المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الحوثي وعفاش .. من القصر إلى القبر !



أحمد بن مسفر العتيبي
04-17-2015, 04:33 PM
الحوثي وعفاش .. من القصر إلى القبر !
قبل يومين كنت أقرأ في كتاب حِلية الأولياء لأبي نعيم (ت : 430هـ ) رحمه الله تعالى ، وقد توقفتُ فيه عند أحد أقوال الإمام التابعي أحمد بن مسروق (ت: 298هـ ) رحمه الله تعالى وقوله : ” من لم يحترز بعقله هلك بعقله “! . وهذه الحكمة منطبقة تماماً على الحوثي وعفاش ، اللذين عاثا في اليمن فساداً وإجراماً .

فالعقل نِعمة عظيمة ميَّز الله بها الإنسان عن باقي الكائنات ، وبه وبغيره حَصل له التكريم والتبجيل . قال الله تعالى : ” ولقد كرَّمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضَّلناهم على كثيرٍ ممن خلقنا تفضيلا ” ( الإسراء :70 ) .

وأهل العقول السليمة هم من ينتفعون بالعِبر والعواقب ، وأما من سِواهم من ضِّعاف العقول فهم محلُّ الإعتبار كما قال سبحانه : ” إنَّ شرَّ الدوابٍّ عند الله الصمُّ البكم الذين لا يعقلون ” ( الأنفال : 22 ) .

قال ابن حِبان ” : وإنَّ محبة المرء المكارم منَ الأخلاق وكراهته سفسافها هو نفس العقل، فالعقل به يكون الحظُّ، ويُؤنس الغربة، وينفي الفاقة، ولا مال أفضل منه، ولا يتمُّ دين أحد حتى يتم عقلُه، وهو من أفضل مواهب الله لعباده، وهو دواء القلوب، ومطية المجتهدين، وبذر حراثة الآخرة، وتاج المؤمن في الدنيا، وعُدَّته في وقوع النوائِب، ومن عدم العقل لم يزدْه السلطان عزًّا، ولا المال يرفعه قدرًا، ولا عقل لمن أغفله عن أُخراه ما يجد من لذَّة دُنياه “ .

الذي يتأمل حال العِصابة الحوثية- ومن عاونهم – وكيف أجرموا وأسرفوا في حقِّ أنفسهم وحق اليمن ؟ ! ، يلحظ أن هؤلاء لم ينتفعوا بعلمٍ ولا تأريخٍ ولا تجارب الأمم البائدة التي ارتحلت وتركت البلاد وكنوزها لمن جاء بعدهم .

لا حرج في طرح بعض الألقاب لمن أساء إلى اليمن السعيد في هذه الحِقبة . فالمقصود الإفادة من العاقبة لهؤلاء الذين لعبوا بخيرات بلادهم ونهبوا مُدَّخراتها .

وإطلاق الألقاب على المجرمين له أصلٌ في الشرع ، فالخوارج لُّقبوا بالمارقة لأنهم مرقوا من الدِّين كما وصفهم الرسول صلى الله عليه وسلم . والحديث في الصحيحين .

لقد سكن الحوثيون وعفاش القصور والدُّور ، وينطبق عليهم قول الله تعالى ، وكأنه نزل فيهم : ” ولا تقعدوا بكل صراطٍ تُوعدون وتصدُّون عن سبيل الله من آمن به وتبغونها عوجاً واذكروا إذ كنتم قليلاً فكثرَّكم وانظروا كيف كان عاقبة المفسدين ” ( الأعراف : 86 ) .
و” عفاش ” معناه الرجل الذي لا خير فيه للناس ، كما حكاه الزبيدي ( ت: 1205هـ ) رحمه الله تعالى في تاج العروس .
خلال أربع وثلاثين سنة من حكم “عفاش” المطلق لبلاد اليمن بقيت الحال على ماهي عليه تماماً ، من لحظة تولِّيه السلطة عام1400 هـ وحتى 1434هـ .
من المحزن غياب عقيدة أهل السنة والجماعة في بلاد اليمن طوال ثلاثة عقود من أذهان السُّلطة الحاكمة في اليمن ، فلا نشر للسنة ولا زجر عن البدع ، ولا ردع لأهل الباطل الذين وجدوا في اليمن أرضاً خِصبة لدعوتهم ، كالصوفية الغلاة ، أضف إلى ذلك إنعدام التنمية واستفحال الجهل .

وإذا كانت الأحكام تتعلق بالحقائق والمعاني كما يقرِّره الأصوليون ، فهذه بعض الحقائق عن الفئة الحاكِمة الباغية في أرض اليمن المباركة.
فمن المحزن أن قرابة 45% من المواطنين تحت خَطِّ الفقر وذلك من العام 1424هـ .
وقرابة 35% يعانون من البطالة وفق إحصاءات موثَّقة .

في عام 1424هـ لا يتجاوز الدخل الحكومي سبعة مليارات يقابلها نفقات بأضعاف القيمة .
ونسبة الأمية تقارب 35% ، وبحسب بعض الإحصاءات فإن مابين 18-20% من الأطفال دون الرابعة عشر يعملون في الشوارع . ومانسبته 55% فقط من المواطنين يتمتع بمياه نظيفة ! .
وعدن أحد أهم موانئ العالم ،مدينة لا يختلف اثنان على فقرها وبؤسها وإهمال حال أهلها .
والحُديدة ميناء يمني قديم ومدينة تجارية زاهرة في عصور قد خلت ، واليوم تعدُّ من أكثر المدن اليمانية فقراً وشحاً في الخدمات.
لقد أصبح الماء سِلعة نادرة في تعز ، وصنعاء مُهدَّدة بأن تكون أول عاصمة في العالم تعاني من الجفاف . حتى نظافة المدن وسفلتة الشوارع لا تكاد تُلاحظ إلا في أماكن محدودة وعلى إستحياء .

مدينة مأرب لا يوجد بها سوى شارع واحد وبضعة أبنية لا تتجاوز الثلاث طوابق تُعدُّ على أصابع اليد ، وسكان ريفها يشكون تجاهل الحكومة ، وإستيرادها للسِّلع من الخارج وتجاهل مزروعاتهم ، بل يتهمون الدولة بـتهميشهم عمداً .

لقد تراجعت زراعة وتصدير الفواكة والخضروات في اليمن بسبب إستثمار زراعة القات ، وأصبح مانسبته 80% من الغذاء في بلد هو الأكثر خصوبة في شِبه الجزيرة العربية مستورداً ، وذلك عام 1431هـ ،بل إن واردات اليمن الزراعية أعلى من صادراته .
رغم الملايين المُقدَّمة من الخارج ل”عفاش “وحكومته الفاشلة لم تستطع البلاد أن تحقِّق الاكتفاء الذاتي زراعياً .

لقد فشل ” عفاش ” في جلب أيِّ استثمارات أو خلق بيئة آمنة لمستثمرين محلييِّن لتردِّي الأوضاع الأمنية والتسليح المتعمَّد للقبائل والأطراف المتناحرة ، حتى لا يُشكِّلوا تحالفات قوية لإسقاطه .

قرابة 55% من الأطفال اليمنيِّين دون سن الخامسة يعانون من سوء التغذية الذي يؤدِّي لضعف النمو والتقزُّم ، قد لا يموتون الأطفال ولكنهم سينجبون أطفالاً يُعانون من ذات المرض وضعف البنية .
والمحزن أن مشاريع الطرقات التي يتحدَّث عنها ” عفاش” والمقربون ، كُّلها مشاريع مُقدَّمة من الدُّول الصناعية في آسيا .

والحوثيون تمكَّنوا من بسط نفوذهم في اليمن ، لأنهم يعتقدون أن الأمة مرتدَّة ويجب خلع طاعة من فيها من الولاة والصالحين .
وهم ليسوا بأهل حق ولا عدل ولا توحيد حتى يُمكَّن لهم في الأرض ، ولا ينطبق عليهم الحديث المرفوع : ” لا حسد إلا في اثنتين رجلٌ آتاه الله مالاً فسلَّطه على هلكته في الحق ، ورجلٌ آتاه الله حكمةً فهو يقضي بها ويُعلِّمها ” أخرجه البخاري .

استطاع الحوثيون بالتمرُّد والخيانة والتملُّق وشراء الذِّمم بالأموال، أن ينهبوا خيرات اليمن البائِس وأن يسيطروا على مُقدَّراته ومؤسَّساته .
وقد رقمتُ مقالًا عنهم فيه تفصيل عن حالِهم ومعتقدهم بعنوان ” المسكوت عنه في الفكر الحوثي ” فليراجع فإنه مُهم لمن أراد الوقوف على منهجهم في العقيدة والحكم .

لقد شاهد الملايين من الناس على وسائل التواصل الإجتماعي كيف يقوم الحوثيون – ومن عاونهم – بقصف المباني وبقر بطون الحوامل وقتل المستضعفين من العُزَّل الفارِّين من بؤس الحرب وجحيمه .

كل ما تقدَّم من أمثلة إنما هي عِلل واضحة لإقامة الحجة على هذه الفئة الفاسدة الناهبة لخيرات اليمن ، وإذا وجدت البيِّنة والإقرار فقد وجب القصاص ! .
اليوم وبعد عاصفة الحزم المباركة – وهي من الرباط في سبيل الله ومن إعداد العُدَّة لوأد الزحف المجوسي الصفوي – ، بدأ الحوثيون وعفاش في حفر قبورهم أمام ملايين المسلمين ، الذين شهدوا على ظلمهم وإجرامهم الذي لن يُمح من صفحات التأريخ .

لقد انشقت الألوية واستسلم الآلآف من الجنود ، وتم نسف مخازن السلاح الثقيلة والخفيفة ، وبات عفاش والحوثيون فقراء النفس والجيب ، فإمَّا الأسر أو الموت في جبال اليمن الموحشة ! .
لقد تمتَّع عفاش والحوثيون بخيرات اليمن التي نهبوها من عشرات السِّنين وسكنوا القصور المنيعة المترفة ، وقد حان الأوان لتنفيذ حَدِّ الله فيهم ، نظير فسادهم وإجرامهم في أرض اليمن .

من القواعد المتقرِّرة في الشريعة أن عذاب الله تعالى لا يُرُّد عن القوم المفسدين المعاندين، كما قال سبحانه : ” ولا يُردُّ بأسنا عن القوم المجرمين ” ( يوسف : 110 ) . وقال سبحانه : ” فهل ينتظرون إلا مثل أيام الذين خلوا من قبلهم قل فانتظروا إنِّي معكم من المنتظرين ” ( يونس : 102 ) .
هذا ما تيسر تحريره ، والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات .

أ / أحمد بن مسفر بن معجب العتيبي
عضو هيئة التدريس بمعاهد القوات البرية

__________________

مؤسِّس مُدوَّنة المتوقِّد التأصيلية
http://ahmad-mosfer.com/