقافته لا تتجاوز مرحلة الفم أو الشرج التي قال بها فرويد.

أبو الحسن الرماني (القرن الرابع الهجري) يقدم تعريفًا رائعًا للبلاغة فيقول: (ليست البلاغة إفهام المعنى، ولا البلاغة أيضًا بتحقيق اللفظ على المعنى، إنما البلاغة إيصال المعنى إلى القلب في أحسن صورة من اللفظ)،

فالبلاغة مراحل عديدة، فهي لفظ حامل، ومعنى قائم به، ورباط لهما ناظم، وتأثير على المستمع، يُشترط في كل هذا أن يكون بأحسن صورة.

كما نرى فهؤلاء الجهلة يظنون أن التحدي يقتصر على انتقاء الألفاظ وتقليد أسلوب القرآن!

يقول الجرجاني: (( ليس الإعجاز في الكلمات من حيث حروفها، لأنه من المستحيل أن يكون لحروف الكلمة صفتان: صفة لها وهي خارج القرآن، وهي عادية مقدور عليها، وصفة لها وهي داخل القرآن، تكون فيها معجزة غير مقدور عليها )).

إن البيان القرآني فريد من نوعه لا ترى نصًا أدبيًا يزخر بما يزخر به، ولا ترى منظومة كلامية تظهر فيها النظريات الجديدة في كل عصر من العصور، فنظرية النظم ظهرت في القرن الثالث الهجري على يد الخطابي، وقام الجرجاني بالتوسع فيها من بعده (النظم هو حسن ترتيب الكلمات في الجملة بحيث تكون كل كلمة في محلها المناسب لها، وهو يقوم على معاني النحو والبلاغة).

هذا غير الدراسات المعاصرة للإعجاز القرآني والتي ترى الجديد في كل مرة على أيدي علماء البيان، نذكر منها دراسات الرافعي (أول من ألف كتابًا في إعجاز القرآن من المعاصرين)، والدكتور محمد دراز رحمه الله، وسيد قطب، وبنت الشاطئ والشعراوي والبدوي وعضيمة ولاشين والسامرائي والمطعني والقيسي والمنجد، ونحن نسأل هؤلاء الطفيليين: ماذا قرأتم عن علم البيان؟ هل سمعتم مجرد سماع عن أسماء الباحثين هؤلاء؟؟

الجاحـظ
04-28-2006, 12:31 PM
بعض الأخطاء الشائعة حول الإعجاز البياني



(1)ما قيل عن معارضات القرآن

نسبت كتب التاريخ والأدب عبارات لبعض (المتنبئين) في جزيرة العرب زعموا بها معارضة منهم للقرآن، نسبت أقوال لكل من مسيلمة بن حبيب –الكذاب- وطليحة بن خويلد الأسدي، وأسود العنسي، وسجاح بنت الحارث التميمية.

لقد نسبت إلى مسيلمة الكذاب قوله: (يا ضفدع يا بنت ضفدعين،، نقي ما تنقين،، نصفك في الماء ونصفك في الطين،، لا الماء تدركين،، ولا الشارب تمنعين)!

كما نُسب له قوله: (الفيل،، ما الفيل،، وما أدراك ما الفيل،، له ذنب وبيل،، وخرطوم طويل).

وقوله: (إنا أعطيناك الجماهر،، فصل لربك وجاهر،، ولا تطع كل ساحر).

وقوله: (والذاريات قمحًا،، والطاحنات طحنًا،، والعاجنات عجنًا،، والخابزات خبزًا،، والثاردات ثردًا،، واللاقمات لقمًا،، إهالة وسمنًا)!

وروى المؤرخون أن رسول الله (ص) توفي، وعمرو بن العاص رضي الله عنه في البحرين، فعاد عمرو من البحرين إلى المدينة، وفي طريق العودة مر على مسيلمة الكذاب في اليمامة، وأراد أن يسخر منه، فقال له: أسمعني ما مسيلمة ما أُنزل عليك من الوحي، فأسمعه مسيلمة بعض سخافاته، ثم قال له: ما رأيك يا عمرو؟ فقال له عمرو: يا مسيلمة: والله إنك لتعلم أني أعلم أنك كذاب!

كما زعم بعض رواة الأدب أن بعض الأدباء في العصر العباسي حاولوا معارضة القرآن الكريم فتوقفوا عن ذلك لسخافة ما قالوه،

زعموا أن الشاعر أبا الطيب المتنبي حاول معارضة القرآن في شبابه، ثم مزق ما كتب لسخافته، وهذا لم يثبت عنه..

كما زعموا أن الأديب المعروف عبدالله بن المقفع أراد معارضة القرآن، فكتب معارضة لبعض السور، وقطع في ذلك شوطًا، ولما وصل إلى قوله تعالى في سورة هود: (وقيل يا أرض ابلعي ماءك ويا سماء أقلعي وغيض الماء وقضي الأمر واستوت على الجودي وقيل بعدًا للقوم الظالمين) أثرت فيه هذه الأية كثيرًا، وأدرك استحالة معارضة القرآن! فمزق ما كتبه وتوقف عن المعارضة!
وهذا كلام سخيف مردود، ولم يثبت أن ابن المقفع حاول معراضة القرآن.
وقد شكك المحققون من العلماء في صدور كلمات عن المتنبئين العرب، مثل مسيلمة الكذاب، يحاولون فيها معراضة القرآن، لأن هؤلاء المتنبئين –على كفرهم- كانوا متقدمين في البيان، ويعرفون قدرتهم البيانية أنها لا تقف أمام بيان القرآن، ويوقنون بعجزهم أمام القرآن، ولذلك لم يحاولوا أن يقولوا شيئًا في معارضته.

لقد كان كفار العرب أفصح من أن يقولوا هذا الكلام الركيك الذي نُسب لهم، وأعقل من أن يحاولوا معارضة القرآن، لعلمهم بعجزهم البالغ أمامه.

فالصحيح الراجح أن هذه العبارات الركيكة لم تصدر عنهم، وإنما أوردها الإخباريون من المسلمين ووضعوها على ألسنتهم ليسخروا منهم، ويستهزؤوا بهم، وصاروا يوردونها من باب التندر والتفكه ليس إلا..

والدليل على ذلك لجوء الكفار إلى القتال، فقد كان أمامهم طريقان: طريق سهل وطريق صعب ووعر، طريق اللسان والبيان، وطريق السيف والسنان، فعدلوا عن السهل إلى الطريق الصعب، اختاروا القتال بالسنان على المعارضة بالبيان، وهذا اعتراف ضمني منهم بإعجاز القرآن وأنه كلام الله.

الجاحـظ
04-28-2006, 01:35 PM
(2) طريقة الاستدلال على مصدر القرآن الرباني



يخطئ الكثير فيقولون: القرآن معجز لأنه من عند الله،

وأقول (أنا الجاحـظ): هذا استدلال حشْوي خال من المعنى يضع النتيجة في المقدمة، ومعنى هذا الاستدلال:
لماذا القرآن معجز؟؟ لأنه من عند الله،
ولماذا القرآن من عند الله؟ لأنه معجز بيانيًا !

والصحيح هو أن نقول: القرآن معجز، وبالتالي فهو من عند الله،

وقد توسع المرحوم محمود شاكر في هذه المسألة وبين خطأها، كما ذكر أنه لو صحت هذه الجملة لكانت التوراة معجزة بيانيًا لأنها من عند الله، بينما هي ليست كذلك، فقد شاء الله اختصاص القرآن المجيد في هذا البيان المعجز.

الجاحـظ
04-28-2006, 01:58 PM
(3) ترتيب آيات التحدي

ذهب بعض العلماء إلى أن التحدي للكافرين كان مرحليًا متدرجًا مرتبًا، وأن القرآن "تنازل" في المطلوب منهم من الكثير إلى القليل، وجعلوا مراحل التحدي ثلاثة:

الأولى: تحداهم أن يأتوا بمثل القرآن كله،

الثانية: لما عجزوا عن ذلك تحداهم بأن يأتوا بعشر سور من مثله،

الثالثة والأخيرة: خفف الله عليهم وتحداهم أن يأتوا بسورة واحدة فقط، وحملوا على هذه المرحلة آية سورة يونس، وأكد التحدي بسورة واحدة فقط في سورة البقرة.

وعلى القول بالمرحلية والتدرج في التحدي عند هؤلاء العلماء جعلوا ترتيب نزول السور الأربعة كالتالي: سورة الطور، ثم سورة هود، ثم سورة يونس، وأخيرًا سورة البقرة.

وهذا الترتيب معقول، وهذا التدرج مفهوم وجميل، لكن بشرط أن يدل عليه دليل ثابت، وأن نجد رواية صحيحة بهذا الترتيب عن الصحابة الذين شاهدوا نزول القرآن الكريم، وعرفوا نزول السابق واللاحق.
وإننا لا نجد رواية صحيحة على هذا الترتيب والتدرج المرحلي، ولذلك لا نجد عليه دليلاً مقبولاً من كلام الصحابة، ولهذا يكون القول بهذا التدرج قولاً عقليًا لا دليل عليه، ومن ثم يكون قولاً مرجوحًا.

والراجح عندنا أن آيات التحدي ليست مرتبة، وأن التحدي لم يكن مرحليًا، الراجح أن التحدي كان مقصودًا بذاته، التحدي بنوع القرآن ومثله، والعجز كان عن نوع القرآن ومثله، يستوي في ذلك كل القرآن وبعضه، وعشر سور منه وسورة واحدة منه.

وكانت هناك ملابسات صاحبت نزول كل آية من آيات التحدي، وهذه الملابسات هي التي حددت تحديد المقدار المطلوب في التحدي: القرآن كله، أو عشر سور، أو سورة واحدة منه. ونحن لا نعرف هذه الملابسات والأسباب التي دعت إلى هذا التحديد، لأن الصحابة الذين عاشوها لم يخبرونا! ولا يضرنا عدم معرفة هذه الملابسات والأسباب طالما أن تحدي الكفار بنوع ومثل القرآن ثابت، وطالما أن عجزهم عن نوع القرآن ومثله ثابت.

هذا كلام الدكتور الخالدي، وأنا (الجاحـظ) أضيف رأيًا وجدته أثناء اطلاعي على أشكال الإعجاز البياني، وهو أن بعض أشكال البيان تظهر عند مقارنة آيتين أو أكثر في سورتين مختلفتين (مثلاً التعريف والتنكير في البيان القرآني)، وبعضها يظهر في آية واحدة في نفس السورة (كالتصوير الفني)، وربما كان هذا ما تقصده آيات التحدي البياني، إذ تقول لك لو أخذت سورة واحدة لوجدت بيانًا معجزًا، ولو أخذت عشر سور لاكتشفت بيانًا معجزًا جديدًا عند مقارنتهم، ولو أخذت القرآن كله لرأيت إعجازًا بينيًا آخر (كالتناسق العددي البياني والذي سأتحدث عنه لاحقًا)، فاختر ما شئت، وحاول أن تأتي ببيان كهذا! فإن لم يكفك بيان سورة واحدة فانظر إلى جوانب البيان الأخرى!

الجاحـظ
04-28-2006, 02:27 PM
(4) آية سورة القصص ليست من آيات التحدي

قال بعض العلماء: تحدى الله المشركين في سورة القصص المكية:

فَلَمَّا جَاءهُمُ الْحَقُّ مِنْ عِندِنَا قَالُوا لَوْلَا أُوتِيَ مِثْلَ مَا أُوتِيَ مُوسَى أَوَلَمْ يَكْفُرُوا بِمَا أُوتِيَ مُوسَى مِن قَبْلُ قَالُوا سِحْرَانِ تَظَاهَرَا وَقَالُوا إِنَّا بِكُلٍّ كَافِرُونَ (48) قُلْ فَأْتُوا بِكِتَابٍ مِّنْ عِندِ اللَّهِ هُوَ أَهْدَى مِنْهُمَا أَتَّبِعْهُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ (49)

لكن الراجح أن هذه الآية ليست من آيات التحدي، وأن الله لم يتحد الكفار تأليف كتاب مثل القرآن، أو الإتيان بكلام مثل القرآن،

الكلام في هذه الآية عن موقف كفار قريش من القرآن، فلما أتاهم رسول الله (ص) بالقرآن اعترضوا عليه وطالبوا ان يأتيهم بآية مادية خارقة كما آتى موسى، وقالوا: هلا أوتي محمد مثل ما أوتي موسى من آيات مادية!

فرد الله عليهم بأنهم ليسوا جادين ولا صادقين في طلبهم هذا، فقد كفروا بما أوتي به موسى من قبل من آيات مادية، وكفروا بما أتى به من كلام الله (التوراة) كما كفروا بالقرآن، وقالوا عن التوراة والقرآن: سحران تظاهرا وتعاونا والتقيا، وليسا من عند الله، ونحن كافرون بكل منهما، التوراة والقرآن.
وبما أنهم كافرون بالتوراة التي أوتيها موسى، منكرون لنبوته، فلماذا يطلبون أن يؤتى محمد (ص) مثل ما أوتي موسى عليه السلام؟

هنا أمر الله رسوله (ص) أن يطلب منهم أن يأتوا بكتاب من عند الله، هو أهدى من التوراة والقرآن ليتبعه ويعتده به.
ليس هذا من التحدي لأنه لم يطلب منهم الإتيان بكلام مثل القرآن، ولا تأليف كتاب مثل القرآن، ولو طلب ذلك منهم، وتأليفه من قبلهم لكان من التحدي لهم.

طب منهم الإتيان بكتاب من عند الله، وليس من عندهم، أي أن ينزل الله عليهم كتابًا أهدى من التوراة والقرآن، بأن يكون فيهم رسول ينزل الله عليه كتابًا، وهذه غير تحديهم بأن يؤلفوا كتابًا مثل القرآن، ولا يزعمون أنه من عند الله.

أبو جهاد الأنصاري
04-28-2006, 07:42 PM
مفاهيمك صحيحة جداً أيها الجاحظ.

الجاحـظ
04-28-2006, 07:47 PM
عودة لإعجاز القرآن الكريم



التناسق العددي، استثناء، لكن بشروط

التناسق العددي يعني التوافق والانسجام في الأعداد القرآنية، وفي عدد استعمال القرآن لكلمات محددة أو حروف معينة، فكلمة كذا مذكورة كذا مرة، وحرف كذا مذكور كذا مرة، وهكذا، وملاحظة هذا التناسق العددي تقوم على لغة الأرقام والترقيم الحسابية.

وبعض الباحثين المعاصرين يسمي التناسق العددي (الإعجاز العددي)، ويعتبره وجهًا مستقلاً من وجوه إعجاز القرآن!

ولسنا مع هؤلاء الباحثين، ولا نرى تسميته (الإعجاز العددي)، ورأينا أن الوجه الوحيد لإعجاز القرآن هو الإعجاز البياني، لأنه لم يكن مطلوبًا في التحدي، فلم يطلب من كفار العرب أن يأتوا بكلام تتساوى أعداد كلماته وحروفه مع أعداد كلمات وحروف القرآن!

ولكن التناسق العددي مظهر من مظاهر الإعجاز البياني، فوجوده في البيان القرآني ليس هدفًا مقصودًا لذاته، وإنما هو دليل لتحقق الإعجاز البياني في هذا الجانب الرقمي.

ووجه ارتباط التناسق العددي بالإعجاز البياني أن ورود الأعداد القرآنية على ما وردت عليه ليس مصادفة، وإنما وفق حكمة مقصودة.

ثم إن وجوه تلك الأرقام الحساببية العددية في القرآن وبقاءَها عليه حتى هذا العصر، وملاحظة المعاصرين لها، دليل على حفظ الله للقرآن، حيث لم يجر عليه تغيير أو تبديل أو تحريف.

الجاحـظ
04-28-2006, 08:11 PM
البيان القرآني وقواعد النحو، تابع أم متبوع؟

لاشك أن أحدًا منا لاحظ اعتراضات البعض على مخالفة النص القرآني لقواعد نحو "سيبويه"، وكنت أنوي كتابة فقرة عن هذا الموضوع، وأفضل كتاب يقدم شرحًا وافيًا لهذه الإشكالية هو كتاب (تكوين العقل العربي) للدكتور محمد عابد الجابري

http://www.neelwafurat.com/images/lb/abookstore/covers/normal/85/85120.gif

لكن نظرًا لطول الموضوع، إذ أفرد الكاتب فصلاً كاملاً يقارب العشرين صفحة له، ونظرًا لضيق الوقت وعدم إمكانية تصوير الصفحات ورفعها للمنتدى، فإني سأذكر الفكرة باقتضاب شديد.

وهو أن علماء اللغة في عصر التدوين اقتصرت دراساتهم على لغة أهل البادية فقط، بحيث كلما كان القفر أشد، كلما كان المعيار أفضل، متغاضين ومهملين لسائر الشعوب العربية التي تقطن المدن كمكة والمدينة، ظانين أن الذهاب إلى "أصل" اللغة هو المعيار الصحيح، ومن هنا جاءت مفردات اللغة وقواعدها النحوية ناقصة غير مكتملة تقتصر على جزء فقط من رحاب اللغة العربية، وهذا المنهج لم يؤد فقط إلى عدم احتواء مفردات القرآن الكريم وقواعده النحوية فقط، بل إلى جمود اللغة العربية على مر ألف وأربعمائة سنة وعدم استيعابها لتغيرات التطور الحضاري والمدني والانفتاح على اللغات الأخرى، وأكثر الجوانب وضوحًا هو ألفاظ الآلات الشحيحة في لغتنا العربية.

وبالتالي فإن الذنب ليس ذنب القرآن، وهو ليس تابعًا لقواعد النحو المتداولة بل يحويها ويحوي غيرها.

الجاحـظ
04-28-2006, 08:17 PM
هذه هي أهم النقاط التي كنت أنوي كتابتها، وهي مقدمة لفهم الإعجاز القرآني ومدخل إليه، ولم أتطرق لشيء من مظاهر الإعجاز البياني أو الدراسات التي قدمت فيه، وأظن أن ما كُتب يكفي لأي أحد منا فلهم الإعجاز وطبيعته وقوانينه وكيفية الدعوة إليه.

ناصر التوحيد
04-29-2006, 10:23 AM
هذه هي أهم النقاط التي كنت أنوي كتابتها، وهي مقدمة لفهم الإعجاز القرآني ومدخل إليه، ولم أتطرق لشيء من مظاهر الإعجاز البياني أو الدراسات التي قدمت فيه، وأظن أن ما كُتب يكفي لأي أحد منا فلهم الإعجاز وطبيعته وقوانينه وكيفية الدعوة إليه.
شكرا لمجهودك ..
واعتقد انك بهذه المداخلة اكملت موضوعك الذي تريده وبالشكل والمضمون الذي تريده ..
ولكن , وكما يقال في مثل هذه الامور انها جهد المقل , فاكرر شكري لجهدك هذا

والحقيقة ان الكلام عن الاعجاز القراني لا يكفيه بحث ولا كتاب ولا مجلد ولا موسوعة , فهو علم واسع له اصول وفروع .
والقرآن معجزة , والمعجزة أمر خارق للعادة وخارج عن طاقة البشر ..
وأوجهُ الإعجاز في القرآن كثيرة
فالقرآن الكريم لا تنقضي عجائبه، لانه هو كلام الله الذي لا تنفذ معانيه وإعجازاته، وكما قال رسول الله ( ص ) عنه : ( ولا تنقضي عجائبه )
-------
ولا بد لي من عودة للتعقيب والتفصيل .. باذن الله

أبو جهاد الأنصاري
04-29-2006, 11:07 AM
أولاً : نشكر الأستاذ الفاضل الجاحظ لما قدم ، أسأل الله العظيم أن يجعله فى ميزان حسناته يوم القيامة.
ثانياً : إن كان هذا هو آخر ما قررت إدراجه فى هذا الموضوع ، فلعل هذا يعنى فتح باب المناقشة حول ما قدمت.
ثالثاً : أؤيدك فى كثير مما تفضلت بذكره سواء أكنت كاتباً أم ناقلاً.
رابعاً : ما أود ذكره هو اعتراضى على عدم وصف وجوه إعجازية أخرى بمسمى الإعجاز كالإعجاز العددى مثلاً أو التشريعى أو البلاغى أو الغيبى وهذا ما ذكره الأستاذ الجاحظ حين قال :

وبعض الباحثين المعاصرين يسمي التناسق العددي (الإعجاز العددي)، ويعتبره وجهًا مستقلاً من وجوه إعجاز القرآن!

ولسنا مع هؤلاء الباحثين، ولا نرى تسميته (الإعجاز العددي)، ورأينا أن الوجه الوحيد لإعجاز القرآن هو الإعجاز البياني، لأنه لم يكن مطلوبًا في التحدي، فلم يطلب من كفار العرب أن يأتوا بكلام تتساوى أعداد كلماته وحروفه مع أعداد كلمات وحروف القرآن!
وربما أنه قد لا يختلف معى على تسميتها بإعجاز ولكن ما يريد ذكره - حسب فهمى لما قدم - أن الإعجاز البيانى هو وجه التحدى الوحيد فى القرآن ، وأن باقى وجوه الإعجاز الأخرى - إن اصطلح على تسميتها فى الأصل إعجازاً - فإنها ليست مناط التحدى ، وليست وجهاً مستقلاً من وجوه الإعجاز.
وهنا موضع اختلافى معه.
وإن كانت وجهة نظره جيدة فى أن فيها صوناً وحيطة لعلمية التحدى ذاتها. ولكن الأمر له جوانب أخرى.
وهنا يجب أن أضع عدة أمور مهمة ينبنى عليها رأيى فى المسألة - إن جاز أن يكون لى فيها رأى - :
1- القرآن الكريم قد جاء للبشر أجمعين ، لكل زمان ومكان.
2- حتى نفهم معجزة القرآن يجب أولاً أن نفهم معجزات الأنبياء السابقين.
3- أن معجزة كل نبى جاءت فى المجال الذى نبغ فيه أهل عصره ومن أرسل إليهم.
4- القرآن الكريم نزل بين العرب وتحداهم بما نبغوا فيه ألا وهو اللغة والبيان.
5- تغير قيم العصور من وقت لآخر وأصبح عصرنا هو عصر العلم ، فوجدنا فى القرآن ما توافق مع ما نبغ به أهل هذا العصر من علوم واكتشافات مذهلة ، ولا أقول أن ما جاء به القرآن معجز فى هذا الباب ، ولكنىأقول أنه يدل على عدم بشرية مصدر القرآن.
6- ثم تغير عصرنا شيئاً ما فظهرت الثورة الرقمية فتبين أن بالقرآن إعجازات رقمية مذهلة لا يطيقها بشر.
نستفيد من كل ما تقدم أن نقول :
1- أن بالقرآن الكريم وجوه إعجازية عديدة بل غير منحصرة .
2- وتتجدد بتجدد كل عصر
3- ولا تعارض بين أى من هذه الوجوه الإعجازية كلها بل جميعها متكاملة ،
4- وأن كل منها إعجاز قائم بذاته ومقصود به تحدى أهل ذلك الزمان بما يتناسب مع طبيعة ما يتفوقون فيه.
إذن تبقى مسألة مهمة وهى إعادة صياغة الحديث عن الإعجاز البيانى وعلاقته بوجوه الإعجاز الأخرى فنقول :
أن البيان كان هو (مادة التحدى الأول) عند نزول القرآن لتوافقه مع طبيعة العرب ، وأنه مع تجدد كل عصر وظهور أشكال إعجازية جديدة - يُقطع ويجمع بأنها حقاً إعجاز - فإن الخلف يكون عندهم أكثر من وجه إعجازى بدءاً من الإعجاز البيانى ثم الإعجاز الغيبى فالتشريعى وهكذا وصولاً للإعجاز الذى ظهر لهم فى عصرهم ، فمن أراد معارضة القرآن فعليه أن يعارضه بكل هذه الأشكال الإعجازية - التى عرفها - مجتمعة.
أشير إلى أننى قد كنت كتبت بعضاً من الملاحظات عن قضية الإعجاز فى المنتدى هنا منذ فترة طويلة وأظنأنها قد تفيد فى هذا الموضع والحق أننى أحتاج لمناقشة أخوانى حولها ، وأنا الآن أبحث عنها فإن تيسر لى الحصول عليها فسأضع رابطها هنا لتكون محلاً للمناقشة وقد أرفعها لتكون رابطاً مستقلاً حتى لا نخرج عن موضوع هذا الرابط.
وأقول : أسأل الله سبحانه أن يكون كلامى موافقاً للحق ، ولا أكون ممن ينتصرون لأنفسهم على حساب الحق.
آمين.

أبو جهاد الأنصاري
04-29-2006, 11:10 AM
هذا هو رابط الموضع :
مقترح لقواعد عامة فى فهم إعجاز القرآن الكريم (http://www.eltwhed.com/vb/showthread.php?t=2579)

ناصر التوحيد
04-30-2006, 08:47 AM
الاسلام دين الهي وعالمي , جاء لكل البشر وفي كل زمان ومكان
ومن البديهي ان يكون لهذا الدين فكر مستنير وراق ليقنع كل العقول البشرية على اختلاف مداركها .
والقرآن الكريم , فيه كل الدواعي الفكرية والعقلية والقلبية والفطرية والعلمية والغيبية والسردية التي تدفع الانسان ليكون صاحب فكر سليم ونظرة صائبة .
والقرآن الكريم , هو معجزة الرسول محمد ( ص ) , والمعجزة أمر خارق للعادة وخارج عن طاقة البشر .. كدليل أساسي بأنه ( ص ) مرسل من اله الوجود ..
ولذلك ليس غريبا ولا عجيبا ان نرى أوجهُ الإعجاز في القرآن كثيرة جدا ..
فكل انسان مهما كان مستواه الفكري وخلفيته العقلية والعلمية , فانه لا بد وان يجد فيه ما يقنعه بانه كلام الله رب العالمين , وانه كلام فوق مستوى البشر في مجالات عديدة ..
سواء في البيان والبلاغة والاسلوب الفريد والاختيار المتميز للمفردات وتركيب الجمل ..
وايضا :
اخباره عن كثير من الامور التي تتناسب مع كل عصر .. من عصور البشرية ..
فكما انه يتحدث عن الماضي , فانه يتحدث عن الحاضر , وكذلك عن المستقبل .
لانه كتاب لكل الازمان .. فان عجائب القرآن تكتشف تباعا في كل عصر وعصر ..
فلا تجد اعجوبة الا وقد ذكرها القرآن مباشرة وصراحة او حتى تلميحا او اشارة .

فنرى ان العالم يرى فيه الحقائق العلمية السابقة والحالية وما يمكن ان يكتشف منها في المستقبل , وكما ثبتت هذه الحقائق واثبتت وجها من أوجه الإعجاز في القرآن , فإن العلم الذي سيكتشف في المستقبل لا بد وان يكون ما يكتشفه متطابق تماما مع ما قال به القرآن الكريم ويؤيد ما نص عليه عنها .

وكما ذكر الاخوة الافاضل هنا ..
حتى الحرف المنتقى في الجملة القرآنية له معنى اعجازي يدركه العارف باللغة ..
والتقديم والتأخير له معنى اعجازي يفهم العارف باللغة اسبابه ومراميه ..
فالاعجاز اللغوي - البياني والبلاغي والفصاحي والنحوي والاعرابي والتركيبي ... - هو الاعجاز الاول المقصود من الاعجاز , وهذا ما جعل اهل القمة في اللغة , يتلذذون بسماع اياته .

والاعجاز - العلمي والتاريخي والغيبي - وجه آخر من أوجه الإعجاز في القرآن , وهذا ما جعل اهل القمة في العلم من سمعوا اياته في ذلك , يؤمنون بالله وبالنبي محمد ويسلمون .

والاعجاز - التشريعي - وجه آخر من أوجه الإعجاز في القرآن , وهذا ما جعل اهل القمة في الفقه والتشريع ممن سمعوا اياته في ذلك الخصوص , يقرون بان هذا التشريع لا يمكن لعقل بشري ان ياتي به .


وعلى هذا الامر يسير العلماء المسلمون ..

طبيعي ان بعض أوجه الإعجاز في القرآن أقرت في العصور الحديثة فقط ..
ولكن طالما ان القرآن الكريم تكلم فيها وأخبر عنها , فالصحيح ان تكون من ضمن الإعجاز القرآني ..
فالعلوم لم تكن متقدمة في الماضي , كما هي الان , ولذلك لم يكن الاعجاز العلمي , احد اوجه التحدي الاعجازي ..
فكل اعجاز موجه الى اهله وخاصته ..
فالاعجاز اللغوي موجه الى اهل اللغة
والاعجاز العلمي موجه الى اهل العلم
والاعجاز الغيبي موجه الى كل البشر
والاعجاز التشريعي موجه الى اهل الفقه والتشريع
وهكذا ..
والقول بان الاعجاز للعرب كان مقيدا بالاعجاز اللغوي والبياني والبلاغي , ذلك لان العرب كانوا قمة في اللغة والبيان والبلاغة ..
ولكن هذا الامر لا يعني حصر الاعجاز القرآني في هذا الوجه فقط .. وترك ما سواه من أوجه الإعجاز العديدة في القرآن الكريم .

ونرى اليوم ان النساء الغربيات يسلمن بسبب عظمة التشريع الاجتماعي الاسلامي ..
ونرى اليوم ان العلماء يسلمون بسبب الحقائق العلمية التي قال بها القرآن ولم يعرفها البشر الا مؤخرا ..
ونرى ان المفكرين العقلاء يسلمون بسبب هذا الفكر السامي والراقي والمتكامل في الاسلام , والذي ربط الفكر بالواقع والعلم والادراك المباشر وغير المباشر للوصول الى الحقائق الكونية والانسانية والشواهد الحياتية ..
وهذا الفكر الذي ربط الامور العقلية بالامور النفسية والفطرية البشرية .. فحقق لها الطمأنينة العقلية والنفسية ..

فكل باب من ابواب الاعجاز له أثره الايجابي على مسيرة الفكر الانساني نحو الادراك الصحيح للامور والحقائق , ومسيرة البشرية نحو الانسانية السعيدة على الشكل الذي يريده الله لها ..ويتوافق مع هذه الحياة وهذا الانسان . لان كل هذه الامور لا تهدف الا الى تحقيق السعادة للانسان مفرد وكمجموعة وكبشر .. وليس في الحياة الدنيا فقط .. بل وما بعدها ايضا .

سيف الكلمة
05-01-2006, 12:26 AM
كتاب الله ليس كتاب فيزياء أو كيمياء أو فلك أو تاريخ
وهو ليس كتاب فى اللغة العربية والبيان العربى
ولم يكن مما قال به محمد صلى الله عليه وسلم أن الإعجاز فى القرآن بيانى فقط بل لم يتحدث عن الإعجاز البيانى
كما أن التحدى بسورة لا ينفي التحدى بكل ما أوجده الله بهذه السورة من إشارات متعددة الأوجه
برع الأولون فى اللغة فتنبهوا إلى الإعجاز البياني وهذا لا ينفي وجود إشارات أخرى غير بيانية
وسواء اعتبرت هذه الإشارات دلائل للنبوة فقط أو إعجاز يعجز عن مثله البشر في ذلك العصر أو الإكتقاء بتسميتها إشارات لبعض ما سيعرفه العالم فى أواخر الزمان من علوم فهى إشارات لا نختلف جميعا في أن مصدرها رب العالمين
ولكن تخصيص الإشارات البيانية بأنها الوجه الوحيد للإعجاز فى القرآن فهذا يرتبط بمحدودية التراكم العلمي لأهل العصر الذين تبينت لهم الإشارات البيانية المعجزة بالقياس إلى الآن
فالمعجزة القرآنية متجددة العطاء
وهو اختلاف فى المقاييس التى أدراكنا بواسطتها كلمة الإعجاز

أبو جهاد الأنصاري
05-01-2006, 11:13 AM
فى انتظار تعليق الأخ الجاحظ على ما طرحته والأخوان ناصر التوحيد وسيف الكلمة.
حتى يثمر الحوار اكثر فأكثر.
جزى الله الجميع خير الجزاء.

الجاحـظ
05-01-2006, 05:25 PM
أولاً : نشكر الأستاذ الفاضل الجاحظ لما قدم ، أسأل الله العظيم أن يجعله فى ميزان حسناته يوم القيامة.
ثانياً : إن كان هذا هو آخر ما قررت إدراجه فى هذا الموضوع ، فلعل هذا يعنى فتح باب المناقشة حول ما قدمت.
ثالثاً : أؤيدك فى كثير مما تفضلت بذكره سواء أكنت كاتباً أم ناقلاً.
رابعاً : ما أود ذكره هو اعتراضى على عدم وصف وجوه إعجازية أخرى بمسمى الإعجاز كالإعجاز العددى مثلاً أو التشريعى أو البلاغى أو الغيبى وهذا ما ذكره الأستاذ الجاحظ حين قال :
وربما أنه قد لا يختلف معى على تسميتها بإعجاز ولكن ما يريد ذكره - حسب فهمى لما قدم - أن الإعجاز البيانى هو وجه التحدى الوحيد فى القرآن ، وأن باقى وجوه الإعجاز الأخرى - إن اصطلح على تسميتها فى الأصل إعجازاً - فإنها ليست مناط التحدى ، وليست وجهاً مستقلاً من وجوه الإعجاز.
وهنا موضع اختلافى معه.
وإن كانت وجهة نظره جيدة فى أن فيها صوناً وحيطة لعلمية التحدى ذاتها. ولكن الأمر له جوانب أخرى.
وهنا يجب أن أضع عدة أمور مهمة ينبنى عليها رأيى فى المسألة - إن جاز أن يكون لى فيها رأى - :
1- القرآن الكريم قد جاء للبشر أجمعين ، لكل زمان ومكان.
2- حتى نفهم معجزة القرآن يجب أولاً أن نفهم معجزات الأنبياء السابقين.
3- أن معجزة كل نبى جاءت فى المجال الذى نبغ فيه أهل عصره ومن أرسل إليهم.
4- القرآن الكريم نزل بين العرب وتحداهم بما نبغوا فيه ألا وهو اللغة والبيان.
5- تغير قيم العصور من وقت لآخر وأصبح عصرنا هو عصر العلم ، فوجدنا فى القرآن ما توافق مع ما نبغ به أهل هذا العصر من علوم واكتشافات مذهلة ، ولا أقول أن ما جاء به القرآن معجز فى هذا الباب ، ولكنىأقول أنه يدل على عدم بشرية مصدر القرآن.
6- ثم تغير عصرنا شيئاً ما فظهرت الثورة الرقمية فتبين أن بالقرآن إعجازات رقمية مذهلة لا يطيقها بشر.
نستفيد من كل ما تقدم أن نقول :
1- أن بالقرآن الكريم وجوه إعجازية عديدة بل غير منحصرة .
2- وتتجدد بتجدد كل عصر
3- ولا تعارض بين أى من هذه الوجوه الإعجازية كلها بل جميعها متكاملة ،
4- وأن كل منها إعجاز قائم بذاته ومقصود به تحدى أهل ذلك الزمان بما يتناسب مع طبيعة ما يتفوقون فيه.
إذن تبقى مسألة مهمة وهى إعادة صياغة الحديث عن الإعجاز البيانى وعلاقته بوجوه الإعجاز الأخرى فنقول :
أن البيان كان هو (مادة التحدى الأول) عند نزول القرآن لتوافقه مع طبيعة العرب ، وأنه مع تجدد كل عصر وظهور أشكال إعجازية جديدة - يُقطع ويجمع بأنها حقاً إعجاز - فإن الخلف يكون عندهم أكثر من وجه إعجازى بدءاً من الإعجاز البيانى ثم الإعجاز الغيبى فالتشريعى وهكذا وصولاً للإعجاز الذى ظهر لهم فى عصرهم ، فمن أراد معارضة القرآن فعليه أن يعارضه بكل هذه الأشكال الإعجازية - التى عرفها - مجتمعة.
أشير إلى أننى قد كنت كتبت بعضاً من الملاحظات عن قضية الإعجاز فى المنتدى هنا منذ فترة طويلة وأظنأنها قد تفيد فى هذا الموضع والحق أننى أحتاج لمناقشة أخوانى حولها ، وأنا الآن أبحث عنها فإن تيسر لى الحصول عليها فسأضع رابطها هنا لتكون محلاً للمناقشة وقد أرفعها لتكون رابطاً مستقلاً حتى لا نخرج عن موضوع هذا الرابط.
وأقول : أسأل الله سبحانه أن يكون كلامى موافقاً للحق ، ولا أكون ممن ينتصرون لأنفسهم على حساب الحق.
آمين
أهلاُ بك أخ أبو جهاد.
قرأت مداخلتك وفهمت وجهة نظرك، لكنك لم توضح معنى (الإعجاز)، وكل الموضوع يتمحور حوله.
فحتى نعرف إن كان هناك إعجازات أخرى بجانب الإعجاز البياني، يجب علينا معرفة معنى هذا الإعجاز.
هل يعني التحدي وعجز الخصم؟ أم يعني الإخبار عن شيء في المستقبل يتحقق بصحة؟

الجاحـظ
05-01-2006, 05:33 PM
الأخ ناصر التوحيد، قرأت مداخلتك القيمة، وما فهمته منها أنها تتحدث عن كون القرآن مصدرًا إلهيًا، لكن الوصف الإعجازي للجوانب المختلفة له بحاجة إلى توضيح أكثر كما تفضل الزميل الأنصاري.
مثلاً هل أسلمت هؤلاء النسوة لأنهن فشلوا في مواجهة التحدي (الإعجاز)؟ أم لأنهن تذوقوا الهدي الرباني لهذا الكتاب؟

تحياتي لك :emrose:

الجاحـظ
05-01-2006, 05:39 PM
كتاب الله ليس كتاب فيزياء أو كيمياء أو فلك أو تاريخ
وهو ليس كتاب فى اللغة العربية والبيان العربى
ولم يكن مما قال به محمد صلى الله عليه وسلم أن الإعجاز فى القرآن بيانى فقط بل لم يتحدث عن الإعجاز البيانى
كما أن التحدى بسورة لا ينفي التحدى بكل ما أوجده الله بهذه السورة من إشارات متعددة الأوجه
برع الأولون فى اللغة فتنبهوا إلى الإعجاز البياني وهذا لا ينفي وجود إشارات أخرى غير بيانية
وسواء اعتبرت هذه الإشارات دلائل للنبوة فقط أو إعجاز يعجز عن مثله البشر في ذلك العصر أو الإكتقاء بتسميتها إشارات لبعض ما سيعرفه العالم فى أواخر الزمان من علوم فهى إشارات لا نختلف جميعا في أن مصدرها رب العالمين
ولكن تخصيص الإشارات البيانية بأنها الوجه الوحيد للإعجاز فى القرآن فهذا يرتبط بمحدودية التراكم العلمي لأهل العصر الذين تبينت لهم الإشارات البيانية المعجزة بالقياس إلى الآن
فالمعجزة القرآنية متجددة العطاء
وهو اختلاف فى المقاييس التى أدراكنا بواسطتها كلمة الإعجاز
أهلاً بسيف الكلمة.
استخدامك لكلمة معجزة تحتاج لتوضيح أيضًا، هل تعني السبق؟ أم فشل الخصم؟
وهل الإعجازات الأخرى غير البيانية موجودة في كل سورة حتى يتحدى الله بها كما جاء اللفظ القرآني؟

أبو جهاد الأنصاري
05-01-2006, 10:55 PM
أهلاُ بك أخ أبو جهاد.أهلا بحضرتك كيف حالك.

قرأت مداخلتك وفهمت وجهة نظرك، لكنك لم توضح معنى (الإعجاز)، وكل الموضوع يتمحور حوله.نحن لن نختلف أبداً على معنى الإعجاز فى القرآن الكريم بشكل عام.
ذلك أن الإعجاز مشتق من العجز وهو الضعف وعدم القدرة.
ولكن ما نحتاج الحديث حوله هو ضوابط ومقومات الإعجاز بصفة عامة ، وضوابطه ومقوماته لكل نوع من أنواع الإعجاز المتنوعة على حدة.
فمثلاً سنحتاج لنعرف متى يكون الإخبار بأمر غيبى معجزاً من عدمه؟
فلو ادعى أحد مثلاً أن غداً ستمطر السماء فى منطقة كذا ، هل يعد هذا إخباراً بمغيب أم لا؟
إذا فهمنا هذا المثال سنعرف أنه لا بد من وضع تلك الضوابط التى ستوصّف عملية الإعجاز.
كذلك متى يكون فى النص إعجازاً تشريعياً ، وما وجه الاختلاف بينه وبين التشريع البشرى ، وهكذا ....
ما نحتاجه هو الإجابة عن هذا السؤال : متى يكون هذا الشئ معجزاً؟

فحتى نعرف إن كان هناك إعجازات أخرى بجانب الإعجاز البياني، يجب علينا معرفة معنى هذا الإعجاز.دعنى أقول : ضوابط ومقومات الإعجاز.

هل يعني التحدي وعجز الخصم؟ أم يعني الإخبار عن شيء في المستقبل يتحقق بصحة؟هذا طبعاً سيختلف من نوع إلى آخر.
وإن شاء الله تعالى يكون لنا مناقشات قادمة مثمرة.
فى رعاية الله.

ناصر التوحيد
05-02-2006, 08:52 AM
إقتباس:
المشاركة الأصلية بواسطة الجاحـظ
هل أسلمت هؤلاء النسوة لأنهن فشلوا في مواجهة التحدي (الإعجاز)؟ أم لأنهن تذوقوا الهدي الرباني لهذا الكتاب؟
الأخ الفاضل الجاحـظ
تحياتي لك
لا شك انه أسلمن هؤلاء النسوة لأنهن تذوقوا الهدي الرباني لهذا الكتاب
وليس لأنهن فشلن في مواجهة التحدي
ولذلك كان (الإعجاز) القراني عندهن بهذا التذوق للهدي الرباني والذي من ضمنه التلذذ بالمعاني القرانية , لكونهن لا يعرفن اللغة العربية لتذوق لذة الاسلوب القراني البياني والبلاغي .
اذن , هن ادركن بهذا التذوق للهدي الرباني ان كتاب القران هو كلام الله , بدون ان يخضن تجربة التحدي .
انا نفسي , حين أقرا القران اتذوق واتلذذ بهذا الاسلوب الفريد والمتميز بدون ان ادخل في تجربة التحدي ..
يقول الله تعالى :
{ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءكُم بُرْهَانٌ مِّن رَّبِّكُمْ }
ولذلك نصل الى الرد على ما تساءلت عنه بقولك :

وهل الإعجازات الأخرى غير البيانية موجودة في كل سورة حتى يتحدى الله بها كما جاء اللفظ القرآني؟
فاقول لك , صحيح وثابت كون ان الإعجازات البيانية موجودة في كل سورة قرانية , مهما قصرت , وهي وجه التحدى الالهي للبشر , ولكن هذه الإعجازات البيانية الموجودة في كل سورة قرانية , لا تنفي وجود الإعجازات الأخرى غير البيانية في كل سورة قرانية , مما يعني انني وان كنت لم ادرك الاعجازات الاخرى غير البيانية الموجودة فيها , فقد ياتي غيري ويدركها .
فالحقيقة التي يقول بها القران الكريم مطلقة , وادراك هذه الحقيقة هو بحد ذاته ادراك لوجه اخر غير بياني لاعجاز القران .. مثلا " قل هو الله أحد " حقيقة ملموسة في الدنيا و " إنا اعطيناك الكوثر " حقيقة ملموسة في الاخرة .
و" سنسمه على الخرطوم " حقيقة غيبية - مستقبلية في وقت نزولها - وتاريخية - الان بعد وقوعها كحادثة .
هذا هو المقصود بالاعجاز القراني .
فالاعجاز القراني من حيث اللغة , بكافة فروعها , يدركه العربي والذي يعرف اللغة العربية ..
ومن سنن الله انه ينزل كتبة بلغة النبي الذي انزله اليه وبلغة نفس القوم الذي ينتمي اليهم هذا الرسول .
ولان النبي محمد صلى الله عليه وسلم عربي , نزل القران باللغة العربية .
وطبيعي انه ليس من السهل على النبي ان يثبت صدق نبوته للناس بدون معجزة الهية تثبت انه فعلا مرسل ومسنود من الله .
فكانت معجزة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم هي القران . وهم امنوا بالرسول وصدق رسالته بعد ان ادركوا ان مثل هذا الكلام يعجز البشر عن الاتيان به . مما يعني انهم ادركوا حقيقة كون القران الهي المصدر وليس بشري المصدر .
هذا لا يعني انهم كلهم امنوا بالقران بانه من الله بعد ان قبلوا التحدي القراني لهم وحاولوا الاتيان بمثله او بمثل سورة منه .
بل ادركوا فعلاعجزهم عن ذلك بدون ان يجربوا الاستجابة للتحدي .
ولا داعي لان اتي لك بمثل على ذلك ..
لانه من السهل على العاقل ان يدرك عجزه بدون حتى ان يحاول القيام بالامر ..
فلو تحدتني وكالة ناسا الفضائية لان اصل الى القمر بجهدي وعلمي الخاص , فانا لن اقبل هذا التحدي لانني ادرك عدم امكانيتي القيام بذلك ..
ولو جاء رافع اثقال يستطيع رفع 200 كيلو غرام وتحداني , فلا استطيع مجاراته لاني ادركت ان ما يستطيعه هو انا اعجز عنه او عن الاتيان بمثله .
الاجنبي حين يقرا القران , وحين يقرا اي كتاب اخر , يدرك ان هذا الكتاب لا يمكن ان يكون من قول بشر . مع انه لم يلمس البلاغة البيانية والاسلوب اللغوي مباشرة , بل لمس المعاني البيانية وما الى ذلك من معاني عقلية وفطرية وكونية وتشريعية ..الخ .
فلا يجوز ان يقال له كيف امنت بذلك وانت لم تدرك الاعجاز اللغوي القراني .. لانه بقراءته للقران ادرك الاعجاز فيه , ومن الأوجه التي هو راها فيه .
فالتحدي من الله قائم ولا يزال , وهذا التحدي هو لاثبات ان القران معجز للبشر , وانه كلام الله سبحانه وتعالى , حتى لا ياتي مفترون جاهلون , ويدعون غير ذلك .. لان غير ذلك تعني ان الرسول محمد صلى الله عليه وسلم ليس رسول الله .
انا وغيري , كيف نؤمن بصدق نبوة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم ؟ بهذا القران الكريم , لاننا نلمس انه كلام الهي المصدر . نلمس هذا من اشياء كثيرة فيه ..
قال تعالى :{ أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ }.
وهكذا اسلوب القرآن في جميع الآيات الشريفة فيه .
وقوله تعالى في سورة الدخان :{ كَمْ تَرَكُوا مِن جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ، وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ، وَنَعْمَةٍ كَانُوا فِيهَا فَاكِهِينَ، كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا قَوْماً آخَرِينَ، فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاء وَالأَرْضُ وَمَا كَانُوا مُنظَرِينَ }.
فهذا اسلوب فريد , بحيث يجعل ممن يتأمله ويفهمه يجدد به منهج حياته الدنيا ..
فهذا المعنى مفهوم ومؤثر في العاقل سواء سمعه او قرأه بالعربية او بغيرها من اللغات .
لو طالع الانسان اي كتاب اخر لوجد فيه اختلافا او تناقضا او غلطا او ضعفا في الاسلوب .. وهذا ما لا يجده من يطالع ايات القران .. ولذلك يقول اهل البصر والبصيرة : ابى الله ان يتم كتابا الا كتابه .
قال تعالى :{ وَلاَ تَهِنُواْ فِي ابْتِغَاء الْقَوْمِ إِن تَكُونُواْ تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللّهِ مَا لاَ يَرْجُونَ وَكَانَ اللّهُ عَلِيمًا حَكِيماً }، فيفهم المؤمنون مرمى هذا الكلام القراني بهذا الاسلوب القراني فيقولون لماذا الفرار من لقائهم ما دامت الاضرار تحل بالطرفين, والفرق اننا نرجو ما عند الله في الآخرة فلا خسارة, بينما هم لايرجون ما عند الله شيئا الا العذاب الأليم.
هذه صورة من صور التعبير القراني الفريد والمؤثر .. فاي بشر يستطيع الاتيان بمثله استعمالا وتاثيرا ؟؟!! لا يوجد مثل هؤلاء البشر , حتى ولو اجتمع جهابذتهم في سبيل ذلك ..
وهكذا مع ايات الله القرانية , فكل اية شريفه لها ذوقه واثرها ودورها في تحقيق الغرض وترك الانطباع المؤثر . تخاطب النفس والعقل والقلب وتستنطق الفطرة وتستثيرها وتسخرها جميعا وتوظفها باسلوب متميز وفريد ومعجز .

كل هذا المذكور هنا , ومع ذلك ليس هذا هو كل أوجه الاعجاز القراني ..
فالحقيقة يمكن تاليف موسوعات في الاعجاز القراني ..
العالم اللغوي مع العالم الطبيعي مع العالم الطبي مع العالم الفلكي مع المفكر العاقل ومع الفيلسوف المتمكن والمتأمل , وغيرهم , لو اجتمعوا وكتب كل واحد فيهم ما يراه في تخصصه مما في ايات القران لجاء بموسوعة في تخصصه هذا ..
فكيف بمجموعهم كلهم ..

ولنا باذن الله متابعة ..

ناصر التوحيد
05-02-2006, 10:35 AM
لا تجد قضية نالت من العناية والاهتمام ، وتنوعت فيها الكتب والدراسات مثل قضية الإعجاز في القرآن الكريم.
فكل من تناول القرآن الكريم على أي مستوى من مستويات التناول وقف بلا شك أمام الإعجاز ، سواء كان التناول بالشرح والتحليل ، أو النظر والتدبر واستخلاص الدروس .
وكل من تناول قضية الإعجاز وقف أمام عدة آيات يقال لها : ( آيات التحدى ).
وهذه الآيات - على قلتها – تمثل لب الإعجاز ، لأنها تطلب من الخلق كافة ومن المكذبين خاصة الإتيان بمثل القرآن ، أو ببعض من القرآن.
فالتحدي في : ( حديث مثله ) ، أو في ( مثل هذا القرآن ) ، أو ( عشر سور مثله ) ، ( أو سورة من مثله ).
ذاك هو مناط التحدي .
فهل هذا التحدي في المجيء بأعلى كلام في البلاغة وبأحسن سبك وأجمل أسلوب، أو المجيء بتنبؤات ، وهل الإعجاز يكمن في هذا اللفظ ( المثل ) وما المراد بكلمة المثل ؟

المثل هو الشبيه والنظير والمساوي .
ولهذا قال الله تعالى : (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ)
وقال الله تعالى : (وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ )

المثلية تعنى التطابق في الأصل ، والتوحّد في الماهية والتناظر في الحقيقة . فالمثلية تعني التطابق حتى لا يعرف هذا من هذا ، وقد لفت البيضاوي إلى هذا بجملة عجيبة حيث قال عند عرضه لقول الله تعالى حكاية عن السحرة (فَلَنَأْتِيَنَّكَ بِسِحْرٍ مِثْلِهِ )(طـه: الآية58) قال :[ مثله سحرك] [23] فجعل ما رآه السحرة في بادئ الأمر هو المثل ، وجعل الأصل هو السحر عند السحرة .
لكن التعبير القرآني ( بسحر مثله ) يشير إلى أن ما رآه السحرة في البداية شيء جديد فتعاهدوا على أن يأتوا بمثل هذا السحر ولذلك جاءوا بالحبال والعصى لما رأوه من إلقاء موسى للعصي قبل ذلك ، فأرادوا أن يصنعوا سحراً مثل الذي جاء به موسى ، وأحضروا أدوات مثل أدواته ولذلك قال :(بسحر مثله) لكن اللفتة التي لفت إليها البيضاوي ـ رحمه الله ـ أراد بها أنهم أرادوا أن يأتوا بشيء لا يختلف عما جاء به حتى في الصورة .
فالمثل في الكتاب يراد به المثل صورة ومعنى .

وإما عند بعض الناس فيراد بالمثل صورة بلا معنى .
كقوله تعالى : (مَا هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُرِيدُ أَنْ يَتَفَضَّلَ عَلَيْكُمْ)
ولهذا قد يقول قائل :
لم تكن مضامين القرآن ومعانيه وعلمومه داخلة في التحدي المطلوب، وليست هذه المضامين هي المثلية المطلوبة، والذي يدل دلالة صريحة على هذا، كلمة في آية التحدي في سورة هود قد يغفل عنها كثيرون ممن يتحدثون عن إعجاز القرآن، إنها كلمة ((مفتريات)) الواردة في قوله (أم يقولون افتراه قل فأتوا بعشر سور مثله مفتريات). وكأن جملة (بعشر سور مثله مفتريات) تجاوزت عن الصدق الموضوعي في ما طلب من الكفار تقديمه، فلم تطلب منهم علمًا صائبًا ولا أخبارًا صادقة، ولا معاني رفيعة ولا حقائق موضوعية، وأجازت لهم تقديم امور مفتراة مكذوبة في ذلك، ولكنها بأسلوب وبيان رائع، مثل القرآن في بيانه وأسلوبه. فالتحدي ليس في المضامين والحقائق والعلوم، وإنما في البيان والفصاحة والبلاغة.
وهذا الكلام من بعض الناس لا يصح .. وان صح , فانه لا يصح الا تجاوزا او مجازا , على اساس ان المثل المطلق لا يتصور في حق البشر . فلذلك يقولون : ان التشابه هو أقل درجات المثلية , فالأمر على الغالب الأعم والظاهر الواضح . ويقولون أن الإعجاز عندهم قائم في اللغة أو البلاغة أو النظم .
فيقول الجصاص : { معلوم أن العجم لا يتحدون من طريق النظم ، فوجب أن يكون التحدي لهم من جهة المعاني وترتيبها على هذا النظام .. ويجوز أن يكون التحدي واقعاً للعجم بأن يأتوا بكلام في أعلى طبقات البلاغة بلغتهم التي يتكلمون بها .}
فالمعاني هي من ضمن التحدي , وليس فقط ترتيب الكلام على النظم القراني .
فلا يكفي أن يثبت عجز الأعجمي بعجز العرب ، فليس العرب حجة عليهم إلا إذا كان الإعجاز بلاغياً ، وحصر الإعجاز في هذا الاطار البلاغي لأن القوم كانوا فصحاء يعني حصر الإعجاز والتحدي في طائفة قليلة , وليس لكل البشر .
ففي سورة (هود:13) : (أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ) .
فهذه الآية جاءت لترد على دعوى افتراء القرآن من عند الرسول .. وليس بأن يأتوا بعشر سور مثله في النظم وإن لم تشتمل على ما اشتمل عليه من المضامين والحقائق والعلوم ... وإن كان حتى ذلك - ايضا - بدون المضامين والحقائق والعلوم , غير ممكن لهم .
لأن التحدي يقول " بعشر سور مثله ".
فكلمة مفتريات , هي للرد على مقولتهم وليس لاثبات مقولتهم ..
فمثلا :
قد يتصدق شخص بمليون دينار . فياتي شخص ويدعي ان هذا الكلام فرية - كذب - , فيقول له : تقول انه افتراء وكذب ! طيب , فتصدق بمليون دينار مثلها " مثل تلك الدنانير التي تدعي انها مفتراة او مزيفة او ... ) . لانها في الحقيقة ليست مفتراة ولا مزيفة .
فطبعا لن يستطيع ذلك لانها فوق قدرته وطاقته .
ويكون القرآن بعرضه لقضية التحدي لمن يريد المعارضة والتحدي أن يثبت العجز من كل وجه .

سيف الكلمة
05-02-2006, 01:17 PM
أهلاً بسيف الكلمة.
استخدامك لكلمة معجزة تحتاج لتوضيح أيضًا، هل تعني السبق؟ أم فشل الخصم؟
وهل الإعجازات الأخرى غير البيانية موجودة في كل سورة حتى يتحدى الله بها كما جاء اللفظ القرآني؟

السبق ب1400 سنة لا شك يتضمن عجز الخصم فى ذلك الزمن السابق

الإعجاز البيانى يتميز بتوفره فى جميع الكلمات والآيات وليس جميع السور فحسب فأعترف بشموله لكل القرآن

ولكن لا أنفى أن الإعجاز العلمى تبين لنا فى الآيات التى كان بها إشارات فيها سبق علمى ولا ينتظر وجوده فى الآيات التى تفصل لنا الحدود
والإعجاز التاريخى فى الآيات التى تنبأت بأحداث تحقق حدوثها وبعضه يرتبط بالإعجاز العددى
وهكذا
والأدلة الرقمية على كون القرآن كلام الله أيضا متعددة ولم يثبت بعد شمولها لكل القرآن

أما من حيث كلمة معجزة فأنا لم أصر عليها وبينت تفضيلى لمصطلح الأدلة العلمية أو الإشارات العددية فى القرآن

وكل هذه الأوجه المتعددة يعجز البشر عن الإتيان بكتاب يشملها جميعا أو بكتاب يشمل نوع واحد منها فى ذلك الزمن وبواسطة مؤلف أمى لا يقرأ أو يكتب فهى إشارات وأدلة وهى أيضا معجزة

رأيت أنك لخصت المعجزة فى العناصر :


(1)المعاجزة (مصدر عَاجَزَ بمعنى طالَبَ وتحدى)

(2)العجز (وقوع الفشل)

(3)الإعجاز (النتيجة النهائية في فوز المعاجِز "بكسر الجيم")

هذا يمكن أن ينطبق على الإعجاز البيانى
فالإعجاز العلمى لا يستلزم وقوع الفشل فى الوقت الحالى ولكنه دليل على سبق القرآن المنزل على نبى أمى فى زمن يستحيل فيه توفر هذا التراث العلمى لهذا التقدم العصرى المدعوم بما لم يتوفر من قبل من أدوات البحث والإستكشاف فهو معجزة فى السبق بمقياس النظرة الشمولية لعناصر الزمن والإمكانيات والتراكم المعرفى عند لحظة محددة من هذا الزمن .
والإستحالة علامة إعجاز .

وهذا لا يعنى أنه ليست هناك حالات من الغلو فى فهم الإعجاز عند البعض مما أساء لقضية الإعجاز العلمى والرقمى
ولذلك بدأ البعض فى دراسة ضوابط لكليهما وقد نضجت ضوابط الإعجاز العلمى أسرع من ضوابط الإعجاز الرقمى وسأقدم نموذجا لتقنين الإعجاز العلمى لبيان المقصود بكلمة إعجاز وهو جزء من المشاركة رقم 2 بهذا الموضوع :

http://www.e3gaz.net/forums/index.php?showtopic=28

ضوابط البحث في الإعجاز العلمي في القرآن والسنة
ا.د. عبد الله بن عبد العزيز المصلح
الأمين العام للهيئة

الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد رسول الله
وآله وصحبه ومن والاه وبعد /


فبين يدي كلامنا عن القواعد والضوابط في مجال الإعجاز العلمي في القرآن والسنة يطيب لي أن أذكر بعض ثمرات البحوث في هذا الميدان والتي منها :
1 ـ الأثر البالغ الذي تتركه في قلوب المسلمين ، والذي يترجم بزيادة اليقين عندهم لدى رؤيتهم هذه الحقائق الباهرة ؛ لأنها وردت على لســان النبي الأمي محمد بن عبد الله عليه الصلاة والسلام ، وهكذا فإنها خير محرض للتمسك بالقرآن والسنة والاهتداء بهما .
2 ـ الرد العلمي الدامغ على الأفكار التشكيكية بصحة الرسالة المحمدية ؛ حيث إن عرض تلك الحقائق التي أخبر عنها نبي أمي في زمن لا يوجد فيه تقدم علمي كما أنه لا توجد في المجتمع وكذا البيئة التي عاش فيها أية إثارة من علم في تلك الميادين الكونية ؛ ولذلك فهذا الإعجاز يعتبر مجالاً خصباً لإقناع المنصفين من العلماء بربانية القرآن الكريم وصدق رسول الله محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم .
3 ـ الرد العملي المقترن بالبرهان الساطع على أن الدين الإسلامي هو دين العلم حقاً ؛ فمع إشادة الرسول صلى الله عليه وسلم بالعلم ـ وترغيبه بتحصيله وتنويهه بفضل العلماء ـ قد ذكر كثيراً من الحقائق العلمية وأشار إلى كثير من الأسرار الكونية مما هو موضوع العديد من التخصصات في آفاق الكون ولم يستطع أحد إلى الآن أن يثبت وجود تعارض أي دلالة كونية واردة في حديث شريف صحيح مع ما استقر من الحقائق العلمية اليوم وأنى له ذلك .
4 ـ إن الإعجاز العلمي يعتبر خير محرض لهمم المسلمين كي يتابعوا مسيرة البحث والتجريب والمقارنة وغير ذلك من وسائل الكشوف العلمية والتقدم المعرفي ، وفي الوقت نفسه فإن ذلك يفضي إلى توسيع دائرة شواهد الإعجاز العلمي .
5 ـ كما أن هذا الإعجاز العلمي يعتبر قناة آمنة ترفد بقية قنوات الدعوة إلى الله والذي يتتبع أسباب دخول كثير من الناس في الإسلام ـ ممن كانوا نصارى أو بوذيين أو يهود ـ يجد بحق أن فريقاً منهم قد ابتدأ سيره إلى الحق ؛ والذي انتهى به لإعلان شهادة الحق ؛ من خلال معاينة لطائف الإعجاز العلمي في القرآن والسنة .
6 ـ ولا شك أن ظاهرة الرجوع إلى دين الإسلام من قبل الذين كانوا قدماً من الشاردين الغافلين ، وهكذا إسلام غير المسلمين ؛ فإن ذلك كله أثمر مع ازدياد يقين المسلمين بدينهم رجوعاً لحالة العزة في نفوس أبناء الأمة الإسلامية بعد الكبوة التي حصلت لهم عقب سقوط الخلافة الإسلامية وهيمنة الدوائر الاستعمارية عليهم .
7 ـ وهذا كله يذكرنا بالحقيقة التي لا تتخلف أبداً ؛ والتي أخبرنا عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله : ( لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق ظاهرين على من ناوأهم حتى يقاتل آخرهم المسيح الدجال لا يضرهم من خالفهم أو من خذلهم حتى يأتي أمر الله ) (1) .

إن الإعجاز العلمي في القرآن والسنة يمثل شاهداً إضافياً على صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ويستوي في ذلك الحكم إن كان الإعجاز العلمي قرآنياً أم بالسنة ، ومن هنا فإن الادعاء بوجود إعجاز علمي لا يسلم به إلا بعد ثبوت تحقيق مناطه والذي يتمثل بحقيقتين هما :
أولاً / ثبوت اكتشاف هذه الحقيقة من قبل العلماء بشكل مستقر وذلك بعد برهنة المتخصصين في مجالها على ثبوتها .
ثانياً / صحة الدلالة على تلك الحقيقة في نص من نصوص القرآن الكريم والسنة المطهرة وذلك دون تكلف أو اعتساف في الاستدلال ؛ علماً بأن الرابط الذي يعطي هذا المناط قيمته هو عدم إمكانية إحاطة البشر بتلك الحقيقة وقت التنزيل ولذلك فإن خطوات إثبات شاهد من شواهد الإعجاز العلمي في النص الشريف تصبح خمسة وهي :
1 ً ـ إثبات وجود دلالة في النص على الحقيقة الكونية المراد إثبات وجود إعجاز علمي بصددها .
2 ً ـ ثبوت تلك الحقيقة الكونية علمياً بعد توفر الأدلة التي تحقق سلامة البرهنة عليها .
3 ً ـ ثبوت استحالة معرفة البشر بتلك الحقيقة الكونية وقت تنزيل القرآن على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم والتي اكتشفت لاحقاً في الأزمنة المتأخرة .
4 ً ـ تحقق المطابقة بين دلالة النص من كتاب الله عز وجل أو من سنة رسوله محمد صلى الله عليه وسلم وبين تلك الحقيقة الكونية .
5 ً ـ ثبوت أن النص من السنة المطهرة الذي نستنبط منه الإعجاز العلمي المشار إليه هو صحيح أو حسن حيث لا تعتمد في هذا المجال الأحاديث الواهية أو الساقطة .


أهم معالم المنهج المقرر في تفسير نصوص الإعجاز العلمي

تعتبر الأسس والقواعد الواجب مراعاتها في تفسير القرآن الكريم هي النبراس في تفسير النصوص عموما ؛ ونجملها فيما يلي :
أولاً : يلزم معرفة ما يتعلق بالنص من سبب الورود وهل هو خاص أو عام أو مطلق أو مقيد أو منسوخ أو غير ذلك .
ثانياً : يلزم الاطلاع هل ورد نص آخر يفسره ؛ إذ تفسير النص من الوحي ، _ والسنة من الوحي _ أولى بالاعتبار لذلك نقدم وجوه التفسير الواردة في السنة على ما دونها .
ثالثاً : مراعاة العرف اللغوي في زمن التنزيل دون المعاني التي كثر تداولها فيما بعد ، مهما بلغ انتشارها فيما بعد .
رابعاً : مراعاة قواعد الإعراب والبلاغة وأساليب البيان المقررة ليتم فهم أبعاد معاني النصوص .
خامسا : ملاحظة سياق النص وسباقه ومقتضيات الحال وغير ذلك من القرائن .
سادساً : التأكد من وجود إشارة واضحة أو صحيح عبارة على ما ندعي بأنه من معاني النص الذي نحن بصدد بيانه وتفسيره وتحديد الإشارة العلمية بشكل صحيح .
سابعاً : مراعاة أوليات الاعتبار في الاحتجاج بالمعاني فالنص المحكم أولى من الظاهر وظاهر النص أولى من المعنى المستقى بطريق التأويل ومنطوق النص مقدم على مفهومه كما أن بعض المفاهيم مقدم في الاعتبار على بعض ؛ ولذلك يلزم عدم التسرع في ترجيح وجه تفسيري دون مرجح معتبر .
ثامناً : ملاحظة أسلوب النص وصياغته هل هو عام ؟ وهل هو مطلق ؟ وهل هو مجمل ؟ وهل تشترك فيه معان عدة أم لا ؟ وهل يحتوي دلالة على حقيقة علمية لا يمكن تعارضها مع العرف اللغوي الذي قد يقدم في الاعتبار أم هناك احتمال آخر .
تاسعاً : عند التأويل للنص لا بد أن يكون هناك ما يقتضي ذلك ويلزم عندئذ إعمال القواعد المعتبره عند أئمة الأصول و التفسير من مثل قولهم :
• العبرة بعموم النص لا بخصوص السبب .
• إعمال الكلام أولى من إهماله .
• لا عبرة بالظن غير الناشئ عن دليل .
عاشراً : اعتماد المعاني المقررة للحروف التي تسمى حروف المعاني كما قررها الأئمة الأعلام .
حادي عشر : البعد عن تأويل المتشابه وكذا الخوض في القضايا السمعية ، مما لا يخضع للنشاط الذهني ؛ بل يعتمد على النصوص الواردة بصددها من كتاب الله وسنه رسوله صلى الله عليه وسلم .
ثاني عشر : ومن ذلك عدم الخوض في النصوص المتعلقة بالغيبيات التي استأثر الله بعلمها .
ثالث عشر : الحذر من الأخبار الإسرائيلية والآثار الواهية .
رابع عشر : التأدب مع علماء الأمة والحذر من تسفيه آرائهم فكم عاب إنسان آخر في اجتهاده فكان فيه العيب ، إذ لم يحسن فهم مرامي الكلام أو مقتضيات الحال .
خامس عشر : يجب ألا يفارقنا اليقين بصدق قول رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي هو بمثابة قول الله عز وجل لأنه وحي ووعد من الله ولذلك مهما رأينا وسمعنا في واقع حياتنا بأمور تتعلق بالكون فلا يسوغ أن نقدم ما قيل بصددها على ما ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولهذا يجب إعادة النظر عند وجود تعارض ظاهري بينهما لأنه لا يمكن أن يصادم مضمون نص صحيح حقيقة ثابتة أبداً حيث إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا ينطق عن الهوى بل بوحي من الله خالق الكون .


بعض المحترزات البحثية في مجال الإعجاز العلمي
في القرآن الكريم والسنة المطهرة

1- إيثار أسلوب اليسر في بيان المراد ـ وكذا تدوين الأفكار أو التعليل في مجال بيان المطلوب ـ فاليسر من مبادئ الدين الإسلامي بشكل عام ويلزم عدم الغفلة عن ملاحظة إظهار هداية القرآن والسنة للتي هي أقوم ؛ حيث هي الغاية من إنزال القرآن الكريم .
2- اختيار الطريقة المناسبة للتدليل والبرهنة فالموضوع التجريبي له طريقته والمنطقي له طريقته وبحوث المقارنات الميدانية لها أسلوب بيانها .. وهكذا .
3- الحذر من معارضة مبدأ شرعي أو قاعدة من قواعد الدين أو معلم من معالمه لأن اليقين العلمي متوافق مع الدين في كل الحقائق التي يستنبطها أهل الاختصاص في شتى المجالات الكونية ومنها الميدان الطبي .
4- اجتناب العبارات التي تشعر أن الباحث يدافع عن القرآن والسنة أو أنهما يحتويان ما يمكن أن يعبر عنه بالنقص أو أن العلماء السابقين قصروا في فهمها أو أنهم قد أخطؤا في فهم ما يشتملان عليه من حقائق .
5- الاعتدال في بيان الحقائق الكونية بعد التأكد من ثبوتها وعدم الاندفاع العاطفي الذي يترجم انبهاراً وعدم اتزان ، وكما ذكرنا فإن على الباحث أن يحذر من التعجل والإسراع إلى فكرة لمجرد أنها أعجبته ؛ بل عليه التزام الحيدة البحثية وعدم التحيز لما يعرضه بل يتوجب عليه كذلك عدم الركون للقناعات الشخصية جعل العلم الكوني بمثابة المرجع المرجح والملاذ الذي يركن إليه بإطلاق .
6- مراعاة التقاليد والأمور التي جرى عليها عرف الهيئة العالمية للإعجاز العلمي من عدم التجريح بالآخرين تقصد غبن الناس مقاديرهم مثل التقليل من شأن جهود السابقين .
7- لدى تحقيق مناط الإعجاز بشقيه الشرعي والكوني يلزم الإشارة للخلفية التاريخية التي توضح واقع المجتمع الإنساني من ناحية المعارف الكونية قبل إظهار المطابقة المطلوبة بين الدلالة النصية والحقيقة العلمية ؛ وبالتالي تقرير النتيجة المفضية لوضوح الصورة الإعجازية حسب الخطوات الخمس المقررة .
8- ملاحظة الفرق بين بحث تمهيدي في مرحلة المطارحات والمناقشات ولكن يراد منه الوصول إلى نتيجة ـ ولو كانت غير مقطوع بها ـ ولا يدعي صاحبه أنه يقرر حقائق ثابتة ولا يدافع عن أفكار معينة ، وبين بحث هادف لبيان الإعجاز العلمي فالأول يمكن التساهل في أسلوب عرضه لإثارة أفكار الآخرين وإثراء البحث (( ولكن في نطاق بحثي خاص )) أما الثاني فلابد فيه من التدقيق التام خاصة أثناء العرض ، ولذلك ففي هذا المجال لا بد أن تضيق دائرة القبول وتحدد بحاله مقتضى الدعوى على وجه لا يحتمل أي شك .ونود أن نشير هنا إلى أن البحوث لدى الهيئة تمر بمراحل هي :
1) إثارة الفكرة ومناقشتها ومطارحتها حتى يتم الاتفاق عليها ثم الكتابة فيها:
2) إحالة البحث إلى محكمين شرعي وعلمي .
3) ثم عقد ندوة على نطاق أوسع يشترك فيها نخبة من المختصين الشرعيين والعلميين وعند إجازته بعد ذلك تتبنى الهيئة طباعته ونشره وتأذن لصاحبه بذلك .
9- ونؤكد هنا على عدم الخوض في الأمور السمعية التي استأثر الله بعلمها ولم يقدرنا على الإحاطة بها لان في مثل هذا الخوض تمحل وتكلف وتنطع ؛ ونؤكد بأن الإعجاز العلمي يتعلق دائما بما وراء ذلك من القضايا حيث ينصب دائماً على القضايا الخاضعة للتجريب والمشاهدة والمقارنة .
10- مراعاة بقية القواعد المسلكية والمصطلحات المقررة من قبل الهيئة العالمية للإعجاز العلمي سابقا وما تقرره الجمعية العمومية حالياً ولاحقا إذ هي تمثل مرجعية إنجاز تلك الأبحاث وبذلك تنتفي التناقضات والسلبيات في ميدان بحوث الإعجاز العلمي ؛ علما بان المرجعية الأساسية للإعجاز العلمي إنما هي كتاب الله وسنه رسوله صلى الله عليه وسلم .
المصدر:
ضوابط البحث في الإعجاز العلمي في القرآن والسنة
ا.د. عبد الله بن عبد العزيز المصلح
الأمين العام للهيئة

أبو جهاد الأنصاري
05-02-2006, 05:45 PM
وهذه خطوة على الطريق أستاذنا سيف الكلمة فجزاك الله خيراً.

muslimah
05-04-2006, 01:04 PM
مع احترامي لناقل الموضوع ولمن نقل عنهم:

1- إذا كان التحدي لغوياً فقط وعجز عنه أهل اللغة فمن الطبيعي أن يعجز عنه من يلونهم لضعف لغتهم
فما الحكمة من تحدي من تعلم أنه لا يستطيع ؟
ليس من العدل أو المنطق أن أتحدى خريجاً جامعياً وتلميذا في الابتدائية في نفس الموضوع
وليس من العدل أو المنطق أن أتحدى شاباً في عنفوان شبابه وعجوزاً على رفع نفس الأثقال

2- إذا كان البعض قد حاول بما هو أفضل من " يا ضفدع نقي ما تنقين...............والعاجنات عجنا........الخ" ولكن العرب وضعوا تلك المحاولات للتندر كما تقول . إذن ما يدرينا إن كانوا فعلاً قد ألفوا ما هو مثيل أو قريب من بلاغة كتاب الله ولكن العرب أتلفوها؟

3- إذا كانت سورة الكافرون لا ينطبق عليها الإعجاز اللغوي كما تقول فهذا يقود إلى بطلان التحدي بسورة من مثله
علماً بأن قراءتها تعدل أجر ربع القرآن الكريم فهي من أهم سور كتاب الله
ففيها التأكيد على الولاء والبراء
وبطلان موضه هذا الزمن بالدعوة إلى وحدة الأديان وبهذا تكون قد فاقت الإعجاز البلاغي

4- إذا كنا فعلاً قد فقدنا قوة اللغة فكيف نفرق بين ما هو معجز لغوياً وعادي؟

6-النتيجة أنه لا بد أن يشتمل الإعجاز على جميع أنواع محتويات كتاب الله من إعجاز لغوي وتشريعي وعلمي........الخ

والله تعالى أعلم

لادينية
05-06-2006, 07:45 PM
ما هو الوجه الذي يعتبر القاسم المشترك بين كل سور القرآن ؟؟

قرآن الفجر
05-06-2006, 09:18 PM
الإيجاز في بيان أوجه الإعجاز

في سورة ( الكافرون)


بقلم د/ حاكم المطيري

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على النبي الأمين، وآله وصحبه أجمعين، وبعد :

فقد سألني أحد الأخوة النجباء، والأدباء الأذكياء، عن وجه الإعجاز في سورة ( الكافرون ) والتي لا يظهر فيها عنده وجه الإعجاز؟!

وقد أجبته إجابة مختصرة مضمونها أن عدم الإتيان بمثلها كاف في إثبات إعجازها مع ما يتراءى لنا من سهولة النظم على مثالها، ثم لما تدبرت فيها من الغد إتباعا لقول الله تعالى ( أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها) ظهر لي من أوجه الإعجاز البياني ما لم يخطر لي من قبل فشرعت أكتب تلك الخواطر من بعد صلاة الفجر إلى صلاة العصر حتى جاءت هذه الرسالة اللطيفة ، وفي الآية أوجه أخرى لمن أنعم فيها النظر ، وأجال فيها الفكر، وهذه بعض أوجه الإعجاز فيها :

الوجه الأول: أن التحدي والإعجاز تحققا عند عدم الإتيان بسورة على نحو هذه السورة، بقطع النظر عن البحث في وجه الإعجاز فيها، إذ عدم الإتيان هو الإعجاز ذاته، وقد كان باستطاعة المشركين أن يبطلوا دعوى النبي صلى الله عليه وسلممن أساسها بالإتيان بسورة من مثله، دون أن يسفكوا دماءهم، ويبذلوا أموالهم، وكان الإتيان بسورة واحدة كاف في إبطال الدعوى مع ظهور التحدي أولا بالإتيان بمثل القرآن ثم بعشر سور مثله مفتريات ثم بسورة واحدة كما في قوله تعالى):(قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القران لا يأتون بمثله ولوكان بعضهم لبعض ظهيرا )) [الكهف88] (( قل فاتوا بعشر سور مثله مفتريات)) [هود 13]، (( قل فأتوا بسورة مثله وادعوا من استطعتم من دون الله إن كنتم صادقين))[يونس 38] ((فأتوا بسورة من مثله وادعوا شهداءكم من دون الله إن كنتم صادقين * فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا....)) [ البقرة 23-24].

فلما لم يأتوا بشيء من ذلك، مع كون العرب أئمة البيان، وأهل اللسان، وأصحاب اللغة وأربابها، وآل الفصاحة وأصحابها، حتى نظموا من الشعر وقرضوا منه ما لم تقرضه أمة من الأمم كما نص على ذلك المؤرخ الفرنسي ( جوستاف لويون) في كتابه (حضارة العرب)، وبلغ عنايتهم بعلوم اللسان، وفنون البيان، من شعر ونثر أن عقدوا لها الأسواق ليتباروا فيها أيهم أفصح لسانا، وأبلغ بيانا، حتى عبروا عما يعنيهم من أمورهم، وما تختلج من المعاني في صدورهم، وصوروها شعرا ونظما، كأنما يراها السامع رأي العين شكلا ورسما، وأخرجوها بأشعارهم من حيز المعنويات، إلى حيز الماديات، والمصورات المشاهدات، مما يقطع معه أن التحدي وقع لهم فيما يحسنونه وينظمونه، وكان أسهل عليهم أن يأتوا بسورة من مثله من تعرضهم للقتل والحرب، مع طول المدة والمهلة.



الوجه الثاني: إن الإعجاز هو في صرفهم عن الإتيان بمثل هذا القرآن، أو بعشر سور مثله، أو بسورة واحدة، فصارت كل سورة من سوره ـ مهما كانت قصيرة يتراءى للنفس إمكان الإتيان بمثلها ـ معجزة بذاتها لا يستطيع الخلق أن يأتوا بمثلها إلى قيام الساعة(( فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا)) مع عدم وجود ما يحول دون الإتيان بمثلها حساً وطبعاً، ومع استمرار وجود أعداء الرسالة، وقيام التحدي لهم في كل عصر، ومع استهزائهم بالقرآن وسوره، وادعائهم أنه مفترى، وأنهم يستطيعون الإتيان بمثله، وأنه أساطير الأولين اكتتبها فهي تملى عليه بكرة وعشيا، ومع ذلك كله لم يأت أحد منهم بسورة واحدة يبطل بها التحدي، فكان صرف الخلق عن ذلك هو المعجز، وهو الإعجاز الدال على صدق الرسول، وصدق الرسالة، وأنها حق من عند الله، فاستوى بذلك القرآن كله، والسورة القصيرة منه،

إذ التحدي وقع في هذا وهذا ،ولم يأت أحد بمثل ذاك و لا ذا ، وهو أمر خارج عن العادة الإنسانية، ومصادم للسنن الاجتماعية، في اجتهاد الخصم والعدو في إبطال دعوى خصمه ونقضها بكل وسيلة يقدر عليها، ولما جبل عليه الإنسان بطبيعته من حب الظهور والظفر فيما هو أدنى من ذلك، فكيف بمثل هذا الأمر العظيم الذي تبطل به الأديان التي هي أحب عند أبتاعها من النفوس والأموال؟!

وإذا كان( الحدوث دليل الإمكان ) وكان القرآن والسورة الواحدة منه من جنس كلام العرب، وكان من جاء به واحداً منهم، وبشراً مثلهم، فقد أصبح في حيز الإمكان أن يأتوا هم بمثله عادة، وخرج بذلك عن أن يكون مستحيلا عادة وعقلا الإتيان بمثله أو بسورة واحدة منه ، وإذا لم يكن مستحيلا فقد وقع إذن التحدي فيما هو ممكن، إذ نظم ست عبارات مثل آيات ( الكافرون ) لا يستحيل عادة ولا عقلا، إذ هو كلام عربي مبين، واضح المعاني، سهل المباني، فكان عدم الإتيان بمثل هذه السورة وغيرها من سور القرآن القصار، هو المعجزة الظاهرة التي لا إعجاز أوضح منها ولا أظهر، سواء أقيل الله هو الذي يحول بينهم وبين الإتيان بمثلها ويصرفهم عن ذلك، أم قيل إن الله خلى بينهم وبين ذلك فلم يستطيعوا، إذ الإعجاز تحقق بعدم الإتيان في حد ذاته بقطع النظر عن أسبابه.

الوجه الثالث: أن القرآن والسورة الواحدة منه كله كلام الله، وهذا أصل الدعوى وأساسها (( قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إليه )) ((إنا علينا جمعه وقرآنه فإذا قرأناه فاتبع قرآنه )) (( فأجره حتى يسمع كلام الله )) وإذا كان العقل يقطع بأن ذات الخالق لاتشابه ذوات المخلوقين،فصفاته قطعاً لا تشابه صفاتهم، وكلامه لا يشبه كلامهم، وهذا بدلالة العقل الذي يقطع بأن لا موجود بلا موجود، ولا حادث بلا محدث، ولا مخلوق بلا خالق يتصف بصفات الكمال المطلق.

فإذا ثبت ذلك بدلالة العقل، وثبت أن إرسال الرسل وإنزال الكتب معهم لهداية الخلق إلى خالقهم هو من الممكنات العقلية، وأن خطاب الخالق إلى المخلوق في حيز الإمكان العقلي، وإذا ثبت لدى أهل الأديان قاطبة على اختلاف مللهم ونحلهم السماوية والأرضية أن الله أرسل كثيراً من الرسل لهداية الخلق، وأنزل على بعضهم كتبا، وأوحى إليهم، وكلمهم، وكان حدوث ذلك كله دليل إمكانه، وكان آخرهم وهو محمد صلى الله عليه وسلم قد أخبر بأن ما جاء به من قرآن هو من عند الله ومن كلامه ووحيه، والدليل عليه هو أن الخلق كلهم لو اجتمعوا ما استطاعوا أن يأتوا بمثله ولا بسورة واحدة، لأنه كلام الله، ثم لم يأتوا فعلا بمثله، كان ذلك أوضح حجة على أن هذا القرآن كلام الله حقا، يستوي بذلك القرآن كله، والعشر سور منه، والسورة الواحدة القصيرة، إذ كلام الله ليس ككلام خلقه، كما أن ذاته ليست كذواتهم (( ليس كمثله شيء)) فالسبب في عدم قدرة العرب والخلق كافة على الإتيان بسورة واحدة قصيرة كمثل( الكافرون ) هو كونها من كلام الله وكفى، والبرهان على ذلك هو عجز الخلق قاطبة عن الإتيان بمثلها، ولا تفسير لذلك بداهة إلا كونها من كلام الله، والإتيان بمثل كلام الله خارج عن حيز الإمكان العقلي، إذ يستحيل عقلا مماثلة المخلوق للخالق في ذاته أو صفاته، فصار القرآن من حيث هو كلام الله يستحيل أصلا الإتيان بمثله عقلا، وخارجا عن حيز الممكنات، ومن حيث هو كلام عربي مبين، يتلوه رجل عربي أمي، بألفاظ وحروف من جنس ما يستخدمه العرب في كلامهم، في حيز الإمكان وفي نطاق قدرتهم، فكان التحدي بذلك أظهر.

الوجه الرابع: إن أسلوب القرآن ونمطه لا عهد للعرب به، فلا هو بالشعر، ولا هو بالنثر ،بل هو قرآن لا يشابه كلامهم مع كونه من جنس كلامهم، ومن مفردات لغتهم، بل إنه لا يشابه كلام النبي eفالفرق بين القرآن والحديث النبوي فرق ظاهر جلي مع كونهما وحي من الله ((وما ينطق عن الهوى* إن هو إلا وحي يوحى))[النجم: 3-4] إلا أن القرآن كلام الله وخطابه، والحديث النبي كلام الرسول وبيانه عن الله تعالى.

وكذلك الفرق بين كلام النبي eوكلام أصحابه واضح جلي، لا يكاد يخفى على من يعرق كلامه وأسلوبه ونمطه، وكذا الفرق بين كلام أصحابه وكلام أتباعه، ولهذا يسهل على أهل العلم المتخصصين أن يميزوا بين كلام النبي صلى الله عليه وسلموكلام من سواه بالنظر للفظ والأسلوب، كما يستطيع أهل الشعر أن يميزوا بين قصائد الشعراء لمعرفتهم بأسلوب كل شاعر ونمطه، بل ربما استخرجوا من القصيدة الواحدة ما زيد فيها من أبيات ليس منها لكونها ليست من نمطها، ولا يكاد يختلط على أهل الشعر والأدب والنقد شعر أبي الطيب بشعر أبي العتاهية، ولا شعر أبي تمام بشعر البحتري، فضلا عن أن يختلط عليهم شعر أهل الجاهلية بشعر من بعدهم، وشعر العصر الأموي بالعصر العباسي الثاني .

وكذا يستطيع أهل التخصص من الأدباء والفصحاء معرفة أسلوب الرافعي وتميزه عن أسلوب المنفلوطي، وأسلوب العقاد من أسلوب طه حسين، فلكل كاتب وشاعر أسلوبه ونمطه وطريقته التي هي كالبصمة لا يستطيع التخلص منها ولا انتحالها إلا على وجه من التكلف الذي يكشف حقيقة التقليد ،وإذا كان الأمر كذلك كان محاكاة كلام الله أمرا ظاهرا لا يخفى، والتحدي إنما هو في المثلية (( بسورة من مثله)) والمثلية تقتضي المطابقة والمماثلة على وجه لا يمكن معه التمييز بينهما.

ونحن نرى الفرق ظاهراً جلياً بين القرآن والحديث النبوي بحيث لا يخفى الفرق بينهما على من له أدنى معرفة في القرآن والسنة، ولو كان في مقدور أحد من البشر أو العرب أن يتأثر خطا القرآن ويتأثر أسلوبه ونمطه لكان ذلك في مقدور النبي صلى الله عليه وسلم، فقد كان أفصح العرب قاطبة، وكان يتلو القرآن بكرة وعشيا مدة ثلاث وعشرين سنة، ومع ذلك كله لم يقع في كلامه صلى الله عليه وسلم- مع كثرة ما تواتر عنه وما حفظ من كلامه- ما يشابه القرآن ولو في عبارة واحدة مع أنه أوتي جوامع الكلم؟!

وهذا ما يجده المسلمون في أنفسهم ،فإنهم يحفظون القرآن عن ظهر قلب، ويتلونه ليل نهار، ويخرج منهم الشعراء، والخطباء، والكتاب، وأئمة اللغة، وأرباب البيان، ثم لا يكاد أحدهم يواطئ أسلوبه أسلوب القرآن، ولا نمطه، ولو مصادفة بلا قصد ؟! مع أن من يحفظ ديوان شاعر، ويعتني بشعره، ويكثر من ترديده، يستطيع محاكاته وتقليده، بل يتأثر أسلوبه ونمطه من حيث لا يشعر.

ولا تفسير لهذه الظاهرة اللغوية في القرآن وأسلوبه ونمطه إلا كونه كلام الله تعالى، فظهر بذلك أن أسلوب السورة القرآنية القصيرة كسورة (الكافرون)، ونمطها، ونظمها، معجز في حد ذاته، لا يستطيع أحد الإتيان بمثله، إذ السور القصيرة كالسورة الطويلة، وكالعشر سور، وكالقرآن كله، على نمط واحد، وأسلوب واحد، وهذا ما يدركه كل عربي بداهة بسليقته، فمهما اختلفت السور في مضامينها، ومعانيها، وقضاياها التي اشتملت عليها، إلا إن أسلوبها ونمطها واحد، لا هو بالشعر ولا بالنثر، بل نمط آخر هو القرآن.

الوجه الخامس: أن الله وصف قرآنه بأنه هدى ونور وفرقان وبرهان وبيان وموعظة وحكمه...الخ وهذه الأوصاف تصدق على القرآن ككل، وما من سورة إلا ولها من هذه الأوصاف حظ ونصيب، فمن آيات البرهان والفرقان التي تخاطب العقول (( أم خلقوا من غير شيء أم هم الخالقون أم خلقوا السموات والأرض بل لا يوقنون )) وقوله : (( قل هو الله أحد* الله الصمد*....)) وقوله: ((قل لو كان فيها آلهة إلا الله لفسدتا)) ومثلها كثير ،

فهذه الآيات ونحوها دلائل برهانية على إثبات وحدانية الله، فانتظام حركة الوجود، وصلاحه وعدم اضطرابه، دليل على خالقه الذي يصرفه، فهذا برهان عقلي يقوم على مقدمات منطقية هي :

المقدمة الأولى: لو تعددت الأرباب لفسدت السموات والأرض، و لاضطرب الوجود بسبب حدث التنازع واختلاف الإرادات بينهم .

المقدمة الثانية: وبما أنه لاضطراب ولا اختلاف في حركة الوجود بل صلاح وانتظام.

النتيجة: ثبوت وحدانية الرب وانفراده بالخلق والتصريف، واتصافه بكمال القدرة والعلم...الخ.

وباختصار فالتعدد يقتضي الفساد، وبما أنه لا فساد، فلا تعدد، بل وحدانية وانفراد مطلق .



ومن أمثلة الآيات الوعظية التي تخاطب القلوب قوله تعالى : (( نبأ عبادي أني أنا الغفور الرحيم)) ، ((يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقطنوا من رحمة الله إنه هو الغفور الرحيم * وأنيبوا إلى ربكم وأسلموا له...))

ومن أمثلة آيات الحكمة(( وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هونا..))، (( ولا تمشي في الأرض مرحا إنك لن تخرق الأرض ولن تبلغ الجبال طولا)) .

ولهذا لم يقع التحدي بآية واحدة، إذ في القرآن آيات هي عبارة عن كلمة واحدة، أو حرف، ولا يظهر في مثل ذلك شيء من ذلك، كما لا يظهر فيه أسلوب ونمط يصلح به التحدي، وإنما يظهر ذلك ويتجلى بالكلام المركب، وذلك ظاهر في كل سورة مهما كانت قصيرة بخلاف الآية التي قد تكون حرفا واحدا مثل (( ن * والقلم وما يسطرون ))

وسورة ( الكافرون ) لها نصيب من الوصف المذكور للقرآن على سبيل الإجمال، وهو كونه بيانا وهدى وفرقانا بين الحق والباطل.

وهذا يتجلى في هذه السورة في أوضح صورة فقوله (( قل يأيها الكافرون)) خطاب ونداء موجه إلى الكافرين جميعا، فدخول (أل) على اسم الفاعل (كافر)، المشتق من (كفر)، المجموع جمعا سالما، هو من أبلغ صور العموم في لغة العرب، فقد أفاد الشمول والاستغراق لكل كافر من مشركي العرب ومن غيرهم، من كان موجودا آنذاك ومن يأتي من بعدهم، فعمهم النداء، وشملهم الخطاب، فلم يستثن منهم أحدا.

ثم قال ((لا أعبد ما تعبدون)) فجاء بالفعل المضارع ( أعبد) الذي يفيد الاستمرار وتجدد الحدث، ثم سلط عليه أداة النفي (لا) ليفيد نفي عموم الفعل وتجدده، وجاء بـ (ما) وهي اسم موصول – مفعول به- وهي من أسماء العموم تفيد الاستغراق والشمول بمعنى (الذي)، وجاء بصلته (تعبدون) وهو فعل مضارع من الأفعال الخمسة، والواو واو الجماعة، فأفادت ( ما تعبدون) عموم معبوداتهم، وعموم عباداتهم على اختلاف أنواعها وأجناسها، لكثرة معبوداتهم وأصنامهم، وأفرد معبوده بقوله (ما أعبد).

ثم قال((ولا أنتم عابدون ما أعبد ))فجاء بالجملة الاسمية التي تفيد الثبات بعد الجملة الفعلية التي تفيد التجدد والحدوث، ونفى هذه كما نفى تلك، وجاء بالوصف المشتق وهو اسم الفاعل (عابدون) الذي يفيد أيضا معنى الاستقبال .

ثم قال (( ولا أنا عابد ما عبدتم)) فجاء هنا أيضا بالجملة الاسمية ( أنا عابد)

التي تفيد الثبوت، كما جاء من قبل بالجملة الفعلية ( لا أعبد ) التي تفيد الحدوث والتجدد، ونفى هذه وتلك.



فلا ما يصدر عنهم من فعل العبادة كمثل ما يصدر عنه من فعل، ولا الوصف القائم به من العبودية ( عابد ) كالوصف القائم بهم من العبودية ( عابدون)، ولا معبداتهم على اختلافها وكثرتها كمعبدوه مع وحدانيته.

ثم جاء بعد ( عابد ) بالمفعول وجعله اسما موصولا يفيد العموم وهو (ما)، وجعل صلته هنا فعلا ماضيا ( عبدتم)، بينما جعل صلته من قبل فعلا مضارعا ( ما تعبدون ) ، ليشمل النفي الماضي والحاضر والمستقبل .

ثم أكد ذلك بقوله (( ولا أنتم عابدون ما أعبد )) مرة ثانية على سبيل القطع والتأكيد، ليرفع ما قد يتوهمونه من إمكان أن يكونوا على شيء من دينه وعبادته .

ثم قال (( لكم دينكم ولي دين )) ليقطع عليهم طريق اللقاء به ماداموا على كفرهم وشركهم فلهم دينهم وله دينه.

فاشتملت هذه السورة مع قصرها وتكرار ألفاظها وتضمنت من صور العموم والشمول، والقطع والتأكيد، والنفي والإثبات، والبيان والوضوح، ما يجعل منها فرقانا بين الحق والباطل، والإيمان والكفر، والإسلام والوثنية، والتوحيد والشرك.

فمن صيغ العموم ( أيها ) و( الكافرون) و( ما) و( ماتعبدون) و(ما عبدتم) و (عابدون)، وجاء بأصرح ألفاظ النفي وهي (لا) وسلطها على الجملة الفعلية، والجملة الاسمية، كما سلطها على الفعل المضارع، والفعل الماضي ( تعبدون) (أعبد) ( عبدتم) .

وجاء بـ ( ما) وهي اسم موصول يفيد العموم ،تارة يأتي بمعنى (الذي)، وتارة يأتي بمعنى (الذين)، فأتى بالصلة بحسب السياق فقال ( ماتعبدون) أي (الذين تعبدون) ليشمل كل معبوداتهم، وقال ( ما أعبد) أي (الذي أعبد) ليفيد وحدانية معبوده.

وقد تكون( ما ) أيضا مصدرية تسبك بما بعدها فيكون المعنى ( لا أعبد عبادتكم ) و( لا أنتم عابدون عبادتي ).

وعليه فقد تضمنت السورة ما يلي :

1.نفي أن تكون عبادته كعبادتهم، كما نفى أن تكون عبادتهم كعبادته .

2.ونفي أن تكون عبوديته ( عابد)، كعبوديتهم ( عابدون)، ولا صفته ووصفه القائم به كصفتهم ووصفهم القائم بهم، ولا صفتهم كصفته.

3.ونفي أن يكون معبوده الواحد كمعبوداتهم، ولا معبوداتهم كمعبوده الواحد.

4.ونفي أن يكون دينه كدينهم، ودينهم كدينه.

فلا الفعل كالفاعل، ولا الوصف كالوصف، ولا المعبود كالمعبود، ولا الدين كالدين.



فيصدق على هذه السورة القصيرة أنها بيان قاطع، وفرقان فارق، بين الحق والباطل، كما هو شأن القرآن ووصفه، والله تعالى أعلم.



الوجه لسادس: أن التحدي جاء للخلق كافة أنسهم وجنهم، وعربهم وعجمهم، غير أنه لما كان العرب الذين نزل عليهم القرآن وهم عرب الجاهلية من أفصح الأمم، بل أفصحها على الإطلاق، ولما كانت حكمة الله تعالى تقتضي أن تكون آخر رسالة منه للعالمين، وآخر خطاب للعباد، رسالة بيانية، تنزل بأفصح وأوضح لغة، لتقوم حجة الله على خلقه إلى قيام الساعة، من حيث استمرار الحجة وبقائها، ومن حيث وضوحها وبيانها، ولا يتحقق ذلك إلا بأن تكون حجته بيانية لسانية، تتضمن أحكام الله وتشريعاته، وحكمه ومواعظه، وبراهينه وقصصه، وأخباره، على وجه تظهر فيه المعجزة من جهة، والبيان والوضوح من جهة أخرى، بحيث لا يحتاج الخلق معها إلى رسول آخر، ولا معجزة أخرى، ولا رسالة ثانية، بشرط أن يكون خطابه محكما محفوظا لا يأتي الباطل من بين يديه ولا من خلفه، حتى لا يدخل عليه الخلل بالزيادة فيه أو النقص منه، أو تحريفه وتبديله، و إلا لم تقم الحجة على الخلق، ولهذا قال: (( إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون ))وقال (( لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد)).

ولهذا امتن الله على عباده كافه بأن جعل خطابه وكتابه إليهم بلسان عربي مبين هو الغاية في الوضوح والبيان والإيجاز (( كتاب فصلت آياته قرآنا عربيا لعلكم تعقلون )) .

كما امتن عليهم بحفظ الله له من التبديل والتحريف (( لئلا يكون للناس على الله حجة)) فبلغ أفصح الخلق وأصدقهم رسالة الله إلى العرب كافة، فلم يمت صلى الله عليه وسلمحتى دخل العرب في دين الله أفواجا، ثم جعل الله العرب ــ وهم أفصح الأمم وأقدرها على الفهم والإفهام، والتبيين والبيان ، بأوجز عبارة و أوضحها – واسطة بين الرسول وكافة الأمم (( وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكون شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا)) فلم يمت آخر صحابي حتى بلغ الإسلام مشارق الأرض ومغربها، ودخلت الأمم من غير العرب في دين الله أفواجا، بعد أن بلغهم العرب حجة الله وخطابه وكتابه بلغاتهم على اختلاف ألسنتهم، فاستجابوا لله ورسوله، وعلم أهل الكتاب أنه الحق الذي بشرت به الأنبياء من قبل، وعلم غيرهم أن كل ما جاء به القرآن من عقائد وأحكام وأخلاق وآداب أوضح دليل على أنه من عند الله وأنه حق كله، كما قال تعالى (( سنيرهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق)) واستوى في ذلك العربي وغير العربي، فكان استجابة العرب للقرآن و إيمانهم به وعجزهم عن الإتيان بمثله ولو بسورة

قصيرة، وشهادتهم له بأنه أفصح الكلام وأوضحه وأجزله، وأنه خارج عن نطاق قدرة أدبائهم، وخطبائهم، وشعرائهم، دليل على أنه معجز وحجة وكان العجم تبعا لهم .

وكذا حال من يأتي بعدهم، إذ التاريخ شاهد على أنه لم يأتي بعد عرب الجاهلية من يجاريهم في الفصاحة والبيان، وفنون وعلوم اللسان، وأن قصارى من جاء بعدهم أن يحاكوا أشعارهم ويتبعوا آثارهم.

ومن هنا يظهر أن الله لم ينزل القرآن على هذا النحو الموجز المعجز تحديا للعرب،بل الصحيح أن الله هيئ العرب على هذا النحو واصطفاهم قبل البعثة، لينزل عليهم كتابه وخطابه الخالد ليفهموه ويبلغوه الأمم الأخرى، وذلك يقتضي إعدادهم على النحو الذي بلغوه وبرعوا فيه في علوم البيان قبل بعثة النبي صلى الله عليه وسلم.

والمقصود أن العرب المشركين آمنوا بالقرآن كله، وأدركوا أن كل سوره الطوال والقصار ، بلغت الغاية في الإعجاز البياني، ولم يروا فيه خللا، ولا نقصا، ولا عيبا، لا في طوال سوره ولا قصاره، مع اختلاف مضامينها و موضوعاتها، فإذا أقروا له بذلك، كان اعترافهم وإقرارهم حجة على من سواهم ، من باب أولى، وهذا كما إذا شهد شعراء أهل عصر من العصور على أن أحدهم أشعرهم، فإن شهادتهم له حجة على أهل عصرهم ممن لا يحسن نظم الشعر ولا يقرضه، وليس لغير الشعراء والأدباء إلا التسليم لهم فيما أجمعوا عليه، وإن كان غيرهم لا يرى في شعره ما يرونه هم، ولا يتذوق منه ما يتذوقونه منه، وهذا كحال العامة في هذا العصر الذين لا يتذوقون الشعر العربي الفصيح، لا الشعر الجاهلي ولا الإسلامي، لفساد سليقتهم، وعجزهم عن فهمه وتذوقه، وبسبب قصورهم لا لقصور في الشعر العربي الفصيح، فلا يمكن للعامة أن يحكموا على الشعر العربي ولا أن يميزوا بين طبقات شعرائه، وإنما يقبل ذلك ممن تعلم العربية حتى غدا كأهلها سليقة.

وإذا كان هذا حال العامة مع الشعر العربي، وأنهم تبع لأئمة الشعر، وأدباء العصر، في تذوقه، وفهمه، فكذلك حالهم مع القرآن، فإنهم تبع في فهمه وتذوقه لعرب الجاهلية، الذين أسلموا طوعا وإيمانا منهم بأنه كلام معجز لا يمكن الإتيان بمثله، وأنه لا يجارى في بلاغته، ونظمه، وبيانه، وحكمه، يستوي في ذلك طوال سوره وقصارها، إذ لو رأوا فيه خللا، أو ضعفا، أو عيبا في لغته، لحال ذلك بينهم وبين الإيمان به، و لكان حجة لكل من يرفض الدخول فيه، غير أنهم لم يفعلوا فدل ذلك على أحكامه وإعجازه، ومن ذلك سورة ( الكافرون).

الوجه السابع: أن إعجاز القرآن على وجوه عدة منها :

1-إعجاز بياني من حيث النظم والأسلوب، واستخدام الألفاظ، ومراعاة مقتضى الحال والخطاب، على اختلاف الموضوعات التي طرقها .

2-إعجازه التشريعي وتفصيله للأحكام على كثرتها بأوجز عبارة وأوضحها كما في آيات الفرائض (( يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثنين فإن كن نساء فوق اثنتين فلهن ثلث ما ترك وإن كانت واحدة فلها النصف ولأبويه لكل واحد منها السدس مما ترك إن كان له ولد....)) فقد اشتملت ثلاثة آيات محكمات من القرآن على علم الفرائض والمواريث كله، وقسمت الفرائض وحددت نصيب كل وارث، في كل أحواله، في حال انفراده وحده ، وحال اجتماعه مع غيره ، وفي حال الذكورة، أوحال الأنوثة، وحال الأبوة، وحال البنوة، وحال الكلالة، على نحو يحتاج بيانه إلى كتب كاملة، وهو ما ليس في نطاق البشر أن يأتوا بمثله على هذا النحو الموجز .

ومع تفاوت نزوله بحسب الحوادث مدة 23 سنة إلا أنه لا يوجد تعارض بين أحكامه وتشريعاته، بل كأن آياته لشدة أحكامها نزلت جملة واحدة.

3-إعجازه الخبري سواء في إخباره عن الماضي، وما وقع فيه من حوادث وقع الخلاف فيها بين أهل الأديان والكتب السابقة، فقصها على الوجه الصحيح كأنه حضرها، أو فيما أخبر به من حوادث المستقبل مما وقع بعد ذلك على وفق ما أخبر، كالإخبار عن ظهور الإسلام وعلوه على الأديان، مع كون ذلك نزل في مكة في حال الضعف والاضطهاد.

4-إعجازه العلمي حيث تحدث القرآن عن قضايا الوجود وخلق السموات والأرض، و أنهما كانتا رتقا ففتق الله بينها، وأنه جعل من الماء كل شيء حي، وأن أصل ذلك الدخان ... الخ

ومازال العلم المادي الحديث منذ نشأته يتوافق مع ما جاء في القرآن من هدايات علمية.

5-الإعجاز الترتيبي حيث أن ترتيب سوره، وكذا ترتيب الآيات في كل سوره، على وفق نظام بديع معجز، مع كونه نزل مفرقا منجما مدة ثلاث وعشرين سنة، فجاء ترتيبه على نحو لا نظير له، لمن تدبر فواتحه، وخواتيمه، وتناسبها، وتناسقها .

6-الإعجاز العددي حيث وردت فيه كثير من المفردات والألفاظ ،كالسماء والأرض، والليل والنهار، والسمع والبصر ،والذكر والأنثى ... الخ على نحو من التوافق والتناسب العددي المعجز .

7-الإعجاز الإتقاني ويتجلى ذلك في حفظه وضبطه على نحو فريد لا يشاركه ما من كتاب بما في ذلك كتب أهل الأديان الأخرى إلا في نسخها اختلاف ونقص وزيادة، هذا مع أن القرآن نزل على أمة أمية لا تقرأ ولا تكتب، وعلى نبي أمي، ومع ذلك تحقق له هذا الأمر المعجز الذي لا ينازع فيه إلا مكابر ،حتى شهد له بذلك المنصفون الغربيون، ولم يقتصر الحفظ والضبط له بالرسم والخط ،بل بالقراءة، واللفظ، والتجويد، وكيفية قراءة كل حرف فيه.

وكذا يتجلى الإعجاز الإتقاني في إحكام آياته، حتى وقع التحدي فيه كما في قوله تعالى (( ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا)) فليس فيه اختلاف ولا اضطراب، بل إحكام وإتقان، يصدق بعضه بعضا، ويفسر بعضه بعضا، حتى كأنه نزل جملة واحدة لا مفرقا على حسب الوقائع والحوادث مدة ثلاث وعشرين سنة؟!

فهذه بعض صور ووجه الإعجاز القرآني، ولكل سورة نصيب وحظ من هذه الوجوه والصور ، ومن ذلك سورة ( الكافرون) ،ففيها إعجاز بياني يتجلى في عجز مشركي العربي عن الإتيان بمثلها، وكذا إعجاز خبري حيث تحقق صدق ما أخبرت به هذه السور القصيرة من أنه لا لقاء بين دين التوحيد ودين الشرك، لا في الماضي، ولا في الحاضر، ولا في المستقبل، مع كونها سورة مكية، وكان ممكنا أن يصلوا إلا حل وسط يرضي الطرفين، غير أن ما أخبرت به السورة هو الذي تحقق على أتم وجه وأكمله.

وكذلك فيها إعجاز ترتيبي فقد جاءت بعد سورة ( الكوثر) وهي مكية، وفيها إخبار بإكرام الله لنبيه ونصره وإعزازه (( إن شانئك هو الأبتر)) و الكوثر تعني الكثرة ،مع أن (الكافرون) فيها مقاطعته eلقومه واعتزاله إياهم ((لكم دينكم ولي دين )) ، ثم جاءت بعدها سورة مدنية وهي (النصر) ((إذا جاء نصر الله والفتح ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجا))

والتناسب بين السور الثلاثة ظاهر جلي، وقد تحقق ما أخبر الله به في (الكوثر) من قطع وبتر أعدائه، وما أخبر به في (الكافرون) من عدم اللقاء والتوافق بين النبي e وأعدائه، وأن لكل دينه وطريقه، وما أخبر الله به في ( النصر) من دخول المشركين في نهاية المطاف في دين الله أفواجا؟!!

وكذلك في (الكافرون) إعجاز إتقاني فلا اختلاف ولا اضطراب ولا تعارض بينها وبين كل سور القرآن وآياته في موضوعها ومضمونها وإخبارها ونظمها وأسلوبها. والله تعالى أعلى وأعلم .

المصدر:
http://www.dr-hakem.org/drarsh/d001.htm

سيف الكلمة
05-07-2006, 01:53 AM
ما هو الوجه الذي يعتبر القاسم المشترك بين كل سور القرآن ؟؟
الإعجاز البيانى هو القاسم المشترك بين كل سور القرآن
الإعجاز العلمى يتواجد فى الآيات التى تشير إلى بعض الحقائق العلمية أو إحداها
وجميع أوجه الإعجاز توجد فى بعض الآيات أو السور ولا توجد فى كل سورة