المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : رد شبهة ما اشهدتهم خلق السماوات والأرض



عُبَيّدُ الّلهِ
01-01-2016, 06:53 AM
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لانبى بعده وعلى اله وصحبه ومن تبعه،
فإن البعض يزعم تاركا الأدلة التنزيلية والعقلية أن الله عزوجل منع عنا العلم بكيفية خلق السماوات والأرض لسبب هذه الأيات فى سورة الكهف:
وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآَدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا (50) مَا أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَا خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ وَمَا كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُدًا (51) وَيَوْمَ يَقُولُ نَادُوا شُرَكَائِيَ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ فَدَعَوْهُمْ فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ مَوْبِقًا (52)
والجواب من وجوه:
أولا أن سياق الأيات لايعنى أن الله عزوجل منع عن إبليس وذريته العلم بنشأة الخلق بل يعنى إنتفاء صفات الأزلية عن إبليس وذريته لأن صفة الولاية تقتضى الأزلية،والولى الحق هو الله عزوجل لأنه أزلى واستدل سبحانه على ذلك بحجة عقلية هى أن الأول الذى ليس قبله شئ هو الذى حضر خلق السماوات والأرض وحده،فهو فقط الولى.
ثانيا أن الشهادة فى اللغة معناها أكثر خصوصية من العلم، فهى محض العلم بالبصر أو السمع أو كلاهما كقوله تعالى على لسان اخوة يوسف(وما شهدنا إلا بما علمنا)، فعلى هذا لاتناقض بين الأيات والعلم الكونى فالإنسان لم ولن يشهد الرتق والفتق الأول الذى تأسس عليه الوجود الكونى ولا الرتق والفتق الثانى الذى تأسس عليه مجرة درب التبانة ولا الرتق والفتق الثالث الذى تأسس عليه المجموعة الشمسية ولا الرتق والفتق الرابع الذى أدى لإنفصال الأرض عن القمر وتكون الغلاف الجوى،وهو ما يُعرف فى القرأن الكريم بالأيام الستة،وكل ما يحلم به الإنسان هو الوصول إلى صور ضوئية او موجات وذبذبات او اى بقايا كونية من بقايا هذه الأحداث العظيمة.
ثالثا وأخيرا لماذا دوما عند الملحدين واللادينيين نختار الطريق الصعب ولانقرء التاسير القديمة،وما فهمه الأولون من هذه الأيات؟يقول الطبرى رحمه الله مقررا حقيقة معنى هذه الأيات وأنها تتحدث فقط عن كلية الربوبية:

يقول عزّ ذكره: ما أشهدت إبلـيس وذرّيته { خَـلْقَ السمَوَاتِ والأرْضِ } يقول: ما أحضرتهم ذلك فأستعين بهم علـى خـلقها { وَلا خَـلْقَ أنْفُسِهِمْ } يقول: ولا أشهدت بعضهم أيضاً خـلق بعض منهم، فأستعين به علـى خـلقه، بل تفرّدت بخـلق جميع ذلك بغير معين ولا ظهير، يقول: فكيف اتـخذوا عدوّهم أولـياء من دونـي، وهم خـلق من خـلق أمثالهم، وتركوا عبـادتـي وأنا الـمنعم علـيهم وعلـى أسلافهم، وخالقهم وخالق من يوالونه من دونـي منفردا بذلك من غير معين ولا ظهير.
يقول القرطبى رحمه الله:

قوله تعالى: { مَّآ أَشْهَدتُّهُمْ خَلْقَ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ وَلاَ خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ } قيل: الضمير عائد على إبليس وذريته؛ أي لم أشاورهم في خلق السموات والأرض ولا خلق أنفسهم، بل خلقتهم على ما أردت. وقيل: ما أشهدت إبليس وذريته خلق السموات والأرض «ولا خلق أنفسهم» أي أنفس المشركين فكيف اتخذوهم أولياء من دوني؟. وقيل: الكناية في قوله: «مَا أَشْهَدْتُهُمْ» ترجع إلى المشركين، وإلى الناس بالجملة، فتتضمن الآية الرد على طوائف من المنجّمين وأهل الطبائع والمتحكمين من الأطباء وسواهم من كل من يتخوّض في هذه الأشياء. وقال ابن عطية: وسمعت أبي رضي الله عنه يقول: سمعت الفقيه أبا عبد الله محمد بن معاذ المهدويّ بالمهدية يقول: سمعت عبد الحق الصقليّ يقول هذا القول، ويتأوّل هذا التأويل في هذه الآية، وأنها رادة على هذه الطوائف، وذكر هذا بعض الأصوليين. قال ابن عطية وأقول: إن الغرض المقصود أولاً بالآية هم إبليس وذريته؛ وبهذا الوجه يتجه الرد على الطوائف المذكورة، وعلى الكهان والعرب والمعظمين للجن؛ حين يقولون: أعوذ بعزيز هذا الوادي؛ إذ الجميع من هذه الفرق متعلقون بإبليس وذريته وهم أضلوا الجميع، فهم المراد الأوّل بالمضلّين؛ وتندرج هذه الطوائف في معناهم. قال الثعلبي: وقال بعض أهل العلم «مَا أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ» ردّ على المنجّمين أن قالوا: إنّ الأفلاك تُحدث في الأرض وفي بعضها في بعض،والقرطبى رحمه الله قال بعد ما سبق كلاما مناقضا للعلم مردود عليه ولكن معنى كلام القرطبى رحمه الله أنه أستنبط من الأية حكما أخر وهو أنها تعنى إستحالة علم الإنسان بحقيقة العلوم الكونية،وهذا ما فهمه القرطبى،ولكن ابن كثير رحمه الله ينتصر للمذهب الأول وهو مذهب الطبرى وهو ظاهر الأية فيقول رحمه الله:

يقول تعالى: هؤلاء الذين اتخذتموهم أولياء من دوني عبيد أمثالكم، لا يملكون شيئاً، ولا أشهدتهم خلق السموات والأرض، ولا كانوا إذ ذاك موجودين، يقول تعالى: أنا المستقل بخلق الأشياء كلها، ومدبرها ومقدرها وحدي، ليس معي في ذلك شريك ولا وزير ولا مشير ولا نظير، كما قال:
{ قُلِ ٱدْعُواْ ٱلَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِّن دُونِ ٱللَّهِ لاَ يَمْلِكُونَ مِثُقَالَ ذَرَّةٍ فِي ٱلسَّمَـٰوَٰتِ وَلاَ فِي ٱلأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِن شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُمْ مِّن ظَهِيرٍ وَلاَ تَنفَعُ ٱلشَّفَـٰعَةُ عِندَهُ إِلاَّ لِمَنْ أَذِنَ لَهُ }
[سبأ: 22- 23] الآية، ولهذا قال: { وَمَا كُنتُ مُتَّخِذَ ٱلْمُضِلِّينَ عَضُداً } قال مالك: أعواناً.
رابعا واخيرا السؤال للملحد:إذا كان معنى الأية كما تقول فلماذانجد كثيرا من الأيات والأحاديث تتكلم عن بدء الخلق؟ويكفى للمسلم فخرا،هذه الأيات الكريمات وغيرها كثير:
إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآَيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ (190) الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ (191)ال عمران
أَوَلَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ وَأَنْ عَسَى أَنْ يَكُونَ قَدِ اقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ (185)الأعراف
أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ (30) وَجَعَلْنَا فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِهِمْ وَجَعَلْنَا فِيهَا فِجَاجًا سُبُلًا لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ (31) وَجَعَلْنَا السَّمَاءَ سَقْفًا مَحْفُوظًا وَهُمْ عَنْ آَيَاتِهَا مُعْرِضُونَ (32) وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ (33)الأنبياء
أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِنْ فُرُوجٍ (6) وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ (7) تَبْصِرَةً وَذِكْرَى لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ (8)ق
أَفَلَا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ (17) وَإِلَى السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ (18) وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ (19) وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ (20)الغاشية

الدكتور قواسمية
01-01-2016, 01:19 PM
بارك الله فيك أخي عبيد
جزاك الله كل الخير على هذا الموضوع

عُبَيّدُ الّلهِ
01-01-2016, 01:25 PM
بارك الله فيك أخي عبيد
جزاك الله كل الخير على هذا الموضوعوفيكم بارك الله استاذنا الكريم

خطاب أسد الدين
01-01-2016, 06:39 PM
بوركت وجزاك الله خيرا

عُبَيّدُ الّلهِ
01-01-2016, 10:05 PM
بوركت وجزاك الله خيرابارك الله فيك وشكرا على المرور

زيد الجزائري الجزائر
01-02-2016, 01:32 PM
بارك الله فيك أخي عبيد موضوع في قمة الروعه لطالما كانت مواضيعك متميزة لك خالص احترامي

عُبَيّدُ الّلهِ
01-02-2016, 01:54 PM
بارك الله فيك أخي عبيد موضوع في قمة الروعه لطالما كانت مواضيعك متميزة لك خالص احترامي
بارك الله فيكم اخى الكريم وشكر الله لكم