المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : تنبيه آن الأوان لتطبيق الشريعة !!!!



ابو صهيب البيضاوي
05-24-2013, 02:14 AM
آن الأوان لتطبيق الشريعة
===============
لقد كان طبيعياً جداً أن تتزامن المطالبة بتطبيق شريعة الله في عالم المسلمين بكل جوانبها، السياسية والاجتماعية والثقافية والقضائية والأخلاقية، مع حركة المد الإسلامي بعد هذه السنوات الطويلة من التجارب المريرة، والغربة الموحشة، والرحلة الشاقة من القهر والظلم والاستعمار والتسلط، وبعد أن بددت طاقات المسلمين وأهدرت كرامتهم، ومزقت أشخاصهم، وأكلت مواردهم، وسقطوا فريسة لأعدائهم ، وبعد أن حكم على إسلامهم ـ الذي كان سبب حضاراتهم ووجودهم التاريخي عملياً ـ بعدم الصلاحية، وطرح جانباً وأُقصي عن مجالات الحياة وتنظيمها حتى بدأت تسوغ ذلك فلسفات، وفرضت عليهم شرائع وقوانين لا تمت إليهم بنسب، والذي ضمن لها البقاء والاستمرار إنما هو حراب الاستعمار، والأيدي التي انتقلت إليها هذه الحراب في عصر ما بعد الاستعمار..
والأمر الذي نحب أن يكون واضحاً ابتداءً وخاصة لأولئك الذين لا يرون من حكم الإسلام إلا الجانب العقابي، ولا يفهمون من تطبيق الشريعة إلا قطع يد السارق ورجم الزاني وقتل القاتل، وينظرون إلى ذلك من خلال سلوكهم وممارساتهم.. ومن خلال المجتمعات القائمة بكل ما فيها من سرقة أموال وانتهاك أعراض واستباحة دماء، فيخرجون بنتيجة أن المجتمع الإسلامي المنشود تملؤه مجموعة من المشوهين والمطاردين بسوط الإرهاب الديني.. نريد أن نوضح لهؤلاء أن تطبيق الشريعة أو المطالبة بتطبيقها لا يعني أبداً إقامة الحدود فقط، ذلك أن الحدود لم تُشرع لإقامة المجتمع المسلم، وأن الاقتصار عليها لا يقيم المجتمع الإسلامي، ولا يعني قيام المجتمع الإسلامي، كما يتراءى لبعض البسطاء من المسلمين حيث يخادعون بذلك، وإنما شرعت لحماية المجتمع الإسلامي ووقايته؛ ذلك أن المطالبة بتطبيق الشريعة تعني أول ما تعني: التربية الإسلامية للفرد، والشورى في الحكم، والطاعة في غير معصية للحاكم، ورفض الاستبداد السياسي مهما كان، والعدل والمساواة في القضاء، وإباحة التملك بالوسائل المشروعة، وتحريم الربا والميسر والاحتكار، والتربية العسكرية الجهادية وسريان روح الجهاد والاستشهاد والاستعداد قدر الطاقة في الدفاع عن الأمة وحماية الفضيلة من أن يعبث بها أو يعتدى عليها..
أما الفهم المبتور من بعض البسطاء، أو تصوير المجتمع الإسلامي بأنه مجتمع السيوف المشرعة والسكاكين القاطعة، مجتمع الاقتصار على إيقاع العقوبات، ومن ثم لا يحكم الإسلام بعد ذلك أمور الحياة ولا ينظمها، فهذه قضية على غاية من الخطورة والإساءة للإسلام نفسه.. ذلك أن اليد التي تحارب الإسلام فكرياً في مكان قد تكون هي اليد نفسها التي تحاول تطبيقه بشكل مشوّه وفهم معوج في مكان آخر لتقتل أي أمل في التطلع إلى حكم الإسلام بعد رؤية هذه النماذج المشوهة من تطبيقات الشريعة.

بين السلطان والقرآن
ولا يخفى هنا أنه قد يكون من وسائل أعداء الإسلام ـ في حربه ـ رفع شعارات إسلامية وإبراز صور إسلامية غالية ومتطرفة، فاقدة للمقومات والمرتكزات الصحيحة، ثم ممارسة إجهاضها من الداخل للبرهنة على أن الإسلام أصبح أمراً ذا قيمة تاريخية عاجزاً عن الحياة في المجتمع المعاصر، وهذا أمر وارد وله أكثر من دليل في أكثر من موقع على خريطة العالم الإسلامي، غير أن الحقيقة أصبحت أمراً آخر، ونحن على اطمئنان أن الجماهير المسلمة في كل مكان قد تجاوزت هذه المرحلة، وأعطت ثقتها الكاملة للإسلام، وولاءها التام لشرعة بعد هذه الرحلة الشاقة من الممارسات غير الإسلامية التي خدعتها ولم تحمل لها إلا الهزائم والفرقة والتمزق والوهن وسيطرة الأعداء، وهي قادرة دائماً على التفريق بين الصور المشوهة للإسلام وبين صحة وصدق العقيدة والشريعة، وأن الفشل إنما هو في الممارسة والتطبيق وأن الثقة في المنهج باقية لا تهتز، وتكون العلة في التطبيق.
فقد ينهزم السلطان لسبب أو لآخر، وقد يتنكر السلطان للإسلام ، وقد ينفصل السلطان عن القرآن لسبب أو لآخر أيضاً، لكن على كل حال يبقى القرآن وتبقى الثقة في القرآن المعصوم القادر على بناء أمة من خلال سطوره ومبادئه في كل زمان ومكان،
قال تعالى: (والذين يمسكون بالكتاب وأقاموا الصلاة إنا لا نضع أجر المصلحين ) ( الأعراف: 170)
وروى أبو نعيم في دلائل النبوة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
(ألا إن رحى الإسلام دائرة فدوروا مع الكتاب حيث دار، ألا إن كتاب الله والسلطان سيختلفان فلا تفارقوا الكتاب.. )
وقضية أخرى، أو وسيلة أخرى من وسائل أعداء الإسلام في محاربته، وهي التشكيك في كل دعوة أو مطالبة، والتخويف من أي صورة لتطبيق شريعة الله، وتفسير المطالبة بتطبيق الشريعة أو الإقدام على بعض التشريعات التي من شأنها تطبيق الشريعة بأنها نوع من الابتزاز السياسي والنشاط الانتخابي أو اللجوء إلى التأييد الشعبي لبعض الأنظمة المتداعية بعد أن تصل إلى مرحلة ما قبل السقوط، ونحن لا نريد مناقشة صدق هذه المقولة أو دفع الاستدلال لها هنا، ولكن الذي نريد قوله: إنه لو كان ذلك حقيقة ـ كما يزعمون ـ فإن لهذه الحقيقة وجهاً آخر، مهما أغفلوه أو حاولوا تغييبه، وهو أن الإسلام هو المحرك الوحيد في حياة المسلمين وأن الجماهير المسلمة سرعان ما تتعاطف مع من يرفع شعار الإسلام، لأنه يمثل وجودها وإرادتها، وكيانها وأملها، ولا ترضى بغير حكم الله بديلاً، ولا تؤيد غيره، ولا أدل على ذلك في عالمنا الإسلامي من المبادرات العفوية التي ما نزال نلحظها عندما يرفع شعار إسلامي، أو يشرع قانون إسلامي، وما نلحظ بالمقابل من حراسات وحراب سلطات الأمن وتنوعها في فرض وحماية القوانين الوضعية، غير الإسلامية، لدرجة أصبح معها أعداء هذه الأمة يقولون صراحة: إن العالم العربي لا تنفع معه إلا سياسة العصا الغليظة، ويستدلون لذلك بالكثير من القوانين والأنظمة التي تحكم عالم المسلمين ولا تعيش إلا في ظل الحراب..
لقد كان الأولى بالذين يخافون ويخوفون من تطبيق الشريعة ـ تحت عنوان الغيرة على الإسلام، أو مصالح الناس أو حماية الأقليات التي ما طبقت الشريعة إلا وضمنت لهم العدل والمساواة ـ كان الأحرى بهم أن ينكروا ويستنكروا الاستبداد السياسي والظلم الاجتماعي، والأنظمة الجبرية والأحكام الاستثنائية وقوانين الطوارىء التي تطبق في كثير من بلدان العالم الإسلامي حيث تلغى إنسانية الإنسان وتطارد الحرية وتصادر باسم مواجهة المحتل واسترداد الأرض، الأمر الذي أضاع الحرية والأرض معاً، وكأن المفروض بالذين يدافعون العدو، ويستردون الأرض أن يكونوا طبقة من الأرقاء والمشوهين إنسانياً.. ونحن على يقين بأن كثيرين من المتنفذين في عالمنا الإسلامي يعرفون إرادة الجماهير المسلمة، يعرفون هذه الحقيقة ثم ينكرونها، لكنهم يحاولون ابتزاز هذه الجماهير في المواسم والمناسبات..
فقه التعامل
لذلك فقد يكون المطلوب، أكثر من أي وقت مضى، من دعاة الإسلام والعاملين في الحقل الإسلامي ـ إلى جانب الحيطة والحذر واليقظة الدائمة ، للحيلولة دون ممارسة عمليات الاحتواء عليهم وخوض المعارك بدمائهم، وتصفية الحسابات بين الخصوم بسواعدهم ـ أن يبرهنوا للناس أنهم دعاة أفكار ومبادئ، وحملة مقاييس منضبطة، يعرفون ما يأخذون وما يدعون، وليسوا إقطاعات بشرية لأشخاص كائنين من كانوا حتى ولو خرجوا من الصف الإسلامي نفسه، وأن المطالبة بتطبيق الشريعة ليست حكراً على أحد أو عنواناً لجماعة أو طائفة أو حزب، وإنما هي مطلب جماهيري من ورائه جميع المسلمين للتخلص من المناهج والقوانين غير الإسلامية التي كانت أداة تمزيق فرضت على العالم الإسلامي بقوة المستعمر وحراب رجاله، فأوقعت العالم الإسلامي بعد أن فرقته بوهدة التخلف، ذلك أن تطبيق القوانين والمناهج غير الإسلامية في بلاد المسلمين يورث مزيداً من التخلف، ويقتل الإبداع ويصيب المسلم بمركب النقص، ويوقع في عقدة التفوق للأجنبي، ويورث مزيداً من العطالة، ويشعر المسلم بالإثم الدائم من تعطيل شريعة الله، ولا يجد من نفسه أي احترام لقانون لا يمت إليها بصلة..
نقول قد يكون المطلوب من العاملين للإسلام، أكثر من أي وقت مضى ، التفريق بين الأفكار وبين الأشخاص، أو بعبارة أدق: الانتقال من مرحلة الأشخاص إلى مرحلة الأفكار عملياً، نعرف الحق فنلتقي عليه ونستمسك به، وندور معه حيث يدور، ونلتقي مع الأشخاص عليه ونفترق عليه، ونؤيد كل عمل وتشريع بمقياس الإسلام، ونرفض ما نرفض بمقياس الإسلام، وبذلك نبرهن على أننا أصحاب مبادىء ولسنا رجال مصالح.
وقد يكون المطلوب من العاملين للإسلام الآن أيضاً امتلاك القدرة على فقه التعامل مع المجتمعات والانفتاح أكثر وفتح منافذ جديدة للدعوة الإسلامية وامتلاك قدر أكبر من المرونة مع الإبصار الكامل والدقيق والأمين للأهداف والتقدير للإمكانات، والخروج من العزلة التي كادت تحيط بهم لتجعل منهم جسماً غريباً منفصلاً عن جسم الأمة، وتجعل لهم أهدافـًا منفصلة أيضاً عن أهداف الأمة، الأمر الذي يسهل على أعداء الإسلام ضربهم، ومن ثم القضاء عليهم تحت شتى العناوين والشعارات.
إن الوقوف عند حدود الرفض والإدانة لواقع الأمة.. والاكتفاء بالخطب الطنانة الرنانة لم ولن يغير شيئاً من هذا الواقع، وإنما ينقلب إلى حالة سلبية لا يحسن صاحبها غيرها، وقد يكون إلى حد بعيد ستاراً لإحساس بالعجز عن المدافعة في معترك الحياة وحماية لشخصية هشة عاجزة عن المواجهة وحسن التدبير والتصرف.
إن فقه التعامل مع المجتمعات الذي نرمى إليه لا يعني أبداً التعاون معها على ما هي فيه من قيم وتشريعات بعيدة عن الإسلام، كما لا يعني أبداً أن يكون دعاة الإسلام دماً جديداً في قوة الباطل، أو أن يُوظف الإسلاميون لغير الأهداف الإسلامية وإنما يعني النزول إلى الساحة وفهم واقع الناس حتى يجيء الأخذ بيدهم ثمرة لهذا الفهم ذلك أن الناس هم محل دعوة الله، وأنهم خليقون بالشفقة والإنقاذ.
إن استعلاء الإيمان الذي أراده لنا الإسلام بقوله تعالى( ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين ) (آل عمران:139) لا يخرج عن كونه ضرباً من الاعتزاز بهذا الدين، وحصانة نفسية بين المسلم وبين الهزيمة والذوبان في المجتمع غير الإسلامي رغم قوته وانتصاره الظاهري، وفقدان عملية التوازن الاجتماعي حيث لا يرى المسلم إلا أحد طريقين:
إما الذهاب إلى المجتمع والذوبان فيه وعدم العودة إلى الإسلام وانطفاء الفاعلية، وإما عمليات الرفض والإدانة والجلد للمجتمع.. الأمر الذي يحول بين المسلم ووظيفته في عملية البلاغ المبين.
إن استعلاء الإيمان هو حصانة ضمن المعركة الاجتماعية لا يعني بحال من الأحوال الكبر والاستكبار والترفع عن الناس والهروب من الساحة، وإنما يعني التواضع ولين الجانب والمرونة والابتعاد عن الفظاظة والغلو الذي يعين الشيطان على إبعاد الناس عن الإسلام ويؤدي إلى المساهمة السلبية في التنكر لهذا الدين وأتباعه.
المطلوب: فقه التعامل مع المجتمع لإنقاذه، وليس التعاون معه على الباطل، أو النكوص عن الدعوة والهروب من الساحة، والحكم على الناس غيابياً.

لقد آن الأوان لنعرف كيف نتعامل مع الصورة القائمة في حياة المسلمين، إننا مع كل من يلتزم بهذه المبادئ كائناً من كان، ولسنا مع من يتنكر لها أو يتحايل عليها كائناً من كان، ولو كان أقرب الناس إلينا، وإن كل إنسان يخطئ ويصيب إلا المعصوم؛ وإننا سنؤيد كل خطوة صوب الإسلام مع الوعي الكامل لدوافعها ووسائلها، ونرفض كل ما لا يمت للإسلام بصلة بمختلف الوسائل المتاحة..

كلمات خرجت من صدر محب لكم
دمتم بخير :)

فكر حر
06-06-2013, 02:56 PM
-عندما تجد الصومال والسعودية وايران ذوات الشريعة الاسلامية ناجحة وكل الحكومات الدينية بعدها
كلمنا عن فائدة المشروع الاسلامي

:hearts:

تحياتي