المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مثال لمن يريد ان يستخدم عقله ( ولله المثل الاعلى )



( ابو معاذ )
01-02-2014, 02:04 AM
بسم الله الرحمن الرحيم



ولله المثل الأعلى


ولو كنتَ جادّا وتريد أن تعرف الله , فعليك أن تقرأ المثال الافتراضي التالي وإنْ شاء الله سوف تتأكّد بنفسك عن مدى بساطة معرفة الله من حيث الجهد البدني . فما عليك سوى ان تتصوّر المثال أدناه وتفكّر فيه جيّدا وتتفهّم لما اريد ايصاله لك . واذا اردْتَ ان تسوغ المثال بشكل آخر كأن تأتي بالأب وتغيّيب الأم , أو تزيد من عدد الاولاد مثلاً او تعدّل من عندك حسب ما يوافق حالتك فلك ذلك . المهم هو ان تجعل شكل المثال يبدو لك واضحاً .


والمثال هو لو أنّ :

امرأة انفصلتْ عن زوجها , وذهبتْ لتعيش في قريتها مع اسرتها . وبعد وقت قصير من الانفصال , أتّضح ان تلك المرأة كانت حاملاً . وبعد الحمل وضعتْ اربعة توائم . اربعة إخوة خرجوا لهذه الحياة دفعة واحدة يعيشون في كنف أمهم فقط . والآن ......

والآن ارجو منك ان تسوغ سيناريو مفترض خاص بك او تشبيه لما تراه سيقع . فتلك المرأة تعيش في بيت خاص بها هي وأولادها الاربعة في قرية ابيها .

وللتيسير , إليك هذا السيناريو البسيط الذي اضعه بين يديك .

فقد بدأ الأولاد ( التوائم ) يتعرّفون على هذه الدّنيا كباقي الاطفال . بدأوا يسألون امهم عن ابيهم .

في بادئ الأمر كان الجد ( ابو الأم ) هو ابوهم , وهذا هو قول امّهم لهم , وحسب ما يرونه وهو يتردّد على البيت بكثرة . صدّقوا ان ذلك الرجل هو ابوهم الفعلي . وبعد ان بدأ لديهم الوعي وبدؤوا يدركون الحياة ويفهمون الكلام ويسمعون الروايات والقصص التي يحكيها اصدقاءهم وجيرانهم عنهم , وكثرة الروايات حول ألئك التوائم الاربعة وتعدّدت القصص التي تُقال عنهم وسمعوا كلاما كثيرا بشأنهم . وبعد حين من سن البلوغ لألئك الأولاد ... فإنّ


أحد الأولاد ( التوائم ) تمسّك بالخبر الذي يقول أن جدّهم ( ابو امهم ) هو ابوهم الحقيقي فصدّق ذلك الكلام وتمسّك به لأنّه مطابق لكلام أمّه وقد اعتاد على سماعه منذ الصّغر وصعب عليه ان يغيّر ما اعتاد عليه .

والثاني لفت انتباهه كلام البعض عن أنّ اباهم ليس هو ذلك الشيخ العجوز ( جدهم ) , ولكن الاب الحقيقي غير معروف . بمعنى انه ليس لهم اب شرعي , فظنّ أن ذلك الخبر ربّما يكون صحيحاً , فأمسك عن الخوض في هذا الشأن خوفاً منه , ورضي بما يكفيه لاستخراج بطاقة احوال . علماً ان عجوزاً قد ذكرت له خبرا عن ابيه وان وجهه يشبه وجه اخيه الأول .


والابن الثالث اعجبه القول الذي قاله له مدرّسه الذي يثق فيه , إذ قال له أنه وُلِد من غير اب . أي بلا اتصال جنسي فصدّق هذا الخبر واعتقد به راضياً بذلك الخبر وأوقف البحث عن الحقيقة ..!!

أما الرابع فقد لاحظَ الاقوال التي تردّدتْ بكثرة على مسامعهم هو واخوته الثلاثة .
فالناس والجيران والمحيطون بهم قد قالوا لهم قصصا كثيرة ومتعدّدة
ومنها , أنّ ابوهم الحقيقي ليس هو( الجد ) وانما ابوهم هو رجل من قرية أخرى وهو شخص فاضل وكريم . وان الام كانت هي سبب الانفصال وهي السبب في تشتيت الاسرة . وكذلك سمع ما قيل لهم عن ان ابيهم الفعلي بأنّه ليس معروفاً, ولا يزال يتذكّر بعض كلمات امّه وهي تشكوا لأمّها من ظلم زوجها لها . ولاحظ تطابق اسم امه مع اسمه , ولاحظ امه وهي تنادي( ابوه ) ب ( ابي ) . كذلك لم يرَ ابوه المزعوم ( جده ) وهو ينام عندهم ... الخ .


والآن تعال نتأمّل معاً حالات الأولاد الأربعة .

إنّ الولد الأول قد اراح نفسه من مشقة البحث ورضي بما قيل له فاراح واستراح . وهذا الولد لا اظن انه يريد ان يعرف حقيقته , او لا يهمّه ذلك . فلو أنّه لاحظ فقط معاملة امه لأبيها لعرف على الاقل نصف الحقيقة . ولكنه لا يهتم في هذه الأمور, المهم عنده هو اسم يستطيع ان يملأ به بطاقة الاحوال ويملأ النماذج الحكومية التي يتعامل بها , انه يريد ان يعيش وبس .

أما الولد الثاني فقد اهمل ما قالته له عجوز في القرية حين قالت له , بنزاهة امّه وبأن اباه هو شخص يسكن في قرية أخرى مجاورة لقريتهم . وأعجبه كلام الغاوين حتى افقدوه الثقة في أمّه وربّما لكونه خبيثاً ظنّ في امه ذلك الظن السيئ , ولم يبحث عن الحقيقة بجد وتمحيص خوفاً من معرفة الحقيقة , و لكونه يعرف ان ما قيل له قد يكون صحيحاً , فقاده ذلك الى ان يظلم أمّه ويفتري عليها ويدع الحقيقة جانباً . فهو يرى أن الحقيقة صعبة.

الولد الثالث : ومهما حصل على شهادات عُليا إلاّ أني اعتبره معتوه . فهناك مرحلة في العمر يعلم فيها الانسان أنه لا بدّ ان يكون له أب ... لا بدّ من وجود ذَكَر لتتم عمليّة الانجاب . ولكنّه صدّق مدرّسه ووثق به واتّبع ما قيل له . هذا الولد الافتراضي اظنه غبيّا فوق العادة ..!!! وان الولد الثاني رغم سوءه إلاّ انه افضل من الثالث بكثير من ناحية العقل والإدراك .

أما الولد الرابع من توائمنا المفترضة , فقد استعمل عقله , فاشعلت التناقضات الكثيرة ناراً في قلبه , وأوجعه الكلام الذي يُقال عن أمّه واحرقه الهمز واللمز الذي يسمعه من اترابه . وقارن الكلام ووزنه , فأصرّ على ان يعرف الحقيقة بنفسه . وبذل الجهد الفكري لذلك .
وان أكثر شخص يمكنه ان يبدأ به ويسأل هو أمه . ولن تكذب عليه وخاصّة ان لديه ما يفحمها به وهو تطابق اسمها مع اسمه في ناحية اسم الأب , وكذلك مناداتها لابيها ومناداة ابيها لها . ومن هنا انطلق ذلك الولد الرابع , يسأل الصغير ويتأكّد من الكبار .. ويقارن الاقوال ويطابق الحكايات . ويتأمّل الناس من ناحية المصداقيّة ..... الخ





وأخيراً ... وفي نظرك أنتَ


أي الأولاد الأربعة يا ترى سوف يتمكّن فعلاً من معرفة الحقيقة ....!!!؟؟؟

اذا كان جوابك هو : أن الولد الرابع هو المرشح لذلك

فإنّي اقول لك

لو انك فعلاً تريد ان تعرف الله سبحانه وتعالى ,
فوالذي نفسي بيده ان معرفة الله اسهل من معرفة الولد الرابع لحقيقته بالنسبة لابيه .
أأكّد لك ذلك وأقسم عليه . والمطلوب منك هو : ان تشعل نار البحث في فكرك وتصب كل توجّهك في ذلك الشأن , وتحرّك عواطفك لتتوجّه معك في البحث والتعرّف على الله .
ولا تهمل صغيرة ولا كبيرة ... وابدأ في بحثك عن الخالق ...

ومتى ما استقرّ عندك الاعتقاد الثابت بأن هناك خالق وموجد لهذا الكون ....
فما عليك حينها سوى ان تقول لذلك الخالق ... يا رب اهدني .
قولها صادقا وجازما وكررها واستمر عليها ثابتاً وان شاء الله سوف يبصّرك الله في امرك ويهديك الى الحق من حيث لا تشعر . بشرط واحد وهو ان تكون صادقاً .

واذا كان جوابك قد جاء فيه ان غير الولد الرابع سيتمكّن من معرفة الحقيقة
فبالله عليك قل لي كيف ...!!!؟؟؟

ولله المثل الأعلى وما كان هذا المثال إلاّ ليقرّب الى الاذهان الصورةَ , ولو ان شخصاً فكّر في ذلك المثال لوجد تبسيطا لعمليّة البحث . وكما جاء في المثال من فوارق بين المعلومات التي قيلت عن ( اب ) ألئك الأولاد فكذلك هي الاختلافات التي تقال حول الرب وحول الله جل وعلا . وعلى الانسان العاقل ان يستعمل كل طاقاته الفكريّة ليصل بنفسه الى الحقيقة المطلقة .

إما لو سألتني بقولك (( لماذا ابحث عن الله .؟ ))

فلأنّه الحق .. ويجب علينا ان نعرف حقيقة الاشياء ولأنّه

متى ما عرف الانسان الحقيقة فلن يندم أبداً على فعله ذاك وسيجد من الرّاحة والسعادة والطمأنينة ما لا يستطيع ان يوصفه للآخرين ولا ان يعبّر عنه بالكلمات ولا بالنّعوت .

أن معرفة الله لهي اعظم شيء يكتشفه الانسان واهم معرفة يحوز عليها الانسان .
إنّ معرفة الله اعظم من اكتشاف الذّرة واعظم من الاكتشافات الطّبيّة كلّها , وان معرفة الله سبحانه وتعالى اهم وأعظم من الصعود الى القمر وكل ما له علاقة بذلك الصعود , وأعظم من معرفتنا بكيفيّة بناء المفاعلات النّوويّة , وباختصار شديد للغاية , فأن معرفة الله هي :
اعظم من كل معرفة على الاطلاق , وأعظم من كل ما توصّل اليه العلم القديم والحديث وأعظم واهم من كل ما جادت وكل ما ستجود به التقنية والاكتشافات الحديثة والمستقبليّة .
معرفة الله سبحانه وتعالى اذا حصل عليها الانسان فإنّه سيعلم بنفسه أنّه حاز على شيء كبير ونصيب وفير , وسوف يعلم أنه اكتشف اكتشافاً عظيما لم يكتشفه كثير من الناس .
إن معرفة الله إذا حصل عليها الانسان فان تلك المعرفة تكون مصحوبة بفرحة وسعادة لا يساويها شيء ولا يعادلها أي شيء في هذه الدنيا , انها سعادة لا تغادر قلب صاحبها ابدا.

ورغم أن معرفة الله لها كل تلك الأهميّة وتلك العظَمَة , ألاّ أنها في منتهى البساطة .
فقط رِدْ ذلك واعمل له بصدق وفكّر فيه بجدّيّة وحياد