المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : هل يكفر من يحكم بغير الشريعة الإسلامية؟



mrkira
02-05-2016, 08:09 AM
نص الاستشارة أو الفتوى:
ما حكم قائد الدولة أو الحاكم الذي لا يحكم بالشرع هل هو كافر أم لا، وأنا أعرف أنها مسألة خلاف بين الكفر الأكبر والأصغر ولكن الصواب والله اعلم أنه كافر، فما رأيكم؟. وأيضا بغضِّ النظر عن الحكم بالشرع هل هناك حاكم عربي غير موالي للغرب وللكفار ويحبهم ويحبونه ويتلاطفون مع بعضهم ويتناولون الطعام سويا ويظهرون المحبة لبعضهم، و.... الخ أليست هذه موالاة تستوجب الكفر، هذا السؤال مني وأجيبوني بما يرضي الله.



نص الجواب:
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله ومن والاه وبعد:

بداية أتمنى على الأخ السائل أن يطرح سؤاله دون الإجابة والترجيح، لتشعر لجنة الإفتاء أنه يريد معرفة الجواب لا المناكفة.

أما بخصوص موضوع الحكم بغير ما أنزل الله، فنقول: الأصل فيمن ينتمي للإسلام أن يجعل منه دُستوراً ومنهجاً لحياته، فيَخضع لأحكامه، وينهل من معينه، وينتهج مِناهجَه، ويسلك سبله، ويعمل من أجله، ويدعو إليه.

ولعلَّ من أبرز القضايا التي يستند إليه المُتَشدِّدُون في الحكم على النَّاس بالتَّكفير، هي قضية عدم الحكم بما أنزل الله تعالى، ويستدلُّون بظواهر الآيات الثلاث التي وردت في سورة المائدة، وهي قوله تعالى: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} [المائدة: 44]، {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} [المائدة: 45]، {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} [المائدة: 47]، فيحكمون بكفر كلِّ من لم يحكم بما أنزل الله تعالى، دون تفصيل أو بيان.

ولا بدَّ من القول: بأنَّ تقرير هذه المسألة ليس دِفَاعاً وتقليلاً من جَرِيرة وجَريمة هؤلاء المستهترين بشرع الله وأحكامه، بل هو بيان للحقِّ، ووضع للأمور في نِصَابها الصحيح، واتِّبَاع لمنهج أهل السُّنَّة والجماعة في ذلك، وحمايةٌ للمسلم من التَّسرع والمُجَازفة بأمر حَذَّرَنا الشارعُ من الوقوع فيه، ما لم نكن على يقين تامٍّ ينفي أيَّ شُبهة أو شَكٍّ في ذلك.

أمَّا هذه الآيات الثلاث السابقة: فقد ذهب بعضُ السَّلف وجماعة من أهل العلم إلى تخصيصها بأهل الكتاب، وذهب آخرون إلى أنَّها عامَّة في كلِّ من لم يحكم بما أنزل الله تعالى، استناداً إلى أنَّ العِبْرَة بِعُموم اللَّفظ لا بخصوص السبب. [انظر: تفسير الطبري 10: 353؛ تفسير القرطبي 6: 190]

قال ابن عطيَّة: ولا أعلم بهذا التَّخصيص وجهًا إلاَّ إن صحَّ فيه حديث عن النَّبيِّ، إلاَّ أنَّه راعى من ذُكر مع كلِّ خبر من هذه الثلاثة، فلا يترتب له ما ذكر في المسلمين إلاَّ على أنَّهم خُوطبوا بقوله: {فَلَا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ} [المائدة: 44]، وقال إبراهيم النَّخَعِي: نزلت هذه الآيات في بني إسرائيل، ثم رضي لهذه الأمة بها. [المحرر الوجيز 2: 196].

ونقل القرطبي عن ابن مسعود والحسن أنَّها عامَّة في كلِّ من لم يحكم بما أنزل الله من المسلمين واليهود والكفار، أي: مُعْتَقِدًا ذلك ومُسْتَحِلَّاً له؛ فأمَّا من فعل ذلك وهو مُعْتَقِد أنَّه راكب مُحرَّم فهو من فُسَّاق المسلمين، وأمره إلى الله تعالى، إن شاء عَذَّبه، وإن شاء غفر له.[الجامع لأحكام القرآن 6: 190].

أمَّا الحُكم بالكفر على من لم يحكم بما أنزل الله تعالى، فَنُورد فيه أقوالَ السَّلف وعلماء الأمَّة لِنَتَبيَّن وجهَ الحقِّ فيه:

1) قال ابن عباس رضي الله عنهما في تفسير قوله تعالى: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} [المائدة: 44]: « هي به كُفر، وليس كُفْرًا بالله وملائكته وكتبه ورسله». [انظر: تفسير الطبري10: 356؛ وتفسير البغوي 3: 61].

2) وعنه أيضاً أنَّه قال: «إنَّه ليس بالكفر الذي يذهبون إليه، إنَّه ليس كفرًا ينقُل عن الملِّة، {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ}، كفرٌ دُونَ كفرٍ». [أخرجه الحاكم في المستدرك 2: 342 برقم 3219 وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي].

3) وقال طاوس: «كفرٌ لا ينقل عن المِلَّة، وقال عطاء: كفرٌ دونَ كفرٍ، وظُلْم دونَ ظُلْم، وفِسْقٌ دونَ فِسق». [جامع البيان للطبري 10: 356، وانظر: أحكام القرآن للجصاص 4: 93].

4) وقال عِكرمة البربري: «معناه: ومن لم يحكم بما أنزل الله جاحدًا به فقد كفر، ومن أقرّ به ولم يحكم به فهو ظالم فاسق». [انظر: تفسير البغوي 3: 61].

5) وقال علي بن حسين رضي الله عنهما: «ليس بكُفرِ شِركٍ، ولا ظُلمِ شرك، ولا فِسْقِ شِرك». [أحكام القرآن للجصاص 4: 93].

6) وقال عطاء:« كُفْرٌ دونَ كُفْر، وظُلمٌ دونَ ظُلمٍ، وفِسقٌ دونَ فِسقٍ». [انظر: تفسير الطبري 10: 356].



أمَّا أقوالُ العُلماء في ذلك:

1) قال ابن عَطيَّة (ت542هـ): «قالت جماعة عظيمة من أهل العلم: الآية مُتَنَاوِلة كلَّ من لم يحكم بما أنزل الله، ولكنَّه في أُمراء هذه الأمة كُفْرُ معصية لا يخرجهم عن الإيمان». [انظر: المحرر الوجيز 2: 196].

2) وقال ابن العَرَبي (ت543هـ): «إن حَكَمَ بما عندَه على أنَّه من عند الله فهو تبديل له يُوجِبُ الكُفرَ، وإن حَكَمَ به هوىً ومَعْصِية فهو ذنبٌ تُدْرِكُه المغفرةُ على أصل أهل السُّنَّة في الغُفْرَان للمُذنبين». [أحكام القرآن 2: 621].

3) وقال الفخر الرَّازي (ت606هـ): قالت الخَوارج كلُّ من عصى الله فهو كافر، وقال جمهور الأئمة: ليس الأمر كذلك، أمَّا الخوارج فقد احتجُّوا بهذه الآية، وقالوا: إنَّها نَصٌّ في أنَّ كلَّ من حَكَمَ بغير ما أنزل اللهُ فهو كافر، وكلّ من أذنب فقد حكم بغير ما أنزل الله، فوجَبَ أن يكون كافراً.

وبعد أن استعرض أقوالَ العلماء وردودَهم على القائلين بالتَّكفير مُطْلَقاً، صَحَّحَ قولَ عِكرمة البربري في ذلك، وهو قوله: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ}، إنَّما يتناول من أنكر بقلبه وجَحَدَ بلسانه، أمَّا من عَرَف بقلبه كونَهُ حُكْمَ الله، وأقرَّ بلسانه كونَهُ حُكمَ الله، إلاَّ أنَّه أتى بما يُضَادُّه، فهو حاكم بما أنزل الله تعالى، ولكنَّهُ تاركٌ له، فلا يلزم دخوله تحت هذه الآية، وهذا هو الجواب الصحيح، والله أعلم. [انظر: مفاتيح الغيب 12: 6].

والخلاصة ممَّا سبق: أنَّه لا بُدَّ من التَّفريق بين من يحكم بغير ما أنزل الله جُحُوداً له، أو استِخفافاً به، أو استِحلالاً لمخالفته، أو اعتِقَاداً بأنَّ حُكمَه هو الحَقُّ المُوَافقُ لـِمَا عندَ الله، وبين من يحكم بغير شَرعِ الله تعالى اتِّبَاعاً للهوى، ومعصيةً لله. فالأوَّل: كافرٌ مُرْتدٌّ لا خلافَ في ذلك، وأمَّا الثاني: فآثمٌ عاصٍ فاسقٌ، مُرْتَكِبٌ لكبيرة منَ الكبائر، لا تخرجه عن مِلَّة الإسلام.

إلاَّ أنَّ الخوارج ومن نهج نهجهم تأوَّلوا هذه الآية على تكفير كلِّ من ترك الحُكم بما أنزل اللهُ من غير جحود لها، وأَكْفَروا بذلك كلَّ من عصى الله بكبيرة أو صغيرة. [انظر: أحكام القرآن للجصاص 4: 94].


وأما موالاة الكفار التي تُخْرج صاحبها عن وصف الإيمان في اصطلاح أهل العلم: فهي نصرة أهلِ الكُفر، والرِّضا بدينهم ومعتقدهم، واتخاذهم أولياء من دون الله ورسوله والمؤمنين.

أمَّا موالاتهم بمعنى التَّعَاون معهم ومعاضدتهم ونحو ذلك، دونَ الرِّضا بمعتقداتهم، أو الإخلال بأصول الإيمان، فهو كبيرة من الكبائر، تُوقِع صاحبَها في غضب الله تعالى ومَقْتِه، ولكنَّها لا تُوصله إلى الكُفْرِ والردَّة عن دين الإسلام.

ولذلك لم يثبت عن أحد من علماء المسلمين أنَّه حَكَم بكفر الجَاسوس المسلم لأهل الكفر، لعدم اعتبار فعله مُوَالاة مُكَفِّرةً، وإن كان كبيرة من الكبائر، وخيانة لجماعة المسلمين، فقد قال القاضي أبو يوسف مُجيباً على أسئلة هارون الرشيد: «وسألتَ يا أميرَ المؤمنين عن الجواسيس يوجَدُون وهم من أهل الذِّمَّة أو أهل الحرب أو من المسلمين، فإن كانوا من أهل الحرب أو من أهل الذِّمَّة ممن يؤدي الجِزية من اليهود والنصارى والمجوس فاضرب أعناقهم، وإن كانوا من أهل الإسلام معروفين فأوجعهم عقوبة، وأطِلْ حبسَهم حتى يُحْدِثوا توبة». [كتاب الخراج ص189 ـ190]

وقال الإمام محمد بن الحسن الشيباني: «وإذا وَجَدَ المسلمون رجلاً - ممَّن يدَّعي الإسلامَ - عيناً للمشركين على المسلمين، يكتب إليهم بعوراتهم، فأقرَّ بذلك طَوعًا، فإنَّه لا يُقتَل، ولكنَّ الإمام يُوْجِعُه عقوبةً»، ثمَّ قال: «إنَّ مثله لا يكون مسلمًا حقيقة، ولكن لا يُقتل لأنَّه لم يترك ما به حكمنا بإسلامه، فلا نُخْرِجُه من الإسلام في الظاهر، ما لم يترك ما به دخل في الإسلام، ولأنَّه إنَّما حمله على ما صنع الطمعُ، لا خُبْثُ الاعتقاد، وهذا أحسن الوجهين، وبه أُمِرنا». [انظر: شرح كتاب السير الكبير 5: 2040].

وقال القاضي عياض: «التَّجَسُّس لا يُخرج عن الإيمان». [إكمال المعلم بفوائد مسلم 7: 539].

وقال الإمام النووي: «الجاسوس وغيره من أصحاب الذُّنوب الكبائر لا يَكفُرون بذلك». [شرح صحيح مسلم 8: 54].

وقال ابن حجر: «نقل الطَّحاوي الإجماعَ على أنَّ الجاسوس المسلم لا يُبَاح دمُه، وقال الشافعية والأكثر: يُعَزَّر، وإن كان من أهل الهيئات يُعْفَى عنه، وكذا قال الأوزاعي وأبو حنيفة: يُوجَعُ عقوبةً ويُطَال حَبْسُه». [انظر: فتح الباري 12: 310].

وأمَّا مُجَرَّد المعاملة مع أهل الكفر دونَ مُخَالطةٍ أو مُلابسةٍ فلا تدخل في دلالة لفظ الولاية المَنهِي عنها، فقد جاءتِ النُّصوص الدَّالة على جواز ذلك، وثبتَ من فعل النَّبيِّ أنَّه عامل اليهود، وعَادَ مَرضاهم، وأجاب دعوتهم، وعاهدهم، وماتَ ودِرعُه مَرهُونة عند يهودي، وأجاز الإسلام نكاح نسائهم وأكل ذبائحهم.

ولمن يريد التوسع ينظر أقوال المفسرين في الآيات التي وردت في الولاية:

وفيما يأتي أقوالُ علماء التفسير التي تؤكِّد ما سبق تقريره: تفسير الطبري 10: 398. وينظر: مفردات الراغب 2: 535. تفسير الرازي 12: 15. وينظر: تفسير البغوي 3: 68؛ وتفسير القرطبي 6: 217.

ونقتصر على كلام ابنُ عَطيَّة فقد قال: «نهى الله تعالى المؤمنين بهذه الآية عن اتِّخَاذ اليهود والنَّصارى أولياءَ في النُّصرة والخُلطة المُؤدِّية إلى الامتزاج والمُعَاضدة، وحُكمُ هذه الآية باق، وكلُّ من أكثر مخالطةَ هذين الصنفين فله حَظُّه من هذا المَقْت الذي تضمَّنه قولُه تعالى: (فإنه منهم)، وأمَّا معاملةُ اليهوديِّ والنَّصرانيِّ من غير مُخَالطة ولا ملابسة فلا تدخل في النَّهي، وقد عامل رسول الله يهوديًا وَرَهَنه دِرْعَه».

ثم قال: «قوله تعالى: {وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ} [المائدة: 51]، إنحاء على عبد الله بن أبيّ وكلِّ من اتَّصف بهذه الصِّفة من موالاتهم، ومن تولَّاهم بمعتقده ودينه فهو منهم في الكفر واستحقاق النُّقمة والخلود في النَّار، ومن تولَّاهم بأفعاله من العَضد ونحوه دون معتقد ولا إخلال بإيمان فهو منهم في المَقْت والمَذَمَّة الواقعة عليهم وعليه». [المحرر الوجيز 2: 203 ــ 204].

وبيَّن الإمام ابن تيمية بأنَّ المُوَالاة والمُوَادة المُخْرجة عن المِلَّة محلُهَا القلب، وإن طُلِبَ من المؤمنين مخالفةُ أهلِ الكُفر في الظاهر أيضاً، فقال: والموالاة والمُوَادَّة وإن كانت متعلقةً بالقلب، لكنَّ المخالفة في الظاهر أعون على مقاطعة الكافرين ومباينتهم ومشاركتهم في الظاهر.[انظر: اقتضاء الصراط المستقيم ص 160 ـ 161].

وأمَّا قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا آبَاءَكُمْ وَإِخْوَانَكُمْ أَوْلِيَاءَ إِنِ اسْتَحَبُّوا الْكُفْرَ عَلَى الْإِيمَانِ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} [التوبة: 23]

فقال ابن عَطيَّة: «حَكمَ اللهُ عزَّ وجلَّ بأنَّ من والاهم واتَّبَعهم في أغراضهم فإنَّه ظالم، أي: واضع للشيء غير موضعه، وهذا ظلمُ المعصية لا ظُلمُ الكُفر». [المحرر الوجيز 3: 18].

قلتُ: وأمَّا إن وَصَل التَّعاونُ مع الكَفرة ومتابعتهم في أغراضهم إلى حَدِّ الرِّضَا بكفرهم، فلا شكَّ أنَّه يُحْكم على صاحبه بالكفر؛ لأنَّ الرِّضا بالكفر كفر.

وأما قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ} [الممتحنة:1] التي نزلت في حاطب بن أبي بلتعة، فقد قال الإمام الطِّيبي: «ما فعله حاطبُ كان كبيرةً قطعاً؛ لأنَّه تضمَّن إيذاءَ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلَّم، لقوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ} [الأحزاب: 57]، ولا يجوز قتله؛ لأنَّه لا يكفُر به». [الكاشف عن حقائق السنن 12: 3940].

وقال الإمام القُرطبي عند تفسير هذه الآية: «من كَثُر تطلُّعُه على عورات المسلمين، ويُنَــــبِّهُ عليهم، ويُعَرِّفُ عَدوَهَم بأخبارهم، لم يكن بذلك كَافرًا، إذا كان فِعْلُه لِغَرض دنيويٍّ، واعتقادُه على ذلك سليم؛ كما فعل حاطبُ حين قصد بذلك اتخاذَ اليد، ولم ينوِ الرِّدَّة عن الدِّين». الجامع لأحكام القرآن 18: 52.

ثمَّ قال: «إذا قلنا لا يكون بذلك كافرًا، فهل يُقتل بذلك حَدًا أم لا؟ اختلف النَّاس فيه؛ فقال مالك وابن القاسم وأشهب: يجتهد في ذلك الإمام، وقال عبد الملك: إذا كانت عادته تلك قُتِلَ؛ لأنَّه جَاسُوس، وقد قال مالك بقتل الجاسوس، وهو صحيح لإضراره بالمسلمين، وسعيه بالفساد في الأرض، ولعلَّ ابنَ الماجشون إنَّما اتَّخذ التَّكرار في هذا؛ لأنَّ حَاطبًا أُخِذَ في أوَّل فِعلِه». الجامع لأحكام القرآن 18: 53.

وعلى فرض أنَّه حصلت نوعُ مودة لكافر لأمر ما، دون الرِّضا والميل لمعتقده، فإنَّ ذلك لا يقتضي الحكم بكفره، وإن كان فعله هذا يُنقص من كمال إيمانه، قال ابن تيمية: «وقد تحصُل للرَّجل مُوَادَتُهم لِرَحم أو حَاجة، فتكون ذنبًا ينقص به إيمانه، ولا يكون به كافرًا، كما حصل من حاطب بن أبي بَلْتَعَة، لمَّا كاتَبَ المشركين ببعض أخبار النَّبيِّ صلى الله عليه وسلَّم، وكما حصل لسعد بن عُبَادة لمَّا انتصر لابن أُبَيّ في قِصَّة الإفك..». انظر: مجموع الفتاوى 7: 522 ـ 523.

وخلاصة ما سبق: هو أنَّ مجرد التَّعامل مع الكفار لا يتعارض مع مبدأ البَرَاء من مُعتقداتهم وملَّتهم، كما أنَّ حُسْنَ التَّعامل مع من لا يناصِبُ المسلمين منهم العِدَاء هو ديننا وأخلاقنا. والله أعلم.

المصدر:
http://www.islamsyria.com/portal/consult/show/898

خطاب أسد الدين
02-11-2016, 02:10 PM
جزاك الله خيرا .

الشيخ الطريفى يوضح المسئلة


1


https://www.youtube.com/watch?v=wEEAYbzyi2o&feature=player_embedded


2


https://www.youtube.com/watch?v=rZt-zIDsqj0&feature=player_embedded

3


https://www.youtube.com/watch?v=xyT9sBggn34&feature=player_embedded

4


https://www.youtube.com/watch?v=iOPYXcxS_EA&feature=player_embedded

خطاب أسد الدين
02-11-2016, 02:40 PM
بعض الكتب التى تناقش مسئلة الحكم بغير ما انزل الله .

(الحكم بغير ما أنزل الله أحواله وأحكامه) د. عبد الرحمن بن صالح المحمود

http://waqfeya.com/book.php?bid=6056



رسالة العلامة محمد بن إبراهيم بشرح الشيخ سفرالحوالي

http://www.archive.org/download/stqstq/stq.pdf

(الحاكمية في تفسير أضواء البيان) للشيخ عبد الرحمن بن عبد العزيز السديس

http://www.alukah.net/Books/Files/Bo...0statement.pdf


الشريعة الإلهية لا القوانين الجاهلية للشيخ عمر ألاشقر

https://archive.org/download/FP81477/81477.pdf


(الحكم بغير ما أنزل الله مناقشة تأصيلية علمية) للشيخ بندر بن نايف العتيبي

خطاب أسد الدين
02-11-2016, 02:50 PM
انقل بعض فتاوى أهل العلم .

الحكم بغير ما أنزل الله



كثير من المسلمين يتساهلون في الحكم بغير شريعة الله، والبعض يعتقد أن ذلك التساهل لا يؤثر في تمسكه بالإسلام، والبعض الآخر يستحل الحكم بغير ما أنزل الله ولا يبالي بما يترتب على ذلك، فما هو الحق في ذلك؟

هذا فيه تفصيل: وهو أن يقال من حكم بغير ما أنزل وهو يعلم أنه يجب عليه الحكم بما أنزل الله، وأنه خالف الشرع ولكن استباح هذا الأمر ورأى أنه لا حرج عليه في ذلك، وأنه يجوز له أن يحكم بغير شريعة الله فهو كافر كفرا أكبر عند جميع العلماء، كالحكم بالقوانين الوضعية التي وضعها الرجال من النصارى أو اليهود أو غيرهم ممن زعم أنه يجوز الحكم بها، أو زعم أنها أفضل من حكم الله، أو زعم أنها تساوي حكم الله، وأن الإنسان مخير إن شاء حكم بالقرآن والسنة وإن شاء حكم بالقوانين الوضعية. من اعتقد هذا كفر بإجماع العلماء كما تقدم.

أما من حكم بغير ما أنزل الله لهوى أو لحظ عاجل وهو يعلم أنه عاص لله ولرسوله، وأنه فعل منكرا عظيما، وأن الواجب عليه الحكم بشرع الله فإنه لا يكفر بذلك الكفر الأكبر لكنه قد أتى منكرا عظيما ومعصية كبيرة وكفرا أصغر كما قال ذلك ابن عباس ومجاهد وغيرهما من أهل العلم، وقد ارتكب بذلك كفرا دون كفر وظلما دون ظلم، وفسقا دون فسق، وليس هو الكفر الأكبر، وهذا قول أهل السنة والجماعة، وقد قال الله سبحانه: وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ[1]، وقال تعالى: وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ[2]، وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ[3]، وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ[4]، وقال عز وجل: فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا[5] وقال عز وجل: أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ[6] فحكم الله هو أحسن الأحكام، وهو الواجب الاتباع وبه صلاح الأمة وسعادتها في العاجل والآجل وصلاح العالم كله ولكن أكثر الخلق في غفلة عن هذا. والله المستعان، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

[1] سورة المائدة من الآية 49.

[2] سورة المائدة من الآية 44.

[3] سورة المائدة من الآية 45.

[4] سورة المائدة من الآية 47.

[5] سورة النساء الآية 65.

[6] سورة المائدة الآية 50.

http://www.binbaz.org.sa/node/1825


السؤال: ما حكم من حكم بغير ما أنزل الله؟
الإجابة: أقول وبالله تعالى التوفيق، أقول وأسأله الهداية والصواب:

. إن الحكم بما أنزل الله تعالى من توحيد الربوبية؛ لأنه تنفيذ لحكم الله الذي هو مقتضى ربوبيته، وكمال ملكه وتصرفه، ولهذا سمى الله تعالى المتبوعين في غير ما أنزل الله تعالى أرباباً لمتبعيهم، فقال سبحانه: {اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله والمسيح ابن مريم وما أمروا إلا ليعبدوا إلهاً واحداً لا إله إلا هو سبحانه عما يشركون}، فسمى الله تعالى المتبوعين أرباباً حيث جعلوا مشرعين مع الله تعالى، وسمى المتبعين عباداً حيث إنهم ذلوا لهم وأطاعوهم في مخالفة حكم الله سبحانه وتعالى.

وقد قال عدي بن حاتم لرسول الله صلى الله عليه وسلم: إنهم لم يعبدوهم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "بل إنهم حرموا عليهم الحلال وأحلوا لهم الحرام فاتبعوهم فذلك عبادتهم إياهم".

. إذا فهمت ذلك فاعلم أن من لم يحكم بما أنزل الله، وأراد أن يكون التحاكم إلى غير الله ورسوله وردت فيه آيات بنفي الإيمان عنه، وآيات بكفره وظلمه، وفسقه.

* فأما القسم الأول:
فمثل قوله تعالى: {ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت وقد أمروا أن يكفروا به ويريد الشيطان أن يضلهم ضلالاً بعيداً * وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل الله وإلى الرسول رأيت المنافقين يصدون عنك صدوداً * فكيف إذا أصابتهم مصيبة بما قدمت أيديهم ثم جاءوك يحلفون بالله إن أردنا إلا إحساناً وتوفيقاً * أولئك الذين يعلم الله ما في قلوبهم فأعرض عنهم وعظهم وقل لهم في أنفسهم قولاً بليغاً * وما أرسلنا من رسول إلا ليطاع بإذن الله ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاءوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله تواباً رحيماُ * فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليماً}.

فوصف الله تعالى هؤلاء المدعين للإيمان وهم منافقون بصفات:
- الأولى: أنهم يريدون أن يكون التحاكم إلى الطاغوت، وهو كل ما خالف حكم الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم، لأن ما خالف حكم الله ورسوله فهو طغيان واعتداء على حكم من له الحكم وإليه يرجع الأمر كله وهو الله، قال الله تعالى: {ألا له الخلق والأمر تبارك الله رب العالمين}.

- الثانية: أنهم إذا دُعُوا إلى ما أنزل الله وإلى الرسول صدوا وأعرضوا.

- الثالثة: أنهم إذا أصيبوا بمصيبة بما قدمت أيديهم، ومنها أن يعثر على صنيعهم جاؤوا يحلفون أنهم ما أرادوا إلا الإحسان والتوفيق، كحال من يرفض اليوم أحكام الإسلام ويحكم بالقوانين المخالفة لها زعماً منه أن ذلك هو الإحسان الموافق لأحوال العصر.

ثم حذر سبحانه هؤلاء المدعين للإيمان المتصفين بتلك الصفات بأنه سبحانه يعلم ما في قلوبهم وما يكنونه من أمور تخالف ما يقولون، وأمر نبيه أن يعظهم ويقول لهم في أنفسهم قولاً بليغاً، ثم بين أن الحكمة من إرسال الرسول أن يكون هو المطاع المتبوع لا غيره من الناس مهما قويت أفكارهم واتسعت مداركهم، ثم أقسم تعالى بربوبيته لرسوله التي هي أخص أنواع الربوبية والتي تتضمن الإشارة إلى صحة رسالته صلى الله عليه وسلم، أقسم بها قسماً مؤكداً أنه لا يصلح الإيمان إلا بثلاثة أمور:
* الأول: أن يكون التحاكم في كل نزاع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
* الثاني: أن تنشرح الصدور بحكمه ولا يكون في النفوس حرج وضيق منه.
* الثالث: أن يحصل التسليم التام بقبول ما حكم به وتنفيذه بدون توان أو انحراف.

. وأما القسم الثاني: فمثل قوله تعالى: {ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون}، وقوله: {ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون}، وقوله: {ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون}، وهل هذه الأوصاف الثلاثة تتنزل على موصوف واحد؟ بمعنى أن كل من لم يحكم بما أنزل الله فهو كافر ظالم، فاسق، لأن الله تعالى وصف الكافرين بالظلم والفسق فقال تعالى: {والكافرون هم الظالمون}، وقال تعالى: {إنهم كفروا بالله ورسوله وماتوا وهم فاسقون}، فكل كافر ظالم فاسق، أو هذه الأوصاف تتنزل على موصوفين بحسب الحامل لهم على عدم الحكم بما أنزل الله؟ هذا هو الأقرب عندي والله أعلم.

فنقول: من لم يحكم بما أنزل الله استخفافاً به، أو احتقاراً له، أو اعتقاداً أن غيره أصلح منه، وأنفع للخلق فهو كافر كفراً مخرجاً عن الملة، ومن هؤلاء من يضعون للناس تشريعات تخالف التشريعات الإسلامية لتكون منهاجاً يسير الناس عليه، فإنهم لم يضعوا تلك التشريعات المخالفة للشريعة الإسلامية إلا وهم يعتقدون أنها أصلح وأنفع للخلق، إذ من المعلوم بالضرورة العقلية، والجبلة الفطرية أن الإنسان لا يعدل عن منهاج إلى منهاج يخالفه إلا وهو يعتقد فضل ما عدل إليه ونقص ما عدل عنه.

ومن لم يحكم بما أنزل الله وهو لم يستخف به، ولم يحتقره، ولم يعتقد أن غيره أصلح منه، وأنفع للخلق، وإنما حكم بغيره تسلطاً على المحكوم عليه، أو انتقاماً منه لنفسه أو نحو ذلك، فهذا ظالم وليس بكافر وتختلف مراتب ظلمه بحسب المحكوم به ووسائل الحكم.

ومن لم يحكم بما أنزل الله لا استخفافاً بحكم الله، ولا احتقاراً، ولا اعتقاداً أن غيره أصلح، وأنفع للخلق، وإنما حكم بغيره محاباة للمحكوم له، أو مراعاة لرشوة أو غيرها من عرض الدنيا فهذا فاسق، وليس بكافر، وتختلف مراتب فسقه بحسب المحكوم به ووسائل الحكم.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله فيمن اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله: إنهم على وجهين:

أحدهما: أن يعلموا أنهم بدلوا دين الله فيتبعونهم على التبديل ويعتقدون تحليل ما حرم، وتحريم ما أحل الله اتباعاً لرؤسائهم مع علمهم أنهم خالفوا دين الرسل فهذا كفر، وقد جعله الله ورسوله شركاً.

الثاني: أن يكون اعتقادهم وإيمانهم بتحليل الحرام وتحريم الحلال -كذا العبارة المنقولة عنه- ثابتاً لكنهم أطاعوهم في معصية الله كما يفعل المسلم ما يفعله من المعاصي التي يعتقد أنها معاصٍ فهؤلاء لهم حكم أمثالهم من أهل الذنوب.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

مجموع فتاوى ورسائل الشيخ محمد صالح العثيمين - المجلد الثاني - باب الكفر والتكفير.

http://ar.islamway.net/fatwa/16546/%D9%85%D8%A7-%D8%AD%D9%83%D9%85-%D9%85%D9%86-%D8%AD%D9%83%D9%85-%D8%A8%D8%BA%D9%8A%D8%B1-%D9%85%D8%A7-%D8%A3%D9%86%D8%B2%D9%84-%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87


السؤال: هل هناك فرق في المسألة المعينة التي يحكم فيها القاضي بغير ما أنزل الله وبين المسائل التي تعتبر تشريعاً عاماً؟
الإجابة: نعم هناك فرق، فإن المسائل التي تعتبر تشريعاً عاماً لا يتأتى فيها التقسيم السابق وإنما هي من القسم الأول فقط، لأن هذا المشرع تشريعاً يخالف الإسلام إنما شرعه لاعتقاده أنه أصلح من الإسلام وأنفع للعباد كما سبقت الإشارة إليه.

والحكم بغير ما أنزل الله ينقسم إلى قسمين:
- أحدهما: أن يستبدل هذا الحكم بحكم الله تعالى بحيث يكون عالماً بحكم الله، ولكنه يرى أن الحكم المخالف له أولى وأنفع للعباد من حكم الله، أو أنه مساو لحكم الله، أو أن العدول عن حكم الله إليه جائز فيجعله القانون الذي يجب التحاكم إليه فمثل هذا كافر كفراً مخرجاً عن الملة، لأن فاعله لم يرض بالله رباً ولا بمحمد رسولاً ولا بالإسلام ديناً، وعليه ينطبق قوله تعالى: {أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكماً لقوم يوقنون}، وقوله تعالى: {ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون}، وقوله تعالى: {ذلك بأنهم قالوا للذين كرهوا ما نزل الله سنطيعكم في بعض الأمر والله يعلم أسرارهم * فكيف إذ توفتهم الملائكة يضربون وجوههم وأدبارهم * ذلك بأنهم اتبعوا ما أسخط الله وكرهوا رضوانه فأحبط أعمالهم}، ولا ينفعه صلاة، ولا زكاة، ولا صوم، ولا حج؛ لأن الكافر ببعض كافر به كله، قال الله تعالى: {أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض فما جزاء من يفعل ذلك منكم إلا خزي في الحياة الدنيا ويوم القيامة يردون إلى أشد العذاب وما الله بغافل عما تعملون}، وقال سبحانه: {إن الذين يكفرون بالله ورسله ويريدون أن يفرقوا بين الله ورسله ويقولون نؤمن ببعض ونكفر ببعض ويريدون أن يتخذوا بين ذلك سبيلاً * أولئك هم الكافرون حقاً وأعتدنا للكافرين عذاباً مهيناً}.

- الثاني: أن يستبدل بحكم الله تعالى حكماً مخالفاً له في قضية معينة دون أن يجعل ذلك قانوناً يجب التحاكم إليه فله ثلاث حالات:

* الأولى: أن يفعل ذلك عالماً بحكم الله تعالى معتقداً أن ما خالفه أولى منه وأنفع للعباد، أو أنه مساو له، أو أن العدول عن حكم الله إليه جائز فهذا كافر كفراً مخرجاً عن الملة لما سبق في القسم الأول.

* الثانية: أن يفعل ذلك عالماً بحكم الله معتقداً أنه أولى وأنفع لكن خالفه بقصد الإضرار بالمحكوم عليه أو نفع المحكوم له، فهذا ظالم وليس بكافر وعليه يتنزل قول الله تعالى: {ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون}.

* الثالثة: أن يكون كذلك لكن خالفه لهوى في نفسه أو مصلحة تعود إليه فهذا فاسق وليس بكافر، وعليه يتنزل قول الله تعالى: {ومن لم يحكم بما أنزل فأولئك هم الفاسقون}.

وهذه المسألة أعني مسألة الحكم بغير ما أنزل الله من المسائل الكبرى التي ابتلي بها حكام هذا الزمان، فعلى المرء أن لا يتسرع في الحكم عليهم بما لا يستحقونه حتى يتبين له الحق، لأن المسألة خطيرة، نسأل الله تعالى أن يصلح للمسلمين ولاة أمورهم وبطانتهم، كما أن على المرء الذي آتاه الله العلم أن يبينه لهؤلاء الحكام لتقوم الحجة عليهم وتبين المحجة، فيهلك من هلك عن بينة، ويحيا من حي عن بينة، ولا يحقرن نفسه عن بيانه، ولا يهابن أحداً فيه فإن العزة لله ولرسوله وللمؤمنين، والله ولي التوفيق.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

مجموع فتاوى ورسائل الشيخ محمد صالح العثيمين - المجلد الثاني - باب الكفر والتكفير.

http://ar.islamway.net/fatwa/16547/%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%83%D9%85-%D8%A8%D8%BA%D9%8A%D8%B1-%D9%85%D8%A7-%D8%A3%D9%86%D8%B2%D9%84-%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87-%D8%AA%D8%B9%D8%A7%D9%84%D9%89


السؤال : هل الحكم بغير الشريعة كفر أكبر أم كفر أصغر؟.
نشر بتاريخ: 2000-11-21
الجواب :

الحمد لله
لقد أمر الله سبحانه وتعالى بالتحاكم إليه وتحكيم شرعه وحرّم الحكم بغيره كما يتضّح ذلك في عدد من آيات القرآن الكريم ومنها ما تضمّنته سورة المائدة التي اشتملت على عدد من الآيات التي تتحدّث عن الحكم بما أنزل الله ومواضيعها تدور على ما يلي :

ـ الأمر بالحكم بما أنزل الله كما في قوله تعالى : ( وأن احكم بينهم بما أنزل الله ) آية 49

ـ التحذير من التحاكم إلى غير ما أنزل الله كما في قوله عز وجل : ( ولا تتبع أهواءهم ) آية 49

ـ التحذير من التنازل عن شيء من الشريعة مهما قلّ كما في قوله تعالى : ( واحذرهم أن يفتنوك عن بعض ما أنزل الله إليك ) آية 49

ـ تحريم ابتغاء حكم الجاهلية كما جاء ذلك بصيغة الاستفهام الإنكاري في قوله عز وجل : ( أفحكم الجاهلية يبغون ) آية 50

ـ النصّ على أنه لا أحد أحسن من الله في الحكم كما قال عز وجلّ : ( ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون ) آية 50

ـ النصّ على أنّ من لم يحكم بما أنزل الله فهو كافر وظالم وفاسق كما في قوله تعالى : ( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون ) آية 44 وقوله : ( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون ) آية 45 وقوله : ( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون ) آية 47

ـ النصّ على أنّه يجب على المسلمين الحكم بما أنزل الله ولو كان المتحاكمون إليهم كفارا كما قال عز وجل : ( وإن حكمت فاحكم بينهم بالقسط ) آية 42

فالحكم بغير ما أنزل الله مناف للإيمان والتوحيد الذي هو حقّ الله على العبيد ، وقد يكون الحكم بغير ما أنزل الله كفرا أكبر وقد يكون كفرا أصغر بحسب الحال فيكون كفرا أكبر مخرجا من ملة الإسلام في حالات منها :

1 ـ من شرّع غير ما أنزل الله تعالى : فالتشريع حق خالص لله وحده لا شريك له ، من نازعه في شيء منه ، فهو مشرك ، لقوله تعالى : { أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله } .

2 ـ أن يجحد أو ينكر الحاكم بغير ما أنزل الله ـ تعالى ـ أحقية حكم الله ـ تعالى ـ ورسوله صلى الله عليه وسلم ، كما جاء في رواية لابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ في قوله ـ تعالى ـ : { ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون } حيث قال : ( من جحد ما أنزل الله فقد كفر ) .

3 ـ أن يفضل حكم الطاغوت على حكم الله ـ تعالى ـ سواء كان هذا التفضيل مطلقاً ، أو مقيداً في بعض المسائل قال تعالى : ( أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكماً لقوم يوقنون } .

4 ـ من ساوى بين حكم الله ـ تعالى ـ وبين حكم الطاغوت ، قال ـ عز وجل ـ: { فلا تجعلوا لله أنداداً وأنتم تعلمون } .

5 ـ أن يجوّز الحكم بما يخالف حكم الله ورسوله . أو يعتقد أن الحكم بما أنزل الله ـ تعالى ـ غير واجب ، وأنه مخيّر فيه ، فهذا كفر مناقض للإيمان . فأنزل الله عز وجل ـ: { يا أيُّها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر } إلى قوله تعالى :{ إن أوتيتم هذا فخذوه } [ سورة المائدة الآية : 41] يقول ائتوا محمداً صلى الله عليه وسلم ، فإن أمركم بالتحميم والجلد فخذوه ، وإن أفتاكم بالرجم فاحذروه ، فأنزل الله تعالى ـ: { ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون } .

6 ـ من لم يحكم بما أنزل الله ـ تعالى ـ إباءً وامتناعاً فهو كافر خارج عن الملة . وإن لم يجحد أو يكذِّب حكم الله تعالى . ومما يمكن إلحاقه بالإباء والامتناع : الإعراض ، والصدود يقول ـ تعالى ـ {ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أُنزل إليك وما أُنزل من قبلك يُريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت وقد أُمروا أن يكفروا به ويريد الشيطان أن يضلّهم ضلالاً بعيداً . وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل الله وإلى الرسول رأيت المنافقين يصدُّون عنك صدوداً }.

7 ـ من ضمن الحالات التي يكون الحكم بغير ما أنزل الله ـ تعالى ـ كفرا أكبر ، ما قاله الشيخ محمد بن إبراهيم عن تشريع القانون الوضعي وتحكيمه : وهو أعظمها ، وأشملها ، وأظهرها معاندة للشرع ، ومكابرة لأحكامه ، ومشاقة لله ورسوله ، ومضاهاة بالمحاكم الشرعية إعداداً ، وإمداداً ، وإرصاداً ، وتأصيلاً ، وتفريعاً ، وتشكيلاً ، وتنويعاً ، وحكماً ، وإلزاماً ، ومراجع مستمدات .

ومما سبق يمكن تلخيص بعض الحالات التي يكون فيها الحكم بغير ما أنزل الله شركا أكبر :

( 1 ) من شرّع غير ما أنزل الله

( 2 ) أن يجحد أو ينكر أحقيّة حكم الله ورسوله

( 3 ) تفضيل حكم الطاغوت على حكم الله تعالى سواء كان التفضيل مطلقا أو مقيدا

( 4 ) من ساوى بين حكم الله تعالى وحكم الطاغوت

( 5 ) أن يجوّز الحكم بما يخالف حكم الله ورسوله أو أن يعتقد أنّ الحكم بما أنزل الله ليس بواجب أو أنه مخيّر فيه

( 6 ) الإباء والامتناع عن الحكم بما أنزل الله

وبالحديث عن مظاهر هذا القسم يتبين ويتوضّح فمن مظاهر ما يعدّ كفرا أكبر ما يلي :

1- تنحية الشريعة عن الحكم وإلغاء العمل بها كما فعل مصطفى كمال في تركيا وغيره وقد ألغى المذكور العمل بمجلة الأحكام العدلية المستمدّة من المذهب الحنفي وأحلّ بدلا من ذلك القانون الوضعي .

2- إلغاء المحاكم الشرعية

3- فرض القانون الوضعي للحكم بين الناس كالقانون الإيطالي أو الفرنسي أو الألماني وغيرها أو المزج بينها وبين الشريعة كما فعل جنكيز خان بكتاب الياسق الذي جمعه من مصادر متعددة ونصّ العلماء على كفره .

4- تقليص دور المحاكم الشرعية وحصرها في النّطاق المدني بزعمهم كالنكاح والطّلاق والميراث

5- إنشاء محاكم غير شرعية .

6- طرح الشريعة للاستفتاء عليها في البرلمان وهذا يدلّ على أنّ تطبيقها عنده متوقّف على رأي غالبية الأعضاء

7- جعل الشريعة مصدرا ثانويا أو مصدرا رئيسا مع مصادر أخرى جاهلية بل وحتى قولهم الشريعة هي المصدر الأساسي للتشريع هو كفر أكبر لأن ذلك يفيد تجويز الأخذ من مصادر أخرى

8- النصّ في الأنظمة على الرجوع إلى القانون الدولي أو النصّ في الاتفاقيّات على أنه في حال التنازع يُرجع إلى المحكمة أو القانون الجاهلي الفلاني

9- النصّ في التعليقات العامة أو الخاصة على الطعن في الشريعة كوصفها بأنها جامدة أو ناقصة أو متخلّفة أو أنّ العمل بها لا يتناسب مع هذا الزمان أو إظهار الإعجاب بالقوانين الجاهلية .

وأما متى يكون الحكم بما أنزل الله كفرا أصغر لا يُخرج عن الملّة ؟

فالجواب أنّ الحاكم أو القاضي يكون حكمه بغير ما أنزل الله كفرا أصغر غير مخرج عن الملّة إذا حكم في واقعة ما بغير ما أنزل الله معصية أو هوى أو شهوة أو محاباة لشخص أو لأجل رشوة ونحو ذلك مع اعتقاده بوجوب الحكم بما أنزل الله وأنّ ما فعله إثم وحرام ومعصية .

أمّا بالنسبة للمحكوم بالقوانين الجاهلية فإن تحاكم إليها عن رضى واختيار فهو كافر كفرا أكبر مخرجا عن الملّة وأماّ إن لجأ إليها إكراها واضطرارا فلا يكفر لأنه مكره وكذلك لو لجأ إليها لتحصيل حقّ شرعي لا يحصل عليه إلا بواسطتها مع اعتقاده بأنها من الطاغوت .

هذا والله تعالى أعلم وصلى الله على نبينا محمد ..
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد

https://islamqa.info/ar/974

خطاب أسد الدين
02-11-2016, 02:54 PM
من فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء :

(السؤال الحادي عشر من الفتوى رقم 5741 )
س : من لم يحكم بما أنزل الله هل هو مسلم أم كافر كفرا أكبر وتقبل منه أعماله .
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على رسوله وآله وصحبه .. وبعد :
جـ : قال تعالى : { ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون } وقال تعالى : { ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون } وقال تعالى : { ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون } لكن إن استحل ذلك واعتقده جائزا فهو كفر أكبر وظلم أكبر وفسق أكبر يخرج من الملة ، أما إن فعل ذلك من أجل الرشوة أو مقصد آخر وهو يعتقد تحريم ذلك فإنه آثم يعتبر كافرا كفرا أصغر وظالما ظلما أصغر وفاسقا فسقا أصغر لا يخرجه من الملة كما أوضح ذلك أهل العلم في تفسير الآيات المذكورة .
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو:عبدالله بن غديان
نائب رئيس اللجنة:عبدالرزاق عفيفي ...
الرئيس: عبدالعزيز بن عبدالله بن باز


السؤال الثالث من الفتوى رقم (6310)
س : وفيه : فما حكم من يتحاكم إلى القوانين الوضعية ، وهو يعلم بطلانها فلا يحاربها ولا يعمل على إزالتها... ؟
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على رسوله وآله وصحبه.. وبعد:
جـ: الواجب التحاكم إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم عند الاختلاف. قال تعالى : ﴿ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً ﴾ وقال تعالى: ﴿ فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا ﴾ والتحاكم يكون إلى كتاب الله تعالى وإلى سنة الرسول صلى الله عليه وسلم ، فإن لم يتحاكم إليها مستحلاً التحاكم إلى غيرهما من القوانين الوضعيه بدافع طمع في مال أوجاه أو منصب فهو مرتكب معصية وفاسق فسقاً دون فسق ولا يخرج من دائرة الإيمان ...
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو :عبدالله بن قعود .
عضو:عبدالله بن غديان


الرئيس:عبدالعزيز بن عبدالله بن باز