المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : لماذا يعادون الإسلام وكيف؟



ساري فرح
05-30-2015, 11:56 AM
لماذا يعادون الإسلام وكيف؟

المتهم بمعاداة الإسلام هنا هي الدول الكبرى التي تستعمر العالم اليوم بصورة مباشرة وغير مباشرة وتتحكم بالاقتصاد والموارد الأولية وتحتكر القرارات الدولية وتتلاعب بسياسات الدول وأنظمتها.
لماذا تعادي هذه الدول الإسلام؟
بعد انتهاء الحرب الباردة، وانهيار الاتحاد السوفييتي، لم يعد هناك عدو حقيقي وفعلي للولايات المتحدة الأميركية وحلفائها، ومن المعلوم أن أميركا لا يمكن أن تعيش وتزدهر بلا عدو فعلي، فهي تتحكم بشعبها وحلفائها من خلال سياسة التخويف والتحذير من تهديدات فعلية مدمرة، فأصبح العدو الجديد هو "الإرهاب الإسلامي".
يشكل الإسلام تهديداً كامناً للمصالح الأميركية ولكنه ليس ظاهراً بالفعل في حيز الواقع، وذلك لعدم وجود كيان قوي يمثل قوة عظمى تقوم على أسس ومبادئ الإسلام، إلا أن أميركا أرادت أن تقمع ذلك وتمنعه بكافة الأشكال، لأن الكيان الإسلامي إن قام فعلياً فإنه سيشكل تهديداً حقيقياً للرأسمالية العالمية، وسيضع حداً لتحكم أميركا وغيرها بموارد ومقدرات العالم الإسلامي، والذي يشكل بمجموعه أكبر منتج للنفط والغاز الطبيعي من إندونيسيا إلى المغرب. كما أنه يعتبر تهديداً أيديولوجياً للعولمة المادية والتي ترتبط بتسويق منتجات أمريكا وحلفائها من خلال ربطها بثقافة معينة يروج لها الإعلام، وأي تهدبد للنمط الإستهلاكي الذي تفرضه العولمة سيؤدي إلى كوارث إقتصادية كبرى. باختصار فإن نهضة المسلمين وتوحدهم في كيان جامع قوي سيعيد كابوس انقطاع النفط الخليجي عام 1973 إلى الغرب، وبصورة أقوى وأكبر، وسيضع حداً للعولمة وعقيدتها المادية والإستهلاكية، وسيشكل بديلاً حضارياً يستند إلى القيم والمبادئ السامية، كما أن المسلمين سيسعون إلى الاكتفاء الذاتي للاستغناء عن القمح والسلاح والسلع الغربية، ومما لا شك فيه أنه سيشكل تهديداً كبيراً للكيان الصهيوني الغاصب من خلال سعيه لإنهاء اختلال فلسطين.

كيف؟
قامت القوى الكبرى بعدة خطوات تهدف إلى منع وحدة المسلمين وقيام كيان إسلامي يشكل قوة عظمى منافسة لهم، ومن أبرز هذه الخطوات:
- تشويه صورة الإسلام من خلال وسائل الإعلام، وتصويره على أنه دين الإرهاب وسفك الدماء، كما أن هناك دلائل تفيد حصول اختراقات للجماعات "الإرهابية" من قبل الأجهزة الاستخباراتية الغربية، والتي استفادت دولها من التفجيرات الإرهابية لتحقيق أهدافها من التحكم بالموارد الأولية في العالم الإسلامي، وجعل الإسلام الأصولي فزاعة لتحقيق أهدافها وغاياتها.
- تكثيف الغزو الثقافي للعالم الإسلامي بكافة الاشكال الممكنة وذلك لتحقيق هدف واحد ذو مظاهر عدة؛ فالهدف هو إبعاد المسلمين عن دينهم، والأشكال المتعددة هي: الإلحاد والتنصير والتمييع الديني وتعديل المناهج الإسلامية وفق ما يرونه هم لا المسلمون مناسباً وإلهاء المسلمين ببرامج المواهب والغناء والرياضة وغير ذلك.
- تكريس انقسام المسلمين وقمع ثوراتهم، وهذا ما حصل في الأعوام القليلة الماضية، حيث أن القوى العظمى ركبت موجة الثورات في بادئ الأمر، حتى ظن البعض أن هذه الثورات من صنع أميركا وحلفائها، إلا أن تلك القوى سارعت في نجدة الأنظمة العميلة لها وإعادتها إلى سدة الحكم من خلال الثورات المضادة في مصر وتونس وليبيا وقامت بشيطنة الثوار وتشويه صورتهم وزج عدد كبير منهم في السجون.
- تسليط الأضواء على جماعات إسلامية زائغة وضالة تقوم بقتل المدنيين وترويج صورة ممسوخة ومشوهة عن الإسلام، الذي يحرم قتل النفس بغير الحق ويعطي الأمن والأمان لكل رعاياه بما فيهم غير المسلمين. وهذه الجماعات بذاتها يشك في كونها مخترقة بل وموجهة استخباراتياً على مستوى القيادات، وهي تستهلك الشباب المسلم المتحمس الطائش وغير المتمكن من علم الدين وقوداً لها. وقد تحقق ذلك إلى حد بعيد، خيث أن عدداً كبيراً من المسلمين بشكل عام والملتزمين منهم بشكل خاص بات يَنْفر من فكرة الخلافة أو الدولة الإسلامية أو تطبيق الشريعة نتيجة الترويج للصورة المشوهة للحكم الإسلامي من خلال الإعلام.

ما العمل؟
من الواجب على المسلمين أن يتعلموا دينهم عقيدة وشريعة ومنهاج حياة، وأن يسعوا إلى تطبيقه ليس فقط في عباداتهم، بل في أعمالهم وعقودهم ومعاملاتهم وأخلاقهم، كما عليهم أن يستمروا في مقاومة الغزو الفكري والثقافي الذي تفرضه العولمة، وأن لا يتخلوا عن حلمهم في تحقيق مشروع الوحدة وبناء الدولة التي تحكم حقيقة بشرع الله لتجسد أبهى صور العدل والإحسان والتعايش والحضارة، كي يعود الإسلام منارة الهدى للعالم أجمع، ولتنتهي حقبة العولمة المظلمة إلى غير رجعة.

ساري محمود فرح