المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الجزيـرة المشؤومـة



ابن سلامة القادري
01-23-2016, 11:59 PM
شابان تاها في البحر و ألقت بهما عاصفة في شاطئ جزيرة مهجورة، انقطعت بهما السبل فاختارا العيش فيها مكرهين .. أحدهما (فريد) كان يجول ذات مرة فعثر على كتاب قديم في مكان ما من الجزيرة شبيه بكاتالوج فيه بعض المعلومات و الارشادات تتعلق بالجزيرة التي خلت من سكانها تماما لكن بقي منها بعض آثارهم و مظاهر لهوهم و لعبهم و مجونهم و فيه معلومات أيضا تتحدث عن مصير مشؤوم للجزيرة قد يقع عن قريب، انذهل فريد مما قرأ و استبد به الخوف فانطلق ليخبر صديقه (حازم) عن الكتاب و ما حواه من غرائب و تفاصيل عن الجزيرة تنتهي بخرابها. التفت إليه حازم و أبدى رأيه في الكتاب دون أن يقرأ منه سطرا : هذا الكتاب لا نعلم كاتبه و هو غير واقعي في تهديده فلماذا آخذ به ؟ انطلق حازم، و لم يأبه لما في الكتاب و لا اهتم أبدا لمحتواه أيا كان و اكتفى بقوله : امض يا صديقي و استمتع بحياتك و ليكن ما يكن ..
فريد لم يزل في نفسه شك و تخوف من احتمال أن يكون الكتاب صادقا فعكف عليه يقرأه ليل نهار ( علو همة و الآخر دنو همة) فتوصل إلى حقائق و أسرار كثيرة جربها كاتب الكتاب و أشخاص كثيرون عاشوا معه هناك على الجزيرة و أراد أن يفيد به غيره ممن يضيع و يضل و يضع رجله عليها فيستنير به و ينجو من الخراب الموعود و يمضي من طريق حيث يصل أخيرا إلى المكان الذي يعيش فيه حياة أفضل.
فريد أدرك قيمة الكتاب بالتجربة و باكتشاف بعض حقائقه على أرض الجزيرة فبدأ يثق فيما يقرأ و زاده ذلك من الرغبة في الاطلاع عليه أكثر و في العمل بإشاراته و إرشاداته و تحذيراته أيضا.
و مرة بعد أخرى أخذ يطلع صاحبه على بعض تلك الحقائق و الأسرار فأحيانا يجد بعضها منطقيا و أحيانا أخرى تشتبه عليه و يستبعدها فقط لأنه لا يريد أن يصدق و لأنه مشغول بالمتع العاجلة منصرف في أكثر الأحيان إلى اللهو و المجون و الترف حيث كانت الجزيرة لا تخلو من مثل هذا، و في كل مرة يصر لصاحبه على أن الكتاب لا يعني له شيئا بل أدى به ذلك أخيرا إلى مخاصمته و مهاجرته. أما فريد فمع ذلك حاول معه بدافع الصداقة و حاول لكنه لم يفلح.
في يوم ما أحس حازم بالوحدة و وجد نفسه أمام طريق مسدود و بدأ يتساءل عن مصيره في الجزيرة و إلى متى سيضل تائها في غمرة لهوه و مجونه .. لماذا لا يتعقل قليلا، و يصبح جديا بعض الشيء أمام الأمر الواقع .. لم لا يحاول مرة واحدة التفكير في محتويات الكتاب الذي طالما حدثه عنه صديقه .. لماذا لا يقرأ فيه و لو قليلا بتمعن ما دام الكتاب على قدر من الجدية و أكثره نصائح تنئى بقارئه عن اللهو و المجون و تدله على أسباب العيش الكريم و على أمور قد لا تطالها عينه لكن يصدقها القلب لأن محتوى الكتاب صادق و لم يثبت له كذبه ؟
فكّر حازم كثيرا و أعاد التفكير .. فنظر يمينا و شمالا يبحث عن صديقه الذي شاركه آلامه و آماله و أفراحه و أحزانه و ضاحكه أياما و آكله و شاربه .. بحث عنه فلم يجده .. وجده اختفى من على ظهر الجزيرة. أين هو ؟ لا جواب ربما غرق في البحر .. لا أكيد غرق في البحر فهو لا يعرف السباحة.

فريد وجد طريقا إلى الخروج من الجزيرة، حيث أخبره الكتاب أن سفينة تمر عليها كل سنة من قريب و تنقذ من عليها إن وُجد قبل وقوع الكارثة، وصل إلى بلد الأمان .. وصل إلى حيث يجد الراحة و السعادة و الهناء بعيدا عن وحشة الجزيرة و أخطارها و مكدراتها و نجا .. نجا بنفسه من بركان عظيم كان يهدد الجزيرة .. و أحرق البركان صاحبنا .. مأسوفا عليه.


﴿ بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ﴾
تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴿١﴾ الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ﴿٢﴾ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا مَّا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَـنِ مِن تَفَاوُتٍ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِن فُطُورٍ ﴿٣﴾ ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِئًا وَهُوَ حَسِيرٌ ﴿٤﴾ وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَجَعَلْنَاهَا رُجُومًا لِّلشَّيَاطِينِ وَأَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابَ السَّعِيرِ ﴿٥﴾ وَلِلَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ ﴿٦﴾ إِذَا أُلْقُوا فِيهَا سَمِعُوا لَهَا شَهِيقًا وَهِيَ تَفُورُ ﴿٧﴾تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ ﴿٨﴾ قَالُوا بَلَى قَدْ جَاءَنَا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنَا وَقُلْنَا مَا نَزَّلَ اللَّـهُ مِن شَيْءٍ إِنْ أَنتُمْ إِلَّا فِي ضَلَالٍ كَبِيرٍ ﴿٩﴾ وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ ﴿١٠﴾ فَاعْتَرَفُوا بِذَنبِهِمْ فَسُحْقًا لِّأَصْحَابِ السَّعِيرِ ﴿١١﴾ إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُم بِالْغَيْبِ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ ﴿١٢﴾ وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ ﴿١٣﴾ أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ﴿١٤﴾