المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : التناظر بين أطراف الفقاريات كأيقونة من أيقونات التطور (مترجم)



صاحب العهد
11-25-2013, 04:00 PM
ترجمة كتاب Icons of Evolution
مؤلفه :Jonathan Wells
يشاركني في الترجمة الأخ أبوشريف ,للإنضمام إلينا راسلني علي facebook.com/willbeclosed1
الهدف : إكمال ترجمه هذا الكتاب , وترجمة كتاب صندوق داروين الأسود .
هذا فصل جديد من 11 فصل في الكتاب بعنوان (التناظر بين أطراف الفقاريات)
الفصول السابقة :
1- (نظرية ميلر-يوري) هنا http://goo.gl/ZOYbJi
2-(عصافير داروين) هنا http://goo.gl/hvWvoo
3- (الأركيوبتركس) هنا http://goo.gl/0xzStz

ونعتذر عن عدم جودة الترجمة , وعن وجود أخطاء إملائية , ونعد إن شاء الله قبل صدور الكتاب أننا سنعيد مراجعة الترجمة وتوضيح المبهم والمهمل .
____________________________
لاحظ البيولوجين منذ عهد أرسطو أن الكائنات المختلفه جدا عن بعضها ربما تشارك

بعضها في تشابهات ملحوظة .
أحد هذه التشابهات هو وظيفي :
الفراشه لديها جناحان لتطير وكذلك الخفاش .ولكن الحيوانان بناؤهما تم بطريقه مختلفه

تماما .
مثال اخر علي هذه التشابهات هو تركيبي بنائي :
نموذج العظام في جناح خفاش يشبه نظيره في زعنفة دولفين
الجناح يتستخدم للطيران والزعنفة تستخدم للعوم .

في عقد الأربعينات 1840 عالم التشريح البريطاني ريتشارد أوين سمي النوع الأول

من التشابه analogy
والثاني homology
في هذا الوقت ,التمييز بينهما كان خادما أساسيا ساعدهم علي التصنيف البيولوجي

analogy تشير للتشابه الوظيفي وبالتالي التكيف للظروف الخارجيه
بينما
homology تشير للقرابة التركيبيه العميقة
والتي اعتبرت المرشد الأكثر إعتمادا في تصنيف الكائنات معا إلي عائلات ورتب
وطوائف وشعب.

تعد الأطراف الأماميه في الفقاريات من الأمثلة المتميزه علي هذا التشابه التركيبي .
علي الرغم من أن الخفاش عنده أجنحه للطيران . الدولفين عنده زعانف للعوم .
الحصان عنده أرجل للجري .والإنسان عنده أيدي لتناول الطعام ,
الطراز العظمي في الأطراف الأماميه متشابه .
شكل 4-1

مثل هذه التشابهات الهيكلية ,بالإضافه إلي تقارب داخلي مثل الدم الحار وإنتاج اللبن .
تدفعنا لتصنيف كل هذه المخلوقات ك ثدييات .علي الرغم من إختلافها الخارجي .

مثل غيره من البيولوجيين قبل دارون ,اعتبر أوين الخصائص المتشابهه بين الكائنات

أنها انحرفت عن بدائي -نموذج أصلي - مشترك
A common archetype
النموذج الأصلي علي الرغم من ذلك ,يمكن فهمه بطرق عديدة
-فكرة أفلاطون اللاجسديه
متمثله في خطة من الخالق ,وهذه صيغه موروثه من أرسطو في كلامه عن تركيب
الطبيعه .أو في نموذج كائن أولي كما تحدث أوين وداروين .لكن أوين لم يكن

تطوري .
بينما أوين نظر إلي الكائنات علي أنها مبنيه علي خطه مشتركه
نظر إليها داروين علي أنها منحدرة من سلف مشترك .

في أصل الأنواع ,جادل دارون كثيرا بأن أفضل تفسير للتشابه هو الإنحدار من سلف

مع التكيف
-لو افترضنا أن سلف أوليا مبكرا
-النموذج الأصلي كما يسمي- لكل الثدييات والطيور والزواحف يملك هذه الأطراف

الأذرع مثلا .مبني علي نموذج أو طراز موجود بالفعل ..فإن ..
التشابه في نطاق العظام في يد رجل ,جناح خفاش ,زعنفة دولفين ,أرجل حصان ..

علي التو تفسر نفسها في نظرية الإنحدار مع تكيف بطيء خفيف)

إعتبر دارون التناظر homology دليلا هاما عي التطور مصنفا إياه بين الحقائق التي

(تدعي بصراحه وببساطه أن الأنواع والأجناس والعائلات التي لا حصر لها والتي

تعمر هذا العالم هي كلها منحدره -كل داخل صفه ومجموعته -من أباء مشتركين)

هذا الربط بين التناظر وبين السلف المشترك كان مركزيا جدا في نظرية دارون

لدرجة أن أتباعه بالفعل أعادو تعريف التناظر homology ليعني الصفات الموروثه

من سلف مشترك .
حتي بعد أن أعادوا تسميته ,علي الرغم من ذلك لايزال التبرير الدارويني غير

متكامل بدون الأليه لتفسير لماذا هذه الخصائص المتشابهة كانت متشابهة جدا في

كائنات مختلفه .
عندما ظهرت الدارونية الحديثه في العقدين 1930 و1940 كان يبدو أن لديها حلا لهذه

المشكله .:-
وهو أن الخصائص المتناظره هي منتسبة لجينات متشابهة ورثت من السلف المشترك

.

يستمر الدارونيون الجدد في إستخدام التناظر كدليل علي نظريتهم .
في الحقيقه ,بجانب شجرة الحياة التطورية ,يعد التناظر في أطراف الفقاريات الدليل

أو الأيقونة الأكثر شهرة في كتب البيولوجي .
لكن هذه الأيقونة تخفي مشكلتين خطيرتين :
الأولي ,لو أن التناظر تم تعريفه أن تشابه بسبب السلف المشترك ,ستكون هذه مغالطة

منطقيه تسمي الإستدلال الدائري
لتصل بها لإستنتاج وجود سلف مشترك .
(تعليق : جمله 1 التناظر هو تشابه بسبب سلف مشترك
جملة 2 هناك تناظر بين كائنين إذن هناك سلف مشترك !)
والثاني :ان البيولوجيين أدركوا لعقود أن هذه التناظرات بين الكائنات ليست بسبب

الجينات المتشابهة , لذلك ف الأليه التي تنتج بها غير معلومة .
________________________
إعادة تعريف التناظر homology

بالنسبه للدارون التناظر كان تشابهات تركيبيه تفسر بواسطة السلف المشترك .
علي سبيل المثال ,تركيب عين الإنسان ,حتي الأن البيولوجين لا يعتقدون أن السلف

المشترك للأخطبوط والإنسان يملك عين .
أما إذا أردت أن تؤكد علينا بأن التناظرات هي فقط التراكيب المتشابهة الموروثه من

سلف مشترك ,
فأنت -أتباع دارون-قد أعدت تعريف التناظر ليعني تشابه بسبب سلف مشترك .

قبل دارون (وأيضا بالنسبة لدارون شخصيا) تعريف التناظر كان تشابه في التركيب

والمكان
(مثل نماذج العظام في أطراف الفقاريات).
لكن التشابه في التركيب والمكان لا يفسر من أين جاءت ,لذلك تم تقديم التفسير .
بالنسبة للبيولوجين قبل دارون ,التفسير كان الإنحراف من نموذج أصلي أو أركيتيب

archetype.
دارون عرف هذا الإنحراف في النموذج الأصلي بالسلف المشترك .

لكن في القرن العشرين ومع الدارونية الحديثه ,السلف المشترك صار هو تعريف

التناظر ,وكذلك أيضا تفسيره .
بالنسبة ل إرنست ماير ,أحد المهندسين الأساسين في الدارونيه الحديثه :
(بعد 1859 ,كان هناك تعريف واحد فقط للتناظر في علم البيولوجي .وهو : يوصف

الكائنان بأنهما متناظران عندما ينحرفا بخصائص متقاربه من سلف مشترك )

بطريقه أخري ,مع تشارلز دارون التطور كان نظرية
والتناظر كان دليلا عليها .
عند أتباع دارون , التطور تم ترسيخه مستقلا
وصار التناظر نتيجه له .
المشكله هي أنه الأن لا يمكن أن يستخدم التناظر كدليل علي التطور إلا باستخدام

مغالطه منطقيه -الاستدلال الدائري
________________
التناظر والإستدلال الدائري

عند إمعان النظر في مثال تناظر عظام الأطراف الأماميه في شكل 4-1 ,الذي اعتبره

دارون كدليل علي السلف المشترك للفقاريات .
الدارونين الجدد الذين أرادوا أن يقرروا أولا هل الأطراف الأمامية للفقاريات

متناظرة ,وجب عليهم أن يقرروا هل هي من سلف مشترك أم لا .
بطريقه أخري , يجب أن يوجد دليل علي السلف المشترك قبل أن نصف الأطراف

أنها متناظره .وذلك تجنبا لتجادل حول الأعضاء المتناظرة أنها تثبت التطور وندور

في حلقة فاسده :
السلف المشترك يظهر تناظر ,والذي لتوه يظهر سلف مشترك !

(تعليق : يقصد الكاتب أن يقول إذا أردت أن تصف أعضاء من كائنات مختلفه أنها

متناظره ,وجب عليك أولا أن تثبت أن هناك علاقه بين هذه الكائنات وبعضها .وإلا

فإن السحابه وقطعه الأيس كريم متناظرتين . فهذا يستلزم أن تبحث في كل مكون

منهما لتري هل يتكون مثلا من نفس المواد . وبالتالي صار التناظر نتيجه .ويتلزم أن

تثبت أولا أن هناك علاقه بين هذه الكائنات .)

هذه المغالطة المنطقيه لوحظت وانتقدها كثير من الفلاسفة والبيولوجين .
في عام 1945 j.h.woodger كتب أن التعريف الجديد كان بمثابة وضع العربه أمام

الحصان .
alan boyden أشار في عام 1947 أن التناظر في الدارونية الحديثه يستلزم (أن

نعرف أولا السلف ومن ثم نقرر أن الأعضاء أو الأجزاء المقصوده ) متناظرة .
أو كما قال (أو كما أننا نستطيع أن نعرف السلف المشترك بدون التشابهات الضرورية

التي ترشدنا)
عندما حاول عالم الحفريات والتطوري جورج جايلور سمبسون أن يستخدم التناظر

كسلف مشترك ليستنتج منه علاقات تطورية .,
إنتقده البيولوجيان روبرت سوكال وبيتر سنيث بسبب مغالطته المنطقيه الإستدلال

الدائري , في إجراءات .

فلاسفة الدارونية الجدد خرجوا للدفاع . في 1966
مايكل غسيلين أشار أن تعريف الدارونية الحديثه ليس دائري ,لأن التناظر ليس يعرف

في مصطلحات منه نفسه ,
لكن هذا لم يحل المشكلة , لأنه علي الرغم من أن التعريف غير دائري , السبب

المعتمد عليه هو الدائري .

في العام التالي , جادل ديفيد هول أن السبب ليس دائري ,لكنه مجرد مثال علي "

طريقه علمية للتقارب المتتابع"
(أو كما سماها البيولوجي الالماني ويلي هيننج طريقة الظهور التبادلي)
بالنسبه لهول , يبدأ البيولوجيين التطوريين بإفتراض فرضيه خاصه حول الإنحدار من

السلف المشترك ,ثم يستخدموا التشابهات بين الكائنات ليعيدوا تعريف فرضيتهم .
لكن هذه الطريقه -والتي انتقدت فورا بسخرية كمحاولة لإلتماس طريق -تعمل فقط في

حالة إفتراضنا حقيقة السلف المشترك !
لكن لو كان السؤال هل نظرية دارون أصلا حقيقة ؟وهل هناك سلف مشرك من

الأساس ! حينها ستكون نظرية هول لم تتجاوز بعد المغالطة المنطقيه أقصد الإستدلال

الدائري .

اشتد الجدال ! .دافع الدارونيون الجدد عن فكرتهم بأن التناظر يشير إلي السلف

المشترك , بينما الإنتقادات التي أربكت تعريف وتفسير كلمة التناظر ,قادتها لتصير

إستدلال دائري .
كتب الفيلسوف رونالد برادي في عام 1985 :
(عندما نعرض تفسيراتنا في تعريف التناظر لنستخدمه في إستنتاج تفسيراتنا . فنحن

لسنا نعبر عن فرضيه علمية .إنما عن إيمان .حيث أننا مقتنعون جدا أن تفسيراتنا

صحيحه لدرجة أننا لأبد حد لا نري حاجه لأن نميزها من الموقف الذي نريد تفسير

.هذه المحاولات الإيمانية dogmatic endeavors من هذا النوع بالفعل يجب أن تغادر

مملكة العلم )
__________________________
كسر الدائرة

يبدو أن هناك ثلاث طرق لتجنب تلك المغالطة المنطقية .
الأولي : أن نقبل بتعريف الدارونية الحديثه . ونتوقف عن محاولة استنتاج فكرة سلف

مشترك منها .
أو بطريقة أخري ,أن نعترف أن التناظر لا يقدم دليلا علي التطور .
أو كما قال عالم البيولوجي التطوري ديفيد ووك .
(السلف المشترك هو كل ما تناظر -) ومن ثم ف (التناظر هو إستباق أو نتيجه متوقعه

للتطور . وبالتالي التناظر ليس دليلا علي التطور)
الطريقة الثانية : أن نعود لتعاريف ما قبل الدارونية وهو أن التناظر هو مجرد تشابه

تركيبي ,لكن نعترف أن هذا يعيد فتح سؤال .هل الإنحدار من السلف المشترك مع

التكيف هو الطريقه الأفضل لتفسير هذا التشابه ؟
ولكن من الصعب ان نجد دفاعات عل الطريقه الثانية بين البيولوجيه في أمريكا لأنه

غير شائع ويمثل خطوره علي الوظيفه أن يسأل هل التطور هو التفسير الأفضل !

الطريقه الثالثة :والأكثر شيوعا الان هو أن تعرف التناظر بمصطلح السلف المشترك
ثم تبحث عن دليل مستقل بذات للإنحدار من التكيف .
مثل هذا الديل ربما يأتي من نماذج مثل (تتابع ال dna الحمض النووي في الخلية -

وربما من السجل الحفري fossil record)
او ربما من عمليات مثل
(التقدم الجيني _أو التقدم في الأليات
developmental pathways -developmental genetics)

اما النموذجين -ال دي ان ايه والسجل الحفري -
فهما أيضا مبنيان علي نموذج العلاقه بين السلف والمنحدرون منها .
-وأما الطريقتين هما للنظر في العمليات التي ربما تشير إلي تشابه ناتج عن سلف

مشترك كما سنتناول ذلك لاحقا :
____________________________
الدليل من تتابع الحمض النووي الريبي DNA

كما رأينا في الفصل السابق , أن التأريخ العرقي القائم علي الجزيئات molecular

phylogenies . مبني علي مقارنة تتابعات الحمض النووي . (أو منتجاته من

البروتينات) في كائنات مختلفه .
ولأن تتابعات الحمض النووي تنسخ مباشرة من حمض نووي سابق عن إنقسام الخلية

عن طريق عملية replication انتساخ
فإن التأريخ العرقي يفترض أن هذه التشابهات في قطع الحمض النووي تشير أو تنبيئ

بوجود إنحدار من سلف مشترك .أكثر من التشابهات الشكلية .التي تنتج عن سلسلة

طويلة معقدة من الحداث بدء من جنين إلي إنسان كامل.

تواجه مقارنات الأحماض النووي ولسوء الحظ صعوبات عديده مثل المقارنات

المظهرية morphologic comparisons بين الكائنات

أولا : لا يزال معني homology التناظر يمثل مشكلة
كما قال عالم البيولوجيا الجزيئية ديفيد هيل عام 1994
(كلمة التناظر homology تستخدم الأن في البيولوجيا الجزيئية لتعني كل شيء بدء من

التشابه البسيط جدا -أيا كان سببه - إنطلاقا إلي السلف المشترك )
ومن ثم ف (البيولوجين الجزيئين بذلوا مجهودا ضخما ليعمقوا مفهوم كلمة تناظر .

أكثر من أي علماء اخرين في تخصص اخر)

ثانيا : تحديد الأجزاء المتناظرة يبقي صعب مثله مثل تحديد الأعضاء المتناظرة .
حسب ماقاله هيل :
(بعض المؤيدين للتكنولوجيا الجزيئيه صرحوا أن البيولوجيا الجزيئيه تحل مشكلة

التناظر , لكن تبقي الصعوبات التي تواجه مشكلة التناظر في الحمض النووي موازية

لنظريتها في التراكيب الشكلية في الأعضاء )
وأخيرا , التناظر الجزيئي يولد علي الأقل الكثير من الصراع الناتج عن مفاهيم

تقليديه
أو كما قال عالم البيولوجيا كولن باتيرسون ,وديفيد ويليام وكرستوفر هيمفريس عام

1993 بأن
(التطابق بين التأريخي الجزيئي هو مراوغ مثل التطابق في شكل الأعضاء )
لكن عندما يتصارع التأريخ الجزيئي تبقي الطريقه الوحيدة للإختيار بين المتصارعين

, هو أن نحدد السلف المشترك مسبقا بطريقه مستقله وهذا يعيد نفس المغالطه المنطقيه

الإستدلال الدائري .
التيمن المفترض ان نتجنبها .
____________________________
السجل الحفري

ماذا عن السجل الحفري ؟
ناقش بعض البيولوجيين , ان الطريقة المثلي لتحديد العلاقات التطورية , هي إقتفاء

أثر -تتبع- التشابهات بين كائنين أو أكثر رجوعا إلي الوراء , عبر سلسلة غير منقطعه

من الكائنات الحفرية وصولا إلي السلف المشترك .

ولكن لسوء الحظ , فإن مقارنة الحفريات ليست أكثر سهولة وصراحة , من مقارنة

العينات الحية .

وكما أشار العالمين سوكال , وسنيث عام 1963 أنه :

(حتي عندما تكون الأدلة الحفرية متاحة , فإن هذا الدليل نفسه يجب أن يفسر أولا) عن

طريق مقارنة الصفات بين الكائنات

أي محاولة ,لإستنتاج علاقات تطورية بناءا علي التناظر Homology , بين الحفريات
فهي مثلها في الصعوبة مثل المحاولات لاستنتاج علاقات تطورية بين الكائنات الحية .

لأن السجل الحفري متقطع , ولأن الحفريات لا تحتفظ بكل صفاتها التي كانت عليها .

وكما كتب البيولوجي بروس يونج عام 1993 :
(علي أي حال , فإن الحفريات قمتها أقل في تحدد التناظر Homology ,بسبب أنها

وبشكل طبيعي تحوي تفاصيل أقل )من الكائنات الحية .
ولكن حتي لو أن السجل الحفري كان كاملا , وأنه احتفظ بالصفات المرغوبه جميعها ,
فإن ذلك لا يعني أبدا أن التناظر أو التشابه homology راجع لوجود سلفا مشتركا .

شرحت هذه المشكلة , وبشكل غير مقصود بواسطه عالم البيولوجي تيم بيرا في كتابه

المعد للدفاع عن نظرية داروين ضد إنتقادات الخلقيين عام 1990 .
قارن بيرا السجل الحفري ,بسلسلة من الموديلات للعربيات قائلا:-
(لو قارنت بين سيارة من نوع كورفيت عام 1953 , وأخري عام 1954 , جنبا بجنب ,

ثم قارنت بين سيارتين عام 1954 وعام 1955 ,وهكذا .. فسوف تلحظ بوضوح

الإنحدار مع التكيف . وهذا ما يفعله علماء الحفريات مع الحفريات , وأن الدليل يكون

قوي وبناء وشامل لدرجة أنه لا يمكن حتي للرجل العادي العاقل تجاهله )"عبارة

مقتبسه من الأصل"

لكن التناظر التركيبي الذي اعتمده بيرا Berra's analogy , ألقي الضوء علي مشكلة

إستخدام سلسلة متتابعة من التشابهات بين الكائنات كدليل علي نظرية داروين .

كلنا يعلم أن السيارات , تصنع بناءا علي نوع -نموذج-أولي أصلي archetypes ,
)في هذه الحالة يتمثل في الخصص التي يرسمها المهندسون ( , لذا فإنه من الواضح

أن يمكن أن نجد تفسيرات أخري لهذه التتابعات من التشابهات وكذلك للإنحدار مع

التكيف .

في الحقيقة , معظم العلماء في فترة ما قبل الداروينية , فسروا تلك التشابهات بشيء

قريب من صناعة السيارات - وهو أن الخلق علي نظام معين creation by design .

-أي الخلق مع وجود خطة مسبقه

لذا فإنه بالرغم من أن بيرا , إعتقد أنه كان يدافع عن النظرية الداروينية ضد

تفسيرات الخلقيين , فإنه وبطريقه غير مقصودة أظهر أن الدليل الحفري متوافق مع

كلا الرؤيتين .

لدرجة أن أستاذ القانون (والناقد للنظرية الداروينية) فيليب جونسون , أعطاها لقب "

هفوة -أو حماقة - بيرا" berra's blunder . شكل 4-3


"هفوة بيرا" أظهرت أن مجرد التتابع في تشابه الكائنات لا يزودنا بتفسير محدد واحد
وأننا نحتاج أدله أخري إضافية -كألية mechanism, لنحدد بها التفسير الصحيح .

ففي حالة السيارات , نجد أن الألية الإضافيه التي تساعدنا علي معرفة التفسير

الصحيح , هي "أننا نعرف أنها صناعة بشرية" وهذا يلاحظ مباشرة , فيدفعنا لإختيار

التفسير التاني وهو "الخلق مع وجود خطة سابقه"

لكن في تتابع الحفريات , لا نستطيع فعل ذلك .
وهذا ما وصلتنا إلي نظرية داروين .
أما بالنسبة لداروين , فإن الألية هي الإنحدار مع التكييف .

لكن الإنحدار , والتكيف , هي مجرد كلمات , إذا لم تربط بعمليات بيولوجية فعلية .

أدرك داروين ذلك , فكتب في كتابة "أصل الأنواع" أن عالم الطبيعيات ,إذا فكر مليا

في الأدلة البيولوجي ,( لربما وصل إلي خلاصة أن الأنواع لم تخلق بطريقه مستقلة ,

لكنها انحدرت مثل غيرها من المجموعات من فصائل اخري .
ومع ذلك فإن مثل هذه الخلاصه , حتي ولو تم إعدادها جيدا , فإنها غير مرضيه ,

حتي يظهر لنا كيف أن الأنواع التي لا حصر لها التي سكنت هذا العالم , كلها

إنحدرت وتكييفت .)
ثم لخص داروين ذلك قائلا :
(إنه ومن أجل ذلك الغرض , فإنه تبدو لنا الأهمية العظيمه لتحصيل رؤية واضحة

حول الطرق التي يتم بها التكيف)


بالطبع , إن وسيلة إحداث التكييف في نظرية داروين هي الإنتخاب الطبيعي , لكن

وسيلة الإنحدار هي التي ماتزال مراوغه .
في العملية العادية للتكاثر , الوليد يكون شبه الوالد .

فهل يستطيع الإنتخاب الطبيعي تغيير هذه العملية , لدرجه أن ينتج الولد مختلف تماما

عن والدة .؟
لم يكن داروين يعرف ما يكفي حول تطور الأجنة ليجيب علي هذا السؤال .

وبدون معرفة الكيفية التي تجعل الأجنة متشابهة - أي الجينات - فإنه يسهل أن تعطي

تنظيرا مجردا بقولك :
أليات غير معلومة في نشأة الجنين يمكن أن تتكيف -تعدل - بواسطه الإنتخاب

الطبيعي .

في عام 1982 , كتب عالم البيولوجيا التطورية في جامعة شيكاجو (لي فان فالين)

أن مفتاح تفسير هذه التناظرات هو فهم إستمرارية المعلومات . continuity of

information .

فالجنين يحتوي علي معلومات -موروثه من أبويه - والتي توجه نموه .
وبدون أن نفهم طبيعة هذه المعلومات -الجينات - , لا يمكننا أن نفهم كيف يمكن أن

يتم مثل هذا التكيف -التعديل- .

هذه المعلومات التطورية الجنينية يمكن أن تكون في صورة
(الطرق التي يتم بها النمو developmental pathways)
أو الطرق التي يتم بها إنقسام الخلايا ,
أو حركة الخلايا
أو تمايز الأنسجة adult differentiation التي بها ينتج الجنين تراكيب بالغة .
أو ربما تكون أكواد داخل الجينات هي التي تأثر علي نمو الجنين .
لكن لا الطرق التي ينمو بها , ولا الجينات التي تتحكم في نموه , يمكن أن يحلا

المشكلة الناتجه عن التناظر Homology

____________________________________________
الدليل من الطرق التي يتطور بها الجنين evidence from developmental

pathways

لم تعد تلك النظرية التي تعتبر أن الأجزاء المتناظرة ناتجه عن طرق نمو متشابهه

developmental pathways
متوافقه مع الأدلة , والبيولوجيين أدركوا ذلك منذ ما يزيد عن قرن مضي .

كتب عالم الأجنة الأمريكي إيدموند ويلسون عام 1894 أن:
(الأجزاء المتقاربية جدا بين البالغيين , والتي لا نشك أنها متناظرة , هي في الغالب

مختلفه بشكل واسع في الأصل اليرقي أو الجنيني إما في طريقة التكوين أو في المكان

الذي تتكون فيه أو في كلاهما)

بعد ذلك بأكثر من ستين عاما , وبعد مراجعة الأدلة الجنينية التي جمعت منذ وقت

العالم ويلسون ,
كتب عالم البيولوجي البريطاني جافين دي بير مؤيدا ويلسون :
(الحقيقه هي أن الأجزاء المتقاربة بين التركيبات المتناظرة , لا يمكن أن تكون

اجتمعت لها تشابهات في أماكن الخلايا في الجنين , أو في أجزاء معينه من البيضة ,

التي منها تكونت تلك الأجزاء , أوحتي في الألية التي تنمو بها تلك الأجزاء )

كان تقييم جافين دي بير دقيقا ومازال ..
ثم كتب عام البيولوجيا التطورية بير ألبيرتش عام 1985 أن :
(القاعدة أفضل من إستثناءاتها ,حيث أن الأجزاء المتناظرة تتكون من أماكن مختلفه

غير متشابهه في الأجنه) ..

وكذلك عالم البيولوجيا التطورية ردولف راف -الذي درس فصيلتين من قنفد البحر

الذين تكونا -نموا - أساسا بطرق نمو مختلفه
ليصيرا متشابهين جدا وهما في مرحلة البلوغ -ودفعه هذا لإعادة التصريح بالمشكلة

عام 1999 كتب أن:

(الأجزاء المتناظرة بين كائنين مرتبطين ببعضهما يجب أن تظهر عبر عمليات نمو

متشابهه , الصفات التي نراها متناظرة من خلال شكلها أو التأريخ العرقي لها , يمكن

أن تتكون بطرق مختلفه أثناء نمو الجنين)

وهذا النقص في التوافق بين التناظر والطرق التي ينمو بها الكائن ,صحيحا ليس فقط

علي المستوي العام , ولكن أيضا علي موضوعنا بصفه خاصه -أطراف الفقاريات .

والمثال الكلاسيكي علي ذلك هو مشكلة السلامندر .

في معظم أطراف الفقاريات , تنمو الأصابع من الخلف للأمام , أي في الإتجاه من

الذيل إلي الرأس .
هذا يحدث تماما في الضفادع , لكن أحد أقرباء الضفادع وهو السلامندر , يقوم بذلك

بطريقة مختلفه .

في السلمندر , النمو الجنيني للأصابع يتم في الإتجاه المعاكس من الرأس إلي الذيل .

لدرجة أن بعض البيولوجيين اهتزوا لهذا الإختلاف , وناقشوا بأن التاريخ التطوري

للسلمندر يجب أن يكون طريق مختلف تماما عن كل الفقاريات بما فيها الضفادع .

كذلك توجد مشاكل أخري , منها النموذج الهيكلي لأطراف الفقاريات
والذي يبدأ بالغضاريف , والتي تتحول مؤخرا إلي عظام .

فإذا كان النمو في أطراف الفقاريات يعكس أصلها من السلف المشترك , فإنه يمكننا

إذن توقع رؤية سلفا تظهر عنده الغضاريف مبكرا في نموه الجنيني , لكن هذه ليست

النقطه .

فالنموذج الغضروفي يماثل ذلك الخاص بأطراف الفقاريات من البداية ليس فقط في

السلمندر ولكن كذلك في الضفادع والكتاكيت-الدجاج الصغير- والفئران

بالنسبة لعالم الحيوان البريطاني -ريتشارد هينشليفي و جريفيث , فإن فكرة أن أطراف

الفقاريت تطورت من سلف جنيني ظهرت بسبب التحريات التي لم يكن دافعها سوي

المفاهيم السابقه للفكره -يقصد وضع العربه قبل الحصان

لذا فإن الأجزاء المتناظرة , بما فيها أطراف الفقاريات , ليست ناتجه عن تشابهات في

طرق النمو الجنين .
إذن , ماذا عن التشابه الجيني ؟

_____________________________________________
الدليل من علم الجينات التطوري

بناءا علي التطورية الحديثة neodarwinian , وكما وصفها العالم فان فالين , فإن

إلجينات وتتابعات الحمض النووي هي المسئولة عن نقل المعلومات .
فالجينات تحمل المعلومات من جيل إلي اخر ,والتي من ثم توجه نمو الكائن بدء من

مرحلته الجنينية .

ومن ثم , فالداروينية الحديثه تفسر الأجزاء المتناظرة , بأنها الأجزاء التي تمت

برمجتها بجينات متشابهة موروثه من سلف مشترك .

فإذا ظهر لنا أن الأجزاء المتناظرة , في كائنين مختلفين , نتجا عن جينين متشابهين ,

وأن الأجزاء المتناظرة لا يمكن أن تنتج عن جينات مختلفه ,
حينها يمكننا أن نمتلك دليلا علي "التواصل المعلوماتي بين الكائنات" كما وصف ذلك

فان فالين .

ولكن هذا ليس هو الأمر , فالبيولوجيين عرفوا ذلك منذ عقود بعيدة ,
ففي عام 1971 , كتب العالم جافين دي بيير :-
(لأن التناظر يعكس تواصل -إشتراك - في الإنحدار من السلف المشترك و فإنه يجب

أن نعتقد أن علم الجينات يجب أن يزودنا بمفاتيح لحل هذه المشكلة في التناظر ,والتي

تسبب صدام قوي لان الصفات التي تتحكم فيها جينات متشابهة ليست بالضرورة

متناظر , والاجزاء المتناظرية ليست بالضرورة يتحكم فيها جينات متشابهة)

ثم لخص قائلا :
( توارث الاجزاء المتناظرة من سلف مشترك ,لا يمكن أن ينسب إلي هوية الجينات )

ولكي يشرح وجهة نظره بأن الأعضاء المتناظرة , يمكن أن تنشأ من جينات مختلفة ,

إقتبس تجربة واحدة فقط (والتي تتمثل في تطور العين عند ذباب الفاكهه) .

ولكن أمثلة أخري كثيره اكتشفت بعد ذلك ,
ومنها تكون التقاسيم - التي تظهر منفصلة علي ظهر الحشرات segment formation

in insects .

تعتمد أجنة ذباب الفاكهة ,علي الجين المسمي Even-skipped , في تطوير تقاسيم

ظهرها بشكل سليم .
,لكن هناك حشرات أخري , مثل الجراد والدابور
التي تكون نفس تلك التقاسيم , بدون إستخدام ذلك الجين .

ولأن تقاسيم ظهر جميع الحشرات , تعد متناظرة ,
(سواء كان ذلك لتشابه التركيب , أو لإنحدارها من سلف مشترك)
,فإن هذا يظهر أن الصفات المتناظرة , لا تستدعي بالضرورة أن تكون محكومة بأجنة

واحدة -متشابهة .

ومن الأمثلة الأخري , جين يسمي sex-lethal ,وهذا الجين يعمل علي تحديد الجنس

في ذباب الفاكهة , لكن هذا الجين غير موجود في الحشرات .
والتي -أي الحشرات- تتمايز إلي ذكور وإناث بغيره !

ومن الجهة المقابلة ,
نجد وبصفه مثيرة ومنتشرة أنه توجد تراكيب غير متناظرة(يعني غير متشابهة) ,

تنشأ من جينات متطابقة .

فهاهم علماء الجينات , يكتشفون أن هناك جينات عديدة , من التي تحتاجها ذبابة

الفاكهة من أجل نموها بشكل سليم ,

مشابهة تماما لجينات في الفئران , وفي قنفد البحر , وحتي في الديدان .

في الحقيقة , أظهرت تجارب زراعة الجينات , أنه يمكننا إستبدال جينات موجودة في

الفئران (وكذلك في البشر) بتلك الجينات الشبيهة الموجودة في ذباب الفاكهة .

فإذا كانت الجينات هي المتحكمة في تركيب الجسم
وإذا كانت الجينات الخاصه بالنمو في الفئران وذباب الفاكهة شبيهة جدا ببعضها .

فلماذا إذن , لا ينمو جنين الفأر , ليصير ذبابه , ولماذا لا ينمو جنين الذبابة ليصير

فأرا .؟

إن ذلك النقص في تطابق الجينات مع تراكيب الجسم , ليس صحيحا فقط , علي

مستوي الكائنات ككل , ولكن أيضا علي مستوي أطراف الفقاريات .

وأحد تلك الجينات , هو الجين المسمي distal-less , وهذا الجين موجود لدي أنواع

مختلفة من الحيوانات , لذا سمي بذلك الإسم distal-less ,
(distal تشير إلي تراكيب منفصله عن الهيكل الأساسي للجسم)
لأنه إذا طرأت عليه طفرات , فإن يوقف نمو الأطراف في ذباب الفاكهة .
.

وهناك جين شبيه جدا به و له نفس التتابعات من الحمض النووي DNA , يوجد في

الفئران .

في الحقيقه , إن الجينات الشبيهة بذلك الجين -المسمي distal-less
وجدت في قنافد البحر , وفي احد أنواع الديدان المسمي spiny worms
(وهي إحدي أعضاء فصيلة الديدان الأرضية)
وكذلك في الديدان من نوع valvet worms (وهي فصيلة مستقله بذاتها)


في كل تلك الحيوانات , يتدخل ذلك الجين المسمي distal-less ,في تكوين ونمو

الزوائد في الجسم , -حتي تلك الزوائد لهذه الخمسة مجموعا من الحيوانات التي أبدا

ما كانت متناظرة لا تركيبا ولا تطوريا .

وكتب علماء البيولوجي عام 1997 , بأن
(تلك التشابهات تمثل لغزا , إذ أن تلك الزوائد هي مختلفه بشكل واسع جدا في تركيبها

التشريحي ,وفي تاريخها التطوري )

في عام 1999, وجد العالم جريجوري وراي , أن تلك العلاقة المدهشه بين ذلك الجين

distal-less , وبين أطراف -أو زاوائد -الكائنات ,

بأن تلك التشابهات بين الكائنات ,هي سطحية , وأنها ليست أبدا تراكيب متناظرة .
ولخص ذلك قائلا :

(تلك العلاقه بين جين تنظيمي , وبين التراكيب العديدة غير المتناظرة يبدو أنه هو

القاعدة , وليس الإستثناء )

ليس فقط ذلك الجين distal-less , ولكن أيضا هناك شبكة كاملة من الجينات , تتدخل

في نمو الأطراف , وجد أنها متشابهة بين الحشرات والفقاريات .

والعلماء الثلاثة الذين وصفوا تلك الشبكة من الجينات عام 1999
هم كليفورد تابين , سين كارول , جراس بانجانيبان ,
كتبوا أن :
(لا توجد إستمرارية -أي سلف مشترك "تعليق المترجم"- بين أي من تلك التراكيب

المتمثله في الزوائد في الحشرات والكائنات يمكن أن يكونوا إنحدروا عنه
وبالتالي فهي ليست متناظرة.

وفي نفس الوقت , الجينات متشابهة !
)


جادل علماء البيولوجيا التطورية , بأن ذلك التشابهة المدهش بين الجينات المسئولة

عن نمو الأطراف بين فصائل متنوعة من الحيوانات , يشير إلي أن لهما سلف مشترك

.
ربما ذلك , لكنهم بذلك يصتدمون مع التصانيف الجينية البيولوجية الجزيئية

Molecular phylogenies
(التي تقول بأن الجينات نفس الجينات , ولا توجد أدلة علي وجود سلف مشترك)

وتستمر مشكلة تفسير التناظر بين اجزاء الكائنات , بغير حل .

الخلاصة واضحة ,
سواء كان ذلك التناظر راجع إلي إنحدار من سلف مشترك , أو لا .
في الألية المحددة المسئولة عن تسبيب ذلك , سوف تبقي غير معروفة .

كتب العالم جافين دي بير عام 1971 , :
(أي ألية تلك , التي تنتج عنها أعضاء متناظرة , بنفس الشكل , علي الرغم من

إختلاف الجينات؟ سألت هذا السؤال عام 1938 , ولم أجد جوابا بعد )

اليوم , بعد أكثر من ستين عاما علي السؤال , لم يجد جافين دي بيير جوابا بعد !


______________________________________
أطراف الفقاريات كدليل علي التطور ؟

كيف تمدنا اطراف الفقاريات بدليل علي التطور الداروين ؟
وإذا كانت الطرق الجينية والجنينة غير متسلسلة -متواصلة -بين الحيوانات
,فكيف نعرف أنها جاءت من إنحدار وتكيف !ّ

وهل يمكننا أصلا أن نستنتج وجود سلف مشترك ,من التناظر ؟
وخاصة أننا رسخنا تعريف التناظر بأنه صفات من سلف مشترك .
فكيف إذن نستخدمها كدليل علي التطور ؟
وهي أصلا معرفة بناءا عليه .

هذه بعض الأسئلة العلمية المنطقية , ولكن طلاب البيولوجي من المحتمل ألا يروها

في مراجعهم !

فتقريبا معظم المراجع الجامعية البيولوجية , تستخدم أطراف الفقاريات كمثال تشرح

عليه التناظر , ثم تصرح بأن التناظر هو دليل علي السلف المشترك .

لكن معظم تلك المراجع , أيضا تعرف التناظر , بأنه ما نتج عن سلف مشترك .

ومن ثم , فإنهم يقعون , في نفس الحلقة المفرغه ,التي إستمر الجدال حولها بين

الفلاسفة والبيولوجيين نحو النصف قرن .

علي سبيل المثال ,
طبعة 1999 , من كتاب Teresa and gerald audesirk's Biology : Life on Earth

تبين أن (الأعضاء الشبيهة التركيب , تسمي أعضاء -أجزاء - متناظرة , مما يعني أن

لها نفس السلف المشترك .)

وفي نفس الصفحة يصرح بأن الأجزاء المتناظرة ,
(تمدنا بالدليل علي علاقة مترابطة بين الكائنات .)
.

وبأسطر شبيهة , في النسخة الأخيرة من كتاب Sylvia mader's Biology ,يصرح أن :

(الأجزاء التي تتشابه بسبب أنها موروثه من سلف مشترك , تسمي الأجزاء أو

التراكيب المتناظرة )

وفي نفس الصفحة كتب :
(هذه الخطة الموحدة , تمثل دليلا علي السلف المشترك)

وبالنسبة لطبعة 1999 , من كتاب Peter raven and george johnson's Biology
يتم تعريف التناظر بأنه :
(أجزاء أو تراكيب لها أشكال مختلفة , ووظائف مختلفه , منحدرة من جسم كائن

واحد هو السلف المشترك .)

ولكنه يصرح أيضا بأن التناظر يمثل
(دليلا علي علاقات تطورية)

وطبعة 1999 من كتاب Campbell,Reece, and Mitchell's Biology تتضمن الأتي

:
( التشابه في الصفات ,الناتجه عن سلف مشترك يعرف بالتناظر ,وأن تلك الصفات

التشريحية الناتجه عن التطور تسمي التراكيب المتناظرة ,
فالتشريح المقارن - أي مقارنة تشريح الحيوانات المختلفة- يعمل مع غيره من الأدلة

كشهود صدق لصحة التطور)

هذه المراجع , لا تعطي الطلاب أي تنبيهات علي ذلك الجدال الواسع حول التناظر

الذي ذكرناه ,
وبدلا من ذلك , تعطي إنطباعات , بأنه شيء منهجي علمي , أن تقوم بتعريف التناظر

معتمدا علي السلف المشترك ,
ثم تستخدم ذلك التعريف لتستنج منه وجود سلف مشترك .

مثل هذه المغالطات المنطقية , المعروفه بالإستدلال الدائري , تجعل تفكير الطلاب

ضحل , وغير نقدي .

هذه ليس مشكلة علمية فحسب , وإنما مشكلة تخص مجتمعنا ككل ,

فالديمقراطية , تحتاج مواطنين , أكفاء متعلمين , يمكنهم التعرف علي النقاشات

المغالطة , ومن ثم يفكروا بأنفسهم , ليختاروا الصوراب ,
بدلا من أن يكونوا سهلي الإنقياد -غير نقاد - يبتلعون كل ما تطعمهم إياه السلطة

الحاكمة أيا كانت .
________________________________

التفكير النقدي علي المحك

مواجها بتلك الإستدلالات الدائرية ,الشائعة في معظم مراجع البيولوجي , يندفع

الطالب ليسأل أسئلة كثيرة في الفصل .

بالنسبة للكاتب العلمي المتميز هينري جي , في المجلة الرائعة Nature ,
كتب أن (لا أحد يجب أن يخاف من الأسئلة السخيفة)
ففي العلم
(العبارات التي تؤخد من السلطة - يعني ماهو أعلي علميا او غيره - يجب أن تكون

محلا للفحص الدقيق ,حتي ولو من قبل طالب مبتديء)

ماذا يمكن أن يحدث إذا سأل طالب مبتديء ,بعض تلك الأسئلة المحترمة حول التناظر

؟
ربما أستطيع تخيل ذلك الحوار بين ذلك الطالب الفضولي , وأستاذه البيولوجي ,

كالأتي :

الأستاذ :حسنا , لنبدأ درس اليوم مع مراجعه سريعة للحصة السابقة ,
أمس تكلمت عن التناظر , وقلنا بأن الصفات المتناظرة , مثل أطراف الفقاريات , التي

تراها في كتابك , تمدنا بأد الأدلة العظيمة علي أن الأشياء الحية تطورت من سلف

مشترك .

الطالب : (رافعا يده) أعرف أننا تكلمنا في هذا أمس , لكنني مازلت مرتبكا , كيف

نعرف هل هذه الصفات متناظرة أم لا ؟

الأستاذ : حسنا , لو نظرت إلي أطراف الفقاريات , يمكنك أن تجد أنها تكيف لتؤدي

وظائف مختلفه , وعندما تنظر إلي شكل العظام - النموذج العظمي- بينهم تجده متشابه

.

الطالب : لكنك أخبرتنا أمس , أنه علي الرغم من أن عين الأخطبوط ,هي شبيهة في

التركيب بعين الإنسان , إلا أن الإثنين غير متناظرين !

الأستاذ : وهذا صحيح , فعيون الإنسان والأخطبوط , ليستا متناظرتين , لأن سلفهما

المشترك لم تكن لديه عيون .

الطالب :إذن بغض النظر عن التشابة , فالصفات تكون غير متناظرة , إلا إذا ورثت

من سلف مشترك .

الأستاذ : نعم , وصلت لما أريد .

الطالب (يبدو متحيرا ) :

حسنا , بالفعل أنا مرتبك ,
أنت قلت أن الأجزاء المتناظرة , تمدنا بأحد الأدلة العظيمة علي التطور من سلف

مشترك .
لكن -بناءا علي كلامك - لايمكن أن نعرف الصفات متناظرة أم لا , إلا إذا عرفنا أنها

جاءت من سلف مشترك .

الأستاذ : هذا صحيح

الطالب (يحك رأسه) :
لابد أنه فاتني شيء ما .
يبدو أنه علي الرغم من أنك تقول أننا نعرف الصفات المنحدرة من سلف مشترك ,

لأنها منحدرة من سلف مشترك .
أليس هذا إستدلال دائري ؟

عند هذه النقطة , ينهي الأستاذ الحوار ببساطة شديدة , وينتقل لشيء أخر .

لكن التعليم القائم علي المنهج العلمي , كان يمكننا أن نخدمه بشكل أفضل , , إذا

تعرف الأستاذ علي المشكلة , وبحثها , وأعطي لها وقتا كافيا ليتم تحليلها ومناقشتها

في الفصل .

وبدلا من أن يطلب من الطالب أن يحفظ تلك الإستدلالات الدائرية , كان يمكننا

تشجيعه ليفكر حول الإختلاف بين النظرية والدليل , وكيفية المقارنة بينهما .
وقد يتسبب مثل هذا ,في عدم ظهور علماء أو مواطنين صالحين أو قادرين علي النقد

, لخدمة العلم .
,

elserdap
11-26-2013, 01:40 AM
جزاكم الله خيرا أخي الحبيب صاحب العهد
والله تُقدم خِدم جليلة لنا جميعا بهذه الترجمات الغاية في الأهمية والحساسية .
بارك الله في وقتك وعمرك، ونفعنا بهذه الأعمال الجليلة التي تقصم أصول الإلحاد .
بانتظار الجديد دوما إن شاء الله ...
لا أملك إلا أن أقول جزاك الله عنَّا خير الجزاء.

مشرف 7
11-26-2013, 12:45 PM
ربما من الشهر القادم بإذن الله تعالى - وحسب المؤمل في تغييرات تشريحية في المنتدى :): - أن يكون لأعمال الترجمات مكانا بارزا ونسعد بانضمام ذوي الهمم العالية كالأخ صاحب العهد وفقكم الله