المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : هل عقيدة الاسلام اختبار صعب أم متوافق مع العقل و الفطرة ؟



ابن سلامة القادري
08-12-2013, 03:54 PM
المتشككون يعتبرون عقيدة الاسلام اختبارا صعبا للغاية للانسان من قبل الله أو شبه مستحيل خاصة إذا لم يولد مسلما أو كان يتكلم بلغة غير اللغة العربية أو كان عربيا بخلفية مسلمة لكنه لم يتلقن ما يكفي من تعاليم الاسلام و بدلا من ذلك تأثر بأفكار غربية مناقضة لهذه التعاليم أو مشوهة و مموهة للحقائق.

و قد يتصور المتشكك صعوبة الاختبار الالهي مشبها إياه بأحد أفلام الرعب و يتخيل قصة المخير بين الهدى و الضلال كإنسان مدفون في مكان سحيق من الأرض أمامه خياران اثنان لا ثالث لهما : أن يجيب على أسئلة صعبة و معقدة فيخرج سالما غانما إلى جنة عرضها السموات و الأرض أو يبقى هنالك معذبا ملقى في مكان ضيق أبد الآبدين.

مع أن الاختبار الالهي مختلف تماما و الكل يعلم أنه اختبار من الله الذي خلق الانسان و يعلم سره و جهره و يعلم مكاسبه.

و هو اختبار منه تعالى بعد العلم و إقامة الحجة واضحة. (وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا)

ثم إنه أبسط و أهون اختبار على المرء اجتيازه لاعتبارين اثنين :

أولا أن الاجابة عليه هي متوافقة كل التوافق مع الفطر و العقول و أشبه بالاجابة على 1+1 كما قال تعالى : قأقم وجهك للدين حنيفا فطرة الله التي فطر الناس عليها، و هذا ما يفسر استجابة العالمين لدعوة الاسلام.

ثانيا أن مداره الاسلام حول الاعتقاد المنطقي بوجود خالق للوجود و هو الله تعالى و برسالته الحكيمة المنزلة لصالح البشر و العالم و المعززة بالبينات، فلا أحد باستطاعته أن ينكر من قلبه بأن له خالقا على الأقل في بديهة العقل و لا ينكر أيضا بأن هذا الخالق لا بد أن يكون متفردا في صفاته و أعلى من خلقه في ذاته و أفعاله، و أنه لا يترك البشر هملا دون هداية و لا توجيه و لا حساب و لا عقاب أو ثواب.

و لا أحد يستطيع من قلبه و بديهة عقله إنكار معجزته و بينته التي يرسلها مع البشر الذين يختارهم رسلا و قد شهد التاريخ بوجودهم و تحديهم للبشر بمعجزات بينات لا قبل لهم بها، و كان القرآن آخرها و ليس ينكره إلا جاحد مكابر متكبر اختار الفساد على الصلاح و الضلال على الهدى.

و لا أحد ينكر بأن الدين الالهي و هو الاسلام الذي فطر عليه البشر يدعو لأكمل الأخلاق و أن الذين اختارهم الله لبلاغه إلى الناس هم كذلك أكمل البشر أخلاقا و هذا حال أنبياء الله و رسله عليهم السلام.

و على هذا هل من الصعب الاجابة عن هذه الأسئلة الثلاثة التي تضمنها الاختبار الالهي : من ربك ؟ ما دينك ؟ من نبيك ؟ في ضوء هذا العلم الفطري الواضح و البيان العقلي الصريح.

هل يخفى الماء العذب الزلال الصافي من المياه العكرة و هل تخفى الزهرة الجميلة العطرة من الأزهار الذابلة أو المنتنة ؟؟

إن الاختبار الالهي بعد العلم و انقطاع الحجة ليس صعبا و لا معقدا أو معجزا، إنه منسجم كل الانسجام مع الفطر و العقول، و هو في الواقع بعد صدور النتائج مجرد تحصيل حاصل، و المعنى أنه فقط لإظهار معدن كل إنسان هل هو طيب كريم أم خبيث لئيم و هل هو متواضع مسلم لربه بر بخالقه و المنعم عليه أم بمثابة العاق المستكبر الذي استحب العمى و الظلم و الحظوظ العاجلة و الشهوات العابرة الزائلة النجسة و آثرها على الهدى و العفاف و الطهر و الفضل الالهي الذي سبق في الوجود و شمل كل موجود و لا يزال مدخرا لأولياء الله إلى أن يكتمل يوم الخلود حين يقول الله تعالى لأوليائه المخلصين المتطهرين المطهرين : سلام عليكم طبتم فادخلوها خالدين.

فمن ألزمك أيها الملحد و المتشكك بعدم الايمان ؟ و ما الذي صدك عن فضل الله العظيم و هو صاحب الفضل ابتداء و انتهاء ؟
ألا فعد إلى رشدك قبل فوات الأوان فقد جاءك منه سبحانه ما يكفي من البينات، و احمد الله لأنه أنعم عليك بنعمة العقل و الاسلام و وعدك فضلا عظيما إن أنت اتقيت و صبرت، و ما نسبة هذه الحياة إلى الوجود المطلق.

الدنيا ساعة فاجعلها في رضى ربك و لا تسخطه عليك و أبشر بميلاد لك جديد إذا طهرت من ذنوبك و عيوبك و من عليك الله بمغفرة منه و رضوان يوم لقائه.

و الحمد لله رب العلمين