المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : نقض الزعم المضحك.. زعم الملاحدة واللاأدرية للعقلانية!



عمر خطاب
04-01-2013, 07:19 PM
بسم الله الرحمن الرحيم.
السلام عليكم، أساتذتي الأفاضل وإخوتي الكرام في منتدى التوحيد.
كثيرًا ما نرى الملاحدة واللاأدرية يزعمون لأنفسهم العقلانية، بل ويحصرونها في أنفسهم، حتى صاروا يكتبون تحت مسمى "عقلانيون"! والحق أن هذا أمرٌ مضحك جدًا لمن علم معلومة مهمة -أوضحها في ما يلي إن شاء الله-. فقد كنت رأيتُ أن أناقش إدِّعاء اللادينيين العرب -من ملاحدة ولاأدرية وربوبيين- للعقلانية، متوكلًا على الله، ثم مستعينًا بما اكتسبته من كتابات وحوارات أساتذتي الأفاضل هنا، والقليل من النقاشات التي دخلتها والقراءات هنا وهناك، لأوضِّح فيه أن زعمهم للعقلانية لا يصحُّ بحال!
وكنتُ في خلال المقدِّمة -وقبل الدخول في عرض الحجج ومناقشة الشبهات وغيرها- كتبت لأوضِّح جهل الملاحدة واللاأدرية عندما يزعمون العقلانية -مخالفين بذلك لمنهجهم هم- ومدى كون هذا الأمر أمرًا مضحكًا؛ فرأيت أن أقتبسه وأنقله لكم؛ لعل المعلومة تنتشرُ وتكون حُجَّة فيها بيان جهل الملاحدة واللاأدرية بما يقولونه بأنفسهم وتبيان لتردُّدِهم وتذَبذُبِهم، ولعلي أستفيد -بمشيئة الله- من تعليقاتكم على بعض ما قلتُ. أترككم مع الاقتباس من المقدمة..

------------------------------
------------------------------
(.....) وإن تَعجَب؛ فعجبٌ أن يتسمَّى أهل الإلحاد واللاأدرية بالعقلانية، وأكثرهم -أصلًا- يجهلون المعنى الذي يحمله هذا اللفظ الجذَّاب، المناقض لآرائِهم! فإن المنهج «العقلاني» (Rationalism) ليس إلا نقيض المنهج «التجريبي» (Empiricism)، وهذا موضوعُ مناظراتٍ فلسفية معروف. ومن عرف منهج الملاحدة واللاأدرية في المناظرة، وعرف ما يحمله لفظ العقلانية من معنى كمصطلح؛ علم أن العلاقة بينهما ليست إلا علاقة تناقض غير قابل للتبرير. ولهذا فمن كان يفهم منهجه من بين ملاحدة الغرب؛ فإنهم لا يدَّعون العقلانية في قضية وجود الخالق والقضايا الغيبية -في أغلب الأحوال، على الأقل-، بل هم -باعترافهم بل ودفاعهم عن ذلك- تجريبيون! ومع أني لست أعلم مَن أطلق على الملاحدة العرب لفظ العقلانية منهم، إلا أني أعلم جيدًا أن فعله -ببساطة- مدعاة ضحك عليه وعليهم جدًا، لمن تصوَّره!

والخلاف -ببساطة- بين من يتخذ المنهج «العقلاني» ومن يتخذ المنهج «التجريبي» هو كالآتي. فأما العقلاني بشكل عام -باستثناء طائفة «المثالية» ومن على نفس طريقهم-، فيرى قدرة العقل على أن يكون أحد مصادر المعرفة، بجانب المشاهدة والحواسِّ، عن طريق أحد طريقين؛ إما عبر البديهيات الموجود بالفطرة -دون تعلُّمِها ولا التفكير للوصول لها ولا اكتسابها من البيئةِ والمشاهدةِ والحواسِّ-، أو عبر استنتاجات تصدر عن الاستفادة السليمة من هذه البديهيات. وأما التجريبي، فيرى عدم قدرة العقل المستقل على أن يكون مصدرًا للمعرفة، بل يرى أن الحواس والمشاهدة هي المصدر الوحيد للمعرفة -دون وجود بديهيات عقلية-، وأن المرء لا يعرف شيئًا بالفطرة ولكن يبدأ بتشكيل مفاهيمه بحسب ما تُشعره به حواسُّه. وبعد أن اتضح ذلك؛ فمنهج اللاأدرية يتناقض بوضوح جدًا مع العقلانية؛ فاللاأدري يرى عدم إمكانية التوصُّل لحقائق في قضية وجود الخالق -سبحانه- وغير ذلك. وهذا الموقف يحاول اللاأدري تبريره بالقول أنه لا يرى إمكانية الجزم في قضية وجود الخالق -سبحانه- بالحسِّ والمشاهدة وأنه -كشخص يتَّبِعُ المنهج التجريبي- لا يرى إمكانية الجزم في هذه القضية بالعقل؛ فيكون بذلك يرى أنه لا يمكنه الجزم لا بالحس والمشاهدة، ولا بالعقل، بالإضافة لإنكاره للفطرة من الأساس؛ فيكون لاأدريًا. وبهذا تمَّ توضيح التناقض بين اللاأدرية ومنهج العقلانية والحمد لله.

والناظر لحال الملاحدة العرب، يلاحظ تناقضًا عجيبًا في آرائهم كثيرٍ منهم عن البديهيات والفطرة، وأنا أحسب أن هذا التناقض غير متعمد -أصلًا- من جهتهم، ولكنه نتيجة لكون الملحد لم يحسم موقفه في هذه القضية بشكل واضح. فإذا كان القارئ ملحدًا، فليسأل نفسه سؤالين. أما الأول، فهو عن رأيه في وجود بديهيات عقلية قطعية لا يتعلمها المرء ولا يكتسبها من البيئة، بل موجودة بالفطرة وصحيحة ويمكن الاستفادة منها؛ للوصول لنتائج صحيحة. ثم ليسأل نفسه السؤال الثاني، وهو عن كيفية إجابته هو وأقرانه من الملاحدة -في الغالب- على الحجج العقلية كمثل القول أن العدم لا يمكن أن يكون له فعل ولا أن يخلق شيئًا.. هل هم يحاورون فيها أم يحاورون عنها؟ بمعنى؛ هل هم يحاولون إظهار بطلان هذه الحجة من الناحية العقلية، أم يحاولون -حينئذ- اعتبار هذا الحكم العقلي "فلسفة فارغة" و"تعميمًا استقرائيًا باطلًا هو مغالطة كبيرة" و"طرقًا بدائية غير علمية" والتحايل عليه بأشياء كمثل نقاط من فيزياء الكمِّ -التي ليست حجة عقلية، بل حجة وشبهة تجريبية داحضة أصلًا-؟ إذا لم يجد الملحد تناقضًا بين إجابتيه على السؤالين السابقين، فإني أحسب أن هذا ملحد مختلف عن غالبية أقرانه من الملاحدة العرب، ويعلم ذلك جيدًا. فإن الملحد العربي -في الغالب- إذا سُئل عن العقل وبديهياته بشكل عام ظهر بمظهر المدافع العقلاني عنهما، وإذا سُئل عن حجة عقلية معيَّنة تحوَّل لتجريبي متشدد في المنهج التجريبي!

ومع ذلك، فقد يصرُّ بعض الملاحدة على أنهم من أهل المنهج العقلانيِّ لا المنهج التجريبيِّ -مع ميلهم للحجج التجريبية الداحضة وإن خالفت العقل الصريح-؛ ولمثل هذا أُبيِّن -إن شاء الله- تناقض المنهج العقلاني مع وجهة نظره كملحد؛ فأتساءل كيف يمكن أن يفسِّر مثل هذا الملحد -المصرُّ على تسمية نفسه بالعقلاني- ما يقرُّ به بنفسه من وجود بديهيات عقلية قطعية في الذهن، لا يكتسبها المرء من تعليم ولا تفكير ولا من البيئة، بل يولد بها؟ كيف يمكن أن يرى أن هناك ما يعلمه الإنسان بالفطرة بل ويرى أنها صحيحة قطعية، دون أن يقرَّ بوجود الخالق الفاطر الذي فطرنا على ما فُطِرنا عليه وجعل تلك البديهيات معلومة في عقولنا؟ فكيف يقول أنها صحيحة قطعية مع إلحاده في نفس الوقت؟ وإن المرء ليعجب من أن يرى بعض الملاحدة يزعم أن أقوالًا مثل "دوران الشمس حول الأرض" -وليس العكس- هي "بديهية" عقلية ثبت بطلانها؛ ويتَّخذُ هذه حجتها في محاولته لـ"نقض" الاستدلال بالبديهيات العقلية -في خلال مناظرة-!! ولو فهم هذا الملحد حُجَّته لعلم أن ما يريده منها وما يحاول أن تقوم عليه حُجَّتُه وشبهته الداحضة تلك، لعلم أنها تؤدي لعكس ما أراد؛ فليس المرء يولد عالمًا بالبديهة أن الشمس تدور حول الأرض -ولا العكس-، ولكن يعلم بالبديهة -مثلًا- أن أي فعل يَستلزمُ فاعلًا يَفعَلُه، وأما دوران الشمس حول الأرض أو العكس، فهذا يشعر به بحواسِّه، وليس بمحض عقله! فإذا فُرِض أن هذه الحجة كانت لتؤدي ما يحاول الملحد أن يُقيمها عليه؛ لكانت تعارض المنهج التجريبيَّ القائم على الحواسِّ أكثر من المنهج العقلانيِّ!

وختامًا للمقدمة، أقول أن المخالف من اللادينيين -ملاحدة أو لاأدرية أو ربوبيين كانوا- عليه أمام الحُجَّة العقلية الصريحة -سواءٌ في القسم الأول أو في القسم الثاني من الكتيِّب- إما أن يُناظرَ في الحُجَّة وليس عن الحُجَّة -بمعنى أن يحاول رَدَّ الحُجَّة وإظهار بطلانها الذي يَزعُمُه في مقياس العقل الصريح-، أو أن يُناظرَ عن الحُجَّة بشكل عام -فيكون بذلك يُشكِّك في العقل نفسه وبديهياته أو مستلزماته-؛ وحينئذ فلا يُسمِّي نفسه عقلانيًا بعد هذا؛ فالمصطلح قد علم معناه، وإمَّا أن يُسلِّمَ بصحَّة الحُجَّةِ والدليل العقلي الصريح وما يستلزمه ذلك من صحة النتيجة. (.......)
------------------------------
------------------------------


انتهى الاقتباس. وأرجو أنه لم يكن طويلًا جدًا!
والحمد لله رب العالمين.

إلى حب الله
04-01-2013, 07:34 PM
والخلاف -ببساطة- بين من يتخذ المنهج «العقلاني» ومن يتخذ المنهج «التجريبي» هو كالآتي. فأما العقلاني بشكل عام -باستثناء طائفة «المثالية» ومن على نفس طريقهم-، فيرى قدرة العقل على أن يكون أحد مصادر المعرفة، بجانب المشاهدة والحواسِّ، عن طريق أحد طريقين؛ إما عبر البديهيات الموجود بالفطرة -دون تعلُّمِها ولا التفكير للوصول لها ولا اكتسابها من البيئةِ والمشاهدةِ والحواسِّ-، أو عبر استنتاجات تصدر عن الاستفادة السليمة من هذه البديهيات. وأما التجريبي، فيرى عدم قدرة العقل المستقل على أن يكون مصدرًا للمعرفة، بل يرى أن الحواس والمشاهدة هي المصدر الوحيد للمعرفة -دون وجود بديهيات عقلية-، وأن المرء لا يعرف شيئًا بالفطرة ولكن يبدأ بتشكيل مفاهيمه بحسب ما تُشعره به حواسُّه.


ملاحظة في الصميم لمَن يفهم !!..

بن حيان
04-01-2013, 07:40 PM
ما شاء الله تبارك الله
حفظك الباري

مسلم أسود
04-04-2013, 09:34 PM
ما شاء الله تبارك الله ! قد كنت أفكر في شيء مثل هذا و لكنك سبقتني و زدت على ما كان في بالي بأضعاف . وفقك الله :)

mrkira
04-05-2013, 02:05 AM
وإن المرء ليعجب من أن يرى بعض الملاحدة يزعم أن أقوالًا مثل "دوران الشمس حول الأرض" -وليس العكس- هي "بديهية" عقلية ثبت بطلانها؛ ويتَّخذُ هذه حجتها في محاولته لـ"نقض" الاستدلال بالبديهيات العقلية -في خلال مناظرة-!! ولو فهم هذا الملحد حُجَّته لعلم أن ما يريده منها وما يحاول أن تقوم عليه حُجَّتُه وشبهته الداحضة تلك، لعلم أنها تؤدي لعكس ما أراد؛ فليس المرء يولد عالمًا بالبديهة أن الشمس تدور حول الأرض -ولا العكس-، ولكن يعلم بالبديهة -مثلًا- أن أي فعل يَستلزمُ فاعلًا يَفعَلُه، وأما دوران الشمس حول الأرض أو العكس، فهذا يشعر به بحواسِّه، وليس بمحض عقله!
نقطة مهمة جدًا، جزاك الله خيرا أخي الكريم.