المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : عااااجل أسأل عن المادة الشاملة و الخاصية الإنبثاقية



الواضحة
04-26-2013, 01:42 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قرأت مقالا للاسف لا مصدر له عن الخواص الانبثاقية للمادة والمادة الشاملة طبعا لم افهم نصف الكلام وآمل لو يتم مناقشة هذا المبحث معا
http://groups.yahoo.com/group/ComparativeReligion/message/1928
واستدل صاحب المقالة على ان تلك الخواص الانبثاقية دليلا على حدوث الطفرة فيما فهمت
هل هذا الاستدلال صحيح ام انه دليلا على التخليق الذي ينكرونه ؟؟
وهل اجد مصادر بحثية معتمدة تتحدث عن هذا الامر
خاصة المترجم منها
وجزاكم الله كل خير

الواضحة
04-27-2013, 01:47 PM
آمل التفاعل وشكر الله لكم

د. هشام عزمي
04-27-2013, 02:59 PM
للأسف المقال الذي أشرت إليه يا أختاه لا يظهر عندي الكلام بسبب الفونت ، لو أمكنك نسخ الكلام في هذا الشريط للاطلاع عليه يكون أفضل بالنسبة لي إن شاء الله ..

أما بخصوص الخاصة الانبثاقية أو The Emergent Property ، فهو مفهوم خرج من بعض العلماء كمحاولة لإيجاد حل وسط بين أتباع المذهب المادي الاختزالي وأتباع المذهب الروحاني ، ففي المذهب الأول يرى أنصاره أن كل خواص النفس البشرية ترجع إلى تفاعلات محضة وسريان للطاقة في الأعصاب ، وفي المذهب الثاني يرى أنصاره أن هذه الخواص الفريدة تعود لوجود روح أو كيان آخر في الجسد البشري يختلف عنه في الطبيعة والخصائص ..
لهذا السبب سعى العلماء لإيجاد جواب عن انبثاق هذه الخواص - مثل الوعي والإرادة والتفكير - من المخ البشري ، فقالوا بأن هذه الخواص انبثقت من تلقاء نفسها كنتيجة للتعقيد الواقع في الجهاز العصبي ، وخرجوا بمفهوم مفاده أن اشتراك عدة عناصر في نظام أو تركيب ما ينتج عنه انبثاق خواص جديدة لهذا النظام لم تكن موجودة في عناصره الأبسط منه ولا يمكن اختزالها لهذه العناصر ولا التنبؤ بحدوثها أو انبثاقها ..
وينقل عن أحدهم ما معناه أنه لا فرق بين أن يندمج جزيئا الأوكسجين والهيدروجين ليكونا مركبًا مختلفًا تمامًا هو الماء ذو خواص مختلفة تمامًا عن خواص غازي الأوكسجين والهيدروجين ، وبين أن تشترك الخلايا العصبية لتكون المخ الذي هو ذو خواص جديدة لم تكن موجودة في الخلايا وحدها مثل الوعي والإرادة والتفكير والذكاء ..

والحقيقة أن مفهوم الخاصية الانبثاقية نفسه ليس إلا محاولة للفرار من الاعتراف بحقيقة أن الله خلق لكل مادة خواصها الفريدة التي لا يمكن تفسيرها ماديًا ، لماذا الماء يروي ؟ ولماذا الالكترون سالب الشحنة ؟ ولماذا المرء يفكر ؟ كل هذه الأسئلة لا يمكن الإجابة عنها في إطار المذهب المادي لهذا لم يفعل القوم إلا أن اخترعوا اسمًا علميًا فخيمًا للظاهرة عندما عجزوا عن تفسيرها .. فإذا احتججت على المادي بظهور خصائص كذا أو صفات كذا التي لا يمكن التنبؤ بظهورها على هذه الصورة ولا يمكن في نفس الوقت اخترالها إلى خصائص مكوناتها الأصلية ، قالوا : هذه خواص انبثاقية !!! وكأنهم باختراع المصطلح قد أزالوا الإشكال الوارد على مذهبهم !

الواضحة
04-27-2013, 03:08 PM
شكر الله لكم وجزيتم الجنة ان شاء الله لي عودة للتعليق على ما تفضلتم بكتابته
وهذا هو المقال
المادة الشاملة والخصائص الانبثاقية

الدكتور عباس حمزة جبر(*)
(خاص للمعهد)

«ليس للعدم من خصائصٍ البته»
رينيه ديكارت

مقدمة عامة:
ينطلق هذا البحث اعتماداً على فكرتين رئيسيتين جرى عرضهما من قبل أثنين من أفذاذ
فلاسفة فرنسا مع مطلع القرن العشرين هما موريس بلونديل و أدوارد لوروا, ثم
...أهملتا عن عمد تارةً وعن نسيان غير مبرر تارةً أخرى, ثم جرى تطويرهما على يد
الأب بيير تيار دو شاردان وعالم الأجنة رايمون رويير(1). وهاتان الفكرتان هما
المادة الشاملة، والتطور المتعالي(2). وسنحاول في هذا البحث الجمع مابين هاتين
الفكرتين ثم الانتقال الى ثالثةٍ هي نتيجة منطقية للديالكتيك الرابط ما بين المادة
والتطور. وسنحاول قدر ما هو ممكن الوصول الى إجابات أو مقاربات أجوبة أو استشراف
معرفي على صفٍ من الأسئلة التي ما يزال عالم الفلسفة ينوء بحملها مثل أصل الكون
ومآله ومغزى الصيرورة وديمومتها. وتلك لعمري أسئلة قد تبقى دون جواب مقنع ولا يحق
لنا التبجح بإمكانية الإجابة النهائية عليها لولا أن التطور العلمي الذي أحرز على
مدى القرنين المنصرمين، ولولا حصافة النقاش الفلسفي الدائر حالياً حول نتائج العلوم
وعقلانية التحاور ما بين الفلاسفة والعلماء، لولا كل ذلك ما كان من الممكن للمهتمين
بتلك الأسئلة الاستمرار بالتفكر والتنقيب وتقليب شذرات ما أستجد من معرفة على أكثر
من وجه. ويحق لنا القول فيما ها هنا، أن الميراث الإنساني في ميداني العلوم
والفلسفة قد تجاوز، في بعض المحاور على أقل تقدير، طفولة الطرح الفلسفي وتعدى سذاجة
التصديق وأتجه باندفاع صادق صوب قناعات قد لا يمكن البت برسوخها النهائي بقدر ما
توحي به من صلابة الأرض التي يقف عليها الباحثون وهم في حومة النقاش المعمق حول
تلكم الأسئلة الكبرى.
وليس الأمر, فيما يتعلق بهذه الأسئلة جديد كل الجدة ,فقد سبق لحدوس القرون الماضية
أن اقتربت الى حدٍ مدهش مما نعرفه اليوم عن تطور الكون فهذا لوكريس في كتابه في
الطبيعة يقول: «... والأجسام محكومة بجوهر ثابت وهي تتوالى بفعل ما ينبثق من
تركيباتها لكي ترثنا ذلك التعدد المهول الذي تحفل به الطبيعة»(3).
فيما يذهب صدر المتألهين الشيرازي الى ما هو ابعد من ذلك حين يقرر أن «ما من موجود
في عالم الإمكان الا ولوجوده غاية وكمالية وشوق...» أو أن «إيجاده (أي الله) لكل
موجود من الموجودات يأتي بما بسط بساط الوجود على ممكنات لا تعد ولا تحصى ...»
ويذهب ملا صدرا أبعد من ذلك وبما هو أقرب الى لغة الفلسفة المعاصرةِ لنا حين يقول
«أن العالم تدريجي الحصول متدرج في التكون» وهو أي هذا العالم «سيال الحصول»
والأشياء فيه «غير قارة الوجود»(4). ولكنا نتلمس العذر من فلاسفة الأمس، فليس الأمر
مرهوناً بالحدوس أو لحظات الإشراق ،على أهميتها في معرفة الحقيقة، بل أن هذه
الحقيقة غدت بحاجة الى جهود كل علماء الأرض وعلى مختلف اختصاصاتهم لكي يمكن للحظةٍ
أبيستيمولوجية أن تصبح ممكنة. صار الأمر يتعلق أذاً بتراكم معرفي وبقدرةٍ فائقة على
الأبحار بين جزر الحقائق المتنافرة والمتناثرة في محيط المعرفة الإنسانية.
وما بين فكرتي المادة الشامة والتطور المتعالي يمكننا أن نزج بواحدةٍ من أكثر
المفاهيم إثارة فيما يتعلق بحقيقة الكينونة، أنه مفهوم الخصائص الانبثاقية
proprietes emergentes تلك الناجمة عن حركة المادة الشاملة وتحولاتها. وسنرى بعد
قليل، فيما أذا كانت القضية تتعلق حقاً بحركةٍ ما جُبلت عليها كينونة الأشياء، أم
أن الأمر يؤشرلانبثاقٍ متوالٍ من لدن وجودٍ مفارقٍ لا يَعدمُ العودة والابتداء هو
الذي أسماه لويس لافيل بالحضور الخالد(5).
أ- الخصائص الانبثاقية
لقد فرضت العلوم الطبيعية على الفلسفة البحتة، وعلى يد علماء جعلوا من خلاصة
تجاربهم مُدخلاً جديداً للتفلسف، ضرورة التخلي عن بعض المفاهيم التي عفرت كثيراً
المنظومات الفلسفية مثل العدم، والشيء لذاته، فيما فرض مثل هؤلاء العلماء أنموذجاً
ولغةً جديدين جعلا من الممكن ممارسة تفكير متعقل, قادرٌ على محاورة عقلانية القرنين
الثامن عشر والتاسع عشر دون أن يستسلم لها، نقول أن مثل هؤلاء العلماء استطاعوا فرض
مفاهيم جديدة نمت في أعشاش المختبرات العلمية ثم نقلت على أيديهم لتطُّعم بها
مفاهيم الفلسفة. ومن هنا فلا يمكن وصف أفكارٍ مثل المادة الشاملة والتطور المتعالي
والخصائص الانبثاقية بالمهجنة من تزاوج العلم والفلسفة، بل هي نتاج فلسفي جاء بعد
أن نضجت وأينعت ثمار العلوم وتعمقت معارفها وأشتدت براعة طرحها. ففكرة المادة
الشاملة قد لا تعني شمولية المادة الصلبة والملموسة بقدر ما اريد لها أن تدل على ما
يمكن للمادة أن تدركه من تطور بعد أن حُكم عليها بالتفكك والتبعثر، وما ستؤول اليه
في سياقات تطورها اللاحق من لطف وتعقيد. وهي شاملةٌ لأنها منتمية الى أصولٍ كونيةٍ
غائرةٍ في الأبدية ومتجهةٌ الى ما قد يتجاوز بكثير أي مفهوم متداول عن الزمان
ولدرجةٍ لا يمكن الاحاطة بفكرة التطور الا عبر مفاهيم معقدة من مثل الزمكان
espace-temps والديمومة المبدعة La duree creatrice التي تشكل منها فلسفة بيرغسون،
على سبيل المثال مقاربةً ناجحة(6). أما أن يكون المادي من الوجود صفة لهذه
الشمولية، فالأمر يتعلق بمفهوم قلقٍ قلقاً مبدعاً، أذ أن الفيلسوف لم يعد مستعداً
لوصم الوجود المادي بالعدمية، لأنه يدرك أن فكرة المادة غدت مرتبطةً بمفهوم آخر
أكثر شمولية، هو مفهوم الطاقة المعتمة التي تعبر عن نفسها بلغة خلق الجزيئات
الأولى، وهو الأمر الذي يجعل ما هو صلب ومعتم مقترنٌ بما هو مشعٌ ومنوّر. على أن
اعتبار الوجود المادي حجر الزاوية في البحث عن الحقيقة انما يعني أن ليس هنالك من
أحدٍ من الفلاسفة بات قادراً على التنازل عن نقطة انطلاق رصينة لابد منها لكي
يُبحرَ العقلُ في فضاءِ الفكر. لقد تجاوز الفكر العلمي الحديث مشكلات العدم
واللامتناهي العددي، الأمر الذي يعني فيما يعني تجاوزاً مؤقتاً ولكنه ضروري لثنائية
الجوهر والعرض. ولقد سبق وأن ساهمت الفينومينولوجيا على يد هوسرل في فرض الظاهرة
كموجود أساسي بعد أن نزعت عنها كل ما لحق بها من ضلالة التفكر(7).
تُعرّف الخصائص الانبثاقية Les proprietes emergentes بأنها تلك السمات الجديدة
التي تظهر بشكل غير متوقع ولم يكن لها مثالٌ في كيانات سابقة عليها زمانياً. وهنالك
أشكال متعددة للانبثاق منها ما هو عبارة عن نتائج منطقية أو هو إضافة تراكمية ومنها
ما هو غير ذلك. ولا تعنينا هنا تلك الانبثاقات التي تعد نواتج متجددة لقاعدة تكوين
موجودة أصلاً. فالجدةُ الحقيقية هي تلك التي تعبر عنها سماتٌ تولد خلال خط سير
تأريخ التكوين دون أن يكون لها شبهاً مسبقاً, ونسوق هنا حقيقة أن الأوكسجين
والهيدروجين سابقان في تكوينهما لظهور الماء الذي يتكون نتيجة التحام ذرات العنصرين
وفق تناسق محدد ودقيق.(8) أن شفافية وانسيابية نسيج جزيئات الماء وتجمده في درجة
حرارة معينة وكونه عاملاً أساسياً في تكون الجزيئات الحية كلها خصائص جديدة لم تكن
قد ظهرت خلال فترة معينة من تطور الكون. والأمر يشبه الى درجة ما الاختلاف في
المعنى ما بين حروف كلمة أزرق أذا ما أخذت هذه الحروف كلاً على حده، أو حين تلفظ
بشكل مختلف قياساً بترتيب حروف كلمة أزرق حيث سنجد أن ما يوحي به ترتيب هذه الحروف
في هذه الكلمة يختلف تماماً عن أي طريقة أخرى تلفظ فيها هذه الحروف. إذ أن كلمة
أزرق تثير في المخيلة لوناً محدداً في حين لا يثير لفظ الحروف المبعثرة مثل هذا
التصور عن اللون الأزرق . وتعالج الأونطولوجيا الانبثاقية العالم الفيزيقي بطريقة
وصفية باعتباره بنى بسيطة ومركبة, ومع هذا فأن المركب من البنى هو ليس نتاج تراكم
بنىً بسيطة التركيب، إذ أن الطبقات strates التي يتكون منها العالم تشهد على الدوام
ولادة كيفيات جديدة، أي بمعنى أن هذه الكيفيات ليست ناجمة عن سمات وعلائق البنى
الأساسية التي جاءت منها، بل أن الأمر يتعلق بشمولية معمار المعلومات التي تتلقاها
هذه البنى الأساسية الأولية. ويتعلق الأمر بخصائص لم تكن من قبل شيئاً، فيما صارت
بعد ذلك حاملة لقوى سببية جديدة تؤثر على قاعدة التكوين، تلك هي المنظومة السببية
العليا التي ستصبح ذات تأثير حاسم على مسيرة التكوين الذي يسبقها زمانياً. فالأحياء
التي ظهرت على الأرض كالطحالب الزرقاء وأنواع قديمة من الفيروسات تسببت في تغيير
جوهري للغلاف الجوي. والإلكترون سابق في تكونه مقارنةً بالوعي الإنساني الذي صار
اليوم يؤثر في حركة الإلكترون في كل مرة يروم الباحث مراقبته مختبرياً. ويمكننا أن
نسوق الكثير من الأمثلة على هذا النحو.
لم تسترعي فكرة الخصائص الانبثاقية الا اهتمام عدد محدود جداً من المشتغلين بفلسفة
العلوم أو من العلماء(9)، غير أن هذا المفهوم غدى اليوم معياراً ثابتاً ومثبّتاً
لمن يريد أن لا يجنح تفكيره عن ملكوت الوجود قيد أنملة. وقد صدق إيمانوئيل ليفيناس
حين صرح بأن «السلبية غير قادرةٍ على بلوغ التعالي»(10).
ويثير مفهوم الانبثاق صعوبات فلسفية جمة من مثل طبيعة العلاقة ما بين الجديد من
السمات والأسس التكوينية للبنى، وتداخل القوى السببية العليا والسفلى، وطبيعة صورة
العالم باعتباره كينونة متراكبة. كما يحاول بعض من الفلاسفة الإجابة على أسئلة
متعلقة بحقيقة الوعي الإنساني باعتباره طفرة نوعية في الانبثاق أم أنه ينتمي الى
وسط نفساني غائر في عمق التكوين.
أ-الجسمانية الكونية corporeite cosmique La
ترى هل يمكننا حقاً أن نضع أيدينا على الظاهرة، أي ظاهرة باعتبارها ملكوتاً مستقلاً
وقائماً بذاته أم أن مفهومها هلامي يتسرب من بين أصابع يدي من يروم القبض عليه؟ ذلك
ما تجيب عنه مفاهيم الخصائص الانبثاقية وفلسفتها بطريقة حاذقة. فإذا كانت الأشياء
رهن حركة دؤوب فأن هذه الحركة ناجمة عن تداخل قوى والتي هي عين وجود هذه الظاهرة،
مثلما يعني موتها الخلاق Apoptose حيوية عودها وابتدائها. وعلينا أن ندرك على الفور
أن نظريات التطور وبمختلف اتجاهاتها ومع ما تثيره من تفاسير متباينة ومتناقضة
أحياناً في أبعادها الفلسفية الا أنها تفضي في النهاية الى قناعة باتت راسخة بحقيقة
أن الكون المنظور هو «جسمانية» corporeite خاضعة للتطور، هذا بغض النظر عن طبيعة
مكونات هذه الجسمانية واستغراق أجزائها في مسارب التطور لدرجة حصول تغيير هائل في
الطابع المادي المعروف عنها. والأمر يشبه الى حد بعيد ذلك الاختلاف ما بين خلية
غضروفية أو متقرنة في أظفر أو شعر الثدييات والتطور المهول الذي بلغته العصبونة
الدماغية neurone وما ينبثق عنها من خصائص تتجاوز عالم المادة الى عالم الوعي
والإدراك. ومن هنا سنرى بوضوح أن نظام الأصول الكونية cosmogeneses الذي تأتلف
بحسبه الظواهر في سياقات وجودات متباينة من حيث التعقيد،لا يتعارض مع قانون التطور
المكاني- الفيزيقي أو البيولوجي لأن جميع أشكال التطور تخضع الى قانون التتابع
recurrence المهيمن على كل أشكال الطاقة: فهنالك تشابه مدهش بين تطور الأجنة وتطور
المنظومات الشمسية إذ يبدأ الأمر في كليهما بما يسمى بالمحور الظهاري والذي تندفع
نحوه الخلايا لتكوين الجملة العصبية في حالة الجنين فيما تتكثف المادة السديمية في
المجرات على ما يشبه محوراً ظِِِِِِِهارياً لتظهر أجيال الشموس المختلفة!
ويقدم لنا الوسط البيولوجي، عبر تاريخ تطوره نماذج شديدة التعقيد والنجاعة والدقة
لا بل وحتى الاعتدال والاقتصاد في أشكال الاتصال. يرى الفيلسوف الفرنسي أدغار موران
في كتابه «حياة الحياة» أن عملية التطور ذاتها ما كان لها أن تبلغ ما بلغته من
صيرورة متصاعدة لولا ذلك التعدد في أساليب تبادل وتمثل المعلومات. صحيح أن النظام
البيئي لايمتلك دماغأ مركزياً أو ذاكرة واضحة المعالم (على حد ما نملك من معلومات
راهنة)، أو شبكة اتصالات واضحة، أي مستقلة في تخصص بناها، الا أن هذا النظام البيئي
بشقيه المادي والبيولوجي أنما يعد جهازاً معلوماتياً واتصالياً هائلاً لأنه وببساطة
متعدد المراكز، الأمر الذي يعني الربط الدائم بين محتويات هذا النظام. وتأتي
المجتمعات الحيوانية (حشرات، أسماك، طيور، ثدييات) كأهم البنى المركزية في التقاط
وبث المعلومات والأوامر لامتلاك أي من مجتمعات هذه الأحياء على درجة شديدة الاختلاف
من أنظمة الإشارة (شمسية، صوتية، أشارية) أو حتى أنها تمتلك لغات ثرية بمفرداتها
مثل تلك التي طورتها مجتمعات النمل والنحل. وتقوم لامركزية نظام المعلومات على وجود
دوائر أشارية مغلقة بحيث لا يتسنى للنمل الهندي مثلاً التعرف على لغة النمل
الإيطالي. وهذا يعني وجود شفرات سرية لا يسمح بتسريبها خارج نطاق هذه الدوائر. أن
العدد الهائل من أنظمة التشفير وتبادل المعلومات يساعد أيضاً في رفع كفاءة التطور
العام للنظام، أي نظام(11).
ترى ما هي العلاقة الرابطة بين تطور الذكاء وتلقف المعلومات؟ للإجابة على هذا
السؤال المهم، وبعيداً عن أن يكون التنافس ما بين الأحياء هو المصدر الأول لتطور
المعلومات علينا الإقرار بأن عامل الضرورة يدفع أقصى طاقات الكائن للاستجابة. وهذا
يعني بعبارة أخرى خضوع كل العناصر الذاتية في الأفراد ومجتمعاتهم ونظامهم البيئي
وحتى النظام الكوني الى قوانين الديمومة والاستمرار المتواصل مع حضورٍ خالد لا يخضع
لتقسيمات الماضي والحاضر والمستقبل بل هو حاضر دائم فحسب. أن الديمومة المعلوماتية
تعني وجود حركةٍ إحيائية دائبة، وفي سريان متواصل عبر مسارب الوجود برمته، ودون أن
توجد هنالك موانع تحد منها اللهم الا ما تفرضه أشكال المعمارالمعلوماتي وكيفية
هندسته لخريطة الوجود ومواقع الموجودات. وبهذا المعنى فأن الحضور الذي يتبدى من
ديمومة الذوات المادية والبيولوجية والروحية سيبدو لنا على هيئة انبثاقات متوالية
في سوّرة تطورٍ غائي.
ج- الطاقة الملموسة والطاقة الفياضة Energie radiale et tangentielle
إذاً، سوف لن تأخُذ الظاهرة بعد الآن كمفهوم عقلي مستقل بل هي نقطة تقاطع قوى
وأنظمة تسير على خط متعرج يمتد من فوضى الحركة البراونية المبدعة الى النظام العصبي
شديد الصرامة والتعقيد، وليترك لنا هذا الأمر انطباعا قوياً بإمكانية امتداد هذا
الخط حتى بلوغ أعلى مراتب الروح. أما الانبثاق المتوالي فهو النور الذي طرد فكرة
العدم حتى صار هذا الأخير، وعلى حد تعبير بيرغسون أكثر عبثية من القول بوجود دائرةٍ
مربعة الشكل. ومن هنا سندرك على الفور أن الانبثاق المستمر أنما يعود لحركة تخليقية
دائبة، وأن الأشياء لا تخرج من العدم الى الوجود بل من ظلمات «الأبيرون» العصي على
التحديد مثلما وصفه آناكسيماندر في القرن السادس قبل الميلاد. وصدق الأب تيار دو
شاردان حين وصف المادة الأولى الابيرونية بأنها «شيء ما أكثر من ذلك الفوران
البلازمي للجزيئات الأولى والذي تتولى تحليله الفيزياء المعاصرة»(12) وهذا الابيرون
الذي يسميه علماء اليوم مرةً باسم الطاقة المعتمة الخلاقة أو «جزئ هيغز» يمكننا
اعتباره الخلية الجذعية الكونية cellule souche cosmique وهو الموجود في كل لحظة
وفي كل مكان مخترقاً حواجز الوجود، وهو الضجة الكبرى big bang المتواصلة وفي كل شيء
بحالة قبض وبسط ليمكن معه أن ينبثق، وعلى حين غرة، ومن وسط يبدو وكأنه الفراغ
المطلق، وفي الفضاء السديمي المعتم، نجم مثل شمسنا، ويكأن الأمر يتعلق بسحر أو هو
حقاً سحر التفريد individuation مثلما يقول نيتشه. وهكذا ستبدو لنا كل كينونة
ملكوتاً، وكل وجود معجزة. ومثلما تنسل الخلايا التخصصية عصبية، دموية، جلدية،
عظمية... من خلية جذعية جنينية، ومثلما تحمل الحبة صفات كل السنابل المقبلة، فأن
عتمة الخلية الجذعية الكونية تحمل افتراض وجود كل ما سيكون.
ولكن هل يمكن حقاً أن نضع أيدينا على هذه الخلية الجذعية الكونية؟ للجواب على هذا
السؤال ينبغي لنا أن ندرك أن استخدام مفاهيم العلوم في أجواء الفلسفة لن يثمر الا
حين يكون بقصد انجاح المقاربات الفكرية ولأجل جعل الإدراك العلمي يجاور أجواء
الحيرة الفلسفية. إذ لا وجوداً عينياً ظاهرياً لخلية جذعية كونية وبالمواصفات
المادية لتشكّل الخلية الجذعية الجنينية، بل يتم الأمر عبر شمولية التشكل formation
وخصوصية التخليق differenciation .أن هنالك شيءٌ ما آخر، يمكن أن نفهمه على أنه
منتمياً الى نوعين متمايزين من الطاقة هما سبب دينامية الوجود برمته. وهذه
الدينامية هي المحصلة النهائية الراهنة والحاضرة دوماً لديالكتيك ذينيك النوعين من
الطاقة أولهما شعاعية فياضة وهي التي تؤلف لُب وجوهر الظواهر فيما الأخرى محسوسة
ملموسة هي الجزء المنظور من الوجود. ومن هنا فأن انتماء الظاهرة الى أصول كونية
معلوماتية أنما يعني فلسفياً قدرة الكائن الأعلى وقهره للكينونات ودفعها الى
التجاذب والتنافر والتلاقح الدائم، ذلك أن مصدر الطاقة الشعاعية المتلفع بالف ظلمةِ
غيبٍ أنما يدفع الأشياء لكي تفعل شيئاً ما، لكي تنجز وجودها وتتوالد وتخضع لتطورٍ
متصاعد، ويسوقها للانضواء في أنظمة الصيرورة الشاملة. وهكذا تغدو أي ظاهرة مركز
أشعاع وتفجر للطاقة الفياضة... ولكن بقدرٍ ودرجةٍ لا يُعلمَ لحد الآن مصدر
انتظامها. أن هيمنة الطاقة بكل أشكالها على دينامكية الوجود لا يتناقض واصرار
العلوم الفيزيقية على الاقتصار في أبحاثها على الوسط المادي خاصة بعد أن تأكد
للفيزياويين الارتباط الوثيق بين الوعي الانساني وأساليب وأدوات البحث، وبعد أن
تيقن العلماء المتفلسفون من أن كل ذرة مادة وكل نظام systeme أنما يمتلك نوعاً
مختلف الدرجة من درجات الوعي وحيث يصبح معها من المعقول القول بأن لقطعة الحديد
وعياً فيزيقياً، هو أدنى درجات الوعي، يدفعها للالتحام دوماً بذرات الأوكسجين.
وبناءاً على كل ما مر معنا فأن ارتباطاً وثيقاً ما بين فكرة الروح والمادة، ما بين
المشع والملموس جعل من الضروري الحديث بعد الآن عن الطبيعة النفسانية لكل شكل من
أشكال الطاقة، وهي أشكالٌ لا ريب متعددة ومعقدة تعدد وتعقيد ما نشاهده من ظواهر
مادية، الأمر الذي يجعل المتعدد منساقاً للالتحام في تكوينات تخضع لقانون التعقيد -
الوعي complexite-consceinc الذي ينص على أن ارتفاع وتائر تعقيد المادة يفضي بها
الى الاقتراب من درجات الوعي العليا. وقد يكون للأشكال الطاقة حضوراً داخلياً في
باطن الظواهر هو المسؤول عن تجددها واتساق أنساقها لدرجة وبما يجعل من الممكن
لمليارات الذرات أن تأتلف لتكون لنا جسم فأرٍ في حين أن ما يمتلكه هذا الحيوان من
سمات خلقية وقدرات حركة واحتيال وتوالد لا علاقة لها بكل ما لهذه الذرات من خصائص.
وسيغدو بعد الآن من الواضح تماماً أن شكلي الطاقة الشعاعية والملموسة يبقيان في
تداخل دائم لكي يخضع متعدد المادة الى حقل التخليق، كما أن هذين الشكلين يبقيان
ممتدان على عموم الوجود وعلى هيئة قوى بعضها معروف وأكثرها في طي الغيب، ونقول هنا
دون تردد أن الوجود وحقوله الدلالية (المعلوماتية) انما يمثل حضوراً ديناميكياً
حياً ونورانياً يملئ قلب من يتمثله بروعة الجلالة التي قال بها ديكارت في أحدى
فقرات تأملاته الثالثة حيث يتحدث عن الحجة الانطولوجية وباعتبار أن الأنا قادرة على
حدس اللانهائي وبأن الله هو ما يثيره عاطفة داخلية توحي بوجود جلالة أخرى(13) وبأن
هذه الجلالة يمكن تحسسها عن طريق التأمل الذي يملئ القلب بروعة الخلق أولاً
والابتهاج والحب لدرجة التعبد فيما بعد، ذلك بأن الكائن الأعلى هو عين هذه الجلالة
التي يمكن إدراكها باعتبارها غيرية شاملة alterite totale هي التي تدفع الأنا الى
تلمس دروب جديدة حيث لا يتعلق الأمر بشيء نهائي يمكن أن نستقي منه مفاهيم محددة.
ويحق لنا أن نتساءل عما أذا كان المحسوس قد أصبح أداة لتهرب الأنا من مسؤولية
اكتشاف حقيقة الوجود، إذ أن علاقة الأنا بالمحسوس هي التي تولد في النفس مشاعر
الامتلاك واللهو والاستجمام ليغدو المحسوس بعد ذلك مصدر خطرٍ يجعل الأنا في مواجهة
الموت. أن المحسوس حينما يأخذ كمصدر أوحد للحب سيغدو صنماً يدفع الى نسيان وجود
آفاق أخرى غير الإقليم المعاش، ومن هنا فأن هذه الصنمية أن بقيت على حالها ستؤدي
الى تخريب علاقتنا الحقيقية بالكينونة . وبناءاً على مثل هذا التصور يمكننا القول
أن فوران الخصائص الانبثاقية لا ينطلق فقط من مملكة المادة الصلبة فحسب، بل أن عالم
الوعي وتمثلاته الولود representations contituantes والتي تشكل دينامية العقل
الإنساني انما توضح لنا كيف أن هذا العقل في تجدد دائم رغم ما يبدو عليه من تكرار
لحالاته وعَودٍ على بدء. وقد سبق لايمانوئيل ليفيناس أن بين، في كتابه الكلية
واللانهائي، كيف أن الذات ومنذ بداية إدراكها لإقليمها وعالمها المحيط أدركت عدم
قدرتها على الاحتفاظ الدائم بمتعتها المادية واستجمامها حين تشرع بإشباع رغباتها
بما في ذلك رغبة الامتلاك، ولذا فأن وعيها سيغدو ميداناً لتوالد هذه التمثلات والتي
تقود في النهاية لتجاوز الحاجة للامتلاك الى الرغبة desir الميتافيزيقية على اختلاف
اتجاهاتها(14). وعلى نفس المنوال كان الفيلسوف الروحاني لويس لافيل قد نظر الى فعل
التفكير ليس باعتباره عملاً كأيٍ من الأعمال اليومية الدارجة، بل هو نجاعة تصورٍ
تتجاوز الفعل الفيزيقي وهو بذرة مبثوثة في كل وعي على اختلاف درجاته مثلما يمكن
اكتشاف هذه البذرة في حالة الاستجمام الذي يلي حالة إشباع الرغبات وهو الذي نصفه
مرةً بالطمع حين يتعلق الأمر بالامتلاك وبالطموح حين تتجه الأنظار الى آفاق بعيدة.
ان هذه البذرة هي النسخة الأكثر عمقاً وذكاءاً من صفحات الأنا أو هي الكوجيتو
الرباني المغروس في كل نفس. ويطلق لافيل تسمية الفعل التفكري على لحظات عودة الوعي
والتي قام بدراستها دراسة تفصيلية في كتابه «في الفعل» De l,Acte الذي ظهر في العام
1937 وكذلك في كتابه الاخر «في الروح الأنساني» De l,ame humaine . وبهذا لا يغدو
ميدان فعل التفكر منصباً على مشهد العالم المعاش، بل هو عودة الى المعنى الحقيقي
للخلق. وبعبارة أخرى فان هذا الفعل هو نوع من التسامي يدفع الأنا المفكرة للتعالي
على المعطى ابتغاء التقرب من المعطي. أي أن الأنا وسريرتها الداخلية ستظل متجهةً
الى ما هو مجاوز لكل محدود. وبالحديث عن ما أصطلح عليه لافيل بدائرة التفكر يرى هذا
الفيلسوف في اتجاه الزمان تحدباً يجعل كل مسيرة التطور البيولوجي والعقلي على اتصال
وثيق واعتماد كلي على أبدية غائبة -حاضرة. وعليه فلا غرو أن يربط الوعي ما بين عالم
الشهادة وعالم الغيب أي ما بين المنظور والخفي. ذلكم هو ملكوت الروح(15).

المصادر
ـــــــ
(*) قسم الفلسفة / جامعة واسط.
1-أنظر بهذا الخصوص رسالتنا للدكتوراه المقدمة الى كلية الآداب والعلوم الإنسانية
في جامعة بواتييه والموسومة Abbas Hamza Jabur "Matiere totale et milieu divin"
2005. p.p.231 et suivantes..
2-أنظر بهذا الخصوص RUYER "R." La genese des formes vivantes, Paris, ed.
Flammarion. 1958.
3-LUCRECE, De la nature, ed.Carnier,Paris,1931.
4-صدر الدين الشيرازي: تفسير القرآن الكريم, ج1 منشورات بيذار قم. أنظر الصفحات 45
و 74 و 81 .
5-أنظر بهذا الخصوص LAVELLE" Louis", La presence totle, Aubier, Paris, 1934
6- أنظر بهذا الخصوص كتاب البروفيسور .VIEILLARD-BARON, "J.-L.", Bergson, Ed.
P.U.F. , Paris, 1991
7- أنظر بهذا الخصوص HUSSERL, Idees directrices pour une phenomenologie.Ed.
Gallimard,Paris, 1950.
8-REEVES "Hubert" , L, heure de s, enivrer, Ed. Seuil, Paris 1986, P. 105.
9- أنظر بهذا الخصوص أعمال الفيلسوف الأمريكي المعاصر Jaegwon Kim والفيلسوف
الفرنسي Paul-Antoine Miquel.
10- أنظر بهذا الخصوص LEVINAS "E." ,Positivite et transcendence ,Ed. P.U.F. ,
Paris 2000.
11- MORIN "Edgar" ,La mathode, t2,la vie de la vie, Ed. du Seuil, Paris, 1980. P
34-35.
12- TEILHARD DE CHARDIN "Le pere Pierre" ,Le phenomene humaine ,Ed, France
Loisirs, Paris, 1990, P.55.
13- LEVINAS "E." ,Totalite et infini ,Ed. Martinus Nijhoff, 1971.P. 233.
14- نفس المصدر السابق.
15- أنظر بهذا الخصوص LAVELLE "L." ,Du temps et d,eternite, Ed. Aubier, Paris,
1945.

عبد التواب
05-19-2013, 05:55 PM
يرفع

الواضحة
05-20-2013, 10:04 AM
يرفع

جزاكم الله خيرا

الواضحة
05-20-2013, 10:06 AM
شكر الله لكم وجزاكم الله خيرا
اذا افهم ان الخواص الانبثاقية تعادل فرضية "الطفرة" في البيولوجي ...
عموما انتظر تعليقكم ايضا على المقال الذي نسخته اكن شاكرة لكم
وجزاكم الله خير الجزاء

للأسف المقال الذي أشرت إليه يا أختاه لا يظهر عندي الكلام بسبب الفونت ، لو أمكنك نسخ الكلام في هذا الشريط للاطلاع عليه يكون أفضل بالنسبة لي إن شاء الله ..

أما بخصوص الخاصة الانبثاقية أو The Emergent Property ، فهو مفهوم خرج من بعض العلماء كمحاولة لإيجاد حل وسط بين أتباع المذهب المادي الاختزالي وأتباع المذهب الروحاني ، ففي المذهب الأول يرى أنصاره أن كل خواص النفس البشرية ترجع إلى تفاعلات محضة وسريان للطاقة في الأعصاب ، وفي المذهب الثاني يرى أنصاره أن هذه الخواص الفريدة تعود لوجود روح أو كيان آخر في الجسد البشري يختلف عنه في الطبيعة والخصائص ..
لهذا السبب سعى العلماء لإيجاد جواب عن انبثاق هذه الخواص - مثل الوعي والإرادة والتفكير - من المخ البشري ، فقالوا بأن هذه الخواص انبثقت من تلقاء نفسها كنتيجة للتعقيد الواقع في الجهاز العصبي ، وخرجوا بمفهوم مفاده أن اشتراك عدة عناصر في نظام أو تركيب ما ينتج عنه انبثاق خواص جديدة لهذا النظام لم تكن موجودة في عناصره الأبسط منه ولا يمكن اختزالها لهذه العناصر ولا التنبؤ بحدوثها أو انبثاقها ..
وينقل عن أحدهم ما معناه أنه لا فرق بين أن يندمج جزيئا الأوكسجين والهيدروجين ليكونا مركبًا مختلفًا تمامًا هو الماء ذو خواص مختلفة تمامًا عن خواص غازي الأوكسجين والهيدروجين ، وبين أن تشترك الخلايا العصبية لتكون المخ الذي هو ذو خواص جديدة لم تكن موجودة في الخلايا وحدها مثل الوعي والإرادة والتفكير والذكاء ..

والحقيقة أن مفهوم الخاصية الانبثاقية نفسه ليس إلا محاولة للفرار من الاعتراف بحقيقة أن الله خلق لكل مادة خواصها الفريدة التي لا يمكن تفسيرها ماديًا ، لماذا الماء يروي ؟ ولماذا الالكترون سالب الشحنة ؟ ولماذا المرء يفكر ؟ كل هذه الأسئلة لا يمكن الإجابة عنها في إطار المذهب المادي لهذا لم يفعل القوم إلا أن اخترعوا اسمًا علميًا فخيمًا للظاهرة عندما عجزوا عن تفسيرها .. فإذا احتججت على المادي بظهور خصائص كذا أو صفات كذا التي لا يمكن التنبؤ بظهورها على هذه الصورة ولا يمكن في نفس الوقت اخترالها إلى خصائص مكوناتها الأصلية ، قالوا : هذه خواص انبثاقية !!! وكأنهم باختراع المصطلح قد أزالوا الإشكال الوارد على مذهبهم !