المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : كيف تموتُ الأمـة ؟؟



الطلحاوي
01-31-2015, 08:32 PM
السلام عليكم
(1)

الأمـة كِيـان جماعي تجمعه روابط الدين أو اللغة أو التاريخ، و ولاء أفرادهـا تحكمه بُعدُ الانتماء العقائدي النـاظم للعلاقات، و مـا عداه ليس إلا اعتبارا مُحدِّدا للأمة السياسية التي تسع التعدد العقائدي تحت ميثاق جامع، و على أساس هـذا التمييز سيكون حديثنـا عن الأمـة بالتعريف الأول فننظر في شروط التمكين و أسباب التضعضع الداخلي و أثر ذلك على انحـلال الأمـة و أفول قُـطبِـيتهـا وصولا إلـى واقع الانبطاح الكلي و الشلل الوجودي الذي قد يصيب الأمة في لحظة زمنية مـا قد تطول و قد تقل . إن الأمـة العقائدية ليست خطـا متسلسلا مُرتفعـا عبر التاريخ كمـا أنهـا ليست انحدارا مستديمـا ، و إنمـا تموجـات صـاعدة و هابطة تعكس مدى فاعليتهـا و خمولهـا عبر الزمن و تكشف لحظـات القوة التي ارتبطت بالعزة و التمكين و تُجلـي لحظات الضعف التي ارتبطت بالركون و الجمود في مجـال زمني مـا ، و قوة الأمـة تكمن في قدرتهـا علـى صنـاعـة وجودهــا الحضاري الذي يغطي أشكـال التمدن و في غلبة جُموعهــا علـى مقارعـة الظلم و في بناء نظامـه السياسي الراشد، و قبل هـذا و ذاك يتجلـى في مـدى التزامهـا بالمنهـاج العقائدي و مـا يلحقـه من ترتيبات عملية و أحكـام شرعية، في المقابل يكمن ضعفهـا في تقهقرهـا الحضاري و تراجعهـا الوجودي و في استكـانة جُموعهـا في قبول الإذلال و الاستعباد، و قبل هـذا أو ذاك تتشخصـن هزالتهـا في تمزق منظومـة القيم الدينية و مـا تُرسيهـا من نظم فاعلـة .

لمّـا توسعت الأمـة طولا و عرضا في بلاد العـالم و انتشرت في كل القارات كـان لِزامـا النظر في فـاعليتهـا علـى مستوى كـل قُـطر، إذ بذلك تتضح مدى صمودهـا أو ذوبانهـا فتُكشَف أسباب الانحطـاط و عوامل السقوط في شِرَك الجمود، و المُلاحَظ أن الأمـة القطرية المعاصرة تعـاني من تمزقات و أمراض حوَّلتهـا إلـى كتلـة مُهملـة و إلـى أمـة عقائدية غثائية مشلولة إذ لمّـا تفككت قيم الولاء المطلق لله تعالى و انتقلت من بُعدها الوجدانـي الأصيل إلـى بُعدهـا الكـلامـي صـارت الأمـة القطرية أفرادا بلا روابط تمامـا مثل حباتِ عقدٍ متناثرة لا تنجمع . إن الانحلال الداخـلي و انهيار سلطـة الجمـاعـة العقائدية أنتج بدوره تأزمـات غائرة في بنية التفكير الجمـاعي و حوَّل الشعب إلـى قطـاعات غير مؤثرة في صنـاعـة الحضارة و السياسة و أشغلَ الأفـراد بمعارك هـامشية فأنست مسؤوليتهـا الكبرى في دحـر الظلم السياسي الذي يولِّـد إشكاليات اجتماعية و مآزق اقتصادية و تشوهـات دينية تُصيب الأمـة القطرية بتجمد يُشـل من حركتهـا مـا لـم يتم النـظر في الأصول الكبرى المسببة لهـذا الجمود، فمن أين نشأت الغثائيـة ؟؟

( 2 )

كـانت عـلاقـة الأمـة العقائدية بالسياسة عـلاقة محمولـة علـى قيم المنظومـة الدينية بحيث اعتبرت عناوين الولاء و الطـاعـة و البيعة القائمة علـى الاختيار مفردات دينية يؤديهـا المسلم بموجب مسؤولياته الشرعية لحل مشاكـل التناحر حول السلطة، و كـانت السياسة الشرعية القائمة علـى تنزيل المشروع الإسلامي منهـاجيا يستهدف تحصين العقل الجمـاعي من خـلال تحقيق مطلبين كليين : مطلب العدل في توزيع الثروة كمسلك غـائي أرضي و مطلب الإحـسان في تحقيق العبودية الكـاملة لله تعـالى . لــقد دارَ الزمـان و تولـى السيفُ القيادةَ و تحولت معـه البيعـة إلـى مجرد طقس تقليدي قائم علـى الإكـراه، و لمّـا سـادت لغـة السوط و صارت حيازة السلـطة تتم عبر مسالك الغلبـة و الانتزاء يتلقفهـا طـاغية عن طـاغية كـان لِزامـا أن تنهـار منظومـة العـلاقة بين الدين و السياسـة، بين الحـاكم و المحكومين إذ تغيرت قيم الحكم علـى مستوى الهرم لتمس بَعدهـا وضع الأمـة بالتدريج، و مـع ذلك و نظرا لبساطة تركيبة الدولـة السلطـانية في تاريخنـا الإسلامي لم تقدر أن تُصِبِ المجتمع بالشلل الحضاري لأن تغلغل الدولـة التسلطية ظل ساريـا فقط في نظام الدولـة و لم يمس قدرة الأمـة علـى الإنتاج و العطـاء إلا في بعض الظروف التي التهمت فيهـا الدولةُ المجتمعَ و ساستهـا بالقهر و الإذلال ، لذلك لم تمت الأمة إبـان حكم الدولة الأمـوية أو العباسية رغم الفساد السياسي و الحكم المستبد بفعـل استقلالية المجتمع عن الدولة السلطانية حيث قادت الكوادر الفُقَهـائية و المعارضة السياسية و الحركـات الكـلامية المجتمعَ و حصنتـه من التفكك الديني الداخلي و سلحتـهُ بقيم الدفاع عن الدين و أبقتْ في عقلهـا الجمـاعي مركزية الدين الوجودي و شموليته المعيارية، ففي هـذا المنـاخ نشطت حركـة التأليف في كـافـة المصنفات الشرعية و الأدبية و الفلسفية و الكـلامية و العُـلومية و تعددت فيه المدارس الفقهـائية بشكل دل علـى حيوية الحضارة التي صنعتهـا طبقة المجتمع لا طبقة الدولة إذ لـم تكن الأخيرة قد تحكمت كثيرا في الأولـى إلا بمقدار ضئيل يخص المعـارضين "لشرعية" الحكم الأموي و العباسي .

عـلاقـة الدولة بالمجتمع يمثل مدخـلا هـامـا لمن يودّ فهْـمَ كيف يُصنع التفرق الداخـلي و كيف تنتشر في ذاتـه أمراضا اجتمـاعية و اقتصادية و دينية، فكلمـا تنـاسبَ رأسُ الدولـة جســدَ المجتمع كلمـا تحقق الانسجـام التداولي و كلمـا تنـاقضت مشاريعهـمـا كلمـا اضطربت وِجهـة التغيير و أنتجت تصدعـات متغلغلة في مفاصل المجتمع فتتراكمَ عبر الزمن لتصبح معيقات موضوعية و ذاتية حـادة، لذلك يُدرك المتأمـل في مسيرة التاريخ الإسلامي كيف التحمت مرجعية المجتمع بمرجعية الدولة في عهـد الخـلفاء الراشدين و صارت دولة الخـلافـة لُحــمَــة الأمـة حتـى بدأ التصدع يسري شيئا فشيئا بعد الانقلاب الأمـوي الذي مكَّن من إرسـاء تقاليد سياسية جديدة أفرزت قيمـا اجتماعية فاسدة موروثة، و لم يكن بمقدور الدولة السلطانية فصل نفسهـا عن المجتمع علـى مستوى وظيفتهـا القائمة علـى إنفـاذ الشريعـة علنـاً نظرا لطبيعـة المجـال التداولي الإسلامي الضاغـط و النـاظم للفكر و العمـل، لذلك بدأ الشروع في تبني آليات الالتفاف علـى الدين عن طريق الاستئثار بالسلطة و التحكم ببيت المـال و ترك هوامش لتعبير النـاس عن مظالمهم أمـام قضاء مستقل دون أن يمتد ذلك إلـى ملاحقة الظالمين الكِبـار الذين وُضعوا فوق المحـاسبة .

( 3 )

بعد انهيـار سلطـة الخـلافة و حلول القُطريات و دُويلات التجزئة توسعت الشقة بين الدولة و الأمـة و برزت صراعـات شديدة عكست في الواقع أزمـة الهوية و الشرعية، إذ أن جهـاز الدولة المُستَورَد لم يكن في الحقيقة إلا بدايـة انفصال الرأس عن الجسد و نقطة تحول كبير في أدوار رجال الدعوة و الدولة حيث علتِ الدولة و صارت كِيانـا خـارقا يملك إمكـانية اختراق جميع نواحـي الحياة العـامـة و التأثير في نمـط العـلاقات بين النـاس و التحكم في رغيف العيش مـمـا جعـل بمقدوره تشتيت العقل الجمـاعي و تخريب آليات دفاعـه و تقطيع كـل تكتلات المـمانعـة و زرع أشكـال جديدة تتأسس ثقافتهـا علـى الانبطـاح و التواكلية و الفردانية ، من هنـا تبدأ عمليات المسخ و قلب القيم و تجميد الطـاقات و ترسيخ الأنـانيات الفردية فتنحـل عُـرى الجمـاعـة إلـى كتلة بشريـة فاقدة للإرادة و المبادرة . إن هـذه الوضعيات الجديدة التي تلخصهـا عنوان "الغثائية" لم تكن لتصل هـذا الحد من التردي لولا ارتباط الدولـة بالاستبداد السياسي و لولا جنون السلطـة الجبرية في إخـضاع كـل تيار أو حركـة تحت قبضتهـا، فالدولة البولسية بتركيبتهـا البنيوية تنزع نحـو الداخـل للإخـضاع و تنزع للخـارج للخضوع فتُنـشِــئُ في الداخـل تناحرا اجتمـاعية و تمزقات اقتصادية و تشوهـات دينية و مفاسد أخـلاقية تودي بالأمـة إلـى مهـالك حقيقية لا تقوى بسببهــا علـى مواجهــة التحديات فتكون بذلك ثمرة من ثمرات الاستبداد السياسي الذي أجهـز علـى كـل الإرادات و قتـلَ كـل أكـل للتحرر .

سُذَّجٌ أولئـك الذين يظنون أن الاستبداد السياسي شأن سياسي، فالبعض من الشيوخ الذين يتساهلون مع الظلمـة الفاسدين و يعتقدون بأن تبعـاتـه تعود لذاتـه لا لذات الجمـاعة، هـؤلاء لـم يستوعبوا تحليل عـلاقـة الاستبداد بالأمـة و لم يدركوا حجـم الفرق بين مـا آلت إليهـا الدولـة المعـاصرة من تضخم في الصلاحيات و بين مـا كـانت في المـاضي ، ففي زمننــا يمـارس الاستبداد تأثيرات مفصلية علـى الأمـة بحيث يُنتج بسياساته خرابا هـائلا في البنيات الداخلية "الفوقية" و "التحتية" ممـا يسمح للمستبدين بإحكـام السيطرة علـى كـل أنواع المعارضات و تنويم قطـاعات شعبية و تفكيك عـلاقات القيم و تحويل المجتمع لكومـة قش متراخية تذروهـا الرياح . إنّ ممـا كـان يعطي للمجتمع الإسلامي هيبتـه في الماضي أنه ظـلّ يستمـد عـلاقاته البنـائية من مجالـه التداولي الذي يمثل المرجعية الدينية الكلية إذ سـاعده ذلك علـى بقاء رسالتـه الخـالدة حيّـةً في العقل الجمـاعي مـما جعـل الطـاغية يخشـى دومـا من كلمـة فقيه ثائر أو زعيم معارض، أمــا واقعنـا المعـاصر فقد تحـالفَ الاستبداد مع التغريب القيمي ممـا قضـى علـى كل العوامـل التــي كـانت تمنح الأمـة القوة علـى استنكـار المنكر . إن هـذه الوضعية الجديدة أنتجت تحديات كبيرة جعلت طُلاب التغيير أحيانـا ييأسون من إمكـانية تجاوز سلطـة الواقع و إكراهـاته نظرا لطبيعـة الخراب الهـائل الذي مس العقول و القلوب، فالتغريب هـو الســلاح الثقافي الذي يوظفـه المستبدون لأجـل إحداث فراغـات بين مكونـات المجتمع و هـو الشرط الذي يعين الظلمـة المعـاصرين علـى تفكيك الأمـة لوحدات مهملة يسهـل قضمهـا جملـة .

علــمٌ يتبــخــر ....

يسكت بعض الشيوخ عن داء الاستبداد و يعتبرون بأن الإصلاح ينبغـي أن يكون بالتوعية و الخطب التنبيهية التـي تدور حول العقيدة إجمـالا، لذلك يُكثِـر هـؤلاء من الخِطـابات الدينية و يخطبون علـى الشاشات الفضائية بالحديث عن المواضيع التـي تُحمِّلُ الإنسان مسؤولية أوضاعـه دون أن يضعوا أيديهم علـى الفضاء الذي أنتج الأمراض المتعددة، و المُلاحَظ أن هـؤلاء الصامتين و المُباركين أحيانـا أخرى علـى كثرة ندواتهم و دروسهم إلا أنهم لا يؤسسون لقواعد شعبية جمـاعية قادرة علـى ممارسـة الفعل السياسي التـي تنهـى عن المنكر السلطـاني و تقف ضد المفاسد الكبرى لأن المعرفـة الدينية لا يمكن لهـا وحدهـا أن تصنـع الرجـال في الميدان و لا يمكن لهـا أن تُكسِبَ هـؤلاء الجرأة علــى تحدي الظلم السياسي ، لذلك تجد أتباع هـذا الشيخ أو ذاك لا يكترثون بالهموم الجمـاعية و لا يندمجون في صفوف القضايا الجمـاعية الكبرى بسبب الفردانية الإسلامية التـي زرعهـا بعض الشيوخ العـاجزين في العقول، و تجدُ في المقابل سر نجـاح التنظيمـات الإسلامية في مصر -مثلا- علـى الصمود في الميادين رغم ضراوة العنف المسلط عليهم .

إن العلم الذي لا يلامس الواقع و لا يحوم حول الانتهـاكـات التي تُرتَكب ضد الإنسان هـو علم يتبخـر في الفراغ، فلا فائدة البتـة من فصاحـة لغوية بيانية تُزلزلُ العقول و لا تُحرك القلوب فالرهـان علـى الخطب في إحداث تغيير مجرد وهـم كبير بحكم طبيعـة الدولة البوليسية التـي تلتهم كـل شيء بالتدريج .

و الله أعلـم

aboabd
02-01-2015, 02:29 AM
أخى طلحاوى:
جزاك الله خيرا , مقال رائع , ولكن الأروع كيف ننجو بهذه الامة!!
ولعلى أنقل بعض الأحاديث الشريفة لتدلنا على بعض المعالم.
قال صلى الله عليه و سلم:
" إنَّ اللهَ لا ينتزِع العلمَ من الناسِ انتزاعًا . ولكن يقبض العلماءَ فيُرفَعُ العلمُ معهم . ويبقى في الناسِ رُؤسًا جُهالًا . يفتونهم بغير علمٍ . فيَضلون ويُضلون " .
الراوي: عبدالله بن عمرو المحدث: مسلم - المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 2673
خلاصة حكم المحدث: صحيح

وقال صلى الله عليه وسلم :
"يُوشِكُ الأممُ أن تداعَى عليكم كما تداعَى الأكَلةُ إلى قصعتِها . فقال قائلٌ : ومن قلَّةٍ نحن يومئذٍ ؟ قال : بل أنتم يومئذٍ كثيرٌ ، ولكنَّكم غُثاءٌ كغُثاءُ السَّيلِ ، ولينزِعنَّ اللهُ من صدورِ عدوِّكم المهابةَ منكم ، وليقذِفَنَّ اللهُ في قلوبِكم الوهْنَ . فقال قائلٌ : يا رسولَ اللهِ ! وما الوهْنُ ؟ قال : حُبُّ الدُّنيا وكراهيةُ الموتِ. "
الراوي: ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم المحدث: الألباني - المصدر: صحيح أبي داود - الصفحة أو الرقم: 4297
خلاصة حكم المحدث: صحيح

و قال صلى الله عليه وسلم :
" خيارُ أمتي أولُها، و آخرُها نَهْجٌ أَعْوَجُ، و ليسوا منِّي، و لستُّ منهمِ "
الراوي: عبدالله بن وقدان ابن السعدي المحدث: السيوطي - المصدر: الجامع الصغير - الصفحة أو الرقم: 3978
خلاصة حكم المحدث: صحيح

و قال صلى الله عليه و سلم :
" لَتُنتَقَضَنَّ عُرَى الإسلامِ عُروةً عُروةً فكلَّما انتُقِضَتْ عُروةٌ تشبَّث النَّاسُ بالَّتي تليها فأوَّلُهنَّ نقضًا : الحُكمُ وآخِرُهنَّ : الصَّلاةُ "
الراوي: أبو أمامة المحدث: ابن حبان - المصدر: صحيح ابن حبان - الصفحة أو الرقم: 6715
خلاصة حكم المحدث: أخرجه في صحيحه

و قال صلى الله عليه وسلم :
" لا تزال طائفةٌ من أمتي قائمةً بأمرِ اللهِ ، لا يضرُّهم من خذلهم أو خالفهم ، حتى يأتي أمرُ اللهِ وهم ظاهرون على الناسِ "
الراوي: معاوية بن أبي سفيان المحدث: مسلم - المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 1037
خلاصة حكم المحدث: صحيح

وقال صلى الله عليه وسلم :
"لا تَزالُ طائِفةٌ من أُمَّتي يُقاتِلونَ على الحقِّ ظاهِرينَ إلى يومِ القيامَةِ. قال، فيَنْزِلُ عيسَى ابنُ مَريَمَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فيقولُ أميرُهُم: تَعالَ صَلِّ لنا . فيقول : لا . إن بَعضَكُم علَى بعضٍ أُمَراءُ. تَكرِمَةَ اللهِ هذه الأُمَّةَ "
الراوي: جابر بن عبدالله المحدث: مسلم - المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 156
خلاصة حكم المحدث: صحيح

و قال صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ " سألتُ ربي ثلاثًا . فأعطاني ثنتَين ومنعني واحدةً . سألتُ ربي أن لا يُهلِك أمتي بالسَّنةِ فأعطانيها . وسألتُه أن لا يهلِك أمتي بالغرقِ فأعطانيها . وسألتُه أن لا يجعلَ بأسَهم بينهم فمنَعَنيها " .
الراوي: سعد بن أبي وقاص المحدث: مسلم - المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم:2890
خلاصة حكم المحدث: صحيح
وفى رواية " سألت ربي لأمتي ثلاثًا فأعطاني اثنتين ومنعني واحدةً ، سألته أن لا يهلكَ أمتي بسنةٍ عامةٍ فأعطانيها ، وسألته أن لا يسلطَ عليهم عدوًا من غيرِهم فيجتاحَهم فأعطانيها ، وسألته ألا يجعلَ بأسَهم بينهم فمنعنيها ، "

و حال الأمة الآن يختلف تماما تماما عن حال الأمة خلال الخلافة الاسلامية التى تعاقبت او سقطت ,
و تغير الزمان , و فساد الذمم , و قلة العلماء المجتهدين المخلصين او بالأحرى إنعدامهم ,
وكثرة الدعاة و الخطباء الذين ينعوا مع الاسف أحوال الامة بلا حلول , وحتى طلبة العلم كلٌ مشغول بحاله و مسائله ,,,,,
, كل ذلك وغيره يوجب علينا البحث كيف المخرج و فيما العمل.
والله تعالى أعلى و أعلم.

ابن سلامة القادري
02-01-2015, 09:54 AM
وعليكم السلام و رحمة الله و بركاته، أهلا بك أخي الطلحاوي عضوا في المنتدى بارك الله فيك و نفع بك،

للأسف أخي طرحك حول ''كيف تموتُ الأمـة ؟؟'' لا ينسجم مع صميم دعوة الإسلام و لا مع الصيرورة الاجتماعية و التاريخية كما نراها واضحة عبر الأزمنة التي مرّت على الأمة. و مثل هذا الطرح -و هو طرح معظم الجماعات الاسلامية الحديثة و المهتمة بالتغيير- و الذي يتجاهل ضرورة التعليم و التربية -بالقدوة طبعا- عادة ما يعطي حلولا غير واقعية أو عملية .. حلولا لا تجدي و قد تفسد أكثر مما تصلح.

كيف تريد من مجتمع فاسد أن ينشئ دولة صالحة ؟
كيف تريد أن يغير الله ما بقوم و هم لم يغيروا ما بأنفسهم ؟

تقول : المعرفـة الدينية لا يمكن لهـا وحدهـا أن تصنـع الرجـال في الميدان و لا يمكن لهـا أن تُكسِبَ هـؤلاء الجرأة علــى تحدي الظلم السياسي !

كأن الظلم هو كل ما تهدف إلى علاجه و إصلاحه .. أما عن الصلاح الذي نتحدث عنه و المعرفة الدينية التي نتحدث عنها فهي أبعد مما ترمي إليه .. فعندما تلوم النتائج عليك أن تلوم المقدمات .. و هذه مقدمة خاطئة تجعل من الإسلام دينا أرضيا على غرار الأفكار و المذاهب الأرضية التي تنطلق من شهوات الناس و رغبات الناس .. و تتجاهل أن هذه الحياة ما هي إلا مرحلة عابرة في قصة الإنسان كما عرفنا ذلك من خلال نصوص القرآن و السنة و تحديدا من خلال قصص الأنبياء و الرسل الذين ابتلوا بأقوامهم فمنهم من أُخرج من دياره و منهم من قُتل و منهم من عُذّب أو سُجن .. و منهم من أُبيد مع أتباعه.
ستقول إن شريعة الإسلام هي آخر الشرائع و قد نادت بالتغيير و إقامة الشريعة .. نعم لكن ليس بالمفهوم الضيق الذي ترمي إليه و الذي يحوم حول الاستبداد على أنه كل المشكلة و أنه مبدئها و منتهاها كأن الإسلام ما جاء إلا لهذه الغاية و ليس لغاية أن يعبد الناس ربهم.

التغيير الذي نادى به الإسلام هو تغيير للأنفس يتبعه تغيير الواقع تلقائيا دون أن تجعل الواقع هدفا لأنك إن ربطت الناس بالدنيا و بهذا الفهم الدنيوي الضيق فقد ساهمت بذلك في إبعادهم عن دينهم و ليس تقريبهم ..

أنظر إلى حال كل أمير وَلي أمر هذه الامة و انظر إلى من تحته من الرعية فستجد حتما أن القاعدة هي عكس ما تقول تماما : و هي كما تكونوا يُولى عليكم .. و أنت إذا كان هدفك فقط هو إزالة الظلم و الطغيان و الاستبداد فقد علم الله ما في نفسك و اعلم أنك لم ترد بهذا إقامة دين الله في الأرض و أنك لم ترد الدار الآخرة فهدفك مقصور على متاع الدنيا العاجل .. و على الاستجابة لشهوات الناس و هذا بالذات ما يضعف قدرتهم على التغيير الحقيقي أو يجعل من تغييرهم تغييرا مرحليا جزئيا عابرا لا يقوم للفتن الحقيقية التي تأتي على الأمة من الأئمة المضلين و من فساد رأي المتعلمين و من الجهل و من اختلاط الأفكار النيرة التي جاء بها الإسلام بالبدع و الخرافات و الأفكار الهدامة و الأفكار المذهبية الضيقة المنتسبة للإسلام و التي تفسد و لا تصلح و تبعا لذلك من علماء و دعاة غير عاملين حقا بمقتضى ما يقولون.

إن دعوة الإسلام أعظم و أشمل من كل ذلك .. و المعرفة التي ننادي بها هي ذات المعرفة التي ينادي بها الإسلام لا فلان و لا علان من الأحزاب .. هي الدعوة التي تصلح شأن الإنسان بينه و بين خالقه و بينه و بين نفسه و بينه و بين ذويه و بينه و بين سائر الناس. هذه الدعوة كفيلة بتغيير المجتمع تلقائيا و هي الغاية من رسالة الإسلام : صلاح حال الإنسان لعمارة الأرض و ليستخلفه الله فيها و ليكون حقيقا بأن يرثها .. و أساس ذلك صلاح نواياه فلا يريد إلا الله و الدار الآخرة .. فإذا أحب أحب لله و إذا كره كره لله إذا أعطى فللّه و إذا منع فللّه إذا رجا رجا ما عند الله وحده و إذا خشي خشي الله وحده و إذا غار أو غضب أو ثار و جاهد في حال لزم ذلك لم يفعل ذلك إلا مرضاة لله و ليس لشهوة الدنيا.

و أنت تهُمش من دور العلماء مع أن ذهاب الأمة و انحطاطها بالأساس كان حقيقة بسبب رفع العلم و ذهاب علمائها (كما جاء في الحديث الذي ساقه لك أخونا الفاضل) و بسبب تقصير العلماء و الدعاة تحديدا في التربية الشمولية للناس التي جاء بها الإسلام .. فاقتضى الحال دائما أن يبعث الله من يجدد لهذه الأمة أمر دينها .. و حتى عندما أخبر النبي صلى الله عليه و سلم أن هذه الأمة سيصيبها ذل و هوان لم يعزو ذلك إلى الاستبداد و الرضى بالاستبداد لأن هذه ما هي إلا نتيجة من حيث تجعلها محورا و غاية في منهجية التغيير و لا قال إن الحل أن تنتفض الأمة بأعيانها في وجه الظلم و الطغيان و كأننا نتحدث عن شعب فرنسا و البورجوازية و الثورة وو إلخ .. بل قال : لا ينزعه عنكم (أي الذل) حتى ترجعوا إلى دينكم .. و قول الله تعالى من سورة النور صريح في هذا : { وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا يعبدونني لا يشركون بي شيئا ومن كفر بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون }

ستقول و ما فعل العلماء ؟ و ما فعلت مواعظهم و توجيهاتهم منذ قرون ؟ سأقول لك هنا الخلل الحقيقي .. أن يكون هناك علماء غير عاملين يقولون ما لا يفعلون .. لا يوطنون أنفسهم لتعليم ما علموه و تبليغ ما ائتُمنوه من رسالة الإسلام بصدق و إخلاص في كل الأحوال .. علماء -و لا تصح تسميتهم بذلك- كثير منهم يركنون إلى الدنيا و لا يعون ما يدور حولهم .. لا يأمرون بمعروف و لا ينهون عن منكر .. لا يُرَبون الناس على الجادة و لا يحيطون بأحوالهم و لا يراعون جهلهم إن كانوا في جهل و لا فقرهم إن كانوا في فقر و لا ضلالهم إن كانوا في ضلال .. و قد علموا أن النبي صلى الله عليه و سلم كان يعامل الناس كأهل له فالأب منهم أب له و الأم أمه و الزوجة كأنها زوجه و الابن كابنه و الأخ أخاه و الصاحب صاحبه و الجار جاره و هكذا،
علماء كل همهم ترديد شرائط كالببغاوات و لا يواجهون الواقع بأمراضه و مشاكله .. لا يلفتون الناس إلى العمل بحكمة و حنكة و إلى إتيان البيوت من أبوابها و إلى الأخذ بأسباب القوة و المكانة و التمكين مع أن بعضهم قد يأخذ بها فينتج ذلك إما متطرفين أو متسولين باسم الدين و يا للأسف .. تجدهم يرفلون في النعيم و غيرهم من المدعوين في حضيض الفقر .. تجدهم يتحدثون من برج عال و غيرهم في هوان و لا يتقربون منهم .. تجدهم يكررون النصوص على مسامع الناس و لا يتعاملون مع كل شخص و مع كل حالة فكرية أو اجتماعية بحسبها .. باختصار لا يواجهون الواقع و لا يلمون به و لا مأرب لهم في ذلك .. -علماء إن صحت تسميتهم بذلك- لا يرون في الجمال و الحضارة و الأخلاق قوة لهذا الدين و هذه الأمة مع أنهم أولى من المبشرين بذلك فيُنفرون الناس بقبحهم أو تعسيرهم و بعدهم عن أسباب التحضر من حيث يدعونهم، علماء لا يظهر عليهم الإخلاص لله تعالى فتجأحدهم يغار على مكانته و شهرته أكثر من غيرته لله و رسوله فما أكثر سبابه و شقاقه و نفاقه حتى يقرب لذلك البعيد و يبعد القريب و يكون تدينه طريقة و دعوته مذهبا و تحزبا، و إذا كان هذا حال من نسميهم علماء فكيف بحال من دونهم !!! و الله المستعان.
كان الأولى يا أخي أن تسأل : أين القدوة .. أين الحكمة .. أين العمل .. فقبل هذا و ذاك كيف يستقيم الناس على دين التوحيد و الإخلاص لله اعتقادا و سلوكا و امتثالا للشريعة و احتكاما و هم في منئى عن العلماء و الدعاة الحقيقيين و عباد الله الصالحين لا يخالطونهم و لا يجاورونهم .. و لا يتأثرون بهم .. و كيف بعد هذا يقال : إن كل المشكلة في السكوت على الظلم و الاستبداد .. و كأن العلماء بالفعل قائمين بما عليهم من تعريف الناس بدينهم الحق تعليميا و عمليا .. و كأننا برفع الظلم و الاستبداد سينتهي الخطب .. و نسيت أن شر ما في الأمر هو جهل الناس بدين ربهم و لقائه و إعراضهم عن ابتغاء مرضاته و السعي للدار الآخرة و ما يترتب عن ذلك من عودتهم إلى الشرك و الضلال و التفرقة و كذلك حال أكثرهم اليوم !!

الطلحاوي
02-01-2015, 01:04 PM
وعليكم السلام و رحمة الله و بركاته، أهلا بك أخي الطلحاوي عضوا في المنتدى بارك الله فيك و نفع بك،

للأسف أخي طرحك حول ''كيف تموتُ الأمـة ؟؟'' لا ينسجم مع صميم دعوة الإسلام و لا مع الصيرورة الاجتماعية و التاريخية كما نراها واضحة عبر الأزمنة التي مرّت على الأمة. و مثل هذا الطرح -و هو طرح معظم الجماعات الاسلامية الحديثة و المهتمة بالتغيير- و الذي يتجاهل ضرورة التعليم و التربية -بالقدوة طبعا- عادة ما يعطي حلولا غير واقعية أو عملية .. حلولا لا تجدي و قد تفسد أكثر مما تصلح.

كيف تريد من مجتمع فاسد أن ينشئ دولة صالحة ؟
كيف تريد أن يغير الله ما بقوم و هم لم يغيروا ما بأنفسهم ؟

تقول : المعرفـة الدينية لا يمكن لهـا وحدهـا أن تصنـع الرجـال في الميدان و لا يمكن لهـا أن تُكسِبَ هـؤلاء الجرأة علــى تحدي الظلم السياسي !

كأن الظلم هو كل ما تهدف إلى علاجه و إصلاحه .. أما عن الصلاح الذي نتحدث عنه و المعرفة الدينية التي نتحدث عنها فهي أبعد مما ترمي إليه .. فعندما تلوم النتائج عليك أن تلوم المقدمات .. و هذه مقدمة خاطئة تجعل من الإسلام دينا أرضيا على غرار الأفكار و المذاهب الأرضية التي تنطلق من شهوات الناس و رغبات الناس .. و تتجاهل أن هذه الحياة ما هي إلا مرحلة عابرة في قصة الإنسان كما عرفنا ذلك من خلال نصوص القرآن و السنة و تحديدا من خلال قصص الأنبياء و الرسل الذين ابتلوا بأقوامهم فمنهم من أُخرج من دياره و منهم من قُتل و منهم من عُذّب أو سُجن .. و منهم من أُبيد مع أتباعه.
ستقول إن شريعة الإسلام هي آخر الشرائع و قد نادت بالتغيير و إقامة الشريعة .. نعم لكن ليس بالمفهوم الضيق الذي ترمي إليه و الذي يحوم حول الاستبداد على أنه كل المشكلة و أنه مبدئها و منتهاها كأن الإسلام ما جاء إلا لهذه الغاية و ليس لغاية أن يعبد الناس ربهم.

التغيير الذي نادى به الإسلام هو تغيير للأنفس يتبعه تغيير الواقع تلقائيا دون أن تجعل الواقع هدفا لأنك إن ربطت الناس بالدنيا و بهذا الفهم الدنيوي الضيق فقد ساهمت بذلك في إبعادهم عن دينهم و ليس تقريبهم ..

أنظر إلى حال كل أمير وَلي أمر هذه الامة و انظر إلى من تحته من الرعية فستجد حتما أن القاعدة هي عكس ما تقول تماما : و هي كما تكونوا يُولى عليكم .. و أنت إذا كان هدفك فقط هو إزالة الظلم و الطغيان و الاستبداد فقد علم الله ما في نفسك و اعلم أنك لم ترد بهذا إقامة دين الله في الأرض و أنك لم ترد الدار الآخرة فهدفك مقصور على متاع الدنيا العاجل .. و على الاستجابة لشهوات الناس و هذا بالذات ما يضعف قدرتهم على التغيير الحقيقي أو يجعل من تغييرهم تغييرا مرحليا جزئيا عابرا لا يقوم للفتن الحقيقية التي تأتي على الأمة من الأئمة المضلين و من فساد رأي المتعلمين و من الجهل و من اختلاط الأفكار النيرة التي جاء بها الإسلام بالبدع و الخرافات و الأفكار الهدامة و الأفكار المذهبية الضيقة المنتسبة للإسلام و التي تفسد و لا تصلح و تبعا لذلك من علماء و دعاة غير عاملين حقا بمقتضى ما يقولون.

إن دعوة الإسلام أعظم و أشمل من كل ذلك .. و المعرفة التي ننادي بها هي ذات المعرفة التي ينادي بها الإسلام لا فلان و لا علان من الأحزاب .. هي الدعوة التي تصلح شأن الإنسان بينه و بين خالقه و بينه و بين نفسه و بينه و بين ذويه و بينه و بين سائر الناس. هذه الدعوة كفيلة بتغيير المجتمع تلقائيا و هي الغاية من رسالة الإسلام : صلاح حال الإنسان لعمارة الأرض و ليستخلفه الله فيها و ليكون حقيقا بأن يرثها .. و أساس ذلك صلاح نواياه فلا يريد إلا الله و الدار الآخرة .. فإذا أحب أحب لله و إذا كره كره لله إذا أعطى فللّه و إذا منع فللّه إذا رجا رجا ما عند الله وحده و إذا خشي خشي الله وحده و إذا غار أو غضب أو ثار و جاهد في حال لزم ذلك لم يفعل ذلك إلا مرضاة لله و ليس لشهوة الدنيا.

و أنت تهُمش من دور العلماء مع أن ذهاب الأمة و انحطاطها بالأساس كان حقيقة بسبب رفع العلم و ذهاب علمائها (كما جاء في الحديث الذي ساقه لك أخونا الفاضل) و بسبب تقصير العلماء و الدعاة تحديدا في التربية الشمولية للناس التي جاء بها الإسلام .. فاقتضى الحال دائما أن يبعث الله من يجدد لهذه الأمة أمر دينها .. و حتى عندما أخبر النبي صلى الله عليه و سلم أن هذه الأمة سيصيبها ذل و هوان لم يعزو ذلك إلى الاستبداد و الرضى بالاستبداد لأن هذه ما هي إلا نتيجة من حيث تجعلها محورا و غاية في منهجية التغيير و لا قال إن الحل أن تنتفض الأمة بأعيانها في وجه الظلم و الطغيان و كأننا نتحدث عن شعب فرنسا و البورجوازية و الثورة وو إلخ .. بل قال : لا ينزعه عنكم (أي الذل) حتى ترجعوا إلى دينكم .. و قول الله تعالى من سورة النور صريح في هذا : { وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا يعبدونني لا يشركون بي شيئا ومن كفر بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون }

ستقول و ما فعل العلماء ؟ و ما فعلت مواعظهم و توجيهاتهم منذ قرون ؟ سأقول لك هنا الخلل الحقيقي .. أن يكون هناك علماء غير عاملين يقولون ما لا يفعلون .. لا يوطنون أنفسهم لتعليم ما علموه و تبليغ ما ائتُمنوه من رسالة الإسلام بصدق و إخلاص في كل الأحوال .. علماء -و لا تصح تسميتهم بذلك- كثير منهم يركنون إلى الدنيا و لا يعون ما يدور حولهم .. لا يأمرون بمعروف و لا ينهون عن منكر .. لا يُرَبون الناس على الجادة و لا يحيطون بأحوالهم و لا يراعون جهلهم إن كانوا في جهل و لا فقرهم إن كانوا في فقر و لا ضلالهم إن كانوا في ضلال .. و قد علموا أن النبي صلى الله عليه و سلم كان يعامل الناس كأهل له فالأب منهم أب له و الأم أمه و الزوجة كأنها زوجه و الابن كابنه و الأخ أخاه و الصاحب صاحبه و الجار جاره و هكذا،
علماء كل همهم ترديد شرائط كالببغاوات و لا يواجهون الواقع بأمراضه و مشاكله .. لا يلفتون الناس إلى العمل بحكمة و حنكة و إلى إتيان البيوت من أبوابها و إلى الأخذ بأسباب القوة و المكانة و التمكين مع أن بعضهم قد يأخذ بها فينتج ذلك إما متطرفين أو متسولين باسم الدين و يا للأسف .. تجدهم يرفلون في النعيم و غيرهم من المدعوين في حضيض الفقر .. تجدهم يتحدثون من برج عال و غيرهم في هوان و لا يتقربون منهم .. تجدهم يكررون النصوص على مسامع الناس و لا يتعاملون مع كل شخص و مع كل حالة فكرية أو اجتماعية بحسبها .. باختصار لا يواجهون الواقع و لا يلمون به و لا مأرب لهم في ذلك .. -علماء إن صحت تسميتهم بذلك- لا يرون في الجمال و الحضارة و الأخلاق قوة لهذا الدين و هذه الأمة مع أنهم أولى من المبشرين بذلك فيُنفرون الناس بقبحهم أو تعسيرهم و بعدهم عن أسباب التحضر من حيث يدعونهم، علماء لا يظهر عليهم الإخلاص لله تعالى فتجأحدهم يغار على مكانته و شهرته أكثر من غيرته لله و رسوله فما أكثر سبابه و شقاقه و نفاقه حتى يقرب لذلك البعيد و يبعد القريب و يكون تدينه طريقة و دعوته مذهبا و تحزبا، و إذا كان هذا حال من نسميهم علماء فكيف بحال من دونهم !!! و الله المستعان.
كان الأولى يا أخي أن تسأل : أين القدوة .. أين الحكمة .. أين العمل .. فقبل هذا و ذاك كيف يستقيم الناس على دين التوحيد و الإخلاص لله اعتقادا و سلوكا و امتثالا للشريعة و احتكاما و هم في منئى عن العلماء و الدعاة الحقيقيين و عباد الله الصالحين لا يخالطونهم و لا يجاورونهم .. و لا يتأثرون بهم .. و كيف بعد هذا يقال : إن كل المشكلة في السكوت على الظلم و الاستبداد .. و كأن العلماء بالفعل قائمين بما عليهم من تعريف الناس بدينهم الحق تعليميا و عمليا .. و كأننا برفع الظلم و الاستبداد سينتهي الخطب .. و نسيت أن شر ما في الأمر هو جهل الناس بدين ربهم و لقائه و إعراضهم عن ابتغاء مرضاته و السعي للدار الآخرة و ما يترتب عن ذلك من عودتهم إلى الشرك و الضلال و التفرقة و كذلك حال أكثرهم اليوم !!





السلام عليكم أخـي الكريم و تحيـاتي العطـرة لكَ و لأبي عبد، و بعـد

لا أجدنـي أختلف كثيرا فيمـا كتبتَ أخي الكريم لأن ثمـةَ سوء فهم حسب مـا يبدو لي في قراءتك للمـقال، و ذلك من عـدة وجوه سأجملهـا بحول الله في النقاط التـالية :

أولا : لستُ ممن يتبنـون الطرح السياسي كمدخـل جذري للتغـيير و لستُ أرى أن الرهـان المطلق للتغيير ينطلق أسـاسـا من الحكم السياسي كمـا لستُ ممن يهمشون أدوار التربية في إصـلاح الأنفس و تهذيب النفوس، و لـم أقلْ قـط بأن تغيير الأمـة يجد أصولـه في امتـلاك أدوات السلـطة السياسية، غـايـة مـا كـان يرمي المقال لمنـاقشـته هـو محـاولـة ايجـاد صيغـة لمقاربـة أزمـة الأمـة من حيث التـاريخ و الواقـع، و نقـد تصورات تتجـاهـل دور منظومـة الحكم الجبري في تفكيك القيم الدينية و إفسـاد المجتمعـات ، لأن العديد من الوعـاظ و العُلمـاء حسب رأيي اتجهـوا نـحو مسلـك وعظـي في محـاولـة لبنـاء الذات الإسلامية و الرهـان علــى المعرفـة الدينية في إصـلاح حـال الأمـة المعـاصرة ، في حين لـم يولوا الاهتمـام الأكبر لمسألـة نفوذ الدولـة الجبرية في حياة الأمم و دراسـة وظيفتهـا المدمـرة للعـلاقـات الأخوية . لذلـك تبقـى القضيـة الرئيسية في نـظري تكمن في ضرورة اعتمـاد منهـج شـامـل لمشروع الإصـلاح بحيث يستطيع فيه الداعيـة أن يجمـع بين أدوات نقـد الواقع الاجتمـاعي و السياسي المتهـل و أن لا يستغرق حديثـه في جوانـب معرفيـة سُرعـان مـا يعمـل النظـام الجبري اللائكي على هدمـه من خلال سياسـاته التشريعية المستمـدة من الاعتبارات الوضعية . و لا أعتـقد البتـة أن الحركـات الإسلامية المعـاصرة همشـت من عـامـل التربية كمدخـل للبنـاء و لا انصرفت كليـا إلـى الاعتبار السياسي كمدخـل للإصـلاح،لأن معظمهـا يُدركُ بأن التحولات المعـاصرة في بنيـة الأمـة تُلزمُ المُشتَغِـل بهموم الأمـة بضرورة الجمـع بين الجـانب التربوي و السياسي و الاجتمـاعي نظرا للفروقـات الكبيرة الحـاصلـة في جسم الأمـة الآن، لم يعُد المجـال التداولي الإسلامي مُتَحكمـا في مفاصل المجتمع الإسلامي كمـا كـان في السابق و لم تعد قضيـة الدولة جهـازا بسيطـا مستقلا عن المجتمع كمـا كـان في السابق، لذلك نحتـاجُ لمنهـاج جديد يفهـمُ قضيـة الغثـائية و يعطـي حقهـا من التحليل لكي نتأمـل كيف بدأ الفسـاد عبر التـاريخ و كيف تدحرجَ إلينـا إلـى أن صِرنـا كِيـانـات معزولـة و منخورة لا تقوى على التحدي من جديد . جـاء في الحديث النبوي الشريف أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " لتنقضن عرى الإسلام عروة عروة، فكلما انتقضت عروة تشبث الناس بالتي تليها، فأولهن نقضاً الحكم، وآخرهن الصلاة"

ثانيـا : لا زلتُ أرى أن الاستبداد السياسي سببٌ في كثير من البلاوى الاجتمـاعية و الاقتصـادية و الأخـلاقية و أسٌّ مفصلــي في تحويل الأمـة إلــى رُكـامٍ بشري خـامـل، لأنـه يُحدثُ أزمـات و انسدادات تُؤثـر علــى الحياة الدينية الطبيعية للأمـة ، فكيف يستقيمُ حـالُنـا في ظــل نظـام استبدادي ينـشر المفاسـد و الخبائث و يهضم حقوق النـاس و يعقـد تحـالفات مـع شياطين البشر و يُحـاصـر مـعاقل التدين و يُحـاربَ دعوة الله جهـارا و يفتحَ السجون لأهـل الحق من الدعـاة ؟ كيف يمكن بنـاء أمـة يجثم المستبدون علـى كراسي حكمٍ رغـم أنف إرادة شعوبهـا ؟ كيف نتحرر من قيود الأغـلال السياسية التـي تقتـل الحريـات و تمنـع العلمـاء الحقيقيين من قول كلمـة حق في وجـه سلطـان جـائر ؟ كيف نراهـن فقط علـى التربية في زمن تُفسِدُ فيهـا الدولـة الجـائرة كـل مـا يبنيـه الأتقيـاء المخلصين في منـابر الدعوة ؟ كيف تتغير أحوالنـا و نغير غيرنـا إذا لـم يقم الثقـات بأدوارهم في النهي عن المنكر السلطـاني و التحذير من موالاة الكفار و المشركين ؟ . نعم، لـم يأتِ الإسلام فقط لمحـاربـة الاستبداد و رفض الظلم السياسي و لـم يَقـل أحد قط بأن هـذا الدين العظيم ليس إلا ثورة علـى الطغـاة الجبـارين، لكن من الخـطأ – فيمـا أرى- اختزالـه في ركن معين، من الخطأ الصمت علــى الموبقـات الكبرى التـي يرتكبهـا المستبدون و الاستغراق في تأنيب الذات الفردية و كأن الأمـة تعيش بمعزل عن الدولـة اللائكية المُنتِجـة للأوبئـة الأخـلاقية . نعم إن دعـوة الإسلام أعظم من أن نختـزلـهُ في مطلب سياسي ليس إلا شيئـا ضئيلا من رسـالـة هـذا الدين العظيم ..

ثالثـا : لـم يكن حديثـي عن العلمـاء الأخيـار الذين يؤدون رسـالـة الإسلام في شموليتـه و لا نهمش أحدا من العلمـاء قالَ كلمـة حق في مجلس تربوي أو سياسي،إنمـا كـان حديثنـا يختص بفئـات منهم سكتوا عن البـاطل السياسي و زعموا أن الأمـة يجب أن تنهـض بموجب تغيير ذاتي ، هـذا الطرح لا يستوعـب التـاريخ و الواقع، فأمـا من جهـة التـاريخ يكفينـا أنْ نتأمـل في مسيرة العلمـاء في علاقتهم بالسلطـان الجـائر و كيف كـانوا يتصرفون أمـام حُكـامٍ لـم يفعلوا إلا جزء مُهمـلا ممـا يفعلـه الحكـام اللائكيون المعاصرون، و لعل إطـلالـة سريعـة في كتاب ( الإسلام بين العلمـاء و الحكـام ) لعبد العزيز البدري أو في كتـاب ( في الفقه السياسي:مقاربة تـاريخية) لمحمد محمد أمزيان شواهـد تترى علـى استيعـاب السلف لفلسفـة الإسلام في الدعوة و عـدم اختزالـه في بُعده الوعظي البحت، فإذا كـان هـؤلاء في المـاضي برهنوا علـى إخـلاصهم في دينهم دون محـاباة لأحد أو صمت علـى أحد فكيف يصمتُ الآن بعض العلمـاء علــى واقع الحكـام الذين أبادوا الأمـة بالمُهلِكـات الأخـلاقية و راحوا يتمترسوا وراء الفضائيات يُغرقون الإنسـان بذنوبـه و لا يجرؤون علـى مُحـاسبـة من وفَّـر الظروف لنمو الطفيليات و الأمراض الاجتمـاعية ؟! خذْ الآن مثال علـى واقع الانقلاب السياسي اللائكي في مصـر و لننظر في تصرفـات بعض العلمـاء المُستَسلمين و بيع العلمـاء المقاومين، أمِـنَ المعقول في زمـن هـذا الاستبداد العسكري الرهيب الذي أبـادَ الأمـة بلغـة القوة و البطش و أطلقَ عِنـانـه للأقزام الإعلاميين للنيل من الإسلام و أعـطى كـل شيء للاحتلال الصهيونـي أَمِنَ المعقول أن يلتزم العـالم صمتـا مخجـلا من كل هـذا و يظل في نفس الوقت يصرخ في الفضائيـات تأنيبـا لسلوك المسلم و كأنه يعيش في جزيرة الوقواق أو في عـالمٍ منفصل عنه ؟!...

ستأتـي مقالات أخـرى بحول الله تُوضِّحُ رؤيتي في التعـامـل مـع قضيـة الأمـة لأن هـذا المقال إنمـا في الواقع هو جزء من كـل ، و طغيـان المعـالجـة السياسية فيه ربما يجعـل القارئ الحصيف يظن أن صـاحبـه يعلي من قضية الدولة علـى حِسـاب الدعوة

شكرَ الله لكَ أخونـا ابن سلامـة و أبي عبد علـى جرد الأحاديث النبوية و جعـلَ كلمـاتكمـا في ميزان حسنـاتكما آمين

ابن سلامة القادري
02-01-2015, 08:05 PM
للأسف أخي ما زلت أعتبر المقال و معه ردك الأخير سياسيا عاطفيا بالدرجة الأولى و لا يعطي حلولا واقعية عملية للعودة بالإسلام إلى سالف عزه و بالأمة إلى سالف مجدها و رُقيها الإيماني و الحضاري .. فكرتك تتلخص في أن على (العلماء) أن ينصحوا للأمراء تارة بالتي هي أحسن و طورا بالتي هي أخشن حتى يصلح حال المسلمين بدءا بالحكم و انتهاء بالصلاة. مع أن الحديث الذي سقته لا يعني أن الحكم و الذي ينظم علاقة الناس فيما بينهم مُقدّم على الصلاة التي تنظم علاقة الإنسان بربه .. بل فيه إشارة واضحة إلى أن فساد الأخلاق و صلاحها معتمد بالدرجة الأولى على مدى صلة الناس بربهم .. و التي هي آخر ما يفسد و ينتقض من أركان الدين بتراجع و انتقاص و انتقاض أهم ما فيه و هو العلم و الإيمان. لقول الله تعالى : (إن الصلاة تنهى عن الفحشاء و المنكر و لذكر الله أكبر) أي ذكر الله الذي في الصلاة أكبر في النهي عن المنكر لقوله تعالى : (و أقم الصلاة لذكري) .. فإذا كنت لا تصلي و في غفلة عن ربك و الدار الآخرة أو كنت تصلى و أنت لا تذكر إلا الدنيا فلا تتوقع من نفسك أن تقيم خلافة راشدة حتى في بيتك بله ان تقيمها في العالمين فحتى بعض أمراء بني أمية و بني العباس الذين نعيب عليهم كانوا أحسن صلاة منا و أحرص على إقامة حدود الله لهيبة هذا الدين في نفوسهم و خوفا من مقام الله تعالى فوقهم، إذا فمكانك من الصلاح بقدر حفظك لصلتك بالله عموما و صلاتك خصوصا و من لم تنهه صلاته عن الفحشاء و المنكر فلا صلاة له و هكذا .. و شبيه بهذا الحديث قول النبي صلى الله عليه و سلم : (تنقض عرى الإسلام عروة عروة، وأول ما تضيع الأمانة وآخرها الصلاة) ففساد الحكم ملحق بفساد الأخلاق و فساد الأخلاق ملحق بذهاب الدين رأسا أو بعضا كهجر العلم النافع و الأعمال الصالحة و على رأسها الصلاة

أما عن العلماء و الذين تتحدث عنهم و كأنهم موجودون فعلا بعدد القطر فأقول بهذا الخصوص : إذا فسدت مناهج المتعلمين -كفسادها لدى بعضهم عندنا- و هم أول من يناط بهم حمل الدعوة و الرسالة بعد العلماء إلى العالم و اختلطت مشارب البدع و الضلالات و الخرافات و الحزبيات و العصبيات بمشاربهم فهذا أول مبادئ الفساد فلا تتوقع منهم أن يصلحوا مجتمعا فضلا عن السياسة إذ لا يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها و هو الالتزام الكامل بكتاب الله و سنة رسوله صلى الله عليه و سلم .. و إذا كان العلماء مقصرين فيما يقولون فلا يعملون به و يأمرون الناس بالبر و ينسون أنفسهم فهذا مبدأ ثانٍ للضلال و الفساد في الأمة و كلا المبدئين نراهما جليا شائعين منتشرين قد بلغا الآفاق فلا تتغاضى عنهما إلى الحديث عن السياسة و السياسيين فليس يتغاضى عن ذلك إلا جاهل بالدين و بأوجه الفساد الحقيقي.

ملاحظة : شِنشِنة أعرفها من أخزم، يكاد مقالك يا أخي لا يخلو من مصطلحات و مفردات أعرفها لجماعة العدل و الاحسان عندنا في المغرب فإن كنت من أهلها فلماذا لا تدخل مباشرة في التعريف بأبجديات هذه الجماعة و إمامها غفر الله له ليعرف القارئ من يناقش تحديدا !!

ختاما هذا كلام رصين لابن النحاس نقلا عن كتابه القيّم "تنبيه الغافلين عن أعمال الجاهلين"، حيث بين أن ترك العلماء للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يترتب عليه فساد كبير عريض... قال تعليقاً على قول الله تعالى: لَوْلاَ يَنْهَاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ .. : ( دلَّت الآية على أنَّ تاركَ الأمرِ بالمعروفِ والنهي عنِ المنكرِ كمُرتكبِه ! ، والآية توبيخ للعلماء في ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر - كما قاله القرطبي - ، وتاللهِ إنهم لَأَهلٌ لكلِّ توبيخٍ فأنى يَصلُح الناسُ والعلماء فاسدون ؟! ، أم كيف تعظم المعصية في قلوب الجاهلين والعلماء بأفعالهم وأقوالهم لم ينهوهم عنهـا ؟! ، أم كيف يرغب في الطاعـة والعلمـاء لا يأتونها؟! ، أم كيف يتركون البدعَ والعلمـاءُ يرونها فلا ينكرونها ؟! - )
إلى أن قال - : ( وأما في زماننا هذا فقد قـيَّد الطمع ألسن العلماء فسكتوا إذْ لَم تساعد أقوالهم أفعالهـم ، فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكَانَ خَيْراً لَهُمْ ، فإذا نظَرنا إلى فسادِ الرعية وجدنا سببه فساد الملوك ، وإذا نظرْنا إلى فساد الملوك وجدنا سببه فساد العلماء والصالحين ، وإذا نظرنا إلى فساد العلماء والصالحين وجدنا سببه ما استولى عليهم من حبِّ المالِ والجاهِ وانتشارِ الصِّيِتِ ونَفَاذِ الكلمة ومداهنة المخلوقين وفساد النيات والأقوال والأفعال ) انتهى .

ابن سلامة القادري
02-01-2015, 09:44 PM
آه نسيت ! بالنسبة لحكام اليوم .. و أخص منهم الجبريين، إن وجدت من تنصح له منهم أو من تقول في وجهه كلمة حق ثم تجد صداها في أرض الواقع فافعل .. و ما حاكم مصر منك ببعيد. الإسلام لا أراه يخوض في العبث و فيما أحسبه تجارة خاسرة فقد عدنا في أكثر البلدان الاسلامية إلى الصفر و إلى ما يشبه العهد المكي، فلا ينفع أن تقول للظالم أنت ظالم وسط شعب عامته جاهل ظالم لنفسه.
لهذا أدعو إلى الواقعية بدلا من ترديد كلام ليس هذا زمانه أو فات عليه الأوان بذنوبنا طبعا بعد استفحال الشر و افتقاد قاعدة للخير يعمل عليها المخلصون ..
إقرأ فضلا ردا لي هنا على موضوع الأستاذ ابن عبد البر فله علاقة :

http://www.eltwhed.com/vb/showthread.php?55945-%E3%DE%C7%E1%F1-%E5%C7%E3-%CA%CC%D1%ED%E3-%C7%E1%CA%DF%DD%ED%D1-%C3%E3-%CA%CD%D1%ED%D1-%C7%E1%DF%DD%D1-%E3%E4-%DE%ED%E6%CF-%C7%E1%CA%DF%DD%ED%D1%BF

الطلحاوي
02-01-2015, 11:41 PM
للأسف أخي ما زلت أعتبر المقال و معه ردك الأخير سياسيا عاطفيا بالدرجة الأولى و لا يعطي حلولا واقعية عملية للعودة بالإسلام إلى سالف عزه و بالأمة إلى سالف مجدها و رُقيها الإيماني و الحضاري .. فكرتك تتلخص في أن على (العلماء) أن ينصحوا للأمراء تارة بالتي هي أحسن و طورا بالتي هي أخشن حتى يصلح حال المسلمين بدءا بالحكم و انتهاء بالصلاة. مع أن الحديث الذي سقته لا يعني أن الحكم و الذي ينظم علاقة الناس فيما بينهم مُقدّم على الصلاة التي تنظم علاقة الإنسان بربه .. بل فيه إشارة واضحة إلى أن فساد الأخلاق و صلاحها معتمد بالدرجة الأولى على مدى صلة الناس بربهم .. و التي هي آخر ما يفسد و ينتقض من أركان الدين بتراجع و انتقاص و انتقاض أهم ما فيه و هو العلم و الإيمان. لقول الله تعالى : (إن الصلاة تنهى عن الفحشاء و المنكر و لذكر الله أكبر) أي ذكر الله الذي في الصلاة أكبر في النهي عن المنكر لقوله تعالى : (و أقم الصلاة لذكري) .. فإذا كنت لا تصلي و في غفلة عن ربك و الدار الآخرة أو كنت تصلى و أنت لا تذكر إلا الدنيا فلا تتوقع من نفسك أن تقيم خلافة راشدة حتى في بيتك بله ان تقيمها في العالمين فحتى بعض أمراء بني أمية و بني العباس الذين نعيب عليهم كانوا أحسن صلاة منا و أحرص على إقامة حدود الله لهيبة هذا الدين في نفوسهم و خوفا من مقام الله تعالى فوقهم، إذا فمكانك من الصلاح بقدر حفظك لصلتك بالله عموما و صلاتك خصوصا و من لم تنهه صلاته عن الفحشاء و المنكر فلا صلاة له و هكذا .. و شبيه بهذا الحديث قول النبي صلى الله عليه و سلم : (تنقض عرى الإسلام عروة عروة، وأول ما تضيع الأمانة وآخرها الصلاة) ففساد الحكم ملحق بفساد الأخلاق و فساد الأخلاق ملحق بذهاب الدين رأسا أو بعضا كهجر العلم النافع و الأعمال الصالحة و على رأسها الصلاة

أما عن العلماء و الذين تتحدث عنهم و كأنهم موجودون فعلا بعدد القطر فأقول بهذا الخصوص : إذا فسدت مناهج المتعلمين -كفسادها لدى بعضهم عندنا- و هم أول من يناط بهم حمل الدعوة و الرسالة بعد العلماء إلى العالم و اختلطت مشارب البدع و الضلالات و الخرافات و الحزبيات و العصبيات بمشاربهم فهذا أول مبادئ الفساد فلا تتوقع منهم أن يصلحوا مجتمعا فضلا عن السياسة إذ لا يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها و هو الالتزام الكامل بكتاب الله و سنة رسوله صلى الله عليه و سلم .. و إذا كان العلماء مقصرين فيما يقولون فلا يعملون به و يأمرون الناس بالبر و ينسون أنفسهم فهذا مبدأ ثانٍ للضلال و الفساد في الأمة و كلا المبدئين نراهما جليا شائعين منتشرين قد بلغا الآفاق فلا تتغاضى عنهما إلى الحديث عن السياسة و السياسيين فليس يتغاضى عن ذلك إلا جاهل بالدين و بأوجه الفساد الحقيقي.

ملاحظة : شِنشِنة أعرفها من أخزم، يكاد مقالك يا أخي لا يخلو من مصطلحات و مفردات أعرفها لجماعة العدل و الاحسان عندنا في المغرب فإن كنت من أهلها فلماذا لا تدخل مباشرة في التعريف بأبجديات هذه الجماعة و إمامها غفر الله له ليعرف القارئ من يناقش تحديدا !!

ختاما هذا كلام رصين لابن النحاس نقلا عن كتابه القيّم "تنبيه الغافلين عن أعمال الجاهلين"، حيث بين أن ترك العلماء للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يترتب عليه فساد كبير عريض... قال تعليقاً على قول الله تعالى: لَوْلاَ يَنْهَاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ .. : ( دلَّت الآية على أنَّ تاركَ الأمرِ بالمعروفِ والنهي عنِ المنكرِ كمُرتكبِه ! ، والآية توبيخ للعلماء في ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر - كما قاله القرطبي - ، وتاللهِ إنهم لَأَهلٌ لكلِّ توبيخٍ فأنى يَصلُح الناسُ والعلماء فاسدون ؟! ، أم كيف تعظم المعصية في قلوب الجاهلين والعلماء بأفعالهم وأقوالهم لم ينهوهم عنهـا ؟! ، أم كيف يرغب في الطاعـة والعلمـاء لا يأتونها؟! ، أم كيف يتركون البدعَ والعلمـاءُ يرونها فلا ينكرونها ؟! - )
إلى أن قال - : ( وأما في زماننا هذا فقد قـيَّد الطمع ألسن العلماء فسكتوا إذْ لَم تساعد أقوالهم أفعالهـم ، فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكَانَ خَيْراً لَهُمْ ، فإذا نظَرنا إلى فسادِ الرعية وجدنا سببه فساد الملوك ، وإذا نظرْنا إلى فساد الملوك وجدنا سببه فساد العلماء والصالحين ، وإذا نظرنا إلى فساد العلماء والصالحين وجدنا سببه ما استولى عليهم من حبِّ المالِ والجاهِ وانتشارِ الصِّيِتِ ونَفَاذِ الكلمة ومداهنة المخلوقين وفساد النيات والأقوال والأفعال ) انتهى .








السلام عليكم

ليس الغرض البتـة الدخـول في جدل لا يقدم و لا يؤخـر في قضيـة التغيير، إنمـا غرضنـا أن نبين فيمـا- نـرى- معـادلات الصراع الجديدة القائمـة في زمن الفتنـة و التــي لم تكن مطروحـة فيما مضـى علـى السلف الصـالح، لكني أحس أن مقصود كـلامـي لم يصل بعد أو حجَـبـه شيـئـا مـا حـالَ بينـه و بين استيعـابـه، إذ كيف يمكن أن تكون رؤيتـي عـاطفية سياسيـة غير واقعيـة و قـد جعلتُ منذ اللحـظة الأولـى أس الفسـاد في هرم السلـطة و انزيـاح الحـاكمين عن الشريعـة خصوصـا في زمننـا المعـاصـر الذي أثبتَ قدرة السلـطة السياسية علـى التأثير المبـاشر في حيـاة النـاس الدينية عـامـة، نظرتـي تتلخـص في رصـد منـابـع الفسـاد و أصولـه دون حصر مُحددات التغيير في ذلك بالمطلق ، نظرتـي تتأسس علـى اعتبـار القُطريـات المعـاصرة و مـا أنتجتهــا من إشكـالات بنيوية مُعضلـة حقيقيـة حـالت دون بنـاء تكتـل إسلامـي قادر علـى الصمود في وجـه الديكتـاتوريـات، القُـطريـات التــي رسمت معـالـم التشتت بين الأمم و قادت الأمـة إلـى عمـالـة حضاريـة أثَّرت بشكـل كبير في عودة المسلمين إلـى مرجعيتهم الوجودية، القُطريـات التــي فصلت مشروع الجمـاعـة عن كِيـان الدولـة و مزقت كـل أوصـال العـلاقـات الصلبـة التــي كـانت موجودة فيمـا مضـى . و أعتقد أن حديث النبي عليه السلام " لتنقضن عرى الإسلام عروة عروة، فكلما انتقضت عروة تشبث الناس بالتي تليها، فأولهن نقضًا الحكم، وآخرهن الصلاة" فيه إشارة واضحـة علـى انهـيار منظومـة الحكم الإسلامي في التـاريخ كمقدمـة لانتقاض عرى الإسلام، و أن الأولوية هنـا تفيد التراتب الزمنـي عبر التاريخ و هـو مـا تحققت نبوءاته فعـلا عندمـا صـارَ الحكم يأخـذ منـحى القوة و الغلبـة في حيـازة السلـطة ، و لم يقل أحد قط بأن الحكم السياسي بموجب الحديث أمـر سابق علـى الصـلاة إنمـا المعنـى يفيد بشكـل واضح أن الـتاريخ الإسلامــي عرفَ تموجـات افترقَ فيه السلطـان عن القرآن و سـادت بفعـل هـذا الانفصال قِـيما أخرى تحكمت فيهــا تقاليد المُلك العضوض و سياسـات الإكراه التـي أفضـت إلـى تشوه الممـارسـة السياسية الإسلامية منـذ انتهـاء الخـلافـة الراشدة بشكـل فعـلي، و في شرح العـلامـة ابن بـاز رحمه الله على الحديث المذكور مـا يشير إلى فساد الحكم السياسي .

ليس الغرض هنـا العودة للتـاريخ لاستنطـاق مُجريـاته و وقائعـه السياسية بعد انتهـاء التجربـة الشوريـة الفريدة إنمـا القصـد الوقوف علـى البواكير الأولـى لتحلل الممـارسـة الشرعية و غلبـة منطـق الانتزاء في تولية الحكم دون الرجوع إلــى الأمـة لتختـار بحريتهـا الإرادية من تريد، نعم لم تكن تلك الإرهـاصـات ذات معنـى كبير إذا نظرنـا الآن في حجـم تسلـط الدولـة الجبريـة اللائكية المعـاصرة و مـا أفرزتـه من مفـاسـد و مهـالك، فالأمـة فيمـا مـضى كـانت قويـة بذاتهـا نظرا لتحكم المجـال التداولي الإسلامـي في عـلاقـات النـاس و نـظرا لِكون الحـاكم نفسـه لـم تكن لـه الجرأة العلنية علــى مُخـاصمـة الشريعـة ، لذلـك لـم تتفكك الأمـة إلـى كـيان ضعيف و لـم تتوقف عـطاءاتهـا علـى الإنتـاج بالرغـم من انزيـاح الحكم عن إرادة الأمـة . أمـا الآن فقد تغيرت المعـادلـة بشكـل كبير و صـارت الأمـة مُتفرقـة و خـاملـة لأسبـاب كثيرة لا نختزلهـا في البعد السياسي لوحده، بل كـانت ثمرة اعتبارات شتـى منهـا مـا يعود للتراكمـات التـاريخية الاستعمـارية و منهـا مـا يتصـل بالتعليم و الاقتصـاد و الحركـة العُلمائية و بروز تيارات لائكيـة مـادية تستمـد ولاءاتهـا من المشروع الغربي و منهـا مـا يرتبط بالعقليـات المُتكلسـة المتشبعـة بقيم التحرر من الدين و بروز " مشارب البدع و الضلالات و الخرافات و الحزبيات و العصبيات بمشاربهم" و و، لا يمكن فصـل هـذه الاعتبارات قط عـن الحكم لأنهـا من صنف العـلاقة الجدلية التــي يتأثـر كل طرف بالآخـر .

نعم أحسّ بأن أخـي ابن سلامـة يقحمنـي في دائرة ضيقـة أجعلُ من السياسـة أصل الأصول و غـايـة الغـايـات، مـع أنـي أومـن ايمـانـا حـاسمـا بأن تغيير مـا بالأنـفس و استخـراج مـا بهـا من آفـات قلبية و سلوكية مسلكٌ لا يختلف فيه إثنـان، و لأن أصل التغيير إذا لـم يكن مداره حول الإنسـان و تقـويـة عـلاقـاته بربـه فـلن يعدو أكثر من تغيير "ثوري" يجعـل الرغيف مطلبـا حـاسمـا في إشعـال النزاعـات، لقد كتب العلمـاء كثيرا عن هـذا المسلك التربوي الرائد و صنفوا فيه كتـابـات راقيـة، لكن من الخطـأ فهـم تركيبـة الإنسـان بهـذا الشكـل الوحيد، إذ لا بـد من تحليل العَقبـات التــي تحول دون تمكن الدين من قلوب النـاس، لا بـد من دراسـة كيف يهـضم الاستبداد دفئ الايمـان و يدفـع بعض النـاس إلـى الاستغراق في الملذات و المـاديات ، تُرى كيفَ نفهـم تحويل الهمم الكسولـة إلـى فاعلـة إذا لـم تُقدِّم الدولـة العـادلـة حلولا لمشـاكـل البطـالـة و التعليم و مآزق الفسـاد الاقتـصادي؟ كيفَ نراهـن علــى أمـة متحركـة في ظــل منـاخ سياسي مستبـد استحوذ علـى مقدرات البلد و حولـه إلــى حديقـة خـاصـة للأسرة الحـاكمة ؟ أم أن الأمـر لا شأن لـه بتربية النـاس ؟ لـقد وعـى الديكتـاتوريون الدرس البليغ عندمـا مسكوا بالسلـطة و مرروا من خـلالهـا مشاريعهم المُدمـرة للشعوب أخـلاقيا و اجتمـاعيا و سياسيا فصـارَت الأمـة تشقـى بشقـاء هـذا الحكم أو ذاك، هم يُدركون بأن التحكم بالعلمـاء و تدجين البعض منهم و تحويل مؤسسات الدولـة إلـى فضاءات مُوالية لهم و استنزاف مـالية الدولـة كفيلٌ بأن يُمـزق الأمـة إلـى جُزيئات منفصلـة و إلـى أنـانيات داخلية لا تنتج إلا مفاسد شتـى .

لا بد أن نفهـم منظومـة التغيير كبنية كلية لا تعزل الصـلاة عن الحكم و لا تفصـل بين الشريعـة و العقيدة و لا تجعـل فاصلا بين الدولة و الدعوة و إلا سقطنـا في متـاهـات و بلاوى أعظمهـا الصمت علـى أكبر جريمـة في حق الأمـة :جريمـة اغتصـاب السلطـة و مـا يلحقهـا من ضيـاع حقوق العبـاد و البلاد، نعم، يمكننـا أن نقول بأن " فساد الحكم ملحق بفساد الأخلاق و فساد الأخلاق ملحق بذهاب الدين رأسا أو بعضا" لكن لنتذكـر دائمـا بأن فسـاد الحكم من النـاحية الأخـلاقية ليس شيئـا خـاصـا يعود لذاتـه و إنمـا قضيـة خطيرة تُسفِـرُ عنهـا أزمـات داخلية تُؤثـر على الجمـاعة قاطبـة، فليس الأمـر محصورا في تصرفـات بعينهـا و إنمـا صـارَ الأمـر يتداعـى علـى كـل النـاس سلبـا ، ثم لا أفهـم لمـاذا " لا ينفع أن تقول للظالم أنت ظالم وسط شعب عامته جاهل ظالم لنفسه" ؟ و من جهَّـلَ هـذا الشعب أصـلا و أرداه أمّيـا ظـالمـا لنفسـه ؟ من حولـه إلــى قطعـة قمـاش رخوة لا يعي أبجديات القراءة ؟ أليسَ من المنطـق أن نشير لداء الأمم و لو تلميحـا أم أننـا نحسبُ الظالم السياسي شخـص لا يُطـاولـه نقد العلمـاء ؟ هـل كـان العلمـاء المخلصين لدينهم النـاصحين لملوكهم الخـارجين علـى عرشهم هـل كـانوا مخطئين عندمـا وقفوا في وجـه الطغـاة الجبارين ؟ أم أن جهـالـة الشعوب مبرر للجلوس في الفضائيـات الفخمـة يُفتون قطـاعـا من هـؤلاء الجُهـال ؟ لا أحسبُ أن من الواقعية الركون إلـى هـذا الطرح البـارد لأن هـذا التساهـل برأيي يزيد من قتـامـة الوضع الداخـلي و يجعـل العديد من المسلمين يفقدون الثقـة حتـى في العلمـاء الذين جعلهم ورثـة للأنبياء في الدعوة ، ليس من الواقعيـة- بعد كـل هـذا البؤس الاجتمـاعي و الاقتصـادي- أن نظـل نهتف في وجـه الإنسـان بالإنذار و الوعيد دون أن نتكلف بدراسـة تنوع مسالك الفساد في المجتمع،ليس من الواقعيـة أن نتجمـد عند حدود الفقهيـات و نغفـل عـن أهـم مصدر لإنتـاج الأوبئـة الأخـلاقية التـي ترعـاهـا الدولـة الجبرية اللائكية بتشريعـاتهـا و قوانينهـا الوضعية.

مـلاحـظة : لا أحب اللمز و الغمز زميلي الفاضـل، لذلك لستُ مضطرا للحديث عن جمـاعـة العدل و الإحسـان و التعريف بهـا،فليس المقام مقام تشهير بجمـاعـة، ستجدُ من التقولات و المزايدات و التُّرهـات في محرك البحث مـا يشبع فضولك،اطمئن، ليست قضيتي جمـاعـة بعينهـا، و ليس هدفـي هنـا إلا طرح وِجهـات نظر تحتمل الخطأ و الصواب، المهم أن نـظل أوفيـاء لأدبيات النقـاش.

حياك الله أخـي الكريم و ألهمنـا التوفيق و السداد آمين

ابن سلامة القادري
02-02-2015, 02:54 PM
حياك الله أخـي الكريم و ألهمنـا التوفيق و السداد آمين


وجزاكم أخي الفاضل .. و ألهمنـا و إياكم التوفيق و السداد آمين