ابن أبي محمد
12-11-2013, 08:11 PM
باسم الله الرحمن الرحيم و صلى الله على سيدنا و سيد البشرية جمعاء خير البشر محمد عليه أزكى الصلوات و التسليم . أما بعد
للاشارة : فالموضوع التالي سبق لي نشره على مدونتي الشخصية لكن ارتأيت أن يكون أول مشاركة لي في هذا المنتدى الرائع.
فمن المشاكل التي تعانيها الأمة الاسلامية و ما أكثرها ,مشكل الخلط بين المصطلحات فتجد المسلمين يختزلون الشريعة الاسلامية في الحدود و الاسلام في الجلباب و الحجاب و اللحى . فينظرون لدول العالم الأول فينقلبون الى الشروع في عمل مقارنة عكسية بين الشريعة الاسلامية و تشريعات العالم الأول فتجد منهم من يبدأ في الترويج لكون الديمقراطية و الاسلام ( الشريعة الاسلامية ) متماثلين و لا فرق بينهما . فيما يلجئ آخرون للوقوف ضد الديمقراطية قلبا و قالبا . و ان شاء الله سأحاول في هذا الموضوع أن أبسط المسألة ليفهمه الجميع عبر الاجابة عن بعض الأسئلة و للاشارة فهذا الموضوع لن أتطرق فيه لجميع الجوانب بل سأكتفي بالأساسيات فقط.
+ ما هو تعريف الديمقراطية بعيدا عن كل تلك التعريفات الاعتيادية و ما المشاكل المرتبطة بها؟
- الديمقراطية كما يعرف الجميع تعني حكم الشعب لنفسه غير أن هذا التعريف ليس صحيحا مئة بالمئة فالشعب ليس هو من يحكم بل الأغلبية من تحكم فأساس الديمقراطية هو ما تريده الأغلبية خصوصا في الديمقراطية النيابية. اذن التعريف الصحيح هو أن الديمقراطية هي حكم أغلبية الشعب لبقيته . و تنقسم الديمقراطية لديمقراطية مباشرة حيث يحكم الشعب دون وسيط و أخرى نيابية حيث يختار الشعب ممثلين له كي ينوبوا عليه في الحكم . و فيما يخص الأولى فلا يحضرني اسم أية دولة مازالت معتمدة عليها فكل الدول الديمقراطية أصبحت مطبقة للنوع الثاني أي الديمقراطية النيابية . فالمشكلة الأولى هي حكم الأغلبية أما المشكلة الثانية فيما يخص مفهوم الديمقراطية يمكن ملاحظتها في التعريف نفسه و ما سيترتب عنه . و لأوضح المسألة سنأخذ بلدا مثل أمركا للتوضيح.
فأمركا تنهج نهج الديمقراطية الليبرالية النيابية حيث يختار الشعب ممثليه كما يختار رئيسه غير أن المشكل هو أن كل مرشح يحتاج للقيام بحملة انتخابية تستهلك الملايين من الدولارات و هنا لب المشكل .
فهذه العملية تفتح الباب أمام ممولي هذه الحملات و الذين يفرضون شروطهم على كل مترشح بل و يحددون لهم توجهاتهم التي توافق شركات هؤلاء الممولين الذين يكون على رأسهم الشركات البترولية و شركات صناعة الأدوية و شركات صناعة الأسلحة و الأبناك. بل حتى الرئيس لم يسلم فأوباما تلقى في حملته سنة 2008 مساهمات كبيرة من عدة أبناك و شركات مالية مثل " غولدمان ساكس " و " سيتي غروب " و " جي بي مورغان تشيس" و " اي بي ام " و غيرها و اللائحة تجدونها على هذا الرابط http://www.opensecrets.org/pres08/contrib.php?cid=N00009638 .
عموما قد يتسائل البعض عن المشكلة التي تنشب من هذا العمل و الجواب أن المشكلة كبيرة لأن هذه الشركات ستصبح هي المتحكمة في السلطة و ليس الرئيس ثم أن اخلاص الرئيس لن يكون خالصا لما يريده الناس بل سيقسم اخلاصه على عدة فاعلين و قد ذكرت أولهم و الآن سأنتقل الى فاعل آخر و هو الحزب.
الحزب هو تنظيم سياسي يسعى للسلطة عبر المترشحين التابعين لهذا الحزب . و لكل حزب أهدافه و مخططاته و هذا ما قد يشكل مشكلة أخرى من مشاكل الديمقراطية . فكل مرشح يكون مخلصا لحزبه فتجده لا يخالف توجهات حزبه هذا . و بذلك يصبح الحزب نفسه من اللاعبين الأساسيين في ساحة القرار و يساهم بذلك في صنع القرار حتى و ان كان الأمر سيضايق فئات من الشعب مثل تعيين شخص بعينه في منصب ما كما فعل بوش أو أوباما -لا أتذكر أيهما- بتعيينه أحد مدراء الأبناك التي انهارت في احدى الأزمات المالية الماضية و هو الذي عرف عنه ضعفه في التسيير لكنه عين وزيرا للخزينة الأمريكية و هو الذي سيعود بعدها بمشروع قرار يمنح بموجبه رؤساء الأبناك مساعدات مالية لكن القرار سيتعرض للاعتراض ثم يعاد التصويت عليه و يقبل . و هو ما له علاقة بالفاعل الأول ( المساهمين ) لكن له علاقة قوية بالحزب نفسه خاصة عندما يكون الحزب نفسه عبارة عن وسيلة لتحقيق أهداف هذه الشركات.
عموما هذان فاعلان و يبقى آخرون طي الكتمان حتى موضوع آخر ان شاء الله.
+ و هل كل الديمقراطيات تعاني من مثل ما سبق ذكره من مشاكل ؟
- بالطبع لا . فالديمقراطية السويدية مثلا أو الألمانية أو الانجليزية لا تعاني أية واحدة منهن من هذا النوع من المشاكل كما الولايات المتحدة الأمريكية لكن لكل بلد مشاكله الخاصة -على الأقل هذا ما أعتقد- .
+ لماذا أشرت الى أن الديمقراطية و الاسلام ( الشريعة الاسلامية ) يختلفان عكس ما يعتقده الكثيرون ؟
- الأمر و ما فيه أن الاثنين يتشابهان في بضعة أمور ظاهرية لكنهما يختلفان في عدة أمور باطنية . فمثلا الديمقراطية تمنح للشعب حق حكم نفسه عبر وضع القوانين التي يريدها عكس الشريعة التي تسمح للشعب بالتشريع لكن شرط أن يكون كل تشريع مستمدا من القرآن و السنة و لا يخالف أي نص فيهما.
كما أن الديمقراطية ليس فيها ذاك الجوهر غير المتغير الذي يرجع له عند الخلاف ,قد يقول لي أحدكم الدستور لكن الدستور نفسه قابل للتغيير و التبديل و قد يقول آخر الشعب لكن الشعب قابل للتوجيه و التأثر, عكس الشريعة التي لها أساسان غير قابلين للتبديل و هما القرآن و السنة و الله يأمر بالرجوع اليهما عند كل اختلاف بين المسلمين [ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللَّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً ] الآية 59 - سورة النساء .
و هو ما يمنح الشريعة ميزة أخرى تحسب لها.
+ لكن الديمقراطية بها فصل بين السلطات فماذا عن الشريعة الاسلامية ؟
- الديمقراطية تقوم على أساس فصل السلط : تنفيذية - تشريعية - قضائية . و كل سلطة لها الحق في مراقبة السلط الأخرى عبر مجموعة من الوسائل خاصة في النظام البرلماني عكس النظام الرئاسي الذي له تدبير آخر.
و الشريعة نفسها بها تقسيم بين السلطات فالخليفة لا يمكن له أن يكون قاضيا أو أن يتدخل في عمل القاضي و تذكروا قصة علي رضي الله عنه مع أحد الجنود الذي جادله عليه السلام على أن الدرع الذي يحمله هو درعه فاختلفا فتوجها للقاضي الذي حكم لصالح الجندي غير أن هذا الأخير و بعد خروجه و علي من عند القاضي أرجع الدرع و اعتذر , و المهم هنا هو أن عليا رضي الله عنه لم يتدخل و لم يثر ضد قرار القاضي مع أنه كان خليفة للمؤمنين, و هناك قصص أخرى عديدة غيرها . غير أن هذا الفصل يكون اختياريا و حسب الزمان و المكان و احتراما للشريعة الاسلامية ذات الطبع اللين فهي تقرر أساس التشريع و حدوده و بعضا من ثانوياته و تدع الباقي للناس على أن يستقوا قوانينهم من القرآن و السنة و يحترموا حدود الله أي حدود الشريعة الاسلامية و لا يخرجوا عنها.
أي أن الفصل في الديمقراطية فصل أساسي . أما في الشريعة الاسلامية فهو اختياري ففي زمن عمر رضي الله عنه فقد كان هو الذي يفصل بين الناس ان أتوا يشتكون له و هو ما سينظر اليه البعض كتدخل السلطة التنفيذية في السلطة القضائية . كما يمكن أيضا أن يكون هناك فصل ضروري كما في قصة علي رضي الله عنه مع الجندي و كما أشرت فالمحدد هو الزمان و المكان.
+ في الديمقراطية هناك مفهوم الحق فماذا عن الشريعة الاسلامية ؟
في الديمقراطية هناك مفهوم الحق و الذي يرتبط بالفرد و ما له على الآخر و هو مفهوم مرتبط بالواجب . و في الشريعة الاسلامية تم تجاوز مفهوم الحق الى مفهوم الضرورة .
و الفرق بينهما سأسوقه في المثال التالي :
* الحق :
اذا مرضت فمن حقك الذهاب للطبيب كما من حقك البقاء في منزلك حتى تبرئ أو تموت و لن يفرض عليك أحد أي خيار من الخيارات.
* الضرورة :
اذا مرضت فيمكنك الذهاب الى الطبيب ان أردت أو البقاء في منزلك حتى تبرئ لكن ان استفحلت حالتك فيتم أخذك للطبيب سواء أردت أو كرهت .
أي أن الحق في الديمقراطية يقوم على اختيار الشخص حتى و ان كان اختياره هذا سيذهب بحياته . عكس الشريعة الاسلامية حيث يقوم مبدأ الضرورة على أساس حفظ الضروريات الخمس ( و هنا يجب التفريق بين الضروريات الخمس التي يجب الحفاظ عليها : العقل المال النفس الدين النسل و بين الضرورات التي تقوم مقام الحقوق ). و هو ما يمكن اعتباره نقطة أخرى جيدة للشريعة الاسلامية
+ ما قصة الحدود في الشريعة الاسلامية ؟
بكل بساطة فالحدود هي عقوبات نص عليها القرآن أو السنة أو هما معا حسب كل حد و هدفها حماية الضروريات الخمس و عقاب من قام بالاعتداء على أية ضرورية و هذه العقوبات قد يرى البعض أنها قاسية جدا لكنني لا أعتقد أن هناك من سيرضى بأقل من الاعدام لمن اغتصب أخته مثلا . ثم أنها مرتبطة بشروط تعجيزية في عدة حالات حتى أنه في عهد الرسول و الصحابة لم يتم رجم الزاني و الزانية المحصنين الا باعترافهما تجد الشخص قد جاء و هو يعترف بما قام به ثم يشرع الحاكم في البحث عن عذر كي لا يرجمه استنادا لقوله صلى الله عليه و سلم ( ادرؤوا الحدود بالشبهات ) و الموضوع كبير و ستكون لي فرصة قادمة ان شاء الله للحديث عنه أو الكتابة حوله.
+ فما علاقة الاسلام ( الشريعة الاسلامية ) اذن بالديمقراطية ؟
كل ما هناك أنه يمكن للمتفحص في أساسيات كل واحدة أن يجد شبه تشابه بينهما فكلاهما تقومان على اختيار الناس للحاكم -مع اختلافات بسيطة- و كلاهما تنشدان عدالة اجتماعية و كلاهما بهما فصل للسلط -و هو اختياري في الشريعة الاسلامية- . ثم أن الشريعة الاسلامية لا تعتمد على مفهوم الأحزاب فالله سبحانه و تعالى يقول في القرآن الكريم [ إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ ] الآية 159 من سورة الأنعام عكس الديمقراطية التي تعمل بمفهوم الأحزاب.
و عموما فالشريعة الاسلامية سبق لها أن أثبتت فاعليتها في القرون الغابرة و من له سؤال أو تعليق فليتفضل به في انتظار كتابتي لسلسلة من المواضيع حول الشريعة الاسلامية ان شاء الله.
و أخيرا فالله يقول في القرآن الكريم :
[ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ ] الآية 44 من سورة المائدة
[ ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون ] الآية 45 سورة المائدة
[ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ] الآية 47 من سورة المائدة
للاشارة : فالموضوع التالي سبق لي نشره على مدونتي الشخصية لكن ارتأيت أن يكون أول مشاركة لي في هذا المنتدى الرائع.
فمن المشاكل التي تعانيها الأمة الاسلامية و ما أكثرها ,مشكل الخلط بين المصطلحات فتجد المسلمين يختزلون الشريعة الاسلامية في الحدود و الاسلام في الجلباب و الحجاب و اللحى . فينظرون لدول العالم الأول فينقلبون الى الشروع في عمل مقارنة عكسية بين الشريعة الاسلامية و تشريعات العالم الأول فتجد منهم من يبدأ في الترويج لكون الديمقراطية و الاسلام ( الشريعة الاسلامية ) متماثلين و لا فرق بينهما . فيما يلجئ آخرون للوقوف ضد الديمقراطية قلبا و قالبا . و ان شاء الله سأحاول في هذا الموضوع أن أبسط المسألة ليفهمه الجميع عبر الاجابة عن بعض الأسئلة و للاشارة فهذا الموضوع لن أتطرق فيه لجميع الجوانب بل سأكتفي بالأساسيات فقط.
+ ما هو تعريف الديمقراطية بعيدا عن كل تلك التعريفات الاعتيادية و ما المشاكل المرتبطة بها؟
- الديمقراطية كما يعرف الجميع تعني حكم الشعب لنفسه غير أن هذا التعريف ليس صحيحا مئة بالمئة فالشعب ليس هو من يحكم بل الأغلبية من تحكم فأساس الديمقراطية هو ما تريده الأغلبية خصوصا في الديمقراطية النيابية. اذن التعريف الصحيح هو أن الديمقراطية هي حكم أغلبية الشعب لبقيته . و تنقسم الديمقراطية لديمقراطية مباشرة حيث يحكم الشعب دون وسيط و أخرى نيابية حيث يختار الشعب ممثلين له كي ينوبوا عليه في الحكم . و فيما يخص الأولى فلا يحضرني اسم أية دولة مازالت معتمدة عليها فكل الدول الديمقراطية أصبحت مطبقة للنوع الثاني أي الديمقراطية النيابية . فالمشكلة الأولى هي حكم الأغلبية أما المشكلة الثانية فيما يخص مفهوم الديمقراطية يمكن ملاحظتها في التعريف نفسه و ما سيترتب عنه . و لأوضح المسألة سنأخذ بلدا مثل أمركا للتوضيح.
فأمركا تنهج نهج الديمقراطية الليبرالية النيابية حيث يختار الشعب ممثليه كما يختار رئيسه غير أن المشكل هو أن كل مرشح يحتاج للقيام بحملة انتخابية تستهلك الملايين من الدولارات و هنا لب المشكل .
فهذه العملية تفتح الباب أمام ممولي هذه الحملات و الذين يفرضون شروطهم على كل مترشح بل و يحددون لهم توجهاتهم التي توافق شركات هؤلاء الممولين الذين يكون على رأسهم الشركات البترولية و شركات صناعة الأدوية و شركات صناعة الأسلحة و الأبناك. بل حتى الرئيس لم يسلم فأوباما تلقى في حملته سنة 2008 مساهمات كبيرة من عدة أبناك و شركات مالية مثل " غولدمان ساكس " و " سيتي غروب " و " جي بي مورغان تشيس" و " اي بي ام " و غيرها و اللائحة تجدونها على هذا الرابط http://www.opensecrets.org/pres08/contrib.php?cid=N00009638 .
عموما قد يتسائل البعض عن المشكلة التي تنشب من هذا العمل و الجواب أن المشكلة كبيرة لأن هذه الشركات ستصبح هي المتحكمة في السلطة و ليس الرئيس ثم أن اخلاص الرئيس لن يكون خالصا لما يريده الناس بل سيقسم اخلاصه على عدة فاعلين و قد ذكرت أولهم و الآن سأنتقل الى فاعل آخر و هو الحزب.
الحزب هو تنظيم سياسي يسعى للسلطة عبر المترشحين التابعين لهذا الحزب . و لكل حزب أهدافه و مخططاته و هذا ما قد يشكل مشكلة أخرى من مشاكل الديمقراطية . فكل مرشح يكون مخلصا لحزبه فتجده لا يخالف توجهات حزبه هذا . و بذلك يصبح الحزب نفسه من اللاعبين الأساسيين في ساحة القرار و يساهم بذلك في صنع القرار حتى و ان كان الأمر سيضايق فئات من الشعب مثل تعيين شخص بعينه في منصب ما كما فعل بوش أو أوباما -لا أتذكر أيهما- بتعيينه أحد مدراء الأبناك التي انهارت في احدى الأزمات المالية الماضية و هو الذي عرف عنه ضعفه في التسيير لكنه عين وزيرا للخزينة الأمريكية و هو الذي سيعود بعدها بمشروع قرار يمنح بموجبه رؤساء الأبناك مساعدات مالية لكن القرار سيتعرض للاعتراض ثم يعاد التصويت عليه و يقبل . و هو ما له علاقة بالفاعل الأول ( المساهمين ) لكن له علاقة قوية بالحزب نفسه خاصة عندما يكون الحزب نفسه عبارة عن وسيلة لتحقيق أهداف هذه الشركات.
عموما هذان فاعلان و يبقى آخرون طي الكتمان حتى موضوع آخر ان شاء الله.
+ و هل كل الديمقراطيات تعاني من مثل ما سبق ذكره من مشاكل ؟
- بالطبع لا . فالديمقراطية السويدية مثلا أو الألمانية أو الانجليزية لا تعاني أية واحدة منهن من هذا النوع من المشاكل كما الولايات المتحدة الأمريكية لكن لكل بلد مشاكله الخاصة -على الأقل هذا ما أعتقد- .
+ لماذا أشرت الى أن الديمقراطية و الاسلام ( الشريعة الاسلامية ) يختلفان عكس ما يعتقده الكثيرون ؟
- الأمر و ما فيه أن الاثنين يتشابهان في بضعة أمور ظاهرية لكنهما يختلفان في عدة أمور باطنية . فمثلا الديمقراطية تمنح للشعب حق حكم نفسه عبر وضع القوانين التي يريدها عكس الشريعة التي تسمح للشعب بالتشريع لكن شرط أن يكون كل تشريع مستمدا من القرآن و السنة و لا يخالف أي نص فيهما.
كما أن الديمقراطية ليس فيها ذاك الجوهر غير المتغير الذي يرجع له عند الخلاف ,قد يقول لي أحدكم الدستور لكن الدستور نفسه قابل للتغيير و التبديل و قد يقول آخر الشعب لكن الشعب قابل للتوجيه و التأثر, عكس الشريعة التي لها أساسان غير قابلين للتبديل و هما القرآن و السنة و الله يأمر بالرجوع اليهما عند كل اختلاف بين المسلمين [ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللَّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً ] الآية 59 - سورة النساء .
و هو ما يمنح الشريعة ميزة أخرى تحسب لها.
+ لكن الديمقراطية بها فصل بين السلطات فماذا عن الشريعة الاسلامية ؟
- الديمقراطية تقوم على أساس فصل السلط : تنفيذية - تشريعية - قضائية . و كل سلطة لها الحق في مراقبة السلط الأخرى عبر مجموعة من الوسائل خاصة في النظام البرلماني عكس النظام الرئاسي الذي له تدبير آخر.
و الشريعة نفسها بها تقسيم بين السلطات فالخليفة لا يمكن له أن يكون قاضيا أو أن يتدخل في عمل القاضي و تذكروا قصة علي رضي الله عنه مع أحد الجنود الذي جادله عليه السلام على أن الدرع الذي يحمله هو درعه فاختلفا فتوجها للقاضي الذي حكم لصالح الجندي غير أن هذا الأخير و بعد خروجه و علي من عند القاضي أرجع الدرع و اعتذر , و المهم هنا هو أن عليا رضي الله عنه لم يتدخل و لم يثر ضد قرار القاضي مع أنه كان خليفة للمؤمنين, و هناك قصص أخرى عديدة غيرها . غير أن هذا الفصل يكون اختياريا و حسب الزمان و المكان و احتراما للشريعة الاسلامية ذات الطبع اللين فهي تقرر أساس التشريع و حدوده و بعضا من ثانوياته و تدع الباقي للناس على أن يستقوا قوانينهم من القرآن و السنة و يحترموا حدود الله أي حدود الشريعة الاسلامية و لا يخرجوا عنها.
أي أن الفصل في الديمقراطية فصل أساسي . أما في الشريعة الاسلامية فهو اختياري ففي زمن عمر رضي الله عنه فقد كان هو الذي يفصل بين الناس ان أتوا يشتكون له و هو ما سينظر اليه البعض كتدخل السلطة التنفيذية في السلطة القضائية . كما يمكن أيضا أن يكون هناك فصل ضروري كما في قصة علي رضي الله عنه مع الجندي و كما أشرت فالمحدد هو الزمان و المكان.
+ في الديمقراطية هناك مفهوم الحق فماذا عن الشريعة الاسلامية ؟
في الديمقراطية هناك مفهوم الحق و الذي يرتبط بالفرد و ما له على الآخر و هو مفهوم مرتبط بالواجب . و في الشريعة الاسلامية تم تجاوز مفهوم الحق الى مفهوم الضرورة .
و الفرق بينهما سأسوقه في المثال التالي :
* الحق :
اذا مرضت فمن حقك الذهاب للطبيب كما من حقك البقاء في منزلك حتى تبرئ أو تموت و لن يفرض عليك أحد أي خيار من الخيارات.
* الضرورة :
اذا مرضت فيمكنك الذهاب الى الطبيب ان أردت أو البقاء في منزلك حتى تبرئ لكن ان استفحلت حالتك فيتم أخذك للطبيب سواء أردت أو كرهت .
أي أن الحق في الديمقراطية يقوم على اختيار الشخص حتى و ان كان اختياره هذا سيذهب بحياته . عكس الشريعة الاسلامية حيث يقوم مبدأ الضرورة على أساس حفظ الضروريات الخمس ( و هنا يجب التفريق بين الضروريات الخمس التي يجب الحفاظ عليها : العقل المال النفس الدين النسل و بين الضرورات التي تقوم مقام الحقوق ). و هو ما يمكن اعتباره نقطة أخرى جيدة للشريعة الاسلامية
+ ما قصة الحدود في الشريعة الاسلامية ؟
بكل بساطة فالحدود هي عقوبات نص عليها القرآن أو السنة أو هما معا حسب كل حد و هدفها حماية الضروريات الخمس و عقاب من قام بالاعتداء على أية ضرورية و هذه العقوبات قد يرى البعض أنها قاسية جدا لكنني لا أعتقد أن هناك من سيرضى بأقل من الاعدام لمن اغتصب أخته مثلا . ثم أنها مرتبطة بشروط تعجيزية في عدة حالات حتى أنه في عهد الرسول و الصحابة لم يتم رجم الزاني و الزانية المحصنين الا باعترافهما تجد الشخص قد جاء و هو يعترف بما قام به ثم يشرع الحاكم في البحث عن عذر كي لا يرجمه استنادا لقوله صلى الله عليه و سلم ( ادرؤوا الحدود بالشبهات ) و الموضوع كبير و ستكون لي فرصة قادمة ان شاء الله للحديث عنه أو الكتابة حوله.
+ فما علاقة الاسلام ( الشريعة الاسلامية ) اذن بالديمقراطية ؟
كل ما هناك أنه يمكن للمتفحص في أساسيات كل واحدة أن يجد شبه تشابه بينهما فكلاهما تقومان على اختيار الناس للحاكم -مع اختلافات بسيطة- و كلاهما تنشدان عدالة اجتماعية و كلاهما بهما فصل للسلط -و هو اختياري في الشريعة الاسلامية- . ثم أن الشريعة الاسلامية لا تعتمد على مفهوم الأحزاب فالله سبحانه و تعالى يقول في القرآن الكريم [ إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ ] الآية 159 من سورة الأنعام عكس الديمقراطية التي تعمل بمفهوم الأحزاب.
و عموما فالشريعة الاسلامية سبق لها أن أثبتت فاعليتها في القرون الغابرة و من له سؤال أو تعليق فليتفضل به في انتظار كتابتي لسلسلة من المواضيع حول الشريعة الاسلامية ان شاء الله.
و أخيرا فالله يقول في القرآن الكريم :
[ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ ] الآية 44 من سورة المائدة
[ ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون ] الآية 45 سورة المائدة
[ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ] الآية 47 من سورة المائدة