المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : حادثة السوخوي !



أحمد بن مسفر العتيبي
12-04-2015, 08:18 AM
حادثة السوخوي !

قبل سويعات من حادثة السوخوي الروسية كنتُ أقرأ في ديوان ” توبة الخفاجي ” ( ت: 80 هـ ) صاحب ليلى الأخيلية ، قوله ضمن أبيات من الشعر:

ومن يكُ ذا عظمٍ صليبٍ رجا بِه
ليكسَر عُود الدهر فالدهرُ كاسرُه

وحادثة إسقاط تركيا لطائرة السوخوي الروسية الحربية، حدث أشغل –فيما ظهر لي – العالم الإسلامي والغربي من شماله إلى جنوبه ومن شرقه إلى غربه . وقد دلَّل على أن صلابة القوة الآدمية مكسورة بقدر الله تعالى .

والربط بين المسائل الشرعية والحوادث الأرضية والسماوية لإستخلاص الدروس والعبر سنة عمل بها الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم .

فمن الحوادث الأرضية القديمة ما أخرجه الإمام أحمد في مسنده قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” لقد شهدتُ في دار عبد الله بن جدعان حِلفاً ما أحبُّ أن لي به حمر النَّعم، ولو أدعى إليه في الإسلام لأجبتُ ” وإسناده حسن .

وقد كان هذا الحدث قبل البعثة المحمدية . وقد نبَّه رسول الله صلى الله عليه وسلم على أهمِّيته بعد الرسالة المحمدية ، ودعى الناس به إلى إنصاف المظلومين .

ومن الحوادث السماوية مارواه عبد الله بن ابي مليكة قال : غدوتُ على ابن عباس رضي الله عنهما ذات يوم ، فقال : “ما نمتُ الليلة حتى أصبحت” قلت : لم ؟ قال :
قالوا : طلع النجم”و في رواية الكوكب” ذو الذنب ، فخشيتُ أن يكون الدخان قد طرق، فما نمتُ حتى أصبحت “. أخرجه الحاكم في الفتن وقال صحيح على شرط الشيخين ، وأقرَّه الذهبي في المستدرك ؛ وذكره ابن كثير بسنده في تفسيره . وقال عنه : هذا إسناد صحيح إلى ابن عباس . وهذا أثر له حكم الرفع ، لإقرار حبر الأمة له .

ومثله ما روي عن علي بن عبد الله بن عباس قال : (( لا يخرج المهدي حتى تطلع مع الشمس آية)) أخرجه عبد الرازق في مصنفه ، ونعيم بن حماد في الفتن .
وقال عنه البستوي : إسناده صحيح رجاله كلهم ثقات .

فكل حدث يحدث في واقع الناس اليوم يجب الإفادة منه ، سواء من الناحية العقدية أو الفقهية أو التأريخية . كما تقدم في الأمثلة السابقة.
والعوام اليوم يصفون قوة الُّدول بعتادها وجنودها وهذا وصف طردي باطل كما هو متقرِّر عند الأصوليين .

• وقد تبيَّن لي في هذه الحادثة جملة من الدروس :
1- المجالات الجوية للدول بمنزلة الحدود الأرضية ، لها حرمتها وسيادتها ،لأنها بمنزلة الأرض المملوكة التي يحرم التعدِّي عليها من غير مالكها . فيكون دم المعتدي هَدر لظلمه .
وهذه المجالات الجوية الدولية أُقرت بها المعاهدات العالمية ووقعت عليها الحكومات فتكون بمنزلة الإقرار . والقاعدة الفقهية نصَّت على جواز إتلاف مال الحربي الصائل ، لعدم حصول الأمان له ، ولعدم عصمته .

2- من أهم درجات البراء من الكافرين بُغض فعلهم وتسلُّطهم على المسلمين . ويكفي في ذلك فعل القلب دون اللسان . وروسيا ارتكبت ظلماً بتعدِّيها على حرمات المسلمين بدون إذن منهم .فيجب بغضها لكفرها وطغيانها .وقد قال تعالى: ” لا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ “( المجادلة : 22 ) .

3- التحالف مع الكفار المحاربين ضد المؤمنين من الأعمال المؤثِّرة على عقيدة المسلم ، وربما تحبط الإيمان على حسب درجات العمل.
وقد قال الله تعالى : ” وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ “( المائدة : 51 )

4- الأتراك مسلمون لهم الفضل بعد الله تعالى في نشر الإسلام في القوقاز وبلاد التركمان وغيرها من البلاد الآسيوية في شمالها وجنوبها . فتجب محبتهم ومواساتهم بقدر إيمانهم وصلاحهم . وقد قال الإمام الفقيه ابن عابدين(ت: 1252ه ) رحمه الله تعالى :” لو أن مُسلمة سُبيت بالمشرق، لوجب على أهل المغرب تخليصها من الأسر” . . أما عندهم من مخالفات فَتُبغض بقدر معاصيهم بلا ظُلمٍ لهم .

5- قصف المسلمين المسالمين في سوريا أصحاب العقيدة الصحيحة لا يجوز ، بل ظلم يجب ردُّه وردعه بكل وسيلة ممكنة . وأهل الحلِّ والعقد في العالم الإسلامي مطالبون بفرض رأيهم وقوتهم لردع الظالمين. وقد قال الله تعالى : ” وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلا عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ ” ( الأنفال :72 ) .

6- الفيدرالية الروسية التي تتحكم في الشعوب الروسية ، حكومة معروفة بالقمع والقهر وكراهية الإسلام ، ولهم تاريخ حافل في ظلم الجاليات المسلمة واضطهادها وتعذيبها والتضيِّيق عليها في أرزاقها . فلا يجوز إعانتهم على ظلمهم للسوريين العُزَّل في مساجدهم وأسواقهم وأمنهم .
وللأسف نسمع اليوم في واقع المسلمين من يعينهم على جورهم وإبادتهم للسوريين الأبرياء ، وهذه كبيرة تستوجب غضب الله وعقابه.

7- التجسس على المسلمين أو محبة أهل الكفر أو إقرار كفرهم وضلالهم من محبطات الأعمال ، وهو خطر على عقيدة المسلم وقد تكون سبباً في سوء خاتمته . فليحذر من يميل لذلك من الخاصة أو العامة .

8- لا يجوز الفصل بين الدِّين والسياسة كما هو شائع اليوم بين كثير من المثقفين للأسف ، فالإسلام دولة وعقيدة وشريعة ، وكل حدث يقع بين أيدي الناس يجب تناوله عبر هذا المثلث الموزون . فاستثمار الأحداث دِّين ندين الله تعالى به ، ونتقرب به رجاء ثواب الله .

9- أورد العلامة ابن خلدون ( ت: 808هـ )رحمه الله تعالى كلاماً لطيفاً حول الفرق بين الملك والخلافة وسبب التنافر بينهما ، وهذا الفرق نحتاج له اليوم لضبط مآلات نوازل العصر . فقد قال :
” الملك الطبيعي هو حمل الكافة على مقتضى النظر العقلي في جلب المصالح الدنيوية ودفع المضار، والخلافة هي حمل الكافة على مقتضى النظر الشرعي في مصالحهم الأخروية والدنيوية الراجعة إليها، إذ أحوال الدنيا ترجع كلها عند الشارع إلى اعتبارها بمصالح الآخرة، فهي في الحقيقة خِلافة عن صاحب الشرع في حراسة الدِّين وسياسة الدنيا به ” .
فكل مصلحة أو مفسدة لا توزن بميزان الشرع ، فهي مُلغاة لا حكم لها .

10- المشروع الروسي في بلاد العرب والمسلمين مشروع تدمير لا مشروع تعمير ، يجب التصدِّي له من جانب ولاة الأمر وأهل العلم ، وإذا كان الأصوليون يقولون إن العلة هي الوصف الذي يدور معه الحكم الشرعي وجودا وعدماً ، فإن الروس يصبحون أصدقاء لنا إن أحسنوا مقاصدهم وتركوا مشروعهم التدميري واستبدلوه بالتعميري التهذيبي ،كالأمم المسالمة التي بقيت على دينها ولم تُرق دماً حراماً .

هذا ما تيسر تحريره ، والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات .

د/ أحمد بن مسفر بن معجب العتيبي
عضو هيئة التدريس بمعاهد القوات البرية

__________________

مؤسِّس مُدوَّنة المتوقِّد التأصيلية
http://ahmad-mosfer.com/

متحري الحقيقة
01-03-2016, 03:52 AM
المشروع الأمريكي هو المشروع التخريبي الأكبر في تاريخ المسلمين والعالم ,وهو تخريبي أضعافا مضاعفة عن غيره الذي يعد نقطة في بحره ,وبسببه رأينا تغلغلا رهيبا للصهاينة وسفاراتهم في العالم وأيضا للإمبريالية الصهيو صليبية الأمريكية التي اتخذت من العديد من الدول العربية منطلقا لقواعدها لغزو العراق وتدميره ومشاريع تدميرية أخرى ,واتخذت من حكامهم أولياء عبيد لها ,دائما تركيز النظر على روسيا والمشروع الإيراني الثانويين الهامشيين وتضخيم أمرهما ,وإهمال الغول الصهيو صليبي الأكبر الذي استعبد حكام العرب واحتل أراضيهم وامتص دماءهم وهو سبب كل مصائبهم,طبعا تفاصيل هذا الكلام تطول ,لكنها لا تخفففى مطلقا على من تعمق وقرأ