المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الإسلام هو الدين الحق (3) - حملة العلم في الإسلام أكـثرهم العجم



ابن سلامة القادري
05-03-2013, 11:03 PM
قال عبد الرحمن بن خلدون في (المقدمة) [593 ـ 594] :))

من الغريب أن حملة العلم في الملة الإسلامية أكثرهم العجم.(وليس في العرب حملة علم ),لا في العلوم الشرعية , ولا في العلوم العقلية ,إلا في القليل النادر ,وإن كان فيهم العربي في نسبه ,فهو أعجمي في لغته ومرباه ومشيخته ,مع أن الملة عربية ,وصاحب شريعتها عربي ,والسبب في ذلك : أن الملة في أولها لم يكن فيها علم ولا صناعة ,لمقتضى أحوال السذاجة والبداوة ,وإنما أحكام الشريعة التي هي أوامر الله ونواهيه,كان الرجال ينقلونها في صدورهم ,وقد عرفوا مأخذها من الكتاب والسنة بما تلقوه من صاحب الشرع وأصحابه,والقوم يومئذ عرب لم يعرفوا أمر التعليم والتأليف والتدوين,ولا دفعوا إليه ولا دعتهم إليه حاجة,وجرى الأمر على ذلك زمن الصحابة والتابعين وكانوا يسمون المختصين بحمل ذلك .ونقله القراء أي الذين يقرؤون الكتاب وليسوا أميين ,لأن الأمية يومئذ صفة عامة في الصحابة بما كانوا عربا,فقيل لحملة القرآن يومئذ ,قرآء ,إشارة إلى هذا,فهم قرآء لكتاب الله والسنة المأثورة عن الله,لأنهم لم يعرفوا الأحكام الشرعية إلا منه,ومن الحديث الذي هو في غالب موارده تفسير له وشرح,قال صلى الله عليه وسلم ((تركت فيكم أمرين لن تضلوا ما تمسكتم بهما :كتاب الله وسنتي)) فلما بعد النقل من لدن دولة الرشيد فما بعد, احتيج الى وضع التفاسير القرآنية ,وتقييد الحديث مخافة ضياعه,تم احتيج الى معرفة الأسانيد وتعديل الناقلين للتمييز بين الصحيح من الأسانيد وما دونه ,ثم كثر استخراج أحكام الوقائع من الكتاب والسنة,وفسد مع ذلك اللسان,فاحتيج الى وضع القوانين النحوية , وصارت العلوم الشرعية كلها ملكات في الإستنباط والإستخراج والتنظير والقياس,واحتاجت الى علوم أخرى هي وسائل لها : من معرف قوانين العربية وقوانين ذلك الإ ستنباط والقياس والذب عن العقائد الإيمانية بالأدلة لكثرة البدع والإلحاد, فصارت هذه العلوم كلها علوما ذات ملكات محتاجة الى التعليم, فاندرجت في جملة الصنائع .. .فكان صاحب صناعة النحو سيبويه, والفارسي من بعده والزجاج من بعدهما, وكلهم عجم في أنسابهم, وإنما ربوا في اللسان العربي, فاكتسبوا بالمربى ومخاطبة العرب, وصيروه قوانين وفنا لمن بعدهم, وكذلك حملة الحديث الذين حفظوه على أهل الإسلام أكثرهم عجم أو مستعجميـن باللغة والمربى لاتساع الـفن بالعراق, وكان علماء أصول الفقه كلهم عجما كما يعرف, وكذا حملة علم الكلام وكذا أكثر المفسرين ,ولم يقم بحفظ العلم وتدوينه إلا الأعاجم ...))



أقول : هذا دليل واضح على أن الإسلام هو دين عالمي كوني، و ليس دينا مختصا بالعرب، كما يزعم بعض المتأخرين.

و أنه أقنع الناس بالعقل و العلم و الأدب و ليس بالسيف.

و أنه سيبقى كذلك - كما نرى في عصرنا الحاضر - دينا عالميا له شاهد من نفسه و من أهل غير أهله الذين نزل بلغتهم،

فهو دين الله رب العلمين و الذي لن يقبل دينا سواه.