المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : تجربة ميلر -يوري كأيقونة من أيقونات التطور (مترجم)



صاحب العهد
10-17-2013, 05:37 AM
قررت ترجمة كتاب Icons of Evolution
مؤلفه :Jonathan Wells
مستواي ليس قوي في الترجمه لذا إعتبرت هذا الكتاب تجربه . إذا نجحت سأترجم بإذن الله كتاب صندوق دارون الأسود .
لمساعدتي بإرشادي لطرق أفضل أو لكتب أتعلم منها أصول الترجمه .
أو لمساعدتي بمشاركتي في الترجمه راسلوني عبر الفيس facebook.com/willbeclosed1

هذا عنوان من 13 عنوان في الكتاب بعنوان (تجربة ميلر-يوري)
__________________________________________
مصحوبة بموسيقي الباليه الشهيرة (قدسية الربيع) لسترافينسكي ,
تبدأ الأرض الأولية تبصر الوجود ويصاحب هذا نشاط بركاني كبير .
حمم بركانية حمراء تتدفق فوق الأرض وتسقط في البحار ,مولدة سحب دخانية بينما تلمع أضواء -برق-في السماء من أعلي

تتحرك الكاميرا لأسفل ببطء ,لتصل لعمق المحيط الهادي حيث نري بقع غامضه تتجلي في الظلام .
فجأة , حيوان صغير من خليه واحده يتحرك أمام الشاشة ,ثم تولد الحياة .

هذا المشهد من فلم كلاسكي فانتازي عام 1940 لشركة walt disney
وفيه يناديها الراوي ب
(انتساخ -تكون - دقيق بطيء جدا لما يظنه العلم حدث عبر البلايين القليلة من السنين الماضيه علي تكون هذا الكوكب )

هذا السيناريو يمثل ماكان يدور في عقل العالمين الروسي أوبارين والبريطاني هالدين ,
الذين اقترحا في عام 1920 ,أن الضوء في الجو الأولي للأرض كان هو المكون لوحدات بنائيه كيميائية للحياة .
علي الرغم أن دارون لم يبدي فهمه لأصل الحياة , لكنه توقع أنها بدأت في "بعض البرك الدافئة"
وكذلك , إفترض أوبارين وهالدين أن المواد الكيميائية التي تكونت في الجو ذابت في البحار القديمة ,لتكون "حساء ساخن مخفف hot dilute soup" ,والذي منه ظهرت الخلايا الحية الأولي

سيطرت فرضيه أوبارين -هالدين علي خيال الكثير من العلماء ,
ومن ثم أصبحت "ما يظنه العلم" حول المراحل الأولي لنشأة الحياة

لكنها بقيت فرضيه غير مختبره حتي أوائل عقد 1950 عندما قام طالب متخرج أمريكي هو ستانلي ميلر ,والمشرف علي رسالته للدكتوراه هارولد يوري
بإنتاج بعض الوحدات البنائية للحياة بواسطه تمرير وميض كهربي عبر خليط من الغازات التي اعتبروها محاكيه للجو الأولي للأرض .
شكل 2-1

تجربه ميلر -يوري 1953 أثارت شغف المجتمع العلمي بأكمله ,ومن ثم وجدت طريقها إلي كل المدارس والجامعات وكتب البيولوجي كدليل علي أن العلماء نجحوا في إظهار الخطوة الأولي لتكون الحياة .
لاتزال نظرية ميلر-يوري تسيطر علي المراجع والمجلات ووثائقيات التلفزيون كدليل علي نظرية التطور ,
لكن لأكثر من عقد معظم علماء الجيوكيمياء -الكيمياء المختصه بالأرض -كانوا علي قناعة بأن التجربه فشلت في محاكاة الظروف الأولية للأرض ,ومن ثم فهي تعني قليلا أو لا تعني أصلا شيئأ بخصوص أصل الحياة وفيما يلي الأسباب :

سيناريو أوبارين -هالدين

الخطوة الأولي في سيناريو أوبارين-هالدين هو إنتاج وحدات بناء الحياة بتأثير الضوء معتمدا بطريقة أساسية علي تكوين الجو الأولي للارض .
الجو الحالي للأرض يحوي حوالي 21 في المئة غاز أكسجين .
نميل اليوم لنعتبر أن جو غني بالأكسجين هو شيء ضروري للحياة ,لأننا بدون سنموت حتما .
لكن -وعلي النقيض-الوحدات البنائية الأولية للحياة لم يكن لها أبدا أن تتكون في مثل هذا المناخ .

نحن نحتاج الأكسجين لأن خلايانا تنتج الطاقه عبر التنفس الهوائي .(علي الرغم من أن هناك بعض البكتريها هي لاهوائيه ويمكنها العيش بدون أكسجين) .

في الواقع الكائنات الهوائيه تستخدم الأكسجين لتوليد طاقه من المركبات العضويه فهي تشبه كثيرا محركات السيارات التي تستخدم الأكسجين للحصول علي الطاقه من البنزين .
لكن أجسامنا يجب أن تصنع مركبات عضويه أيضا وإلا سوف لن ننموا أو نشفي من الامراض أو نتكاثر .
التنفس -والذي هو تكسير المركبات العضويه لإنتاج الطاقه -هو العملية المضادة للتصنيع .
يطلق الكيميائيين اليوم علي عملة التنفس -أكسدة
وعلي عملية التصنيع -إختزال .
وليس من المستغرب , أن نفس الكمية من الأكسجين الضرورية للتنفس الهوائي هي غالبا ضارة لعملية تصنيع المركبات العضوية .
شرارة كهربية داخل حاوية مغلقه من غاز المستنقعات -الميثان ربما تنتج بعض المركبات العضوية ,
لكن مع قليل من الأكسجين سوف تسبب الشرارة إنفجار .
فقط ك حاوية مغلقه منزوعة الأكسجين -مما يمنع إنفجار الميثان .
لذلك مكونات الخلايا الحية تطرد الأكسجين من عملية تصنيع المواد العضوية .

اكسجين حر في المكان الخطأ يمثل ضررا كبيرا للحياة .,والذي يدفع بعض خبراء التغذية بإخبار الناس بتناول المزيد من الفيتامينات المضادة للأكسدة .

ولأن الأكسجين الحر يمكن ان يدمر العديد من المركبات العضوية , يلجأ الكيميائون كثيرا لنزع الأكسجين وإستخدام حاويات مغلقه عند تصنيعهم أو تخزينهم للمركبات العضوية في المعمل .
لكن قبل نشأة الحياة ,حيث لم يكن هناك لا كيميائيين ولا معامل , الوحدات البنائية الكيميائية الأولي للحياة ماكان لها أن تتكون في جو عادي إلا مع إفتراض نقص الأكسجين .
والذي وصفه أوبارين وهالدين بأنه الجو الأولي للأرض -يقصد نقص الأكسجين .

الجو الحالي للأرض مؤكسد قوي .-لإحتوائه علي 21 % أكسجين .
إفترض أوبارين وهالدين العكس بالظبط .
أن الجو الأولي للأرض كان مختزل قوي جدا . -لإحتوائه علي كمية كبيرة من الهيدروجين ونقص الاكسجين .

علي وجه الدقه , إفترضوا خليطا من :
الميثان (وهو هيدروجين مندمج مع كربون)
و الأمونيا (وهو هيدروجين مندمج مع نيتروجين)
وبخار ماء (وهو هيدروجين مندمج مع أكسجين)
وغاز الهيدروجين .
تنبأ أوبارين وهالدين أن الضوء في مثل هذا الجو يمكن أن ينتج ذاتيا المركبات العضوية التي تحتاجها الخلايا الحية .


تجربة ميلر-يوري

في الوقت الذي يبدو فيه معقولا أن نفترض جو أولي مختزل قوي للأرض .يعتقد العلماء أن الأرض تكونت أساسا من سحب مكسفه من غبار نجمي وغازات . لذلك كان معقولا أن نفترض أن الجو الأولي للأرض كان يشبه الغازات داخل النجوم ,والذي يتكون بصفه أساسية من غاز الهيدروجين .

في عام 1952 , استنتج العالم هارولد يوري -الحائز علي جائزة نوبل أن الجو الأولي للأرض تكون بصفه أوليه من الهيدروجين والميثان والأمونيا وبخار الماء . مثلما تماما إفترض أوبارين وهالدين .

الطالب المتخرج علي يد يوري في جامعة شيكاجو ,ستانلي ميلر ,قام بإختبار فرضية أوبارين -هالدين عمليا .
جمع ميلر جهاز زجاجي مغلق في معمل يوري , وفرغه من الهواء
الذي استبدله بغازات الميثان والأمونيا والهيدروجين والماء .
(لو لم يزيل الهواء .سوف تفسد التجربه لحدوث إنفجار)

ثم قام بتسخين الماء وتمرير الغازات عبر شرارة كهربيه عاليه جدا لتحدث وميض .

"في نهاية الأسبوع" كان تقرير ميلر أن الماء تعكر وتحول لونه إلي الأحمر الداكن

أزال بعض هذا الناتج ,وقام بتحليلها كيميائيا واكتشف العديد من المركبات العضوية .والتي منها الجلايسين والألانين .(وهما أبسط حمضين أمينين موجودين في البروتين)

معظم نواتج التفاعل -علي الرغم من ذلك كانت مواد عضويه بسيطه جدا لا توجد في الكائنات الحية .
نشر ميلر نتائجه المبدئية عام 1953 .وبتكرار التجربة ,وجد بمساعده اخرين أنه يمكن الحصول علي أحماض أمينية أكثر أهميه بيولوجيا .وكذلك بعض المركبات العضويه الإضافية الموجودة في الكائنات الحية .
ومن ثم صارت تجربة ميلر-يوري تأكيدا لفرضية أوبارين-هالدين حول ألخطوة الأولي لنشأة الحياة .

في العقد 1960 ,علي الرغم مما سبق , كان علماء الجيوكيمياءين في بداية الطريق للتشكيك في الظروف الأولية لجو الأرض التي إفترضها أوبارين وهالدين .



هل كان الجو الأولي للأرض بالفعل ينقصه الأكسجين ؟


إفترض يوري أن الجو الأولي للأرض كان له نفس المكونات الموجوده في غازات السحب داخل النجوم .
في عام 1952 , -علي الرغم من أنها نفس العام الذي نشر فيه يوري أفكاره
لاحظ عالم الجيوكيمياء -الكيمياء الجيولوجية -هاريسون براون أن تواجد الغازات النادرة مثل النيون والأرجون والكريبتون والزينون في جو الأرض كان علي الأقل مليون مره أقل من نسبته الكونية .
واستنتج من ذلك أن الأرض يجب أن تكون فقدت الجو الأصلي لها فورا بمجرد تكونه .

في عقد 1960 ,أبدي عالم الجيوكيمياء في جامعة برنستون -هينريتش هولاند
وعالم الجيوفيزياء في معهد كارنيجي فيليب أبيلسون تأييدهما لرؤية براون .
بطريقه مستقله , إستنتج كل من هولاند و ابيلسون أن الجو الأولي للأرض لم يكن مشتقا من غازات نجميه .ولكن من غازات ناتجه علي براكين الأرض نفسها .

لم يجدا سببا ليقتنعوا أن البراكين القديمه كانت مختلفه عن البراكين الحاليه ,والتي تنتج أساسيا بخار ماء وثاني أكسيد الكربون ونيتروجين وكميات قليله جدا من الهيدروجين .
ولأن الهيدروجين خفيف جدا ,ومثله مثل الغازات النادره فإنه سرعان ما يهرب في الفضاء .

لكن لو كان المكون الأولي للجو هو بخار الماء , فهذا يعني أنه يحوي بعض الأكسجين .
علماء الجو يعلمون أن الأشعه فوق البنفسجيه من ضوء الشمس يمكنها أن تحلل بخار الماء في طبقات الجو العليا ,هذه العملية تسمي تحلل ضوئي photodissociation .حيث تنشق مركبات الماء إلي هيدروجين وأكسجين .
يهرب الهيدروجين في الفضاء ,تاركا خلفه الأكسجين في الجو .شكل 2-2

يعتقد العلماء أن معظم الأكسجين في الجو الحالي ناتج علي البناء الضوئي ,العملية التي تقوم بها النباتات الخضراء بتحويل ثاني أكسيد الكربون والماء إلي مركبات عضوية وأكسجين .
وبالرغم من ذلك , فإن التحلل الضوئي تسبب في تكوين كمية صغيره من الأكسجين حتي قبل قدوم البناء الضوئي -يقصد وجود النباتات .
والسؤال هو كم كانت كميته ؟

في عام 1965 , جادل العالمين بيركنر ومارشال بأن الأكسجين الناتج عن التحلل الضوئي لم يكن ليتجاوز واحد من ألف من نسبته الحالية في جو الأرض ,وربما أقل بكثير .

لم يتفق معهم عالم الجيوفيزياء برنكمان بمعهد كاليفورنيا للتكنولوجيا ,مصرحا
(تركيزات ملموسه من الأكسجين ربما تطورت في جو الأرض بكميه ربما تصل إلي ربع الكمية الحالية في الجو الأن) قبل وجود البناء الضوئي .

ولأن الجدال في هذه المسائل النظرية اتسع , فإن الكثير من العلماء يختارون إما الرأي الاول وإما الرأي الأخر :
عالم الجيولوجي الأسترالي كرافر أكد رؤية برنكمان
بينما الجيولي جيمس كاستنج اتفق مع رؤية بركنر ومارشال ,
فالمسألة إذن ستبقي جدلا ولن تجد حل .

الدليل من الصخور القديمة لم يكن حاسما ,فبعض الصخور المترسبه القديمة تحوي يورينات -أحد مركبات اليورانيوم فقيرة الأكسجين -والذي يلزم بعض الجيولوجيين لإفتراض ان هذه الترسيبات ربما ترسبت في جو قليل الاكسجين .
لكن الجيولوجيين الاخرين ,يشيروا أن اليورينات توجد أيض في صخور تكونت في مرحلة متأخرة في الجو الحديث الغني بالأكسجين .

الترسيات الغنيه بعينات من الحديد الاحمر عالي التأكسد كانت هي الدليل الذي استنتجت منه كمية الأكسجين في الجو الأولي .
الجيولوجي جيمس وولكر جادل بأن ظهور هذه الصفائح الحمراء منذ 2 بليون عام مضي .يشير لبداية الجو الهوائي .
لكن الصفائح الحمراء توجد أيضا في صخور أبعد من 2 بليون عام ,
وكذلك الجيولوجيين الكنديين ايرتش ديمروث ومايكل كيمبرلي كتبا عام 1979 أنهما لا يريا دليلا في التوزع الترسيبي للحديد
(أن الجو الذي فيه أكسجين حر لابد وأنه وجد في أي مرحلة زمنيه عبر الفتره العمرية للتاريخ الجيولوجي في صخور ترسيبيه محفوظه جيدا)
(تعليق: وبالتالي يمكن أن يترسب عليها هذا الحديد في اي مرحله قريبه تاليه )

وكذلك أيضا ,استخدم الدليل البيوكيميائي ليستنتج من كمية الأكسجين الأولية
ففي عام 1975 أخبر البيولوجييين ليمسدين و دي.أو.هول أن إنزيما معينا (superoxidase dismutase) يستخدم بواسطه الخلايا الحية لتحمي نفسها من التأثير المدمر للأكسجين الموجود حتي داخل الكائنات التي أسلافها يظن أنها وجدت قبل ظهور البناء الضوئي .
وبالتالي استنتجا أن الإنزيم لابد وأنه تطور ليحميها ضد الأكسجين الأولي الناتج عن التحلل الضوئي .

ولذلك فإن النماذج النظرية تشير إلي وجود بعض الأكسجين الأولي ,لكن لا أحد يعرف كم كانت كميته ؟
الدليل من الصخور لم يكن حاسما , والدليل البيوكيميائي يبدو أنه يشير إلي كميه ملحوظه من الأكسجين تكونت بواسطه التحلل الضوئي.
الجدل هاج وإزداد من عقد 1960 حتي أوائل عقد 1980 ,ثم تلاشي من العرض .
__________________________________
إعلان نهاية الجدل

في عام 1977 الباحثين عن أصل الحياة سيدني فوكس وكلاوس دوز أخبرا أن السبب الرئيسي للقبول بأن الجو الأولي للأرض لم يكن يحتوي كميه ملحوظه من الأكسجين , هو أن التجارب الكيميائية المعملية تظهر أن التطور الكيميائي يثبط بقوة بواسطه الأكسجين .
وكذلك كتب جيمس وولكر بأن هذا أقوي دليل بأن الجو الأولي للأرض كان مهيئ بظروف معينه لنشأة الحياة ,وبالتالي فإن جوا مختزلي يمثل ضرورة لتحقيق ذلك .

المشاركين في مؤتمر 1982 حول أصل الحياة (وكان من بينهم ستانلي ميلر) وافقوا أنه لا يمكن أن يكون قد وجد أكسجين حر في الجو الأولي للأرض ,
لأن الوضعية المختلزله هي شيء ضروري جدا لتصنيع المركبات العضوية لنشأة الحياة .

في نفس العام ,كتب الجوجيان هاري كليمي ونيك بادهام أن الدليل يظهر أنه
(منذ وقت ظهور الصخور المبكره المؤرخه ب 3,7 بليون عام مضي ,فإن الأرض تحتوي جو مؤكسدا)
وصرحا أيضا بأنه التصريح بأن جو الأرض كان ينقصه الأكسجين ليست سوي عقيده
(دوجما)

لكن الدليل الجيولوجي والبيوكيميائي ,لم يعودا مهما أو ذا شأن لأن الكثير من العلماء المتأثرين بطريقه أخري قررا أن تجربة ميلر-يوري أظهر الخطوة الأولي في نشأة الحياة وأنهم ببساطه أعلنوا أن الجو الأولي للأرض لابد أنه كان ناقصا الأكسجين .

كليمي وبادهام كانوا علي صواب .الدوجما أي العقيده حلت محل العلم التجريبي .

من المنظور العلمي , هذه الدوجما تضع العربه أمام الحصان .نجحت تجربه ميلر-يوري في تصنيع جزيئات عضوية , لكن السؤال لم يكن عن إمكانية تصنيعها بالمعمل ؟ فنحن بالفعل نستطيع ذلك ,وصنعناه منذ سنين .
يمكن تصنيعها في المعمل حتي في وجود الجو العادي المؤكسد القوي , لأن الكيميائيين ينشئون بيئات معين خاصه والتي منها يمكن إنتزاع وطرد الأكسجين أو إبقائه تحت نسب منخفضه جدا جدا .
نجاح تجربة ميلر-يوري لايثبت أن الجو الأولي كان ينقصه الأكسجين

بوضوح , بعض الأدلة الجيولوجيه والبيوكيميائية تشير إلي وجود الأكسجين في الجو الأولي ,ولذلك فإن
هذه القضيه لم تكن تناقش بحرارة بين الجيولوجيين والبيولوجيين من عام 1960 إلي 1980 .
لكن الحقيقه تخبرنا أن الدليل علي وجود الأكسجين الاولي مايزال موجودا .
ففي عام 1996 ,راجع هذا الدليل عالم الحفريات البيوجي في معهد سميثونيان كينيث توي واستنتج أنه
(من المرجح جدا أن الأرض الأولية إحتوت أكسجين حر )

الدليل الذي أشار إليه توي يتم تجاهله دوما بين الباحثين المختصين بأصل الحياة ,وياللسخريه ,بالرغم من ذلك ,لم ينقذ هذا الفصل التعسفي للأدلة تجربة ميلر-يوري

بالرغم أن الجيوكيميائيين إنقسموا بشده حول قضية الأكسجين ,فإنهم للتو وصلوا لشبه إجماع بأن الجو الأولي للأرض لم يكن أبد شبيها بذلك الخاص بتجربة ميلر .

___________________________________________
تجربة ميلر-يوري تفشل علي أية حال

إستنتج هولاند وأبيلسون في عقد 1960 ,أن الجو الأولي للأرض كان مصدره العازات المتصاعده من البراكيين , ويتكون بصورة أساسية من بخار الماء والنيتروجين وكميات ضئيله من الهيدروجين .بينما يهرب معظم الهيدروجين في الفضاء .ومن ثم فلن يوجد هيدروجين كافي لإختزال ثاني أكسيد الكربون والنيتروجين ,ولذلك فإن الميثان والأمونيا لن يكون المكون الأساسي للجو الاولي للأرض .
شكل 2-3

لاحظ أبيلسون أيضا ,أن الأمونيا تمتص الأشعه فوق البنفسجيه من ضوء الشمس ,ومن ثم فإنها تتدمر سريعا بها .
لأبعد من هذا , فلو أن كمية كبيره من الميثان وجدت في الجو الأولي ,فإن الصخور الأولية كان يجب أن تحتوي علي نسبه عاليه من المركبات العضوية .
وهذه ليست المشكلة ,فقد لخص أبليسون قائلا
(ماهو الدليل علي ان جو الأرض الاولي كان مكونا من ميثان وأمونيا !؟)
والإجابه هي (أنه لا دليل علي ذلك , لكن الكثير ضد ذلك) منقوله من الاصل

بكلمات أخري , فإن سيناريو أوبارين -هالدين كان خاطئا ,والجو الأولي لم يكن خليطا مختزلا قويا كما صورته تجربت ميلر .

علماء اخرين وافقوا علي هذا .في عام 1975 أعلن البيوكيميائي مارسيل فلوركين أن
(تصور جو أولي مختزل باتت مهجورة)
وأن تجربة ميلر-يوري (لا تعتبر الأن كافيه جيولوجيا)

وعلي الرغم أن سيدني فوكس وكلاوس دور جادلا بأن الجو الأولي للأرض كان ناقصا الاكسجين ,
فإنهما اعترفا عام 1977 أن الجو المختزل (لا تبدو حقيقه جيولوجيه بسبب أن الدليل يشير إلي أن معظم الهيدروجين الحر ربما إختفي في الفضاء الخارجي .أو أن ما تبقي من الميثان والأمونيا تم تأكسدهم)

بناءا علي فوكس ودوز ,فإنه بالرغم أن تجربه ميلر-يوري تبدأ بخليط غازي خاطيء ,فإنها أيضا( لا تمثل حقيقة جيولوجية أولية عن الأرض ,لأنه لم تتخذ إجراءات لإزالة الهيدروجين من الجهاز
)

أثناء تجربة ميلر-يوري يتراكم غاز الهيدروجين ليصل إلي 76 % من الخليط ,لكنه في الجو الأولي للأرض المفروض أنه يهرب إلي الفضاء .
وبالتالي استنتج فوكس ودوز أن
(الإستدلال بأن تجربة ميلر لا تمثل أهمية جيولوجيه صار منتشرا علي نطاق واسع)

منذ عام 1977 ,استحوز هذا العرض علي شبه إجماع من الجيولوجيين الكيميائيين .
مثلما كتب جون كوهين في مجلة العلم عام 1995
أن الكثير من الباحثين اليوم في أصل الحياة يتلاشون تجربه 1953
لأن (الجو الأولي للأرض يبدو لاشيء بالمقارنه بالمحاكاة في تجربة ميلر)

ماذا بعد ! ربما بخار الماء -ثاني أكسيد الكربون -النيتروجين يدعموا نظرية ميلر بعض الشيء
بعد إستثناء الاكسجين .
لكن اخبر فوكس ودوز في عام 1977 انه لا تنتج أحماض أمينيه عند تعريض خليط منهم فقط لشرارة كهربيه .
ولاحظ هينريتش هولاند عام 1984 أن
(الناتج والتنوع في المركبات العضويه يقل كثيرا )عند إزالة الميثان والأمونيا من الخليط عند بدء التجربه .
بالنسبه لهولاند فإن خليط من ثاني أكسيد الكربون والنيتروجين والماء سوف لن ينتج أحماض أمينية أبدا .

في عام 1983 أخبر ميلر أنه وزميله كانوا قادرين علي انتاج كميه صغيره من أبسط الأحماض الأمبينيه جلايسين , عن تعريض شرارة كهربيه لخليط من أول اكسيد الكربون وثاني اكسيد الكربون بدلا من الميثان ,وكذلك مع وجود الهيدروجين .
لكنه اعترف أن الجلايسين كان أقصي نجاح يمكن الوصول إليه في غياب الميثان .

وكما كتب جون هورجان في مجلة سيانتفيك أميركا SCIENTIFIC AMERICA
عام 1991 , أن جوا مكونا من ثاني اكسيد الكربون والنيتروجين وبخار الماء سوف لن تفضي إلي تصنيع أحماض أمينيه .

الخلاصه واضحه :لو تجربه ميلر-يوري أعيدت بإستخدام محاكاة حقيقه لجو الأرض الأولي ,فلن تعمل ,ومن ثم فإن الباحثين عن أصل الحياة وجب عليهم أن يبحثوا عن شيء اخر .

_________________________________________________
عالم من الحمض النووي الريبي RNA

نظرا لأن نظرية ميلر-يوري فشلت في تفسير كيف أن البروتينات تكونت علي الأرض الأولية ,فقد إعتبر الباحيثين عن أصل الحياة إحتماليه أخري بأن البروتينات لم تكن هي الوحدات الجزيئية الأولي للحياة .
وكذلك ال DNA الحمض النووي الريبي منزوع الاكسجين ليس مرشحا جيدا ,لأنه يحتاج كم معقد من البروتينات لتصنيع نسخ منه .
ومن ثم فالدي إن إيه DNA لايمكن أن يكون تكون قبل البروتينات .وبالتالي لايمكن أن يكون مرحلة أولي لأصل الحياة .
وبالتالي فإن مرشح أخر هو ال RNA الحمض النووي الريبي ,
مركب كيميائي قريب من الDNA - يستخدم بواسطة كل الخلايا الحية في عملية تصنيع البروتينات

في عقد 1980 أظهر العالمان البيولوجيان توماس كيتش وسيدني ألتمان أن ال RNA الحمض النووي الريبي يستطيع أن يعمل مثل الإنزيمات في بعض الاوقات ,وبالتالي مثل البروتينات .

عالم بيولوجي اخر هو وولتر جلبرت إقترح أن الحمض الريبي RNA ربما يكون قادر علي تصنيع نفسه في غياب البروتينات ,ومن ثم فربما يكون ظهر قبل البروتينات وال DNA .

هذا العالم من الحمض الريبي RNA ربما شكل مهد -بداية -الحياة الجزيئية والتي منها ظهرت الخلايا الحية .

لكن لا أحد يظهر كيف أن الحمض الريبي RNA يمكن أن يوجد قبل وجود الخلايا الحية التي يصنع فيها .

بناءا علي البيوكيميائي جيرالد جويسي ,فإن الحمض الريبي RNA ليس مقبولا كمرشح كوحده بنائية أولية للحياة لأنه من غير المرجح ان توجد منه كميات ملحوظه في الأرض الأولية

حتي لو أمكن وجود هذه الأحماض الريبيه RNA ,فإنها لن تبقي علي الحياة طويلا في ظل هذه الظروف التي مرت بها الأرض الأولية .

لخص ذلك جويسي قائلا :
(التفسير الأكثر عقلانيه هو أن الحياة لم تبدأ ب RNA)
بالرغم من أنه مازال يعتقد بوجود عالم من ال RNA قبل ظهور ال DNA
لكنه يؤمن أن عالما من الخلايا سبق هذا العالم من ال RNA
وقال عام 1998 :
(لايجب أن تبني رجل القش علي رجل القش ) لتحصل علي نقطه ان ال RNA أول مركب بيوكيميائي
(تعليق : مشيرا إلي مغالطه منطقيه تسمي المغالطة البهلوانية او مغالطة رجل القش : وهي نوع من أنواع الإدعائات قائمة على تحريف الموقف المعارض، بتفنيد شكل الحجة بحيث يوحي أن الحجة المعاكسة صحيحة.
يعني أن تحريف الفكره الاولي لايستدعي بالضرورة القبول بالفكره الثانيه .والله أعلم)

بطريقة أخري , فإن عالم من ال RNA مثله مثل سيناريو تجربة ميلر-يوري
نهاية مسدودة !

الباحثين في مجال أصل الحياة صاروا غير قادرين علي عرض كيف تكون الوحدات البنائية الجزيئية علي سطح الأرض ,ولكن حتي لو نجحوا في إكتشاف أصل الوحدات البنائية ,سوف يبقي أصل الحياة غامضا .
بحيث يستطيع الكيميائي أن يخلط كل الوحدات الكيميائية البنائية في أنابيب اختبار ولن تنتج له خلايا حيه بعد كل هذا .

مشكلة أصل الحياة هي مشكلة صعبة جدا , لدرجة أن الباحث الألماني كلاوس دوز كتب عام 1988 أن النظرية الحالية هي عبارة عن (مخطط من جهل ,وبدون رؤي جديدة واقعية في عملة التطور ,فإن الجهل مرجح أن يستمر)

في عام 1998 ,بمقارنة البحث العلمي عن أصل الحياة بالقصة البوليسية ,إعترف ليسلي أورجيل :
(أننا بعيدين جدا من معرفة الجاني)

وكذلك علق الكاتب العلمي في مجلة نيويوك تايمز نيكولاز ويد عام 2000
(كل شيء حول أصل الحياة هو غامض ,ويبدو أنه كلما إزدادت معرفتنا بالأمر كلما إزدادت حدة اللغز)

لذا فإننا لانزال وبعمق جاهلين بكيفية نشأة الحياة .
وحتي الأن يستمر إستخدام تجربة يوري ميلر كأيقونة أو دليل علي التطور ,رغم عدم ظهور جديد !
وبدلا من إظهار الحقيقة ,فنحن يتم تغييبنا وخداعنا بأن العلماء أظهروا تجريبيا الخطوة الأولي لأصل الحياة .

__________________________________________
تجربة ميلر يوري كأيقونة من أيقونات التطور

عدد مارس 1998 من مجلة ناشيونال جيوجرافيك حمل صورة ل ميلر واقفا بجانب الجهاز الخاص بتجربته . وكان التعليق
(ظروف مقاربة لجو الأرض المبكر في تجربة 1952 ,التي قام بها ستانلي ميلر -المتواجد الان بجامعة كاليفورنيا -منتجا أحماضا أمينية , وبمجرد تجهيزك للجهاز يكون صناعة الاحماض الأمينية شيئا سهلا)


بعد صفحات عديدة ,يشرح المقال الخاص ب ناشيونال جيوجرافيك قائلا :
(الكثير من العلماء الان يشك بأن الجو الأولي للأرض كان مختلف عن ذلك الذي إفترضه ميلر)
لكن صورة أسوء من ألفف كلمة ,
خاصة إذا ما استخدم التعليق بطريقه مخادعه ودفنت الحقيقة في داخل المقال !

حتي القارئ الحذر يجد نفسه محمولا علي إنطباع أن تجربة ميلر-يوري تظهر كم هو سهلا أن تظهر الحياة في الأرض المبكرة .


الكثير من كتب البيولوجي تستخدم نفس المفاهيم المخادعة .
في طبعة 2000 لأحد أكثر الكتب البيولوجيه شيوعا في المدارس العليا الذي يؤلفه كينيث ميلر وجوزيف ليفين
يتضمن صورة لجهاز تجربة ميلر-يوري ومعلقا عليه :
(عن طريق إعادة تخليق الجو الأولي للأرض "أمونيا -ماء -هيدروجين -ميثان" ثم تمرير شرارة كهربيه عبر الخليط .استطاع ميلر ويوري أن يثبتا أن المواد العضوية مثل الأحماض الأمينية يمكن أن تكون تكونت بطريقه تلقائية)

مثل مقال ال ناشيونال جيوجرافيك كذلك دفن كتاب ميلر-ليفين التنصل من التجربة داخل النص :
(ظنون ميلر حول الجول الأصلي للأرض ربما كانت غير صحيحة)
لكن هذا يتم تليينه إضافة أن تجارب أخري مع مخاليط أخري (أيضا أنتجت نفس المكونات البيولوجية )
علي أية حال ,فالكتب البيولوجيه مصرة تماما أن الجو القديم للأرض (لم يكن يحتوي غاز الأكسجين).

الكتاب الجامعي الصادر عام 1998 ,الحياة :علم البيولوجي
الصادر عن وليام بورفيس وجوردون أريانس وكرايج هيللر وديفيد سادافا يخبر الطلاب أن ستانلي ميلر أنتج (الوحدات البنائية للحياة)
مستخدما (جو مختلزل مثل ذلك الذي كان موجودا علي الأرض في القديم),ولا يتعرض لأي تنبيه علي أن معظم العلماء اليوم يعتقدوا أن تجربة ميلر-يوري فشلت في محاكات الظروف الفعلية للأرض المبكرة .

حتي في الكتب البيولوجية المتقدمة يتم تحريف الحقيقة ,
في إصدار عام 1998 لكتاب دوجلاس فيوتيما البيولوجيا التطورية
يتضمن رسمه ل (الجهاز الذي استخدمه ميلر لتصنيع مركبات عضوية محاكيا جو الأرض المبكر)
الشيء الوحيد الذي كان علي فيوتيما أن يقوله بخصوص الجدل حول الأكسجين الأولي هو أن
(في وقت الحياة الأولي ,كان الجو بالفعل خالي من الأكسجين)

في النسخة الأخيرة من كتاب البيولوجيا الجزيئية للخلية ,
كتاب في مستوي الطلاب المتخرجين كتبه رئيس الأكاديمية الوطنية للعلوم بروس ألبيرتس ورفاقه ,
مميزا نظرية ميلر -يوري واصفا إياها ب
(تجربه نموذجية تحاكي الظروف التي مرت بها الأرض المبكرة الأولية)
الكلام المصاحب يصر بأن الجزيئات العضوية
(من المرجح أنها نتجت تحت مثل هذه الظروف .وأفضل دليل علي ذلك يأتي من التجارب المعملية )

في كتيب الأكاديمية الوطنية للعلوم الصادر عام 1999
إستمر التحريف كاتبا :
(التجارب تفضي تحت ظروف محاكية لتلك التي كانت عليها الأرض الأولية أنتجت بعض المكونات الكيميائية للبروتينات)
هذا الكتاب يتضمن مقدمة بروس ألبيرتس الذي أكد من البداية أن
(العلم والكذب لايمكن أن يجتمعا)
هذا يعد أمر مزعج أكثر من اساءة إستخدام تجربة ميلر-يوري بواسطة ناشيونال جيوجرافيك أو مراجع البيولوجي .
فالأكاديمية الوطنية للعلوم هي المنظمة العلمية الرئيسة في أمريكا ,بتكليف من الكونجرس عام 1863 لتقديم المشورة للحكومة بشأن المسائل العلمية .
تضم الكثير من أعظم علماء أمريكا .هل هم بالفعل يوافقون علي تضليل الجمهور حول أدلة التطور ؟
أم هل هذا يحدث بدون معرفة الأعضاء ؟
ماذا من المفترض علي الشعب الأمريكي أن يظن ؟

وكما سنري في الفصول القادمة , فالكتيبات الصادرة مؤخرا عن الأكاديمية الوطنية تحوي عبارات أخري مخادعة ومزيفه حول التطور أيضا .

بكل وضوح ,نحن لا نتعامل هنا مع خطأ معين يمكن عزله وجد في مرجع .إنما تأثيرات هذا علي العلوم الأمريكية قوي وذو مدي بعيد جدا .

في عام 1986 ,كتب الكيميائي روبيرت شابيرو كتابا ينتقد فيه الكثير من الجوانب في البحث عن أصل الحياة .
كان بالذات منتقدا الجدل بأن تجربة -ميلر-يوري تثبت أن الجو الأولي للأرض كان مختزلا قويا .
كتب يقول :
(وصلنا إلي موقف حاسم ,
عندما تقبل نظرية عند البعض كحقيقه ,يتم إخفاء الدليل المعارض ورميه جانبا)
لخص ذلك بأن هذه هي (أساطير أكثر من كونها علم) !
فهل نحن ندرس طلابنا البيولوجيين أساطير أكثر من كونها علم !؟

د. هشام عزمي
10-17-2013, 08:25 AM
أحييك أخي الفاضل على هذه المبادرة الرائعة ، بارك الله فيك

أبو يحيى الموحد
10-17-2013, 12:29 PM
متابعون ... فكرة رائعة

elserdap
10-17-2013, 06:18 PM
ما شاء الله
بحث أكثر من رائع أخي الكريم صاحب العهد
ننتظر بشغف باقي فصول الكتاب ؛
فقد استفدت كثيرا من الفصل المترجم فجزاك الله خير الجزاء
وحبذا في مشاريع ترجمة كبيرة كهذه أن يتم نشر الكتاب بعد ترجمته على أوسع نطاق ويكون كأحد إهداءات المنتدى للضيوف
وفقك الباري أخي الحبيب وبارك في جهدك ووقتك