المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : العجز أمام الاعجاز :2-كأنما يصعد في السماء



الدكتور قواسمية
05-01-2015, 08:48 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
العجز أمام اعجاز القرآن: كأنما يصعد في السماء
من المعروف أن الاعجاز لا يكون كاملا الا اذا ثبت العجز أمامه لذلك لننقل محاولة زنديق عامي يحاول بذل المجهود واستخدام التدليس اللغوي للتغلب على اعجاز القرآن الكريم

قال الزنديق مشككا
{فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ}....(الأنعام: 125)
حيث يدعي الاعجازيون ان هذه الاية قد اخبرت بالحقيقة العلمية أنه كلما ارتفع الإنسان في السماء انخفض الضغط الجوي وقلّت كمية الأكسجين مما يتسبب في حدوث ضيق في الصدر وصعوبة في التنفس...حيث
أن التغير الهائل في ضغط الجو الذي يحدث عند التصاعد السريع في السماء، يسبب للإنسان ضيقاً في الصدر وحرجاً ...
تعالوا لنرى حقيقة ما تقوله الكلمة محل الادعاء :
(يَـصّـَـعّــَدُ فِي السَّمَاءِ)
هل فعلا تعني الصعود الى اعلى؟
الحقيقة هي ان (يَـصّـَـعّــَدُ فِي) معناها ليس ما يحاول ان يلصقها بها العالم الكبير..... يصعد بتشديد الصاد --ملحقة ب :"في كذا" -- تعني محاولة -على مشقة- في عمل شيء صعب أو مستحيل ...و لك ان تطالع ما تقوله المعاجم في ذلك :
(تَصَعَّدَ) يتصعَّد، ويَصَّعَّد: تَصاعدَ. و- في الشيءِ: مضى فيه على مشقة. وفي التنزيل العزيز:كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ في السَّمَاءِ . و- النَّفَسُ: صَعُبَ مَخْرَجُهُ. و- الشيءُ الرَّجلَ: جَهَده وبلغ منه

الجواب العلمي
الحمد لله الذي أعجز بكتابه الأولين والمتأخرين....
فحوى الموضوع أن الزنديق ينفي أن يكون معنى "يصعد" معناه " الصعود الى أعلى " ولاقامة الحجة على كلامه استعان بمعجم واحد ولم ينقل ما تقوله عشرات المعاجم الأخرى فلا شك أن صاحب هذا الهراء شخص عامي لا علاقة له باللغة العربية لأن معنى "يصعد" في معاجم اللغة العربية "الارتقاء الى أعلى" أو أنه أراد التدليس العمدي ليقنع أخوانه في الدين من باب قوله تعالى " لا تسمعوا الى هذا القرآن والغوا فيه لعلكم تغلبون" قرآن كريم .

لنرى ماذا قال لسان العرب لابن منظور في هذا الموضوع:
"صعد: صَعِدَ المكانَ وفيه صُعُوداً وأَصْعَدَ وصَعَّدَ: ارتقى مُشْرِفا"... ثم ". قال الأَزهري:والاصِّعَّادُ عندي مثل الصُّعُود. قال الله تعالى: كأَنما يَصَّعِّد في السماء. يقال: صَعِدَ واصَّعَّدَ واصَّاعَدَ بمعنى واحد.".
كما أن الزبيدي في تاج العروس أقتبس نفس كلام الأزهري " قال الأزهري: والاصعاد عندي مثل الصعد، قال الله تعالى: كأنما يصعد في السماء يقال: صعد، واصعد، واصاعد، بمعنى واحد.".
هذان المعجمان يُعدّان من أمهات معاجم اللغة، وقد استخدما "يصّعّد في السماء" كمثال من القرآن على أن المعنى الارتقاء لأعلى...
ونستمر في سرد باقي المعاجم اللغوية
وصعَّدَ في الجبل وعليه وعلى الدرجة: رقي (المحكم والمحيط الأعظم، ابن سيده، 1/285أبواب العين مع الصاد)

" صعد السطح، وصعد إلى السطح، وصعد في السلم وفي السماء، وتصَّعَّد وتصاعد، وصَّعَّد في الجبل، وطال في الأرض تصويبي وتصعيدي. وأصَّعَّدَ في الأرض: ذهب مستقبل أرض أرفع من الأخرى " ( المصدر أساس البلاغة، الزمخشري، 2/92 ص ع د.)

الى هنا تكون دعوى الزنديق قد أسقطتها عشرات المعاجم .......
والآن لنتثقف في اللغة العربية التي تتعرض من طرف الزنادقة للحرب الى جانب القرآن الكريم
العرب استعاروا معنى الصعود ليدل على المشقة (لازمُ الصعودِ). وهذا من الأساليب المعهودة في العربية وهي استعارة لازم الصفة للدلالة على معانٍ تشبهها.
فالمشقة لازمة لصعود الجبال، فأحدهما مسبَّب عن الآخر، والثاني أصل له.
فالأصل: الصعود، ولازمه: المشقة.
جاء في معجم مقاييس اللغة: " الصاد والعين والدال أصلٌ صحيحٌ، يدلُّ على ارتفاعٍ ومشقّة. من ذلك الصَّعُود ـ خلاف الحَدُور ـ ويقال صَعِدَ يَصْعَد.
"استعارت العرب لفظ يَصَّعَّد ليدل على المشقة، ولا يمنع من أن يكون على المعنى الأصلي للصعود وهو الارتقاء، وهذا مما تعرفه العرب. خذ مثلاً كلمة المجد فأصلها: امتلاء بطن الدابة بالعلف، ثم استعير ليدل على الرِّفعة.. لأنه دليل على امتلاء الإنسان بالخصال الحميدة، فأخذت الاستعارة لازم المجد وهو الامتلاء، ولا يُخطئ من عبَّر به عن امتلاء بطن الدابة؛ لأنه ذكر أصلها.". انظر: المعرب في القرآن الكريم، د. محمد بلاسي، ص13.

الخلاصة
صاحب هاته الشبهة زنديق عامي قرأ وجه الاعجاز في الآية الكريمة فضاق صدره كأنما يصعد في السماء فأحضر معنى واحدا لكلمة " يصعد" وأخفى عن أصدقائه ما تقوله باقي معاجم اللغة من أجل التدليس ثم اتهم علماء المسلمين بالتدليس.
ونختم بتفسير الثعالبي للآية الكريمة
يقول الثعالبي في تفسيره (الجواهر الحسان في تفسير القرآن) في هذه الآية " وقوله سبحانه إذاً يصعد في السماء أي كأن هذا الضيّقُ الصدرِ متى حاول الإيمان أو فكر فيه يجد صعوبته عليه والعياذ بالله كصعوبة الصعود في السماء قاله ابن جريج وغيره وفي السماء يريد من سفل إلى علو وتحتمل الآية أن يكون التشبيه بالصاعد في عقبة كؤود كأنه يصعد بها في الهواء ويصعد معناه يعلو ويصعد معناه يتكلف من ذلك ما يشق عليه".

محمد سعيد لحضيري
05-05-2015, 03:32 AM
جازاك الله خيرا فضيلة الدكتور قواسمية على مثل هذه الأطروحات القيمة التي استفدنا منها ونحمدك عليها وإن لم نضع تعليقا
في الحقيقة هذا الرجل غبي من جهات عديدة منها ما ذكره فضيلتكم ومنها ظنه أنه لو لم تثبت هذه القضية كإعجاز أنه قد قدم للإلحاد شيئا !!
والذي أردت أن أشير إليه أنه يظهر في الأوساط العلمية التفسيرية أن في هذه القضية خلافا هل تدرج في قضايا الإعجاز العلمي أو لا، لذا أردت أن أنقل لك ما قاله مختص بالدراسات التفسيرية ألا وهو الدكتور مساعد الطيار وهو ممن يرى بالإعجاز العلمي المنضبط فهاك رأيه من كتابه "الإعجاز العلمي إلى أين؟" -وأظن أنه رأي متين جدا في هذا الباب والله أعلم- حيث قال:
...تأمل السياق الذي وردت فيه هذه الآية، وانظر ـ تكرُّماً ـ إلى ما قبلها، يقول تعالى: {أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ *وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكَابِرَ مُجْرِمِيهَا لِيَمْكُرُوا فِيهَا وَمَا يَمْكُرُونَ إِلاَّ بَأَنْفُسِهِمْ وَمَا يَشْعُرُونَ *وَإِذَا جَاءَتْهُمْ آيَةٌ قَالُوا لَنْ نُؤْمِنَ حَتَّى نُؤْتَى مِثْلَ مَا أُوتِيَ رُسُلُ اللَّهِ اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ سَيُصِيبُ الَّذِينَ أَجْرَمُوا صَغَارٌ عِنْدَ اللَّهِ وَعَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا كَانُوا يَمْكُرُونَ *فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ *وَهَذَا صِرَاطُ رَبِّكَ مُسْتَقِيمًا قَدْ فَصَّلْنَا الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ} [الأنعام: 122 - 126].
إن الحديث عن حال الكافر وحال المؤمن، ثم ضرب مثالاً بحال الأكابر من المجرمين الذين لا يمكن أن يدخل الإيمان قلوبهم لما فيهم من الكفر والإجرام، ثمَّ بيَّن ـ سبحانه ـ مشيئته في الهداية والإضلال، وذكر أن من أراد هدايته، فإنه يشرح صدره للإيمان به وييسره له، ومن أراد له الضلال، فإنه يجعل صدره في حال ضيق وحرج شديد، ولو أراد الإيمان فإنه لا يستطيعه، كما لا يستطيع الإنسان أن يصعد في السماء.
قال الطبري: «القول في تأويل قوله تعالى: {كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ}: وهذا مَثَلٌ من الله ـ تعالى ذكره ـ ضربه لقلب هذا الكافر في شدة تضييقه إياه عن وصوله إليه؛ مثل امتناعه من الصعود إلى السماء، وعجزه عنه؛ لأن ذلك ليس في وسعه. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل ...».
ثم ذكر الرواية عن عطاء الخراساني، قال: مثله كمثل الذي لا يستطيع أن يصعد في السماء.
وعن ابن جريج: يجعل صدره ضيقاً حرجاً بلا إله إلا الله حتى لا يستطيع أن تدخله، كأنما يصعد في السماء من شدة ذلك عليه.
وعن السدي: كأنما يصعد في السماء من ضيق صدره.
وتقدير المعنى عندهم: إن عدم قدرة الكافر على الإيمان كعدم قدرة الإنسان على الصعود إلى السماء، ويكون الضيق والحرج عندهم بسبب عدم قدرته على الإيمان لا بسبب التصعد في السماء.
وتفسيرهم لا يعيد التشبيه إلى الضيق والحرج، وإنما إلى الامتناع من الإيمان وعدم القدرة عليه.
وانشراح النفس للإيمان سابقة له، فمن يشاء الله له الهداية يشرح نفسه له، كما أن من أراد الله له الكفر فإنه يجعل صدره ضيقاً حرجاً، فلا يستطيع أن يؤمن بالله، وهو ممتنع عليه الإيمان كامتناع الصعود إلى السماء على الإنسان.
وهذا التفسير من دقائق فهم السلف، وتفسيرهم يرجع إلى لازم معنى الجملة الثانية، وهي جعل الضيق والحرج في صدر الكافر، إذ من لازمه أنه لو أراد الإيمان فإنه لا يستطيعه، كما لا يستطيع الإنسان الصعود للسماء، فنبهوا على هذا اللازم الذي قد يخفى على كثير ممن يقرأ الآية.
وفي تفسيرهم إثبات القَدَرِ، وأن الله يفعل ما يشاء، فمن أراد الله هدايته شرح صدره، ومن أراد ضلاله ضيَّق صدره وجعله حرجاً لا يدخله خير، وفي هذا ردٌّ على القدرية الذين يزعمون أن العبد يخلق فعله.
أما البحث التجريبي المعاصر، فقد كشف عن قضية تتعلق بالصعود إلى الأجواء العليا، حيث وُجِد أن الإنسان تتناقص قدرته على التنفس الطبيعي درجة بعد درجة كلما تصاعد إلى السماء، وسبب ذلك انخفاض الضغط الجزئي للأكسجين في طبقات الجو العليا، وقد جعل أصحاب الإعجاز العلمي هذه الظاهرة الكونية تفسيراً للحرج الذي يصيب الكافر بسبب عدم قدرته على الإيمان.
وجعلوا التشبيه يعود إلى الضيق والحرج، والمعنى عندهم: إن حال ضيق صدر الكافر المعرض عن الحق وعن قَبول الإيمان كحال الذي يتصعد في السماء.
وذكروا وجه الشبه، وهو الصفة المشتركة بينهما: ضيقاً وحرجاً، وجاء بأداة التشبيه (كأن) ليقع بعدها المشبه في صورة حسية واضحة ...
وإذا تأملت هذين التفسيرين وعرضتهما على سياق القرآن ومقاصده، فأي القولين أولى وأقوى؟
لا شكَّ أن ما ذكره السلف أولى وأقوى، والثاني ـ وإن كان محتملاً ـ لا يرقى إلى قوته، وإن قُبِلَ هذا القول المعاصر على سبيل التنوع، فالأول هو المقدَّم بلا ريب.
ووجه قوته كائن في أمور:
الأول: أن ما قاله السلف مُدرَكٌ في كل حين، منذ أن نزل الوحي بها إلى اليوم، أما ما ذكره المعاصرون، فكان خفيّاً على الناس حتى ظهر لهم أمر هذا المعنى هذا اليوم.
الثاني: أن التنبيه على امتناع الإيمان عنهم بامتناع صعود الإنسان إلى السماء أقوى وأولى من التنبيه على تشبيه الحرج والضيق الذي يجده الكافر في نفسه بما يجده من صعِدَ طبقات السماء.
فالحرج والضيق مدرك منه بخلاف امتناع الإيمان الذي يخفى سبيله، وهو الذي جاء التنبيه عليه في الآية، وذلك من دقيق مسلك قدر الله سبحانه". انتهى كلامه
قلت: وأما من أنكر أن تكون هذه الآية من الإعجاز كالدكتور خالد السبت http://www.khaledalsabt.com/cnt/selection/3342 وهو ممن يرى بالإعجاز العلمي المنضبط أيضا وذكر أن العرب كانوا يعلمون أن الأعالي يضيق فيها النفس
وذكر أن رأيه هو الموافق للمروي عن السلف وأنه قول ابن جرير (المذكور سابقا) وابن كثير

الدكتور قواسمية
05-05-2015, 07:22 PM
بارك الله فيك كثيرا
لكني لم أقتنع بما كتبه مساعد الطيار في قوله" أن التنبيه على امتناع الإيمان عنهم بامتناع صعود الإنسان إلى السماء أقوى وأولى"
ففي هذا التفسير صرف للآية عن ظاهرها الذي يدل على ضيق الصدر عند الصعود في السماء الى معنى بعيد ثم ان صعود الانسان للسماء لم يعد ممتنعا.
لذلك ان كان هناك وجهان في فهم الآية فتفسير جريج والسدي والثعالبي وغيرهم ممن لم يصرفوا الآية عن ظاهرها أقوى وأولى