المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : معنى الجاهلية وعصور الخلافة بعد البعثة النبوية



السعيد شويل
03-21-2013, 03:59 PM
معنى الجاهلية . وعصور الخلافة بعد البعثة النبوية
************************************************** ***
معنى الجاهلية

عصرما قبل بعثة سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يسمى بعصرالجاهلية .

سُمّى بهذا الإسم لما كان فيه من حمية وميل إلى الغضب وثأر وطيش وحمق وسَفهٍ ووَأدْ للبنات
ولما استشرى فيه من استحلال للحرمات واقتراف للموبقات ومن انتقام ووحشيةوتعصب أعمى وسفك للدماء وهتك للأعراض وسلب للأموال وقتل للأولاد خشية الإملاق . كان الناس يُتخطفون ويتطيرون . ويستقسمون بالأزلام . ويُنسئون . ويُبحرون البحيرة . ويسّيبون السائبة . ويوصلون الوصيلة . ويحمون الحام . انتشر بين الخلائق الكفر والشرك بالله واتخاذ ولدا لله ورفض الألوهية والخروج عن العبودية وعبادة تماثيل وأصنام وأوثان لا تضر ولا تنفع .. وأنواع أخرى كثيرة وعديدة من الضلالات والخرافات والجهالات ..... إلخ


بمجىء البعثة المحمدية وبزوغ شمس الإسلام : أنارت الدنيا وأضاءت
فقد نزلت شريعة الله وتبددت الجهالات ومُحيت كل تلك الضلالات وأشرقت على ما كان من ظلمات لما أمرت به الرسالة من العدل والتقوى وما نهت به عن الفحشاء والمنكر .

جاء دين الإسلام بالحق وأظهر الله به منته على الخلق .. لذا :
فإنه إذا ما آمن المرء بدين الإسلام فهو يكون قد خلع ماضيه وانفكّ عما كان فيه ونبذ الجاهلية المبنية على العصبية بما فيها من جهالة وضلالة وصار من أصحاب العقول وأولى الألباب.. أما إذا أشرك بالله أوظل على ماهو فيه قابعاً لايؤمن بالدين المرتضى من الله دينالإسلام فهو بذلك يكون : مازال على الجاهلية .
...
بعد أن اكتملت رسالة الله .. وانتقل نبى الله ومصطفاه صلى الله عليه وسلم إلى مثواه .
وأدى رسول الله صلى الله عليه وسلم أمانة ربه مخلصاً وصدع برسالته ودينه مبلغاً . واكتملت الشريعة بما فيها من فروض وتعاليم وأحكام لتكون منهجاً للحياة .ولم يجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم للكفر أثراً من حوله إلا طمسه ومحاه ولا كفراً أو شركاً إلا أزاله ومحاه ولا حجة باطلة إلا كشفها ودحضها ولا محجة كاذبة إلا حطها ووضعها :
وبعد أن إئتلف الناس بالإسلام وتآلفوا بعد الشتات والفرقة وأصبحوا إخوة متآزرين متحابين متضافرين وجعلهم الله فى خير أمة اتصل حبلهم والتأم شملهم يرمون أعداءهم عن يد وساعد ويرصدون لهم إرصاد رجل واحد :
( لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً مَّا أَلَّفَتْ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَـكِنَّ اللّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ )
تولى سيدنا أبو بكر الصديق رضى الله عنه خلافة سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فسارعلى نهج نبى الله ومصطفاه . وتولى الخلافة من بعده سيدنا عمر بن الخطاب ثم سيدنا عثمان بن عفان ثم سيدنا على بن أبى طالب رضى الله عنهم أجمعين . ومن بعدهم خلفاء المسلمين : من بنى أمية ومن بنى العباس ومن العثمانيين .
ففتحوا البلدان والأمصار ونشروا الإسلام فى كل مكان وذلت له الرقاب ودانت له البلاد وهوت الأباطرة والقياصرة والملوك والأمراء والأكاسرة .
لأنهم وفّوا بعهد الله إليهم وصانوا الأمانة التى ورثناها جميعاً فى أعناقنا عن نبينا ورسولنا للقيام بحجته والإخبار بشريعته وبلغوا الدعوة التى أمرنا الله بها فكانوا جديرين بنصر الله وتأييده .
*****
الخلافة الأموية :
بعد انتهاء عصر الخلفاءالراشدين تولى الخلفاء الأمويين خلافة المسلمين منذ عام 41 هـ وحتى عام 132 هجرية (662 (http://ar.wikipedia.org/wiki/662) إلى 750 (http://ar.wikipedia.org/wiki/750) ميلادية ) تعاقب عليها أربعة عشر خليفة على مدى 91 عاما .
كان أول خليفة هو سيدنا معاوية بن أبى سفيان بن حرب بن أمية وكانت دمشق هى مقر الخلافة .
معاوية بن أبى سفيان : تولى الخلافة فى عام الجماعة سنة 41 هجرية . كان معاوية بن أبى سفيان حكيماً عادلاً قام بإرساء كيان الدولة وأكمل الفتوحات الإسلامية وأنشأ أول أسطول بحرى عرفه التاريخ حاصر به الإمبراطورية البيزنطية فى عاصمتها القسطنطينية وقام بإرسال أبو أيوب الأنصارى وإبنه يزيد بن معاوية تحت قيادة فضالة بن عبيد الأنصارى لضرب الحصار عليهم براً وبحراً .
يزيد بن معاوية بن أبى سفيان : لم تتوقف الفتوحات الإسلامية فى عهده فقد واصل الفتوحات شرقاً وغربا وأرسل : مسلم بن زياد لغزو خراسان وسجستان وسمرقند . وأرسل : عقبة بن نافع لفتح شمال أفريقيا وواصل عقبة فتوحاته فى سهل تونس وبنزرت والقيروان ومراكش حتى انتهى إلى أقاصى بلاد الزاب وبلاد السوس وبلغ المحيط الإطلنطى وقال عقبة قولته المشهورة عند مصب النهر : ( اللهم فاشهد لولا هذا البحر لمضيت مجاهداً فى سبيلك أقاتل من كفر بك ) .
وقد وقع فى عهد خلافة يزيد بن معاوية واقعة كربلاء التى استشهد فيها سيدنا الحسين بن على رضى الله عنهما . ولم يكن يزيد كما تصوره لنا الروايات التاريخية ويصفه لنا الوضاعون من الطعن والتشويه ومن الأكاذيب والأضاليل ومن الجور والفسق وعدم العدل ..
فلقد بُويع يزيد بن معاوية خليفة للمسلمين وقام بمبايعته مَن هم أهل الحل والعقد من الصحابة رضى الله عنهم وهم ليسواْ ممن يأخذهم فى الحق هوادة فكلهم أجلّ من ذلك وعدالتهم مانعة منه . فلا يجوز لأىٍ من المسلمين المتقين التطاول عليه أو سبه أو لعنه .
ولا يجوز تأثيم من لم يتبعوا الحسين من الصحابة أو تأثيم من خالفه وقعد عن نصرته فكل على حق واجتهاد وكل شهيد مثاب ولا ينكر على أى أحد منهم ما ذهب إليه .
معاوية بن يزيد بن معاوية بن أبى سفيان : كان عالما ورعاً تولى الخلافة لمدة قصيرة آثر التنازل عنها وقال لأهل الحل والعقد من المسلمين : من رضيتم به فولوه .
مروان بن الحكم بن أبى العاصبن أمية : كان عالماً فقيهاً تولى إمرة الحجاز وعاش بالمدينة المنورة .
أكمل الفتوحات نحو المشرق . كان مهتما بأمور الرعية يخشى افتراق كلمة المسلمين وهو أول من قام بضبط المكاييل والموازين فى البيع والشراء لعدم الغبن أو الغش فيها .
عبدالملك بن مروان بن الحكم : كان عابداً ناسكاً سار على نهج أبيه . دائم النهى فى خطبه عن الفرقة بين المسلمين أوالإختلاف.. اتسعت رقعة الأرض الإسلامية فى عهده وازدهرت العلوم الشرعية والحضارة العمرانية والزراعية والتجارية . غزا بلاد الهند ووصل فى فتوحاته إلى مشارف الصين . هو أول من قام بصك النقود الإسلامية وكتب عليها ( قل هو الله أحد ) وعلى الوجه الآخر ( لاإله إلا الله ) وأحاطها بطوق كتب خارجه ( محمد رسول الله أرسله بالهدى ودين الحق ) وهو أول من أبطل استعمال الدنانير والدراهم الفارسية والرومية وأول من كسا الكعبة المشرفة بالديباج والحرير وشيد مسجد قبة الصخرة .
الوليد بن عبدالملك بن مروان بن الحكم : امتدت الفتوحات فى عهده حتى أصبحت الدولة الإسلامية
مترامية الأطراف واسعة الثراء . غزا بخارى وسمرقند وأكمل فتوحات بلاد الأندلس والمغرب . أرسل موسى بن نصير لفتح المغرب الأقصى وتدمير قواعد البيزنطيين البحرية فيها ومحوها . وقام طارق بن زياد بفتح بلاد الأندلس- أسبانيا - ففتح طنجة ومدينة سبتة وعبر بحر الزقاق - مضيق طارق - وفتح قرطبة وطليطلة من دولة القوط وهزمهم عند وادى لكة ثم اتجه إلى سرقسطة حتى بلغ جبال البرانس .
وتوجه زهير بن قيس وحسان بن النعمان ففتح برقة وما حولها من بلاد إلى قرطاجنة .وتوجه عبد العزيز بن موسى بن نصير ففتح أشبيليه وشرق وغرب الأندلس . أقام الوليد بن عبد الملك البيمارستانات
(المستشفيات) وحفر الآبار وتمهيد الطرق المؤدية إلى الحجاز وبناء البيوت والمنازل لحجاج بيت الله
الحرام وقام بعمارة الحرمين الشريفين والمسجد الأقصى وإعادة إعمار وتطوير الجامع الأموى بدمشق .
سليمان بن عبدالملك بن مروان بن الحكم : كان ذا خلق جم فصيحاً بليغاً مؤثراً للعدل غازياً شجاعاً . تولى الخلافة بعد وفاة أخيه . أعاد بناء الأسطول البحرى الإسلامى وقام بضرب وتشديد الحصار على الإمبراطورية الرومانية فى القسطنطينية وأرسل أخيه مسلمة لقطع المؤن والإمدادات التى تصل إليهم .
عمر بن عبدالعزيز بن مروان بن الحكم : كان متوليا إمرة المدينة المنورة . وفى عهد خلافته عم العدل والرخاء أرجاء الدولة الإسلامية حتى بلغت من الثراء والغنى مالم تبلغه دولة على وجه الأرض .
كان مراقباً لله فى سره وعلنه . دائما فى طلب العلم والعلماء . لقب بخامس الخلفاء الراشدين .
من أقواله : ( إنكم لم تخلقوا عبثاً ولن تتركوا سدى وإن لكم معاداً قدره الله للفصل بين عباده فقد خاب وخسر من خرج من رحمة الله التى وسعت كل شىء وحرم جنة عرضها السموات والأرضإنكم فى كل يوم تشيعون من قضى نحبه وانقضى أجلهتودعونه وقد خلع الأسباب وفارق الأحباب وسكن التراب وواجه الحساب .. ) .
يزيد بن عبدالملك بن مروان بن الحكم : اتسم عهد خلافته بالفتوحات والغزوات . بث عنه المنافقون والحاقدون سموما من أراجيفهم وأباطيلهم . من أقواله :( لاطاعة لمخلوق فى معصية الخالق إنما الطاعة لله فمن أطاع الله أطيعوه ما أطاع فإن عصى أودعا إلى معصية فهو أهل أن يعصى ولايطاع .. ) .
هشام بن عبدالملك بنمروان بن الحكم : كان حازماً عاقلاً راداً للمظالم ذات دهاء فى مغازيه . شتت شمل أعداء المسلمين وأذاقهم ألوانا من العذاب فلم يهنأ لهم رقاد ولاسهاد . وجّه بن مالك الخولانى وعبد الرحمن الغافقى إلى جنوب فرنسا لفتح ( تور وبواتيه ) للوصول من خلالهما إلى فتح القسطنطينية عن طريق الفرنجة فعبر بن مالك الخولانى جبال البرانس وسيطر على سهل بروفانس وسيطر عبد الرحمن الغافقى على سهل أكيتانيا وعند سهل بواتيه وقف الفرنج مستنجدين بالقبائل البربرية الجرمانية لوقف هذا الزحف الإسلامى ودارت معركة عند هذا السهل سماها المستشرقون الوضّاعون " بلاط الشهداء " وقالوا كذباَ لكثرة شهداء المسلمين مع أن جند المسلمين عادوا إلى إقليم بروفانس يحملون معهم الأسلاب والأنفال والغنائم وأسرى الرجال وعودتهم كانت لصدور أمر الخلافة بصعوبة وصول الإمدادات إليهم من خلال تلك السهول والجبال .
أرسى هشام بن عبد الملك الأمن والأمان فى أرجاء وأنحاء الدولة الإسلامية وأنشأ المكتبات (http://www.marefa.org/index.php/%D9%85%D9%83%D8%AA%D8%A8%D8%A9) والمطابع ودورالعلم وبعث بالعلماء والفقهاء إلى بلاد السند ( التى تقع شمال غرب الهند ومنها باكستان ) وإلى بلاد الهند وبلاد ما وراء النهر ( البلاد الموجودة جنوب روسيا ومنها التركستان ) .
الوليد بن يزيد بن عبدالملك بن مروان بن الحكم : يزيد بن الوليد بن عبدالملك بن مروان :
إبراهيم بن الوليد بن عبدالملك بن مروان : مروان بن محمد بن مروان بن الحكم : آخر الخلفاء

لقد قيل عن بعض خلفاء المسلمين مما أثبته الوضّاعون وتشبّث به الطاعنون من هنّات وعثرات ومن أباطيل وأكاذيب وافتراءات ومغالطات وضعها الأفاقين والمنافقين ودسوها فى كتب أئمة وعلماء الدين : لكى
نقوم بتصديق أقوالهم ظلماً وزورا وتسفيه رأى من يقول بغيرها ولكى يردده من لا عقل له ولا بصيرة
من المسلمين ( جاهلين أو عامدين ) سواء كان ذلك فى الدولة الأموية أو العباسية أوالعثمانية .
يقول ابن العربى فى كتابه " العواصم من القواصم " :
( والناس إذا لم يجدوا عيباً لأحد وغلبهم الحسد عليه أحدثوا له عيوباً فاقبلوا الوصية ولا تلتفتوا إلا إلى ما صح من الأخبار واجتنبوا أهل التواريخ فإنهم ذكروا عن السلف أخباراً صحيحة يسيرة ليتوسلوا بها إلى رواية الأباطيل فيقذفوا فىالقلوب مالا يرضاه الله تعالى وليحتقروا السلف ويهونوا الدين فصونوا أسماعكم وأبصاركم عن مطالعة الباطل ولا تسمعوا فى خليفة مما ينسب إليه ما لا يليق ويذكر ما لا يجوز نقله وبذلك تكونوا على منهج السلف سائرين وعن سبيل الباطل ناكبين ) .
ويقول الشيخ أحمد نور فى كتابه " العصمة والرسل والورثة هم النذر " :
( ... لقد وضع المنافقون والمستشرقون فى أمهاتِ الكتب الإسلامية الدسائس والأباطيل بقصد تنحية المسلمين عن العقائد الصحيحة فشحنوا كتب التراث الإسلامى بالخرافات والترهات ونسبوها إليهم وهم منها بَرَاءْ حتى يستغلوا ثقة المسلمين فى هؤلاء الطبقة من العلماء لتثبيت أباطيلهم ودسائسهم فى الأذهان ولكى تقف حجر عثرة فى طريق من حاول أن يبين للناس الحق من الباطل والغثّ من الثمين إذ لايجرؤ الناس على تصديقه وتكذيب ما لديهم من أمهات الكتب المنسوبة إلى أفاضل الأئمة والعلماء ... )
إن الزنادقة والوضاعون ألبسوا لنا الحق بالباطل والصحيح بالضعيف حتى صار المؤرخون إذا ما وقعوا على رأى فإنهم يقومون باعتماده ويوردونه فى كتاباتهم ويجىء مَن بعدهم من ينقله على اعتبار أن له أصلاً بقائله .
مما وضعه هؤلاء الفسقة الفجرة ما صوروه لنا عن الخلق وأسرارالكون والوجود وما دسوه من تشويه للحقائق التاريخية فى المغازى والملاحم وأخبار الأمم الماضية وما اختلقوه وزيفوه عن خلفاء المسلمين وقتل بعضهم البعض وما وضعوه من مثالب ومعايب تبدى مجونهم ومجون الولاة وقواد المسلمين .
ناقضوا كل الأصول وباينوا النقول وخالفوا فِطَر العقول .
فلقد كان الخليفة من خلفاء المسلمين هو ظل الله فى أرضه والقائم بسنته وفرضه قامع أعداء الله وناصر الدنيا والدين . لقد بذل خلفاء المسلمين الأرواح وركبوا إلى الموت أجنحة الرياح وواصلوا المساء بالصباح متشوّقين إلى منهل المنايا وماوهنوا وما استكانوا حتى أهّب الله عليهم رياح الظفر والنصر .
لقد ملكوا العباد والبلاد وأخضعوهم لحكم الله ورسوله صلى الله عليه وسلم . أذلوا الكفر وأهله وأرّقوا نومهم وأقلقوا سهادهم حتى امتلأت القلوب منهم رعباً وفزعاً وذعراً وهلعاً .
انبسطت فى عهودهم هيبة الإسلام على الأصقاع القصّية وأطلت على قمم الماردين رايته العلية . أقيمت بهم دعوة الحق وأُثبتت الملة وارتدّت مناظم الكفر منكوسة ومعالمهم معكوسة وانحصر الكفار فى أقاصى الديار . وبذل عظيم الفرس والروم الجزية والصَغار والدنية وكانت المسالمة والمتاركة لهما هى أغلى الأمنية . ملكوا الأرض بما فيها وما عليها . ملكوا مشارقها ومغاربها وتحكموا فى أنحاء وأرجاء وجميع ممالكها برها وبحرها واديها وسهلها زرعها وجبلها . علت راية الإسلام فى عهودهم خفاقة أبية والدولة الإسلامية فى خلافتهم كانت مهيبة منيعة ذات قوة وعزة وهيبة عظيمة .
*****
الخلافة العباسية
تولى الخلافة الإسلامية بعد بنى أمية : بنى العباس منذ عام 132 هـ إلى 656هجرية (750 إلى1258 ميلادية ) . تعاقب عليها سبعة وثلاثون خليفة على مدى 524 عاما.
ينتسب بنى العباس إلى سيدنا العباس بن عبد المطلب عم سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم . وكانت بغداد هى مقر الخلافة ثم انتقلت إلى سامراء فى عهد المعتصم بالله ثم عادت إلى بغداد .
ولقد قسم المؤرخون الخلافة العباسية إلى عصرين :
العصر الأول : هو العصرالأزهى والأقوى وينتهى بانتهاء تاسع الخلفاء : هارون الواثق بالله .
والعصرالثانى : يبدأ بخلافة : جعغر المتوكل بالله وينتهى بآخر الخلفاء : المستعصم بالله ..
وأضاف بعض المؤرخين عصراً ثالثاً : عصر الأمراء ويبدأ بخلافة : القاهر بالله وينتهى بآخر الخلفاء .
...
( أبو العباس ) عبد الله بن محمد : هو أول الخلفاءالعباسيين بعد مروان بن محمد بن مروان بن الحكمالأموى . وأبوالعباس هو عبد الله بن محمد بن على بن عبد الله بن عباس بن عبد المطلب بن هاشم .
غزا البلاد الواقعة على نهر سيحون وجيحون وأقام الأربطة والثغور فيها . لم تطل مدة خلافته كانت قصيرة وتولى أخوه أبو جعفر الخلافة من بعده .
( أبو جعفر) المنصور بن محمد : استكمل فتوحات أخيه فى الشرق فقام بفتح طبرستان . وأمّر ابنه المهدى عليها . وغزا قبرص . وأطاح بالراوندية القائلين بتناسخ الأرواح فقتلهم واستئصل شأفتهم .
وأطاح بالزنادقة والوضاعين ورؤوسهم التى كانت تسرى فى جسد الأمة .قام بفتوحات عظيمة زلزل فيها قلوب أهل الشرك والباطل وأذلهم ودكّ حصونهم وهدم الدور والمعاقل الصليبية والمعابد اليهوديةودمّرها فوق رؤوسهم . قالفى خطبتهفى يوم عرفة: ( ... أيها الناس إنما أنا سلطان الله فى أرضه أسوسكم بتوفيقه ورشده . فيئه أقسمه بإرادته وإذنه فارغبوا إلى الله أيها الناس وسلوه فى هذا اليوم الشريف الذى وهب لكم فيهمن فضله والله أسأل أن يوفقنى للصواب ويسددنىللرشاد فإنه سميع مجيب... ) .
( أبوعبدالله ) محمد المهدى : بايعه أهل الحل والعقد بعد وفاة أبيه فخطب فيهم قائلاً : ( .... إن أميرالمؤمنين عبدٌ دُعِى فأجاب وأمر فأطاع - واغرورقت عيناه - لقد فارقت عظيماً - أبوه - وقلدت جسيماً فعند الله أحتسب أمير المؤمنين وبه أستعين على خلافة المسلمين ... ) .
كان جواداً شهماً محبباً إلى الرعية يحب العلم ومجالسة العلماء . فتح إربد من بلاد الهند وأنشأ ديواناً جديداً للتحرى عن الزنادقة والوضاعين وإبادتهم وتتبعهم فى الآفاق لما يبثوه من الأباطيل الملفقة وما يدسوه من خرافات وأقاويل كاذبة . قام بعمارة طريق مكة . وأمر بعمل بريد من الحجاز إلى العراق.

( أبو محمد ) موسى الهادى :كان فصيحاً أديباً تعلوه هيبة له سطوة وشهامة أوصاه أبوه المهدى قبل أن يموت بقتل الزنادقة والوضاعين فتتبعهم فى شتى الأمصار وقتل منهم خلقاً كثيراً.



( أبو جعفر) هارون الرشيد:بلغت الدولة الإسلامية فى عهد خلافته عظمة وقوة ومهابة ووصلت إلى أوج ازدهارها وعمرانها واتساع فتوحاتها المترامية من تونس إلى أفغانستان .
كان يعظم حرمات الإسلام ويبغض المراء فى الدين ومعارضة النص . أطاح بالبرامكة واستأصلهم وصادر أملاكهم وممتلكاتهم .

فى عهده خلافته أرادت الإمبراطورية الرومانية أن تشق عصى الطاعة ورفضت دفع الجزيةوطلب قيصرهم نقفور من الخلافة إعادة الأموال المدفوعة فأرسل الخليفة هارون الرشيد رداً عليه :
( بسم الله الرحمن الرحيم من هارون الرشيد إلى نقفور كلب الروم قرأت كتابك والجواب ماتراه )
وأرسل إليه الجيوش لتأديبه وفتح آخر بلاد امبراطوريته فأقر بدفع الجزية وطلب التصالح عليها ومنحه العهد والأمان .
( أبو موسى ) محمد الأمين بن هارون الرشيد : كان شجاعا ذا قوة مفرطة وبطش شديد . أنشأ بيت الحكمة فكان مجمعاً علمياً فريداً فى عصر خلافته .

( أبو جعفر) عبدالله المأمون بن هارون الرشيد : وهو شقيق وأخ الأمين لقب بأبى العباس وبأبى جعفر .
كان فقيهاً من كبار العلماء وأفضل الرجال حزماً وعزماً وحلماً وعلماً ورأياً.غزا الروم وفتح حصن قرة وحصن ماجدة . وأولى بيت الحكمة عناية فائقة وجعله صرحاً عظيماً وأنشأ به مرصداً ومكتبة جامعة وهيئة للترجمة . يعد من الخلفاء الذين دخلوا مصر بعد غزوه للروم وفتحه للحصون .
من أقواله : ( أول العدل أن يعدل الرجل فى بطانته ثم الذين يلونهم ) .

( أبو إسحق ) محمد المعتصم بالله بن هارون الرشيد :كان فصيحاً مهيباً سمحاً وكان ذا دهاء وهيبة وشجاعة . فى عهد خلافته أراد الإمبراطورية الرومانية النيل من هيبة الدولة الإسلامية فأغار أحد الأباطرة الرومان - ثيوفيل - على إحدى المدن الإسلامية - زبطرة -فتم تسيير حملة تأديب إليه مكونة من ثلاثة جيوش قادها بنفسه وزحف بها إليه ودمرمدينة عمورية عليه وفى هذا قال أبو تمام:
( السيف أصدق أنباء من الكتب ... فى حده الحد بين الجد واللعب )
أنشأ مدينة سامراء وجعلها مقرا لخلافته .
( أبو جعفر ) هارون الواثق بالله بن محمد : هو ابن الخليفة محمد المعتصم كنيته أبو جعفر. كانت الرعية تسميه المأمون الثانى . قام بتشييد المساجد والقصور والأبنية الشامخة .
كان قوياً صبوراً حليماً يراقب الولاة فى الأمصار . قضى على المؤامرات والفتن التى نشبت فى عهده .
غزا الروم ودك بعض حصونهم وأرسل الفضل بن جعفر الهمدانى لفتح جزيرة صقلية .
( أبو الفضل ) جعفر المتوكل بالله بن محمد : انطلقت الزنادقة فى عهد خلافته من مخابئها ونفثت البعض من سمومها وأفشت القول بخلق القرآن . حاربهم وشتت شملهم واستقدم العلماء والفقهاء والمحدثين إلى سامراء لمحو كل أثر لهذه البدعة . قام بتشييد المساجد والقصور والأبنية الضخمة والشامخة . صد الرومان الذين حاولوا الإغارة على مصر من ناحية دمياط فقاتلهم وأسر الآلاف منهم وغنم منهم مغانم كثيرة . وقام بطرد الأحباش من بلاد النوبة ودمر الصليبيين على أطراف صعيد مصر . عزل بعض الولاة والقضاة وصادر أملاكهم بعد أن كثرت الشكوى من فساد بعضهم .

( أبو جعفر) محمد المنتصربالله بن جعفر المتوكل بالله : كان راجح العقل فطناً متحرزاً منصفاً عادلاً مالت إليه قلوب الرعية وأحسن إلى العلويين وحاول إثنائهم عما ساروا عليه من أباطيل وأراجيف .

(أبو العباس ) أحمد المستعين بالله بن المعتصم: كان بليغاً وأديباً واسع الفضل والخير . قاتل الرومان فى معركة مرج الأسقف لإغارتهم على بعض الثغور الإسلامية .
(أبو عبد الله ) محمد المعتزبالله بن جعفر المتوكل بالله: كان محدثاً بارعاً فى الحديث . اتسع نفوذ الأتراك فى عهده ونشبت عدة فتن وثورات وتمردات .
( أبو إسحاق ) محمد المهتدى بالله بن هارون الواثق: كان ورعاً متعبداً جازماً فى أوامر الله ونواهيه يراقب أمور ودوواين الدولة بنفسه لما قد تفشت فيها من المظالم والجور وعدم العدل .


( أبو العباس ) أحمد المعتمد على الله بن جعفرالمتوكل بالله : قاد الجيش الإسلامى للقضاء على صاحب الزنج وصد الروم عند طرسوس وقتل قائدهم .
( أحمد المعتضد بالله بن طلحة الموفق بن جعفرالمتوكل بالله: كان من ذوى الرأى والصلاح . أعاد مقرالخلافة الإسلامية إلى بغداد .


( أبو محمد ) على المكتفى بالله بن أحمد المعتضد بالله: كان حسن السيرة محمود من الرعية . أطاح بالقرامطة الذين قالوا بالعصمة ووجوب الإمام المعصوم فى كل زمان والذين تغلغلوا فى أمصار الخلافة خاصة فى الكوفة ودمشق وبغداد وغيرها .



( أبو الفضل ) جعفر المقتدر بالله بن أحمد المعتضد بالله: تم مبايعته للخلافة بعد وفاة أخيه المكتفى .. كان جيد العقل صحيح الرأى طارد فلول القرامطة وحارب جيوش الروم التى عاثت فساداً فى بعض الثغورالإسلامية وحال التحام النزال والقتال رماه بربرى بحربة من خلفه فسقط شهيداً .
( أبو المنصور) محمد القاهر بالله بن أحمد المعتضد بالله: انتشرت فى عهده الفتن والتمردات الداخلية فكان ذا بطش وقوة مع الرعية .


( أبو العباس ) محمد الراضى بالله بن جعفرالمقتدر بالله : كان كريماً سمحاً يحب العلم والعلماء تعلم الحديث من البغوى . فى عهد خلافته ساءت إدارة الولاة فى بعض أمصارالخلافة واضطربت أحوالها واستقلت بعض البلدان الإسلامية فأعلنت الخلافة الأموية فى الأندلس . والفاطمية فى مصر . وعادت فلول القرامطة لنشر أفكارها . والزنادقة فى بث سمومها . وتجمع الصليبيون للإنقضاض على المسلمين .

( أبو إسحاق ) ابراهيم المتقى بالله بن جعفرالمقتدر بالله: كان المتقى بالله عابداً كثير الصوم يعظم حرمات الله بويع له بالخلافة بعد وفاة أخيه . تدخل الأتراك فى عهده فى أمور وشئون الخلافة وزاد اضطراب الدولة الإسلامية وتفكك بلدانها . فنزل البويهيون بواسط .. والإخشيديون فى مصر .
(أبو القاسم ) عبد الله المستكفى باللهبن على المكتفى بالله : خلع على أحمد بن بويه لقب معز الدولة وولاه الأهواز والبصرة وواسط . وخلع على أخيه على عماد الدولة وعلى أخيه الحسن ركن الدولة .

( أبو القاسم ) الفضل المطيع لله بن جعفرالمقتدر بالله: كان ملقبا بالشيخ الفاضل . فى عهده ساءت إدرات الولاة والأمصار وعاد الزنادقة لبث سمومهم والقرامطة لنشر أفكارهم فقام بحربهم فى البصرة وقتال الرومان عند نصيبين . اضطربت فى عهده أحوال الخلافة .


( أبو الفضل)عبد الكريم الطائع لله بن الفضل المطيع لله:
(أبو العباس) أحمد القادربأمر الله بن اسحق المقتدر بالله:
(أبو جعفر )عبدالله القائم بأمر الله بن أحمد القادر بأمر الله :
(أبو القاسم)عبدالله المقتدى بأمر الله بن محمد بن عبد الله القائم بأمر الله :
(أبو العباس) أحمد المستظهربالله بن عبد الله المقتدى بأمر الله:
(أبو منصور)الفضل المسترشد بالله ابنعبد الله المستظهر بالله :
(أبو جعفر) المنصور الراشد بالله ابن الفضل المسترشد بالله:

(أبو عبدالله ) محمد المقتفى لأمر الله ابن أحمد المستظهر بالله :
(أبو المظفر ) يوسفالمستنجد باللهبنمحمد المقتفى لأمر الله :
(أبو محمد )الحسن المستضىء بأمر الله بنيوسف المستنجد بالله :
(أبوالعباس )أحمد الناصرلدين الله بنالحسن المستضىء بأمر الله :
(أبو نصر ) محمد الظاهر بأمر الله بن أحمد الناصرلدين الله :
(أبو جعفر )المنصورالمستنصربالله بن محمد الظاهر بأمر الله:
(أبو احمد )عبدالله المستعصم بالله بنمنصور المستنصربالله :

اتجه خلفاء بنى العباس فى خلافتهم إلى رعاية الحضارة ونشر العلم وتعليم البشرية بعد أن أضفى الإسلام جلاله على المسلمين وألقى ربوعه على أنحاء وأرجاء الكرة الأرضية .
كانت الخلافة العباسية كثيرة المحاسن جمة المكارم أسواق العلوم فيها قائمة وشعائرالدين فيها معظمة والخيرات دائرة والدنيا عامرة والحرمات مرعية والثغور محصنة . ازدانت العمارة وشيدت الجوامع والمساجد والخانقاوات والأربطة والقلاع والثغور والمدارس والحمامات والبيمارستانات والخانات والوكالات والقيساريات والأسواق والفنادق والقصور والبيوت والأسبلة والآبار والقناطر والنافورات. صنفوا الكتب الفقهية وعلوم التفسيروالحديث وكتب السيرة والتاريخ والمغازى. تأصل اجتهاد الأئمة والعلماء والفقهاء .
كان هناك مدرستان : أحدهما فى العراق وهى : مدرسة أهل الرأى . والأخرى فى المدينة وهى : مدرسة أهل الحديث . ومدرستان أيضاً فى اللغة والنحو : مدرسة البصرة . ومدرسة الكوفة .
قاموا بنشر مختلف العلوم فى الآفاق وحثوا على القيم والأخلاق فى المعاملات والسلوكيات .قاموا
بتأليف وإرساء النظريات العلمية ووضعوا الأسس والأصول للعلوم المادية والتجريبية لإسعاد البشرية والإرتقاء بالإنسانية . تركوا إبداعا فى الفنون والعمارة وفى كل أنواع الحضارة .
أخذ العالم الغربى والشرقى ما أبدعه علماء المسلمين وترجموه إلى لغتهم ووضعوه فى كتبهم ونسبوه إلى علمائهم فنهضوا به من كبوتهم وسباتهم ومن عصور ظلامهم التى كانوا فيها قابعين .
ولقد قام الخلفاء العباسيين باستكمال بعض الفتوحات الإسلامية وصد الهجمات الصليبية التى هبّت
مجتمعة من الممالك الأسبانية ومن فرنسا وألمانيا وبلجيكا وانجلترا على بعض بلدان الخلافة الإسلامية
وكونوا بها إمارات صليبية : ( فى الرها . وفى أنطاكية . وفى بيت المقدس . وفى طرابلس ) .
ففى وقعة ملاذكرد قام المسلمون بدك مدن الرومان وقلاعهم ومزقوا أوصالهم ودمروا ثغورهم وحصونهم وأسروا امبراطورهم أسره القائد الإسلامى والسلطان السلجوقى ألب أرسلان .
وملاذكرد مدينة كانت بأرمينيا ( تركيا حالياً ) تجمع فيها الروم والفرنجه والبلغار واليونان بجحافلهم وجيوشهم لمحاربة المسلمين فتوجه إليهم ألب أرسلان وأباد جندهم وشتت شملهم وأسر من يقودهم وهزمهم شرهزيمة .
يقول إمام الحرمين أبو المعالى الجوينى فى كتابه " غياث الأمم فى التياث الظلم " :
( فمال ملك الإسلام ألب أرسلان تغمّد الله روحه بالروح والرضوان إليهم وانقض انقضاض الصقر عليهم وغضب لله غضبة تستجفل الآسَاد عن أشبالها والكفار قد اغترّوا بوفور جمعهم ولم يعلموا أن الله من وراء قمعهم فلما كان يوم الجمعة التقى الصفّان والتحمت الفئتان وبَرِقت السيوف ومطرت سحايب الحتوف وقال الملك ألب أرسلان طاردوهم حتى تُوافوا دعوة الخطباء فى أقاصى البلدان فتم قتالهم حتى زالت أعلامهم وزلت أقدامهم وكان قائدهم الملقب بقيصر نفخ الشيطان فى أنفه وأجاب داعى جهله وخباله وغيّه وضلاله فحصل فى قبضة الأسر وانبسطت عليه يد القسر ورد الله كيده فى نحره وأذاقه وبال أمره فبات مع المقرّنين فى الأصفاد والله للباغين بالمرصاد )
وقام عماد الدين زنكى بدك الوتد الصليبى فى الرها . وجاء صلاح الدين الأيوبى وقام بضرب الحصار عليهم وغزو حصونهم وتدميرها وهدمها وطارد فلولهم وقتل ملكهم أرناط الصليبى وفتح طبرية وحين تجمعوا فى حطين ( بين الناصرة وطبرية ) توجه إليهم وفتك بهم وأعمل فيهم القتل والأسر وأذاقهم أشد التنكيل والعذاب واستعاد بيت المقدس منهم ومن براثنهم .
وقاموا بصد المغول والتتار بعد هجومهم على مقر الخلافة ببغداد هجوماً وحشياً خربوا فيه دور العلم والعلماء دمروا بيت الحكمة وهدموا هذا الصرح العظيم وأحرقوا ما فيه من كتب الأئمة والفقهاء وعاثوا فساداً وإفساداً فى بغداد وعبروا الفرات واتجهوا إلى الرها وحران ونصيبين ثم إلى مصر .
فقام السلطان المملوكى سيف الدين قطز بدحرهم وهزيمتهم وقطع أوصالهم فى معركة عين جالوت
( فى فلسطين ) حيث توجه السلطان سيف الدين قطز من مصر بالجيوش الإسلامية مارا بالصالحية ثم غزة وعند عين جالوت لاقى المغول والتتار فأنزل بهم هزيمة فادحة وقهر جيوشهم ودمر عتادهم وفرق أعدادهم وقتل قائد جيوشهم وقام بملاحقة من فر منهم حتى شمال حلب .
وقامت الخلافة العباسية بإخماد الفتن والمؤامرات وما كان يحدث من قلاقل وتمردات ودسائس ومن انتشار الأفكار الهدامة والتعاليم الملوثة التى تعرضت لها بلدان ودول الخلافة .
وفى عصر الخلافة نشأت بعض الحركات والفرق واستقلت بعض الدول والبلدان :
حركات الزندقة والوضاعين : هؤلاء عاثوا فساداً بالروايات والقصص والحكايات التى كان يقصها القصاصون لعامة المسلمين فيبثون إليهم الأباطيل والخرافات وسمومهم الناقعة بما لفقوه وابتدعوه . هؤلاء الأشرار الفجرة عاثوا فساداً وإفساداً ومازالوا حتى يومنا هذا يعيثون .
والفرق المذهبية : التى لا زالت قائمة وظاهرة لإذكاء نار الفتنة والفرقة بين المسلمين . ظهرت السنة والشيعة والمعتزلة والقدرية والمرجئة ثم الجبرية والمشبهة والجهمية وغيرهم العديد والكثير .

كانت فِتنهم مفرقة وبِدَعهم متناقضة . ألبسوا الحق بالباطل تفننت آراؤهم وزاغت أهواؤهم .
تفكك الأمصار واستقلال العديد من البلدان : بعدما كانت الأمة الإسلامية نسيج واحد فقد قام البعض بتكوين دولاً وإمارات وممالك نأى بها واستقل عن الخلافة الإسلامية مثل :
الدولة الأموية فى الأندلس : التى استقل بها عبد الرحمن الداخل بن معاوية بن هشام بن عبد الملك .
والدولة العبيدية فى شمال أفريقيا : التى تنتسب إلى أبو عبيد الله والتى كان منها :
( الدولة الرستميةفى الجزائر ) : التى تنتسب إلى عبد الرحمن بن رستم وابنه عبد الوهاب .
( ودولة الأدارسة فى المغرب ) : التى تنتسب إلى إدريس بن عبد الله بن الحسن بن على رضى الله عنهم وابنه إدريس . ( ودولة الأغالبة فى تونس ) : التى تنتسب إلى ابراهيم بن الأغلب .
ودول بلاد فارس وبلاد ما وراء النهر : ومنها :
( الدولة الطاهرية والدولة الصفارية فى خراسان والدولة السامانية ) : وتنتسب الأولى إلى طاهر بن
الحسين وابنه عبد الله . والأخرى إلى يعقوب بن الليث الصفار . والثالثة إلى نصر بن أحمد السامانى .
( والدولة الغزنوية فى بلاد الأفغان والهند والبنجاب ) : التى تنتسب إلى محمود الغزنوى ( شبه بالمنصور
العباسى لفتوحاته العظيمة فى إقليم البنجاب وربوع الهند وتدميره للمعابد اليهودية ولما كان فى عهده من العمران والتنظيم الإدارى .
( والدولة البويهية فى أصفهان والعراق ) : التى تنتسب إلى بويه وابنه على بن بويه .
( والدولة الحمدانية فى الموصل وحلب ) : التى تنتسب إلى قبيلة تغلب وتزعمها حمدان بن حمدون .
( والدولة السلجوقية فى كرمان وأذربيجان وبلاد الأناضول ) : التى تنتسب إلى سلجوق التركى .
ودول مصروالشام : ومنها :
( الدولة الطولونية ) والتى تنتسب إلى أحمد بن طولون وابنه خمارويه .
( والدولة الإخشيدية ) : التى تنتسب إلى محمد بن طغج الإخشيد .
( والدولة الفاطمية ) : وقد تأسست هذه الدولة فى أفريقيا ثم القيروان ثم المهدية على سواحل تونس ثم أرسل الخليفة المعز لدين الله الفاطمى قائده جوهر الصقلى إلى مصر لإقامة الدولة الفاطمية بها .
( والدولة الأيوبية ) : والتى تنتسب إلى صلاح الدين يوسف بن أيوب .
( ودولة المماليك ) : التى تنتسب إلى المماليك البحرية .
كل هذا الإنفصام وعرى الإنفصال فتّ فى بنيان وعضد الدولة والخلافة الإسلامية .
******
الخلافة العثمانية
تولى الخلافة الإسلامية: العثمانيين منذ عام 699هـ إلى 1343هجرية (1258إلى 1924ميلادية ) .. وقد تعاقب الخلافة العثمانية سبعة وثلاثون خليفة على مدى 642 عاما.
ولقد قسم المؤرخون الخلافة العثمانية إلى دورين :
الدور الأول : سموه دور القوة . ويبدأ من بدء الخلافة وحتى انتهاء خلافة سليمان القانونى
والدور الثانى : أطلقوا عليه : دور الضعف . ويبدأ منذ خلافة سليم الثانى وحتى الغفوة التى أصابت الأمة الإسلامية فى 2 مارس 1924 بإلغاء الخلافة ولم تفق منها أو تنجلى عنها حتى يومنا هذا .
السلطان عثمان غازى بن إرطغرل: أول السلاطين العثمانيين شتت شمل المغول وأمراء الروم وأخضع آسيا الصغرى للخلافة وعبر الدردنيل ووصل إلى مقدونيا وأنشأ جيشا نظاميا كان يسمى بالإنكشارية . من أقواله لابنه أورخان : ( يابنى إن نشر الإسلام وهداية الناس إليه أمانة سيسألنا الله عليها فمقصدنا هو الجهاد فى سبيل الله فلسنا طلاب دنيا ولا طلاب جاه علينا أن نعلى نور ديننا إلى كل الآفاق فنحن بالإسلام نحيا ونموت فإياك أن تشتغل بشىء لم يأمر به رب العالمين .. )
السلطان أورخان غازى بن عثمان بن إرطغرل : قام بضرب العملة الذهبية والفضية . واهتم ببناء وصقل وتدريب المسلمين من الناحية العسكرية وأرسل ابنه سليمان باشا لتشديد الحصار على بعض المدن الرومانية وتشييد الحصون والقلاع فى تزنب وغاليبولى استعداداً لفتح القسطنطينية .
السلطان مراد الأول بن أورخان بن عثمان : أرغم أمير البلغارعلى دفع الجزية . حاصر صوفيا ثلاث سنوات ثم قام بفتحها وقام بفتح مدينة سلانيك فى بلاد اليونان ودك حصون الصرب والألبان فى إقليم كوسوفو ووقع ملك الصرب أسيراً فى أيدى المسلمين .
السلطان بايزيد بن مراد بن أورخان: لقب بالصاعقة لانقضاضه المستمروالدائم فى الغزو والقتال ضد الصليبيين والرومان . شدد الحصار على القسطنطينية . وضم إمارات عديدة للدولة الإسلامية آخرها مدينة الأشهر قرب أزمير فى غرب الأناضول . أصاب أوربا بالذعر فهبت البابوات فى روما يصرخون وينادون بوقف زحف المسلمين فتجمع زعماؤهم من فرنسا وألمانيا وبولندا وسويسرا واسكتلندا يقودهم ملك المجر فى " نيقوبولس " ( مدينة شمال البلقان ) توجه إليهم بايزيد أرعدهم وشرد جمعهم وفرق شملهم وفر ملك المجر كالفأر المذعور فى قارب صغير ووقع شريف فرنسا أسيراً فكان نصراً عظيماً غنم المسلمون فيه غنائم كثيرة وأفاء الله عليهم بأسلاب وفيرة .

محمد بن بايزيد بن مراد بن أورخان: امتلأ عهده بالفتن والإضطرابات وتوقفت فى عهده الفتوحات الإسلامية لانشغاله بقمع الفتن والمؤامرات وإخضاع ما شاب بعض الدول من اضطرابات .

مرادبن محمد بن بايزيد بن مراد بن أورخان: أقام الجوامع والمدارس والقناطر والقصور والتكايا . كان خيرملوك زمانه عقلاً وحزماً وعزماً . نشر دين الله وأفنى عمره فى الجهاد فى سبيل الله وأقام شرائع الله يحمل الملوك والأمراء على الجزية ويطارد فلول الرومان ويعظم من دخل فى الإسلام . فتح الأفلاق والبغدان وساح فى شرق البلاد وغربها وقام بتحصين قلاعها ومدنها وتشديد أربطتها وثغورها ( فلقد اقترب الوعد بفتح القسطنطينية آخر المعاقل التى تتمركز وتتجمع فيه القوى الصليبية والذى أخبر عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم فى الأحاديث النبوية ) تولى الخلافة من بعده ابنه محمد الفاتح .


محمد مراد بن محمد بن با يزيد ( الفاتح ) : كان عادلاً محباً للعلم والعلماء سار على نهج أبيه وقام بتنظيم إدارات الدولة واهتم بالعمران والبناء . لقب بالفاتح لفتحه المدينة المحصنة مدينة القسطنطينية وانتزعها من أباطرة وقياصرة الإمبراطورية الرومانية بعد حصارها والقيام بدكها بالمدافع التى استعملت لأول مرة فى تاريخ البشرية . غزاها محمد الفاتح من كل اتجاه ومكان فى الطرق البرية وفى جبهاتها البحرية من مضيق البسفور وبحر مرمرة والقرن الذهبى . قام بدك حصونها وتفكيك قلاعها وهدم أبراجها وأسوارها زلزل قلوبهم و ملأ الذعر والخوف نفوسهم فالهجوم كان براً وبحراً وليلاً ونهاراً أمطر جند الرومان بالقذائف والرماح والحراب والسهام .
دخلها رحمه الله فى ظهر العشرين 20 من جمادى الأولى عام 857 هجرية ( 29مايو 1453ميلادية مُهنّئاً المسلمين بأنهم الجند المغفور لهم الذى أخبر عنهم سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فاتحى مدينة القسطنطينية .

وبنى محمد الفاتح مسجداً بمكان وفاة أبى أيوب الأنصارى أول صحابى حاصر القسطنطينية ودعا له بالرحمة والمغفرة ولكل الغزاة والمجاهدين وخلفاء المسلمين على مر القرون والسنين .
بايزيد بن محمد الفاتح: غزا المجر والبندقية وأرسل جيشاً إلى فرنسا والنمسا لحملهم على دفع الجزية التى تقاعسوا عنها وعن دفعها . قام بصد هجوماً بولنديا على مولدافيا . وأثناء غزوه وتصديه حدثت الهجمة الصليبية البربرية التى قام بها الأسبان والبرتغال على الأندلس حيث أغاروا عليها وأعملوا فيها التخريب والنهب والسلب وقاموا بالقتل والتنكيل والغدر بالمسلمين فى غرناطة وبلنسية .

سليمبن بايزيد بن محمد الفاتح: صد محاولات الأسبان والبرتغال فى الإستيلاء على مدينة الجزائر وقد اشتهر أمير البحار خير الدين بربروس وأخيه بما أذاقه لهم من ألوان العذاب والفتك بهم وتدمير سفنهم حتى تم إجلائهم عن المدينة .
سليمان القانونى بن سليم بن بايزيد: طارد الأسبان والبرتغال من بنزرت ووهران ووضع الأسطول البحرى فى طرابلس لصد أى إغارة منهما . وجّه سليمان باشا من مصر لقتال البرتغاليين ووقف زحفهم فقام سليمان باشا بقتالهم وقتلهم وتدمير سفنهم عند سواحل الهند فى موقعة ديو البحرية . ألزم ملك النمسا بدفع الجزية عن الأراضى التى استولى عليها من أراضى المجر وأدخلها ضمن دولته .
سليم بن سليمان القانونى : مراد بن سليم الثانى بن سليمان القانونى:
محمد بن مراد بن سليم : أحمد بن محمد الثالث بن مراد:
مصطفى بن محمد بن مراد : عثمان بنأحمد الأول بن محمد الثالث:
مرادبن أحمد الأول : إبراهيم بن أحمد الأول
محمد بن إبراهيم بن أحمد : سليمان بن ابراهيمبن أحمد الأول:
أحمد بن ابراهيم بن أحمد : مصطفىبن محمد الرابع بن ابراهيم:
أحمد بن محمد بن ابراهيم: محمود بن مصطفى بن محمد :
عثمان بن أحمد الثالث: مصطفى بن أحمد بن محمد:
عبدالحميد الأول بن أحمد: سليم الثالث بن مصطفى بنأحمد:
مصطفى بن سليم الثالث: محمودبن عبد الحميد :
عبدالمجيد الأول بن محمود: عبدالعزيز بن محمود الثانى:
مراد بن عبدالحميد الأول: عبدالحميد برن عبدالمجيد :
محمد رشاد بن عبدالمجيد: محمد وحيدالدين بن عبدالمجيد:
عبدالمجيد بن عبدالعزيز بن محمود:

اتسمت الخلافة الإسلامية فى عهد هؤلاء الخلفاء بالضعف والوهن والإهمال ودب الضعف والإنقسام والدسائس وعمت الفتن والقلاقل والإضطرابات وبلغ التفكك الإسلامى ذروته ودب الترف بين المسلمين وتفشى الصراع والإقتتال فيما بينهم وأقبلوا على الدنيا ونسوا الآخرة .
تسللت الدول الصليبية كاللصوص إلى مقار وإدارات الخلافة وأبدوا للخلفاء أسباباً وذرائع للحصول منهم على امتيازات وموافقات كانت قاصمة لهيبة وعظمة الدولة الإسلامية .
حصلت أسبانيا على موافقة من الخليفة بزيارة بيت المقدس . وتم السماح لفرنسا بالإشتراك فى حمايته . ومُنحت روسيا وبريطانيا على عديد من الإمتيازات فتت فى عضد الدولة الإسلامية .
نقضت إيطاليا ما تعهدت به للخلافة . وتجمعت والصليبيون تحت راية البابوية وقاموا بهجمة بحرية على الأسطول البحرى للمسلمين ( العثمانى والمصرى ) فى معركة ليبانتو .
استولى الصليبيون على بلغراد وتقدموا نحو البلقان واستولوا على بلاد الصرب وبعض الجزر من بحر
إيجة . نقضت روسيا العهد بعدم التواجد بأى سفينة فى البحر الأسود واستولت على الأفلاق والبغدان . قامت فرنسا والنمسا بالإغارة على ماتم فتحه من بلدان إسلامية فى أوربا ثم أبرمت فرنسا معاهدات وتعهدات فيما بينها وبين الخلافة على الشراكة والتجارة والصداقة وكالحية الرقطاء قامت بإرسال قائدها نابليون بونابرت للإستيلاء على مصر عام 1798 ميلادية .
جاء الهجوم الصليبى من كل حدب وصوب على بلاد الخلافة . ظفرت فرنسا بشمال إفريقيا واستولت على الجزائر وتونس ومراكش . واستولت بريطانيا على مصر وسواحل جزيرة العرب . واقتطعت إيطاليا ليبيا . شبت الحرب العالمية الأولى أطبقوا بعدها على البلدان الإسلامية العربية . ضمت فرنسا سوريا ولبنان . واستولت بريطانيا على فلسطين والأردن والعراق .
ظهرت العقارب الصليبية والثعابين اليهودية تنفث أحقادها وسمومها لتسرى فى جسد الأمة الإسلامية وأنشئت الجمعيات الماسونية التى تبنت أن الحرب على المسلمين حرباً مقدسة وحملت هذه الجمعيات أسماء أدبية وعلمية لتحقيق أهدافها الخبيثة والفاشية . من إفرازاتها إنشاء وطن قومى للحركة الصهيونية فى فلسطين قلب الدولة الإسلامية . ومن أفكارها بث الفرقة وتقسيم الأمة ونشر الفوضى والإلحاد وهدم الأسس الدينية والأخلاقية .
قامت الخلافة بإنشاء جهازاً للمخابرات للبحث والتحرى عن هؤلاء الماسونيين وعمن يعاونهم من الإنفصاليين ويدعون أنهم مسلمين وهم أشد أعداء الدين للقضاء عليهم واستئصال شأفتهم .
قامت بريطانيا بمساندة حكومة وطنية فى أنقرة يقودها مصطفى كمال أتاتورك بعيدة عن استانبول مقر الخلافة العثمانية أمدوها بكل ما يملكون حتى صارت ذات قوة منيعة وأضحت لها أعواناً وأنصاراً .
قالوا أن من يخالف تلك الحكومة ليس من المسلمين ويهدف إلى هدم الدين . كانوا أفاقين ومنافقين يبحثون عمن هم من شاكلتهم لتنفيذ مخططاتهم فيدّعون أنهم يحاربون الأعداء وهم فسقة أشرار .
ماهو إلا زمن يسير وطالبوا بفرض هيمنتها على مقر الخلافة والإعتراف بها وبمبادئها وكان من أول مطالبها : إلغاء الخلافة الإسلامية . واستيراد القوانين الغربية والعمل بها بدلاً من تعاليم وأحكام الشريعة الإسلامية .
فى 2 مارس 1924 ميلادية غادر الخليفة استانبول وتم الإعلان بإلغاء الخلافة التى بدأت منذ سيدنا أبو بكر الصديق رضى الله عنه عام 632 ميلادية واستمرت ألف ومائتى وإثنين وتسعون 1292 عاما
طويت صفحة الخلافة الإسلامية وما زالت مطوية على مدى تسعة وثمانون 89 عاماً .
************************************************** ***
سعيد شويل