المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : إلى الذين يغرِّدون خارج السرب !



ابن سلامة القادري
12-07-2014, 11:39 AM
البشرية شبت عن الطوق فهي تملي على الرسول أفكارا ؟ .. أفكارا في السلوك و الاجتماع و أفكارا في السياسة و الرياسة و أفكارا في الاقتصاد و القانون و الحياة العامة و مقترحات في الحلال و الحرام .. يعني شريعة جديدة يُسوِّق لها من يحسبون أنفسهم أنبياء جدد !
و نسوا أن شريعة الله كاملة بكماله تعالى فهي لصالح الأنفس جميعا و من كل وجه و أن شريعة البشر هي لصالح بعضهم دون بعض و لمجال دون مجال .. و أن شريعة الحق المطلق هي غير شريعة الأهواء.
فالإنسان كلما ارتبط بعقيدته في الله العظيم و في المصير الدائم المقيم كان أكثر استعدادا لتغيير نفسه و إصلاحها، فتلك هي القوة الوحيدة التي تجعل من الإنسان كائنا سويا نافعا لا يؤذي أحدا و لا يرغب في مجرد التفكير في ذلك بل ينفع نفسه و أهله و مجتمعه ما استطاع إلى ذلك سبيلا .. فهل هذا في شريعتكم ؟

الاسلام بمفهومه الشامل أي الإسلام لله بكل الأفكار و الأحاسيس و الجوارح و المواهب و المكاسب هو طاقة حب و رجاء و مناعة خوف و حياء ربانيتان تحيطان بإرادة الإنسان و ضميره و ميوله فيحول جهله إلى علم و عجزه إلى قدرة و اجتهاد و تكبره و عناده إلى تواضع و سلاسة في التعامل و ظلمه إلى عدل و إهماله إلى إحسان و سلبيته إلى إيجابية. و يحول الإنسان من شخص مرتشي انتهازي على سبيل المثال إلى شخص يؤثر على نفسه متصدق محسن إلى الضعيف و الفقير و من شخص ساع إلى الثروة و الشهرة إلى إنسان شاكر لأنعم الله لا يهمه سوى رضى الله و الدار الآخرة .. و يحول كل الأمراض النفسية إن وجدت إلى سواء و اعتدال و راحة و تفاعل مع الأسرة و المجتمع .. و يمحو كل دوافع الإساءة و الفساد و الجريمة من جذورها. لكن حسب شريعة الأدعياء لن تجد إلا الهوى حَكَماً و الشقاق و النفاق حُزماً رُزماً يفكر في نفسه أبا كان أم أما، زوجا أم زوجة أم إبنا، قريبا أم جارا حتى قبل ذويه فضلا عمن يليهم من عامة الناس .. يفكر في شهواته و نزواته و يجعلها هدفا له على حساب كرامات الناس و مكتسبات الناس و حاجات الناس و مصالح الناس و حقوق الناس و مظالم الناس و معاناتهم، معلما كان أم أستاذا أم طبيبا أم ممرضا أم كاتبا صحفيا .. رئيسا كان أم سياسيا أم إداريا أم موظفا بسيطا أم قانونيا، تاجرا أم صاحب مصنع أم صانعا، مهندسا أم طباخا أم مصلح سيارات أو أي نوع من الأجهزة أم حارساً أم تلميذا أم طالبا.
كل هؤلاء لا بد أن يحس بمسؤوليته كمسلم يعبد الله و يخافه و يتقيه يحب للآخرين ما يحب لنفسه و يفكر فيهم و يراعيهم كما يفكر في نفسه و يراعيها. و لأجل اكتساب الطاقة و المناعة لذلك لا بد من إسلام النفس لله تعالى و ليس مجرد الإنتماء الأجوف البارد لدين الإسلام.
نعلم أن الكثيرين من المسلمين أنفسهم من هذا النوع و هم كل مقصر في طاعة ربه تغلب سيئاته حسناته و يؤثر الشهوات العاجلة على الآجلة لكن ليس إلى درجة الظلم و إيذاء الآخرين و اقتراف الشرور لإرضاء نزوة النفس أو الأهل.
و الذين ينادون بأفكار أخرى أو مذاهب أخرى خارج نطاق الإسلام أو تصادم الإسلام ليسوا منا هم دخلاء علينا و على الجميع الحذر و التحذير منهم لأنهم في أحسن الأحوال لن يأتوا بخير مما جاء به الإسلام رحمة للعالمين .. لن يرحموا أحدا و لن يقدروا قدر أحد و لن يكون لهم نصيب من الأخوة الإنسانية أو الإصلاح الإجتماعي أو السياسي إلا ادعاء كاذبا في حين سيطمحون فقط لأن يكونوا لا معين مشهورين تسوقهم أهوائهم و إديولوجياتهم و عنصرياتهم و انتماءاتهم الشاذة و المرُيبة .. فاحذروهم إنهم كل مُغرّد خارج السرب من بني جلدتنا و يتكلمون بألسنتنا.