المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مختارات شعرية : في رثاء الأندلس .. للحافظ أبو البقاء الرندي



ابن عبد البر الصغير
04-14-2013, 10:59 PM
لكل شيء إذا ما تم نقصان ** فلا يغر بطيب العيش إنسان
هي الأمور كما شاهدتها دولٌ **من سرَّهُ زمنٌ ساءته أزمانُ
وهذه الدار لا تبقي على أحد ** ولا يدوم على حال لها شانُ
يمزق الدهر حتمًا كل سابغةٍ ** إذا نبت مشرفيات وخرصان
وينتضي كل سيف للفناء ولو ** كان ابن ذي يزن والغمد غمدان
أين الملوك ذوو التيجان من يمنٍ ** وأين منهم أكاليلٌ وتيجانُ ؟
وأين ما شاده شدَّادُ في إرمٍ ** وأين ما ساسه في الفرس ساسانُ ؟
وأين ما حازه قارون من ذهب ** وأين عادٌ وشدادٌ وقحطانُ ؟
أتى على الكل أمر لا مرد له ** حتى قضوا فكأن القوم ما كانوا
وصار ما كان من مُلك ومن مَلك ** كما حكى عن خيال الطيفِ وسنانُ
دار الزمان على دارا وقاتله ** وأمَّ كسرى فما آواه إيوانُ
كأنما الصعب لم يسهل له سببُ ** يومًا ولا مَلك الدنيا سليمان
فجائع الدهر أنواع منوعة ** وللزمان مسرات وأحزانُ
وللحوادث سلوان يسهلها ** وما لما حل بالإسلام سلوانُ
دهى الجزيرة أمرٌ لا عزاء له ** هوى له أحدٌ وانهد نهلانُ
أصابها العينُ في الإسلام فارتزأتْ ** حتى خلت منه أقطارٌ وبلدانُ
فاسأل بلنسيةَ ما شأنُ مرسيةٍ ** وأين شاطبةٌ أمْ أين جيَّانُ
وأين قرطبةٌ دارُ العلوم فكم ** من عالمٍ قد سما فيها له شانُ
وأين حمصُ وما تحويه من نزهٍ ** ونهرها العذب فياض وملآنُ
قواعدٌ كنَّ أركانَ البلاد فما ** عسى البقاء إذا لم تبقى أركان
تبكي الحنيفيةَ البيضاءَ من أسفٍ ** كما بكى لفراق الإلف هيمانُ
حيث المساجدُ قد أضحتْ كنائسَ ما ** فيهنَّ إلا نواقيسٌ وصلبانُ
حتى المحاريبُ تبكي وهي جامدةٌ ** حتى المنابرُ ترثي وهي عيدانُ
يا غافلاً وله في الدهرِ موعظةٌ ** إن كنت في سِنَةٍ فالدهر يقظانُ
وماشيًا مرحًا يلهيه موطنهُ ** أبعد حمصٍ تَغرُّ المرءَ أوطانُ ؟
تلك المصيبةُ أنْسَتْ ما تقدَّمها ** وما لها مع طولَ الدهرِ نسيانُ
يا راكبين عتاقَ الخيلِ ضامرةً ** كأنها في مجال السبقِ عقبانُ
وحاملين سيوفَ الهندِ مرهقةُ ** كأنها في ظلام النقع نيرانُ
وراتعين وراء البحر في دعةٍ ** لهم بأوطانهم عزٌّ وسلطانُ
أعندكم نبأ من أهل أندلسٍ ** فقد سرى بحديثِ القومِ ركبانُ
كم يستغيث بنا المستضعفون وهم ** قتلى وأسرى فما يهتز إنسان
لماذا التقاطع في الإسلام بينكمُ ** وأنتمْ يا عباد الله إخوانُ
ألا نفوسٌ أبيَّاتٌ لها هممٌ ** أما على الخيرِ أنصارٌ وأعوانُ ؟
يا من لذلةِ قومٍ بعدَ عزِّهُمُ ** أحال حالهمْ جورُ وطغيانُ
بالأمس كانوا ملوكًا في منازلهم ** واليومَ هم في بلاد الضدِّ عبدانُ
فلو تراهم حيارى لا دليل لهمْ ** عليهمُ من ثيابِ الذلِ ألوانُ
ولو رأيتَ بكاهُم عندَ بيعهمُ ** لهالكَ الأمرُ واستهوتكَ أحزانُ
يا ربَّ أمٍّ وطفلٍ حيلَ بينهما ** كما تفرقَ أرواحٌ وأبدانُ
وطفلةٍ مثل حسنِ الشمسِ ** إذ طلعت كأنما ياقوتٌ ومرجانُ
يقودُها العلجُ للمكروه مكرهةً ** والعينُ باكيةُ والقلبُ حيرانُ
لمثل هذا يذوبُ القلبُ من كمدٍ ** إن كان في القلب إسلامٌ وإيمانُ

أبو يحيى الموحد
04-14-2013, 11:12 PM
ياااه..
كم هي رائعة ... والبيت القصيد
لمثل هذا يذوبُ القلبُ من كمدٍ ** إن كان في القلب إسلامٌ وإيمانُ

ابن عبد البر الصغير
04-14-2013, 11:13 PM
الشاعر رحمه الله قد عاصر سقوط الأندلس ونظم القصيدة ليستنصر الدولة المرينية في شمال إفريقيا، حيث خاضوا حروب استعادة للمناطق وما سمي حينها " بحروب الاسترداد " غير أن ضعف النصرة والتنسيق بين الدولة المرينية وغيرها من الخلافات الإسلامية القائمة حالت دونما استرداد للأندلس مع توحد القوات الصليبية، حتى أنهم طمعوا في احتلال شمال أفريقية فاكتفى المرينيون حينها بصد الهجومات والدفاع عن الحوزة .

والشاعر يصور لنا بشكل بديع ومؤسف ما حل بديار الإسلام جملة وتفصيلا كما عرج على الأندلس خاصة .

كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل
04-14-2013, 11:14 PM
لو كانت الاندلس باقية كان حالها مثل تركيا على الأقل ..
أبيات مؤثرة جدا

lightline
04-15-2013, 09:46 AM
هل الاندلس هيه اسبانيا ؟

ابن عبد البر الصغير
04-15-2013, 07:25 PM
هل الاندلس هيه اسبانيا ؟

هي إسبانيا كلها إضافة إلى البرتغال وجزء من فرنسا ممتد إلى غاية مدينة مرسيلية، وكان هذا أقصى امتداد لها .. وعرفت تقلصات في عهد ملوك الطوائف الأولى والثانية.

lightline
04-15-2013, 08:14 PM
هي إسبانيا كلها إضافة إلى البرتغال وجزء من فرنسا ممتد إلى غاية مدينة مرسيلية، وكان هذا أقصى امتداد لها .. وعرفت تقلصات في عهد ملوك الطوائف الأولى والثانية.

ما هو سبب سقوطها ؟

ابن عبد البر الصغير
04-15-2013, 09:55 PM
ما هو سبب سقوطها ؟

البعد عن هدي الإسلام، فقد غرق أهلها في ماديات وغنى واتبعوا طريق الفواحش إلا من رحم ربك من العلماء والصالحين، فعرف تاريخهم حكاما لا يهتمون إلا بالقينات والجواري وشرب الخمور وأضاعوا البلاد والعباد مع ضعف في السياسة الشرعية والصنعة الديبلوماسية والعلم الشرعي عموما، فكان الغرب يترصدهم من كل جانب وأقام معهم علاقات يمدهم فيها بكل ما لذ وطاب من هدايا ونساء وعتاد وغيرهم لما ضعف حالهم وتفرق شملهم حتى أصبحت كل مدينة لها ملك ! وعرفت هذه المرحلة باسم ملوك الطوائف الأولى، فلما أصبح هذا حالهم أعلن النصارى عليهم الحرب وبدأت المدن والمناطق تتساقط، فخشي أهل العلم الأندلسيون على بلادهم فاستنصروا الدولة المرابطية المغربية بقيادة يوسف ابن تاشفين رحمه الله فقاد حملة وحد فيها الأندلس وكان سببا في امتداد عمر الإسلام فيها، وطرد ملوك الطوائف وأعاد المجد للشريعة وأهرق الخمور وحارب الفواحش، فدارت الأيام والسنون ورجع عهد جديد من الملوك الفجرة سميت بعهد ملوك الطوائف الثانية، وقعوا فيها في نفس أخطاء اجدادهم فأجهز عليهم العدو .

lightline
04-15-2013, 10:35 PM
ماذا عن المنصور أبي عامر هل كان بعد ام قبل هذه الاحداث

ابن عبد البر الصغير
04-15-2013, 11:25 PM
ماذا عن المنصور أبي عامر هل كان بعد ام قبل هذه الاحداث

المنصور بن أبي عامر هذا كان من جيش الفاتحين وسقوط الأندلس كان بعده رحمه الله بقرون .