المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : تحقيق مكان جنة ادم عليه السلام



عُبَيّدُ الّلهِ
10-09-2015, 02:24 PM
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لانبى بعده وعلى اله وصحبه ومن تبعه،
هذه المسألة شغلت كثيرا من الكلاميين والجدليين وامرها يسير:
اولا الرأى الأول فى مكان جنة ادم.
ثانيا الرأى الثانى فى مكان جنة ادم.
ثالثا واخيرا الترجيح.

عُبَيّدُ الّلهِ
10-09-2015, 02:25 PM
اولا الرأى الأول فى مكان جنة ادم:
هذا الرأى ليس بجديد بل هو رأى جمهور السلف فهذه المسألة كان للسلف فيها رأيان ولو لم يختلف السلف ما جاز لنا ابدا ان نخوض بغير ما اتفقوا عليه إن الأمة لاتجتمع على ضلالة،وهذا الرأى هو الذى تبناه شيخ الإسلام رحمه الله أن الجنة التي أسكنها الله تعالى آدم عليه السلام ، كما في قوله تعالى : ( وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ ) البقرة/ 35 ، هي جنة الخلد ، التي يدخلها المؤمنون يوم القيامة برحمة الله .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" الْجَنَّةُ الَّتِي أَسْكَنَهَا آدَمَ وَزَوْجَتَهُ ، عِنْدَ سَلَفِ الْأُمَّةِ وَأَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ : هِيَ جَنَّةُ الْخُلْدِ " انتهى من " مجموع الفتاوى " (4 /347) .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
" الصواب أن الجنة التي أسكنها الله- تعالى - آدم وزوجه هي الجنة التي وعد المتقون ؛ لأن الله - تعالى - يقول لآدم : ( اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ ) ، والجنة عند الإطلاق هي جنة الخلد التي في السماء " .
انتهى من " مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين " (2 /51) .
ويستدل اصحاب هذا المذهب بحديث الإستفتاح وحديث احتجاج ادم وموسى ومن ظاهر القرأن،والرد عليهم هو أن هذه الأنباء القرأنية والنبوية كلها اجتمعت أن ادم عليه الصلاة والسلام كان فى جنة،ولكنها لم تحددها بجنة الخلد التى وُعد المتقون،كما لم تحددها بالسماء السابعة،بل على الرغم من إشتهار الخبر عند المفسرين أن إبليس كان فى الجنة ثم طُرد لعدم السجود فليس دليل من كتاب الله ولا سُنة نبيه أن ابليس كان فى الجنة قبل طرده فى المرة الأولى ويتضح من حديث المعراج وحديث صعود الروح وحديث رؤية النبى عليه السلام للجنة والنار وغيرها من الأنباء أن هناك جنات فى سماوات غير السابعة وأن هناك إمتدادا غيبيا للجنة على كوكب الأرض رغم وقوعها فى السماء وإلا فكيف يُفتح للروح المؤمنة فى قبرها بابا من ابواب الجنة،فليس هذا المذهب على قوة العلماء الذين اعتقدوه بالراجح القاطع.

عُبَيّدُ الّلهِ
10-09-2015, 02:28 PM
ثانيا الرأى الثانى فى مكان جنة ادم:
هذا الرأى الذى ذهب إليه من ذهب قديما وحديثا إستنادا إلى اسفار اهل الكتاب وهذا الرأى يقول:إذا كان كاتب سفر التكوين من التوراة لم يكن عالما بالجغرافيا فكي له أن يحدد بهذه الدقة التفاصيل الجغرافية لمنطقة وسط اسيا ويعتبرها جنة عدن التى اقام بها ادم عليه السلام لو لم تكن هى جنته فعلا،ويستدلون على صحة مذهبهم بعلوم الأركيولوجى والجيولوجيا،ويضيون فى مسألة إبليس:إن أهل الكتاب يقولون إن إبليس كان ملكا للسماء الدنيا وسقط منها كما هو مذكور فى سفر الرؤية وغيره من المنطقى أن طرد إبليس لرفضه السجود كان من السماء الدنيا إلى الأرض لكى يُضل أدم عليه السلام ويتسبب فى خروجه من الجنة التى فوق جبال وسط اسيا إلى الأرض التى هى وديان الأنهار والصحارى.
ويستدلون على مذهبهم ايضا بأدلة منطقية أن الجنة الحقيقية فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت، كتواجد إبليس معهما،ويستدلون على مذهبهم ببعض الأثار،وقد روى عن بعض السلف كابى بن كعب وابن عباس وسفيان بن عيينة تأييدهم لهذا المذهب،وعلى الرغم من هذا فهذا المذهب مردود وحتى مع وجود شواهد علمية على صحة رواية التوراة فهو مردود عقائديا لأنه لم يأت عندنا فى تنزيلنا ما يوافق الرأى التوراتى فنتوقف،ولأن الأحاديث التى احتج بها اصحاب المذهب الأول،وكذلك ظاهر الأيات أن ادم عليه السلام وزوجته رضى الله عنها كانا فى جنة حقيقية لا مجازية،ونزلا منها إلى الأرض.

عُبَيّدُ الّلهِ
10-09-2015, 02:32 PM
ثالثا واخيرا الترجيح:
الترجيح فى هذه المسألة هو ألا نقف ماليس لنا به علم فأدم كان فى جنة وتسبب إبليس فى إخراجه منها اما موقع كل من ادم وابليس وهل كانا فى نفس الجنة وهل كانا فى السماء أو الأرض فلادليل فنتوقف لأن الجنة غيب وقصة ادم غيب ،قال ابن كثير رحمه الله تعالى:
وممن حكى الخلاف في هذه المسألة أبو محمد بن حزم في الملل والنحل، وأبو محمد بن عطية في تفسيره، وأبو عيسى الرماني في "تفسيره" - وحكى عن الجمهور الأول - وأبو القاسم الراغب والقاضي الماوردي في "تفسيره" فقال: "واختلف في الجنة التي أسكناها يعني آدم وحواء على قولين: أحدهما أنها جنة الخلد. الثاني جنة أعدها الله لهما وجعلها دار ابتلاء، وليست جنة الخلد التي جعلها دار جزاء.
ومن قال بهذا اختلفوا على قولين: أحدهما أنها في السماء لأنه أهبطهما منها، وهذا قول الحسن، والثاني أنها في الأرض لأنه امتحنهما فيها بالنهي عن الشجرة التي نهيا عنها دون غيرها من الثمار. وهذا قول ابن يحيى، وكان ذلك بعد أن أمر إبليس بالسجود لآدم، والله أعلم بالصواب من ذلك". هذا كلامه. فقد تضمن كلامه حكاية أقوال ثلاثة، وأشعر كلامه أنه متوقف في المسألة.
ولقد حكى أبو عبد الله الرازي في "تفسيره" في هذه المسألة أربعة أقوال: هذه الثلاثة التي أوردها الماوردي، ورابعها الوقف. وحكى القول بأنها في السماء وليست جنة المأوى، عن أبي علي الجبائي.
وقد أورد أصحاب القول الثاني سؤالا يحتاج مثله إلى جواب، فقالوا: لاشك أن الله سبحانه وتعالى طرد إبليس حين امتنع من السجود عن الحضرة الإلهية، وأمره بالخروج عنها والهبوط منها وهذا الأمر ليس من الأوامر الشرعية بحيث يمكن مخالفته، وإنما هو أمر قدري لا يخالف ولا يمانع، ولهذا قال: {اخرج منها مذءوما مدحورا}. وقال: {فاهبط منها فما يكون لك أن تتكبر فيها} وقال: {فاخرج منها فإنك رجيم} والضمير عائد إلى الجنة أو السماء أو المنزلة. وأيا ما كان فمعلوم أنه ليس له الكون قدرا في المكان الذي طرد منه وأبعد منه، لا على سبيل الاستقرار ولا على سبيل المرور والاجتياز. قالوا: ومعلوم من ظاهر سياقات القرآن أنه وسوس لآدم وخاطبه بقوله له: {هل أدلك على شجرة الخلد وملك لا يبلى} وبقوله: {ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة إلا أن تكونا ملكين أو تكونا من الخالدين. وقاسمهما إني لكما لمن الناصحين. فدلاهما بغرور} الآية وهذا ظاهر في اجتماعه معهما في جنتهما.
وقد أجيبوا عن هذا بأنه: لا يمتنع أن يجتمع بهما في الجنة على سبيل المرور فيها لا على سبيل الاستقرار بها، وأنه وسوس لهما وهو على باب الجنة أو من تحت السماء. وفي الثلاثة نظر، والله أعلم.
ومما احتج به أصحاب هذه المقالة: ما رواه عبد الله بن الإمام أحمد في الزيادات عن هدبة بن خالد، عن حماد بن سلمة، عن حميد، عن الحسن البصري، عن يحيى بن ضمرة السعدي، عن أبي بن كعب، قال: إن آدم لما احتضر اشتهى قطفا من عنب الجنة، فانطلق بنوه ليطلبوه له، فلقيتهم الملائكة فقالوا: أين تريدون يا بني آدم؟ فقالوا إن أبانا اشتهى قطفا من عنب الجنة. فقالوا لهم: ارجعوا فقد كفيتموه. فانتهوا إليه فقبضوا روحه وغسلوه وحنطوه وكفنوه، وصلى عليه جبريل ومن خلفه الملائكة ودفنوه، وقالوا: هذه سنتكم في موتاكم. وسيأتي الحديث بسنده، وتمام لفظه عند ذكر وفاة آدم عليه السلام.
قالوا: فلولا أنه كان الوصول إلى الجنة التي كان فيها آدم التي اشتهى منها القطف ممكنا، لما ذهبوا يطلبون ذلك، فدل على أنها في الأرض لا في السماء والله تعالى أعلم.
قالوا: والاحتجاج بأن الألف واللام في قوله: {ويا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة} لم يتقدم عهد يعود عليه فهو المعهود الذهني مسلم، ولكن هو ما دل عليه سياق الكلام، فإن آدم خلق من الأرض ولم ينقل أنه رفع إلى السماء، وخلق ليكون في الأرض، وبهذا أعلم الرب الملائكة حيث قال: {إني جاعل في الأرض خليفة}.
قالوا: وهذا كقوله تعالى: {إنا بلوناهم كما بلونا أصحاب الجنة} واللام ليس للعموم، ولم يتقدم معهود لفظي، وإنما هي للمعهود الذهني الذي دل عليه السياق وهو البستان.
قالوا: وذكر الهبوط لا يدل على النزول من السماء، قال الله تعالى: {قيل يا نوح اهبط بسلام منا وبركات عليك وعلى أمم ممن معك} وإنما كان في السفينة حين استقرت على الجودي ونضب الماء عن وجه الأرض أمر أن يهبط إليها هو ومن معه مباركا عليه وعليهم. وقال الله تعالى: {اهبطوا مصرا فإن لكم ما سألتم} الآية. وقال تعالى: {وإن منها لما يهبط من خشية الله} الآية. وفي الأحاديث واللغة من هذا كثير.
قالوا: ولا مانع - بل هو الواقع - أن الجنة التي أسكنها آدم كانت مرتفعة عن سائر بقاع الأرض، ذات أشجار وثمار وظلال ونعيم ونضرة وسرور، كما قال تعالى: {إن لك ألا تجوع فيها ولا تعرى} أي لا يذل باطنك بالجوع ولا ظاهرك بالعرى {وأنك لا تظمأ فيها ولا تضحى} أي لا يمس باطنك حر الظمأ ولا ظاهرك حر الشمس، ولهذا قرن بين هذا وهذا، وبين هذا وهذا، لما بينهما من الملاءمة. فلما كان منه ما كان من أكله من الشجرة التي نهي عنها، أهبط إلى أرض الشقاء والتعب والنصب والكدر والسعي والنكد، والابتلاء والاختبار والامتحان، واختلاف السكان دينا وأخلاقا وأعمالا، وقصودا وارادات وأقوالا وأفعالا، كما قال تعالى: {ولكم في الأرض مستقر ومتاع إلى حين}. ولا يلزم من هذا أنهم كانوا في السماء كما قال: {وقلنا من بعده لبني إسرائيل اسكنوا الأرض فإذا جاء وعد الآخرة جئنا بكم لفيفا} ومعلوم أنهم كانوا فيها ولم يكونوا في السماء.
قالوا: وليس هذا القول مفرعا على قول من ينكر وجود الجنة والنار اليوم ولا تلازم بينهما، فكل من حكى عنه هذا القول من السلف وأكثر الخلف، ممن يثبت وجود الجنة والنار اليوم، كما دلت عليه الآيات والأحاديث الصحاح. والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب.

عُبَيّدُ الّلهِ
11-18-2015, 05:44 PM
للمزيد،كتاب حادى الأرواح لإبن القيم:
http://waqfeya.com/book.php?bid=1773