البشير الظاهري
03-20-2013, 06:22 PM
بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على محمد وعلى اله وصحبه اجمعين .
اما بعد..فان براهين وجود الخالق كثيرة ولكني اليوم سانقل لاخواني من المسلمين وللمنصفين من غيرهم برهانا ضروريا يجمع بين اثبات وجود الخالق والنبوة وحدوث النوع البشري لطالما غفل عنه كثير ممن يعنون بالمناظرة ..وكما اشرت انفا فاني سانقل كلام امام من ائمة الاحتجاج بالعقل والمنطق الامام بن حزم الاندلس .والله ولي التوفيق..دونكم النص:
قال أبو محمد: أكثر الناس في هذا، والصحيح من ذلك أصل الكلام توقيف من الله عز وجل.ببرهان ضروري : وهو أن الكلام لو كان اصطلاحاً لما جاز أن يصطلح عليه إلا قوم قد كملت أذهانهم ، وتدربت عقولهم ، وتمت علومهم ، ووقفوا على الأشياء كلها الموجودة في العالم وعرفوا حدودها واتفاقها ، واختلافها وطبائعها وبالضرورة نعلم أن بين أول وجود الإنسان وبين بلوغه هذه الصفة سنين كثيرة جداً يقتضي في ذلك تربية وحياطة وكفالة من غيره .
إذ المرء لا يقوم بنفسه إلا بعد سنين من ولادته. ولا سبيل إلى تعايش الوالدين والمتكفلين والحضان إلا بكلام يتفاهمون به مراداتهم فيما لا بد لهم منه، فيما يقوم معايشهم من حرث أو ماشية أو غراس، ومن معاناة ما يطرد به الحر والبرد والسباع ، ويعاني به الأمراض ، ولا بد لكل هذا من أسماء يتعارفون بها ما يعانونه من ذلك.
وكل إنسان فقد كان في حالة الصغر التي ذكرنا من امتناع الفهم والاحتياج إلى كافل، والاصطلاح يقتضي وقتاً لم يكن موجوداً قبله، لأنه عمل المصطلحين، وكل عمل لا بد من أن يكون له أول فكيف كانت حال المصطلحين على وضع اللغة قبل اصطلاحهم عليها، فهذا من الممتنع المحال ضرورة.
قال أبو محمد: وهذا دليل برهاني ضروري من أدلة حدوث النوع الإنساني، ومن أدلة وجود الواحد الخالق الأول تبارك وتعالى، ومن أدلة وجود النبوة والرسالة لأنه لا سبيل إلى بقاء أحد من الناس ووجوده دون كلام ، والكلام حروف مؤلفة، والتأليف فعل فاعل ضرورة لا بد له من ذلك ، وكل فعل فعله فله زمان ابتدىء فيه ، لأن الفعل حركة تعدها المدد ، فصح أن لهذا التأليف أولاً ، والإنسان لا يوجد دونه. وما لم يوجد قبل ما له أول فله أول ضرورة، فصح أن للمحدث محدثاً بخلافه، وصح أن ما علم من ذلك مما هو مبتدأ من عند الخالق تعالى مما ليس في الطبيعة معرفته دون تعليم فلا يمكن البتة معرفته إلا بمعلم علمه الباري إياه.
ثم علم هو أهل نوعه ما علمه ربه تعالى.
قال أبو محمد: وأيضاً فإن الاصطلاح على وضع لغة لا يكون ضرورة إلا بكلام متقدم بين المصطلحين على وضعها.
أو بإشارات قد اتفقوا على فهمها. وذلك الاتفاق على فهم تلك الإشارات لا يكون إلا بكلام ضرورة ومعرفة حدود الأشياء وطبائعها التي عبّر عنها بألفاظ اللغات لا يكون إلا بكلام وتفهيم.
لا بد من ذلك. فقد بطل الاصطلاح على ابتداء الكلام.
ولم يبق إلا أن يقول قائل: إن الكلام فعل الطبيعة.
قال أبو محمد: وهذا يبطل ببرهان ضروري. وهو أن الطبيعة لا تفعل إلا فعلاً واحداً لا أفعالاً مختلفة، وتأليف الكلام فعل اختياري متصرف في وجوه شتى. وقد لجأ بعضهم إلى نوع من الاختلاط، وهو أن قال: إن الأماكن أوجبت بالطبع على ساكنيها النطق بكل لغة نطقوا بها.
قال أبو محمد: وهذا محال ممتنع ، لأنه لو كانت اللغات على ما توجبه طبائع الأمكنة لما أمكن وجود كل مكان إلا بلغته التي يوجبها طبعه. وهذا يرى بالعيان بطلانه لأن كل مكان في الأغلب قد دخلت فيه لغات شتى على قدر تداخل أهل اللغات ومجاورتهم.
فبطل ما قالوا: وأيضاً فليس في طبع المكان أن يوجب تسمية الماء ماء دون أن يسمى باسم آخر مركب من حروف الهجاء.
ومن كابر في هذا، فإما مجاهر بالباطل وإما عديم عقل، لا بد له من أحد هذين الوجهين. فصح أنه توقيف من أمر الله عز وجل وتعليم منه تعالى.
انتهى منقولا من الاحكام في اصول الاحكام
اما بعد..فان براهين وجود الخالق كثيرة ولكني اليوم سانقل لاخواني من المسلمين وللمنصفين من غيرهم برهانا ضروريا يجمع بين اثبات وجود الخالق والنبوة وحدوث النوع البشري لطالما غفل عنه كثير ممن يعنون بالمناظرة ..وكما اشرت انفا فاني سانقل كلام امام من ائمة الاحتجاج بالعقل والمنطق الامام بن حزم الاندلس .والله ولي التوفيق..دونكم النص:
قال أبو محمد: أكثر الناس في هذا، والصحيح من ذلك أصل الكلام توقيف من الله عز وجل.ببرهان ضروري : وهو أن الكلام لو كان اصطلاحاً لما جاز أن يصطلح عليه إلا قوم قد كملت أذهانهم ، وتدربت عقولهم ، وتمت علومهم ، ووقفوا على الأشياء كلها الموجودة في العالم وعرفوا حدودها واتفاقها ، واختلافها وطبائعها وبالضرورة نعلم أن بين أول وجود الإنسان وبين بلوغه هذه الصفة سنين كثيرة جداً يقتضي في ذلك تربية وحياطة وكفالة من غيره .
إذ المرء لا يقوم بنفسه إلا بعد سنين من ولادته. ولا سبيل إلى تعايش الوالدين والمتكفلين والحضان إلا بكلام يتفاهمون به مراداتهم فيما لا بد لهم منه، فيما يقوم معايشهم من حرث أو ماشية أو غراس، ومن معاناة ما يطرد به الحر والبرد والسباع ، ويعاني به الأمراض ، ولا بد لكل هذا من أسماء يتعارفون بها ما يعانونه من ذلك.
وكل إنسان فقد كان في حالة الصغر التي ذكرنا من امتناع الفهم والاحتياج إلى كافل، والاصطلاح يقتضي وقتاً لم يكن موجوداً قبله، لأنه عمل المصطلحين، وكل عمل لا بد من أن يكون له أول فكيف كانت حال المصطلحين على وضع اللغة قبل اصطلاحهم عليها، فهذا من الممتنع المحال ضرورة.
قال أبو محمد: وهذا دليل برهاني ضروري من أدلة حدوث النوع الإنساني، ومن أدلة وجود الواحد الخالق الأول تبارك وتعالى، ومن أدلة وجود النبوة والرسالة لأنه لا سبيل إلى بقاء أحد من الناس ووجوده دون كلام ، والكلام حروف مؤلفة، والتأليف فعل فاعل ضرورة لا بد له من ذلك ، وكل فعل فعله فله زمان ابتدىء فيه ، لأن الفعل حركة تعدها المدد ، فصح أن لهذا التأليف أولاً ، والإنسان لا يوجد دونه. وما لم يوجد قبل ما له أول فله أول ضرورة، فصح أن للمحدث محدثاً بخلافه، وصح أن ما علم من ذلك مما هو مبتدأ من عند الخالق تعالى مما ليس في الطبيعة معرفته دون تعليم فلا يمكن البتة معرفته إلا بمعلم علمه الباري إياه.
ثم علم هو أهل نوعه ما علمه ربه تعالى.
قال أبو محمد: وأيضاً فإن الاصطلاح على وضع لغة لا يكون ضرورة إلا بكلام متقدم بين المصطلحين على وضعها.
أو بإشارات قد اتفقوا على فهمها. وذلك الاتفاق على فهم تلك الإشارات لا يكون إلا بكلام ضرورة ومعرفة حدود الأشياء وطبائعها التي عبّر عنها بألفاظ اللغات لا يكون إلا بكلام وتفهيم.
لا بد من ذلك. فقد بطل الاصطلاح على ابتداء الكلام.
ولم يبق إلا أن يقول قائل: إن الكلام فعل الطبيعة.
قال أبو محمد: وهذا يبطل ببرهان ضروري. وهو أن الطبيعة لا تفعل إلا فعلاً واحداً لا أفعالاً مختلفة، وتأليف الكلام فعل اختياري متصرف في وجوه شتى. وقد لجأ بعضهم إلى نوع من الاختلاط، وهو أن قال: إن الأماكن أوجبت بالطبع على ساكنيها النطق بكل لغة نطقوا بها.
قال أبو محمد: وهذا محال ممتنع ، لأنه لو كانت اللغات على ما توجبه طبائع الأمكنة لما أمكن وجود كل مكان إلا بلغته التي يوجبها طبعه. وهذا يرى بالعيان بطلانه لأن كل مكان في الأغلب قد دخلت فيه لغات شتى على قدر تداخل أهل اللغات ومجاورتهم.
فبطل ما قالوا: وأيضاً فليس في طبع المكان أن يوجب تسمية الماء ماء دون أن يسمى باسم آخر مركب من حروف الهجاء.
ومن كابر في هذا، فإما مجاهر بالباطل وإما عديم عقل، لا بد له من أحد هذين الوجهين. فصح أنه توقيف من أمر الله عز وجل وتعليم منه تعالى.
انتهى منقولا من الاحكام في اصول الاحكام