المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : دور العقل بين الجمود واالإنطلاق



عبدالله زايد
06-11-2006, 07:52 PM
الحمدلله وحده والصلاة والسلام على من لانبى بعده وآله ومن اتبعه وبعد
والعقل دوره فى الشريعة خطير ولابد من طرح عدة أسئلة ومن خلال الإجابة عليها يتضح لنا دور العقل
ما هو دور العقل فى الدين ؟
ومتى ينطلق؟
ومتى يتقيد؟
فأقول: أولاً
ثبت بالإجماع عند كل علماء الأمة أن المجنون غير مكلف وان السفيه غير مسؤول عن تبعة تصرفاته
لأن مدار التكليف على العقل ولاتكليف لمن لاعقل له وهذه مسالة لاخلاف عليها
لما كان العقل مدار التكليف كان العقل أيضا مدار الفهم عن الله وعن رسول الله
والفقهاء هم سادة الأمة في الفهم عن الله سبحانه وتعالى وعن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم
ولذلك دعا النبي لحبر الأمة عبد الله بن عباس رضى اله عنهما بالفقه في الدين
وكان بإجماع العلماء سيد الفقهاء في التفسير وحبرهم المقدم على غيره
والفهم عن الله ورسوله شئ وتقدم العقل بين يدي الله ورسوله شئ آخر
فالفهم بالعقل للشرع محمود بل وهو اساس الدين والتشريع
والتقدم بالعقل بين يدي الشرع مذموم والتوسط وهو المحمود في كل الأحوال
والفهم بالعقل لأدلة الشرع لا شك محمود من كل الوجوه وهو النظر في الأدلة والجمع بينها
والاجتهاد في معرفة مراد الله ومراد رسوله من خلال الارتباط الوثيق بالأدلة الشرعية
وعدم الخروج قيد أنملة عنها هو الطريق المحمود الذي لا يجادل فيه إلا سفيه لا يعقل شيئاً
والنظر بالأدلة يتولد عنه شيئين الأول هو معرفة مراد الله ورسوله إن كان لذلك سبيلاً في الشريعة
والثاني العجز وعدم إدراك المراد من التشريع في جزئية ما ...وحينئذ يقف العقل مستسلما لا يتعدى قدره
ويرد العلم إلى مولاه سبحانه وتعالى عملاً
بقوله تعالى( ولاتقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولا)
وأخطر ما يمكن للعقل أن يكون له فيه دور عالم الغيب فهذا فوق القدرة وفوق الطاقة
ولكن بفضل الله جعل الله للعقل فيه دوراً في الفهم وإن كان صغيرا إلا أنه كافي في تثبيت وترسيخ الاعتقاد داخل النفس المسلمة
واضرب لذلك مثلاً واحداً ولا أزيد ...
أشد ما قاتل عليه الرسول وجاهد فيه بعد التوحيد هو إقناع المشركين بالبعث بعد الموت
وقاتل في ذلك زمناً طويلا
فكيف كان السياق القرآني والنبوي لإيضاح هذا الجزء من العقيدة؟
في كل سياق القرآن ربط الله تعالى بين قضية الأرض الجافة فإذا نزل عليها الماء اهتزت وربت
وبعد السياق مباشرة ودائما ما يعقب الله سبحانه بقوله كذلك الخروج وكذلك النشور
وقال تعالى(إن الذى أحياها لمحيى الموتى وهو على كل شىء قدير )
وكأنه يشير لنا سبحانه الرحمن الرحيم بقوله
هذه القضية في البعث يوم القيامة ماثلة أمامكم في أحياء الأرض الميتة بعد نزول المطر
كيف كانت قبل نزول المطر وكيف أصبحت بعده
بل وبين الرسول أن الأجساد حين تبلى يبقى منها جزء صغير لا يبلى
ومنه تنبت الأجساد يوم القيامة كما ينبت البقل والزرع في الأرض
بل عالج هذه القضية الخطيرة أيضا بمثال آخر
قال فيه الرسول (لتموتن كما تنامون ولتبعثن كما تستقيظون )
وكان يقول إذا استقيظ من النوم (الحمد لله الذي أحياني بعد ما أماتني وإليه النشور)
وذلك تصديقاً لكتاب الله (الله يتوفى الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها)
كما تنام ستموت كما تسيقظ ستبعث وهكذا اليسرفى الدين وببساطة شديدة
وهذه أخطر قضايا الدين مع التوحيد عالجها الشرع الحنيف لنعقلها ولنتدبر الأمر عن يقين جازم
أن الذي خلق الخلق أول مرة قادر على إعادتهم مرة ثانية وهى أهون عليه من الأولى
وليس المراد بالهينة هنا من حيث صعوبتها على الله وعدم صعوبتها فكلاهما سواء
ولكن المراد إن كنتم تستغربون العودة إلى الآخرة
فكان يجب أن يكون إستغرابكم للنشأة الأولى من العدم أشد وأغرب من البعث بعد الموت
وساق الله السياق كذلك لنعقل ونفهم عن الله ويترسخ الاعتقاد داخل النفس يقينا ثابتا بما قال الله والرسول
وبما أذن الله أن نفهمه بما ضرب لنا من المحسوس حولنا وهكذا الفهم والعقل عن الله ورسوله
وهذه أخطر قضايا العقيدة أتاح الله لنا حيزاً من فهمها على قدر عقولنا
وعلى هذا الأساس الراسخ الواضح الصريح ينبغي أن يدور العقل في الفهم عن الله وعن رسوله
لا يتقدم العقل على النصوص ويتجاوزها
فإن فعل ذلك سيهلك وحتى لايغتر المرء بعقله
قال الرسول الكريم(إن الدين يسر ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه)
وهو أيضا لايسير كالأعمى الذي يتخبط لا يفقه شيئا
وهذا هو دور العقل الذي يجب أن يقوم به وهى الوسطية المحمودة
التي أثنى عليها ربنا تبارك وتعالى بقوله)والذين إذا ذكروا بآيات ربهم لم يخروا عليها صماً وعمياناً(
بل الفهم ....بل الفهم ..... دون تعدى للحدود وتجاوز لها
وفى المقابل نعى الله نعياً شديداً الذين لا يفهمون عن الله عز وجل مراده
في قوله تعالى
(مثل الذين حملوا التوراة ثم لم يحملوها كمثل الحمار يحمل أسفارا بئس مثل القوم الذين كذبوا بآيات الله والله لا يهدى القوم الظالمين)
لما نزل قوله تعالى
( ومن كان فى هذه أعمى فهو فى الآخرة أعمى وأضل سبيلاً)
جاءالصحابى الجليل عبدالله بن أم مكتوم وكان مكفوف البصر إلى النبى صلى الله عليه وسلم
فقال: يارسول الله
آية أحزنتنى قال الرسول الكريم :وما ذلك.... فقال :الآية السابقة
فنزل أمين السماء جبريل عليه السلام بقوله تعالى
(فإنها لاتعمى الابصار ولكن تعمى القلوب التى فى الصدور)
وقال تعالى( ولقد ذرأنا لجهنم كثيراً من الجن والأنس لهم قلوب لا يفقهون بها ولهم أعين لا يبصرون ولهم آذان لايسمعون أولئك كالأنعام بل هم اضل أولئك هم الغافلون)
وغيرها من الآيات في القران الكريم
وهذه نظرة سريعة ومقدمة ثانية أرجو من الله أن أكون وفقت فى عرضها
وأسأل الله العلى القدير أن ينصر الإسلام ويعز المسلمين
صلى الله على النبى الأمين وآله وصحبه والتابعين
والحمدلله رب العالمين
:emrose: :emrose: :emrose: