المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ( مجزرة ألارمن )



خطاب أسد الدين
04-25-2015, 07:37 PM
مجموع تعليقات ألاخوة فى ورينا نفسك على منشور الدكتور هيثم طلعت عن قضية تاريخية جدلية .
وكانت التعليقات راقية ومنطقية وموثقة بمصادرها ومقنعة .

بداية أن مجزرة ألارمن طيلة السنين الماضية لم يكن لها أى ذكر ,ولم تكن وسائل الاعلام تسلط عليها الاضواء وتقيم عليها شىء اسمه ذكرى إلا خلال السنتين الاخيرتين .
وذلك بعد الثورات وظهور التيار الجهادى الاسلامى وسيطرة الاسلاميين على بعض الاراضى كقوة عسكرية .
ولذلك صار يروج لتلك القصة بشكل اعلامى وموجه .
لذلك لا نريد ان نقول ان المؤامرة هى المحرك .
فالغلو فى المؤامرة مؤامرة وانكار المؤامرة مؤامرة

(مجزرة الدولة العثمانية ضد ألارمن)

قد مرت ‫#‏القضية_الارمنية‬ في الدولة العثمانية بثلاث مراحل :
(1) في زمن السلطان عبد الحميد الثاني (1876-1908)
(2) في أيام حكم الاتحاديين (1909-1918)
(3) خلال الحكم الكمالي (1919-1923).
المصدر:
http://www.almutmar.com/index.php?id=2012317
---------------------------------------------------------------------------
وإليك تفصيل الأحداث ومبرراتها مع محاولة الاختصار قدر الإمكان.
----------------------------------
لما رأى الأرمن أن الدول الكبرى، باستثناء إنجلترا لم تُعر قضيتهم اهتمامًا جديًا صعدوا عملياتهم الإرهابية ضد المسلمين، ووسعوا نشاطاتهم إلى خارج الأراضي العثمانية حيث كونوا جمعيتان هما ‫#‏الهنشاك‬:بمعنى الحرس،و ‫#‏التاشناك‬: بمعنى الاتحاد الثوري الأرمني.
.
هدفت الجمعيتان إلى إنشاء حكومة وطنية مستقلة في أرمينيا، والحصول على الحرية السياسية، أما الوسائل فهي مهاجمة القرى الإسلامية وتدبير مذابح جماعية لفرض نظرية عدم إمكان عيش الأرمن جنبًا إلى جنب مع المسلمين، ولحمل الدول الأوروبية على التدخل لصالحهم.
المصدر: كتاب تاريخ العثمانيين ، أد./ محمد سهيل طقوش ص459 و 460

http://www.almutmar.com/index.php?id=2012317

http://www.ottomanarchives.info/…/%D9%85%D9%88%D9%82%D9%81…/

يقول الكاتب كمال بيكاديللي في كتابه الدولة العثمانية تاريخ وحضارة:

" كانت الممارسة التي لا تتغير في اللعبة هي القيام عقب هجماتهم الوحشية باستفزاز جيرانهم المسلمين ودفعهم للرد ثم عرض القتال بين الطرفين على أوروبا على أنه مجازر تستهدف النصارى وضمان تدخل الأوربيين الفوري وضمان مساعداتهم"
.
وبناء على هذه المنهجية فقد استمرت العمليات الإرهابية من جانب الأرمن سنوات عديدة ابتداء من عام 1980م وشكلت خطرًا مؤكدًا على سلامة الدولة. كان أشهرها (‫#‏مذبحة_ساسون‬) ضد ‫#‏الأكراد‬ في ولاية بدليس في أواخر عام 1984م، وقد دارت فيه الدائرة على الأرمن.
.
واجهت الدولة العثمانية هذه العمليات الإرهابية والمذابح التي أحدثها الأرمن، واستمرت المواجهات 3 أسابيع انتهت بقضاء الدولة العثمانية على الفتنة.
.
تحركت كل من بريطانيا وفرنسا وروسيا وطلبوا بلجنة تقصي حقائق في مقتلة ‫#‏ساسون‬.
انتهت اللجنة الدولية لتقصي الحقائق إلى وضع تقرير [ يتهم الأرمن بأنهم هم ‫#‏البادئون‬ في إشعال نار الاضطرابات وأن السلطة العثمانية تصرفت بمقتضى ما يخوله لها القانون].
عندما رأى الأرمن تراجع الدول الأوروبية عن تأييد قضيتهم خاصة بعد هذا التقرير، قرروا نقل نشاطهم الإرهابي إلى العاصمة استانبول، فأحدثوا الاضطرابات فيها.
ووقعت مقتلة عظيمة بين المسلمين والأرمن، وهاجموا في أوائل عام 1896م البنك المركزي العثماني، ومقر الباب العالي، والسوق
القديمة.
-----------
نتيجة لهذه الاستفزازات عمدت السلطات العثمانية إلى تنفيذ عمليات انتقامية واسعة ورهيبة ضد الأرمن القاطنين في استانبول عام 1896م.
-----------
استغل الأرمن أحداث الشد والجذب بينهم وبين السلطات العثمانية وقدموا مذكرة إلى سفراء الدول الأوروبية ضمنوها عدة مطالب، تمت الاستجابة إلى الكثير منها من قبل الدولة العثمانية لتخفيف حدة التوتر حتى أنهم شاركوا في الحياة السياسية على نحو يتناسب مع تعدادهم.
لم ييأس الأرمن من محاولة محاولة تحقيق أمانيهم القومية فجددوا انتفاضتهم في عام 1909م وكانت النتيجة إحداث مذابح عنيفة.
التحليل السابق نقلاً عن كتاب تاريخ العثمانيين أ.د/ محمد سهيل طقّوش.
من ص 456: ص463
والكتاب مدعم بمصادر من كلا الجانبين الأرميني والتركي.
هناك تحليل آخر بشيء من التفصيل على بدايات الخلاف والذي تمثل في مساعدة الأرمن للجيش الروسي ومعاونتهم ضد الدولة العثمانية.
____________________:
التحليل ممكن ولكن التبرير مرفوض
المذبحة مذبحة ولا معنى آخر لها..
ومافعله الأتراك من قتل الرجال وإغتصاب النساء ثم قتلهن وصلبهن هو أمر بشع وجريمة إنسانية.. والجريمة لا تبررها جريمة أخرى.. بمعنى أن إرتكاب الأرمن لجرائم في حق المسلمين لا يبرر المذبحة التي حدثت..
ودمتم بود
__________________________

كعادة الملحدين العرب يتسّولون أية قضية تُسيء لأمتهم وتاريخهم وثقافتهم، وكعادة كل المرتدين حين يتحولون إلى عبء على أمتهم وطابورٍ خامس من الخونة fifth column -فالمرتد بطبيعته هو "المفارق لجماعته" كما لفظ الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم-!

حديثنا في هذا المنشور عن ترويج الملحدين لمذبحة الأرمن وكيف أن الخلافة العثمانية أبادت الأرمن عام 1915 م.
ولم يعرف الأغبياء الملاحدة أن آخر خليفة عثماني عبد الحميد الثاني İkinci Abdülhamit تم عزله رسميًا عام 1908 عن الحكم العثماني!
حيث قامت حركة تركيا الفتاة Jön Türkler ذات التوجه العلماني والتي ستتسع لاحقًا لتصبح جمعية الاتحاد والترقي İttihat ve Terakki Cemiyeti بعزل آخر خليفة مسلم عام 1908 في حين أن مذبحة الأرمن جرت عام 1915 إبان الحرب العالمية الأولى!

وكان المفكر التنظيري لحركة تركيا الفتاة هو المجرم الملحد عبد الله جودت Abdullah_Cevdet أو عدو الله Aduvullah كما كان يُسمى في تركيا.
http://en.wikipedia.org/wiki/Abdullah_Cevdet

بينما القيادة العسكرية لحركة تركيا الفتاة والتي كانت مسئولة مسئولية مباشرة عن تنفيذ مذابح الأرمن فكانت من نصيب أنور باشا Enver Paşa وزير الحربية. وكانت تركيا تُسمى في ذلك الوقت "أرض أنور Enverland ".
http://en.wikipedia.org/wiki/Enver_Pasha

ومن البلايا التي قامت بها حركة تركيا الفتاة -جمعية الاتحاد والترقي- بعد عزل الخليفة أنها انضمت إلى ألمانيا في الحرب العالمية الأولى، مع أن هذه حرب لا تعني الأمة الإسلامية في شيء، وبسببها هلك الجيش العثماني وضاعت هيبة الدولة العثمانية!
فقد دخل المسلمون في حرب لا ناقة لهم فيها ولا جمل!
ومن غريب ما قام به أنور باشا في ذلك الوقت أنه أرسل جيشًا -قرابة 90 ألف مقاتل - لمحاربة روسيا في معركة ساركاميش Battle of Sarikamish وكان أغلب الجنود بلا سلاح ولا أحذية وهلك الآلاف منهم بسبب موجات الثلوج والبرد القارص، وكانت هذه المهزلة أحد أبرز نتائج الحرب العالمية الأولى!
http://en.wikipedia.org/wiki/Battle_of_Sarikamish

وأثناء صراعه مع روسيا في الحرب العالمية الأولى لاحظ أنور باشا خيانة حقيقية من الأرمن القاطنين في الحدود الشمالية للبلاد وتسهيلهم الانتصارات المتتالية للروس وتخريبهم لقرى المسلمين، وبناءًا عليه فقد اعتبرهم أنور باشا طابورًا خامسًا وبدأ في ترحيلهم قسريًا من مناطق الحدود إلى مدن أخرى في الأناضول.
فقد كان الأرمن أشد إجرامًا على المسلمين وأكثر ترويعًا لهم على طول الحدود مع روسيا، ولذا ينكر كثير من كبار المفكرين الغربيين شيء اسمه "مذبحة الأرمن"، ومن هؤلاء: الكاتب الغربي المتحامل على الإسلام برنارد لويس Bernard Lewis وجاستين ماكارثي Justin McCarthy والمؤرخ الأمريكي مايكل جنتر Michael M. Gunter وغيرهم الكثير.
Poole, Steven. Unspeak: How Words Become Weapons, How Weapons Become a Message, and How That Message Becomes Reality, Grove Press, 2007, p.95.
https://www.youtube.com/watch?v=-bmopgezqjI

وبغض النظر عن أحداث فترة 1915 و1916 فإن الخلافة العثمانية لم يكن لها وجود أصلاً في ذلك التوقيت، بل إن مصطلح الخلافة تم إلغاؤه رسميًا على يد جمعية الاتحاد والترقي عام 1924 على يد مصطفى كمال أتاتورك!

ومن عجيب ما يُقال هنا أن نفي الأرمن وترحيلهم استمر أيضًا أيام مصطفى كمال أتاتورك!
Documents on British Foreign Policy, vol. vii, p. 303.

فإذا أردت أن تتهم أحدًا بمذبحة الأرمن فاذهب إلى الملحد المجرم عبد الله جودت وإلى العلماني الخبيث مصطفى كمال أتاتورك!
ولا تنس أن الأرمن عاشوا في دولة الخلافة قرونًا طويلة وكان منهم الوزراء!
وما أن سقطت الخلافة إلا وقد حان وقت رحيل كل الأثنيات العرقية كالأرمن واليونانيين والأكراد!

وبعد إعادة البحث مرة أخرى استنتجت أن (مذبحة الأرمن) من وجهة نظري لا ينبغي أن تُطلق على عام بعينه لأن الأمر أعقد من ذلك بكثير فهي سلسلة من الاقتتال بين جانبين استمر على مدى سنوات تكبد كل طرف من الطرفين وغيرهم خسائر فادحة في الأرواح والممتلكات، وكان عام 1915 هو الأعنف بين كل تلك الأعوام، لكن لا يمكن اجتزاء الأمر عليه فقط.
.
وخلاصة الكلام (من وجهة نظري) ومن خلال المطالعة لا ينبغي اعتبار ما يسمى بمذابح الأرمن اقتتال أو صراع ديني فهو أبعد ما يكون عن ذلك.
ويمكن القول بأنه صراع سياسي بحت. مثلما تحارب أي دولة من يهدد أمنها واستقرارها القومي .. فالأرمن لطالما حاولوا الانشقاق ولطالما تحالفوا مع الأعداء ولطالما أثاروا الفتن وقاموا بالتعدي على المسلمين وارتكبوا في حقهم أبشع الجرائم اللاإنسانية.
وكما ذكرت بالأعلى تقرير لجنة تقصي الحقائق الدولية وتأييدها للموقف العثماني ضد الأرمن.
_____________________________________________

وكما يذكر أ.د/ محمد طقوش أن الدولة العثمانية عدت القضية حياة أو موت لأن الأرمن كانوا يطالبون بالقسم الشرقي من الأناضول ليقيموا عليه دولة أرمينية، والأناضول هو الموطن الأصلي للدولة العثمانية وقلب دولتهم وأي انسحاب قد يؤدي إلى ضياع الدولة بأكملها.
_____________________________________________

نقاط مهمة يتجاهلها الاعلام الغربى والعربى الخائن ...

أولا المذبحة كانت تحت حكم الاتحاد والترقى العلمانى الخائن المتاحالف مع هتلر .

ثانيا وهى نقطة مهمة جدا جدا ...أنه هناك الكثير من الشخصيات المسيحية حاربت وقاتلت مع جيش الوهابيين ضد الدولة العثمانية والتركية ,وشاركوا افرادا مقاتلين مع جيش الشريف وال سعود الى ان حرروا الشام والاردن ..وكان المسيحيين يؤيدون الجيش الاسلامى الوهابى ...

ثالتا:ان ألارمن أيضا ارتكبوا مجازر كبيرة ضد المسلمين ,وكانوا يتلقون الدعم من القيصرية الروسية واقتحموا كما ذكر المؤرخون قرى اسلامية وسفكوا فيه الدماء الكثير .
الا ان الاعلام ركز على طرف وترك ألاخر .

وكما نعلم ان الدولة التركية قد فسدت واصبحت تحدث مذابح هنا وهناك و قتلت المسلمين والمسيحيين ...
_____________________________________

تحت أي حكم جرت مذبحة الأرمن: تحت حكم تركيا الفتاة Young Turks قولاً واحدًا
أما مبرراتها: فهي أن الأرمن يسهلون استيلاء الروس على الحدود الشمالية أثناء الحرب العالمية الأولى.
الوثيقة الرسمية الوحيدة المعترف بها الآن من كل الأطراف في قضية مذبحة الأرمن أن حركة تركيا الفتاة هي التي قادت عمليات التهجير للأرمن من شمال الأناضول.
أما مؤسسي حركة تركيا الفتاة فكانوا علمانيين أوباش بقيادة المجرم الملحد عبد الله جودت http://en.wikipedia.org/wiki/Abdullah_Cevdet

أقالت حركة تركيا الفتاة السلطان عبد الحميد الثاني سنة 1908 وقامت بالمجزرة سنة .1915
أما مسالة الحرب العالمية الأولى التي أدخلنا فيها أنور باشا فكانت أحد أكبر أخطاء تركيا الفتاة، وهي نفس الحركة التي ألغت الخلافة وهي نفس الحركة التي أقالت عبد الحميد الثاني وهي نفس الحركة التي ألغت اللغة العربية من تركيا، وهي نفس الحركة التي ألغت المدارس الدينية.

ومن أجل ذلك نحن نحذر من الملحدين ! فالمجرم عبد الله جودت الملحد عدو الله كما كان يسمى في تركيا هو المنظر الأشرس لحركة تركيا الفتاة والتي أقالت عبد الحميد الثاني وفي مرحلة لاحقة قامت بالمجزرة أما الذي أكمل المجزرة فهو المجرم العلماني الخبيث حبيب الملحدين كمال أتاتورك
مشكلة تركيا الحديثة على الرغم من اتجاهها بقوة بفضل الله نحو أسلمة مفاصل الدولة إلا أنها لا تريد أن تتخلى عن صورة المجرم أتاتورك كأبو الأتراك لذا فهي في فخ الدفاع عن نفسها أمام المجزرة!
في حين أن المجزرة أكبر دليل على حقارة الملحدين والعلمانيين.
للتفاصيل والوثائق راجعوا تعليق الأخ الحبيب محمد حسن في نفس المنشور!

في كتاب سلام ما بعده سلام ....يقول المؤلف أن الحلفاء حاولو ضرب الخلافة العثمانية من خلف خطوط الدفاع فحركوا الأرمن وحركوا ما سمي الثورة العربية الكبرى ...فماذا تنتظر من دولة الخلافة فعله؟

ان نايلز وسذرلاند قدما في تقريرهما إحصائية؛ تعداد القرى والبيوت المسلمة الناجية من جحيم الحرب حول مدينتي (وان) و (بتليس) فقط وعلى سبيل المثال حيث أثبت أن الأرمن دمروا أكثر بيوت المسلمين ولم يبق أي أثر لجميع المباني والمنشآت الدينية الإسلامية! كما هو موضح في الجدول التالي:

الدمار في مدينتي وان وبتليس

مدينة وان قبل الحرب بعد الحرب 1919

منازل المسلمين 3400 3

منازل الأرمن 3100 1170

مدينة بتليس قبل الحرب بعد الحرب 1919

منازل المسلمين 6500 لا شئ

منازل الأرمن 1500 1000

أما عن القرى في إقليم وان وسنجق وبايزيد قبل الحرب والاحتلال الأرمني وبعدهما فجاء في إحصائية نايلز وسذرلاند: أن تعداد منازل المسلمين قبل الحرب في قرى إقليم وان كان (1373) منزلاً وانخفض بعد الحرب في 1919م إلى 350 منزلاً!! بينما كانت منازل الأرمن 112 منزلاً قبل الحرب فزادت بعد الحرب إلى 200 منزلاً! وفي قرى إقليم بايزيد كان عدد منازل المسلمين قبل الحرب 448 منزلاً صارت بعد الحرب في عام 1919م 243 منزلاً! بينما منازل الأرمن كانت قبل الحرب 33 منزلاً ظلت كما هي بعد الحرب 33 منزلاً!

وقد لخص نايلز وسذرلاند تاريخ مسلمي شرق الأناضول بدقة في ختام تقريرهما يتبع
"ومع أنها لا تقع ضمن مجال تحقيقنا تماماً، إلا أن إحدى أبرز الحقائق التي أثرت فينا في كل بقعة من بتليس إلى طربزون هي أن الأرمن ارتكبوا ضد الأتراك في المنطقة التي اجتزناها كل أنواع الجرائم والانتهاكات التي ارتكبها الأتراك في مناطق أخرى ضد الأرمن. كنا نشك في البداية إلى حد بعيد بالروايات التي أخبرنا بها، لكن إجماع الشهود جميعهم، واللهفة الجلية التي تحدثوا بها عن الأعمال الشريرة التي ارتكبها الأتراك في مناطق أخرى ضد الأرمن. كنا نشك في البداية إلى حد بعيد بالروايات التي أخبرنا بها، لكن إجماع الشهود جميعهم، واللهفة الجلية التي تحدثوا بها عن الأعمال الشريرة التي ارتكبت بحقهم، وكراهيتهم الواضحة للأرمن، والأقوى من ذلك كله الأدلة المادية على الأرض نفسها، جعلنا نقتنع بصحة الحقائق على نحو عام، أولاً إن الأرمن قتلوا مسلمين على نطاق واسع وبتفنن كثير في أسلوب الوحشية، وثانياً إن الأرمن مسؤولون عن أكثر التدمير للمدن والقرى. احتل الروس والأرمن البلاد فترة طويلة في عام 1915م وعام 1916م ويبدو أنه خلال تلك الفترة كانت الفوضى محدودة، مع أن الروس من غير ريب تسببوا بأضرار. في عام 1917م انحل الجيش الروسي تاركاً السلطة في أيدي الأرمن وحدهم. في تلك الفترة طافت على البلاد عصابات من الجيش الأرمني فنهبت وقتلت السكان المدنيين المسلمين. حين زحف الجيش التركي إلى أرزجان وأرضروم ووان، تفكك الجيش الأرمني وارتكب جميع الجنود النظاميين وغير النظاميين على تدمير ممتلكات المسلمين وارتكاب الأعمال الوحشية ضد السكان المسلمين. كانت النتيجة بلداً مدمراً كاملاً يحتوي على ربع عدد سكانه السابقين وثُمن مبانيه السابقة، وكراهية مريرة إلى حد بعيد من المسلمين للأرمن، ما يجعل عيش هذين العنصرين معاً مستحيلاً في الوقت الحاضر. أعلن المسلمون أنهم إذا أجبروا على العيش في ظل حكومة أرمينية فإنهم سيقاتلون، ويبدو لنا أنهم ربما ينفذون هذا التهديد. يشاركنا في هذا الرأي الضباط الأتراك والبريطانيون والأمريكيون الذين قابلناهم" أهـ (مكارثي: ص253، ص254).نقل من مقال هاني السبعي في 2007

وأرفق لكم ثلاثة تسجيلات لجستين ماكرثى إثنان منهما فى كانبرا والثالثة فى ملبورن ..
يلخّص فيها كتابه بالوثائق والأدلة والأرقام..

Prof. Justin McCarthy's speech at the Federal Parliament in
Canberra/Australia - 21.11.2013 https://www.youtube.com/watch?v=-bmopgezqjI

https://www.youtube.com/watch?v=jd6LxvDwUIE

Prof Justin McCarthy, Melbourne Symposium: "What Happened During 1915-1919?"
https://www.youtube.com/watch?v=TPcNuu3jJWk

سراب المجد
04-25-2015, 07:58 PM
جزاك الله خيرًا و بارك الله فيك

خطاب أسد الدين
04-26-2015, 01:30 PM
وفيك بارك الله

خطاب أسد الدين
04-26-2015, 02:41 PM
إبادة الأرمن على أيدي العثمانيين .. الأكذوبة الكبرى

بقلم د. هاني السباعي

hanisibu@hotmail.com

مدير مركز المقريزي للدراسات التاريخية بلندن

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعد.

هذا مقال للرد على زعم إبادة الأرمن على أيدي العثمانيين على النحو التالي:

أولاً: تقدمة.

ثانياً: محاور أساسية لفهم الصراع.

ثالثا: ولاء الأرمن للروس وتمردهم على العثمانيين أمثلة ونماذج.

رابعاً: شهادة مدفونة في أضابير قسم الوثائق الأمريكية.

خامساً: صفوة القول.

أولاً: تقدمة:

لقد تبنى هذه الأكذوبة (إبادة الأرمن على أيدي العثمانيين) من استخدم الأرمن في تحقيق مطامعه السياسية فهم أنفسهم أعني روسيا القيصرية هي التي صنعت الأرمن ومنحتهم بغير حق معظم الأراضي التي طردت المسلمين منها في خلال حروبها المستمرة لعدة قرون مع الدولة العثمانية! فقد كانت روسيا القيصرية تمارس إرهاباً منظماً ضد رعايا الدولة العثمانية حيث كانت تبيد مدائن وقرى كاملة كانت عامرة بالمسلمين، ومن تبقى على قيد الحياة منهم كانت تجبره على النزوح القسري مستولين على كل ممتلكات هؤلاء المسلمين المظلومين الذين تعرضوا لأبشع عملية استئصال جماعي في تاريخ البشر! وفي نفس الوقت كانت القوات الروسية بزعم الدفاع عن المسيحية! تقوم بعملية إحلال وتجديد من خلال توطين الأرمن الموالين لها في حروبها مع الدولة العثمانية أراضي المسلمين الذي هجروها قسراً أو قتلوا إبادة! وقد كانت روسيا القيصرية تمد المتمردين الأرمن بالمال والسلاح والعتاد بمجرد حدوث أدنى نزاع بين مسلم من رعايا الدولة العثمانية وأرمني موال لروسيا القيصرية فلم يكن مسموحاً للمسلم أن يرد عدوان عصابات الأرمن التي تغير على القرى وتنتهك الأعراض فإذا حاول المسلم أن يدافع عن عرضه وأرضه تقوم هذه العصابات المدعومة روسيا بإبادة القرية وحرق من فيها!

لقد استخدمت روسيا المتمردين الأرمن لتوسيع مناطق نفوذها واحتلال البلاد الخاضعة للدولة العثمانية وهذا ما ساعد فيما بعد على تكوين الاتحاد السوفيتي منذ الثورة البلشفية عام 1917م!

وأكد على ذلك لورانت شابري وآني شابري في كتابهما (سياسة وأقليات في الشرق الأدنى ترجمة د.ذوقان قرقوط ص311) رغم أنهما لم يكونا محايدين على الإطلاق في كتابهما المذكور! لكن على أية حال فقد ذكرا رغم تعصبهما للأرمن: "وقد أبصر الأرمن الباقون في أرمينيا، الخاضعون من جهة للأتراك ومن الجهة الأخرى للفرس، أملاً كبيراً في نهاية القرن الثامن عشر وهم يرون إلى القوة الروسية، القوة المسيحية تظهر على مسرح الشرق الأدنى. وتظهر الرغبة في الامتداد إلى ما وراء القوقاز، نحو الجنوب والجنوب الشرقي. قبل ذلك في القرنين السادس عشر والسابع عشر، حاولا الأرمن -عبثاً بلا جدوى-العثور على عون في الغرب المسيحي، متوقعين تدخلاً عسكرياً من الدول الغربية ينقذهم من النير التركي. ولم تثبط روسيا هذه الآمال الجديدة، واجدة في جيوش المتطوعين الأرمن التي شنت على الفرس، احتلال الأراضي التي تشكل اليوم صورة تقريبية أرمينيا السوفيتية" أهـ.

لعل متسائلاً يقول متى ظهرت المسألة الأرمنية دولياً؟ ولماذا يصر الأرمن على أنهم قد تعرضوا للإبادة على أيدي العثمانيين؟

للإجابة على هذا نحاول أن نسلط الضوء على المحاور التالية:

ثانياً: محاور أساسية لفهم الصراع:

المحور الأول:

لقد تم تدويل المسألة الأرمينية لأول مرة بموجب معاهدة (سان ستيفانو):فعقب انتهاء الحرب الروسية التركية لعام 1877م – 1878م عقد الطرفان معاهدة سان ستيفانو وبرلين عام 1878م حيث مهد البند رقم 16 والبند رقم 61 بتدويل المسألة الأرمنية التي لا تزال تستخدم فزاعة لابتزاز الأتراك حتى وقتنا الحاضر.

المحور الثاني:

لا بد من دراسة الحقبة التاريخية التي يزعم الأرمن أنهم قد تعرضوا فيها للإبادة وهي تقريباً الفترة من (1821م إلى 1922م).. مع دراسة منطقة جغرافية كبرى كانت خاضعة للدولة العثمانية من قفقاسيا إلى الأناضول والبلقان بما في ذلك بلغاريا واليونان حيث كان معظم سكان هذه الأراضي الشاسعة يدينون بالإسلام!

وهناك بالفعل دراسات جادة حول هذا الموضوع رغم ندرتها مثل الدراسة التي أعدها جستن مكارثي في كتابه (نفي وموت) حيث قامت بدعمه وتمويله (هيئة وقف الولايات المتحدة الأمريكية القومي للدراسات الثقافية للبحث في الحرب العالمية الأولى وآثارها، ومؤسسة الدراسات التركية للبحث في وفيات وهجرات الأتراك بالاشتراك مع بعض الجامعات الأمريكية والبريطانية.. ويعتبر هذا البحث من أفضل ما كتب في هذا الشأن رغم تحفظنا على بعض الملاحظات التي لا تقلل من قيمة البحث وجديته والجهد المبذول فيه وقد ترجم إلى اللغة العربية في الكتاب الموسوم (الطرد والإبادة) نشرته قدمس للنشر والتوزيع بدمشق وهو كتاب جيد في مجاله. وبالطبع فإن دراسة هذه المنقطة جغرافيا وتاريخيا وطبيعة الصراع القائم في تلكم الحقبة يحتاج إلى العديد من الأبحاث والدراسات الوثائقية ليستبين للمنصفين من ذوي العقول عظم الفرية التي يرددها الغرب حول ما يسمى (بإبادة الأرمن)! في الوقت الذي يتجاهل فيه الكتاب الغربيون مصير ملايين المسلمين الذي شردوا من أوطانهم وقتلوا على أيدي الروس والأرمن والبلغار واليونان والصرب في نفس الحقبة المذكورة حتى عام 1922م !

وعلى حد تعبير مكارثي: "كانت هناك مجتمعات مسلمة في منطقة بحجم أوربا الغربية كاملة قُلصت أو أبيدت. تقلصت مجتمعات البلقان التركية العظيمة إلى جزء من أعدادها السابقة. في القفقاس طرد الجركس واللاز والأبخاز والأتراك وآخرون من جماعات مسلمة صغيرة. تغيرت الأناضول، وغربي الأناضول وشرقيها أقرب إلى الخرائب. أنجزت إحدى أكبر مآسي التاريخ" أهـ (مكارثي: ص327 بتصرف).

المحور الثالث:

دور جماعة الاتحاد والترقي في إسقاط الخلافة العثمانية وذلك عام 1908م وإجبار السلطان عبد الحميد الثاني على الاعتزال! وإدخال فقرة في الدستور الجديد تسمح لكل المواطنين العثمانيين بالتسلح مما وفر غطاءً قانونياً للأقليات بالتسلح! واستغل الأرمن هذا التشريع الجديد بجمع وتخزين الأسلحة التي حابوا بها المسلمين وقتلوهم! حيث بدأ العدوان الأرمني على المسلمين في مدينة أطنة Adana قبل منتصف عام 1909م بقيادة أسقف مدينة (أسفين) المدعو موستش!

المحور الرابع:

دور السفراء والقناصل الغربيين والمبشرين البروتستانت الأمريكيين في تضليل الرأي العام ونشر تقارير مبالغ فيها عن قتلى الأرمن وغض الطرف عن قتلى المسلمين بل وتعمد الكذب في أحايين كثيرة وقد كان للقنصل الأمريكي المتهم بالتعصب للأرمن دور في نشر هذه الأضاليل! ولم يكن القنصل الفرنسي أقل افتراءً من القنصل الأمريكي والروسي وغيرهم!

وللأسف الشديد فإن السلطان عبد الحميد كان يثق في أن الحكومة البريطانية تريد الحفاظ على وحدة الممالك العثمانية! لكنه كان قد استفاق بعد فوات الأوان! يقول روبير مانتران في كتابه تاريخ الدولة العثمانية وهو كتاب فيه كثير من الآراء غير السديدة! يقول في الجزء الثاني من الكتاب المذكور: "ومنذ 1878 إلى 1879م يبدأ عبد الحميد في الاشتباه في أن إنجلترا تريد التخلي عن سياستها التقليدية الخاصة بالحفاظ على وحدة الأراضي العثمانية. وهذه الشكوك تغذيها الضغوط التي تمارسها الحكومة البريطانية على السلطان عبد الحميد حتى يضطلع بالإصلاحات الموعودة في الولايات الأرمنية؛ ويزيد من احتدادها تولي(جلادستون) زعيم حزب الأحرار لرئاسة الحكومة البريطانية في مايو عام 1880م، وهو عدو سافر للأتراك منذ مذابح بلغاريا. وتؤكدها بشكل ما هيمنة لندن على مصر عام 1882م. فمنذ ذلك الحين شهدت الديبلوماسية الإنجليزية، على نحو ما ينظر إليها في استنبول، انقلاباً كاملاً"أهـ (روبير مانتران: تاريخ الدولة العثمانية/ترجمة بشير السباعي/دار الفكر للدراسات والتوزيع/القاهرة/ج2 ص165).

المحور الخامس:

الدعاية الغربية المضللة التي كانت تنشرها وسائل الإعلام من قلب للحقائق وتصوير المسلمين على أنهم همج وبرابرة متوحشون! وفي المقابل تصوير الأرمن على أنهم أتقياء بررة وعباقرة أذكياء متسامحون!

المحور السادس:

لقد ظهرت هذه المشاكل والقلاقل التي أثارتها القوى المعادية للدولة العثمانية في مناطق نفوذها في القفقاس والقرم والبلقان والأناضول وأثرت على مصير المسلمين في هذه المساحات الشاسعة بسبب عدة عوامل أساسية:

(أ) ضعف الدولة العثمانية وشيخوختها حتى وصفت بعد ذلك بالرجل المريض.

(ب) التحريض على الوعي القومي المسيحي بين الطوائف التي تعيش في كنف الدولة العثمانية فقد حرصت الدول الكبرى الطامعة في تقسيم أملاك الدولة العثمانية على تحريض الطوائف غير المسلمة على التمرد وإحياء النعرات القومية كما حدث مع الأرمن والبلغار واليونان والصرب!. وهذا ما أشار إليه روبير ما نتران:"والواقع أن الحركة القومية الأرمنية بعد عام 1878 يرتبط إلى حد بعيد بالتحليل الذي أجره المثقفون الأرمن للاستقلال البلغاري: فقد تم الحصول على هذا الاستقلال بفضل أوروبا، فعلاً، لكنه تم أساساً بفضل الأساليب العنيفة التي لجأت إليها (اللجان الثورية البلغارية). وهكذا فإن النموذج البلغاري يهيمن على تفكير المناضلين الأرمن، خاصة أولئك الذين سوف يتجهون إلى إنشاء المنظمات الأولى. والواقع أن الأحزاب الثورية الأولى تبدأ في الظهور في أواسط ثمانينيات القرن التاسع عشر: حزب (أرمينكان) الذي تأسس في (فان) عام 1885م على أيدي عدد من المربين، ثم الحزبان الكبيران اللذان، خلافاً للحزب الأول، سوف يجري تأسيسهما على أيدي أرمن من القوقاز ليس لهم مع أرمينيا التركية غير القليل من الروابط: الهينتشاق(الجرس) الذي تأسس في جنيف عام 1887م، والداشناق (الاتحاد الثوري الأرمني) الذي تأسس في عام 1890م في تفليس" أهـ (روبير مانتران: ج2 ص217).

(ج) التوسع الاستعماري الروسي الذي ظل يبتلع أملاك الدولة العثمانية قطعة قطعة.

هكذا نستطيع من خلال هذه المحاور فهم الملف الأرمني الذي يستخدمه الغرب ضد الدولة التركية الحديثة رغم ابتعادها عن الإسلام ومحاربتها له عن طريق علمنة كافة المناحي الحياتية في تركيا بغية إرضاء الغرب والدخول في جنة الاتحاد الأوروبي الموعودة! ذلك الاتحاد الذي لا ولن يرضي عن دخول تركيا حتى تلج تركيا (سم الخياط)! فقادة الغرب يعلمون جيداً أن كمال أتاتورك قد فعل ما لم يكن الأوروبيون أنفسهم يحلمون به! وفي نفس الوقت يعلمون أن الشعب التركي رغم ابتعاده كثيراً عن الإسلام الحقيقي غير أن روح الإسلام لا تزال تسري في جسده وأن هناك حنيناً لعودة عظمة الإسلام التليد أضحت تنتشر في الآونة الأخيرة رغم محاولات العسكر حصار هذه الروح وخنقها في مهدها! لذلك يتخوف القادة الأوروبيون بدخول تركيا الاتحاد الأوربي لأنهم يعتقدون أن هذا الاتحاد الأوروبي ناد مسيحي! لا يسمح للمسلمين بعضويته!

ورغم تحالف تركيا مع أميركا إلا أن قادة الولايات المتحدة غير مطمئنين على مصالح بلادهم في المستقبل البعيد لذلك فإنهم سيتبنون في نهاية المطاف قراراً بإدانة تركيا في إبادة الأرمن على أيدي العثمانيين! بغية ابتزاز تركيا واتخاذ هذا القرار تكأة لحصار تركيا اقتصادياً والتدخل عسكرياً إن خرجت تركيا عن علمنتها المتطرفة وغيرت بوصلتها إلى الحكم بالإسلام في المستقبل القريب أو البعيد! لأنه في هذه الحالة ستتحالف أوروبا وأمريكا في حرب ضروس أشبه بحرب عالمية ثالثة أو رابعة أو خامسة ضد تركيا لاستعادة القسطنطينية وضمها إلى الغرب!

ثالثا: ولاء الأرمن للروس وتمردهم على العثمانيين:

لقد كان للولاء الديني الدور الأبرز في الصراع بين روسيا القيصرية والدولة العثمانية حيث لم يكن مفهوم الجنسية قد ظهر في تلك الحقبة وقد أكد على هذا مبدأ الولاء الديني مكارثي في كتابه المذكور آنفاً: "من الواضح أن الأرمن في ظل الحكم الروسي والعثماني كانوا يرون بعضهم إخوة، مهما كانت جنسياتهم والأمر نفسه صحيح عند المسلمين. من غير المؤكد إذا كان مفهوم الجنسية، بالمقارنة بالانتماء الديني، توطد على نحو كبير في أي من القفقاس أو شرقي الأناضول قبل عشرينيات القرن العشرين. في الشرق شعر المسلم القفقاسي بأنه أقرب إلى مسلم أناضولي منه إلى أرمني قفقاسي تماماً كما نسب الأرمني الأناضولي الشرقي نفسه إلى أرمن القفقاس، وليس إلى المسلمين الأناضوليين. إن انتماءهم الرئيس لجماعاتهم الدينية برهنت عليه حروب القفقاس وشرقي الأناضول المرة تلو الأخرى" (جستن مكارثي: الطرد والإبادة ص49 بتصرف).

أقول إن مبدأ الولاء الديني ليس مستغرباً في تاريخ الأمم، لكن المستغرب أن يتم إقصاء هذا المبدأ في تقويم طبيعة الصراع عبر التاريخ. وللتدليل على أهمية الولاء الديني أن روسيا القيصرية كانت تضطهد الكنيسة الأرمينية ثم غيرت معاملتها لهم في عهد بطرس الأكبر! للاستعانة بهم في حروبهم التوسعية ضد الدولة العثمانية وقد تفهم ذلك الأرمن على أساس أنهم والروس ينتمون في النهاية إلى الديانة النصرانية وأن عدوهم واحد (الدولة الإسلامية العثمانية)! والحقيقة أن الأرمن تعاملوا بنفس المنطق مع الفرنسيين وشكلوا فيلقاً يتبع الجيش الفرنسي في قليقلية عاث في الأرض فساداً على أساس أن الفرنسيين أيضاً إخوانهم في العقيدة وعدوهم مشترك! وكان للمبشرين البروتستانت الأمريكان دور بارز في تأجيج الصراع وكانت الأخوة الدينية هي التي تربطهم مع الأرمن بل وتحجب حقيقة المجازر التي كانت يرتكبها الأرمن في حق المسلمين! وليس هذا تعصباً مني ومغالاة في فهم طبيعة الصراع فجميع الشواهد التاريخية تؤيد ذلك والواقع المعاصر يعضد هذا الرأي! راجع مناطق الصراع في العالم: فلسطين/العراق/ كشمير/أفغانستان/بورما/تايلاند/البوسنة والهرسك/الجبل الأسود/الصومال/دار فور/التضييق على المسلمين في الغرب)!! هل كل ذلك مصادفة وبدون قصد ولا دخل للولاء الديني في هذا الصراع وشن هذه الحروب الظالمة؟!

أمثلة على ولاء الأرمن للروس وتمردهم على الدولة العثمانية:

لقد ذكر مكارثي في دراسته العديد من الشواهد التاريخية على ولاء الأرمن لروسيا ونحن بدورنا نلخص أهم هذه الشواهد عبر النقاط التالية:

الأول: في عهد القيصر بطرس الأكبر بدأ يقوى اتكال الأرمن على روسيا وأملهم في مساعدات من هذا الجانب منذ غارات الروس الأولى على القفقاس منذ حكم بطرس المذكور حين أسسوا قوة عسكرية ليساعدوا غزو القياصرة المنطقة، تعهد الأرمن القفقاس بالولاء والدعم للقياصرة الروس.

الثاني: في خلال القرنين الثامن عشر والتاسع عشر دعم الأرمن (رؤساء كنائس/علمانيون/وبقية طوائف الشعب) الغزو الروسي لولايات المسلمين في القفقاس والإطاحة بحكامها المسلمين.

الثالث: علم الأرمن جواسيس للروس ضد حكامهم المسلمين سواء العثمانيين أو الأرمن الذين كانوا رعايا الدولة الفارسية.

الرابع: حين كانت مدينة دربند Derbendتحت الحصار الروسي عام 1796م أرسل سكانها الأرمن إلى الغزاة معلومات عن مصادر الإمداد المائي للمدينة، ما أتاح للروس أن يهزموا أهل (خان دربند).

الخامس: صرح رئيس أساقفة أرمني (أرغوتنسكي - دولغوروكوف) علانية في تسعينات القرن الثامن عشر، بأمله وإيمانه أن الروس سيحررون الأرمن من حكم المسلمين.

السادس: الرعايا الأرمن للإمبراطوريتين الفارسية والعثمانية، وكذلك الأرمن الذين يعيشون في الإمبراطورية الروسية قاتلوا إلى جانب الروس ضد بلاد فارس والإمبراطورية العثمانية في حروب أعوام (1827م إلى 1829م) وحرب القرم.

السابع: أبدى الأرمن في الأناضول العثمانية ولاءهم للقضية الروسية بعملهم جواسيس بعملهم للروس.

الثامن: كان الأرمن يعبرون من الأناضول الحدود ويقدمون تقارير عن تحركات القوات العثمانية في جميع حروب شرق الأناضول.

التاسع: لقد ساعد الأرمن الأناضوليون الجيوش الروسية الغازية في عام 1827م وعندما غادر الجيش الروسي اتبع آلاف الأرمن هذا الجيش خارج الأناضول.

العاشر: خلال حرب القرم، قدم الأرمن معلومات استخباراتية من مدينة قارص Kars المحاصرة للروس.

الحادي عشر: مهد المرشدون الأرمن من الأناضول العثمانية الطريق للغزاة الروس في عام 1877م.

الثاني عشر: رحب أرمن وادي الشكرد Elsekirt بالجيوش الروسية الغازية في عام 1877م، وعندما انسحب الروس غادر الجميع معهم.

الثالث عشر: كان الأرمن في الأناضول والقفقاس حلفاء للروس في الحرب العالمية الأولى. لقد بدأ اتكال المتمردين الأرمن في الأناضول على الروس واضحاً بحلول منتصف القرن بالثورة في زيتون Zeyton عندما كانت هناك حاجة إلى موارد مالية لتقوية دفاعات زيتون ضد العثمانيين في عام 1854م بينما كان العثمانيون يقاتلون الروس في حرب القرم، حاول الثوار الأرمن الحصول على مساعدات مالية من الروس.

الرابع عشر: في عام 1872م كتب سكان أرمن وان Van كونهم جالية إلى نائب الإمبراطور الروسي للقفقاس يطلبون المساعدة ضد حكومتهم؛ فقد طالبوا أن يصبحوا من الرعايا الروس وعلى نحو محدد بدأوا يجمعون أسلحة!.

الخامس عشر: توالت الاتصالات بين الأرمن العثمانيين والإمبراطورية الروسية ضمن نشاطات الجماعات الثورية الأرمنية الرئيس، خصوصاً الطاشناق. وكانت أرمينية الروسية مركزاً لتجميع الأسلحة والتنظيم الثوري الموجهين ضد العثمانيين.

السادس عشر:حول رئيس دير للراهبات (باغرات فاردابيت تافاكليان أو آكي) دير ديرك Derik على الجانب الفارسي للحدود العثمانية الفارسية، إلى مستودع أسلحة ونقطة تسلل المتمردين الأرمن في الإمبراطورية العثمانية.

السابع عشر: استمر أرمن وجورجيون خصوصاً أولئك الذين كان لهم أقارب في إيران أو كانوا متورطين في أعمال هناك، في أن يكونوا مصادر مهمة للمعلومات عند المسؤولين الروس لذلك، كان لهم تأثير في القرارات السياسية والتكتيكية الروسية. أمر القيصر ألكسندر تسيتسيانوف أن يقصد البطريك دانييال وأتباعه

الثامن عشر: قدم دانييال Daniel المرشح المدعوم من الروس لمنصب بطريرك الكنيسة الأرمنية (بعد وفاة أرغوتنسكي-دولغوروكوف) المعلومات للروس.

التاسع عشر:في عام 1808م كافأ ألكسندر دانييل برهبنة (سان آن) من الدرجة الأولى، لخدماته في تقديم معلومات للروس. على مدى السنوات التالية، بينما كان الروس يقاتلون لتوسيع جبهتهم إلى الكور Kur والآراس Aras استمر الأرمن في إرسال رسائل إلى المسؤولين الروس يشجعونهم فيها على الاستيلاء على المناطق التي يحكمها المسلمون وإنقاذ الأرمن من اضطهاد المسلمين.

العشرون:لقد سهلت علاقة المتمردين بالكنيسة الأرمينية نشاطاتهم إلى حد بعيد، كونها هيئة استطاعت أن تجتاز الحدود بسهولة وفي استنبول نفسها كان لرجال الكنيسة من أساقفة وكهنة حرية التنقل ولم يكن يتعرض لهم الأرمن العثماني رغم أنه قد ثبت أن هؤلاء الأساقفة والكهنة كان يتنقلون الرسائل والتقارير والأموال إلى المتمردين وكانت بعض الأديرة والكنائس مستودعاً للأسلحة التي تسرب وتهرب إلى المتمردين الأرمن نظراً لعدم خضوع هذه الكنائس والأديرة للتفتيش الأمني!!

هكذا قد استعرضنا نماذج وأمثلة لولاء الأرمن للروس في زمن الحرب والسلم مما ينسف مرثيتهم الملفقة (إبادة الأرمن على أيدي العثمانيين)! ولمزيد من التأكيد على صحة ما ذكرناه نورد هذه الشهادة.

رابعاً: شهادة مدفونة في أضابير قسم الوثائق الأمريكية:

هذه الشهادة عبارة عن تقرير لرجلين لم يكونا متعاطفين مع العثمانيين المسلمين بل كانا متعصبين للأرمن وجاءا إلى المنطقة على خلفية جاهزة سلفاً أن الأرمن شعب مستضعف ارتكب المسلمون مجازر جماعية بحقه حسب المعلومات المستقاة من وسائل الإعلام الغربية المضللة!، ومن المبشرين البروتستانت الأمريكيين الذين لم يكونوا جديرين بالثقة كلياً كشهود على معاناة المسلمين حيث كانوا بارعين في تدوين أعمال ضد الأرمن بتفصيل كبير، ولم يكونوا كذلك في تدوين أعمال عنف ضد المسلمين كما ذكر ذلك بعض المؤرخين! فمن هما هذان الشاهدان اللذان رجع إلى أميركا بغير الوجه الذي ذهبا به إلى شرقي الأناضول؟

إنهما النقيب إموري نيلز Emory Noles، وآرثر سذرلاند Arthur Sutherland حيث أمرتهما حكومة الولايات المتحدة الأمريكية باستقصاء الوضع في شرقي الأناضول. ونزل منطقة الأناضول وتجولا في جميع أنحاء المنطقة وسمعا شهادة الطرفين وفوجئا بحجم التزوير والتلفيق الذي اقترفه الأرمن وصعقا من هول معاناة المسلمين ومن الجرائم الفظيعة التي ارتكبها الأرمن بحق المسلمين! ولما لم يرق التقرير الحكومة الأمريكية تم استبعاده، ولهذا السبب لم يضمن تقريرهما وثائق لجنة التحقيق الأمريكية ومن فضل الله تعالى أنها لم تتلف بل كانت مخبأة ومدفونة في مواضيع لها صلة بملف الحرب العالمية الأولى في شرقي الأناضول! وقد قام كارثي بنشر هذا التقرير عام 1994م ثم نشره في كتابه (المسلمون والأقليات)! وأعاد نشره في كتابه (الطرد والإبادة) ولله الحمد والمنة!

أما عن تقرير (نايلز وسذرلاند):

جاء في تقريرهما: "المنطقة الممتدة من (بتليس) عبر (وان) إلى (بايزيد) أُخبرنا بأن الضرر والتدمير في كل هذه المنطقة كانا من فعل الأرمن الذين استمروا في احتلال البلد بعد أن انسحب الروس، والذين دمروا كل شئ يخص المسلمين مع تقدم الجيش التركي. علاوة على ذلك، اتُهم الأرمن بارتكاب أعمال قتل واغتصاب وإحراق عمد للممتلكات وأعمال وحشية رهيبة من كل وصف ضد السكان الأصليين. كنا في البداية في ريب كبير بشأن تلك الروايات، لكننا توصلنا في النهاية إلى تصديقها، لأن الشهادات كانت بالإجماع بكل ما في الكلمة من معنى وجرى تأييدها بالأدلة المادية. على سبيل المثال كانت الأحياء الوحيدة التي ظلت سليمة في مدينتي بتليس ووان أحياءً أرمينية، كما كان جلياً من الكنائس والكتابات على البيوت، بينما كانت الأحياء المسلمة مدمرة على نحو كامل. لا تزال القرى التي قيل إنها كانت أرمينية قائمة، بينما كانت القرى المسلمة مدمرة كاملة" أهـ (مكارثي: الطرد والإبادة ص250).

وجاء في تقريرهما أيضاً:

"إن الوضع العرقي في هذه المنطقة [بايزيد-أرضروم] متفاقم بشدة بسبب قرب جبهة أرمينية التي يأتي اللاجئون منها بروايات عن مجازر ووحشية وفظاعات ترتكبها الحكومة الأرمينية والجيش والشعب ضد السكان المسلمين. ومع أن بضع مئات من الأرمن يعيشون فعلاً في إقليم (وان)، إلا أنه من المستحيل أن يستطيع الأرمن العيش في المناطق الريفية لإقليم أرضروم، حيث يبدي الجميع ذروة الكراهية لهم. وهنا أيضاً خرب الأرمن القرى قبل أن ينسحبوا وارتكبوا المجازر وكل أنواع الأعمال الوحشية ضد المسلمين، وأعمال الأرمن هذه على الجانب الآخر من الجبهة تُبقي الكراهية للأرمن حية ومؤثرة، كراهية تبدو أنها على الأقل تُرغي وتُزبد في منطقة (وان). أكّد على وجود فوضى وجرائم في أرمينية لاجئون من جميع مناطق أرمينية وضباط بريطانيون في أرضروم" أهـ (مكارثي: ص251).

وقدم نايلز وسذرلاند في تقريرهما إحصائية؛ تعداد القرى والبيوت المسلمة الناجية من جحيم الحرب حول مدينتي (وان) و (بتليس) فقط وعلى سبيل المثال حيث أثبت أن الأرمن دمروا أكثر بيوت المسلمين ولم يبق أي أثر لجميع المباني والمنشآت الدينية الإسلامية! كما هو موضح في الجدول التالي:

الدمار في مدينتي وان وبتليس

مدينة وان قبل الحرب بعد الحرب 1919

منازل المسلمين 3400 3

منازل الأرمن 3100 1170

مدينة بتليس قبل الحرب بعد الحرب 1919

منازل المسلمين 6500 لا شئ

منازل الأرمن 1500 1000

أما عن القرى في إقليم وان وسنجق وبايزيد قبل الحرب والاحتلال الأرمني وبعدهما فجاء في إحصائية نايلز وسذرلاند: أن تعداد منازل المسلمين قبل الحرب في قرى إقليم وان كان (1373) منزلاً وانخفض بعد الحرب في 1919م إلى 350 منزلاً!! بينما كانت منازل الأرمن 112 منزلاً قبل الحرب فزادت بعد الحرب إلى 200 منزلاً! وفي قرى إقليم بايزيد كان عدد منازل المسلمين قبل الحرب 448 منزلاً صارت بعد الحرب في عام 1919م 243 منزلاً! بينما منازل الأرمن كانت قبل الحرب 33 منزلاً ظلت كما هي بعد الحرب 33 منزلاً!

وقد لخص نايلز وسذرلاند تاريخ مسلمي شرق الأناضول بدقة في ختام تقريرهما:

"ومع أنها لا تقع ضمن مجال تحقيقنا تماماً، إلا أن إحدى أبرز الحقائق التي أثرت فينا في كل بقعة من بتليس إلى طربزون هي أن الأرمن ارتكبوا ضد الأتراك في المنطقة التي اجتزناها كل أنواع الجرائم والانتهاكات التي ارتكبها الأتراك في مناطق أخرى ضد الأرمن. كنا نشك في البداية إلى حد بعيد بالروايات التي أخبرنا بها، لكن إجماع الشهود جميعهم، واللهفة الجلية التي تحدثوا بها عن الأعمال الشريرة التي ارتكبها الأتراك في مناطق أخرى ضد الأرمن. كنا نشك في البداية إلى حد بعيد بالروايات التي أخبرنا بها، لكن إجماع الشهود جميعهم، واللهفة الجلية التي تحدثوا بها عن الأعمال الشريرة التي ارتكبت بحقهم، وكراهيتهم الواضحة للأرمن، والأقوى من ذلك كله الأدلة المادية على الأرض نفسها، جعلنا نقتنع بصحة الحقائق على نحو عام، أولاً إن الأرمن قتلوا مسلمين على نطاق واسع وبتفنن كثير في أسلوب الوحشية، وثانياً إن الأرمن مسؤولون عن أكثر التدمير للمدن والقرى. احتل الروس والأرمن البلاد فترة طويلة في عام 1915م وعام 1916م ويبدو أنه خلال تلك الفترة كانت الفوضى محدودة، مع أن الروس من غير ريب تسببوا بأضرار. في عام 1917م انحل الجيش الروسي تاركاً السلطة في أيدي الأرمن وحدهم. في تلك الفترة طافت على البلاد عصابات من الجيش الأرمني فنهبت وقتلت السكان المدنيين المسلمين. حين زحف الجيش التركي إلى أرزجان وأرضروم ووان، تفكك الجيش الأرمني وارتكب جميع الجنود النظاميين وغير النظاميين على تدمير ممتلكات المسلمين وارتكاب الأعمال الوحشية ضد السكان المسلمين. كانت النتيجة بلداً مدمراً كاملاً يحتوي على ربع عدد سكانه السابقين وثُمن مبانيه السابقة، وكراهية مريرة إلى حد بعيد من المسلمين للأرمن، ما يجعل عيش هذين العنصرين معاً مستحيلاً في الوقت الحاضر. أعلن المسلمون أنهم إذا أجبروا على العيش في ظل حكومة أرمينية فإنهم سيقاتلون، ويبدو لنا أنهم ربما ينفذون هذا التهديد. يشاركنا في هذا الرأي الضباط الأتراك والبريطانيون والأمريكيون الذين قابلناهم" أهـ (مكارثي: ص253، ص254).

هذه مجرد شهادة عن المجازر التي ارتكبها الأرمن ضد المسلمين خلال الحرب العالمية الأولى من 1914م إلى 1918م في إقليمي (وان) و(بتليس) شرق الأناضول فما بالنا لو تكلمنا عن نقصان عدد السكان المسلمين في الأقاليم العثمانية الشرقية مجتمعة مثل أرضروم وبتليس وديار بكر ومعمورة العزيز وسيواس وحلب وأطنة طرابزون من عام 1912م إلى عام 1922م سنجد أن أكثر 62% من مسلمي إقليم (وان) قد فقدوا! وفقد 42% من مسلمي بتليس، وفقد 31% من مسلمي أرضروم!! وأكثر من 60% قد فقدوا من مسلمي القفقاس!! أما في أقاليم غربي الأناضول مثل آيدين، وخداوندكار، وبيغا، وإذميد.. حيث قام الحلفاء بطرد اللاجئين الأتراك من البلقان التي كانوا يقيمون فيها وأعطوا ممتلكاتهم إلى اليونانيين! وتركوهم من دون مأوى! في أكبر سرقة جماعية علانية في التاريخ!! لقد كانت جريمة قتل عمد جماعي مع سبق الإصرار والترصد ضد المسلمين في القفقاس والأناضول والبلقان بمباركة قوى الاستكبار العالمي في تلك الحقبة الكئيبة والنهاية المأساوية للخلافة العثمانية التي ظلت شمسها تشرق في سماء العالم على مدار ستة قرون!!

خامساً: صفوت القول

هكذا استبان لنا بجلاء هشاشة هذه الفرية (إبادة الأرمن على أيدي العثمانيين)! التي يرددها الأرمن ومن يؤيدهم ويحرضهم !! لقد قتل ملايين المسلمين على أيدي الأرمن والروس واليونان والبلغار والصرب وغيرهم من القوى المعادية للدولة العثمانية المسلمة التي عاش في كنفها مختلف الطوائف في أمن وأمان!! ولم يطالب أحد بمعاقبة الجناة المجرمين الذين ارتكبوا هذه المجازر الجماعية! المسلمون الذين كانوا ولا يزالون ضحايا هذه المجازر البشرية البشعة يقدمون على أنهم جناة متوحشون!

المشكلة الحقيقة في هذه الأنظمة المنتسبة إلى العالم الإسلامي في عدم مطالبتها ولو على استحياء بمعاقبة مرتكبي الجرائم المتكررة في حق المسلمين في القفقاس والشيشان التي انقرض سكانها! والشعوب التي أبيدت في البلقان والمقابر الجماعية في البوسنة والهرسك! وأكثر من ملوني مسلم في العراق لوحدها! واختفاء قرى ومدائن كاملة في أفغانستان خلال العدوان البربري من البريطانيين والروس والأمريكان والحبل على الجرار! هذه الأنظمة الجاثمة على أنفاس أمتنا لم تتخذ قراراً صائباً في حياتها لإنصاف شعوبها والمطالبة الجدية من الفرنسيس والإنجليز والأسبان والطليان والهولنديين والروس والأمريكان بتعويض ملايين الضحايا في الجزائر والمغرب وليبيا وتونس ومصر وإندونيسيا وماليزيا وكشمير وتايلاند والصومال والسودان!!

لقد نكأ الأرمن جراحاً لم تلتئم بعد! وجددوا أحزاناً لم تهدأ بعد! وأثاروا شجوناً لن تهدأ حتى تُعوض أجنة المسلمين في رحم المستقبل! إن العالم الغربي مدين بالاعتذار الصريح للمسلمين والتعويض اللائق جراء الجرائم التي ارتكبها في الحروب الصليبية قديماً وحديثاً ! نعم مطالب بالاعتذار والتعويض عن الإبادات الجماعية للمسلمين خلال عدة قرون!

أما أن نستجديهم ونسترحمهم في كل قضية ملفقة يثيرونها ونظل هكذا ندافع ونقدم قرابين الذل والهوان على عتبات مجلس الأمن والاتحاد الأوربي.. فهذا الهلاك بعينه! وخير لهذه الأمة أن تبتلعها الأرض من أن تعيش في ذل وانكسار!!

العيب في فينا كأمة رضيت بالدنية فصفقت لجلاديها ولم تطالب بمعاقبة قاتليها!

مركز المقريزي للدراسات التاريخية بلندن

لندن في 7 من شوال 1428هـ الموافق 19/10/2007م
http://www.almaqreze.net/ar/articles_read.php?article_id=225

خطاب أسد الدين
04-26-2015, 02:43 PM
إبادة الأرمن على أيدي العثمانيين .. الأكذوبة الكبرى

بقلم د. هاني السباعي

hanisibu@hotmail.com

مدير مركز المقريزي للدراسات التاريخية بلندن

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعد.

هذا مقال للرد على زعم إبادة الأرمن على أيدي العثمانيين على النحو التالي:

أولاً: تقدمة.

ثانياً: محاور أساسية لفهم الصراع.

ثالثا: ولاء الأرمن للروس وتمردهم على العثمانيين أمثلة ونماذج.

رابعاً: شهادة مدفونة في أضابير قسم الوثائق الأمريكية.

خامساً: صفوة القول.

أولاً: تقدمة:

لقد تبنى هذه الأكذوبة (إبادة الأرمن على أيدي العثمانيين) من استخدم الأرمن في تحقيق مطامعه السياسية فهم أنفسهم أعني روسيا القيصرية هي التي صنعت الأرمن ومنحتهم بغير حق معظم الأراضي التي طردت المسلمين منها في خلال حروبها المستمرة لعدة قرون مع الدولة العثمانية! فقد كانت روسيا القيصرية تمارس إرهاباً منظماً ضد رعايا الدولة العثمانية حيث كانت تبيد مدائن وقرى كاملة كانت عامرة بالمسلمين، ومن تبقى على قيد الحياة منهم كانت تجبره على النزوح القسري مستولين على كل ممتلكات هؤلاء المسلمين المظلومين الذين تعرضوا لأبشع عملية استئصال جماعي في تاريخ البشر! وفي نفس الوقت كانت القوات الروسية بزعم الدفاع عن المسيحية! تقوم بعملية إحلال وتجديد من خلال توطين الأرمن الموالين لها في حروبها مع الدولة العثمانية أراضي المسلمين الذي هجروها قسراً أو قتلوا إبادة! وقد كانت روسيا القيصرية تمد المتمردين الأرمن بالمال والسلاح والعتاد بمجرد حدوث أدنى نزاع بين مسلم من رعايا الدولة العثمانية وأرمني موال لروسيا القيصرية فلم يكن مسموحاً للمسلم أن يرد عدوان عصابات الأرمن التي تغير على القرى وتنتهك الأعراض فإذا حاول المسلم أن يدافع عن عرضه وأرضه تقوم هذه العصابات المدعومة روسيا بإبادة القرية وحرق من فيها!

لقد استخدمت روسيا المتمردين الأرمن لتوسيع مناطق نفوذها واحتلال البلاد الخاضعة للدولة العثمانية وهذا ما ساعد فيما بعد على تكوين الاتحاد السوفيتي منذ الثورة البلشفية عام 1917م!

وأكد على ذلك لورانت شابري وآني شابري في كتابهما (سياسة وأقليات في الشرق الأدنى ترجمة د.ذوقان قرقوط ص311) رغم أنهما لم يكونا محايدين على الإطلاق في كتابهما المذكور! لكن على أية حال فقد ذكرا رغم تعصبهما للأرمن: "وقد أبصر الأرمن الباقون في أرمينيا، الخاضعون من جهة للأتراك ومن الجهة الأخرى للفرس، أملاً كبيراً في نهاية القرن الثامن عشر وهم يرون إلى القوة الروسية، القوة المسيحية تظهر على مسرح الشرق الأدنى. وتظهر الرغبة في الامتداد إلى ما وراء القوقاز، نحو الجنوب والجنوب الشرقي. قبل ذلك في القرنين السادس عشر والسابع عشر، حاولا الأرمن -عبثاً بلا جدوى-العثور على عون في الغرب المسيحي، متوقعين تدخلاً عسكرياً من الدول الغربية ينقذهم من النير التركي. ولم تثبط روسيا هذه الآمال الجديدة، واجدة في جيوش المتطوعين الأرمن التي شنت على الفرس، احتلال الأراضي التي تشكل اليوم صورة تقريبية أرمينيا السوفيتية" أهـ.

لعل متسائلاً يقول متى ظهرت المسألة الأرمنية دولياً؟ ولماذا يصر الأرمن على أنهم قد تعرضوا للإبادة على أيدي العثمانيين؟

للإجابة على هذا نحاول أن نسلط الضوء على المحاور التالية:

ثانياً: محاور أساسية لفهم الصراع:

المحور الأول:

لقد تم تدويل المسألة الأرمينية لأول مرة بموجب معاهدة (سان ستيفانو):فعقب انتهاء الحرب الروسية التركية لعام 1877م – 1878م عقد الطرفان معاهدة سان ستيفانو وبرلين عام 1878م حيث مهد البند رقم 16 والبند رقم 61 بتدويل المسألة الأرمنية التي لا تزال تستخدم فزاعة لابتزاز الأتراك حتى وقتنا الحاضر.

المحور الثاني:

لا بد من دراسة الحقبة التاريخية التي يزعم الأرمن أنهم قد تعرضوا فيها للإبادة وهي تقريباً الفترة من (1821م إلى 1922م).. مع دراسة منطقة جغرافية كبرى كانت خاضعة للدولة العثمانية من قفقاسيا إلى الأناضول والبلقان بما في ذلك بلغاريا واليونان حيث كان معظم سكان هذه الأراضي الشاسعة يدينون بالإسلام!

وهناك بالفعل دراسات جادة حول هذا الموضوع رغم ندرتها مثل الدراسة التي أعدها جستن مكارثي في كتابه (نفي وموت) حيث قامت بدعمه وتمويله (هيئة وقف الولايات المتحدة الأمريكية القومي للدراسات الثقافية للبحث في الحرب العالمية الأولى وآثارها، ومؤسسة الدراسات التركية للبحث في وفيات وهجرات الأتراك بالاشتراك مع بعض الجامعات الأمريكية والبريطانية.. ويعتبر هذا البحث من أفضل ما كتب في هذا الشأن رغم تحفظنا على بعض الملاحظات التي لا تقلل من قيمة البحث وجديته والجهد المبذول فيه وقد ترجم إلى اللغة العربية في الكتاب الموسوم (الطرد والإبادة) نشرته قدمس للنشر والتوزيع بدمشق وهو كتاب جيد في مجاله. وبالطبع فإن دراسة هذه المنقطة جغرافيا وتاريخيا وطبيعة الصراع القائم في تلكم الحقبة يحتاج إلى العديد من الأبحاث والدراسات الوثائقية ليستبين للمنصفين من ذوي العقول عظم الفرية التي يرددها الغرب حول ما يسمى (بإبادة الأرمن)! في الوقت الذي يتجاهل فيه الكتاب الغربيون مصير ملايين المسلمين الذي شردوا من أوطانهم وقتلوا على أيدي الروس والأرمن والبلغار واليونان والصرب في نفس الحقبة المذكورة حتى عام 1922م !

وعلى حد تعبير مكارثي: "كانت هناك مجتمعات مسلمة في منطقة بحجم أوربا الغربية كاملة قُلصت أو أبيدت. تقلصت مجتمعات البلقان التركية العظيمة إلى جزء من أعدادها السابقة. في القفقاس طرد الجركس واللاز والأبخاز والأتراك وآخرون من جماعات مسلمة صغيرة. تغيرت الأناضول، وغربي الأناضول وشرقيها أقرب إلى الخرائب. أنجزت إحدى أكبر مآسي التاريخ" أهـ (مكارثي: ص327 بتصرف).

المحور الثالث:

دور جماعة الاتحاد والترقي في إسقاط الخلافة العثمانية وذلك عام 1908م وإجبار السلطان عبد الحميد الثاني على الاعتزال! وإدخال فقرة في الدستور الجديد تسمح لكل المواطنين العثمانيين بالتسلح مما وفر غطاءً قانونياً للأقليات بالتسلح! واستغل الأرمن هذا التشريع الجديد بجمع وتخزين الأسلحة التي حابوا بها المسلمين وقتلوهم! حيث بدأ العدوان الأرمني على المسلمين في مدينة أطنة Adana قبل منتصف عام 1909م بقيادة أسقف مدينة (أسفين) المدعو موستش!

المحور الرابع:

دور السفراء والقناصل الغربيين والمبشرين البروتستانت الأمريكيين في تضليل الرأي العام ونشر تقارير مبالغ فيها عن قتلى الأرمن وغض الطرف عن قتلى المسلمين بل وتعمد الكذب في أحايين كثيرة وقد كان للقنصل الأمريكي المتهم بالتعصب للأرمن دور في نشر هذه الأضاليل! ولم يكن القنصل الفرنسي أقل افتراءً من القنصل الأمريكي والروسي وغيرهم!

وللأسف الشديد فإن السلطان عبد الحميد كان يثق في أن الحكومة البريطانية تريد الحفاظ على وحدة الممالك العثمانية! لكنه كان قد استفاق بعد فوات الأوان! يقول روبير مانتران في كتابه تاريخ الدولة العثمانية وهو كتاب فيه كثير من الآراء غير السديدة! يقول في الجزء الثاني من الكتاب المذكور: "ومنذ 1878 إلى 1879م يبدأ عبد الحميد في الاشتباه في أن إنجلترا تريد التخلي عن سياستها التقليدية الخاصة بالحفاظ على وحدة الأراضي العثمانية. وهذه الشكوك تغذيها الضغوط التي تمارسها الحكومة البريطانية على السلطان عبد الحميد حتى يضطلع بالإصلاحات الموعودة في الولايات الأرمنية؛ ويزيد من احتدادها تولي(جلادستون) زعيم حزب الأحرار لرئاسة الحكومة البريطانية في مايو عام 1880م، وهو عدو سافر للأتراك منذ مذابح بلغاريا. وتؤكدها بشكل ما هيمنة لندن على مصر عام 1882م. فمنذ ذلك الحين شهدت الديبلوماسية الإنجليزية، على نحو ما ينظر إليها في استنبول، انقلاباً كاملاً"أهـ (روبير مانتران: تاريخ الدولة العثمانية/ترجمة بشير السباعي/دار الفكر للدراسات والتوزيع/القاهرة/ج2 ص165).

المحور الخامس:

الدعاية الغربية المضللة التي كانت تنشرها وسائل الإعلام من قلب للحقائق وتصوير المسلمين على أنهم همج وبرابرة متوحشون! وفي المقابل تصوير الأرمن على أنهم أتقياء بررة وعباقرة أذكياء متسامحون!

المحور السادس:

لقد ظهرت هذه المشاكل والقلاقل التي أثارتها القوى المعادية للدولة العثمانية في مناطق نفوذها في القفقاس والقرم والبلقان والأناضول وأثرت على مصير المسلمين في هذه المساحات الشاسعة بسبب عدة عوامل أساسية:

(أ) ضعف الدولة العثمانية وشيخوختها حتى وصفت بعد ذلك بالرجل المريض.

(ب) التحريض على الوعي القومي المسيحي بين الطوائف التي تعيش في كنف الدولة العثمانية فقد حرصت الدول الكبرى الطامعة في تقسيم أملاك الدولة العثمانية على تحريض الطوائف غير المسلمة على التمرد وإحياء النعرات القومية كما حدث مع الأرمن والبلغار واليونان والصرب!. وهذا ما أشار إليه روبير ما نتران:"والواقع أن الحركة القومية الأرمنية بعد عام 1878 يرتبط إلى حد بعيد بالتحليل الذي أجره المثقفون الأرمن للاستقلال البلغاري: فقد تم الحصول على هذا الاستقلال بفضل أوروبا، فعلاً، لكنه تم أساساً بفضل الأساليب العنيفة التي لجأت إليها (اللجان الثورية البلغارية). وهكذا فإن النموذج البلغاري يهيمن على تفكير المناضلين الأرمن، خاصة أولئك الذين سوف يتجهون إلى إنشاء المنظمات الأولى. والواقع أن الأحزاب الثورية الأولى تبدأ في الظهور في أواسط ثمانينيات القرن التاسع عشر: حزب (أرمينكان) الذي تأسس في (فان) عام 1885م على أيدي عدد من المربين، ثم الحزبان الكبيران اللذان، خلافاً للحزب الأول، سوف يجري تأسيسهما على أيدي أرمن من القوقاز ليس لهم مع أرمينيا التركية غير القليل من الروابط: الهينتشاق(الجرس) الذي تأسس في جنيف عام 1887م، والداشناق (الاتحاد الثوري الأرمني) الذي تأسس في عام 1890م في تفليس" أهـ (روبير مانتران: ج2 ص217).

(ج) التوسع الاستعماري الروسي الذي ظل يبتلع أملاك الدولة العثمانية قطعة قطعة.

هكذا نستطيع من خلال هذه المحاور فهم الملف الأرمني الذي يستخدمه الغرب ضد الدولة التركية الحديثة رغم ابتعادها عن الإسلام ومحاربتها له عن طريق علمنة كافة المناحي الحياتية في تركيا بغية إرضاء الغرب والدخول في جنة الاتحاد الأوروبي الموعودة! ذلك الاتحاد الذي لا ولن يرضي عن دخول تركيا حتى تلج تركيا (سم الخياط)! فقادة الغرب يعلمون جيداً أن كمال أتاتورك قد فعل ما لم يكن الأوروبيون أنفسهم يحلمون به! وفي نفس الوقت يعلمون أن الشعب التركي رغم ابتعاده كثيراً عن الإسلام الحقيقي غير أن روح الإسلام لا تزال تسري في جسده وأن هناك حنيناً لعودة عظمة الإسلام التليد أضحت تنتشر في الآونة الأخيرة رغم محاولات العسكر حصار هذه الروح وخنقها في مهدها! لذلك يتخوف القادة الأوروبيون بدخول تركيا الاتحاد الأوربي لأنهم يعتقدون أن هذا الاتحاد الأوروبي ناد مسيحي! لا يسمح للمسلمين بعضويته!

ورغم تحالف تركيا مع أميركا إلا أن قادة الولايات المتحدة غير مطمئنين على مصالح بلادهم في المستقبل البعيد لذلك فإنهم سيتبنون في نهاية المطاف قراراً بإدانة تركيا في إبادة الأرمن على أيدي العثمانيين! بغية ابتزاز تركيا واتخاذ هذا القرار تكأة لحصار تركيا اقتصادياً والتدخل عسكرياً إن خرجت تركيا عن علمنتها المتطرفة وغيرت بوصلتها إلى الحكم بالإسلام في المستقبل القريب أو البعيد! لأنه في هذه الحالة ستتحالف أوروبا وأمريكا في حرب ضروس أشبه بحرب عالمية ثالثة أو رابعة أو خامسة ضد تركيا لاستعادة القسطنطينية وضمها إلى الغرب!

ثالثا: ولاء الأرمن للروس وتمردهم على العثمانيين:

لقد كان للولاء الديني الدور الأبرز في الصراع بين روسيا القيصرية والدولة العثمانية حيث لم يكن مفهوم الجنسية قد ظهر في تلك الحقبة وقد أكد على هذا مبدأ الولاء الديني مكارثي في كتابه المذكور آنفاً: "من الواضح أن الأرمن في ظل الحكم الروسي والعثماني كانوا يرون بعضهم إخوة، مهما كانت جنسياتهم والأمر نفسه صحيح عند المسلمين. من غير المؤكد إذا كان مفهوم الجنسية، بالمقارنة بالانتماء الديني، توطد على نحو كبير في أي من القفقاس أو شرقي الأناضول قبل عشرينيات القرن العشرين. في الشرق شعر المسلم القفقاسي بأنه أقرب إلى مسلم أناضولي منه إلى أرمني قفقاسي تماماً كما نسب الأرمني الأناضولي الشرقي نفسه إلى أرمن القفقاس، وليس إلى المسلمين الأناضوليين. إن انتماءهم الرئيس لجماعاتهم الدينية برهنت عليه حروب القفقاس وشرقي الأناضول المرة تلو الأخرى" (جستن مكارثي: الطرد والإبادة ص49 بتصرف).

أقول إن مبدأ الولاء الديني ليس مستغرباً في تاريخ الأمم، لكن المستغرب أن يتم إقصاء هذا المبدأ في تقويم طبيعة الصراع عبر التاريخ. وللتدليل على أهمية الولاء الديني أن روسيا القيصرية كانت تضطهد الكنيسة الأرمينية ثم غيرت معاملتها لهم في عهد بطرس الأكبر! للاستعانة بهم في حروبهم التوسعية ضد الدولة العثمانية وقد تفهم ذلك الأرمن على أساس أنهم والروس ينتمون في النهاية إلى الديانة النصرانية وأن عدوهم واحد (الدولة الإسلامية العثمانية)! والحقيقة أن الأرمن تعاملوا بنفس المنطق مع الفرنسيين وشكلوا فيلقاً يتبع الجيش الفرنسي في قليقلية عاث في الأرض فساداً على أساس أن الفرنسيين أيضاً إخوانهم في العقيدة وعدوهم مشترك! وكان للمبشرين البروتستانت الأمريكان دور بارز في تأجيج الصراع وكانت الأخوة الدينية هي التي تربطهم مع الأرمن بل وتحجب حقيقة المجازر التي كانت يرتكبها الأرمن في حق المسلمين! وليس هذا تعصباً مني ومغالاة في فهم طبيعة الصراع فجميع الشواهد التاريخية تؤيد ذلك والواقع المعاصر يعضد هذا الرأي! راجع مناطق الصراع في العالم: فلسطين/العراق/ كشمير/أفغانستان/بورما/تايلاند/البوسنة والهرسك/الجبل الأسود/الصومال/دار فور/التضييق على المسلمين في الغرب)!! هل كل ذلك مصادفة وبدون قصد ولا دخل للولاء الديني في هذا الصراع وشن هذه الحروب الظالمة؟!

أمثلة على ولاء الأرمن للروس وتمردهم على الدولة العثمانية:

لقد ذكر مكارثي في دراسته العديد من الشواهد التاريخية على ولاء الأرمن لروسيا ونحن بدورنا نلخص أهم هذه الشواهد عبر النقاط التالية:

الأول: في عهد القيصر بطرس الأكبر بدأ يقوى اتكال الأرمن على روسيا وأملهم في مساعدات من هذا الجانب منذ غارات الروس الأولى على القفقاس منذ حكم بطرس المذكور حين أسسوا قوة عسكرية ليساعدوا غزو القياصرة المنطقة، تعهد الأرمن القفقاس بالولاء والدعم للقياصرة الروس.

الثاني: في خلال القرنين الثامن عشر والتاسع عشر دعم الأرمن (رؤساء كنائس/علمانيون/وبقية طوائف الشعب) الغزو الروسي لولايات المسلمين في القفقاس والإطاحة بحكامها المسلمين.

الثالث: علم الأرمن جواسيس للروس ضد حكامهم المسلمين سواء العثمانيين أو الأرمن الذين كانوا رعايا الدولة الفارسية.

الرابع: حين كانت مدينة دربند Derbendتحت الحصار الروسي عام 1796م أرسل سكانها الأرمن إلى الغزاة معلومات عن مصادر الإمداد المائي للمدينة، ما أتاح للروس أن يهزموا أهل (خان دربند).

الخامس: صرح رئيس أساقفة أرمني (أرغوتنسكي - دولغوروكوف) علانية في تسعينات القرن الثامن عشر، بأمله وإيمانه أن الروس سيحررون الأرمن من حكم المسلمين.

السادس: الرعايا الأرمن للإمبراطوريتين الفارسية والعثمانية، وكذلك الأرمن الذين يعيشون في الإمبراطورية الروسية قاتلوا إلى جانب الروس ضد بلاد فارس والإمبراطورية العثمانية في حروب أعوام (1827م إلى 1829م) وحرب القرم.

السابع: أبدى الأرمن في الأناضول العثمانية ولاءهم للقضية الروسية بعملهم جواسيس بعملهم للروس.

الثامن: كان الأرمن يعبرون من الأناضول الحدود ويقدمون تقارير عن تحركات القوات العثمانية في جميع حروب شرق الأناضول.

التاسع: لقد ساعد الأرمن الأناضوليون الجيوش الروسية الغازية في عام 1827م وعندما غادر الجيش الروسي اتبع آلاف الأرمن هذا الجيش خارج الأناضول.

العاشر: خلال حرب القرم، قدم الأرمن معلومات استخباراتية من مدينة قارص Kars المحاصرة للروس.

الحادي عشر: مهد المرشدون الأرمن من الأناضول العثمانية الطريق للغزاة الروس في عام 1877م.

الثاني عشر: رحب أرمن وادي الشكرد Elsekirt بالجيوش الروسية الغازية في عام 1877م، وعندما انسحب الروس غادر الجميع معهم.

الثالث عشر: كان الأرمن في الأناضول والقفقاس حلفاء للروس في الحرب العالمية الأولى. لقد بدأ اتكال المتمردين الأرمن في الأناضول على الروس واضحاً بحلول منتصف القرن بالثورة في زيتون Zeyton عندما كانت هناك حاجة إلى موارد مالية لتقوية دفاعات زيتون ضد العثمانيين في عام 1854م بينما كان العثمانيون يقاتلون الروس في حرب القرم، حاول الثوار الأرمن الحصول على مساعدات مالية من الروس.

الرابع عشر: في عام 1872م كتب سكان أرمن وان Van كونهم جالية إلى نائب الإمبراطور الروسي للقفقاس يطلبون المساعدة ضد حكومتهم؛ فقد طالبوا أن يصبحوا من الرعايا الروس وعلى نحو محدد بدأوا يجمعون أسلحة!.

الخامس عشر: توالت الاتصالات بين الأرمن العثمانيين والإمبراطورية الروسية ضمن نشاطات الجماعات الثورية الأرمنية الرئيس، خصوصاً الطاشناق. وكانت أرمينية الروسية مركزاً لتجميع الأسلحة والتنظيم الثوري الموجهين ضد العثمانيين.

السادس عشر:حول رئيس دير للراهبات (باغرات فاردابيت تافاكليان أو آكي) دير ديرك Derik على الجانب الفارسي للحدود العثمانية الفارسية، إلى مستودع أسلحة ونقطة تسلل المتمردين الأرمن في الإمبراطورية العثمانية.

السابع عشر: استمر أرمن وجورجيون خصوصاً أولئك الذين كان لهم أقارب في إيران أو كانوا متورطين في أعمال هناك، في أن يكونوا مصادر مهمة للمعلومات عند المسؤولين الروس لذلك، كان لهم تأثير في القرارات السياسية والتكتيكية الروسية. أمر القيصر ألكسندر تسيتسيانوف أن يقصد البطريك دانييال وأتباعه

الثامن عشر: قدم دانييال Daniel المرشح المدعوم من الروس لمنصب بطريرك الكنيسة الأرمنية (بعد وفاة أرغوتنسكي-دولغوروكوف) المعلومات للروس.

التاسع عشر:في عام 1808م كافأ ألكسندر دانييل برهبنة (سان آن) من الدرجة الأولى، لخدماته في تقديم معلومات للروس. على مدى السنوات التالية، بينما كان الروس يقاتلون لتوسيع جبهتهم إلى الكور Kur والآراس Aras استمر الأرمن في إرسال رسائل إلى المسؤولين الروس يشجعونهم فيها على الاستيلاء على المناطق التي يحكمها المسلمون وإنقاذ الأرمن من اضطهاد المسلمين.

العشرون:لقد سهلت علاقة المتمردين بالكنيسة الأرمينية نشاطاتهم إلى حد بعيد، كونها هيئة استطاعت أن تجتاز الحدود بسهولة وفي استنبول نفسها كان لرجال الكنيسة من أساقفة وكهنة حرية التنقل ولم يكن يتعرض لهم الأرمن العثماني رغم أنه قد ثبت أن هؤلاء الأساقفة والكهنة كان يتنقلون الرسائل والتقارير والأموال إلى المتمردين وكانت بعض الأديرة والكنائس مستودعاً للأسلحة التي تسرب وتهرب إلى المتمردين الأرمن نظراً لعدم خضوع هذه الكنائس والأديرة للتفتيش الأمني!!

هكذا قد استعرضنا نماذج وأمثلة لولاء الأرمن للروس في زمن الحرب والسلم مما ينسف مرثيتهم الملفقة (إبادة الأرمن على أيدي العثمانيين)! ولمزيد من التأكيد على صحة ما ذكرناه نورد هذه الشهادة.

رابعاً: شهادة مدفونة في أضابير قسم الوثائق الأمريكية:

هذه الشهادة عبارة عن تقرير لرجلين لم يكونا متعاطفين مع العثمانيين المسلمين بل كانا متعصبين للأرمن وجاءا إلى المنطقة على خلفية جاهزة سلفاً أن الأرمن شعب مستضعف ارتكب المسلمون مجازر جماعية بحقه حسب المعلومات المستقاة من وسائل الإعلام الغربية المضللة!، ومن المبشرين البروتستانت الأمريكيين الذين لم يكونوا جديرين بالثقة كلياً كشهود على معاناة المسلمين حيث كانوا بارعين في تدوين أعمال ضد الأرمن بتفصيل كبير، ولم يكونوا كذلك في تدوين أعمال عنف ضد المسلمين كما ذكر ذلك بعض المؤرخين! فمن هما هذان الشاهدان اللذان رجع إلى أميركا بغير الوجه الذي ذهبا به إلى شرقي الأناضول؟

إنهما النقيب إموري نيلز Emory Noles، وآرثر سذرلاند Arthur Sutherland حيث أمرتهما حكومة الولايات المتحدة الأمريكية باستقصاء الوضع في شرقي الأناضول. ونزل منطقة الأناضول وتجولا في جميع أنحاء المنطقة وسمعا شهادة الطرفين وفوجئا بحجم التزوير والتلفيق الذي اقترفه الأرمن وصعقا من هول معاناة المسلمين ومن الجرائم الفظيعة التي ارتكبها الأرمن بحق المسلمين! ولما لم يرق التقرير الحكومة الأمريكية تم استبعاده، ولهذا السبب لم يضمن تقريرهما وثائق لجنة التحقيق الأمريكية ومن فضل الله تعالى أنها لم تتلف بل كانت مخبأة ومدفونة في مواضيع لها صلة بملف الحرب العالمية الأولى في شرقي الأناضول! وقد قام كارثي بنشر هذا التقرير عام 1994م ثم نشره في كتابه (المسلمون والأقليات)! وأعاد نشره في كتابه (الطرد والإبادة) ولله الحمد والمنة!

أما عن تقرير (نايلز وسذرلاند):

جاء في تقريرهما: "المنطقة الممتدة من (بتليس) عبر (وان) إلى (بايزيد) أُخبرنا بأن الضرر والتدمير في كل هذه المنطقة كانا من فعل الأرمن الذين استمروا في احتلال البلد بعد أن انسحب الروس، والذين دمروا كل شئ يخص المسلمين مع تقدم الجيش التركي. علاوة على ذلك، اتُهم الأرمن بارتكاب أعمال قتل واغتصاب وإحراق عمد للممتلكات وأعمال وحشية رهيبة من كل وصف ضد السكان الأصليين. كنا في البداية في ريب كبير بشأن تلك الروايات، لكننا توصلنا في النهاية إلى تصديقها، لأن الشهادات كانت بالإجماع بكل ما في الكلمة من معنى وجرى تأييدها بالأدلة المادية. على سبيل المثال كانت الأحياء الوحيدة التي ظلت سليمة في مدينتي بتليس ووان أحياءً أرمينية، كما كان جلياً من الكنائس والكتابات على البيوت، بينما كانت الأحياء المسلمة مدمرة على نحو كامل. لا تزال القرى التي قيل إنها كانت أرمينية قائمة، بينما كانت القرى المسلمة مدمرة كاملة" أهـ (مكارثي: الطرد والإبادة ص250).

وجاء في تقريرهما أيضاً:

"إن الوضع العرقي في هذه المنطقة [بايزيد-أرضروم] متفاقم بشدة بسبب قرب جبهة أرمينية التي يأتي اللاجئون منها بروايات عن مجازر ووحشية وفظاعات ترتكبها الحكومة الأرمينية والجيش والشعب ضد السكان المسلمين. ومع أن بضع مئات من الأرمن يعيشون فعلاً في إقليم (وان)، إلا أنه من المستحيل أن يستطيع الأرمن العيش في المناطق الريفية لإقليم أرضروم، حيث يبدي الجميع ذروة الكراهية لهم. وهنا أيضاً خرب الأرمن القرى قبل أن ينسحبوا وارتكبوا المجازر وكل أنواع الأعمال الوحشية ضد المسلمين، وأعمال الأرمن هذه على الجانب الآخر من الجبهة تُبقي الكراهية للأرمن حية ومؤثرة، كراهية تبدو أنها على الأقل تُرغي وتُزبد في منطقة (وان). أكّد على وجود فوضى وجرائم في أرمينية لاجئون من جميع مناطق أرمينية وضباط بريطانيون في أرضروم" أهـ (مكارثي: ص251).

وقدم نايلز وسذرلاند في تقريرهما إحصائية؛ تعداد القرى والبيوت المسلمة الناجية من جحيم الحرب حول مدينتي (وان) و (بتليس) فقط وعلى سبيل المثال حيث أثبت أن الأرمن دمروا أكثر بيوت المسلمين ولم يبق أي أثر لجميع المباني والمنشآت الدينية الإسلامية! كما هو موضح في الجدول التالي:

الدمار في مدينتي وان وبتليس

مدينة وان قبل الحرب بعد الحرب 1919

منازل المسلمين 3400 3

منازل الأرمن 3100 1170

مدينة بتليس قبل الحرب بعد الحرب 1919

منازل المسلمين 6500 لا شئ

منازل الأرمن 1500 1000

أما عن القرى في إقليم وان وسنجق وبايزيد قبل الحرب والاحتلال الأرمني وبعدهما فجاء في إحصائية نايلز وسذرلاند: أن تعداد منازل المسلمين قبل الحرب في قرى إقليم وان كان (1373) منزلاً وانخفض بعد الحرب في 1919م إلى 350 منزلاً!! بينما كانت منازل الأرمن 112 منزلاً قبل الحرب فزادت بعد الحرب إلى 200 منزلاً! وفي قرى إقليم بايزيد كان عدد منازل المسلمين قبل الحرب 448 منزلاً صارت بعد الحرب في عام 1919م 243 منزلاً! بينما منازل الأرمن كانت قبل الحرب 33 منزلاً ظلت كما هي بعد الحرب 33 منزلاً!

وقد لخص نايلز وسذرلاند تاريخ مسلمي شرق الأناضول بدقة في ختام تقريرهما:

"ومع أنها لا تقع ضمن مجال تحقيقنا تماماً، إلا أن إحدى أبرز الحقائق التي أثرت فينا في كل بقعة من بتليس إلى طربزون هي أن الأرمن ارتكبوا ضد الأتراك في المنطقة التي اجتزناها كل أنواع الجرائم والانتهاكات التي ارتكبها الأتراك في مناطق أخرى ضد الأرمن. كنا نشك في البداية إلى حد بعيد بالروايات التي أخبرنا بها، لكن إجماع الشهود جميعهم، واللهفة الجلية التي تحدثوا بها عن الأعمال الشريرة التي ارتكبها الأتراك في مناطق أخرى ضد الأرمن. كنا نشك في البداية إلى حد بعيد بالروايات التي أخبرنا بها، لكن إجماع الشهود جميعهم، واللهفة الجلية التي تحدثوا بها عن الأعمال الشريرة التي ارتكبت بحقهم، وكراهيتهم الواضحة للأرمن، والأقوى من ذلك كله الأدلة المادية على الأرض نفسها، جعلنا نقتنع بصحة الحقائق على نحو عام، أولاً إن الأرمن قتلوا مسلمين على نطاق واسع وبتفنن كثير في أسلوب الوحشية، وثانياً إن الأرمن مسؤولون عن أكثر التدمير للمدن والقرى. احتل الروس والأرمن البلاد فترة طويلة في عام 1915م وعام 1916م ويبدو أنه خلال تلك الفترة كانت الفوضى محدودة، مع أن الروس من غير ريب تسببوا بأضرار. في عام 1917م انحل الجيش الروسي تاركاً السلطة في أيدي الأرمن وحدهم. في تلك الفترة طافت على البلاد عصابات من الجيش الأرمني فنهبت وقتلت السكان المدنيين المسلمين. حين زحف الجيش التركي إلى أرزجان وأرضروم ووان، تفكك الجيش الأرمني وارتكب جميع الجنود النظاميين وغير النظاميين على تدمير ممتلكات المسلمين وارتكاب الأعمال الوحشية ضد السكان المسلمين. كانت النتيجة بلداً مدمراً كاملاً يحتوي على ربع عدد سكانه السابقين وثُمن مبانيه السابقة، وكراهية مريرة إلى حد بعيد من المسلمين للأرمن، ما يجعل عيش هذين العنصرين معاً مستحيلاً في الوقت الحاضر. أعلن المسلمون أنهم إذا أجبروا على العيش في ظل حكومة أرمينية فإنهم سيقاتلون، ويبدو لنا أنهم ربما ينفذون هذا التهديد. يشاركنا في هذا الرأي الضباط الأتراك والبريطانيون والأمريكيون الذين قابلناهم" أهـ (مكارثي: ص253، ص254).

هذه مجرد شهادة عن المجازر التي ارتكبها الأرمن ضد المسلمين خلال الحرب العالمية الأولى من 1914م إلى 1918م في إقليمي (وان) و(بتليس) شرق الأناضول فما بالنا لو تكلمنا عن نقصان عدد السكان المسلمين في الأقاليم العثمانية الشرقية مجتمعة مثل أرضروم وبتليس وديار بكر ومعمورة العزيز وسيواس وحلب وأطنة طرابزون من عام 1912م إلى عام 1922م سنجد أن أكثر 62% من مسلمي إقليم (وان) قد فقدوا! وفقد 42% من مسلمي بتليس، وفقد 31% من مسلمي أرضروم!! وأكثر من 60% قد فقدوا من مسلمي القفقاس!! أما في أقاليم غربي الأناضول مثل آيدين، وخداوندكار، وبيغا، وإذميد.. حيث قام الحلفاء بطرد اللاجئين الأتراك من البلقان التي كانوا يقيمون فيها وأعطوا ممتلكاتهم إلى اليونانيين! وتركوهم من دون مأوى! في أكبر سرقة جماعية علانية في التاريخ!! لقد كانت جريمة قتل عمد جماعي مع سبق الإصرار والترصد ضد المسلمين في القفقاس والأناضول والبلقان بمباركة قوى الاستكبار العالمي في تلك الحقبة الكئيبة والنهاية المأساوية للخلافة العثمانية التي ظلت شمسها تشرق في سماء العالم على مدار ستة قرون!!

خامساً: صفوت القول

هكذا استبان لنا بجلاء هشاشة هذه الفرية (إبادة الأرمن على أيدي العثمانيين)! التي يرددها الأرمن ومن يؤيدهم ويحرضهم !! لقد قتل ملايين المسلمين على أيدي الأرمن والروس واليونان والبلغار والصرب وغيرهم من القوى المعادية للدولة العثمانية المسلمة التي عاش في كنفها مختلف الطوائف في أمن وأمان!! ولم يطالب أحد بمعاقبة الجناة المجرمين الذين ارتكبوا هذه المجازر الجماعية! المسلمون الذين كانوا ولا يزالون ضحايا هذه المجازر البشرية البشعة يقدمون على أنهم جناة متوحشون!

المشكلة الحقيقة في هذه الأنظمة المنتسبة إلى العالم الإسلامي في عدم مطالبتها ولو على استحياء بمعاقبة مرتكبي الجرائم المتكررة في حق المسلمين في القفقاس والشيشان التي انقرض سكانها! والشعوب التي أبيدت في البلقان والمقابر الجماعية في البوسنة والهرسك! وأكثر من ملوني مسلم في العراق لوحدها! واختفاء قرى ومدائن كاملة في أفغانستان خلال العدوان البربري من البريطانيين والروس والأمريكان والحبل على الجرار! هذه الأنظمة الجاثمة على أنفاس أمتنا لم تتخذ قراراً صائباً في حياتها لإنصاف شعوبها والمطالبة الجدية من الفرنسيس والإنجليز والأسبان والطليان والهولنديين والروس والأمريكان بتعويض ملايين الضحايا في الجزائر والمغرب وليبيا وتونس ومصر وإندونيسيا وماليزيا وكشمير وتايلاند والصومال والسودان!!

لقد نكأ الأرمن جراحاً لم تلتئم بعد! وجددوا أحزاناً لم تهدأ بعد! وأثاروا شجوناً لن تهدأ حتى تُعوض أجنة المسلمين في رحم المستقبل! إن العالم الغربي مدين بالاعتذار الصريح للمسلمين والتعويض اللائق جراء الجرائم التي ارتكبها في الحروب الصليبية قديماً وحديثاً ! نعم مطالب بالاعتذار والتعويض عن الإبادات الجماعية للمسلمين خلال عدة قرون!

أما أن نستجديهم ونسترحمهم في كل قضية ملفقة يثيرونها ونظل هكذا ندافع ونقدم قرابين الذل والهوان على عتبات مجلس الأمن والاتحاد الأوربي.. فهذا الهلاك بعينه! وخير لهذه الأمة أن تبتلعها الأرض من أن تعيش في ذل وانكسار!!

العيب في فينا كأمة رضيت بالدنية فصفقت لجلاديها ولم تطالب بمعاقبة قاتليها!

مركز المقريزي للدراسات التاريخية بلندن

لندن في 7 من شوال 1428هـ الموافق 19/10/2007م
http://www.almaqreze.net/ar/articles_read.php?article_id=225

خطاب أسد الدين
04-26-2015, 02:49 PM
أردوغان يقول للأرمن : أرشيفنا مفتوح ولن تكسبوا شيئا من الحملات المغرضة التي تشنونها ضد تركيا

https://www.youtube.com/watch?v=uaLhLVvW5bw

خطاب أسد الدين
04-26-2015, 04:11 PM
أردوغان: أحذر بابا الفاتيكان من تكرار تصريحاته حول المزاعم الأرمنية، تركيا لن تسمح بالتضليل
رجب طيب أردوغان بالعربية
رجب طيب أردوغان بالعربية
7,965
817 مشاهدة
تم نشره في 15‏/04‏/2015

رجب طيب أردوغان بالعربية على الفيس بوك
https://www.facebook.com/Recep.Tayyip...

أردوغان : أحذر بابا الفاتيكان من تكرار تصريحاته حول المزاعم الأرمنية
تركيا لن تسمح بالتضليل في سرد الوقائع التاريخية

أود التعبير عن أسفي الشديد لوصف البابا "فرنسيس" للأحداث المؤلمة التي مر بها الأرمن في منطقتنا الجغرافية، والتي عانى منها كذلك الكثيرون وعلى رأسهم المسلمون قبل 100 عام، وصفه ذلك بالإبادة العرقية، تعلمون أنه زار أنقرة قبل فترة قصيرة، في تلك الزيارة رأيت فيه السياسي المختلف، وأعني بذلك عدم قولي رجل دين، لكن بعد هذه التصريحات الأخيرة ومع الأسف، وجدت ذات الذهنية التي تسببت في مقتل مئات الآلاف على مر التاريخ، نحن لن نسمح بالتضليل في سرد الأحداث التاريخية، وتحويلها لأداة في حملة كراهية، تُشن ضد بلدنا وأمتنا، عندما يقوم السياسيون ورجال الدين بما ينبغي على المؤرخين القيام به، تتلاشى الحقائق ويظهر أمامنا ذلك الهذيان الذي نراه اليوم، وأود بهذه المناسبة أن أجدد دعوتي لتشكيل لجنة مشتركة، وأن أؤكّد على شفافيتنا في فتح أرشيفنا بالكامل. ويحضرني أن أوجه إدانتي وتحذيري للبابا، من مغبة تكرار تصريحاته الخاطئة حول أحداث عام 1915، التي أعتقد أنه لن يقع فيها مجددًا جاء ذلك خلال استقباله رئيس مجلس مصدري تركيا "محمد بيوك أكشي" والوفد المرافق له في القصر الرئاسي في أنقرة 14-04-2015



https://www.youtube.com/watch?v=082OMAQJvBw

خطاب أسد الدين
04-26-2015, 04:24 PM
حقيقة مذبحة الأرمن
معتز زاهر
QR Code

مع مطلع القرن الثامن عشر وفي عهد بطرس الكبير إمبراطور روسيا بدأ بعض الأرمن يتصرفون كمساعدين للسياسة الروسية والجيش الروسي. وبدأ يقوى اتكال الأرمن على روسيا وأملهم في مساعداتها منذ غارات الروس الأولى على القفقاس(1).
عدد الزيارات: 22,246
42
6
EMAIL

Facebook
213
Twitter
44
Google+
6

مع مطلع القرن الثامن عشر وفي عهد بطرس الكبير إمبراطور روسيا بدأ بعض الأرمن يتصرفون كمساعدين للسياسة الروسية والجيش الروسي. وبدأ يقوى اتكال الأرمن على روسيا وأملهم في مساعداتها منذ غارات الروس الأولى على القفقاس(1).

تعهد الأرمن القفقاس بالولاء والدعم للقياصرة الروس. خلال القرنين الثامن عشر والتاسع عشر دعم الرسميون الأرمن العلمانيون والمؤمنون الغزو الروسي لحاكميات المسلمين في القفقاس والإطاحة بحكامها المسلمين. في الوقت ذاته عمل الأرمن جواسيس للروس ضد حكامهم المسلمين(2).

فعلى سبيل المثال كانت المدينة العثمانية دربند تحت الحصار الروسي عام 1796م، فأرسل سكانها الأرمن إلى الغزاة الروس معلومات عن مصادر الإمداد المائي للمدينة، مما أتاح للروس أن يهزموا حاكم المدينة العثماني(3).

وصرح رئيس أساقفة أرمني اسمه أرجوتنسكي دولجوروكوف علانية في تسعينات القرن الثامن عشر بأمله وإيمانه أن الروس "سيحررون الأرمن من حكم المسلمين". واستمر الأرمن في إرسال رسائل إلى المسئولين الروس يشجعونهم فيها على الاستيلاء على المناطق التي يحكمها المسلمون وإنقاذ الأرمن من اضطهاد المسلمين(4).

وقام الرعايا الأرمن المقيمون تحت حكم الدولة العثمانية إضافة إلى الأرمن الرعايا تحت حكم الروس، قاموا بالقتال إلى جانب الروس ضد الإمبراطورية العثمانية في حروب أعوام (1827-1829) وحرب القِرَم(5).

وأبدى الأرمن في الأناضول العثمانية ولاءهم للقضية الروسية بعملهم جواسيس أيضًا للروس؛ فقد عبر الأرمن من الأناضول الحدود وقدموا تقارير عن تحركات القوات العثمانية في جميع حروب شرق الأناضول.

وساعد الأرمن الأناضوليون الجيوش الروسية الغازية في عام 1827، وتبع عدة آلاف منهم الجيش الروسي حين غادر إلى خارج الأناضول، وخلال حرب القِرم قدَّم الأرمن أيضًا للروس معلومات استخباراتية من مدينة قارص المحاصرة.

ومهَّد المرشدون الجواسيس من الأرمن من الأناضول العثمانية الطريق للغزاة الروس في عام 1877، ورحّب أرمن وادي الشكرد بالجيوش الروسية الغازية في عام 1877، وعندما انسحب الروس غادروا جميعًا معهم(6).

وقد قام رئيس دير للرهبان بتحويل أحد الأديرة الأرمنية على الحدود العثمانية الفارسية إلى مستودع أسلحة، وكي يكون نقطة تسلل لثوريين أرمن يعملون ضد الإمبراطورية العثمانية(7).

وعندما استولى الروس على مدينة قارص العثمانية، لاحظ المراسل تشارلز وليامز أن الأرمن ساعدوا أصدقاءهم الروس في قتل الجرحى من الأسرى العثمانيين(8).

وحينما استولى الروس على مدينة أرضروم العثمانية، عيّنوا أرمنيًّا في منصب قائد الشرطة(9). وقام الأرمنيون بالإفادة من وجود الروس فعاملوا المسلمين بقسوة وأهانوهم، كما يقول السفير ليرد(10). وعندما عادت المدينة للمسلمين استطاع العثمانيون أن يحافظوا على النظام، وقاموا بحماية المسيحيين من ثأر المواطنين المسلمين(11).

وعانى المسلمون العثمانيون في منطقة باتوم التي استولى عليها الروس، فقد قاموا بمعاونة الأرمن بابتزاز المال والممتلكات الشخصية، وحرموا المسلمين من جوازات السفر، وأصبحت باتوم -كما يقول القنصل البريطاني في تفليس- "مسرحًا جماعيًّا للظلم والسلب والنهب"(12).

كانت الأحزاب الأرمنية الثورية -كما يقول جستن مكارثي- مستعدة للتضحية بأرواح أرمنية أو مسلمة في سبيل تحقيق أهدافها، كان المخطط العام لخطتهم محاكاة الانتفاضة البلغارية الناجحة عام 1876م، وتحريض أرمن محليين على مهاجمة مسلمين، أو القيام بذلك بأنفسهم، محرضين بذلك على قتل الأرمن، مما سيؤدي إلى تدخل أوروبي لمصلحة قيام دولة أرمنية.

ويؤكد هذا الواقعة التالية: "أخبر أحد الثوريين [الأرمن] الدكتور هاملِن مؤسس الجامعة الأمريكية في تركيا، بأن عصابات الهشنق [الأرمنية] تنتظر فرصتها لقتل أكراد وأتراك، وإشعال النار في قُراهم، ثم تفر إلى الجبال. سوف يثور المسلمون الغاضبون بعدها ويهاجمون الأرمن العُزّل ويقتلونهم بطريقة وحشية لدرجة أن روسيا ستتدخل باسم الإنسانية والحضارة المسيحية. وحينما شجب المبشر المذعور المخطط لأنه شنيع وشيطاني أكثر من أي شيء عرفه، تلقى هذا الرد: هكذا يبدو الأمر لك، من غير ريب، لكننا قررنا نحن الأرمن أن نصبح أحرارًا، أصغت أوروبا إلى الأهوال البلغارية وجعلت البلغار أحرارًا. سوف تصغى إلى صيحتنا حين تدخل في صيحات ودماء ملايين النساء والأطفال، نحن يائسون، سوف نفعلها"(13).

شاعت تمردات الأرمن على الحكومة العثمانية في كل أنحاء الشرق بعد عام 1890، وشكّل الأرمن عصابات لقتال المسلمين، وسقط كثير من القتلى من الجانبين، ووصل الأمر لمحاول الأرمن اغتيال السلطان العثماني عام 1905م.

وفي 14 أبريل عام 1909م بدأت الهجمات الأرمنية على المسلمين في منطقة أطنة، متأثرة برجل الدين المسيحي الأسقف موستش، الذي بشر بأمة أرمنية مستقلة، ومات قرابة عشرين ألفًا من الطرفين. يقول جستن مكارثي: "كانت أحداث عام 1890 وعام 1909 مهمة في تهيئة المناخ النفسي لعام 1915"(14).

وفي عام 1914 اندلعت الحرب العالمية الأولى وأعلنت روسيا الحرب على الدولة العثمانية، وخلال العام الأول للحرب، كان العثمانيون منهكين بثورات الأرمن في كل مناطق شرقي الأناضول، وكان أرمن مدينة زيتون يشنون حرب عصابات ضد العثمانيين، واستولى الأرمن على مدينة قرة حصار الشرقية العثمانية، لكنهم سرعان ما طُردوا من أكثر المدينة، وهاجمت عصابات أرمنية قرويين مسلمين في الريف قرب قرة حصار وقتلت عددًا منهم. وقامت عصابات أخرى أرمنية في مدينة أورفة بحرق بيوت للمسلمين وقتلوا مدنيين مسلمين(15).

وقبل أن تعلن روسيا الحرب كان الأرمن ينظمون أنفسهم في فرق لحرب العصابات التي سيشنونها على العثمانيين، فقاموا بتكديس مخازن احتياطية من الأسلحة بتمويل من روسيا، وحين أُعلنت الحرب دخل أرمن الأناضول -الذين رحلوا إلى روسيا في السابق- إلى الإمبراطورية العثمانية من جديد، وقادوا فرق رجال العصابات، وانضم إلى العصابات عدد كبير من الأرمن الذين فروا من الجيش العثماني، والذين شكلوا عصابات قطاع طرق ولصوصية في الأناضول، ثم انضموا إلى القوات الروسية والأرمنية. قدّرت الحكومة العثمانية أن نحو 30000 رجل مسلح من إقليم سيواس وحده انضموا إلى القوات الأرمنية. ربما يكون هذا الرقم مبالغًا فيه، لكنه -كما يقول مكارثي- دالٌّ على ثورة كبيرة يُخطط لها منذ زمن بعيد. بدأ الأرمن الهجوم على الوحدات العسكرية العثمانية، وعربات توزيع البريد، ومواقع الدرَك (الشرطة)، ووحدات التجنيد، في مناطق كثيرة. وقطعت خطوط البرق في شرقي الأناضول، وجرت مواجهات عسكرية بين المتمردين الأرمن والقوات العثمانية، وقام الأرمن بمهاجمة قرى مسلمة وقتلوا العديد من المسلمين، ونُفذت خطط الأرمن في الاستيلاء على مدن شرقية حال اندلاع الحرب(16).

يُعقب جستن مكارثي قائلًا: "من أجل فهم التسلسل الزمني للمجازر والمجازر المقابلة في المنطقة، يجب إدراك أن هذه النشاطات الثورية وغيرها (يقصد اعتداءات الأرمن) جرت قبل إصدار أي أوامر بترحيل الأرمن بمدة طويلة! بدأت الثورات والهجمات على القوات العثمانية في وان وزيتون وموش والرشادية وكواش ومدن وبلدات أخرى، قبل صدور أوامر العثمانيين بالترحيل"(17).

وبداية من عام 1915م ازدادت وحشية وجرائم الأرمن بحق المسلمين سعيًا منهم للاستقلال عن الدولة العثمانية، مستغلين انشغال العثمانيين بالحرب العالمية الأولى، يقول مكارثي: "كانت أعمال الاغتصاب الوحشية جلية في كل مكان، وأعمال التعذيب قبل القتل شائعة... يبدو أن هجمات الأرمن على مسلمي الشرق في أثناء الحرب العالمية الأولى تركزت على القتل بدلًا من الدفع إلى الفرار!"(18).

وقد أتى مكارثي بأدلة موثقة كثيرة في كتابه الرائع الفذ على مذابح الأرمن ووحشيتهم وجرائمهم بحق المسلمين العثمانيين، وسنكتفي بإيراد ما يخص إقليمًا واحدًا فقط، وهو إقليم وان (Van)، يقول مكارثي باختصار: في 20 نيسان (عام 1915) بدأ الأرمن في وان بإطلاق النار على مخافر الشرطة ومساكن المسلمين، مع تقدم الأرمن وتغلبهم على قوات الأمن العثمانية، أحرقوا الحي المسلم وقتلوا المسلمين الذين وقعوا في أيديهم، كان من ضمن الذين قُتلوا جنود عثمانيون جرحى أو مرضى جاءوا إلى وان للنقاهة. ودُمرت قُرى زفيه، وملا قسيم، وشيخ قرة، وشيخ عينة، وزورياد باكس، وخضر، وعمق، وآيانس، وورندز، وحرويل، ودير، وزيوانا، وقرقر، وقرى كثيرة لم تُحدد بالاسم. دُمر كل شيء إسلامي في وان باستثناء ثلاثة مبان أثرية، جرى إحراق أو هدم جميع المساجد، دُمر الحي المسلم كاملًا، حين انتهت مهمة الأرمن والمعركة بين العثمانيين والأرمن، بدت (وان) أقرب إلى خرائب قديمة منها إلى مدينة. وهاجمت العصابات الأرمنية على الطرق كثيرًا من أولئك الذين استطاعوا الفرار، وكانوا يقتلون جميع المسلمين الذين يمرون قريبًا منهم. وقام الأرمن بسرقة ما يحمله المسلمون الفارون، واغتصبوا كثيرًا من النساء(19).

ونأتي الآن إلى رد فعل العثمانيين على هذه المذابح، والذي يتخذ منه أعداء الإسلام دليلًا على دموية "الخلافة الإسلامية"، متمثلة في الدولة العثمانية، وقد غفلوا أن ما حدث -إن افترضنا صحته- قد وقع خلال حكم الاتحاديين العلمانيين، بعد أن انقلبوا على الخليفة عبدالحميد الثاني عام 1908م، وجعلوا الخلافة مجرد سلطة روحية، ما لبثوا أن ألغوها تمامًا وعزلوا الخليفة العثماني، وطردوا أفراد الأسرة العثمانية خارج البلاد!

كذلك يتخذ أعداء الإسلام حتى الآن تلك المزاعم كورقة ضغط على تركيا والحزب الحاكم بها، حزب العدالة والتنمية بقيادة رجب طيب أردوجان، ويُغفلون بفجاجة وصفاقة المذابح -الحقيقية- التي ارتكبها الروس واليونان والبلغار والأرمن وغيرهم بحق المسلمين العثمانيين، والتي تشيب لها رؤوس كل من بقي لديه ذرة إنسانية! فلا تراهم يحيون ذكرى هذه المذابح كما يفعلون في قضية الأرمن!

لقد كان الرد العثماني -كما يقول المؤرخ الأمريكي جستن مكارثي- على الثورة الأرمينية لا يختلف كثيرًا عن رد حكومات القرن العشرين الأخرى التي تواجهها حرب العصابات، عزل العصابات عن الدعم المحلي بالتخلص من المناصرين المحليين. لقد أدرك العثمانيون أن الثوار الأرمن يتلقون دعمًا مطلقًا من القرويين الأرمن ومن أرمن المدن الشرقية التي كانت موطنًا لزعماء ثورتهم، لذلك قرر العثمانيون اتخاذ إجراء جذري: نزوح قسري للسكان الأرمن من المناطق العسكرية الفعلية أو المحتملة.

ويقول مكارثي إن نيات إسطمبول واضحة: نقل وإعادة توطين الأرمن سلميًّا، ويقول إن الوثائق العثمانية الوحيدة التي يمكن التحقق منها بهذا الشأن تدل على اهتمام رسمي على الأقل بالنازحين الأرمن، فقد كُتبت الإجراءات المفصلة في إسطنبول وأُرسلت إلى الأقاليم، وشملت بيع بضائع اللاجئين، وتوطين اللاجئين في مواقع اقتصادية مشابهة لتلك التي تركوها، وتعليمات بشأن الصحة وتطبيق القوانين الصحية، وما شابه ذلك.

ويقول مكارثي إن قرار إجبار الأرمن على الرحيل صحيح باللغة العسكرية المحضة، لكنه سبَّب متاعب ووفيات كبيرة بينهم، وهذا يبعث على الأسى. ومع ذلك أدى القرار إلى النتيجة المرجوة: تضاءلت هجمات الثوريين الأرمن!

ثم يذكر مكارثي أن مسئولية وفيات الأرمن يجب أن يتقاسمها: الثوريون الأرمن أنفسهم ومناصروهم، والروس، إضافة إلى الدولة العثمانية التي اضطرها ضعفها في ذلك الحين إلى الاختيار بين مجموعتين من مواطنيها(20).

ولما حدثت الثورة البلشفية في روسيا عام 1917 تفكك الجيش الروسي وترك الميدان، وحل محله العصابات الأرمنية، فشن الجيش العثماني هجومًا سريعًا فتقهقرت العصابات الأرمنية على نحو فوضوي وخربوا المناطق التي كانوا يحتلونها وقتلوا مسلميها وارتكبوا الفظائع؛ فقد جاء في تقرير القائد العثماني وهيب باشا أن الأرمن قتلوا كثيرًا من المسلمين وألقوا بجثث بعضهم في الآبار، وأحرقوا جثثًا أخرى، ومثّلوا ببعض الجثث، وشقّوا بطون المسلمين في المسالخ، ومزقوا أكبادهم ورئاهم، وعُلقت النساء من شعورهن بعد أن كن عرضة لجميع الأفعال الشيطانية، وغير ذلك(21).

وبهذا نكون قد أتينا في هذه العجالة على بعض الملامح التي لا يتم التركيز عليها عادة، ونختم بقول المؤرخ الأمريكي المنصف جستن مكارثي: "هجمات الأرمن على المسلمين لم تؤخذ في الحسبان إلا ما ندر، هجمات المسلمين على الأرمن هي التي يهتمون بها فحسب، كان من السهل على المعلقين أن يصوروا المسلمين متوحشين شعروا بين فينة وأخرى بالحاجة إلى قتل المسيحيين! في الحقيقة هاجم الأرمن المسلمين تمامًا كما هاجم المسلمون الأرمن، وأحيانًا من دون استفزاز واضح أو مسوِّغ مباشر! كان ذلك أحيانًا تدفقًا لكراهية لا عقلانية!"(22).

*أفدت كثيرًا في هذا المقال من الكتاب الرائع الطرد والإبادة، لجستن مكارثي، والمراجع الأجنبية أثبتها كما هي في الكتاب المذكور، وأنصح الجميع بقراءته.

1- Muriel Ann Atkin, "The Khanates of the eastern Caucasus and the Origins of the First Russo-Iranian War" unpuplished Ph.D. dissertation, Yale University. 1978, p.7.
2- Atkin, pp.25-27.30,37. Atkin also notes pp. 19z200.
3-Atkin, p.139.
4-Atkin, p. 144. See also pp. 210, 219.
5-H.P. Pasdermadjian, 1971: 307, 309.
6-See Caucasian Battelfields, pp. 148, 149.
7-Nalbandian, p.174.
8-Charles Williams, The Armenian Campaign, London, 1878, p.280.
9-Major Kamsaragan ]sic[ (F.O. 195-1237, no. 42, Trotter to Layard, Erzeroum, 7 june 1878).
10-Turkey No. 53 (1878), no. 213, Layard to Salisbury, Therapia, 16 September 1878, in Bilal N. Simsir, British Documents on Ottoman Armenians II, Ankara, 1982. No. 92.
11-F.O. 195-1237, no. 2,Trotter to Salisbury, Erzeroom ]Erzuram[, 13 November 1878.
12-F.O. 78-3281, Marlow to Dufferin, Therapia, 28 June 1881.
13-William Langer quoted in Kamuran Gurun, The Armenian File, London, 1985, p. 128.
14- الطرد والإبادة، جستن مكارثي، ص142
15- المصدر السابق، ص194
16- ملخصًا من المصدر السابق ص198-201
17- ص201
18- ص202
19-المصدر السابق، ص203-204
20-مكارثي باختصار: ص209-212
21-نفسه ص213-215 باختصار.
22-الطرد والإبادة مصير المسلمين العثمانيين 1821-1922م، جستن مكارثي، ص53.

التصنيف: أحداث عالمية وقضايا سياسية
المصدر: فريق عمل طريق الإسلام
تاريخ النشر: 15 رجب 1435 (14‏/5‏/2014)
http://ar.islamway.net/article/29791/%D8%AD%D9%82%D9%8A%D9%82%D8%A9-%D9%85%D8%B0%D8%A8%D8%AD%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B1%D9%85%D9%86

خطاب أسد الدين
04-26-2015, 04:27 PM
حقيقة مذبحة الأرمن
معتز زاهر


مع مطلع القرن الثامن عشر وفي عهد بطرس الكبير إمبراطور روسيا بدأ بعض الأرمن يتصرفون كمساعدين للسياسة الروسية والجيش الروسي. وبدأ يقوى اتكال الأرمن على روسيا وأملهم في مساعداتها منذ غارات الروس الأولى على القفقاس(1).

مع مطلع القرن الثامن عشر وفي عهد بطرس الكبير إمبراطور روسيا بدأ بعض الأرمن يتصرفون كمساعدين للسياسة الروسية والجيش الروسي. وبدأ يقوى اتكال الأرمن على روسيا وأملهم في مساعداتها منذ غارات الروس الأولى على القفقاس(1).

تعهد الأرمن القفقاس بالولاء والدعم للقياصرة الروس. خلال القرنين الثامن عشر والتاسع عشر دعم الرسميون الأرمن العلمانيون والمؤمنون الغزو الروسي لحاكميات المسلمين في القفقاس والإطاحة بحكامها المسلمين. في الوقت ذاته عمل الأرمن جواسيس للروس ضد حكامهم المسلمين(2).

فعلى سبيل المثال كانت المدينة العثمانية دربند تحت الحصار الروسي عام 1796م، فأرسل سكانها الأرمن إلى الغزاة الروس معلومات عن مصادر الإمداد المائي للمدينة، مما أتاح للروس أن يهزموا حاكم المدينة العثماني(3).

وصرح رئيس أساقفة أرمني اسمه أرجوتنسكي دولجوروكوف علانية في تسعينات القرن الثامن عشر بأمله وإيمانه أن الروس "سيحررون الأرمن من حكم المسلمين". واستمر الأرمن في إرسال رسائل إلى المسئولين الروس يشجعونهم فيها على الاستيلاء على المناطق التي يحكمها المسلمون وإنقاذ الأرمن من اضطهاد المسلمين(4).

وقام الرعايا الأرمن المقيمون تحت حكم الدولة العثمانية إضافة إلى الأرمن الرعايا تحت حكم الروس، قاموا بالقتال إلى جانب الروس ضد الإمبراطورية العثمانية في حروب أعوام (1827-1829) وحرب القِرَم(5).

وأبدى الأرمن في الأناضول العثمانية ولاءهم للقضية الروسية بعملهم جواسيس أيضًا للروس؛ فقد عبر الأرمن من الأناضول الحدود وقدموا تقارير عن تحركات القوات العثمانية في جميع حروب شرق الأناضول.

وساعد الأرمن الأناضوليون الجيوش الروسية الغازية في عام 1827، وتبع عدة آلاف منهم الجيش الروسي حين غادر إلى خارج الأناضول، وخلال حرب القِرم قدَّم الأرمن أيضًا للروس معلومات استخباراتية من مدينة قارص المحاصرة.

ومهَّد المرشدون الجواسيس من الأرمن من الأناضول العثمانية الطريق للغزاة الروس في عام 1877، ورحّب أرمن وادي الشكرد بالجيوش الروسية الغازية في عام 1877، وعندما انسحب الروس غادروا جميعًا معهم(6).

وقد قام رئيس دير للرهبان بتحويل أحد الأديرة الأرمنية على الحدود العثمانية الفارسية إلى مستودع أسلحة، وكي يكون نقطة تسلل لثوريين أرمن يعملون ضد الإمبراطورية العثمانية(7).

وعندما استولى الروس على مدينة قارص العثمانية، لاحظ المراسل تشارلز وليامز أن الأرمن ساعدوا أصدقاءهم الروس في قتل الجرحى من الأسرى العثمانيين(8).

وحينما استولى الروس على مدينة أرضروم العثمانية، عيّنوا أرمنيًّا في منصب قائد الشرطة(9). وقام الأرمنيون بالإفادة من وجود الروس فعاملوا المسلمين بقسوة وأهانوهم، كما يقول السفير ليرد(10). وعندما عادت المدينة للمسلمين استطاع العثمانيون أن يحافظوا على النظام، وقاموا بحماية المسيحيين من ثأر المواطنين المسلمين(11).

وعانى المسلمون العثمانيون في منطقة باتوم التي استولى عليها الروس، فقد قاموا بمعاونة الأرمن بابتزاز المال والممتلكات الشخصية، وحرموا المسلمين من جوازات السفر، وأصبحت باتوم -كما يقول القنصل البريطاني في تفليس- "مسرحًا جماعيًّا للظلم والسلب والنهب"(12).

كانت الأحزاب الأرمنية الثورية -كما يقول جستن مكارثي- مستعدة للتضحية بأرواح أرمنية أو مسلمة في سبيل تحقيق أهدافها، كان المخطط العام لخطتهم محاكاة الانتفاضة البلغارية الناجحة عام 1876م، وتحريض أرمن محليين على مهاجمة مسلمين، أو القيام بذلك بأنفسهم، محرضين بذلك على قتل الأرمن، مما سيؤدي إلى تدخل أوروبي لمصلحة قيام دولة أرمنية.

ويؤكد هذا الواقعة التالية: "أخبر أحد الثوريين [الأرمن] الدكتور هاملِن مؤسس الجامعة الأمريكية في تركيا، بأن عصابات الهشنق [الأرمنية] تنتظر فرصتها لقتل أكراد وأتراك، وإشعال النار في قُراهم، ثم تفر إلى الجبال. سوف يثور المسلمون الغاضبون بعدها ويهاجمون الأرمن العُزّل ويقتلونهم بطريقة وحشية لدرجة أن روسيا ستتدخل باسم الإنسانية والحضارة المسيحية. وحينما شجب المبشر المذعور المخطط لأنه شنيع وشيطاني أكثر من أي شيء عرفه، تلقى هذا الرد: هكذا يبدو الأمر لك، من غير ريب، لكننا قررنا نحن الأرمن أن نصبح أحرارًا، أصغت أوروبا إلى الأهوال البلغارية وجعلت البلغار أحرارًا. سوف تصغى إلى صيحتنا حين تدخل في صيحات ودماء ملايين النساء والأطفال، نحن يائسون، سوف نفعلها"(13).

شاعت تمردات الأرمن على الحكومة العثمانية في كل أنحاء الشرق بعد عام 1890، وشكّل الأرمن عصابات لقتال المسلمين، وسقط كثير من القتلى من الجانبين، ووصل الأمر لمحاول الأرمن اغتيال السلطان العثماني عام 1905م.

وفي 14 أبريل عام 1909م بدأت الهجمات الأرمنية على المسلمين في منطقة أطنة، متأثرة برجل الدين المسيحي الأسقف موستش، الذي بشر بأمة أرمنية مستقلة، ومات قرابة عشرين ألفًا من الطرفين. يقول جستن مكارثي: "كانت أحداث عام 1890 وعام 1909 مهمة في تهيئة المناخ النفسي لعام 1915"(14).

وفي عام 1914 اندلعت الحرب العالمية الأولى وأعلنت روسيا الحرب على الدولة العثمانية، وخلال العام الأول للحرب، كان العثمانيون منهكين بثورات الأرمن في كل مناطق شرقي الأناضول، وكان أرمن مدينة زيتون يشنون حرب عصابات ضد العثمانيين، واستولى الأرمن على مدينة قرة حصار الشرقية العثمانية، لكنهم سرعان ما طُردوا من أكثر المدينة، وهاجمت عصابات أرمنية قرويين مسلمين في الريف قرب قرة حصار وقتلت عددًا منهم. وقامت عصابات أخرى أرمنية في مدينة أورفة بحرق بيوت للمسلمين وقتلوا مدنيين مسلمين(15).

وقبل أن تعلن روسيا الحرب كان الأرمن ينظمون أنفسهم في فرق لحرب العصابات التي سيشنونها على العثمانيين، فقاموا بتكديس مخازن احتياطية من الأسلحة بتمويل من روسيا، وحين أُعلنت الحرب دخل أرمن الأناضول -الذين رحلوا إلى روسيا في السابق- إلى الإمبراطورية العثمانية من جديد، وقادوا فرق رجال العصابات، وانضم إلى العصابات عدد كبير من الأرمن الذين فروا من الجيش العثماني، والذين شكلوا عصابات قطاع طرق ولصوصية في الأناضول، ثم انضموا إلى القوات الروسية والأرمنية. قدّرت الحكومة العثمانية أن نحو 30000 رجل مسلح من إقليم سيواس وحده انضموا إلى القوات الأرمنية. ربما يكون هذا الرقم مبالغًا فيه، لكنه -كما يقول مكارثي- دالٌّ على ثورة كبيرة يُخطط لها منذ زمن بعيد. بدأ الأرمن الهجوم على الوحدات العسكرية العثمانية، وعربات توزيع البريد، ومواقع الدرَك (الشرطة)، ووحدات التجنيد، في مناطق كثيرة. وقطعت خطوط البرق في شرقي الأناضول، وجرت مواجهات عسكرية بين المتمردين الأرمن والقوات العثمانية، وقام الأرمن بمهاجمة قرى مسلمة وقتلوا العديد من المسلمين، ونُفذت خطط الأرمن في الاستيلاء على مدن شرقية حال اندلاع الحرب(16).

يُعقب جستن مكارثي قائلًا: "من أجل فهم التسلسل الزمني للمجازر والمجازر المقابلة في المنطقة، يجب إدراك أن هذه النشاطات الثورية وغيرها (يقصد اعتداءات الأرمن) جرت قبل إصدار أي أوامر بترحيل الأرمن بمدة طويلة! بدأت الثورات والهجمات على القوات العثمانية في وان وزيتون وموش والرشادية وكواش ومدن وبلدات أخرى، قبل صدور أوامر العثمانيين بالترحيل"(17).

وبداية من عام 1915م ازدادت وحشية وجرائم الأرمن بحق المسلمين سعيًا منهم للاستقلال عن الدولة العثمانية، مستغلين انشغال العثمانيين بالحرب العالمية الأولى، يقول مكارثي: "كانت أعمال الاغتصاب الوحشية جلية في كل مكان، وأعمال التعذيب قبل القتل شائعة... يبدو أن هجمات الأرمن على مسلمي الشرق في أثناء الحرب العالمية الأولى تركزت على القتل بدلًا من الدفع إلى الفرار!"(18).

وقد أتى مكارثي بأدلة موثقة كثيرة في كتابه الرائع الفذ على مذابح الأرمن ووحشيتهم وجرائمهم بحق المسلمين العثمانيين، وسنكتفي بإيراد ما يخص إقليمًا واحدًا فقط، وهو إقليم وان (Van)، يقول مكارثي باختصار: في 20 نيسان (عام 1915) بدأ الأرمن في وان بإطلاق النار على مخافر الشرطة ومساكن المسلمين، مع تقدم الأرمن وتغلبهم على قوات الأمن العثمانية، أحرقوا الحي المسلم وقتلوا المسلمين الذين وقعوا في أيديهم، كان من ضمن الذين قُتلوا جنود عثمانيون جرحى أو مرضى جاءوا إلى وان للنقاهة. ودُمرت قُرى زفيه، وملا قسيم، وشيخ قرة، وشيخ عينة، وزورياد باكس، وخضر، وعمق، وآيانس، وورندز، وحرويل، ودير، وزيوانا، وقرقر، وقرى كثيرة لم تُحدد بالاسم. دُمر كل شيء إسلامي في وان باستثناء ثلاثة مبان أثرية، جرى إحراق أو هدم جميع المساجد، دُمر الحي المسلم كاملًا، حين انتهت مهمة الأرمن والمعركة بين العثمانيين والأرمن، بدت (وان) أقرب إلى خرائب قديمة منها إلى مدينة. وهاجمت العصابات الأرمنية على الطرق كثيرًا من أولئك الذين استطاعوا الفرار، وكانوا يقتلون جميع المسلمين الذين يمرون قريبًا منهم. وقام الأرمن بسرقة ما يحمله المسلمون الفارون، واغتصبوا كثيرًا من النساء(19).

ونأتي الآن إلى رد فعل العثمانيين على هذه المذابح، والذي يتخذ منه أعداء الإسلام دليلًا على دموية "الخلافة الإسلامية"، متمثلة في الدولة العثمانية، وقد غفلوا أن ما حدث -إن افترضنا صحته- قد وقع خلال حكم الاتحاديين العلمانيين، بعد أن انقلبوا على الخليفة عبدالحميد الثاني عام 1908م، وجعلوا الخلافة مجرد سلطة روحية، ما لبثوا أن ألغوها تمامًا وعزلوا الخليفة العثماني، وطردوا أفراد الأسرة العثمانية خارج البلاد!

كذلك يتخذ أعداء الإسلام حتى الآن تلك المزاعم كورقة ضغط على تركيا والحزب الحاكم بها، حزب العدالة والتنمية بقيادة رجب طيب أردوجان، ويُغفلون بفجاجة وصفاقة المذابح -الحقيقية- التي ارتكبها الروس واليونان والبلغار والأرمن وغيرهم بحق المسلمين العثمانيين، والتي تشيب لها رؤوس كل من بقي لديه ذرة إنسانية! فلا تراهم يحيون ذكرى هذه المذابح كما يفعلون في قضية الأرمن!

لقد كان الرد العثماني -كما يقول المؤرخ الأمريكي جستن مكارثي- على الثورة الأرمينية لا يختلف كثيرًا عن رد حكومات القرن العشرين الأخرى التي تواجهها حرب العصابات، عزل العصابات عن الدعم المحلي بالتخلص من المناصرين المحليين. لقد أدرك العثمانيون أن الثوار الأرمن يتلقون دعمًا مطلقًا من القرويين الأرمن ومن أرمن المدن الشرقية التي كانت موطنًا لزعماء ثورتهم، لذلك قرر العثمانيون اتخاذ إجراء جذري: نزوح قسري للسكان الأرمن من المناطق العسكرية الفعلية أو المحتملة.

ويقول مكارثي إن نيات إسطمبول واضحة: نقل وإعادة توطين الأرمن سلميًّا، ويقول إن الوثائق العثمانية الوحيدة التي يمكن التحقق منها بهذا الشأن تدل على اهتمام رسمي على الأقل بالنازحين الأرمن، فقد كُتبت الإجراءات المفصلة في إسطنبول وأُرسلت إلى الأقاليم، وشملت بيع بضائع اللاجئين، وتوطين اللاجئين في مواقع اقتصادية مشابهة لتلك التي تركوها، وتعليمات بشأن الصحة وتطبيق القوانين الصحية، وما شابه ذلك.

ويقول مكارثي إن قرار إجبار الأرمن على الرحيل صحيح باللغة العسكرية المحضة، لكنه سبَّب متاعب ووفيات كبيرة بينهم، وهذا يبعث على الأسى. ومع ذلك أدى القرار إلى النتيجة المرجوة: تضاءلت هجمات الثوريين الأرمن!

ثم يذكر مكارثي أن مسئولية وفيات الأرمن يجب أن يتقاسمها: الثوريون الأرمن أنفسهم ومناصروهم، والروس، إضافة إلى الدولة العثمانية التي اضطرها ضعفها في ذلك الحين إلى الاختيار بين مجموعتين من مواطنيها(20).

ولما حدثت الثورة البلشفية في روسيا عام 1917 تفكك الجيش الروسي وترك الميدان، وحل محله العصابات الأرمنية، فشن الجيش العثماني هجومًا سريعًا فتقهقرت العصابات الأرمنية على نحو فوضوي وخربوا المناطق التي كانوا يحتلونها وقتلوا مسلميها وارتكبوا الفظائع؛ فقد جاء في تقرير القائد العثماني وهيب باشا أن الأرمن قتلوا كثيرًا من المسلمين وألقوا بجثث بعضهم في الآبار، وأحرقوا جثثًا أخرى، ومثّلوا ببعض الجثث، وشقّوا بطون المسلمين في المسالخ، ومزقوا أكبادهم ورئاهم، وعُلقت النساء من شعورهن بعد أن كن عرضة لجميع الأفعال الشيطانية، وغير ذلك(21).

وبهذا نكون قد أتينا في هذه العجالة على بعض الملامح التي لا يتم التركيز عليها عادة، ونختم بقول المؤرخ الأمريكي المنصف جستن مكارثي: "هجمات الأرمن على المسلمين لم تؤخذ في الحسبان إلا ما ندر، هجمات المسلمين على الأرمن هي التي يهتمون بها فحسب، كان من السهل على المعلقين أن يصوروا المسلمين متوحشين شعروا بين فينة وأخرى بالحاجة إلى قتل المسيحيين! في الحقيقة هاجم الأرمن المسلمين تمامًا كما هاجم المسلمون الأرمن، وأحيانًا من دون استفزاز واضح أو مسوِّغ مباشر! كان ذلك أحيانًا تدفقًا لكراهية لا عقلانية!"(22).

*أفدت كثيرًا في هذا المقال من الكتاب الرائع الطرد والإبادة، لجستن مكارثي، والمراجع الأجنبية أثبتها كما هي في الكتاب المذكور، وأنصح الجميع بقراءته.

1- Muriel Ann Atkin, "The Khanates of the eastern Caucasus and the Origins of the First Russo-Iranian War" unpuplished Ph.D. dissertation, Yale University. 1978, p.7.
2- Atkin, pp.25-27.30,37. Atkin also notes pp. 19z200.
3-Atkin, p.139.
4-Atkin, p. 144. See also pp. 210, 219.
5-H.P. Pasdermadjian, 1971: 307, 309.
6-See Caucasian Battelfields, pp. 148, 149.
7-Nalbandian, p.174.
8-Charles Williams, The Armenian Campaign, London, 1878, p.280.
9-Major Kamsaragan ]sic[ (F.O. 195-1237, no. 42, Trotter to Layard, Erzeroum, 7 june 1878).
10-Turkey No. 53 (1878), no. 213, Layard to Salisbury, Therapia, 16 September 1878, in Bilal N. Simsir, British Documents on Ottoman Armenians II, Ankara, 1982. No. 92.
11-F.O. 195-1237, no. 2,Trotter to Salisbury, Erzeroom ]Erzuram[, 13 November 1878.
12-F.O. 78-3281, Marlow to Dufferin, Therapia, 28 June 1881.
13-William Langer quoted in Kamuran Gurun, The Armenian File, London, 1985, p. 128.
14- الطرد والإبادة، جستن مكارثي، ص142
15- المصدر السابق، ص194
16- ملخصًا من المصدر السابق ص198-201
17- ص201
18- ص202
19-المصدر السابق، ص203-204
20-مكارثي باختصار: ص209-212
21-نفسه ص213-215 باختصار.
22-الطرد والإبادة مصير المسلمين العثمانيين 1821-1922م، جستن مكارثي، ص53.

التصنيف: أحداث عالمية وقضايا سياسية
المصدر: فريق عمل طريق الإسلام
تاريخ النشر: 15 رجب 1435 (14‏/5‏/2014)
http://ar.islamway.net/article/29791/%D8%AD%D9%82%D9%8A%D9%82%D8%A9-%D9%85%D8%B0%D8%A8%D8%AD%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B1%D9%85%D9%86

خطاب أسد الدين
04-26-2015, 04:42 PM
محاولة الأرمن لاغتيال السلطان عبد الحميد الثاني
الكاتب : إسماعيل ياشا بتاريخ : الأحد, أبريل 19, 2015 02:07 مساء
التصنيف : المسألة الأرمنية


الحكومة العثمانية نقلت أثناء الحرب العالمية الأولى جزءاً من الأرمن من أماكن وجودهم إلى أماكن آمنة داخل حدود الدولة وأسكنتهم هناك، كإجراء وقائي تتطلبه الضرورة الحربية لتأمين سلامة القوات العثمانية وهي تخوض حرب البقاء ضد القوات الروسية. ويعرف هذا النقل بــ”تهجير الأرمن” مع أنه يذكر في الوثائق العثمانية بــ”النقل” و”الإسكان”.

الأعمال الإرهابية التي قامت بها العصابات الأرمنية لم تكن بسبب قرار التهجير، بل جاء قرار التهجير كضرورة بسبب خيانة الأرمن وإرهابهم، ولم يرحَّل الأرمن بسبب احتمال وقوع التمرد والعصيان، بل رُحِّلوا بسبب العصيان والخيانة الواقعة.

الإرهاب الأرمني بدأ قبل قرار التهجير بكثير، وبالتحديد حين رأى قادتهم فرصة لاستغلال ضعف الدولة العثمانية واقتطاع جزء من أراضيها لإقامة دولتهم بمساندة الدول الأجنبية. وكانت محاولة اغتيال السلطان عبد الحميد الثاني -رحمه الله- من أبرز أعمالهم الإرهابية الكثيرة التي قاموا بها لتحقيق أهدافهم.

القضية الأرمنية ظهرت في عهد السلطان عبد الحميد الثاني (1876-1909)، ورغم الضغوط الخارجية المتزايدة على السلطان وتدهور حالة “الرجل المريض”، لم تتحقق أهداف الأرمن في عهده لسياسته الصارمة. ويذكر عن السلطان في المشكلة الأرمنية قوله: “أفضل الموت ولا أطبق المادة الحادية والستين من معاهدة برلين التي تعطي الأرمن حكماً ذاتياً في شرقي الأناضول.”

ولهذا، كانت المنظمات الأرمنية الإرهابية ترى السلطان عبد الحميد الثاني عدواً رئيسياً للأرمن وعائقاً كبيراً أمام تحقيق آمالهم، وقررت في مؤتمر جمعية طاشناك في صوفيا سنة 1904 اغتيال السلطان مع قيام مزيد من الأعمال الإرهابية في إسطنبول وإزمير.

ورغم وصول خبر استعداد الإرهابيين الأرمن لاغتيال السلطان إلى إسطنبول من عدة طرق وتطرق الصحف الأرمنية إليه، لم يكن لدى السلطات العثمانية علم بزمن محاولة الاغتيال ومكانها.

شرع الإرهابيون الأرمن في تخطيطهم وتشكل فريق الاغتيال من كل من كريستوفر ميكائيليان وبنته روبينا فاين وقنسطنطين كابوليان وهؤلاء الثلاثة من أرمن روسيا وانضم إليهم أدوارد جوريس من بلجيكا. وهذا الأخير لم يكن من الأرمن ولكنه كان فوضوياً تأثر بأفكار هؤلاء الأرمن الفوضويين واقتنع بضرورة قتل السلطان.

تحرك الفريق أولا لمراقبة حركات السلطان عبد الحميد الثاني لتحديد أنسب وقت وطريقة للاغتيال وقرروا اغتيال السلطان في ساحة جامع يلديز بعد خروجه من صلاة الجمعة بتفجير قنبلة عند مرور موكبه. وبعد مراقبة السلطان عدة أسابيع رأوا أن وصوله من باب الجامع إلى موكبه يستغرق دقيقة واثنتين وأربعين ثانية ورأوا أن أنسب طريقة للاغتيال وضع عربة على طريق موكب السلطان فيها قنبلة موقوتة تنفجر حين مرور الموكب من جانبها وهكذا يقضون عليه.

جاء الإرهابيون الأرمن إلى ساحة جامع يلديز 21 يوليو / تموز 1905 يوم الجمعة بالعربة التي وضعوا فيها القنبلة الموقوتة لتنفيذ خطتهم الشنيعة، ولكن حدث شيء لم يكن في حسبانهم، وأراد الله أن لا يموت سلطان العثمانيين وخليفة المسلمين على أيديهم، ووقف السلطان عبد الحميد الثاني عند باب الجامع ليتحدث مع شيخ الإسلام جمال الدين أفندي عدة دقائق، وبينما هما يتحدثان انفجرت القنبلة الموقوتة واضطرب الناس وخافوا على حياة السلطان وناداهم السلطان عبد الحميد الثاني بصوت عال ليطمئنهم وهكذا خابت آمال الإرهابيين الأرمن ومن يساندهم من أعداء السلطان العثماني وذهبت جهودهم أدراج الرياح.

وسقط في الحادث 26 قتيلا و 56 جريحا وقبضت السلطات العثمانية على أدوارد جوريس وبعض المتورطين في محاولة الإغتيال ولكن البعض الآخر منهم لاذوا بالفرار إلى خارج البلاد. وكشف التحقيق مع أدوارد حوريس النقاب عن الحادث وحكم عليه بالإعدام ولكن السلطان عفا عنه وأحسن إليه واستخدمه في خدمة الدولة العثمانية.

الأرمن يحيون في 24 أبريل / نيسان من كل عام ذكرى “إبادة الأرمن”. ولكن، يا ترى، ماذا حدث في 24 أبريل / نيسان 1915؟ هل وقعت فيه مجزرة كبيرة أم اتخذ فيه قرار تهجير الأرمن؟

وزارة الداخلية العثمانية أصدرت في 24 أبريل / نيسان 1915 تعميماً لإغلاق مراكز الجمعيات الأرمنية ومصادرة أوراقها واعتقال زعماءها، وعلى هذا التعميم اعتقل في إسطنبول 235 أرمنياً وهذا هو اليوم الذي يقوم الأرمن فيه بأنشطة لذكرى “إبادة الأرمن”.

ومن الملاحظ أن اليوم الذي اختاره الأرمن لذكرى الإبادة المزعومة ليس إلا يوم اعتقل فيه عدد من رؤساء الإرهاب الأرمني ولا علاقة لذاك اليوم بعملية التهجير، لأن قرار تهجير الأرمن اتخذ في 27 مايو / أيار 1915.

خطاب أسد الدين
04-26-2015, 04:45 PM
موقف الدولة العثمانية من أحداث الأرمن
الكاتب : الناشر بتاريخ : الجمعة, أبريل 24, 2015 03:59 مساءً. التصنيف : المسألة الأرمنية
محمد زاهد جول – الجزيرة نت

تضغط بعض المحافل الدولية على الحكومة التركية وفق أسلوبين متناقضين، أحدهما يسعى لإبعاد تركيا عن الاتحاد الأوروبي باتهامها بالانتهاكات الكبيرة وأنها لا تعترف بها.

وينطلق هؤلاء من اعتبار أن ذلك لا يساعد على تحقيق الاستقرار بين الدول الأوروبية الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، لأن إحداها وفق هذا المنطق لا تعترف بحقوق الدولة الأخرى، وعليه تجب مطالبة تركيا بالاعتراف بالمزاعم الأرمنية حتى لو لم تكن صادقة.

أما الأسلوب الآخر فهو إصدار البرلمان الأوروبي قرارا غير ملزم لأعضائه يتضمن الاعتراف بالمزاعم الأرمنية على أنها إبادة، وبالتالي وضع عراقيل حقيقية أمام الحكومة التركية تحول دون دخولها الاتحاد الأوروبي، بحجة أن تركيا لا تعترف بما وافقت عليه أغلبية أصوات البرلمانيين الأوروبيين، خاصة أن تصويت البرلمان الأوروبي بعد دعم هذه المزاعم الأرمنية من قبل بابا الفاتيكان فرانسيس بالإبادة دون الاعتماد على تحقيق تاريخي ولا قانوني، قبولا لمزاعم طرف ورفضا لسماع صوت الطرف الآخر يؤكد أن تصويت البرلمان الأوروبي وتصريحات بابا الفاتيكان خطوتان في مشروع سياسي يراد منه إبعاد تركيا المسلمة عن الاتحاد الأوربي ولو بتهم كاذبة.

ومن المضحك المحزن في آن أن يقول “أنطونيو تاجاني” نائب رئيس البرلمان الأوروبي، وهو يطالب البرلمان الأوروبي بإصدار قرار إدانة للجمهورية التركية بأنها ارتكبت جريمة إبادة ضد الأرمن عام 1915، قبل أيام “نحن لا نعاقب تركيا الحالية، وإنما نعاقب تركيا التي كانت قبل 100 عام”. وذلك في تصريحات أدلى بها تاجاني حول مزاعم الإبادة التي عرض لها الأرمن عام 1915 في عهد الدولة العثمانية في مرحلة الحرب العالمية الأولى.

وقيل إن تاجاني دعا كل أعضاء الاتحاد الأوروبي إلى الاعتراف بأحداث 1915 المتعلقة بالأرمن على أنها “إبادة جماعية” من خلال مشروع قرار قدم إلى البرلمان الأوروبي، وتم إقراره بالتصويت عليه برفع الأيدي، أي أنه اخترع طريقة قانونية جديدة في إثبات المجازر والمذابح والإبادات على طريقة رفع الأصابع، وهذه سخرية لا تليق بحجم الدعوى، ولا تحترم تلك المآسي وآلامها التاريخية، وفيها إدانة للأرمن والأتراك والمسلمين أن ينظر إلى قضاياهم بهذه السخرية، فتعرض قضاياهم على التصويت دون علم ولا معرفة ولا تحقيق علمي تاريخي.

ولكن لا شك أن هذه الطريقة المضحكة في فهم المسؤولية التاريخية وطريقة إثبات الجرائم الجديدة برفع الأيدي ودون الحاجة إلى المحاكم والقضاة ولا المؤرخين المختصين، يشير إلى أن المسألة الأرمنية اليوم وفي المحافل الأوروبية السياسية والكنسية هي مسألة سياسية، وليست مسألة محاكم عادلة لما جرى من أحداث عام 1915، وإلا فمن الأولى أن تستجيب الحكومة الأرمنية لمطالب الحكومة التركية منذ عشر سنوات بتشكيل لجان مختصة للتحقيق بالمذابح التي وقعت عام 1915 نحو الأرمن.

وكان من الأولى أيضا أن يكون قرار البرلمان الأوروبي التأكيد على المطلب التركي بضرورة توثيق ما حصل قبل إصدار أي قرار، والمطالبة بمعرفة الأسباب التي دفعت الحكومة العثمانية آنذاك إلى إصدار قرار نقل الأرمن من الأماكن التي جرت فيها هذه المذابح إلى أماكن أخرى مثل سوريا وهي داخل الدولة العثمانية أكثر أمنا للأرمنيين، بعد أن تسببوا بأنفسهم في نشوب هذه المذابح بينهم وبين مواطنين عثمانيين آخرين، سواء كانوا من المواطنين العثمانيين أو من الشرطة العثمانية، التي كانت تفصل بين المواطنين الذين تعرضوا لاعتداءات وعمليات قتل من عصابات أرمنية كانت تهاجم العثمانيين لصالح دول أجنبية، كانت جيوشها تحقق انتصارات في بداية الحرب العالمية الأولى، فتورطوا بالاعتداء على إخوتهم العثمانيين ظلما وبغيا.

فإحدى الرسائل المحفوظة في الأرشيف العثماني مرسلة من العاملين في تلك الأماكن إلى وزارة الداخلية بتاريخ 7 مارس/آذار 1915 وتقول إن 30 ألف رجل مسلم في ولايتي قارس وأرداهان شرقي تركيا قتلهم المتمردون الأرمن، كما حذرت الرسالة من أن جنودا أرمنا في الجيش العثماني يرفضون القتال ضد العدو، ويتعمدون أن يذهبوا أسرى لدى العدو ليُسربوا له المعلومات، وبعض الدراسات التاريخية تؤكد مقتل 519 ألفا من العثمانيين في تلك الاضطرابات الأمنية التي لم تحدث لأسباب قومية ولا دينية، حسب الوثائق الموجودة لدى الأرشيف العثماني والأرمني والعالمي أيضا.

إن أسباب وقوع تلك الأحداث المؤسفة تعلمها الحكومة الأرمنية، ولذلك ترفض الاحتكام إلى محاكم تاريخية ولجان مختصة تحقق في مثل هذه المزاعم في العالم أجمع، وهذا الرفض من الدولة الأرمنية لتشكيل لجان قانونية ومن مؤرخين مختصين للتحقيق بتلك الأحداث ليس الأول من نوعه، فقد رفضت دول أوروبية أخرى المشاركة في التحقيق بتلك الأحداث إبان وقوعها، حيث كانت قد دعت إليها الدولة العثمانية في مارس/آذار 1919، أي بعد أربع سنوات من تلك المزاعم.

فقد أظهرت الوثائق أن الدولة العثمانية طلبت من كل من هولندا وسويسرا والدانمارك وإسبانيا إرسال اثنين من القضاة إلى اللجنة التي أسستها الدولة للتحقيق في الأحداث الواقعة في العام 1915، وكشف الضباط الذين استغلوا وظيفتهم في تهجير الأرمن، ولكن هذه الدول رفضت المشاركة بالتحقيق، وأعلنت رفضها الانضمام إلى اللجنة في بيان ينص على أن المشاركة في هذه اللجنة لا تناسب مصلحتها وهي غير ضرورية لها.

هذه الوثائق التاريخية تؤكد أن اضطرابات تلك الأحداث وجدت صدى في أخبار ذلك الزمان، أي قبل مائة عام، وأن الدولة العثمانية لم تعمل على إخفاء شيء من الحقيقة، بدليل أنها طالبت بفتح تحقيق دولي فيها، ودعت عددا من الدول الأوروبية لتشارك فيها وترسل محققين من قبلها، ليطلعوا بأنفسهم على مجريات التحقيق وسماع الشهود الذين كانوا أحياء من جميع الأطراف، وليعاينوا الأماكن التي حرقت ودمرت، ومن الذي بدأ بتلك الأحداث عندما ظنوا أن المحتل الأجنبي يمكن أن يمنحهم أوسمة ومكافآت على خروجهم على دولتهم العثمانية.

بيد أن رفض الدول الأوروبية للتحقيق يتكرر، مع فارق أن الدول الأولى التي عاصرت تلك الأحداث كانت على معرفة بحقيقة الأحداث فلم تورط نفسها بجهد لا طائل منه، بينما الدول الأوروبية المعاصرة تريد استغلال المزاعم الأرمنية في أجندة سياسية، وبهدف الإساءة للدولة التركية والأمة والحضارة التي تنتمي إليها، وبهدف توتير العلاقات داخل المجتمع التركي قبل الانتخابات البرلمانية في 7 يونيو/حزيران القادم، ومن المرجح أن يفوز بها حزب العدالة والتنمية المستهدف من هذه الحملة الغربية، ولكن الشعب التركي سوف يحسن الرد في هذه الانتخابات وغيرها.

خطاب أسد الدين
04-26-2015, 04:47 PM
منشأ الصراعات الداخلية الكبرى في المجتمع العثماني
الكاتب : محمد شعبان صوان بتاريخ : السبت, مارس 7, 2015 08:28 مساءً.
التصنيف : مقالات

الأمير عبد القادر ينقذ المسيحيين من أحداث الفتنة 1860
لا يصلح الختم الإسلامي للمصادقة على فتن الاستئصال الجارية باسم الإسلام اليوم والتي يتخذ منها الغرب المجرم ذريعة لتشويه صورة مازالت حقيقته الاستئصالية في العالم كله أقبح منها بمراحل، ذلك أن حكم الإسلام امتد في بلادنا 1300 سنة لم تسد فيها المشاهد الدموية الحالية رغم فترات التوتر والفتن التي لا ننكرها والتي يذكرنا بعضها كالصراع العثماني-الصفوي الذي تخللته الدماء من الجانبين بكون السياسة الطارئة هي التي سفكت الدماء، وليست العقيدة الحاضرة دائماً في ظروف مختلفة عن المشهد الدامي الذي يحاول البعض استغلاله لدعايات سياسية تخفي ما تشاء وتضخم ما تشاء بعيداً عن الحقائق العلمية لخدمة هذا الطرف أو ذاك مما يؤدي في النهاية إلى حجب الأنظار عن الرؤية الحقيقية لتاريخنا الطويل وإدامة أوضاع التبعية التي لم نر منها خيراً منذ زرع الغرب دولة التجزئة في بلادنا على أنقاض الخلافة الجامعة، ذلك أنه رغم مشاهد الآلام الطارئة في تاريخنا فقد ظلت المكونات العديدة في بلادنا حية ومتجاورة حتى جاء الغرب ليعيرنا بتنوعنا ويصدر إلينا بضاعته الانفصالية والطائفية والإبادية، وكل من يتصور أنه يطبق حكم الإسلام بهذه الممارسات ما عليه إلا إلقاء نظرة على المشرق حين كان يحكم الإسلام ويزدهر الجميع بدرجات متفاوتة في ظله، ويقارن ذلك بمشهد الغرب حيث سادت إبادة السكان الأصليين والأقليات والهويات الفرعية وشن حروب عالمية وصلت حصيلتها جميعاً مئات الملايين من الضحايا، ليعلم في النهاية أنه يستورد بضاعة الغرب ويدخلها مصنع تزوير البيانات ليكتب عليها (صناعة إسلامية) بدلاً من الختم الأصلي (صنع في الغرب) Made in the West.

الأسباب الغربية للصراعات الطائفية والدينية والقومية الدموية في المجتمع الإسلامي
يقول المؤرخ الأمريكي المختص في التاريخ العثماني دونالد كواترت(1941-2011) إن الإمبراطورية العثمانية كانت عبر تاريخها تستوعب قوميات كثيرة وطوائف دينية مختلفة، وكانت هذه الطوائف تعيش في وئام وتتعاون في شتى الأمور، وإن الصراعات التي نشأت في القرنين التاسع عشر والعشرين بين الأتراك وكل من الأرمن واليونانيين والأكراد بالإضافة إلى الصراع على فلسطين، لم تكن لتنشأ لولا ظروف تاريخية معينة جرت حديثاً ولم تكن وليدة أحقاد تاريخية قديمة متأصلة كما يفترض البعض، وبالرغم من الكثير من الأفكار المغلوطة عن طبيعة التعايش بين الطوائف المختلفة في الدولة العثمانية، لا يمكن إنكار أن العلاقات بين مختلف الأقوام والأقليات كانت علاقات جيدة نسبياً، وما من شك أن الأقليات الخاضعة للحكم العثماني كانت تتمتع بحقوق وبحماية أكثر من تلك الأقليات التي تعيش في الممالك الأخرى مثل فرنسا أو امبراطورية الهابسبورغ (النمسا-المجر)، وإن تدهور علاقات الطوائف في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر سببه تسلط الرأسمالية الغربية من جهة وتدخل الدول الكبرى في الشئون الداخلية للدولة العثمانية، ومن سخريات التاريخ أن بريطانيا وفرنسا أذكتا نار الكراهية العربية للحكم العثماني ثم اتخذتا من هذه الكراهية التي صنعتاها ذريعة أخلاقية لتفكيك الدولة العثمانية[1].

حوادث الشام
كانت فتنة 1840 امتداداً لثورة الشعب في سوريا بدعم عثماني وبريطاني على حكم إبراهيم باشا الذي فرض التجنيد الإجباري على الناس، ولم يكن بوسع نزع السلاح الشامل، الذي تقرر بشكل جد متأخر (1840)، أن يوقف الانتفاضة، إذ تدخل الدول العظمى اللعبة الطائفية، ويصبح قناصلها محركين حتميين للأزمة: فرنسا والنمسا في صف الكاثوليك، روسيا في صف الأرثوذكس، بريطانيا في صف الدروز، ودعاية الأب الفرنسي ريبو تشجع المسيحيين على الثورة ضد الدروز وتؤجج النار، وعندما تحاول الدولة العثمانية تجنب صدامات جديدة وتصوغ مشروعاً يفصل بين المتقاتلين ويعين قائمقامين ماروني ودرزي لهما سلطة على أتباعهما دون سلطة على الأرض، تعترض أوروبا لأن ذلك يتعارض مع مفهومها السياسي، وتوصي بتقسيم لبنان إلى وحدتين إداريتين يحكم كل منهما قائمقام له سلطة على كل سكان منطقته بغض النظر عن الدين، فكان ذلك “تنظيماً رسمياً للحرب الأهلية في البلد” وفقاً للمؤرخ اللبناني كمال الصليبي والمؤرخين فيليب فارج ويوسف كرباج[2].

وعن فتنة 1858-1860 التي شهدت حرباً أهلية ومذابح في الشام بين المسلمين والمسيحيين والدروز يقول المؤرخ الأمريكي زاكري كارابل إن سنة 1860 في دمشق حيث ذُبح المسيحيون كانت شذوذاً عن قاعدة التاريخ الإسلامي وسبب هذا الشذوذ هو الغرب الذي تجاوز حدوده، أكثر من كون السبب هو العلاقات الإسلامية المسيحية الداخلية، وحتى في زمن حروب الفرنجة حين سادت نظرة الشك للمسيحيين واليهود في الشام لم تحدث مجازر مشابهة لما حدث سنة 1860، وكان الذي تغير منذ تلك الفترات السحيقة وجود الغرب على الساحة وتدخله المتزايد في شئون المشرق الداخلية مما جعل أحداث الثأر حصيلة حتمية، ومع ذلك قامت الدولة العثمانية باسترداد النظام واستعادة ما يشبه الوئام القديم[3].

الأحداث الأرمنية
وعن القضية الأرمنية يقول المؤرخ الأمريكي جستن مكارثي إن الاستعمار الروسي والتطفل الأوروبي والعصبية الثورية الأرمنية بالإضافة إلى الضعف العثماني يشتركون في مسئولية ما حاق بالمنطقة من خراب ودمار زمن الحرب الكبرى الأولى (1914 وما بعدها) ويرى أن الحوادث الأرمنية كانت جزءاً من صراع كبير وعملية تاريخية واسعة قُتل فيها من المسلمين خمسة ملايين ونصف وهُجر خمسة ملايين من البلقان والقوقاز وجنوب روسيا في القرن الواقع بين سنتي 1821-1922 ، وفي الوقت الذي عرف العالم كله معاناة الأرمن فإن معاناة المسلمين التي لا تقل عنها ظلت طي الكتمان وبحاجة إلى مراجعة تاريخية، وكما قُتل الكثير من الأرمن فقد قتل الأرمن كثيراً من المسلمين، ويوزع مسئولية الوفيات الأرمنية في قوافل الترحيل، بين العثمانيين (الاتحاديين) والروس والثوريين الأرمن وأنصارهم[4].

أما المؤرخ جيرمي سولت فيوثق دور التبشير الأمريكي والإنسانية البريطانية في خلق المسألة الأرمنية ، وينقل عن أحد المبشرين قوله إنه لو تركت أوروبا الأرمن مع الأتراك لكان أفضل من إثارتهم ثم إحباطهم ، كما ينقل عن المستشرق والعميل البريطاني إيفن فامبري قوله إن دور بريطانيا في إثارة الخلافات والأحقاد بين عناصر الدولة العثمانية لا ينكره إلا الأعمى[5].

ويقول في كتابه “تفتيت الشرق الأوسط: تاريخ الاضطرابات التي يثيرها الغرب في العالم العربي” بعد أن يورد تقديرات المؤرخين لعدد الضحايا الأرمن في الحرب الكبرى الأولى 1914-1918 (حوالي 800 ألف على الأكثر) بعيداً عن المبالغات التي وصلت إلى مليون ونصف:”ويجب أن توضع هذه الأرقام في إطار مجموع المدنيين العثمانيين الذين قضوا، وهو من ثلاثة إلى أربعة ملايين، وعادت الجيوش العثمانية (بعد الحرب) إلى الهياكل الفارغة للمدن والبلدات والقرى المدمرة والأنقاض والجثث المبعثرة بينها، وإلى كل إشارة أو رمز للوجود المسلم العثماني فيها، كالمساجد والمدارس والمقابر وتكايا الصوفيين والأسواق وبنايات الحكومة، دُمرت كلها، وفي منطقة كانت فيها ، مثلاً، غالبية السكان من المسلمين، كان ضحايا الحرب المسلمون، تبعاً لذلك، من الأكراد في المناطق الشرقية والجنوبية الشرقية، وهذه النقطة ترسم خطاً عريضاً يبرز المظهر الكردي المهمَل بالنسبة للمسألة الأرمنية”[6].
أما المؤرخان شو فيوضحان دور الدعاية الروسية التي طورت واستعملت القضية الأرمنية “بمهارة كبيرة” في الوقت الذي لم تكن فيه روسيا سعيدة بالاستقلال الأرمني في الدولة العثمانية لأنه سيثير الأرمن وبقية القوميات عندها وكانت تفضل إثارة الاضطرابات فقط للعثمانيين، وفي هذا الصراع الطويل استغل الروس والأوروبيون الأرمن-الذين لقبهم التاريخ العثماني بالأمة الصادقة- لإثارة المشاكل للدولة العثمانية والمطالبة بوطن مستقل على رقعة واسعة لا يؤلفون فيها أغلبية، ولم تتورط الأغلبية منهم في تأييد هذا المشروع وأحجمت عن مناصرة الثوريين [7]،رد أقطاب الإتحاد والترقي على التمرد الأرمني بعصبية قومية مقابلة كما يصف المؤرخ كواترت الوضع[8]، وليس من العدل أن تتحمل الخلافة الإسلامية جريرة العصبيات القومية كالمجازر الأرمنية (1915)، بعدما كان الوئام سائداً إلى درجة أن لُقب الأرمن في التاريخ العثماني بالأمة المخلصة، أو كالطرد السكاني التركي-اليوناني المتبادل (1923) بعدما كان السلطان العثماني هو خليفة امبراطور بيزنطة لدى اليونانيين، أو كالصراع العربي-التركي (1916) بعدما كانت منزلة العرب في الدولة العثمانية هي منزلة “الأمة النجيبة”، وهي الصراعات التي اجتاحت الخلافة نفسها وعصفت بها وبالعالم الإسلامي في النهاية.

فتن البلقان
وعن فتن البلقان العثماني يقول المؤرخ كارابل نفسه إن هذه المنطقة طالما اضطرب توازنها بسبب القوى الأوروبية، التي كانت تعامل تلك الشعوب كأدوات رهان جاهزة للاستخدام والتضحية[9]،ويفند كواترت وجود دافع يتعلق بتردي الأحوال الاقتصادية في الولايات البلقانية العثمانية لدى الحركات الانفصالية ، والتي كانت تحركها عوامل خارجية روسية وأوروبية يهمها إثارة الاضطرابات للعثمانيين كما كان الأمر في الحالة الأرمنية، ويؤكد هذا المؤرخ أن بلاد البلقان كانت تنعم بازدهار اقتصادي عشية انفصالها عن الدولة العثمانية وما لبثت بعد استقلالها أن ساءت أوضاعها المعيشية بطريقة أصبحت معها في حالة أسوأ مما كانت عليه قبل استقلالها[10].

الحل العلماني زاد طينة التدخل الغربي بللاً
لم يكن الحل العلماني الذي طرحته دولة التجزئة التي قامت على أنقاض الدولة العثمانية شافياً من الأمراض التي أوجدتها التدخلات الغربية في الشئون العثمانية الداخلية، بل يمكننا ملاحظة أن الدولة القومية والوطنية كانت امتداداً سلبياً ومرَضياً لتلك التدخلات، فالقومية الطورانية والعلمانية الخجولة لجمعية الاتحاد والترقي أفضت إلى الكارثة الأرمنية(1915) والتي تبعها إخلاء الأناضول من الوجود المسيحي الأرمني واليوناني على يد الجمهورية الكمالية العلمانية المتشددة، وبهذا قضت طورانية الاتحاديين وعلمانية الكماليين في غضون عشر سنوات (1914-1924) على نسيج فسيفسائي عاش قروناً في ظل الإسلام، ولا يجوز هنا إغفال الدور الغربي المشبوه في إثارة النعرات واستهداف المسلمين من قبل الأطراف الأخرى، ولكن ما تجب الإشارة إليه أن رد الفعل العثماني على تلك الحوادث لم يكن بفداحة ردود الفعل القومية المتعصبة والعلمانية الاستئصالية اللتين كانتا في النهاية من البذور الغربية التي شقت الصفوف ودمرت الانسجام.

أثر الفتن الغربية على المجتمع الإسلامي العثماني
ففي القرن التاسع عشر حين كان الغرب يمر بالثورة العلمية، كانت الخلافة العثمانية في آخر أيامها، وتقوم بإصلاحات تغريبية تمهد للعلمانية التي “سوف تمحو الجماعة المسيحية نهائياً في القرن العشرين” بعدما كان صدى الحركات القومية يجتاح الطوائف المسيحية واليهودية بل وشعوب الامبراطورية، ورغم الثورة اليونانية بدعم غربي واضح يؤدي لانفصال اليونان عن الخلافة، فقد استمر صعود الأقليات داخل الدولة العثمانية، فمن 8% هي نسبة المسيحيين في الأناضول في القرن السادس عشر، تصل النسبة إلى 12% سنة 1831 عشية استقلال اليونان (1830)، ويستمر الصعود رغم ذلك لتصل الجماعة سنة 1881 إلى 21%، أي أن تزايد المسيحيين أسرع من تزايد المسلمين في دولتهم، وكانت الجزية أقل فداحة من تأثير الحروب التي تصيب المسلمين المجندين أساساً، وفرص الحراك الاجتماعي أوسع لدى المسيحيين واليهود البعيدين عن “العبوديات العسكرية”[11].
ويلاحظ المؤرخ نيكولاس دومانيس ملاحظة مهمة وهي أنه وسط الفتن التي عصفت بالمجتمع الإسلامي في القرن التاسع عشر وأدت إلى تهجير 5-7 ملايين مسلم من روسيا واضطرابات دموية في لبنان سنة 1860 وحوادث أرمنية بلغت ذروتها في مجازر 1915 وصراعات عنيفة في جزيرة كريت بين 1841-1908 ، ظلت الغالبية العظمى من العثمانيين المسلمين والمسيحيين واليهود تتعايش في سلام، بل إننا نجد أرمن اسطنبول وإزمير يعيشون في سلام في نفس الفترة التي قُتل فيها إخوانهم على يد حكومة الاتحاد والترقي في مجازر 1915-1916 في مسرح العمليات العسكرية أثناء الحرب الكبرى الأولى[12] ، وهو ما يشير إلى عدم تأصل العداوات العرقية حتى في زمن الأزمات، ولهذا نجد الدولة العثمانية وقد أصبحت ملجأ لمسيحيي البلقان وشرق أوروبا الباحثين عن ملاذ ديني أو سياسي في ظاهرة يصفها كواترت بالمدهشة كما كانت ملجأ للمسلمين المضطهدين[13] ، ومن خصائص هذا العصر أيضا المدن الساحلية النابضة بالحياة في شرق المتوسط والتي احتوت عناصر من جميع أنحاء العالم ومن مختلف الأديان تفاعلت وازدهرت، كما أن معظم اليونانيين والأرمن في الأناضول كانوا في وضع سيؤدي إلى خسارة كبرى لو تدهورت العلاقات الاجتماعية بين الطوائف، ولهذا لم يكن هؤلاء مرحبين بالأفكار القومية الانفصالية[14]، وظلت غالبية الأرمن الساحقة مستمرة في رغبتها في البقاء داخل الدولة العثمانية حتى اندلاع الحرب الكبرى[15] ، وقد أدى القضاء على الدولة العثمانية إلى زوال واحدة من أكثر الدول التعددية استمراراً واستقراراً في التاريخ[16].

وآثار الفتن نفسها على الدولة العلمانية القومية
ولكن النزعات القومية والأوهام عن أعداد الأقليات وانتشارها تؤدي إلى الشرخ القومي داخل المجتمع الإسلامي، وسوف يدفع ثلاثة ملايين مسيحي ثمن تصادم القوميات وميلاد تركيا الحديثة وتقلبات السياسات الغربية الأمريكية والفرنسية والبريطانية التي تخلت عنهم بعد القيام بإثارتهم، والروسية التي تبدل وجهها بعد الثورة البلشفية، ودفع اليونانيون على وجه الخصوص ثمن طموحات الحكومة اليونانية الزائدة عن الحد والمدعومة بقوات الحلفاء بعد الحرب الكبرى الأولى، ورغم الأفول الذي تعرض له اليونانيون لصالح الأرمن في اسطنبول والأناضول بعد استقلال اليونان (1830)، فإنهم استمروا في الدولة العثمانية لقرن بعد ذلك وفضلوا ازدهارهم فيها على حريتهم في اليونان، بل سنجد هجرة من اليونان إلى دولة الخلافة تعزز مواقعهم حيث كان القادة العثمانيون يريدون الحفاظ على البنية متعددة القوميات، أما مصطفى كمال أتاتورك فكان أقل كرماً، وفي سبيل تحقيق التجانس القومي الذي لم تستطع جمعية الاتحاد والترقي تحقيقه تم الطرد السكاني المتبادل بين اليونان وتركيا (1923)، والذي لم يكن طرد يونانيين من تركيا وأتراك من اليونان بل طرد أتراك مسيحيين من تركيا ويونانيين مسلمين من اليونان، واستمر نزيف اليونانيين وبقية الأقليات من تركيا، ومنها الجماعة العربية المسيحية بعد المنحة الفرنسية (الاسكندرونة) لتركيا عشية الحرب الكبرى الثانية، لمدة عشرات السنين بعد سنة 1923 في ظل الإجراءات الاقتصادية المتحيزة والحملات الصحفية العنصرية، “وبدلاً من تحقيق السكينة لآخر الباقين من الأقليات ، التي اعتادت على مدار عدة قرون على الاستقلال الذاتي الإداري والديني في ظل نظام الملل، أدت العلمانية إلى تشديد هشاشة وضعهم”، ومع إلغاء الخلافة الإسلامية يُطرد البطريرك اليوناني الأرثوذكسي المقيم في اسطنبول، وتُغلق الجمعية الأدبية اليونانية والمدارس اليونانية، أو يعين عليها مدراء ومدرسون أتراك[17].

“ومن بين جميع الكوارث التي ميزت تاريخ الجماعة المسيحية في بلاد الإسلام منذ الهجرة (النبوية)، فإن السنوات العشر التي اختفت خلالها الجاليتان الأرمنية واليونانية من تركيا، بين عامي 1914 و 1924، كانت الأكثر جسامة، إن التكلفة البشرية ، 3 مليون نسمة، والمذبحة والمفاجأة غير المتوقعة، قد قطعت بشكل حاسم مسار التاريخ الإسلامي، والمفارقة الأولى هي أن اختفاء المسيحيين يخالف التطورات التي ترتسم معالمها، فالواقع أنه قد حدث في ظل نظامين عصريين، نظام جماعة تركيا الفتاة والنظام الكمالي، اللذين كانا مفعمين بالروح العلمانية (وهناك من جادل بأن قادة الاتحاد والترقي كانوا من الملحدين وأن معركتهم مع المسيحيين كانت قومية لا إسلامية)، واللذين شكلا بديلاً راديكالياً لسلطة أضفت الشرعية على الإسلام، ولم يكن هناك ما يسمح في اتجاهات ديموغرافيا المسيحيين بالتنبؤ باختفائهم…والمفارقة الثانية هي أن الإسلام الظافر كان يتفاخر بحياة مشتركة مع المسيحيين واليهود، أما إسلام زمن الانحطاط…فإنه يكبتهم….لا مراء في أنها (الإمبراطورية) قد قدمت بنية فريدة قادرة على ضمان السلم الأهلي، وقد استفادت من ذلك ديمغرافية الطوائف المسيحية واليهودية، وقد شهدت نمواً طبيعياً أكثر ارتفاعاً بفضل نظام الملل….وكان المسيحيون ضحايا لإفقار الشعب التركي، كما كانوا، بلا مراء، ضحايا المشاعر المتناقضة التي حفزها لدى هذا الشعب النموذج الغربي”[18].

“والحال أن السلطان، الذي يخضع جماعات سكانية مسيحية متزايدة العدد بلا توقف، لا يجبرها على التحول إلى اعتناق الإسلام، بل يشركها في السلطة، وسوف يكفي عقد واحد، بين عامي 1914 و 1924، حتى تتوصل الدولة العلمانية المولودة من حطام الإمبراطورية إلى تدمير هذا البنيان لحساب أمة تركية ومسلمة فقط، إن ألف سنة من التاريخ المتعدد الطوائف سوف يجري محوها في عشر سنوات”[19]، وسوف تلجأ السلطة العلمانية إلى أساطير النقاء العرقي[20] ، والتي يرفضها الإسلام رفضاً قاطعاً، لتبرير مواقفها الاستئصالية على عادة الأنظمة العلمانية الشاملة كالنازية والفاشية والصهيونية.

ولم يعد في تصور الأجيال اللاحقة أن الأناضول الحالي كان لمدة قرون عثمانية مساحة متنوعة من الطوائف المتعددة ذات الأعداد الضخمة التي تتخلل المسلمين في وسطهم وليس على حدودهم، وظلت كذلك إلى زمن قريب جداً[21]، على عكس الانفراد المسلم الذي أوجدته العلمانية، وهو انفراد اتخذ الهوية التركية على حساب الوجود الكردي أيضاً والذي سحقته بدموية تلك العلمانية بحجة الانسجام القومي للمساحة التي خصصت للأتراك بعد تنازل مصطفى كمال أتاتورك عن الأملاك العثمانية للدول العظمى في اتفاقية لوزان 1923، هذا بالإضافة إلى الوجود العربي المسيحي في الاسكندرونة والذي سيرحل لصالح الانسجام الديني والقومي في تركيا العلمانية[22]، بل يطال الاضطهاد الوجود اليهودي الذي ظل معفياً من الملاحقة زمناً طويلاً[23].

وسنجد أن الحل العلماني الاستئصالي الغربي يؤدي إلى كارثة سكانية أخرى في فلسطين حين أنشئت الدولة اليهودية على حساب أهل فلسطين من المسلمين والمسيحيين الذين رحلوا عن بلادهم إلى شتات عالمي نتيجة تفرد السيادة اليهودية بفلسطين على عكس الوضع الذي كان قائماً عندما كانت سيادة المسلمين هي المهيمنة على هذا البلد وهو حال وصفه أحد المؤرخين بالتآخي العثماني إلى مطلع القرن العشرين[24]، ومازال النزيف السكاني العربي قائماً في فلسطين في ظل صمت غربي واضح عن “حماية” المسيحيين الذين كانوا الذريعة التي تتحجج بها الدول الغربية للتدخل في شئون العثمانيين وذلك لو أحس مسيحي بمجرد صداع أو أصيب بزكام، والمسيحيون اليوم يتعرضون لكل أنواع الاضطهاد في فلسطين والغرب لا يحرك ساكناً “لحمايتهم”، وسنرى أن الحل الذي رسمته العلمانية الفرنسية للبنان الطائفي هو المفضي إلى الحروب الأهلية التي ألصقت فيما سبق بالدولة العثمانية زوراً ولكنها لم تتوقف بعد رحيل العثمانيين وفي ظل هيمنة المفاهيم الفرنسية، كما وجدنا المجازر الطائفية والقومية تجتاح دولة التجزئة في عدة أماكن من البلاد العربية العلمانية مع وجود أصابع أجنبية جلية تتلاعب بالمصائر، وليس من العجيب أن يؤدي المفهوم العلماني إلى هذه الكوارث الدموية، وهي على كل حال نماذج مصغرة للإبادات الجماعية التي اقترفتها العلمانية الغربية الشاملة في الأمريكتين وأستراليا ومواقع متفرقة أخرى من العالم.

مصيبة العثمانيين كانت في تسامحهم لا في وحشيتهم
بل إن المؤرخ الأمريكي جستن مكارثي يعزو مصائب القتل والترحيل التي حلت بالعثمانيين في القوقاز والبلقان وأماكن أخرى في القرن التاسع عشر ونتج عنها مقتل أكثر من خمسة ملايين مسلم وتهجير خمسة ملايين أيضاً إلى تسامح العثمانيين الأوائل مع الأقليات وسكان البلاد التي فتحوها:”كانت إحدى أفضل ميزات التقليد العثماني في الحكم التسامح مع التنوع العرقي والديني، ولكن كان يمكن أمة مطبّعة بطابع تركي أن تكون أكثر أماناً وأن تعطي الأمم الأوروبية ذرائع أقل للتدخل”،”إذ لو كان الأتراك في أيام قوتهم قوميين من النوع اليوناني، لكان المسيحيون هم الذين طُردوا تاركين وراءهم أراضي كانت تركية مسلمة بكل معنى الكلمة، بدلاً من ذلك، عانى العثمانيون وبقي المسيحيون، كثيراً ما كانوا يعاملون المسيحيين معاملة حسنة، وفي أحيان كثيرة على نحو رديء، لكنهم سمحوا لهم بأن يستمروا بالبقاء وأن يحافظوا على لغاتهم وتقاليدهم ودياناتهم، كانوا على حق حين فعلوا ذلك، لكن لو أن أتراك القرن الخامس عشر لم يكونوا متسامحين، لبقي أتراك القرن التاسع عشر على قيد الحياة في بيوتهم”[25].

المسألة اليهودية تلخص حالنا مع نكران الغرب لجميل المسلمين
لم يكن استخدام الغرب للأقليات المسيحية هو جزاء سنمار الوحيد الذي قوبل به الجميل العثماني، ولعل المسألة اليهودية مثال أوضح من الأقليات المسيحية على نكران الغرب للجميل واستخدامه أقلية طالما غمرها جميل العثمانيين، في الوقت الذي تنكرت لليهود كل أوروبا، في طعن الأمة التي آوتهم ونصرتهم بدلاً من الاعتراف بجميلها، ليصبح المسلمون في نهاية المطاف هم “الإرهابيين” و”الهمجيين” و”المتخلفين” و”الدمويين” الذين يمارس اليهود ضدهم كل الجرائم التي يعرفها الجنس البشري من إبادة وتهجير وسلب ونهب وتعذيب وحصار وتفريق واعتقال وإنكار أبسط حقوق الأحياء، جزاء لجميل الإيواء الذي قام به المسلمون في زمن الضيق اليهودي سواء بعد سقوط غرناطة أم بعد ذلك بثلاثة قرون في زمن صعود معاداة اليهود في فرنسا الجمهورية وروسيا القيصرية[26].

يقول المؤرخ كارابل:”لقد كان اليهود في العالم العثماني على دراية كافية كم كان من الأفضل لهم العيش في سالونيكا، أو اسطنبول، أو إزمير، من العيش في أي مكان من أوروبا تقريباً”[27]، وكان كل ما قدمه الغرب واليهود في المقابل هو الشكر النظري الذي يناقض التنكر العملي، فقد قام رئيس الكيان الصهيوني سنة 1992 بزيارة إلى تركيا لحضور احتفالات الذكرى الخمسمائة لقبول الدولة العثمانية إيواء اليهود النازحين من إسبانيا بعد سقوط غرناطة، وفي هذه الزيارة عرض الرئيس الصهيوني شريط فيديو على المدعوين إلى المناسبة يتضمن خطاباً للرئيس الأمريكي جورج بوش الأب يشير فيه إلى ترحاب العثمانيين بقدوم اللاجئين اليهود من إسبانيا ومازالوا يعيشون بسلام منذ خمسة قرون في تركيا وهو مثال لحياة المسلمين واليهود، ويعقب الأستاذ وديع أبو زيدون متسائلاً:”لماذا لا يعيش المسلمون واليهود في سلام عادل في فلسطين الآن بعد أن سيطرت أمريكا على العالم وبإمكانها فعل شيء مشابه لما فعلته الدولة الإسلامية العثمانية والدولة التركية العلمانية الآن!!؟”[28].

والإجابة واضحة: الدولة العثمانية تصرفت وفق الخلق الإسلامي، والعالم الغربي يتصرف وفق الاستئصال العلماني الذي طال قبلنا الملايين من السكان الأصليين في بقاع عديدة من العالم، اليهود كانوا يعيشون بسلام في ظل سيادة المسلمين، والمسلمون يعيشون في بلاء في ظل سيادة اليهود، وهذه إجابة جلية عمن يجب أن تكون له السيادة، وما يحدث لنا نموذج مصغر لما حدث في الأمريكتين وأستراليا، وشتان بين فعلنا وأفعالهم، ولم يكن جميل العثمانيين مع أقلية يناظر جميلهم مع اليهود في ساعة المحنة، ومع ذلك لم يتنكر أحد كما تنكر الصهاينة للمسلمين الذين مثلتهم الدولة العثمانية، فأين نرجو العدل في الأحكام من الغرب بعد ذلك؟ ولهذا يحسن عدم الالتفات للتهم التي يغرقوننا بها صبح مساء، وفي نفس الوقت ملاحظة أنه في الوقت الذي تجسد الدولة العثمانية انحطاط الإسلام لدى الغربيين، فإنها تمثل لمسيحيي المشرق “زمن النهوض الذي ولّى الآن، أما اليهود فإنهم لم ينسوا حسن الضيافة الذي تكرر مرتين….وبعد ثلاثة أرباع قرن من سقوط الإمبراطورية العثمانية، تجد مدافعين عنها في الشرق العربي: إن مسيحيين ويهوداً ما زالوا يرون في الكيمياء السحرية الإمبراطورية الفرصة الوحيدة للتعددية الطائفية، فهي تفصل وضعية الأشخاص عن وضعية الأرض”[29].

شهادة مسيحية عربية بعد سقوط الدولة العثمانية عن تبعات التدخلات الأجنبية
في دراسته عن المسيحيين في العصر العثماني الثاني(القرن السابع عشر) يقتبس الأب الإيطالي فينسنزو بودجي من كتاب حبيب أبي شهلا بمناسبة إلغاء الامتيازات الأجنبية في البلاد العربية، العثمانية سابقاً، الذي طبع سنة 1924 ، والذي جاء فيه العرض التاريخي المختصر الآتي:”عندما وصل الأجانب إلى المشرق حصلوا على الوضع القانوني عينه الذي كان يتمتع به المسيحيون من أبناء البلاد، ما نريد أن نلفت النظر إليه هو أن أحوال مسيحيي الشرق القانونية (في ظل الدولة الإسلامية) لم تكن أبداً ثمرة التدخل الأجنبي كما يعتقد هؤلاء المسيحيون.إذ لا يعود الفضل في تمتعهم بحرية الدين والعبادة إلى طيبة القوى العظمى ونفوذها في الشرق كما توهمنا هذه الأخيرة خلافاً للأحداث التاريخية. إذ لا يسع الأجانب وصف أنفسهم كأبطال لقضية نبيلة ما أحسنوا الدفاع عنها وحسب، لا بل استغلوها…وينبغي الاعتراف بأن الحماية الأجنبية ليست إلا كذبة، فهي لم تسفر يوماً عن نتائج حميدة، فهل استطاعت تفادي المجازر الفظيعة؟…بالعكس، حصد المسيحيون المجازر والاعتداءات والكراهية التي زرعتها وأرادتها القوى العظمى (لأن الهزائم المسيحية كانت”أداة توسع قوي” الدول العظمى)[30]، وكانت النتيجة عكس ما كنا نتوقع، فقد اتسع الشرخ بين المسلمين والمسيحيين، وكان من مصلحة هؤلاء أن يتحدوا ويتعاضدوا للدفاع عن إرثهم المشترك”[31].

أحكام “شرعية” ضد الدولة الإسلامية
إن كل من يحاول تغيير مسار ذلك التاريخ الطويل من الانسجام أو تجاوزه يساعد في تنفيذ المخطط الغربي الذي بدأ منذ القرن الثامن عشر كما سبق ذكره، وإن زعم أنه يطبق حكم الإسلام ، تماماً كما ساعد أنصار فكرة الخلافة العربية الدول الاستعمارية في تفكيك الخلافة العثمانية وقدموا بلادهم لقمة سائغة للاحتلال الأجنبي والتجزئة القُطرية، وكل ذلك كان انطلاقاً من حجة تطبيق حكم الإسلام أيضاً.

المحاكم الإسلامية كانت ملجأ لغير المسلمين وليست مسلخاً لهم
يذكر عدة مؤرخين أن محاكم الدولة الإسلامية في صيغتها العثمانية كانت ملجأ يجد فيه غير المسلمين العدل الذي يفتقدونه في شرائعهم التي أقرهم المسلمون عليها، فيذكر المؤرخ زاكري كارابل مثلاً “وفي بعض الأحيان، كان المسيحيون أو اليهود ، يحاولون حسم خلافاتهم الداخلية في محكمة عثمانية عندما كانوا يعتقدون أن الشرع الإسلامي يقدم لهم حكماً أكثر ملاءمة، ولطالما حاول المسيحيون تثبيت طلاقهم قانونياً في محكمة إسلامية؛ لأن شروط الطلاق تحت حكم الشريعة الإسلامية تبقى أقل تصلباً، إن الكاثوليك بوجه الخصوص يتميزون بتشدد موقفهم تجاه فكرة الطلاق، بينما المسلمون عموماً أكثر مرونة، فلذلك كان كل من رجال المسيحيين ونسائهم يلتمسون من المحاكم الإسلامية المعونة، وهناك بعض الحالات عندما كان الزوج أو الزوجة في حاجة ماسة للتملص من زواج فاشل، كانا يتحولان إلى الإسلام فقط من أجل التخلص من شريك حياة مزعج، وكذلك فإن الطوائف المسيحية المختلفة، التي كانت في حال نزاع بين بعضها لأكثر من ألف سنة، كانت غالباً ما تحمل نزاعاتها إلى المحاكم الإسلامية بسبب أن العداوة المتبادلة كانت تمنعهم من احترام شرائع الآخرين وعاداتهم”[32].

ويتحدث المؤرخ دونالد كواترت عن الظاهرة نفسها فيقول إن “المحاكم الإسلامية الشرعية كانت في كثير من الأحيان تمنح المسيحيين واليهود حقوقاً لا تتوافر في المحاكم المذهبية لهاتين الطائفتين، لذلك كان العثمانيون غير المسلمين يلجئون من حين لآخر إلى المحاكم الشرعية لإنصافهم علماً بأنهم لم يكونوا ملزمين بذلك، والجدير بالذكر أن المسيحيين كانوا كثيراً ما يلجئون إلى المحاكم الإسلامية في القضايا الإرثية وذلك لأن الشرع الإسلامي يضمن الحقوق لجميع أفراد الأسرة والأقارب، لذلك كان المسيحيون واليهود الذين يخشون حرمانهم من حقوقهم الإرثية يلجئون إلى الشرع الإسلامي لإنصافهم، لاسيما وأن الشرع الإسلامي كان يمنح الزوجة التي توفي زوجها نصيباً أكبر من الميراث عما يمنحه لها القانون الكنسي، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى كان بمقدور الشابة الذمية التي يرغمها أهلها على الزواج من شخص لا تريده أن تلجأ إلى المحاكم الشرعية لمنع عقد مثل هذا الزواج، إذ أن الشرع الإسلامي يشترط موافقة المرأة المعنية في هذه الحال”[33]، وسنجد المؤرخ البريطاني يوجين روجان يؤكد هذا الأمر أيضاً ويقول إن اللجوء إلى المحاكم الإسلامية كان خيار الكثير من المسيحيين واليهود لإقامة الدعاوي وتسجيل الصفقات رغم تمتعهم بحق تسوية خلافاتهم في محاكمهم الخاصة[34].

الاستنتاج
الحديث السابق لم يستهدف توضيح أحوال غير المسلمين في المجتمع الإسلامي العثماني، بل كان عن أسباب التوترات التي عصفت بهذا المجتمع وتبين أنه تعرض مثل كثير من مجتمعات العالم غير الغربي إلى قُطاع الطرق الحضارية من الغربيين الذين استغلوا قوتهم وهيمنتهم في تمزيق هذه المجتمعات وليس في نشر نموذجهم الحضاري وضم الآخرين إليه، على العكس من النموذج الإسلامي عموماً والعثماني خصوصاً حيث قام أصحاب المشروع الحضاري باستيعاب المجتمعات التي دخلوها فاتحين، وبضم أعدائهم السابقين إلى نموذجهم لاسيما بعد زوال الخطر العسكري من قبلهم[35]وهو حال أدى في الغرب إلى تهميش السكان الأصليين بعد تحقيق الانتصار عليهم كما حدث في الأمريكتين وأستراليا وفلسطين، والجزائر وجنوب إفريقيا وكل المستعمرات قبل هزيمة الاستعمار، في الوقت الذي حرص فيه المسلمون على الاختلاط بالسكان المحليين وعدم الانعزال عنهم[36]، وكسب مشاركتهم في الفتوح [37] وفي الإدارة وعلى أعلى المستويات[38]ولكنهم لم يجبروهم على اعتناق الإسلام والذي تم بشكل تدريجي طويل وصل إلى ألف عام[39]، باستثناء بعض حوادث الإكراه المعزولة[40]، حتى اندمج الجميع وأصبحوا متشابهين مع الفاتحين القلة من العرب الأوائل والأتراك[41]، ومن رفض الاندماج بالدين الجديد لم يفته الازدهار والنمو[42]، وإن ليس بصورة متواصلة[43]، ووجدنا العصر العثماني يتقدم عما قبله من الامبراطوريات الإسلامية [44]بل يعطي فرصاً للمسيحيين لم تكن لهم في العصر البيزنطي الذي سبقه[45]والذي أحياه العثمانيون بصيغة جديدة تكفل استمرار بيزنطة ولكن بصيغة إسلامية جديدة[46]، وهي مواصفات عجز الغرب عن تحقيقها مع الغالبية العظمى ممن حكمهم حيثما اتجهت فتوحاته.

وضمن هذا العرض تعرضنا بشكل جانبي لطبيعة المجتمع العثماني ونموذجه الجامع الذي ضم فسيفساء متنوعة من الاختلافات العرقية والدينية والثقافية، خلافاً للمجتمعات الغربية التي استأصلت التنوعات داخلها، ومن يحاول تكرار تلك التجارب الاستئصالية الغربية بستار إسلامي لن ينجح في أسلمة هذه الممارسة التي سبق للغرب أن احتكرها بالإبادات الجماعية العالمية والتي تبدو الممارسات الحالية إلى جانبها نوعاً من المزاح الثقيل.
وإن حديث التاريخ يختلف عن حديث الفقه والدعوة لأنه لا يقتصر على التنظير بل يتكلم عما (كان) فعلاً وليس عما (يجب أن يكون) فقط، وعندما يتطابق ما (كان) مع ما (يجب أن يكون) فإن ذلك يتجاوز الاعتراضات التي تقال بحسن نية أو سوئها: هذا الكلام مثالي ونظري ولا يوجد إلا في الكتب، فثبوت التطبيق التاريخي يؤكد لجميع المتشككين أن الحل ممكن وليس خيالياً، وأن ما كان يقال في كتاب الفقه، وجد طريقه للتطبيق العملي في حياة الناس ولم يعد مقتصراً على النظريات وحدها، وهو تراث فقهي وتاريخي ثري يمكننا بسهولة أن نبني عليه تطوراً مستقبلياً أفضل مما نغرق فيه اليوم من نتائج الواردات الغربية.

الهوامش
________________________________________

[1] -دونالد كواترت، الدولة العثمانية 1700-1922، مكتبة العبيكان، الرياض، 2004، ترجمة: أيمن أرمنازي، ص 305-307 و 335.
[2] -فيليب فارج ويوسف كرباج، المسيحيون واليهود في التاريخ الإسلامي العربي والتركي، المركز القومي للترجمة، القاهرة، 2011، ترجمة: بشير السباعي، ص 145.
[3] -زاكري كارابل، أهل الكتاب: التاريخ المنسي لعلاقة الإسلام بالغرب، دار الكتاب العربي، بيروت، 2010، ترجمة: د. أحمد إيبش، ص267-268.
[4] -جستن مكارثي، الطرد والإبادة مصير المسلمين العثمانيين (1821-1922)، قدمس للنشر والتوزيع، دمشق، 2005، ترجمة: فريد غزي، ص 19-24 و191 و212 و 257.
[5] -Jeremy Salt, Imperialism, Evangelism, and the Ottoman Armenians 1878-1896, Frank Cass, London, 1993, pp. 154-155.
[6] -د. جيرمي سولت، تفتيت الشرق الأوسط: تاريخ الاضطرابات التي يثيرها الغرب في العالم العربي، دار النفائس، دمشق، 2011، ترجمة: د. نبيل صبحي الطويل، ص 89.
[7] -Stanford J. Shaw & Ezel Kural Shaw, History of the Ottoman Empire and Modern Turkey, Vol. II, Cambridge University Press, 2002, pp. 188, 200-205.
[8] -دونالد كواترت، ص 327.
[9] -زاكري كارابل، ص 302.
[10] -دونالد كواترت، ص142.
[11] -فيليب فارج ويوسف كرباج، ص 192-194.
[12] -دونالد كواترت، ص 328.
[13] -خليل إينالجيك (تحرير)، التاريخ الاقتصادي والاجتماعي للدولة العثمانية، دار المدار الإسلامي، بيروت، 2007، ترجمة: د. قاسم عبده قاسم، ج2ص 537.
[14] -Robert Aldrich (Ed), The Age of Empires, Thames & Hudson, London, 2007, pp.41-42.
[15] -دونالد كواترات ، ص 333.
[16] -Robert Aldrich, p. 43.
[17] -فيليب فارج ويوسف كرباج ، ص 196-202 .
[18] -نفس المرجع ، ص 202-203 و229.
[19] -نفس المرجع ، ص 178.
[20] -نفس المرجع ، ص 179-182 و226.
[21] -نفس المرجع ، ص 178.
[22] -نفس المرجع ، ص 229.
[23] -نفس المرجع ، ص 201.
[24] -Michelle U. Campos, Ottoman Brothers: Muslims, Christians, and Jews in Early Twentieth-Century Palestine, Stanford University Press, Stanford-California, 2011.
[25] -جستن مكارثي، ص36-37و298-299.
[26] -فيليب فارج ويوسف كرباج، ص 132.
[27] -زاكري كارابل، ص 221.
[28] -وديع أبو زيدون، تاريخ الإمبراطورية العثمانية من التأسيس إلى السقوط، الأهلية للنشر والتوزيع، عمّان،2003 ، ص 357.
[29] -فيليب فارج ويوسف كرباج، ص 131-132.
[30] -نفس المرجع ، ص 146.
[31] -حبيب بدر وسعاد سليم وجوزيف أبو نهرا (تحرير)، المسيحية عبر تاريخها في المشرق، مجلس كنائس الشرق الأوسط، بيروت، 2002 ، ص 660.
[32] -زاكري كارابل ، ص 220-221.
[33] -دونالد كواترت، ص 312.
[34] -يوجين روجان، العرب من الفتوحات العثمانية إلى الحاضر، كلمات عربية للترجمة والنشر، القاهرة، 2011 ، ترجمة: محمد إبراهيم الجندي، ص 42.
[35] -فيليب فارج ويوسف كرباج، ص 179 و 186.
[36] -نفس المرجع، ص 183 و 235.
[37] -نفس المرجع، ص 182 و 186.
[38] -نفس المرجع ، ص 189.
[39] -نفس المرجع ، ص 135.
[40] -نفس المرجع ، ص 135.
[41] -نفس المرجع ، ص 235.
[42] -نفس المرجع ، ص 131-229.
[43] -نفس المرجع ، ص 137.
[44] -نفس المرجع ، ص 133 و 136 و 178 و 187.
[45] -نفس المرجع ، ص 186.
[46] -نفس المرجع، ص 132 و 181.

خطاب أسد الدين
04-26-2015, 05:27 PM
باحث أكاديمي: الوثائق تؤكد قتل العصابات الأرمنية 519 ألف مسلم تركي
الكاتب : الناشر بتاريخ : الأربعاء, أبريل 22, 2015 12:44 مساء
التصنيف : المسألة الأرمنية
باحث أكاديمي: الوثائق تؤكد قتل العصابات الأرمنية 519 ألف مسلم تركي

أكد مدير مركز دراسة العلاقات التركية الأرمنية في جامعة أتاتورك بولاية أرضروم، الأستاذ “إيرول كوركجي أوغلو”، أن العصابات الأرمنية قتلت 519 ألف مسلم تركي، مشيرا أن من تعرض لمجازر جماعية في الواقع هم الأتراك، في معرض تعليقه على أحداث عام 1915 التي جرت في منطقة الأناضول إبان الحكم، العثماني، و”الإبادة الجماعية” المزعومة بحق الأرمن.

وجاء ذلك في تصريحات أدلى بها كوركجي أوغلو لوكالة الأناضول التركية بولاية أرضروم شرقي تركيا، حيث قال أن ما ارتكبته العصابات الأرمنية، من مجازر لا يتعلق بالحرب العالمية الأولى، بل كان استهدافا مباشرا للمدنيين.

وتمكنت الدراسات من احصاء 185 مقبرة جماعية في مناطق شرق وجنوب شرقي الأناضول، وأن الرقم المذكور للضحايا وارد ضمن وثيقة أرشيفية، بحسب الباحث، الذي أوضح أن العصابات قتلت 50 ألفا في أرضروم، و45 ألفا في “وان”، و17 ألفا في قارص، و15 ألفا في إغدير، و13 ألفا في أرزنجان، ومئات الآلاف في مناطق أخرى.

وذكر كوركجي أوغلو، أن الجانب التركي، قدم تقريرا خلال مؤتمر باريس عام 1919، يظهر مقتل 519 ألف شخص على يد العصابات الأرمنية، ويستعرض اسماء القرى والبلدات، والمناطق التي شهدت المجازر، مشيرا أن ولاية أرضروم تاتي في مقدمة المناطق من حيث عدد الضحايا، حسب المعطيات المتوفرة.

وذكر مدير مركز الأبحاث أنه بحث في الأرشيف الروسي، وتوصل إلى أدلة تثبت ضلوع العصابات الأرمنية في مجازر جماعية بحق الأتراك، مستشهدا بمذكرات المقدم “تويردو خليبوف”، والبرقيات التي ارسلها، عندما كان قائد فرقة المدفعية الثانية الروسية في ولاية أرضروم، إبان الاحتلال الروسي للمنطقة.

ونقل كوركجي أوغلوعن الضابط الروسي قوله:” في ليلة 27 شباط/فبراير، جاء إليّ الأرمن، وأعلنوا بفخر قتلهم 3 آلاف مسلم تركي في منطة قارص قابي، وعندما قلت لهم إن قتل المدنيين العزل عمل وحشي، قالوا لي، أنتم روس، لاتستطيعون فهم مثاليات الشعب الأرمني”، منوها أن الضابط الروسي أعرب عن حزنه لذلك.

وأردف الباحث، أن خليبوف بعث برقية طلب فيها إعفاءه من وظيفته في أرضروم، وقال فيها:” أعفونا من وظيفتنا بأرضروم، لا يمكننا البقاء متفرجين على قيام العصابات الأرمنية بقتل الأتراك الأبرياء”.

وأكد الباحث أن المشكلة الأرمنية، ليس مشكلة العالم التركي وحسب، بل هي مشكلة دولية، تعني كافة الدول الامبريالية التي لها مطامع ومصالح في الشرق الأوسط والقوقاز. حسب تعبيره.

وكانت الدول الغربية وعلى رأسها فرنسا، وعدت المتطرفين الأرمن، بمنحهم دولة ووطنًا قوميًا في الأناضول أثناء حربهم ضد الدولة العثمانية في الحرب العالمية الأولى، كما حاربوا إلى جوار الروس ضد القوات العثمانية التي كانت تسعى إلى مساعدة مسلمي القوقاز ممن تعرضوا في غالبيتهم إلى التهجير.

وقامت العصابات الأرمنية في الأناضول بتنفيذ عمليات قتل جماعي، وإبادة ممنهجة ضد القرى المسلمة (التركية والكردية) جنوب وجنوب شرقي الأناضول، مستهدفين بذلك الأطفال والشيوخ والنساء، حيث كان الرجال والشباب من تلك القرى يحاربون في عدة جبهات خارجية إبان الحرب العالمية الأولى، ما دفع السلطات العثمانية إلى تهجير الأرمن اضطراريًا، ونقلهم إلى أماكن أخرى ضمن أراضي الدولة العثمانية (سوريا، لبنان، العراق)، تجنبًا لاحتمالات وقوع حرب أهلية وعمليات ثأر.

http://www.ottomanarchives.info/2015/04/22/%D8%A8%D8%A7%D8%AD%D8%AB-%D8%A3%D9%83%D8%A7%D8%AF%D9%8A%D9%85%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D9%88%D8%AB%D8%A7%D8%A6%D9%82-%D8%AA%D8%A4%D9%83%D8%AF-%D9%82%D8%AA%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B5%D8%A7%D8%A8%D8%A7/

خطاب أسد الدين
04-26-2015, 05:30 PM
باحث أكاديمي: الوثائق تؤكد قتل العصابات الأرمنية 519 ألف مسلم تركي
الكاتب : الناشر بتاريخ : الأربعاء, أبريل 22, 2015 12:44 مساء
التصنيف : المسألة الأرمنية
باحث أكاديمي: الوثائق تؤكد قتل العصابات الأرمنية 519 ألف مسلم تركي

أكد مدير مركز دراسة العلاقات التركية الأرمنية في جامعة أتاتورك بولاية أرضروم، الأستاذ “إيرول كوركجي أوغلو”، أن العصابات الأرمنية قتلت 519 ألف مسلم تركي، مشيرا أن من تعرض لمجازر جماعية في الواقع هم الأتراك، في معرض تعليقه على أحداث عام 1915 التي جرت في منطقة الأناضول إبان الحكم، العثماني، و”الإبادة الجماعية” المزعومة بحق الأرمن.

وجاء ذلك في تصريحات أدلى بها كوركجي أوغلو لوكالة الأناضول التركية بولاية أرضروم شرقي تركيا، حيث قال أن ما ارتكبته العصابات الأرمنية، من مجازر لا يتعلق بالحرب العالمية الأولى، بل كان استهدافا مباشرا للمدنيين.

وتمكنت الدراسات من احصاء 185 مقبرة جماعية في مناطق شرق وجنوب شرقي الأناضول، وأن الرقم المذكور للضحايا وارد ضمن وثيقة أرشيفية، بحسب الباحث، الذي أوضح أن العصابات قتلت 50 ألفا في أرضروم، و45 ألفا في “وان”، و17 ألفا في قارص، و15 ألفا في إغدير، و13 ألفا في أرزنجان، ومئات الآلاف في مناطق أخرى.

وذكر كوركجي أوغلو، أن الجانب التركي، قدم تقريرا خلال مؤتمر باريس عام 1919، يظهر مقتل 519 ألف شخص على يد العصابات الأرمنية، ويستعرض اسماء القرى والبلدات، والمناطق التي شهدت المجازر، مشيرا أن ولاية أرضروم تاتي في مقدمة المناطق من حيث عدد الضحايا، حسب المعطيات المتوفرة.

وذكر مدير مركز الأبحاث أنه بحث في الأرشيف الروسي، وتوصل إلى أدلة تثبت ضلوع العصابات الأرمنية في مجازر جماعية بحق الأتراك، مستشهدا بمذكرات المقدم “تويردو خليبوف”، والبرقيات التي ارسلها، عندما كان قائد فرقة المدفعية الثانية الروسية في ولاية أرضروم، إبان الاحتلال الروسي للمنطقة.

ونقل كوركجي أوغلوعن الضابط الروسي قوله:” في ليلة 27 شباط/فبراير، جاء إليّ الأرمن، وأعلنوا بفخر قتلهم 3 آلاف مسلم تركي في منطة قارص قابي، وعندما قلت لهم إن قتل المدنيين العزل عمل وحشي، قالوا لي، أنتم روس، لاتستطيعون فهم مثاليات الشعب الأرمني”، منوها أن الضابط الروسي أعرب عن حزنه لذلك.

وأردف الباحث، أن خليبوف بعث برقية طلب فيها إعفاءه من وظيفته في أرضروم، وقال فيها:” أعفونا من وظيفتنا بأرضروم، لا يمكننا البقاء متفرجين على قيام العصابات الأرمنية بقتل الأتراك الأبرياء”.

وأكد الباحث أن المشكلة الأرمنية، ليس مشكلة العالم التركي وحسب، بل هي مشكلة دولية، تعني كافة الدول الامبريالية التي لها مطامع ومصالح في الشرق الأوسط والقوقاز. حسب تعبيره.

وكانت الدول الغربية وعلى رأسها فرنسا، وعدت المتطرفين الأرمن، بمنحهم دولة ووطنًا قوميًا في الأناضول أثناء حربهم ضد الدولة العثمانية في الحرب العالمية الأولى، كما حاربوا إلى جوار الروس ضد القوات العثمانية التي كانت تسعى إلى مساعدة مسلمي القوقاز ممن تعرضوا في غالبيتهم إلى التهجير.

وقامت العصابات الأرمنية في الأناضول بتنفيذ عمليات قتل جماعي، وإبادة ممنهجة ضد القرى المسلمة (التركية والكردية) جنوب وجنوب شرقي الأناضول، مستهدفين بذلك الأطفال والشيوخ والنساء، حيث كان الرجال والشباب من تلك القرى يحاربون في عدة جبهات خارجية إبان الحرب العالمية الأولى، ما دفع السلطات العثمانية إلى تهجير الأرمن اضطراريًا، ونقلهم إلى أماكن أخرى ضمن أراضي الدولة العثمانية (سوريا، لبنان، العراق)، تجنبًا لاحتمالات وقوع حرب أهلية وعمليات ثأر.

http://www.ottomanarchives.info/2015/04/22/%D8%A8%D8%A7%D8%AD%D8%AB-%D8%A3%D9%83%D8%A7%D8%AF%D9%8A%D9%85%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D9%88%D8%AB%D8%A7%D8%A6%D9%82-%D8%AA%D8%A4%D9%83%D8%AF-%D9%82%D8%AA%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B5%D8%A7%D8%A8%D8%A7/

خطاب أسد الدين
04-26-2015, 05:35 PM
روفيسور تركي: الأرمن يحاولون التغطية على جرائم كبيرة ارتكبوها بحق المسلمين
الكاتب : الناشر بتاريخ : الأربعاء, أبريل 22, 2015 12:56 مساءً. التصنيف : المسألة الأرمنية

بروفيسور تركي: الأرمن يحاولون التغطية على جرائم كبيرة ارتكبوها بحق المسلمين

أكد مدير مركز دراسة العلاقات التركية الأرمنية في جامعة أتاتورك بولاية أرضروم، البروفسور التركي “إيرول كوركجي أوغلو” أن الأرمن يحاولون بمزاعمهم التي يطلقونها بشأن أحداث 1915، التغطية على الجرائم التي ارتكبوها بحق أطفال ونساء والمسلمين خلال الحرب العالمية الأولى.

وجاء ذلك في تصريحات أدلى بها كوركجي أوغلو لوكالة الأناضول التركية في أرضروم، حيث أفاد بأن الدولة العثمانية وجدت نفسها مضطرة لإصدار قانون “الترحيل والإسكان” بحق المجموعات التي ارتكبت مجازر تجاه أطفال ونساء المسلمين من سكان المناطق الشرقية.

وأوضح بأن الأرمن ارتكبوا المجازر في الوقت الذي كان فيه شباب ورجال تلك المناطق يخوضون حربا مصيرية على سبع جبهات خلال الحرب العالمية الأولى، وقال: “يحاولون خلط الأوراق وتضليل الرأي العام العالمي بشكل مستمر للتغطية على الجرائم والمجازر التي اقترفوها وذلك من خلال الضغط على البرلمان الأوروبي لجعله يعترف بتلك المزاعم”.

وبيّن البروفسور أن حكومة الدولة العثمانية أغلقت في 24 نيسان/ أبريل من عام 1915 جمعيات أرمنية كجمعية “الطاشناق” و”الهنشاق” و”الرامغافار” وقامت باعتقال 235 من زعمائهم ليوقفوا حالة الاضطراب في المدن والمناطق الشرقية التي كانوا يتواجدون فيها. وقال: “لقد ارتكبوا مجازر بحق جيرانهم المسلمين وقصدوا قتل النساء والاطفال وكبار السن”.

وأضاف: “إنهم يعملون على تحريف الحقائق التاريخية من أجل اخفاء الجرائم التي ارتكبوها هم والذين يساندونهم ويقفون خلفهم حيال هذه القضايا. وهم يعلمون بأننا نمتلك وثائق وصوراً تثبت صحة ما نقوله، ويعلمون أن الدول العثمانية اضطرت لاتخاذ قرار إداري يهدف لتأمين وحماية المواطنين الذين يتعرضون للقتل والمذابح الجماعية. الأمر الذي دفعها لإرسال تلك المجموعات إلى منطقة أخرى داخل الدولة العثمانية وهي سوريا وإسكانهم هناك في 27 أيار/ مايو.

وتابع قائلا: “لم يكن قرار الترحيل والإسكان الذي صدر وقتها، يتضمن أبعاداً دينية أو قومية بل كان يهدف لإبعاد العصابات التي تسببت بأضرار في المدن والقرى المسلمة وتأمين أرواح وشرف وممتلكات المواطنين”.

والجدير بالذكر أن الأرمن يطلقون بين الحين والآخر نداءات تدعو إلى تحميل تركيا مسؤولية مزاعمهم المتمحورة حول تعرض الأرمن خلال الحرب العالمية الأولى في الأناضول لعملية إبادة جماعية على يد الدولة العثمانية حسب تعبيرهم.

وكانت تركيا وما تزال تقدم اقتراحات منذ سنين تدعوا لتشكيل لجنة من المؤرخين الأتراك والأرمن لدراسة الأرشيف المتعلق بتلك بالأحداث المذكورة والموجودة لدى تركيا وأرمينيا والدول الأخرى التي لها علاقة بالأحداث، لعرض النتائج بشكل حيادي على الرأي العام العالمي، إلا أن أرمينيا ترفض دائماً هذا الاقتراح وتقول بأن القضية غير قابلة للنقاش
http://www.ottomanarchives.info/2015/04/22/%D8%A8%D8%B1%D9%88%D9%81%D9%8A%D8%B3%D9%88%D8%B1-%D8%AA%D8%B1%D9%83%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B1%D9%85%D9%86-%D9%8A%D8%AD%D8%A7%D9%88%D9%84%D9%88%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%BA%D8%B7%D9%8A%D8%A9/



بالصور: تركيا تنشر وثائق الأرشيف العثماني المتعلقة بأحداث

http://www.ottomanarchives.info/2015/04/22/%D8%A8%D8%A7%D9%84%D8%B5%D9%88%D8%B1-%D8%AA%D8%B1%D9%83%D9%8A%D8%A7-%D8%AA%D9%86%D8%B4%D8%B1-%D9%88%D8%AB%D8%A7%D8%A6%D9%82-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B1%D8%B4%D9%8A%D9%81-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%AB%D9%85/


أقارب ضحايا مجازر نفذها الأرمن يروون شهاداتهم للأناضول
http://www.ottomanarchives.info/2015/04/22/3585/


قرويون أتراك يزورون مقابر أجدادهم ضحايا العصابات الأرمنية في أحداث 1915
http://www.ottomanarchives.info/2015/04/22/%D9%82%D8%B1%D9%88%D9%8A%D9%88%D9%86-%D8%A3%D8%AA%D8%B1%D8%A7%D9%83-%D9%8A%D8%B2%D9%88%D8%B1%D9%88%D9%86-%D9%85%D9%82%D8%A7%D8%A8%D8%B1-%D8%A3%D8%AC%D8%AF%D8%A7%D8%AF%D9%87%D9%85-%D8%B6%D8%AD%D8%A7/



الفاتيكان ومن يتحمل مسؤولية المجازر الأرمنية
http://www.ottomanarchives.info/2015/04/22/%D8%A7%D9%84%D9%81%D8%A7%D8%AA%D9%8A%D9%83%D8%A7%D 9%86-%D9%88%D9%85%D9%86-%D9%8A%D8%AA%D8%AD%D9%85%D9%84-%D9%85%D8%B3%D8%A4%D9%88%D9%84%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AC%D8%A7%D8%B2%D8%B1-%D8%A7/

محمد زاهد جول – القدس العربي

تأتي في هذه الأيام الذكرى المئوية للمجازر التي تعرض لها الكثير من القوميات والإثنيات والطوائف العثمانية، إبان الحرب العالمية الأولى، فما من قومية عثمانية إلا وتعرضت لعمليات القتل والاضطهاد من القوميات الأخرى، أو انها خاضت معارك استقلال للانفصال عن الدولة العثمانية قبل انهيارها عام 1924. والمقصود بالقوميات العثمانية كل المكونات القومية والشعوب التي كانت تحمل الجنسية العثمانية، بمن فيهم العرب والأرمن والشركس والكرد والأتراك والبلقانيين والشيشان وغيرهم، وهم يبلغون أكثر من أربعين قومية وإثنية، كانت جميعها تتشارك في تابعيتها للخلافة العثمانـــية، وكل هذه القوميات والاثنيات كانت لها من الحقوق المتساوية ما عليها من الواجبات بحكم أنها جزء من الدولة العثمانية، فلم تكن الدولة العثمانية دولة تركية فقط، بل كان الأتراك أحد عناصر القوميات العثمانية، ولم تكن حدود الدولة التركية الحالية هي حدود الدولة العثمانية، بل كانت تشمل معظم الوطن العربي وأجزاء من دول البلقان وغيرها.

وعند محاولة إلغاء الخلافة العثمانية، لم يكن الأتراك وحدهم من يسعى لوراثة الدولة العثمانية فقط، فقد قامت المشاريع السياسية لإقامة الخلافة العربية في الحجاز، من شريف مكة الحسين بن علي، وكانت محاولة أخرى في مصر في العهد الملكي قبل النظام الجمهوري، وبالأخص من الملك فاروق، حيث سعى لإعلان الخلافة، كوريث شرعي للخلافة العثمانية بعد التأكد من الغائها من قبل الجمهورية التركية الأتاتوركية، وكذلك قامت مساع لإقامة الخلافة في الهند، ولكن كل هذه المحاولات لوراثة الخلافة العثمانية لم تنجح، ولو نجحت إحداها لكانت أولى الدول بتحمل حقوق وواجبات الخلافة العثمانية، لأنها ستعتبر نفسها امتدادا للخلافة الإسلامية منذ الخلافة الراشدة ثم الأموية والعباسية والعثمانية، ولذلك لم يستطع خلفاء بني عثمان إعلان أنفسهم خلفاء إلا بعد تنازل آخر الخلفاء العباسيين عند دخول العثمانيين للقاهرة.

من هنا فإن الجمهورية التركية لا يحق لها أن تدعي منفردة بوراثة حقوق الدولة العثمانية، ولا تحمل الواجبات التي تناط بالدولة الوريثة من الناحية الشرعية، لأنها دولة جمهورية قامت على أنقاض الدولة العثمانية، كما قام العديد من الدول العربية على انقاض تلك الدولة في البلاد العربية وغيرها، فإذا ما كان هناك من حقوق للدولة العثمانية قبل انهيارها فإن هذه الحقوق هي لكل المسلمين وغير المسلمين، الذين كانوا ينتمون إلى الدولة العثمانية، فلو وجد من وراثة فليست حقاً لأحد مكونات الدولة العثمانية إطلاقاً، وهذا الأمر ينطبق على ما ينبغي على الدولة العثمانية أن تتحمله من مسؤوليات تاريخية أو قانونية على علاقاتها الدولية، أو ما قامت بها من إجراءات ألحقت الضرر بأحد القوميات التي كانت من مكونات تلك الدولة أو في أراضيها الجغرافية.

من هنا فمن غير المنطقي لأحد أن يطالب الجمهورية التركية تحمل مسؤوليات الدولة العثمانية وحدها، بل هي تتحمل من المسؤولية جزءا منه بقدر نسبة دورها في تكوين الدولة العلية العثمانية، وتتحمل باقي القوميات والشعوب الأخرى الجزء نفسه الذي كانت تمثله، ويمكن اعتماد عدد النوب في مجلس المبعوثان الأخير كمؤشر على دور تلك القوميات لتلك المسؤوليات، لذلك فإن كل المطالب الأرمنية للاعتراف بالمجازر أو بالإبادة العثمانية من قبل الجمهورية التركية المعاصرة وحدها، هو مطلب في غير محله، لأن الدولة التركية الجمهورية ليست وحدها من كان يشكل الدولة العثمانية، وإنما كل القوميات الأربعين أو الخمسين أو أكثر، فقد يكون الجندي الذي أطلق النار على الأرمني جنديا كرديا او شركسيا أو لبنانيا أو سوريا أو عراقيا أو مصريا أو تركيا أو بلقانيا أو من غيرهم، فإذا قيل بأنهم كانوا جميعا جنودا للدولة العثمانية، فهذا صحيح، وبذلك يتحمل المسؤولية كل القوميات التي كانت مكونة للدولة العثمانية، لأن الدولة العثمانية لم تكن دولة تركية فقط اطلاقاً، بل كانت دولة كل القوميات الإسلامية وغير الاسلامية التي كانت تشكلها. فإذا كانت الحقوق التي يسعى لها الأرمن هي حقوق مادية من الأراضي والكنائس والممتلكات التي لا تزال موجودة في الجمهورية التركية، فهي قضايا تفصل فيها المحاكم التركية وغير التركية أيضاً، فإذا ما أثبت أي أرمني أن له حقاً في القرية الفلانية وأن اجداده كانوا يملكون تلك الأرض او المزرعة او المصنع، فإن ما يقدمه من إثباتات سوف تحكم له بهذا الحق، ولا تملك الحكومة التركية رفض هذه الحقوق المادية، وكذلك لو وجدت هذه الممتلكات خارج حدود الجمهورية التركية، فإن كل دولة كانت من مخلفات الدولة العثمانية بعد الغائها تؤدي ما عليها من حقوق.

وأما الحقوق المعنوية فلا بد من إثبات أن تلك المجازر كانت تستهدف القومية الأرمنية لأسباب دينية أو قومية وليس لأسباب حقوقية أو جرمية، فقد ثبت أن بعض الأرمن شاركوا بعملية اغتيال للسلطان عبدالحميد الثاني، وأن بعضهم شاركوا القوات الإنكليزية الغازية للدولة العثمانية في ذلك الـــوقت، أي أن إعدامهم كان لأسباب قانونــــية بسبب خيانتهم لدولتهم ومحاربتهم إلى جانب أعداء دولتهم، وهذه المحاكمات لا بد من مراجعتها من الناحية الحقوقية والتاريخية، وليس بقراءة سياسية معاصرة تمارس إسقاط أفكار العصر على ما وقع قبل مئة عام، ولو حصل إثبات ان أولئك المعدومين كانوا أبرياء، فالأمر في رد الحقوق عائد لأهلهم خاصة، وليست لأبناء القومية الأرمنية، لأن العقوبات كانت شخصية وليست قومية، ولكن الأمر الذي لا بد من التنبه له والحذر منه هو الأجندة السياسية التي تحاول بعض الدول والمؤسسات ان تعزف عليها لتحميل تركيا وحدها ما لا يجب عليها ان تتحمله.

لذلك كان من الخطأ الفادح أن يتدخل بابا الفاتيكان فرانسيس في خطابه السياسي يوم 12 أبريل 2015 في الفاتيكان بإصدار حكم سياسي بالموضوع، فمجرد حديث بابا الفاتيكان عن إبادة أرمنية في الحرب العالمية الأولى سوف ينظر له في الاوساط الدينية والسياسية التابعة للكنيسة بأنه حكم نهائي في الموضوع، وهذا خطأ كبير لأنه لا يستند إلى قرار أي محاكمة عادلة في الموضوع، وأمر اثبات الابادة يحتاج إلى محاكم تاريخية وقانونية لإصدار قرار في الموضوع، فلا يحق لبابا الفاتيكان ان يصدر حكما سياسياً في أمر ليس من اختصاصه بالنظر الى الوظيفة التي يقوم بها، وهي وظيفة روحية، ولا بد كذلك من مراجعة للظروف التي وقعت فيها الحرب العالمية الأولى وهو ما لم يشر اليه بابا الفاتيكان، وهذا يؤكد أن بابا الفاتيكان كان مدفوعا للمشاركة في مشروع إساءة للجمهورية التركية، التي كانت اول من استعد لمعالجة الأمور القانونية لأهالي القتلى او من سقطوا في تلك المجازر.

إن دخول الفاتيكان إلى الحلبة السياسية ليس في مصلحة الكنيسة المسيحية بعامة ولا الكاثوليكية ولا الأرمنية، بل يزيد مشاكل المنطقة اشتعالاً، وهذه خطوة ينبغي على الطائفة الأرمنية في تركيا أن تتنبه إلى مخاطرها، في اللحظة التي تسعى الحكومة التركية في ظل حكومة العدالة والتنمية لإيجاد حلول حقوقية لها، فتصريحات بابا الفاتيكان لا تخدم المصالحة الداخلية في تركيا.

وإن عدم قيام الكنيسة الكاثوليكية بواجباتها اتجاه المسيحيين الأرمن هو الأوجب ان يفكر فيه بابا الفاتيكان فرانسيس، والأولى به أن يفكر بحلول مشاكل كنائسه وإعطاء الحقوق للمسيحيين الأحياء الذين تنتهك حقوقهم من قبل الكهنة والقساوسة أنفسهم، وإذا كان بابا الفاتيكان معنيا بإعادة الحقوق إلى اهلها فإن محاكم التفتيش التي تعرض لها المسلمون عبر التاريخ ثابتة أكثر من غيرها، فقد دامت محاكم التفتيش لأكثر من 300 عام في بعض الدول الأوروبية، وبإشراف من بابا الفاتيكان، فضلاً عن الأوامر الدينية الظالمة للمسلمين والمسيحيين في البلاد الاسلامية من الحروب الصليبية التي كانت بأوامر بابا الفاتيكان في ذلك الوقت، وهو الأمر الثابت في الوثائق الكنسية والغربية بدون جدال.

فإذا كان المطلوب إيجاد حلول للمسألة الأرمنية إبان الحرب العالمية الأولى فان المحاكم القانونية والتاريخية هي الطريق الصحي، وليس المنابر الدينية والكنسية ولا المنابر السياسية التي تتاجر بآلام الشعوب، فلو صحت هذه المجازر بأنها كانت ابادة للأرمن فإنها إبادة وقعت لجزء من الشعب العثـــماني، والشـــعب العثماني هو من ينتصر لقضاياه، بكل قومياته وشعوبه وطوائفه الدينية، فليــس من دليل واحد على أن المجازر وقعت لأسباب دينية أو قومية إطلاقاً، وما يتحمله الشعب التركي والحكومة التركية من رد الحقوق المادية لأهلها، فقد أبدت الحكومة التركية أنها سلكت هذا الطريق منذ سنوات، وهي سائرة فيه إلى نهايته مع كل القوميات التي ظلمت من الدولة العثمانية أو في العهود الأولى للجمهورية التركية، في سياق المصالحة الداخلية، حتى يتم إحقاق الحقوق لكل صاحب حق من لكل أبناء الشعب التركي بغض النظر عن قوميته أو طائفته الدينية.

خطاب أسد الدين
04-26-2015, 05:44 PM
العالم عندما يتحدث عن القضايا التاريخية لا يتحدث بلسان المحقق المنصف الموضوعى
بل يتحدث بلسان ماكان لى فإنه لى وكان لك فدعنا نتفاوض فيه (الانحياز التأكيدى)
وإلا المسيحيين المفترض أن لا يفتحوا تلك الجراح .
فهم ابادوا مليون ونصف جزائرى .
وابادوا 3 ملايين مسلم بمحاكم تفتيشية تخير الانسان بين الموت او الدخول فى المسيحية

ومشكلة التاريخ انه اختزال لواقع فى كلمات تتشكل منها نفسية معينة عند القارىْ .

والمشكلة الاخرى تجريد الاحداث من سياقاتها وكما يقول الدكتور على الوردى ان تجريد القصة من سياقها يظهرها بشكل مستهجن .

خطاب أسد الدين
04-27-2015, 03:07 AM
قال الدكتور «سلامي قليج» رئيس قسم التاريخ في كلية الآداب بجامعة أتاتورك، إن الوثائق الألمانية تظهر بما لا يدع مجالًا للشك تعرض المسلمين والأتراك في الأناضول لمذابح من قبل العصابات الأرمنية، مطلع القرن الماضي، يندى لها جبين الإنسانية.

وأضاف «قليج» في مقابلة مع مراسل الأناضول في إسطنبول: «إنه من المحزن أن تصف ألمانيا اليوم، ما جرى في 1915،

بأنه كان مذبحة جماعية أو عرقية، في الوقت الذي يحفل الأرشيف الألماني بما في ذلك الرسائل، والوثائق الموجودة في وزارة الخارجية الألمانية، بالكثير من الأدلة التي تؤكّد تعرض المسلمين في الأناضول إلى مذابح شنيعة على يد العصابات الأرمنية الموالية لروسيا ودول الحلفاء».

وأشار «قليج» إلى أن الصحف الألمانية الصادرة في الفترة نفسها، لا تقل أهميتها أبدًا عن أهمية الوثائق الدبلوماسية، والسياسية المحفوظة في وزارة الخارجية الألمانية في «برلين»، حيث كتبت الصحف الصادرة عام 1915 مطولاً عن جرائم العصابات الأرمنية،

والمذابح الوحشية التي قامت بها ضد مسلمي الأناضول، كما تابعت الصحف الألمانية الصادرة ما بين 1915 حتى 1918 سرد وقائع الدعم الكبير الذي قدمه الأرمن للجيوش الروسية التي احتلت منطقة القوقاز أولاً ثم مناطق شرقي الأناضول، فضلًا عن مشاركتهم كميليشيات ضمن الجيش الروسي، حيث وصلت أعداد أفراد تلك الميليشيات إلى أكثر من 150 ألفًا، قامت بارتكاب الفظائع والمجازر التي أندت جبين الإنسانية ضد المسلمين في مناطق شرق الأناضول والقوقاز، بغية إخلاء تلك المناطق من المسلمين والسيطرة على الأرض بعد القضاء على شعبها.

ونوه «قليج»، إلى أهمية الرسائل التي كان يرسلها الضباط الألمان الذين كانوا موجودين خلال تلك الفترة ضمن حدود الدولة العثمانية لرؤسائهم، حيث أشارت تلك الرسائل إلى بشاعة المجازر التي ارتكبت ضد المسلمين في مناطق القوقاز وشرقي الأناضول، من قبل الأرمن المدعومين من قوات الحلفاء،

فيما طالبت رسائل أخرى من قيادة أركان الجيش الألماني، أن تضع ألمانيا نفسها مكان حليفتها الدولة العثمانية، حيث تقوم الأقلية الأرمنية بارتكاب مجازر ضد الأكثرية من المسلمين في مناطق شرقي الأناضول والقوقاز،

وأن أطفال ونساء وشيوخ الأتراك والمسلمين الذين كانرجالهم وشبابهم في جبهات قتال الحرب العالمية الأولى،

عاشوا مأساة إنسانية مرعبة بسبب اعتداءات العصابات الأرمنية، ما أجبر الدولة على إبعاد الأرمن ونقلهم من تلك المناطق

إلى ولايات أخرى داخل الدولة كالعراق، وسوريا، ولبنان.

وأردف «قليج» قائلا: «إن ألمانيا اليوم تعمل على التخفيف من وطأة وصمة العار التي لحقتها في الحرب العالمية الثانية، حيث قامت بارتكاب مجازر ضد اليهود، لذا فهي تبحث عن شريك لها في ارتكاب المجازر، بغض النظر عن الوثائق الموجودة بين أيديها والمحفوظة في الخارجية الألمانية والمؤسسات الصحفية،

وغيرها من المتاحف ومراكز حفظ الوثائق التي تضم وثائق أرسلت من قبل ألمانٍ كانوا يعيشون آنذاك ضمن أراضي الدولة العثمانية، حيث أرسلوا بوثائق ورسائل من مدن أرزينجان، وأرضروم، وبتليس، وبايبورت، وموش، ومرعش ووان وكومشخانة»، مشيرا إلى أنه اطلع على تلك الوثاق وأجرى تحقيقًا عنها، داعيًا ألمانيا للعودة لوثائقها قبل إطلاق الأحكام.
ما الذي حدث في 1915؟

تعاون القوميون الأرمن، مع القوات الروسية بغية إنشاء دولة أرمنية مستقلة في منطقة الأناضول، وحاربوا ضد الدولة العثمانية إبان الحرب العالمية الأولى التي انطلقت عام 1914.

وعندما احتل الجيش الروسي، شرقي الأناضول، لقي دعما كبيرا من المتطوعين الأرمن العثمانيين والروس، كما انشق بعض الأرمن الذين كانوا يخدمون في صفوف القوات العثمانية، وانضموا إلى الجيش الروسي.

وبينما كانت الوحدات العسكرية الأرمنية، تعطل طرق امدادات الجيش العثماني اللوجستية، وتعيق تقدمه، عمدت العصابات الأرمنية إلى ارتكاب مجازر ضد المدنيين في المناطق التي احتلوها، ومارست شتى أنواع الظلم بحق الأهالي.

وسعيًا منها لوضع حد لتلك التطورات، حاولت الحكومة العثمانية، إقناع ممثلي الأرمن وقادة الرأي لديهم، إلا أنها لم تنجح في ذلك، ومع استمرار هجمات المتطرفين الأرمن، قررت الحكومة في 24 أبريل/نيسان من عام 1915، إغلاق ما يعرف باللجان الثورية الأرمنية، واعتقال ونفي بعض الشخصيات الأرمنية البارزة. واتخذ الأرمن من ذلك التاريخ ذكرى لإحياء "الإبادة العرقية" المزعومة، في كل عام.

وفي ظل تواصل الاعتداءات الأرمنية رغم التدابير المتخذة، قررت السلطات العثمانية، في 27 مايو/أيار، من عام 1915، تهجير الأرمن القاطنين في مناطق الحرب، والمتواطئين مع جيش الاحتلال الروسي، ونقلهم إلى مناطق أخرى داخل أراضي الدولة العثمانية.

ومع أن الحكومة العثمانية، خططت لتوفير الاحتياجات الإنسانية للمهجّرين، إلا أن عددًا كبيرًا من الأرمن فقد حياته خلال رحلة التهجير بسبب ظروف الحرب، والقتال الداخلي، والمجموعات المحلية الساعية للانتقام، وقطاع الطرق، والجوع، والأوبئة.
http://al3asemanews.net/news/show/138466

____________________________
ومن المعترف به على نطاق واسع ان مذابح الارمن تعتبر من جرائم الإبادة الجماعية الأولى في التاريخ الحديث،[12][13]:177[14] والباحثون يشيرون بذلك إلى الطريقة المنهجية المنظمة التي نفذت من عمليات قتل هدفها القضاء على الأرمن، وتعتبر مذبحة الأرمن ثاني أكبر قضية عن المذابح بعد الهولوكست[15]. وكلمة الإبادة الجماعية[16] قد صيغت من أجل وصف هذه الأحداث.
http://ar.wikipedia.org/wiki/%D9%85%D8%B0%D8%A7%D8%A8%D8%AD_%D8%A7%D9%84%D8%A3% D8%B1%D9%85%D9%86

الدعاية الاعلامية وكثرة التكرار فى الاعلام شكل اليقين على أن ما حصل بحذايفره بحسب الادعاءات المزعومة.
ولذلك قيل التكرار يشكل اليقين .
عندما تعتبر ابادة الارمن ثانى ابادة بعد الهولوكست ,هنا الباحث الحصيف يدرك ان الامر عبارة عن سياسة لا تتعلق بالتاريخ ولا حقوق الانسان .
لأن السياسة قائمة على تجريم وشيطنة العدو والخصم من اجل التفوق والتغلب عليه وازاحته من المشهد .
وهذا ما قامت عليه الدعاية الاعلامية السياسية عن الابادة للأرمنيين .
اساسا الهووكست أمر تشوبه الكثير من الغموض والريبة,فقد انكرها يهود واستاذة تاريخ عاصروا الاحداث .
وانكرها مؤرؤخون تم تجريمهم ,ويرفض النقد الموجه للحادثة التاريخية من اى مصدر وبأى شكل من ألاشكال .
ولذلك نقول ان الابادة والدعاية لها هو امر مشابه للهولوكست .
ولذلك نقول ان المجزرة تم تضخيمها وتم تضخيم اعداد القتلى ,فقد قامت بريطانيا بمحكمة في اسطنبول لتنظر قضية الارمن
فلم تجد اي دليل إدانة يعتد به لإدانة الحكومة التركية ولم تصدر حكما لخلو الأدلة على الابادة الارمينية.
و في عام 1985م نشر 69 مؤرخاً أميركياً أهمهم برنارد لويس بياناً ينفي وقوع أي عملية تطهير عرقي للأرمن من قبل الأتراك، غير أن تحقيقا لاحقا أثبت أن معظمهم استلم منح مالية من الحكومة التركية ما أدى إلى سحب 68 منهم لدعمهم.

يقول اوباما:
وكان الرئيس الأمريكي باراك أوباما قال الخميس الماضي إن القضاء على الأرمن في الإمبراطورية العثمانية عام 1915 "يعد أول قتل جماعي في القرن العشرين"، متجنبا مرة أخرى استخدام كلمة "إبادة".

وشدد أوباما على أنه "عبّر مرارا عن موقفه مما حدث العام 1915، وأن هذا الموقف لم يتغير"، فيما كان أكد خلال حملته الانتخابية عام 2008 على ضرورة أن تعترف الولايات المتحدة رسميا بإبادة الأرمن في عهد الإمبراطورية العثمانية.
"الإبادة الجماعية للأرمن ليست ادعاء، ولا رأيا شخصيا، ولا وجهة نظر، وإنما هي حقيقة موثقة مدعومة بقدر كبير من الأدلة التاريخية".
http://arabic.rt.com/news/781093-%D8%A5%D8%A8%D8%A7%D8%AF%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B1%D9%85%D9%86-%D9%88%D9%85%D9%88%D8%A7%D9%82%D9%81/

انقسام في ألمانيا بشأن إبادة الأرمن

وفي السياق ذاته، رفض وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير استخدام مصطلح "إبادة" للدلالة عن المجازر التي ارتكبت بحق الأرمن بين عامي 1915 - 1917.

وقال شتاينماير، في مقابلة أجرتها معه صحيفة "دير شبيغل تنشر" السبت 25 أبريل/نيسان، "إن استخدام كلمة "إبادة" لوصف المجازر التي ارتكبتها قوات السلطنة العثمانية، وأسفرت عن 1.5 مليون ضحية، يمكن أن يستخدم أيضا من قبل هؤلاء الذي يريدون تسخيف المحرقة اليهودية".

وأوضح رئيس الدبلوماسية الألمانية موقفه بالقول "علينا أن ننتبه في ألمانيا ألا نمنح الحجج لهؤلاء الذين لديهم أجندتهم السياسية الخاصة ويدّعون أن المحرقة بدأت قبل 1933"، أي قبل وصول الزعيم النازي أدولف هتلر إلى السلطة، مضيفا سئمت من هذه الجدالات (...) والجميع يعلم - هؤلاء الذين يطرحون الأسئلة والذين يجيبون عليها - أن الذكريات القاسية لا يمكن اختصارها بتصنيف واحد".

وخلص شتاينماير إلى القول إن "اختصار (المشكلة) ببساطة بمسألة استخدام كلمة إبادة" لا يساعد على وضع حد "لغياب التواصل بين الأتراك والأرمن" ولا يسهل "المصالحة بين الشعوب المعنية".

وأقر الرئيس الألماني يواكيم غاوك بدوره، الخميس بـ"إبادة" الأرمن، معترفا في الوقت ذاته بأن بلاده تتحمل "مسؤولية جزئية" فيما حدث، واستخدم أيضا رئيس مجلس النواب نوربرت لاميرت مصطلح الإبادة خلال جلسة لإحياء ذكراها المئوية.

___________________________
نقول انه بعد استقلال اليونان وبلغاريا وعدة دول اوروبية أرادت أرمينيا وبخاصة اللجان الثورية الأرمينية ان تحذو حذو بلغاريا وان تخوض تمرد مسلح ضد الدولة العثمانية
حتي تحصل علي الاستقلال هي الاخري مثل بلغاريا
وقد حرضت دول اوروبا هذه اللجان والحركات الثورية الارمينية فأمدتهم بالسلاح وبخاصة روسيا الدولة التي كانت تخوض حرب ضد الدولة العثمانية بعد ان ورطت حكومة الاتحاد والترقي الماسونية التي جاءت بها الديمقراطية السلطان علي دخول هذه الحرب التي كان يرفض دخولها
كما ان حكومة الاتحاد والترقي الماسونية ادخلت فقرة في الدستور الجديد تنص بالسماح لكل المواطنين بالتسلح
مما وفر هذا غطاءا قانونيا لكل من اراد التسلح من المواطنين
واستغلت الحركات الثورية هذا التشريع للوقوف ضد الدولة العثمانية
وكان للسفراء الصهاينة والمبشرين البروتوستانت في الدولة العثمانية دور في تضليل الرأي العام ونشر تقارير مبالغ فيها عن اضطهاد الدولة العثمانية للاقليات والأعراق وايضا اعطوا تقارير مزيفة عن اعداد قتلي الارمن .

نستفيد أن الارمينيين كانوا مسلحين وكانوا يشكلون جيوش ومليشيات مسلحة .
اذا هنا تنتفى ما يشاع ان الامر كان قتال عسكريين عثمانيين لعزل أرمن ,بل قتال مسلحين ضد أخرين .

ومع نشوب الحرب العالمية الأولي ١٩١٤ وتوريط حركة الاتحاد والترقي الماسونية الدولة العثمانية واجبارها ان تخوض هذه الحرب
زحفت القوات الروسية علي ارض الدولة العثمانية واحتلت عدة مدن جنوب وشرق الأناضول
وانتهزت اللجان الثورية الأرمينية المسلحة وانقضت علي بعض المدن والقري فقتلت ٥٠٠ تركي
ثم تحولت اللجان الثورية الأرمينية الي عصابات ميليشيات عسكرية تقاتل مع الدولة الروسية
وحين زحف الجنرال الروسي جيورونزيوف علي بلدة راوندوز
وكانت قواته عبارة عن ميليشيات عسكرية من الارمن
لم تجد الحكومة التركية حلا تقطع به خطوط الاتصال بين قوات روسيا وبين ميليشيات الارمن
سوي اصدار قرارا بتهجير نصف مليون ارمني بجنوب وشرق الأناضول الي الشام والعراق
وهذا القرار أصدرته حكومة (الصدر الاعظم) رئيس الوزراء الماسوني عضو محفل سالونيك (سعيد باشا) وذلك كان عام ١٩١٥ وبررت هذا بأنه ضرورة حربية

تقول مصادر الارمن ان اعداد من ماتوا من الارمن ابان عمليات التهجيرمن ١٩١٥- ١٩١٨ نحو نصف مليون ارمني
وتقول ان حملة التهجير كانت متعمدة من اجل إبادة الارمن لآنه العرق الوحيد الغير مسلم في تركيا

بينما المصادر التركية تقول انهم ٣٠٠ الف ارمني
وتقول ان معظمهم مات بسبب البرد والجوع ولظروف الحرب العالمية الأولي التي جعلت هذه المنطقة عبارة عن جبهات قتال وإغارة
فحسب المصادر التركية ان ما حدث للأرمن ليس إبادة لأنه تم بعوامل طبيعية دون امر بالقتل
وان الرقم الذي تقدره المصادر الأرمينية ومن يتاجرون بالقضية في الغرب
هو مليون ونصف مليون ارمني
وهذا الرقم مستحيل لأن تعداد الارمن في جميع أنحاء الدولة العثمانية حسب احصاء 1914 بلغ مليون و ٢١٩ الف ارميني

اما حسب احصاء مصادر بيريطانيا فكانوا مليون و ٥٦ الف ارميني

اما حسب احصاء اللجنة الفرنسية فكانوا مليون و ٢٨٠ الف ارميني

فالرقم الذي كان يصرح به الارمن ومن يتاجرون بقضيتهم من الغرب يعني إبادة جميع الارمن في الدولة العثمانية
ومن المعلوم ان تعداد الارمن بعد الحرب العالمية الأولي هو اكثر من مليون ارميني

ومن الشهادات الغربية ان بيريطانيا أقامت محكمة عسكرية في اسطنبول لنظر قضية الارمن
فلم تجد اي دليل إدانة للحكومة التركية ولم تصدر حكما لخلو الأدلة
وفي ١٩٨٥ نشر ٦٩ مؤرخ امريكي مختص بتاريخ الدولة العثمانية تقرير قضية الارمن
ونفوا فيه وقوع اي عمليات إبادة من قبل الاتراك

غيران عمليات تهجير الشعوب ليست من سياسة الدولة العثمانية سواء وهي منتصرة او هي مهزومة
السلطان الوحيد الذي اراد يوما توحيد الأعراق والأديان في الدولة العثمانية
فقرر تخيير المسيحيين واليهود بين الاسلام او الرحيل عن الدولة
هو السلطان سليم الاول
فقام له مناهضا شيخ الاسلام( ذبنيلي علي افندي )وقال له لا يحق لك هذا
فالمسيحيون واليهود قد عصموا منك دمائهم واموالهم
ومن حينها لم يرد في ذهن احد من السلاطين ان يكون من سياسته تهجير الشعوب

اما سياسة السلطان عبد الحميد فكانت تعتمد علي تأليف الأقليات والشعوب الغير مسلمة
بتقليد أبنائها مناصب رفيعة في الدولة العثمانية وتمثيلهم في مجلس المبعوثان(البرلمان التركي) وبإكرام وفودهم وبإنصافهم من الولاة
وبلغ من حرص السلطان عبد الحميد علي التودد لأقليات الدولة
هو ان تعرض عام ١٩٠٥ لمحاولة اغتيال بتفجير العربة التي كان سيركبها وهو خارجا من المسجد وتم القبض علي الجاني وتبين انه ارمني وعضو في احد اللجان الثورية الأرمينية المسلحة التي تطالب بإستقلال الارمن
فعفا عنه السلطان عبد الحميد حرصا علي مشاعر رعايا الدولة

غير ان سياسة تهجير الشعوب للدولة العثمانية
لم تصبح سياسة ثابتة الا بعد وصول حركة الاتحاد والترقي الماسونية للحكم و التي يسيطر عليها اليهود
فالحكومة التي أصدرت قرار اعتقال قادة الارمن ونخبهم وحل جميع المنظمات الأرمينية
ثم أصدرت قرار التهجير
كانت حكومة الاتحاد والترقي التي كان يرأسها الصدر الاعظم الماسوني(سعيد باشا)
وهذه الحكومة كان بها ٤ وزراء يهود والباقي كلهم ماسون
والحكومة التي أتمت عملية التهجير هي حكومة الماسوني طلعت باشا

لذلك ان تهجير الارمن ومن ماتوا بسبب هذا التهجير هو ذنب اليهود والماسون ومن عاونهم

من المعلوم
انه في ٢٣- ١٢-٢٠١١
اصدر البرلمان الفرنسي تشريعا يجرم إنكار وقوع إبادة جماعية للأرمن ويعاقب من يفعل ذلك
بغرامة قدرها ٤٥٠ الف يورو
ومن كان وراء هذا القرار كان الرئيس الفرنسي اليهودي من جهة الام نيكولا ساركوزي
فوالدته هي (اندريه مالا ) فرنسية يهودية ووالدها من يهود اليونان السافارديم الذين كانوا يعيشون تحت حكم الدولة العثمانية آنذاك


أيضاً الكونجرس اصدر في ٢٠٠٧ قرارا يعترف فيه بمذبحة الارمن
وان هذا القرار قد تم إصداره من بعد حملة شنتها( الرابطة اليهودية لمكافحة التمييز) ويرأسها اليهودي آب فوكسمان
تدعو فيه الكونجرس بالاعتراف بمذابح الارمن التي ارتكبها العثمانيين واعتبارها عمليات إبادة

سؤال يتبادر للذهن
كيف يكون اليهود والماسون هم من كانوا خلف سياسة تهجير الارمن في الدولة العثمانية
وهم انفسهم من يذرفون الدمع علي الارمن مطالبين بتعويض وعقاب من ينكر هذه المذابح؟
فهذا لأن اليهود ينطبق عليهم وصف يأكلون مع الذئب ويبكون مع الراعي


المصادر
د. بهاء الامير.اليهود والماسون في قضايا الارمن
روبيرت مانتران كتاب تاريخ الدولة العثمانية

اذا كما قرأنا أن ألارمن كانوا جماعات وظيفية عسكرية تقاتل مع القوات الروسية ونيابة عنها ,وهم أول من بدأ بالقتل والهجوم .

أن ألاعداد المذكورة عن عدد الارمن ما قبل وبعد الابادة غير صحيحة ولا يصل ألارمن الى ذلك العدد الكبير .
فكل الوثائق تؤكد ان العدد المذكور يستحيل ان يكون صحيحا وحدثت المجزرة .
فكيف قتل مليون ونصف وهم لم يصل عددهم المليون الف فكيف تم ابادة مليون ونصف مليون ؟

القرار العثماني بتهجير الارمن بعيداً عن المناطق الحدودية والمشتعلة عسكرياً كان دفاعاً عن اﻷرض العثمانية وقتال من يتعاون مع الروسلافى القتال ضد العثمانيين
ولم يكن تهجير لغرض التهجير والابادة ,وهو ما يسمى ابعاد الامنين عن مواقع النزاع.

خطاب أسد الدين
07-14-2015, 05:33 PM
هل باعت أمريكا الأرمن بالأكراد؟
خليل الصمادي

قبل شهرين كانت الحملة شعواء في أمريكا على تركيا بسبب ذنب لم تقترفه الحكومة الحالية ولا السابقة ولا أي حكومة خلال هذا القرن وحتى عام 1915م من القرن المنصرم.
لقد فتحت أمريكا دفاترها القديمة لإدانة تركيا ، ومازالت هذه الدفاتر مفتوحة في كثير من البرلمانات الأوروربية ، وهي سجل للمجازر التي قام بها العثمانيون خلال الحرب العالمية الأولى ضد الأرمن، وقد قام البرلمان الفرنسي بإغلاق هذه الدفتر بعد إدانة تركيا ونسي المجازر التي قامت بها فرنسا في إفريقيا وأسيا وذهب ضحيتها مئات الآلاف بل الملايين في الجزائر ومدغشقر وفي سورية يوم ضربت البرلمان السوري ومدينة دمشق في عام 1925 وعام 1945 وما بينهما !!.
لسنا هنا في صدد إثبات هذه المجازر العثمانية أو التركية من عدمها ، ولسنا في موقع تبرير هذه المجازر إن حدثت على اعتبار الذي تم هو خيانة عظمى أم لا، ولكن الذي يهمنا هو اختفاء الإدانة من قبل الكونغرس أو مجلس الشيوخ الأمريكي فجأة وبقدرة قادر ، فما الذي دعا الحكومة الأمريكية إلى تأجيل مناقشة هذه القضية أو إلغائها أو التستر عليها،
هل خشيت أمريكا أن تفتح تركيا سجل المجازر الأمريكية في أكثر بقاع العالم مرورا باليابان وانتهاء بالعراق والصومال ، طبعا لا فأمريكا تعتبر ما تقوم به من باب " الواجب المشروع" لأنها تحارب الإرهاب على حد زعمها وكل هو مَنْ يخالفها هو إرهابي وكل من لا يقف معها فهو في الخندق المعادي للحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان وربما الحيوان!!
ولكن السبب معروف وهو تطور المسألة الكردية وتصميم تركيا على ضرب مواقع حزب العمال الكردستاني ، وهذا لا يخدم المخطط الأمريكي إطلاقا ، فتخشى القوى شبه العظمى أن تنفلت حبات المسبحة أكثر مما هي عليه الآن ، فإذا دخلت تركيا في أتون الحرب العراقية اختلطت الأوراق وعمت الفوضى وربما انهارت الدولة الكردية التي قامت تحت رعاية أمريكا ، لذا نجد أن أمريكا صاحبة المشروع الحضاري العظيم المسمى الحريات وحقوق الإنسان قد باعت الأرمن بأبخس الأثمان حتى لا تقوم تركية بضرب الأكراد، لا سيما في هذا الجو العصيب.
إن السكوت عن المجازر العثمانية أو التركية فجأة لهو دليل على رشوة تركيا من أجل ألا تتقدم في العمق الكردستاني بل العراقي إنها سياسة ميكافيلي الشهيرة والتي تقوم على مبدأ الغاية تبرر الوسيلة . وبعد أن تهدأ المعركة لابد أن يرجع التاجر المفلس لفتح دفاتره القديمة ولا بد أن تثار قضية مذابح الأرمن على بساط البحث إلا إذا كانت هناك رشوة سياسية و مقايضة ، وفي هذا المجال لا بد من التنويه إلى حكمة الساسة الأتراك الذين يعرفون قواعد اللعبة السياسية إذ لم يكونوا يلعبونها باحتراف من قبل.

خطاب أسد الدين
07-14-2015, 05:35 PM
عن أسطورة الإبادة الأرمنيّة
أمرالله إيشلر
252 12 Blogger1 1

الخلفية التاريخية ومجريات الأحداث
لكي نفهم جيدا أحداث الأرمن لا بد أن نعلم ماذا حدث قبل 24 أبريل سنة 1915. وكانت سنة 1914 هي السنة التي أعدت فيها نظريات وخطط من قبل الدول الإمبريالية لإزالة الدولة العثمانية المسماة آنذاك بـ "الرجل المريض" من مشهد التاريخ. وكانت لهذا المريض الذي سيموت قريبا تركته التي يعملون على تقسيمها. فالقوى الإمبريالية كانت بحاجة إلى عناصر جانبية مساعدة للإطاحة بهذا المريض من الداخل.

كان ذلك العنصرالمساعد هو ليس إلا عصابات الأرمن التي كانت تحلم آنذاك بإقامة دولة أرمنية مستقلة،وأصبحت الفرصة سانحة بعد بدء الحرب العالمية الأولى لتحقيق مآرب الأرمن.

وفي الوقت الذي كانت جيوش الدولة العثمانية تحارب في عدة جبهات حارب الأرمن في جبهة القوقاز إلى جوار الروس ضد جيش الدولة العثمانية وقاموا أيضا بالتمرد والعصيان داخل الوطن مما أشغل قوات الأمن بالأحداث الداخلية. يصل عدد المتطوعين المسلحين الأرمن من رعايا الدولة العثمانية الذين حاربوا ضد دولتهم إلى جوار الروس 10 آلاف. إضافة إلى هؤلاء المتطوعين تقدر مصادر أجنبية عدد المحاربين الأرمن النظاميين داخل الجيش الروسي بـ 150 ألف مقاتل، والبعض يقدّر هذا العدد بـ 300 ألف. وكما أقر بعض الكتاب الأرمن فإن الأرمن أصبحوا طرفا بل حليفا صغيرا في صفوف الحلفاء في الحرب العالمية الأولى.

لم يكتف هؤلاء بتقديم مساعدات للروس للاستيلاء على مدينة "وان" بل قاموا بقتل عشرات الآلاف من المسلمين المدنيين من الشيوخ والنساء والأطفال فيها. فالوثائق العثمانية تثبت أن الأرمن قاموا في تلك الفترة بمجزرة حقيقية وإبادة ممنهجة بلغت ضحاياها أكثر من نصف مليون مسلم من الأتراك والأكراد والعرب من رعايا الدولة العثمانية آنذاك.

وقد حذّرت الحكومة العثمانية في ذلك الوقت كلا من البطريرك والنواب ووجهاء وأعيان الأرمن ولكن من دون جدوى، فتم في 24 أبريل 1915 وهو اليوم الذي أعلنه الأرمن بعد ذلك بـ "يوم الإبادة حظر جماعات أرمنيّة وألقي القبض على 235 من قيادي الأرمن بتهمة قيامهم بأعمال تدميرية وإرهابية ضد الدولة والمواطنين الأبرياء أرسلوا بعد ذلك إلى سجون جانقيري وآياش الواقعان قرب مدينة أنقرة، وقامت الحكومة العثمانية بعد ذلك بترحيل رعاياها الأرمن المتواجدين في الأناضول إلى ولاية حلب.

عدد الأرمن في الدولة العثمانية
معظم الاحصاءات تقدر عدد رعايا الدولة العثمانية من الأرمن في حدود مليون وثلاثمائة ألف أرمني، هنا لا بد أن نطرح السؤال الآتي: ماذا حدث لهم؟ وماذا كان مصيرهم؟
وفقاً لأرقام مفوضية اللاجئين في جبهة القفقاز الروسية، انتقل إلى الأراضي الروسية 337 ألف أرمني. أما المجلة الأكاديمية الأرمنية التي كانت تنشر في روسيا، فقد أكّدت في عددها الصادر بـ 26 شباط 1917 على أن عدد الأرمن المهاجرين إلى أراضي روسيّة 360 ألف. حينما نضيف إلى هذا الرقم عدد الأرمن الذين هاجروا إلى كل من روسيا وإيران قبل الحرب العالمية الأولى فإن مجموع المهاجرين الأرمن يبلغ 500 ألف.
أما عدد الأرمن الذين تم ترحيلهم من قبل الحكومة العثمانية في سنة 1915 إلى ولاية حلب فيقدر ما بين 450-500 ألف شخص، معظمهم هاجروا بعد ذلك إلى دول أجنبية. وفي الوقت نفسه عاش أيام الحرب في تركيا ما يقرب 300 ألف أرمني.

ضحايا الأرمن
معظم القتلى من الأرمن كان في الجبهات الروسية أثناء محاربتها ضد الدولة العثمانية. وكذلك مات عشرات الآلاف من الأرمن أيام الحرب بسبب الأمراض المعدية والبرد القارس والجوع شأنهم في ذلك شأن باقي الضحايا من رعايا الدولة العثمانية أيام الحرب. وعلى سبيل المثال يبلغ عدد الضحايا الأرمن في الأراضي الروسية وحدها بسبب الظروف الصعبة 40 ألف. أما عدد الأرمن الذين قتلوا من جراء اعتداء بعض العشائر فهو في حدود 10 آلاف أرمني. وبكلمة فإن جملة ضحايا ألارمن هي في حدود 150 ألف أرمني، وكما أفاد الاستخباراتيون الروس فإن الأرمن يضيفون إلى هذا الرقم صفرا آخر ليرتفع ضحاياهم إلى 1.5 مليون.
وقد سلم بهذه الحقيقة الناشر الأرمني أرشاق جوبانيان حيث قال: "لا محالة من المبالغات في مثل هذه الأزمات ولكنه ليس من الصواب بأن ندعي بأنه تم إبادة الأرمن في تركيا"

وشهد شاهد من عصره
هنا لا بد وأن نستمع إلى ما قاله مصطفى كامل باشا المصري في كتابه المسمى بـالمسألة الشرقية الذي نشر في مصر سنة 1909، وقد خصص فصلا للمسألة الأرمنية في الجزء الثاني (ص 176-250) حيث يلقى اللوم على إنكلترا في كل ما حدث ويشرح نواياها السيئة قائلا: "إن انكلترا تريد هدم السلطنة العثمانية وتقسيم الدولة العلية ليسهل لها امتلاك مصر وبلاد العرب وجعل خليفة الاسلام تحت حمايتها وآلة في يدها."

وكانت انكلترا بحاجة إلى عنصر داخلي لتحقيق مآربه فكانت الضحية هم الأرمن، إذ يقول مصطفى كامل باشا في هذا الشأن ما نصه: "ورأى العالم هذه الطائفة التي كانت تعيش في بحبوحة السعادة والرفاهية والتي كان يسميها العثمانيون بالملة الصادقة والتي لها في مناصب الحكومة والادارات وفي التجارة والصناعة الشأن الأول تثور ضد الدولة العلية."

ويقول عن دسائس الانكليز في مكان آخر: "ولكن انكلترا اشتهرت بأنها لا تقف أمام عائق لبلوغ غايتها وإدراك بغيتها فقد سلّحت الأرمن البروتستانت وألقت عليهم التعليمات بإحداث هيجان عام في كافة أنحاء المملكة العثمانية والاعتداء على المسلمين في كل بلد عثمانية ووعدتهم بالمساعدة والتداخل وإيجاد مملكة أرمنية مستقلة."

وفيما يخص قلب الحقائق والقيام بالدعاية ضد الدولة العثمانية يقول: " الحقائق تنشر في أوروبا مقلوبة وطالما اعتدى المسيحيون على المسلمين ادعت جرائد أوروبا أن المسلمين هم المعتدون وأنهم وحدهم المقترفون لكل الآثام. وكان الانكليز يعلمون أيضا أن تداخل أوروبا في مسائل تركيا وتحزبها ضدها يملآن قلوب المسلمين غلا وكراهة ضد المسيحيين ويشجعان المسيحيين على الاستمرار في خطتهم الثورية فيزداد بذلك البلاء ويعم الدمار والفناء وتنزل المصائب على تركيا وتحل البلايا بالسلطنة العثمانية."

وينقل فيما يخص فبركة الأحداث عن الكاتب الفرنسي الفيكونت دي كورسون ما نصه: "والواقف على مسألة الأرمن بحذافيرها يتحقق لديه أنه ما من حادثة وقعت في البلاد التي اصطلح الانكليز على تسميتها بأرمينيا الا وتكون الجرائد الانكليزية في لندن قد أنبأت بها قبل حدوثها بزمن طويل جدا فتراها تبين لقرائها نوع الحادثة التي ستقع ومكان وتاريخ وقوعها كما فعلت في حادثة وادي (تالورى) ولا يجدر بالعاقل أن يتخذ هذا الأنباء بالمستقبل ضربا من ضروب التبصر الذي امتازت به الجرائد الانكليزية بل لا بد أن يذهب في تفسير معماه إلى ما فسره به من قال أن الثورة الأرمنية أشبه شيء ببضاعة جهزها الانكليز في مجتمعاتهم السياسية وأخذوا في تصديرها حسب الطلبات إلى جهات معلومة."

في حين كان معظم الصحف الانكليزية تنشر آنذاك أخبارا مصطنعة ومفبركة وكاذبة ضد الدولة العثمانية كانت هناك بعض الصحف المنصفة حيث نشرت جريدة (الغلوب) في بعض أعدادها الصادرة في شهر يناير سنة 1895 بالحرف الواحد ما يلي: "إن الفظائع التي أسند إلى الأتراك اقترافها ضد الأرمن هي أكبر ما غشت به الجرائد الانكليزية الرأي العام الانكليزي" وأثبت الكاتب أن عقلاء الأرمن سخطوا على انكلترا واعتبروها عدوتهم الحقيقية التي ألقت بهم في مهواة الهلاك.

الخلاصة
إذن، ادعاء الإبادة ضد الأرمن أكذوبة لم يرها التاريخ مثلها. حيث إن الأرمن تواطؤوا مع الانكليز بدرجة أولى وحاربوا إلى جوار الروس ضد دولتهم ولم يكتفوا بذلك بل قاموا بالقتل الجماعي والإبادة الممنهجة في حق جيرانهم المسلمين الأبرياء من الأطفال والشيوخ والنساء في الوقت الذي كان رجالهم وشبابهم يحاربون في عدة جبهات أيام الحرب العالمية الأولى.

حال الأرمن أشبه بحال من ضرب وبكى وكذب واشتكى، فبدل أن يخرجوا دروسا مما لحقوا بهم ويحاسبوا من أغراهم من الانكليز والروس والفرنسيين ويلقون اللوم عليهم، ومن ثم يتأسفون على ما حدث في الماضي مع جيرانهم الأتراك، وبدل أن يحاولوا تأسيس علاقة جيدة مع تركيا مازالوا يتواطؤون مع من ألحقوا بهم كل هذا الضرر ويسعون إلى قلب الحقائق ويدعون الإبادة متلقين دعما سياسيا ممن أغراهم في الماضي، وأمام هذا الواقع لا يسعنا إلا مناداة عقلاء الأرمن للتدخل في إصلاح ما أفسده الدهر
__________________________________________________ _____________

تركيع تركيا : الغرب واثارة تهمة ابادة الارمن

مقدمة:

شهدت الأيام الماضية اهتماماً غربياً متزايداً بما يُثار حول اتهام تروّجه التيارات القومية الأرمينية ضد تركيا، بأنها قامت في نهاية الفترة العثمانية، وبداية حكم الاتحاد والترقي، وخلال أحداث الحرب العالمية الأولى بعملية إبادة عرقية منظمة للأرمن في تركيا، تصاعدت في عام 1915م بغرض القضاء الكامل على العرق الأرميني في تركيا ــ هكذا تروي السردية القومية الأرمينية، وهو ما ترفضه تركيا بقوة طوال العقود الماضية. والغرب يريد من تركيا الإقرار بالتهمة دون دفاع أولاً، ثم الاعتذار عنها ثانياً، ثم تقديم التعويضات المالية والإنسانية ثالثاً، وربما كذلك الحديث عن حقوق الأرمن التاريخية في الأراضي التركية رابعاً. والأهم مما سبق كله هو ألا تتحدى أو تعارض تركيا الافتراضات والمآلات التي تكون بمجموعها وجهة نظر طرف واحد من أطراف المشكلة وهو الطرف القومي الأرميني.
القرائن والوثائق التاريخية التي بحوزة الحكومة التركية تشير إلى مأساة إنسانية حدثت للمسلمين والأرمن في ذلك الوقت، نتج عنها موت مئات الآلاف، وكانت كارثة بحق، ولكنها لم تكن إبادة عرقية من طرف ضد آخر. اتفاقية الأمم المتحدة لعام 1948م حول تعريف الإبادة الجماعية تنص على أنه ينبغي «أن يكون الموت عمداً بتخطيط ويكون بسبب ديني ــ مذهبي أو عرقي». ويؤكد الطرف التركي اليوم أن ما حدث للأرمن في ذلك الوقت هو مأساة وكارثة ولكنه لم يكن مشروع إبادة وإنما كان الأمر يتركز في دفاع دولة عن مصالحها القومية الاستراتيجية. إن موت أي إنسان بريء بسبب الحروب كارثة في حد ذاته، ولكن أيضاً استخدام هذا الموت للترويج للكراهية بين الشعوب جريمة لا تقل عن الجريمة الأولى بشاعة.
الثابت تاريخياً أن عدد السكان الأرمن في الدولة العثمانية لم يتجاوز مليوناً ونصف المليون نسمة في مطلع القرن العشرين طبقاً لإحصائيات الدولة العثمانية من جهة، وتقديرات بريطانيا وفرنسا وألمانيا من جهة أخرى. فكيف يمكن أن يُقتل مليون ونصف مليون أرمني قد خلال تلك الفترة نفسها؛ أي: الأرمن جميعهم بالدولة العثمانية .. في الوقت نفسه الذي تشير التقارير الإحصائية كلها أنه بعد الحرب العالمية الأولى بلغ عدد الأرمن الذين نجوا من ويلات الحرب ما يقارب المليون نسمة! لا شك أن مقتل أو موت ما يقارب نصف مليون إنسان في تلك الحرب هو رقم ضخم وكبير، ولكن هناك أسئلة كثيرة يجب أن تثار لفهم ما حدث وليس لتبرير أو إخفاء بشاعة هذه المأساة. هل قتل الأرمن على يد جيوش منظمة تهدف إلى إبادتهم أم أنهم كانوا ضحية صراعات بين متعصبين من الجانبين الأرميني والتركي، أم بسبب التهجير والفقر والمرض الذي أصاب الكثير من الأرمن والمسلمين على حد سواء في تلك الفترة؟ وما الذي حدث حقيقة في تلك الفترة؟ سؤال مهم لا يجب أن يتولى طرف واحد فقط روايته، أو إلزام العالم بتلك الرواية.
لقد شهدت تلك الفترة من الويلات والحروب مقتل ما يزيد عن 2.5 مليون مسلم في الدولة العثمانية نفسها، ومن جراء الحروب والكوارث نفسها التي ألمت بالدولة في ذلك الوقت، وفي النطاق الجغرافي نفسه، وقتل العديد منهم بسلاح التيارات الأرمنية العنصرية والقومية المتطرفة في ذلك الوقت. ويتساءل العديد من المراقبين عن سبب التركيز الغربي فقط على مأساة الأرمن، وفي هذه المرحلة بالذات، ولا يتم الحديث عن المآسي الأخرى الأكثر بشاعة في تلك الفترة.
يهدف هذا البحث إلى إلقاء المزيد من الضوء على تلك الأزمة المرشحة للتصاعد رغم أنها قد تم بحثها طوال الأعوام التسعين الماضية، إلا أن الواضح أن بعض الغربيين يرون أن إحياء هذه المشكلة يمكن أن يساهم في تحجيم طموحات ونهضة تركيا المعاصرة. ويتكون البحث من ثلاثة موضوعات رئيسة، وهي أولاً: هل حقاً حدثت إبادة للأرمن؟ وثانياً: لماذا بدأ الغرب مؤخراً فقط في إثارة هذه القضية رغم نفيه لحدوث إبادة أو مذبحة طوال العقود الماضية؟ وثالثاً: ما تأثير هذه الأزمة على صعود تركيا، ونهوضها الاقتصادي الشامل؟ كما يقدم البحث في الخاتمة مجموعة من التوصيات حول الموقف المسلم والعربي من هذه القضية.

هل حقاً حدثت إبادة للأرمن؟

الأصل في علاقة الدولة العثمانية بالأرمن كان الحماية وتوفير الفرصة. وكان السلطان محمد الفاتح هو أول من أحضر الأرمن إلى أروقة الدولة العثمانية وقياداتها السياسية، وكانت الدولة العثمانية والشعب التركي يسمون الأرمن «ملتي صادقات» أي «الملة الصادقة» وهو بالطبع وصف إيجابي لا يستقيم معه أن هذا الوجود الذي استمر لعشرات العقود يمكن أن ينتهي فجأة بمشروع إبادة ـ كما يدعي بعضهم.
كان الأرمن جزءاً من الدولة العثمانية التي عرفت دولياًً بالتسامح ووجود عدد كبير من الأعراق والمذاهب والملل ضمن بنيتها التنظيمية والاجتماعية. ومع ظهور علامات انهيار وتفتت الدولة العثمانية تحت ضربات الحصار الأوروبي والروسي لها، وعدم قدرتها على الحفاظ على أراضيها؛ بدأت الكثير من الأقليات في الانفصال عن الدولة، وانتشرت المكائد الأوروبية ضد الدولة العثمانية بشكل لم يسبق له مثيل، وهو ما أسفر لاحقاً عن تنحية السلطان، وظهور حركة الاتحاد والترقي بديلاً للخليفة، وكانت في ذلك حركة قومية تريد الحفاظ على ما تبقى من الدولة العثمانية فيما تحول لاحقاً إلى تركيا المعاصرة. كان بعض المتعصبين من الأرمن من ذوي الميول الانفصالية والقومية يساهمون في خلخلة الكيان الداخلي للدولة العثمانية من خلال المكائد والتخابر لصالح أعداء الدولة من الروس والأوروبيين، وشن الهجمات الداخلية، ومحاولة إضعاف الدولة لكي تتحقق لهم مكاسب مادية ومعنوية تتمثل في إقامة أرمينيا الكبرى حتى ولو على أنقاض دولة قائمة تحاول الحفاظ على ما تبقى لها من أراض وقوة. ومن المهم قبل الولوج في دوامة تاريخ تلك الحقبة أن نؤكد على التالي:
- كانت فترة بداية القرن العشرين مليئة بالحروب والصراعات الداخلية سواء كان ذلك في كيان الدولة العثمانية، أو في الانتقال منها بعد سقوطها إلى الجمهورية التركية، وصاحب ذلك العديد من التجاوزات والكوارث التي تعرض لها مختلف أبناء المجتمع التركي من مسلمين وأكراد وأرمن وغيرهم. ومن ثم لابد من فهم أحداث تلك الحقبة ضمن السياق الواقعي لها، وليس من منظور اليوم.
- إن الحديث عن الأخطاء لا يجب أن ينحصر فقط في أخطاء الدولة العثمانية ويتجاهل أخطاء التيار القومي الأرمني، فقد كان هناك صراع هويات وقيم ورغبة في تعظيم الفائدة من تغير موازيين القوى، وأدى ذلك إلى الكثير من المآسي.
- الحديث عن الأخطاء التي ارتكبها فريق ما لا يجب أن يتحول إلى تجريم دولة ما بكاملها (الدولة العثمانية .. أو الجمهورية التركية) بجرائم عنصرية أو عرقية ولا يقلل ذلك من بشاعة الكارثة، ولا يجب كذلك أن يتحول إلى اتهام أقلية ما (الأرمن) بمختلف تكويناتها وتفاعلاتها بالخيانة أو العمالة أو غير ذلك مما قد يرتكبه فريق من تلك الأقلية.
- الشتات الأرميني هو الذي يتبنى بقوة موضوع «الإبادة» وهناك ثمة اختلافات ثقافية جذرية بين أرمن الشتات، إلا أن ما يجمعهم ويمنحهم هوية مشتركة، هو علاقتهم بالتهجير العنيف الذي عاناه الشعب الأرميني، ويُعد هذا الأمر إبادة جماعية في الوعي الأرميني الجماعي، كما يرى العديد من المراقبين.

حنين الانفصال:

كان للأرمن دائماً حنين لإقامة الكيان الخاص بهم والدولة المستقلة لهم، وكان من نتيجة ضعف وتفكك الدولة العثمانية أن ظهرت هذه الرغبة بقوة، وساندتها بعض القوى المناوئة والمتصارعة مع الدولة العثمانية في ذلك الوقت، ومنها روسيا القيصرية وفرنسا وإنجلترا أيضاً. كان الأرمن حتى ذلك الوقت، وقبل انطلاق صراعات نهاية القرن التاسع عشر، جزءاً فاعلاً في الدولة العثمانية، وضمن قياداتها السياسية.
ويكفي للدلالة على ذلك أن نشير أنه في الفترة الزمنية نفسها التي يدعي فيها بعضهم الآن أن الإبادة قد حدثت؛ كان وزير خارجية البلاط العثماني من الأرمن وهو جابرايل نورادوكيان أفندي (1912م)، وكان أوهانس قويومجوريان باشا هو النائب العام لوزارة الشؤون الخارجية (1909 - 1913م)، وكان للدولة العثمانية أكثر من 15 سفيراً وقنصلاً من أصول أرمينية يمثلون الدولة في العديد من دول العالم، وشغل ساكيز أوهانس باشا منصب وزير المالية في الفترة من 1897م إلى 1908م إضافة إلى عشرات المناصب الأخرى في الدولة وهو ما يجعل من احتمال وجود نية الاضطهاد العرقي أو الرغبة في الإبادة التامة احتمالاً لا يستقيم مع هذا الواقع العملي.
وكان بعض الأرمن في ذلك الوقت يجاهرون بالعداء للدولة، والرغبة الملحة في إضعافها. ويروى أنه حين تم تولية السلطان عبدالحميد الثاني على عرش الدولة العثمانية كتب السفير الفرنسي إلى وزارة الخارجية الفرنسية أن صور الملك الفرنسي كانت تباع في شوارع اسطنبول من خلال الحمالين الأرمن، الذين كانوا يروجون لفكرة أن فرنسا هي من تدير اسطنبول وليس الخليفة. بدأ الأرمن في داخل تركيا في منطقة الأناضول في المناداة العلنية بتحويل منطقة الأناضول التي تشكل معظم أراضي تركيا المعاصرة إلى دولة أرمينية عبر الانفصال عن الدولة العثمانية في ذلك الوقت. ولتحقيق ذلك بدأ أنصار تلك الفكرة في الانقلاب على الدولة وإشاعة الفوضى، والتخابر مع الدول المعادية للدولة العثمانية، وحمل السلاح كذلك والهجوم على القرى غير الأرمينية في محاولة لفرض واقع جديد في شرق الأناضول يسمح لهم بإقامة دولة أرمينية على أنقاض بقايا الدولة العثمانية. وفي الجهة المقابلة لم يكن يحكم الدولة العثمانية خليفة من خلفاء آل عثمان، وإنما آل الآمر إلى حزب الاتحاد والترقي الذي كان يهتم بفكرة التتريك، ويرى أن الحل الوحيد للحفاظ على ما تبقى من أراضي تركيا هو في سيادة القومية التركية فوق غيرها من القوميات الكردية أو الأرمينية أو الآشورية أو غيرها دون اعتبار للدين أو العرق. لم يكن المستهدف في سياسة التتريك الأرمن فقط، بل كل من كان يخالف أو يختلف مع القومية الطورانية في ذلك الوقت، وهو موقف جديد، وفكر غريب على أبناء الدولة العثمانية من مختلف الأقليات ممن اعتادوا التسامح والتعايش مع المسلمين على مر عقود طويلة. بل يذهب بعض الباحثين ومنهم الدكتور نعيم اليافي في كتابه عن «مجازر الأرمن وموقف الرأي العام العربي منها» إلى القول: إن فكرة التتريك كانت فكرة صهيونية تم تمريرها والزج بها في الفكر التركي في ذلك الوقت عبر شخصيات يهودية ساهمت في وضع أسس هذا الفكر القومي العنصري الذي سيطر على الجمهورية الأتاتوركية عقود من الزمن. يقول الباحث الجامعي الأرميني آرا سركيس آشجيان: «وتتفق مصادر عديدة على أن يهود تركيا ومحافلها الماسونية كانت عاملاً مساعداً كبيراً على ارتكاب حزب الاتحاد والترقي ــ غالبية أعضائه من يهود الدونمة والماسونيين المتنفذين في محفل سالونيكا الماسوني ــ والسلطات التركية لهذه المجازر.
ولذلك ازداد الوضع تأزماً في عهد حكومة الاتحاد والترقي، خاصة بعد دخولها في الحرب العالمية الأولى.. كما قام الجيش الروسي بتشكيل ميليشيات مسلحة من الأرمن لتكون طابوراً خامساً. ثم بدأ الأهالي المسلمون يتسلحون أيضاً للدفاع عن أنفسهم، ويقابلون هجوم الأرمن بهجوم مثله. يقول المؤرخ التركي البرفسور أنور كونوكجو: «يندر وجود قرية في شرقي الأناضول لم تتعرض لمذبحة أرمنية».

مأساة التهجير والإبعاد:

في ذلك الوقت قرر القائمون على حزب الاتحاد والترقي أن الحل الأمثل قد يقتضي تهجير الأرمن من مناطق تركزهم في منطقة شرق الأناضول إلى أطراف الدولة في مناطق متباعدة لتقليل احتمال فصل الأناضول عما تبقى للدولة العثمانية من أراض وسيادة. واتخذ قرار التهجير بسرعة وصاحبته فوضى في التنفيذ، ونتج عن ذلك وفاة أعداد كبيرة من المهاجرين الأرمن إما بسبب قطاع الطرق، أو سوء الأحوال المتعلق بالطقس والجوع والعطش، والمزاج العدائي المتبادل في ذلك الوقت بين جنود الدولة وبين الأرمن، وهو ما تسبب أحياناً أيضاً في تجاوزات فردية تسببت في مقتل العديد من الأبرياء. واللافت للنظر تاريخياً أن مقتل الأبرياء من الأرمن تزايد بشكل واضح في المناطق التي كانت الدولة العثمانية ضعيفة فيها، بينما لم يتعرض الأرمن إلى كوارث شبيهة في المناطق التي تركزت فيها قوى الدولة كما هي الحال مثلاً في منطقة إسطنبول في تلك الفترة. كما أن التهجير لم يكن ضد الأرمن فقط، فقد تم تهجير الكثير من المسلمين الأكراد مثلاً، ويروي حول مآسي ذلك الشيخ بديع الزمان سعيد النورسي رحمه الله واصفاً عملية تهجير المسلمين: «كانت الثلوج قد تراكمت بارتفاع ثلاثة وأربعة أمتار، وبدأ الأهالي بالاستعداد لترك المدينة والهجرة منها بأمر الحكومة. والعوائل التي كانت تملك ستة أو سبعة من الأطفال كانوا لا يستطيعون سوى أخذ طفل أو طفلين فقط، ويضطرون إلى ترك الأطفال الباقين على الطرق الرئيسة وتحت أقواس الجسور مع قليل من الطعام.. وبين دموع الأطفال وصراخهم وبكاء الأمهات يتم مشهد فراق يفتت أقسى القلوب». واتخذ قرار التهجير في 27 مايو 1915م، وتسبب التهجير الذي اتجه ناحية جنوب الأناضول وسورية ولبنان والعراق - وهي كلها كانت ضمن أراضي الدولة العثمانية - في الكثير من المآسي والأحداث الفظيعة لمن كتب عليهم ذلك، وماتت أعداد كبيرة منهم في الطريق، وظل عدد كبير آخر منهم، وانتهى بهم المطاف في أماكن بعيدة عن العمران أو دول أخرى، ومن ثم لم يتم حصر وصولهم، واعتبروا في عداد الأموات أيضاً، وهو ما رفع من أرقام ضحايا التهجير بشكل مباشر أيضاً. وقرار التهجير داخل أراضي الدولة نفسها كان يستهدف منع الأرمن من إقامة دولة داخل الدولة - كما تؤكد المصادر التركية في معرض دفاعها عن تهمة الإبادة.

كارثة أم إبادة؟

يؤكد الطرف التركي اليوم أن ما حدث لم يكن عملية تطهير عرقية، أو مذبحة، وإنما عملية نقل للأرمن إلى أماكن أخرى ضمن حدود الدولة العثمانية، وذلك بسبب «سعيهم للاستقلال عن الإمبراطورية العثمانية بتحريض من روسيا القيصرية، كما أن الكتائب الفدائية الأرمينية ارتكبت مجازر في حق الفلاحين الأكراد، والأتراك في منطقة (أرضروم) وغيرها، والأرمن لا ينكرون ذلك، وإنما اعتبروا ما فعلوه مقاومة ودفاعاً عن الشعب الأرمني»؛ كما تروي الباحثة صفاء اليوسف. ولذلك كان التهجير في نظر بعضهم ضرورة قومية.هناك العديد من القرائن التي تشير إلى أن الدولة العثمانية حاولت تقليل الخسائر البشرية من مشروع التهجير، واتخذت التدابير إذ قامت باستصدار مرسوم إلى المحافظات جميعها عن طريق إرسال تلغراف يحوى التالي: «احذروا وقوموا بالنقل بطريقة سليمة وصحيحة. أكثروا من عدد الحراس تحسباً لحدوث أي هجوم في الطريق .. احذروا الخسارة». كما تم التوجيه أن يودع الأطفال الأيتام لدى عائلات ترعاهم لمدة معينة وكانوا يمنحون المال أيضاً لعناية أفضل. وتوجد مئات الوثائق التي تبرهن على ذلك.
وجاء في دائرة المعارف الكبيرة للاتحاد السوفييتي (طبعة 1926): «إذا نظرنا للمشكلة الأرمينية من المنظور الخارجي رأينا أنها ليست سوى محاولة القوى الكبرى إضعاف تركيا وذلك بمعاونة ومساعدة القوى الانفصالية فيها لكي تتيسر لها سبل استغلالها وامتصاص خيراتها. هذه القوى الكبرى كانت عبارة عن الدول الأوروبية الكبرى وروسيا القيصرية. ولم تكن الحوادث التي جرت عبارة عن وقوع مذبحة، بل مجرد وقوع قتال بين الطرفين».
وفي عام 1985م نشر 69 مؤرخاً أمريكياً من المختصين بالتاريخ العثماني بياناً ينفي وقوع أي عملية تطهير عرقي للأرمن من قبل الأتراك. لكن الأرمن قاموا بحملة تهديد ضد العلماء وهددوهم بالقتل وقدموا بعضهم للمحاكم، ونجحوا في إرهاب معظم هؤلاء، إلا القليل مثل برنارد لويس وجوستن ماك آرثي وأندرو مانكو. ويمكن تلخيص الموقف العام في هذه اللحظة الراهنة من تلك المأساة في النقاط التالية:
- يسيطر أصحاب التيارات القومية الأرمينية المتعصبة للعرق الأرميني على الحوار والنقاش حول ما حدث في بداية القرن، ويحاولون فرض رؤية أحادية هم فقط أصحابها على العالم.
- في المقابل رفضت الجمهورية الأتاتوركية طوال العقود الماضية - في الفترة التي سبقت وصول حزب العدالة والتنمية - مجرد الحديث عن هذه المأساة، وكان محرماً أن يطرح هذا الموضوع على ساحة النقاش المجتمعي العام؛ لأنه ينافي الفكرة التي قامت عليها جمهورية أتاتورك، في أن تركيا للأتراك، وينافي كذلك الفكر القمعي الذي كانت الحكومات المتعاقبة تمارسه بشكل منظم على الرأي العام بحجة حماية الدولة من الأخطار الخارجية والداخلية والانفصالية.
- حكومة حزب العدالة والتنمية لا تمثل استمراراً لهذا الفكر، بل تقدم نموذجاً متحرراً من تلك التعقيدات، ومن ثم فإنها طرحت من البداية فكرة ضرورة النقاش المجتمعي حول ما حدث في تلك الفترة، مع عدم إقرارها بأي شكل من الأشكال بحدوث إبادة، وإنما كارثة إنسانية مروعة أصابت المسلمين والأرمن في تركيا على حد سواء، وما كان ينبغي لها أن تحدث.
- تحاول تركيا اليوم التأكيد على أن عدم حدوث إبادة عرقية لا يعني أنه لم تحدث مظالم أو انتهاكات أو تجاوزات في حق الأرمن في تركيا في تلك الفترة الزمنية المرتبطة بدولة الاتحاد والترقي، والتي كانت تماثل التيار القومي الأرمني في عنصريتها وتوجهاتها الإقليمية. أي: أن تلك الفترة كانت تشهد صراعات بين أطراف كلها تمثل درجة مرتفعة وغير مقبولة في عالم اليوم من التعصب العرقي. وتغفل الرواية الأرمينية القومية لما حدث في تلك الفترة (بداية القرن العشرين) الكثير من الخلفيات التي تسببت في الكارثة التي حدثت، ولا يعني هذا تبرير أية انتهاكات، ولكنها كانت فترة أصبحت فيها الأقلية الأرمينية في تركيا متحالفة بشكل واضح وفج مع أعداء تركيا سواء كانوا الروس أو اليونانيين أو الغرب، وكانت عناصر تلك الأقلية - دون تعميم - تمارس الجرائم الوحشية تجاه الأكراد وبقية فئات المجتمع التركي. ويعلق على ذلك سياسي تركي في حوار معه قائلاً: «إذا تطرقنا إلى القصص الفردية سنواجه بالفعل قصصاً مؤلمة جداً. إن الروايات التي ترويها إحدى السيدات الأرمن تحوي الألم نفسه والمعاناة ذاتها لحكاية أخرى ترويها مسلمة من القوقاز. ولكن هذه الروايات مختلفة جداً عن الروايات المطروحة سياسياً من قبل الأرمن. الأرمني يقول: لقد مشينا جائعين وعطشى، وهناك قتلت ابنة عمي، ولكنه لا يقول حدثت لنا إبادة جماعية. ولكن المتلاعبين بهذه الروايات يدعون أنها إبادة جماعية. وهذا ما لا أقبله فردياً. يجب النظر أيضاً إلى الروايات الفردية مثل الخطابات. كتب أحدهم: «بينما أنا أترك خربوط تركت أشيائي ومقتنياتي الثمينة أمانة لدى الأخ إسماعيل». فإذا كان هناك كراهية عنصرية بسبب العرق أو الدين هل كان سيترك مقتنياته الثمينة لأحد المسلمين؟ ولماذا يرسل إلى الأخ إسماعيل بعد وصوله إلى حلب قائلاً: «لقد وصلت بالسلامة أرجو أن ترسل أشيائي إلى هذا العنوان»؟ لدينا وثائق حول ذلك. لقد قرأت الرسائل جميعها الصادرة من الأرمن الذين ذهبوا إلى حلب. نعم هناك مأساة إنسانية ولكن ليست إبادة جماعية. هؤلاء الناس لا يكنون الكراهية للجيران والدولة».

إلى أين يتجه الخلاف؟

توجد ثلاث رؤى مختلفة حول الخلاف التركي - الأرميني. الموقف الأول يمثله التوجه الأرميني بوجه عام، ويميل إلى مناصرة مواقف التيارات اليمينية القومية الأرمينية. ويصر التيار الأرميني القومي في الشتات، وفي الدول التي تقيم بها أقليات أرمينية نافذة مرتبطة بالغرب على أن المخرج الوحيد لهذه الأزمة هو أن تعترف تركيا اليوم أن ما حدث كان مشروع «إبادة عرقية» استهدفت الأرمن لدينهم وعرقهم، وأنهم لم يكونوا مقاتلين للدولة العثمانية، ولم يكونوا كذلك أصحاب مشروع انفصالي عنها. ووجهة النظر الأرمينية تصر على أن الدولة العثمانية/ التركية أصدرت قراراً بإبادة الأرمن، وتقدم رقماً لعدد الضحايا يتراوح بين نصف مليون وثلاثة أضعاف هذا العدد، أي: مليون ونصف المليون. أما الرؤية الثانية فتمثلها الأقلية الأرمينية في تركيا، والتي ترى أن الأمر كان فاجعة ومأساة، ولكنه لم يصل إلى حد القول بالإبادة العرقية، وأن ما مضى قد ولى، ولا داعي لإثارة الجراح بفتح الموضوع مرة أخرى للنقاش. وأما الرؤية الثالثة فهي وجهة النظر التركية التي تنفي نفياً قاطعاً وجود أمر حكومي بإبادة الأرمن، وإن لم تنف صدور أمر ترحيل وتهجير للأرمن وغيرهم من الأقليات المسلمة وغير المسلمة من مناطق ذات مغزى إستراتيجي عسكري، وفي الوقت نفسه تتمسك بأن عدد ضحايا عملية التهجير أقل بشكل كبير من الأرقام «الأرمينية».

لماذا يثير الغرب تهمة إبادة الأرمن الآن؟

كان الموقف الغربي بالمجمل طوال العقود الماضية - في الفترة التي كانت فيها تركيا بعيدة عن تراثها وهويتها، وباحثة عن التحالف مع الغرب والكيان الصهيوني، ورافضة للارتباط بالمجتمع المسلم الدولي - يميل إلى وصف ما حدث للأرمن في نهاية الدولة العثمانية أنه كارثة، ويرفض فكرة أن توصف تلك الأحداث بأنها كانت إبادة عرقية أو ما شابه. وتبنت الجمعيات الصهيونية، والكيان الصهيوني، الفكرة نفسها الرافضة لفكرة الإبادة. ويؤكد ذلك الكاتب البريطاني الأصل والصهيوني المزاج «برنارد لويس»، في عدد من الدراسات والكتب حول تلك الكارثة، وهو الذي لا يعرف بتعاطفه مع العالم المسلم بأي شكل من الأشكال.
ورغم أن الأمم المتحدة أعلنت أنها لا تعتبر ما حدث في تركيا في بداية القرن «إبادة عرقية»، وهو الموقف الدولي الرسمي من تلك الأحداث حتى الآن وعلى مدى تسعة عقود كاملة؛ إلا أن أوروبا والكيان الصهيوني وكذلك الولايات المتحدة الأمريكية قد بدؤوا في تغيير مواقفهم في الآونة الأخيرة بناء على حسابات إستراتيجية جديدة. أوروبا تريد عرقلة دخول تركيا إلى الاتحاد الأوروبي، ولذلك أصدر الاتحاد الأوروبي بياناً عام 1987م ينص على أن الأحداث التي جرت للأرمن عام 1915م ـ 1917م كانت عملية إبادة جماعية، وفقاً لمعايير الأمم المتحدة عام 1948م، وربط انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي باعترافها بالمذابح الجماعية للأرمن، ولكن بدون تبعات سياسية، أو قانونية أو مادية. ومع الوقت بدأت فرنسا الرافضة لدخول تركيا إلى الاتحاد الأوروبي في استخدام ورقة الضغط نفسها، ولذا كان برلمانها هو أول برلمان نادى باعتبار ما حدث في تركيا مع الأرمن «إبادة عرقية». فقد أرادت الجمعية الوطنية الفرنسية عام 2006م تقديم مشروع قرار يطالب بمعاقبة كل من ينكر إبادة الأرمن على أيدي العثمانيين في 1915م.
أما الكيان الصهيوني فقد كان يرى أهمية المصالح الإستراتيجية مع تركيا طوال العقود الماضية، حتى تولى حزب العدالة والتنمية سدة الحكم في تركيا حيث تغيرت العلاقة وتبعها تغير الموقف الصهيوني من ملف الأرمن. وفي الأعوام الأخيرة بدأ الكيان الصهيوني يستشعر الخطر من ميول حزب العدالة والتنمية إلى دعم القضية الفلسطينية، والابتعاد التدريجي لتركيا عن التحالف مع ذلك الكيان، وظهر على الفور من ينادي داخل ذلك الكيان بفتح ملف «الإبادة» ضد تركيا اليوم! ثم تسبب نهوض تركيا من كبواتها الاقتصادية وعودتها التدريجية إلى التعاطف مع قضايا العالم المسلم، واستعادة هويتها الإسلامية؛ في قلق الدوائر الأمريكية من هذه النهضة، وهو ما يعني السعي نحو تحجيم التطور التركي، وهو ما استدعى بشكل مباشر البحث في ملفات الماضي عما يمكن أن يحجم تلك النهضة. وفي عام 2007م تبنى الكونغرس الأمريكي قراراً حول الإبادة، ولكن الرئيس السابق جورج دبليو بوش أجّل التوقيع عليه إلى أن غادر البيت الأبيض حرصاً على عدم دفع العلاقات الإستراتيجية بين بلاده وتركيا إلى مزيد من التوتر والسوء. ومؤخراً أقرت لجنة العلاقات الخارجية في مجلس النواب الأمريكي قراراً يؤكد «الإبادة» بغالبية صوت واحد فقط. وقد أقرت اللجنة الأمريكية مشروع قرار الاتهام بأغلبية 23 صوتاً مقابل 22، جاء فيه «أن الجمهورية التركية الحديثة قامت على أنقاض الدولة العثمانية التي عملت خلال السنوات (1915-1923م) على تهجير الأرمن من قراهم ومدنهم التي كانوا يسكنون فيها في شمال الأناضول وجنوبه، بتهمة (التحالف مع روسيا)، وأن هذه الممارسات التركية (توجت بإبادة جماعية) بحق الأرمن».
لقد تفهم اللوبي الأرميني التغير في المزاج الأوروبي والأمريكي الهادف إلى تحجيم انطلاقة تركيا، ونجح إلى حد كبير في المناداة بفكرته في دول الغرب كلها، وبعض دول أمريكا الجنوبية واللاتينية التي تتركز فيها الجاليات الأرمينية من أصول لبنانية وسورية وتركية أيضاً. وقد قامت الدول التالية - وعددها 19 دولة - بتمرير قرارات عبر برلماناتها في الآونة الأخيرة تشير إلى أن ما حدث بين الدولة العثمانية وبين الأرمن في بداية القرن الماضي كان بشكل ما يعد «إبادة عرقية» وهذه الدول هي: الأرجنتين وبلجيكا وفرنسا وهولندا وسويسرا وإيطاليا وكندا ولبنان وروسيا وسلوفاكيا وأوروجواي واليونان وقبرص اليونانية وبولندا وألمانيا وليثوانيا وشيلي وفنزويلا. وهناك مشروعات قرارات في برلمانات الولايات المتحدة الأمريكية وكندا وبريطانيا وأستراليا. واستعراض تلك الدول يؤكد التوافق غير المعلن بين الغرب وبين اللوبي الأرمني الذي يعمل جاهداً على استمالة أوروبا الغربية بالعموم ضد تركيا، وكذلك يحاول الاستفادة من الضغط على دول أمريكا الجنوبية لوجود جاليات أرمينية مؤثرة بها لتشكيل نوع من الضغط الدولي باتجاه تبني الموقف الأرميني من القضية.

تأثير هذه الأزمة على تركيا:

لا تقبل تركيا الإسلامية أو العلمانية الاعتراف بفكرة «إبادة» الأرمن أو الاعتذار عنها لأن ذلك لا يعني إحراجاً للمؤسسة العسكرية والنظام الأتاتوركي فحسب، كما يرى الباحث مصعب الهلالي، بل يعني أكثر ما يعني «حصول أرمينيا على الكثير من التعويضات المالية الباهظة وربما الجرأة على المطالبة بتنازلات تركية لا حصر لها؛ منها على سبيل المثال: توفير ممرات ومعابر دائمة عبر أراضيها معفاة من الرسوم للصادرات والواردات الأرمينية.. وكذلك غض تركيا الطرف عما يجري من خلاف بين أرمينيا وأذربيجان على أقليم «ناجورنو كاراباخ».. ولا شك أن اليهود سيطلون برأسهم ويحشرون أنوفهم حيثما تواترت إلى أسماعهم كلمة (تعويضات) .. فهناك بضعة آلاف من اليهود الأرمن ستدعي إسرائيل في التوقيت المناسب أن بعض أسلافهم كانوا ضحايا مذبحة الأرمن المختلف عليها عام 1915م». ويطالب الأرمن أولاً بألا يناقش أحد في سرديتهم التاريخية لما حدث، وهذا نوع من احتكار الحقيقة لا تملك تركيا القبول به، أو الرضوخ له مهما كانت المبررات؛ لأنه يعني ابتزاز دولي بلا نهاية، وما حدث لألمانيا في هذا الشأن خير دليل على ذلك، وبالمقابل فإن معظم دول العالم لا تقر بحدوث تلك الإبادة في تركيا بعد أكثر من تسعة عقود من تلك الأحداث، وصدور مئات الكتب التي تشرح ملابساتها. والقبول التركي بمبدأ التسليم بالرؤية الأرمينية لتلك الأحداث يعد انتحاراً قومياً لا يمكن تخيل قبوله لأي حكومة تركية. أما المطلب الثاني بالاعتراف والاعتذار عن المذابح بعد أن توصف بأنها «إبادة عرقية» فهو أيضاً مطلب لا يمكن للأتراك قبوله دون نقاش. الراجح أن حكومة حزب العدالة والتنمية لا تمانع من الاعتذار عن الكارثة، وليس عن الإبادة، وأن يكون ذلك في سياق بحث التجاوزات التي حدثت من الأرمن ومن الدولة العثمانية معاً، وليس فقط التركيز على جانب واحد. وأما المطلب الثالث للأرمن والذي يتركز على فكرة التعويضات بشقيها المالي، وكذلك استعادة أراض من الدولة التركية لكي تضم إلى أرمينيا، فهو مطلب ليس من المعقول أن تستجيب له الحكومات التركية. وفكرة التعويضات المالية والجغرافيا ستكون فكرة شائكة، ومن ثم فإن هذه الورقة ستستخدم لابتزاز لتركيا مع معرفة الأطراف جميعها بصعوبة تنفيذها إلا في حال انهيار النهوض الحضاري التركي الحالي، وهو ما تراهن بعض القوى على إمكانية حدوثه عند استخدام الضغط المستمر بورقة إبادة الأرمن. كما أنه من الواضح أن هذه الأزمة سيتم تصعيدها من قبل الفريق المعارض لدخول تركيا إلى الاتحاد الأوروبي؛ من أجل إضعاف الملف التركي، أو إجبار تركيا على تقديم تنازلات متعددة تضعف من قوتها الحضارية في حال دخول الاتحاد، وإرباكها بمجموعة قيود أخلاقية «عقدة ذنب» تمنعها من طرح الأفكار والرؤى المسلمة بحرية، وكذلك تقييدها اقتصادياً بحزمة من المطالب تجاه الأرمن تحجم من النمو الاقتصادي الحر. وأخيراً فإن توريط تركيا في ملف الاعتذار للأرمن عن إبادة لم تحدث - كما يرى الأتراك - سوف يضعف من القيمة الاستراتيجية لتركيا على الساحة الفكرية والسياسية، ويحولها إلى كيان هزيل استراتيجياً يعاني إشكاليات الماضي التي يمكن إشعالها بشكل مستمر في الحاضر لوأد أي نهضة مستقبلية للمجتمع التركي. ويمكن لهذه الأزمة أيضاً أن تتسبب في إحراج تركيا في الملفات الإقليمية، وتحجيم قدراتها في لعب دور فاعل في القضايا الإسلامية تحت مبرر «جرائم تركيا العنصرية»، وهو هدف يمكن أن يهتم به بشكل كبير الكيان الصهيوني الذي أصبح أكثر تخوفاً من أي وقت مضى من الدور التركي في القضية الفلسطينية من ناحية، وفي دعم الموقف الإيراني من البرنامج النووي أيضاً.

وأخيراً: فإن الولايات المتحدة تبحث عن ورقة ضغط قوية ضد تركيا تمكنها من الحفاظ على مكاسبها الاستراتيجية في تركيا، وقد تكون تهمة «الإبادة العرقية» هي تلك الورقة التي يمكن لأمريكا استخدامها باستمرار في وجه أي سياسات تركية تضر بالمصالح الاستراتيجية الأمريكية. ويستتبع هذا ألا تقوم أمريكا بشكل عاجل بإقرار «الإبادة العرقية»، وإنما تلوح بها بين الحين والآخر، وهو بالضبط ما تفعله الإدارة الأمريكية الحالية والسابقة أيضاً. ويمكن القول بالمجمل: إن هذه الأزمة مرشحة للتفاعل المستمر خلال الأعوام المقبلة، وإن من مصلحة تركيا أن تدرك حدود الاعتذار الممكن عما حدث في بداية القرن الماضي تجاه الأرمن، وأن تصر على موقفها من أن تكون الرؤية الأرمينية قابلة للنقد، والرؤية التركية قابلة للبحث، والنتيجة التاريخية تحدد بالضبط ما حدث، وتوصيفه، وتبعات ذلك التوصيف على أجيال المستقبل في تركيا ومحيطها الإقليمي والدولي، وعلاقتها بالأرمن وأرمينيا ودول الجوار.

الموقف العربي والمسلم من القضية:

إن المصالح العربية والإسلامية الإستراتيجية المرتبطة بتركيا متنوعة وتشمل العديد من الجوانب من بينها: الاشتراك في الدين الإسلامي، والعلاقات الجغرافية والجيوسياسية المرتبطة بالمياه والموارد الطبيعية، وكذلك النمو المستمر في حجم المبادلات التجارية والعلاقات الاقتصادية، والرغبة المجتمعية العامة في العالم العربي والمسلم في دعم توجهات حزب العدالة والتنمية التركي الحاكم المتعاطفة مع الشرق المسلم، والراغبة في لعب دور أكثر فعالية في دعم قضايا العالم العربي والمسلم، وأخيراً الرغبة في تحجيم العلاقات التركية الإسرائيلية وحرمان إسرائيل من قطف أية ثمار عسكرية أو غيرها لقاء هذه العلاقة التي شهدت فيما مضى تقارباً ملحوظاً، في الأوقات التي ابتعدت فيها تركيا عن هويتها الجغرافية والدينية والفكرية. ولكي يمكن فهم هذا التوازن في التعامل مع مشكلة مؤهلة للتصاعد والاستمرار على الساحة الدولية في الأعوام القادمة؛ يمكن التوصية بعدد من الخطوات العملية في هذا الشأن، من أهمها:
- الحاجة إلى المزيد من الدراسة التاريخية المحايدة لما حدث في بداية القرن الماضي ضد الأقليات في تركيا، وهل كان ذلك يمثل «إبادة عرقية أم لا»، وأن تتكون رؤية عربية إسلامية واضحة لما حدث بعيداً عن التأثر بأي من أطراف الخلاف بالشكل الذي يطعن في المصداقية أو الموضوعية في تناول تلك الأحداث.
- من المهم مواجهة مشروع تركيع تركيا أو إذلالها بسبب هذا الخلاف الذي لم يحسم بعد، ويجب على الدول العربية والمسلمة أن تكون واضحة في رفضها أن تتبنى برلمانات غربية إدانة تركيا دون مبررات حقيقية، ودون إتاحة الفرصة لتركيا لعرض وجهة نظرها.
- نوصي بتشكيل لجنة مسلمة محايدة لبحث الوثائق التاريخية المرتبطة بتلك المرحلة، وتقديم رؤية عربية إسلامية متكاملة عما حدث في تلك الفترة يمكن أن تساهم في توضيح تلك الأحداث، ومن ثم الدفاع عن الظلم الذي يمكن أن يرتكب في حق أي من الطرفين التركي أو الأرمني من جراء اعتماد الادعاءات التاريخية دون بحث وتمحيص. كما أن وجود موقف عربي وإسلامي موحد من هذه القضية سيساهم في تشكيل موقف دولي عادل من ناحية، وتحجيم فرص خصوم تركيا في استخدام هذه الورقة لتركيع دولة مسلمة وإذلالها وابتزازها.
- حساسية الأوضاع في شمال العراق وسورية وإيران من ناحية، وجنوب الأناضول وشرقه من ناحية أخرى؛ تؤكد أن تلك المنطقة ستشهد تغيرات عدة في المرحلة القادمة مرتبطة بالقضية الكردية من ناحية، وقضايا الأمن المائي من ناحية ثانية، والتوسع في التبادلات التجارية من ناحية ثالثة، ومن ثم فإن إغلاق مثل هذه الملفات الشائكة سيساعد في نمو التواصل التجاري والاقتصادي بشكل طبيعي وبعيداً عن الأزمات التي يراد إثارتها حول تلك المنطقة ليس فقط من المنظور التاريخي، وإنما من زاوية المطالبات المستقبلية أيضاً.
- إن توحيد الصف العربي والمسلم يساهم بلا شك في تخفيض حجم واحتماليات تجاوز خصوم الأمة لحقوق المجتمعات العربية والمسلمة، والاهتمام بعودة تركيا إلى الصف المسلم يجب أن يكون إحدى أهم استراتيجيات المرحلة القادمة التي تشهد عودة التكتلات إلى عالم يتكون اليوم من أقطاب متعددة يمكن أن يكون للقطب المسلم فيها دور فاعل. إن ملف إبادة الأرمن، واتهام تركيا به يستخدم لتفتيت هذا التحالف العربي المسلم، وإشغال تركيا في قضايا تاريخية عنصرية قومية تحيي التوجهات الأتاتوركية في البلاد بشكل يمكن أن يعوق نهضتها وعودتها إلى هويتها المسلمة.
يسعى بعض الغربيين من خلال إثارة موضوع إبادة الأرمن إلى اتهام الخلافة المسلمة بجرائم الإبادة العنصرية من أجل إسقاط الادعاء المسلم أن الحضارة المسلمة لا ترتكب تلك الأفعال، وهم ما يجعل الغرب والصهاينة والمسلمين في كفة واحدة في ذلك، ويقضي على ميزة حديث المسلمين الدائم عن التسامح والتعايش الفعلي مع الآخر. عقدة الذنب الأوروبية من إبادة اليهود، وعقدة الذنب اليهودية من ممارسات الكيان الصهيوني ضد الفلسطينيين تجتمعان حول أهمية إحداث عقدة ذنب مساوية لدى المسلمين، ويمكن لتصعيد ملف كارثة الأرمن أن يساهم في صنع هذه العقدة التي يمكن أن تمنع المسلمين من الحديث عن تميز حضارتهم بعدم ارتكاب أي جرائم إبادة عرقية في حق أي من الشعوب على مر التاريخ.
يشعر منافسو تركيا أن التعاطف الشعبي الإقليمي مع قيادات حزب العدالة والتنمية، مع النهوض الحضاري والاقتصادي التركي في العقد الحالي يمكن أن يقدم نموذجاً بديلاً عن الحضارة الغربية.. نموذجاً يرتبط بالإسلام وينطلق من التآلف معه، ويقدم إمكانية النجاح الاقتصادي والاجتماعي عبر الإسلام وليس عبر التخلي عنه. ويرى بعض منافسي الإسلام ضرورة تشويه هذا النموذج حتى ولو كان الطريق إلى ذلك تسويق تهمة لم تثبت من قبل، ومحاولة إلصاقها بالكيان الصاعد على الساحة الإقليمية والدولية.
من المهم في العالم العربي والمسلم إدراك أن التنافس الحضاري مع الغرب قد يكون أحد محركات ومبررات الغرب لإلصاق تهمة الإبادة العرقية ضد تركيا.
http://albayan.co.uk/MGZarticle.aspx?ID=427

خطاب أسد الدين
07-14-2015, 05:48 PM
أقول إن التأريخ يجب عليه أن يكون علما بعيدا عن الاساطير السياسية و أن يتم بناء مبادئه على الوثائق. و يجب ان تكون الدراسات على الوثائق بشكل موضوعي و لا بد من الدراسات أن تكون أكادمية غير سياسية. و إن لم يكن الدراسات التأريخية على هذا المحور فالنتائج التي تم الحصول عيها ستكون عبارة عن الأساطير فقط. فقد اقترح رئيس الوزراء التركي على تأسيس لجنة متكونة من المؤرخين المحترفين لاكتشاف عن الحقائق المتعلقة بأسطورة الإبادة الأرمنية ولكن الأرمن لم يتفقوا على هذا الاقتراح وكذلك مدعّموهم في الساحة السياسية الدولية وهم يصرون على الامتساك بأوهامهم وأساطيرهم من سبب الأغراض السياسية

ولعلك الاساطير السياسية قد اجاز النقد والبحث فيها الفيلسوف جارودى رحمه الله عندما تحدث عنها فى كتابه الاساطير للسياسة الاسرائيلية .
ولذلك الهولوكست عندما تدرس بشكل اكاديمى تاريخى تخفت الانبهارات والانذهالات من الدماء وتسير فى اطار المعقولية وبشكل اكثر فهما ومعرفة بالواقع .
والامر الاخر ان كثير من القساوسة يقومون بالتهييج على تلك الاحداث انها كانت قصد عرقى ودينى للابادات العثمانية للأرمن .
لو أراد العثمانيون إبادة الأرمن لا يهجرونهم. بل يبيدونهم في مكانهم. ولكن لما قام بعض الأرمن بالإرهاب بين المواطنين العثمانيين العزل وبدعم ممن يريدون تمزيق الدولة العلية اضطرت الدولة العثمانية إلى تهجيرهم . ولم يقتلهم ولم يبدهم . وهذا من عظمة الولة العثمانية و من إنسانيته .

لم يقتل الارمن لانهم مسيحيون ولكن لانهم خانوا الدولة وتواطئوا ضدها مع الخارج بدليل ان الدولة العثمانية قاتلت عرب مسلمين عندما ارادوا الانفصال عن الدولة العثمانية وكما الان نشاهد الدولة التركية تقاتل الاكراد وهم مسلمون ولكنهم يسعون بالعنف الى الانفصال عن الدولة التركية -


مجازر أم إبادة؟
قنبلة البابا والموقف الغربي
احتفالان في الذكرى المئوية

الرابع والعشرين من أبريل/نيسان من كل عام، يمثل محطة توتر جديدة بين الأرمن والأتراك على خلفية المجازر التي ارتكبت بحق الأرمن في عهد الدولة العثمانية.

في هذا العام، أي في الذكرى المئوية للمجازر دخلت القضية منعطفا جديدا خاصة بعد أن قامت أرمينيا بحملة دبلوماسية وسياسية كبيرة شملت تنظيم سلسلة فعاليات كبيرة، لكن ما يؤرق تركيا ليس هذه الفعاليات، بل المواقف الدولية وتحديدا الغربية منها التي تتجه إلى توصيف ما جرى بـ"الإبادة" وما يترتب على ذلك من مسؤولية أخلاقية وقانونية وسياسية.

مجازر أم إبادة؟
"يرى الأرمن أن ما جرى ضدهم كانت إبادة منظمة، بعد أن اتهمتهم الدولة العثمانية بالخيانة والعمل لصالح الإمبراطورية الروسية، في حين ترى تركيا أن ما جرى لم يكن إبادة بل أعمال قتل وقعت بسبب ظروف الحرب وانقلاب الأرمن على الدولة"
يرى الأرمن أن ما جرى ضدهم كانت إبادة منظمة، بعد أن اتهمتهم الدولة العثمانية بالخيانة والعمل لصالح الإمبراطورية الروسية التي كانت في حرب مع الدولة العثمانية لسنوات طويلة، في حين ترى تركيا أن ما جرى لم يكن إبادة بل أعمال قتل وقعت بسبب ظروف الحرب العالمية الأولى وانقلاب الأرمن على الدولة، وأن الضحايا لم يكونوا من الأرمن فقط بل من الأتراك والأكراد أيضا.

يقول الأرمن إن عدد ضحاياهم بلغ مليون ونصف مليون أرمني وأن هؤلاء قتلوا من خلال أعمال حربية منظمة، عبر حملات اعتقال وتجميع وتصفية جسدية، فضلا عن هلاك كثيرين في المنافي بسبب الجوع والمرض. لكن تركيا تقول إن عدد الضحايا كان قرابة ثلاثمائة ألف فقط ومثلهم من الأتراك، وإن حملات الترحيل التي جرت إلى الصحراء السورية وتحديدا محافظة دير الزور لم تكن بهدف القتل بل كانت لحماية الأرمن بعد أن شاع جو من العداء لهم في الدولة العثمانية بسبب خيانتهم وعمالتهم للروس، في حين تقدر تقارير المراكز والهيئات الدولية المعنية عدد الضحايا بنحو مليون أرمني.

طوال العقود الماضية سعى الأرمن في الداخل والخارج إلى الإبقاء على قضية المجازر حية من خلال تنظيم فعاليات سنوية والتحرك في المحافل الدولية ولاسيما البرلمانات لإقرار الإبادة، واستند الأرمن في تحركهم هذا إلى قانون منع الإبادة الجماعية الذي أقرته الأمم المتحدة عام 1951 ووضعته تحت بند القانون الدولي، وكثيرا ما يقارن الأرمن بين ما جرى لهم والمجازر التي ارتكبت في رواندا وكمبوديا وليبيريا ويوغسلافيا.

واللافت هنا أن الأرمن لا يطالبون فقط بالإقرار بفعل جريمة الإبادة، بل بحقوق تاريخية داخل تركيا على اعتبار أنهم يرون أن لهم أراضي داخل الأراضي التركية تسمى بأرمينيا الغربية حيث جبل آرارات الذي يعد رمزا للأرمن.

في المقابل ترى تركيا أن هناك تضخيما مقصودا من قبل الأرمن لكل ما جرى، وأن الأهداف السياسية تقف وراء الحملة المتواصلة، وقد أبدت استعدادها في أكثر من مناسبة ولاسيما في عهد رجب طيب أردوغان لتشكيل لجنة من المؤرخين لدراسة القضية في ظروفها التاريخية وإقرار النتيجة في ضوء ما سيتم التوصل إليه من حقائق.

وقد كان أردوغان قد طلب هذا الأمر رسميا من الرئيس الأرمني السابق روبرت كوتشاريان عام 2005 مبديا استعداد أنقرة لفتح أرشيف الدولة العثمانية لهذه الغاية.

تناقض روايات الجانبين بشأن ما جرى، حال حتى الآن دون تطبيع العلاقات بين البلدين رغم توصلهما إلى اتفاق زيوريخ عام 2009 الذي شكل في نظر كثيرين فرصة تاريخية لطي صفحة الماضي وفتح صفحة جديدة خاصة أن أردوغان قدم ما يشبه الاعتذار عن أعمال القتل التي وقعت.

"اللافت هنا أن الأرمن لا يطالبون فقط بالإقرار بفعل جريمة الإبادة، بل بحقوق تاريخية داخل تركيا فهم يرون أن لهم أراضي داخل الأراضي التركية تسمى بأرمينيا الغربية حيث جبل آرارات الذي يعد رمزا للأرمن"
ولعل تعثر جهود المصالحة يكشف عن أبعاد سياسية تتجاوز قضية الاعتراف بالمجازر التي ارتكبت إلى القضايا السياسية الخلافية، ولاسيما قضية الصراع بين أرمينيا وأذربيجان الحليفة التاريخية لتركيا، فضلا عن رفض تركيا لأي مطلب أرمني بشأن ما تعتبره أرمينيا حقوقا تاريخية في أرمينيا الغربية داخل أراضي الجمهورية التركية.
قنبلة البابا والموقف الغربي
ربما لم تكن أنقرة تتوقع وصف البابا فرانسيس أحداث عام 1915 بأنها إبادة عندما قال إن ما جرى كان أولى مجازر الإبادة الجماعية في القرن، وعليه كان تصريحه أشبه بقنبلة صوتية قوبلت برد تركي قوي، إذ استدعت أنقرة السفير البابوي لديها، وأطلقت موجة انتقادات شديدة للبابا، محذرة إياه من تكرار هذه التصريحات، ومتحدثة عن تناقض تصريحه مع مضمون خطابه بشأن التسامح خلال زيارته تركيا.

والواقع أن خطاب تركيا كان موجها بالدرجة الأولى لما يمكن أن يكون عليه موقف الدول الغربية في الذكرى السنوية للمجازر، وتحديدا لما سيقوله الرئيس الأميركي باراك أوباما في الرابع والعشرين من هذا الشهر (سبق أن وعد أوباما عندما كان عضوا في مجلس الشيوخ عام 2008 بالاعتراف بالإبادة الأرمنية) وكذلك إلى القرار الذي سيصدر عن البرلمان الأوروبي الذي سيصوت على قضية إقرار الإبادة.

فقد بدأت تركيا تحس بوطأة مسلسل اعتراف العديد من الدول بالإبادة حيث بلغت عدد الدول التي اعترفت بهذا الوصف 21 دولة، وهي تحس في العمق بأن مسلسل الاعتراف هذا يشكل نجاحا للوبيات الأرمنية في الخارج ولاسيما في الولايات المتحدة، وفي الجوهر ترى أن مسلسل الاعتراف يأتي على حساب رؤيتها لطبيعة الأحداث التي وقعت، بغية دفعها إلى الاعتراف بارتكاب جريمة إبادة لم ترتكبها، خاصة أن تركيا أقرت القانون 301 الذي يجرم الاعتراف بالمجازر التي ارتكبت في الدولة العثمانية.

وفي الأساس، ثمة اجتهاد في الأوساط التركية، يرى أنه لا يمكن تحميل تركيا ولا الدولة العثمانية مسؤولية ما جرى، فتركيا الحالية ليست الدولة العثمانية، وعندما ارتكبت المجازر كانت الدولة العثمانية منهارة، وكان الاتحاديون الأتراك هم الذين يحكمون البلاد وفي ظروف حرب.

ودون شك، فإن تصاعد موجة الاعتراف الدولي بمجازر الأرمن عزز من شكوك تركيا إزاء إستراتيجية الغرب نحوها، وفي العمق فإن تركيا ترى أن الغرب لم يطو بعد صفحة الصراع مع الدولة العثمانية تاريخا وجغرافيا ومجتمعا، وأن ثمة مخططات تعد في السر، وقد تظهر في الوقت المناسب لتستهدف كل ما سبق.
احتفالان في الذكرى المئوية
"إذا كان الأمر بالنسبة للأرمن قضية وطنية وسياسية ومقدسة، فإنه بالنسبة لتركيا ليس متعلقا بتاريخها فحسب بل بمستقبلها أيضا، فهي ترى أن تداعيات الإقرار والإدانة لن تقف عند حدود الاعتراف بمجازر الأرمن بل بما جرى أيضا للآشوريين والسريان والكلدان واليونانيين"
بالتزامن مع إحياء أرمينيا الذكرى المئوية للمجازر في 24 ابريل/نيسان، ستحتفل تركيا في نفس اليوم بالذكرى المئوية لمعركة غاليبولي (معركة شنق قلعة) التي ألحقت فيها القوات العثمانية هزيمة كبيرة بالقوات البريطانية والفرنسية والأسترالية والنيوزيلندية (تقول الوثائق إن 55 ألف جندي من هذه الدول قتلوا في هذه المعركة) وهذه هي المرة الأولى التي تنظم تركيا فيها الاحتفال بهذا اليوم بعد أن كانت تنظمه في الثامن عشر من مارس/آذار.

واللافت في احتفال هذا العام، هو توجيه الرئيس أردوغان دعوات المشاركة إلى قادة 102 دولة بما في ذلك الرئيس الأرمني سرج سركيسيان والرئيس الأميركي باراك أوباما. الرئيس الأرمني لم يكتف بإعلان رفض الحضور، بل وجه رسالة إلى أردوغان كانت أشبه باشتباك سياسي ودبلوماسي قال فيها "فخامة الرئيس قبل أشهر دعوتك لزيارة يريفان في 24 أبريل/نيسان، لنحضر معا إحياء ذكرى الضحايا الأبرياء الذين سقطوا في عمليات الإبادة الجماعية التي ارتكبت بحق الأرمن.. وليس من عاداتنا زيارة ضيف لم نتلق منه ردا على دعوة وجهناها له".

وتساءل سركيسيان في رسالته عن الغرض من إقامة احتفالات معركة غاليبولي في نفس يوم إحياء ذكرى مجازر الأرمن، مؤكدا أن الهدف هو صرف انتباه العالم عن ذكرى مجازر الأرمن، مطالبا بالاعتراف بهذه المجازر وإدانتها. ودون شك، فإن مضمون الرسائل المتبادلة بين أردوغان وسركيسيان يشير إلى دخول هذه القضية مرحلة جديدة من التوتر، تتقلص معها إمكانية المصالحة ما لم تحصل تطورات سياسية كبيرة أو تغير في موقف أي من الطرفين.

وفي ظل تباعد مواقف الجانبين ثمة من يسأل، لماذا لا تعترف تركيا بالمجازر التي وقعت وتطوي صفحة الماضي وتفتح صفحة جديدة مع أرمينيا؟

إذا كان الأمر بالنسبة للأرمن قضية وطنية وسياسية ومقدسة، فإن القضية بالنسبة لتركيا مختلفة، إنها قضية لها علاقة ليس بتاريخها فحسب بل بمستقبلها أيضا، نظرا لأنها ترى أن تداعيات الإقرار والإدانة لن تقف عند حدود الاعتراف بمجازر الأرمن بل بما جرى أيضا للآشوريين والسريان والكلدان واليونانيين.. بل وربما فتح الباب أمام مطالبات تاريخية بأراض وأماكن ورموز دينية بما يمس وحدتها وسيادتها، وهو ما لن تقبل به مهما كلفها الأمر، خاصة أنها ترى أن قوة موقعها الجيوسياسي في الإستراتيجيات والمصالح الدولية كفيلة بإبقاء القضية على هذا النحو ولو لقرن آخر.
المصدر : الجزيرة

خطاب أسد الدين
07-14-2015, 06:03 PM
يجب علينا في البداية ان نسال انفسنا لماذا لم تطرح هذة القضية في السابق عندما كانت تركيا العلمانية بقيادة الجيش وقائدة كنعان ايفرين ولماذ لم يتحدث احد عن ذلك عندما كانت تركيا اكبر صديق لاسرائيل والغرب

لاحظوا هذا الشاهد الاخير لما حدث من مذابح للأرمن على يد الاتراك وهى امرأة قعيده عمرها 100سنة ...
اقرؤوا وانظروا للتناقض


سيدة عمرها 100 عام "تزلزل" تركيا وتكشف تفاصيل "مذبحة الأرمن"
كتب : محمد الليثي
الجمعة 04-04-2014 21:30
تعد الإبادة الجماعية للأرمن التي ارتكبها الأتراك قبل مائة عام تقريبًا مصدر قلق كبيرًا للنظام الأردوغاني، من منطلق الكشف، مؤخرًا، عن العديد من الشواهد على تلك الإبادة، والتي من شأنها أن تدفع العديد من الدول الاعتراف بهذه المذابح، وعمليات القتل الممنهجة والترحيل القسري، ما يضع الكثير من العراقيل في طريق انضمام تركيا للاتحاد الأوروبي.

ويحاول النظام التركي، على مر السنين الماضية، إخفاء جريمة إبادة الأرمن بالأساليب المختلفة، وفقًا لتأكيدات الدكتور محمد رفعت الإمام، أستاذ التاريخ بكلية الآداب بجامعة دمنهور، ولكن تأتي الكثير من الصدمات للنظام التركي، حيث الشواهد التي تظهر وتؤكد حدوث المذابح وتكشف عن العديد من التفاصيل التي لم تكن معروفة.

وبعد إعلان فوز حزب رجب طيب أردوغان في الانتخابات المحلية التركية بيوم واحد، فجّرت صحيفة "الإندبندنت" الإنجليزية قنبلة في وجه تركيا بخصوص هذا الشأن، حيث أتت بتقرير يضم رواية إحدى السيدات الأرمنيات الناجيات من المذابح، وتدعى يوفينوغ ساليبيان، "قعيدة" تبلغ من العمر 100 عام، آخر شاهدة على مأساة إبادة السلطات التركية للأرمن عام 1915.

وأشارت ساليبيان، التي شهدت المذابح وهي في الثالثة من عمرها، في التقرير الذي نشره الكاتب روبرت فيسك، إلى أن الدولة التركية تنفي وتصر على عدم قيام الإمبراطورية العثمانية بالإبادة التي راح ضحيتها مليون ونصف من الأرمن، بمختلف الطرق، رميًا بالرصاص، وطعنًا بالسكاكين، وضربًا بالفؤوس، فضلاً عن إرسال الأطفال نحو الغابات شمال سوريا، حيث يتم تجويعهم واغتصابهم وذبحهم.

تابعت ساليبيان أن والدها آبوش آبوشيام كان له أصدقاء أتراك تربطه معهم مصالح تجارية، الأمر الذي شفع لهم ولم يتم ترحيلهم في بادئ الأمر، إلا أنها تتذكر وهي في الثالثة من عمرها سماع صراخ وبكاء الأطفال الذين اقتيدوا حفاة الأقدام، وكان الجنود يضربونهم بالسياط لدفعهم للمغادرة، وروت ساليبيان رحلة انفصالها عن عائلتها ونقلها إلى حلب ثم دمشق فبيروت.

جدير بالذكر أن حملة الإبادة تعرف أيضًا باسم "المحرقة الأرمنية" و"المذبحة الأرمنية" أو "الجريمة الكبرى" في العام 1915، وهي تكشف عمليات القتل المتعمد والمنهجي للسكان الأرمن على يد الإمبراطورية العثمانية خلال وبعد الحرب العالمية الأولى.

ويقدّر الباحثون أن أعداد الضحايا الأرمن تتراوح ما بين 1 مليون و1.5 مليون نسمة، إضافة إلى مهاجمة قوات الإمبراطورية العثمانية مجموعات عرقية مسيحية أخرى وقتلها خلال هذه الفترة كالسريان والكلدان والآشوريين واليونانيين وغيرهم.

وكان الدكتور رفعت الإمام، أستاذ التاريخ بكلية الآداب بجامعة دمنهور، قد طالب في تصريحات سابقة له بضرورة اعتراف مصر بهذه المذابح، وهو ما سيجعل العديد من الدول تأخذ الموقف المصري في هذا الصدد، لتظل أزمة الإبادة ما بين المطالبة الأرمنية بالاعتراف بها، والخوف والتهرب التركي خشية من عدم الانضمام للاتحاد الأوروبي.

__________________________________________________

المجزرو فى عام 1915 وهى عمرها 100 عام يعنى انها عمرها سنة واحدة فقط ..
هل يعقل ان لديها لاالوعى لادراك تلك الحوادث .
وحتى لو بلغت وادركت القصة هل ستدرك الواقعة بما هى حقيقة ام بما اخبرت به من تشكيل لوعيها ضد فكرة معينة .
فقد انكر المذبحة 69 مؤرخ ونفوا المذبحة اكاديميا وليس هكذا بشكل انتقائى او عاطفة دينية .
ولذلك هذه العجوز منذ طفولتها تم تشكيل عقلها ووعيها كما تم تشكيل عقولنا فى المدرسة ان الاتراك ليس مسلمين ومحتلين .

ثم لماذا تذكر هذه المجزرة ضد اردوغان وما علاقة اردوغان بها لكى تلقى اليه التهم والشتائم !!!!!!!!!!!

خطاب أسد الدين
07-14-2015, 06:07 PM
يقول رسول طوسون:



هل كانت هناك حقا مجازر وصلت إلى حد الإبادة ضد الأرمن أم أنها كانت عبارة عن دعاية سياسية؟



أولا وقبل كل شيء: ينبغي أن نذكر أن الأحداث التي وقعت سنة 1915، والتي يزعم البعض أنها إبادة، إنما وقعت أثناء الحرب العالمية الأولى، أي وقعت في ظروف حربية استثنائية.



ثانيا: إننا نعرف يقينا أن آلافا من الأرمن قد لقوا حتفهم في أحداث سنة 1915، لكننا نعرف أيضا أن آلافا من المسلمين، أتراكا وأكرادا، قد لقوا حتفهم على أيدي عصابات أرمنية كانت تتحرك في تلك المناطق.



ثالثا كما سأشرح أدناه: إن تلك الأحداث لم تكن إبادة قط ولا يمكن توصيفها بالإبادة أبدا. إنما كانت هناك غارات أرمنية على قرى مسلمة بتضامن مع الروس ونقلهم - الأرمن - وإبعادهم إبعادا مؤقتا من منطقة الحرب إلى الجنوب حفظا لدماء المسلمين ومنعا لتضامن الأرمن مع الروس الذين يحاربون الدولة العثمانية آنذاك، علما بأن عدد المواطنين العثمانيين الأرمن الذين حاربوا في صفوف الجيش الروسي ضد العثمانيين كان يقرب من ثلاثمائة ألف أرمني.



رابعا: المسؤولون (حزب الاتحاد والترقي) عن أحداث 1915 هم الذين استولوا على الحكم بانقلاب عسكري ثم أدخلوا الدولة في الحرب العالمية الأولى باتفاق سري مع الألمان. وتسببوا في وقوع تلك الأحداث التي أنتجت آلاف القتلى من الأرمن والمسلمين، والأهم من ذلك تسببوا بانهيار الدولة العثمانية التي عاشت طوال ستة قرون؛ لذا أنا لا أدافع عنهم، بل أعترض على تحميلهم وحدهم المسؤولية كلها. مع الإشارة إلى أنهم برأيي لم يكونوا يمثلون لا الدولة العثمانية وسياساتها ولا المسلمين ومبادئهم. لكنني أدافع عن الحقائق التاريخية بشكل موضوعي وعادل. صحيح أن حزب الاتحاد والترقي أخطأ، لكنه لم يقصد هو الآخر، على الرغم من كل مسؤوليته السياسية والأخلاقية، إبادة الأرمن؛ وذلك كونهم أصدروا قرار نقلهم إلى جنوب البلاد لمدة معينة.



تعالوا نُلقِ الضوء على أحداث 1915 حتى نرى الحقائق ثم أنتم أيها القراء الأعزاء قرروا أهي كانت إبادة أم لا.



ثبت تاريخيا أن الأرمن كانوا يقطنون في أراضي أناضول قبل الأتراك.



تعرف الأرمن على الأتراك في عهد العباسيين سنة 851 عندما فتحت الأراضي التي يسكنها الأرمن على يدي القائد التركي بُغا الكبير، لكن الأمر لم يستقر فيها، فقام الأرمن بعصيان بعد آخر وحاربوا العباسيين. ضمانة للاستقرار فيها أعلن العباسيون عاشوت بن سيمباط ملكا لهم ومدينة آني عاصمة.



بعد فترة لما رأى الأرمن ضعف العباسيين انحازوا إلى بيزنطة وهناك تحرك السلطان السلجوقي ألب أرسلان لمحاصرة وفتح العاصمة آني مجددا سنة 1064.



بعد هذا عاش الأرمن مع المسلمين تحت حكم السلاجقة والعثمانيين في أمن واستقرار. وكان هذا التعايش مثاليا إلى درجة أن الغربيين وصفوا الأرمن بأنهم الأتراك النصارى؛ حيث كانوا يعطون الأولوية لعادات وتقاليد تأثروا فيها بالأتراك إلى درجة بات يقال معها إنه كان من الصعب لمن ينظر من الخارج التفريق بين من هو أرمني ومن هو تركي. من أجل ذلك كان الأرمن يوصفون بـ«الملة الصادقة» ويؤتمن عليهم إلى درجة تسليم الوزارات وخزانة الدولة ووظائف مهمة عالية. وكان الأرمن يعيشون في أمن وأمان مع جيرانهم المسلمين من أتراك وأكراد وطوائف أخرى متعددة.



ما الذي حصل حتى أدى الأمر إلى تهجيرهم؟



بعد منتصف القرن التاسع عشر نرى تحركا في صفوف الأرمن تجاه الدولة العثمانية، وذلك بدوافع خارجية وبواسطة مبشرين بريطانيين وأميركيين وفرنسيين وبدافع روسي بشكل خاص.



وباستفزاز غربي وروسي أسست جمعيات وأحزاب تهدف لإقامة دولة أرمنية مستقلة، ابتداء بتشكيل مجموعات وعصابات تشن الغارات على المسلمين.



جمعية الصليب الأسود (1878) والحزب الأميركي للثورة (1885) وحزب خينجاق للثورة (1887) وجمعية طاشناق سوتيون (1890)، وهي الحزب الحاكم حاليا في أرمينيا. هذه الجمعيات قامت بتنفيذ هجمات واعتداءات استهدفت القضاء على الصداقة القوية بين الأرمن والمسلمين. حتى وصلت العمليات الإرهابية إلى أن خططوا لاغتيال السلطان عبد الحميد سنة 1905 بعبوة ناسفة مؤقتة ونجا السلطان من الموت بتأخره عن ركوب العربة دقائق.



لم يكتفوا بهذا القدر، إنما واصلوا غاراتهم الإرهابية وقاموا بمجازر كثيرة وفقدت الثقة بهم تماما. انحازوا إلى روسيا بعد الحرب القائمة بين الروس والعثمانيين سنة 1877 ولما انتهى الأمر إلى هزيمة العثمانيين وصل الروس إلى مشارف العاصمة إسطنبول واضطر العثمانيون إلى توقيع اتفاقية صعبة الشروط تتقدمها المادة 61 التي تعتبر مادة وضع حجر أساس للدولة الأرمنية.



وحاول الأرمن، بعد ذلك، عدة مرات، القيام بعصيان مسلح - يمكن الاطلاع على التفاصيل في الكتب التاريخية؛ حيث لا مجال لنا للتفصيل هنا.



وعندما نشبت الحرب العالمية الأولى وأخذت القوات الروسية تتوغل في الأراضي العثمانية وسَّعت هذه الجماعات عملياتها الإرهابية وأغارت على القرى المسلمة المحرومة من الدفاع وقاموا بمجازر رهيبة وقتلوا آلافا من المسلمين الأبرياء العزل.



وفي الوقت نفسه حاربوا دولتهم عبر القتال في صفوف الجيش الروسي، وكان عدد القتلى المسلمين على أيدي الأرمن والجيش الروسي المدعوم من طرف الأرمن 120 ألف مسلم.



الدولة العثمانية تحارب في عدة جبهات، منها: الجبهة الشرقية تجاه الروس، والأرمن منهم من لحق بالجيش الروسي يحارب العثمانيين، ومنهم من يقوم بغارات وهجمات تستهدف القرى المسلمة العزلاء، أي أن الدولة العثمانية وجدت نفسها أمام خيانة أرمنية شاملة تحاربها من الداخل والخارج.



أي دولة تسمح لجماعات بمحاربتها من الداخل بعصابات ومن الخارج بالانضمام إلى الجيش المعادي؟ وماذا تفعل دولة تجد البعض من مواطنيها يقاتلونها على هذا النحو من الداخل والخارج؟



بعدما تبين أن الأرمن يتضامنون ويتعاونون مع الجيش العدو من جهة ويجرون غارات على المسلمين العزل اتخذت الدولة تدابير عدة، منها إبعاد بعض الأرمن عن المناطق الحساسة، فأصدرت الدولة قانونا لنقل الأرمن من منطقة المعارك صونا لحياة المسلمين وتخلصا من دعم الأرمن للقوات الروسية، وكان عبارة عن قانون مؤقت لنقلهم إلى جنوب البلاد وإسكانهم هناك إلى أن يستتب الأمن ثم يعودون إلى أوطانهم.



بدأ نقل الأرمن في مايو (أيار) 1915 وانتهى في أكتوبر (تشرين الأول) 1916.



أثناء هذا النقل عانى الأرمن كثيرا ومات الآلاف نتيجة المرض والأوبئة، وكذلك قتل عدد كبير نتيجة هجمات عصابات، وذلك في ظروف الحرب العالمية الأولى، التي كانت الدولة العثمانية تحارب فيها على عدة جبهات بإمكانات ضئيلة جدا.



مع ذلك بإمكاناتها المحدودة بذلت الدولة قصارى جهدها لنقل الأرمن إلى الجنوب في أمان وكُلف عدد من الموظفين والعسكريين بإجراء النقل. ولما كشفت الدولة عن سوء معاملة بعض الموظفين للأرمن عاقبت نحو 1400 موظف بعقوبات شتى.



وهنا نسأل: كيف تقوم الدولة بإبادة وهي تعاقب موظفيها لسوء معاملتهم؟



وإلى جانب ذلك شكلت الدولة لجانا لتسجيل أموال المنقولين لكي تعيدها إلى أهلها عند العودة أو عند وصولهم إلى الجنوب.



ونسأل أيضا: كيف تقوم الدولة بالإبادة وهي تعتني بالحفاظ على أموال هؤلاء لإعادتها؟



ولو كانت نية الأتراك العثمانيين وقتها هي الإبادة لاستولوا على أملاك الأرمن وهجروهم كلهم. بالعكس، حافظت الدولة على أموالهم ولم يهجروا جميعهم بل نقل الأرمن من الولايات الشرقية فقط ولم يزعجوا الأرمن المقيمين في غرب البلاد.



فهل هذه الإجراءات تعتبر إبادة؟



وإضافة إلى كل هذه الإجراءات نرى الدولة العثمانية تقيم معسكرات في طريق النقل ومشافي لتسهيل النقل وتقديم خدمات صحية وغذائية.



وفي 22 ديسمبر (كانون الأول) 1918 أصدرت الدولة تعليمات لعودة المهجرين؛ حيث انتهت الحرب ولم يبق هناك أي سبب لبقاء الأرمن في المهجر، وخصصت الدولة ميزانية في تلك الظروف القاسية لصرفها في عودة الأرمن إلى أوطانهم. وكان المبلغ المصروف لتسهيل عودة المهجرين 120 مليون ليرة تركية، ما يقابل اليوم مليار دولار تقريبا. وحسب الإحصاءات الرسمية عاد قرابة 200 ألف أرمني إلى أوطانهم.



كيف تقيم الدولة إبادة وهي تصرف لعودة المغادرين ملايين الليرات؟



وإذا قسنا نقل الأرمن وإسكانهم مؤقتا في الظروف الحربية بالإجراءات التي لخصتها اتفاقية الإبادة التي اعتُرف بها في الأمم المتحدة في 9 ديسمبر 1948 لا يمكن توصيف نقل الأرمن بالإبادة أبدا.



أما بالنسبة إلى الأرقام التي تدور في الإعلام والتي تدعي أن عدد القتلى يصل إلى مليون ونصف المليون فهي غير صحيحة أصلا؛ فهي عبارة عن دعاية أرمنية مدعومة من الغرب لتضليل الرأي العام، وذلك الادعاء يعود إلى دعاية أرنولد توينبي الإنجليزي الذي اعترف به في مذكراته. الإحصاءات كلها تتفق على أن عدد الأرمن الذين يعيشون في الأراضي العثمانية كان قرابة مليون ونصف المليون نسمة. والرقم الأكبر في عدد الأرمن 1.698.000 نسمة، حسب قول جوستين ماك كارتي. ولو قبلنا هذا الرقم الأكبر صحيحا لوجدنا أن ادعاء 1.500.000 قتيل كذب واضح وضوح الشمس.



لو قتل مليون ونصف المليون ينبغي أن يبقى قرابة مائتي ألف أرمني على قيد الحياة. والحقيقة غير ذلك؛ لأن عدد الأرمن سنة 1919 مليون وأربعمائة ألف نسمة بإجماع الإحصاءات.



كيف يقتل مليون ونصف المليون من مليون وسبعمائة ويبقى مليون وأربعمائة ألف أرمني؟ أليس هذا تناقضا؟



حسب الإحصاءات العثمانية كان عدد الأرمن نحو مليون ونصف المليون نسمة، وعدد المفقودين أثناء النقل قرابة ستين ألف أرمني. وهناك من لم يسجل في قائمة المهجرين في تلك الظروف؛ لذلك قد يصل عدد المفقودين، أكثر شيء، إلى مائة ألف. وإذا كان عدد الأرمن سنة 1919 مليونا وأربعمائة ألف فمعنى ذلك أن عدد المفقودين لا يتجاوز مائة ألف أرمني. ومعنى هذا أن قتلى المسلمين أكثر من قتلى الأرمن!



هذه الأرقام أذكرها لنرسم الصورة بشكل موضوعي. ولا نفرح لقتل أحد أبدا، نحن آسفون على القتلى، سواء أكانوا من الأرمن أم من الأتراك المسلمين.



هناك أوجاع يتألم بها الأرمن كما يتألم بها المسلمون، أقول «مسلمون» ولا أقول «أتراك»؛ لأن عصابات أرمنية لم تفرق بين أتراك وأكراد، إنما قتلت المسلمين بلا تفريق بينهم.



خلاصة القول: نحن آسفون لقتلى الأرمن، وينبغي للأرمن ومن يدافع عنهم أن يأسفوا لقتلى المسلمين أيضا.



ويجب أن نعرف أنه لم تكن هناك إبادة أبدا، إنما كان نقل الأرمن (الذين منهم من دعم جيش العدو، ومنهم من قام بعمليات إرهابية)، وإسكانهم في جنوب البلاد لزمن مؤقت. وأثناء النقل لقي عدد كبير من الأرمن حتفهم بسبب أمراض سارية وبغارات عصابات. ويجب أيضا أن نكون موضوعيين عندما نلقي الضوء على الأحداث، وكذلك يجب أن نكون عادلين في الحكم بينما ننظر إلى ما بعد النقل يجب أيضا أن ننظر إلى ما قبل النقل.