المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ماهو حكم الوثنيين في الإسلام؟



باسل الزهراني
03-27-2016, 05:44 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..

ما الذي فعله رسول الله -صلى الله عليه و سلم- بالوثنيين العرب ؟ (و هل فعله استثنائي أم عام) ؟

لو كانت هنالك دولة في عصرنا هذا تحكم وفقاً للشريعة الإسلامية فماذا سيكون موقفها من الوثنيين والمجوس وغيرهم ؟

هل تؤخذ منهم الجزية كأهل الكتاب, أم يخيرون بين الإسلام و القتل ؟

و هل يختلف الحكم بإختلاف عرقهم, بمعنى أنه لو كان هنالك وثني عربي فهل يختلف حكمه عن الوثني الأعجمي ؟




مع ذكر الأدلة قدر الإمكان بارك الله فيكم .

و جزاكم الله خيراً .

خطاب أسد الدين
03-30-2016, 12:03 AM
سبب الخلاف

ان النبى والصحابة أخذوا الجزية من مجوس هجر ..

قال الشافعى انهم كانوا اهل كتاب فبدل ابليس دينهم ,فلذلك تؤخذ منهم الجزية ,ولذلك قالوا ان المجوس فيهم حكم خاص واما مسئلة اخذ الجزية من غيرهم هو قياس ولا يقدم القياس على النص.

واما من قال بأخذ الجزية من غير الكتابيين استدل بالحديث (سنو بهم سنة المجوس) قال ان هذا دليل أنهم ليسوا اهل كتاب ,ولو كانوا اهل كتاب لما قال ذلك ,ولذلك المجوس هو وثنيون ,فمن اهل العلم من قال انه قياس عليهم كل الوثنيين والحق انه ليس قياس إن صح لنا أن المجوس وثنيين.

ومنهم من قال ان الجزية تؤخذ من كل الوثنيين إلا وثنيين العرب ,لأنهم كانوا قد نزل فيهم حكم خاص .

وقد اختار شيخ الاسلام بن تيمية وتلمذه ابن القيم القول بأخذ الجزية من كل أصناف الكفار وهو الراجح

قال شيخ الاسلام بن تيمية
قَالُوا : وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ بريدة قَالَ : { كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إذَا أَمَّرَ أَمِيرًا عَلَى جَيْشٍ أَوْ سَرِيَّةٍ أَوْصَاهُ فِي خَاصَّتِهِ بِتَقْوَى اللَّهِ وَمَنْ مَعَهُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ خَيْرًا ثُمَّ قَالَ : اُغْزُوَا بِسْمِ اللَّهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ قَاتِلُوا مَنْ كَفَرَ بِاَللَّهِ اُغْزُوا وَلَا تَغْلُوا وَلَا تَغْدِرُوا وَلَا تُمَثِّلُوا وَلَا تَقْتُلُوا وَلِيدًا وَإِذَا لَقِيت عَدُوَّك مِنْ الْمُشْرِكِينَ فَادْعُهُمْ إلَى ثَلَاثِ خِصَالٍ أَوْ خِلَالٍ فَأَيَّتُهُنَّ مَا أَجَابُوك فَاقْبَلْ مِنْهُمْ وَكُفَّ عَنْهُمْ اُدْعُهُمْ إلَى الْإِسْلَامِ فَإِنْ أَجَابُوك فَاقْبَلْ مِنْهُمْ وَكُفَّ عَنْهُمْ ثُمَّ اُدْعُهُمْ إلَى التَّحَوُّلِ مِنْ دَارِهِمْ إلَى دَارِ الْمُهَاجِرِينَ وَأَخْبِرْهُمْ أَنَّهُمْ إنْ فَعَلُوا ذَلِكَ فَلَهُمْ مَا لِلْمُهَاجِرِينَ وَعَلَيْهِمْ مَا عَلَى الْمُهَاجِرِينَ فَإِنْ أَبَوْا أَنْ يَتَحَوَّلُوا مِنْهَا فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّهُمْ يَكُونُونَ كَأَعْرَابِ الْمُسْلِمِينَ يَجْرِي عَلَيْهِمْ حُكْمُ اللَّهِ الَّذِي يَجْرِي عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَكُونُ لَهُمْ فِي الْغَنِيمَةِ وَالْفَيْءِ شَيْءٌ إلَّا أَنْ يُجَاهِدُوا مَعَ الْمُسْلِمِينَ فَإِنْ هُمْ أَبَوْا فَاسْأَلْهُمْ الْجِزْيَةَ فَإِنْ هُمْ أَجَابُوك فَاقْبَلْ مِنْهُمْ وَكُفَّ عَنْهُمْ فَإِنْ هُمْ أَبَوْا فَاسْتَعِنْ بِاَللَّهِ عَلَيْهِمْ وَقَاتِلْهُمْ وَإِذَا حَاصَرْت أَهْلَ حِصْنٍ فَأَرَادُوك أَنْ تَجْعَلَ لَهُمْ ذِمَّةَ اللَّهِ وَذِمَّةَ نَبِيِّهِ فَلَا تَجْعَلْ لَهُمْ ذِمَّةَ اللَّهِ وَلَا ذِمَّةَ نَبِيِّهِ وَلَكِنْ اجْعَلْ لَهُمْ ذِمَّتَك وَذِمَّةَ أَصْحَابِك فَإِنَّكُمْ أَنْ تَخْفِرُوا ذِمَمَكُمْ وَذِمَّةَ أَصْحَابِكُمْ أَهْوَنُ مِنْ أَنْ تَخْفِرُوا ذِمَّةَ اللَّهِ وَذِمَّةَ رَسُولِهِ وَإِذَا حَاصَرْت أَهْلَ حِصْنٍ فَأَرَادُوك أَنْ تُنْزِلَهُمْ عَلَى حُكْمِ اللَّهِ فَلَا تُنْزِلْهُمْ عَلَى حُكْمِ اللَّهِ وَلَكِنْ أَنْزِلْهُمْ عَلَى حُكْمِك ; فَإِنَّك لَا تَدْرِي أَتُصِيبُ حُكْمَ اللَّهِ فِيهِمْ أَمْ لَا } . قَالُوا : فَفِي الْحَدِيثِ أَمْرُهُ لِمَنْ أَرْسَلَهُ أَنْ يَدْعُوَ الْكُفَّارَ إلَى الْإِسْلَامِ ثُمَّ إلَى الْهِجْرَةِ إلَى الْأَمْصَارِ وَإِلَّا فَإِلَى أَدَاءِ الْجِزْيَةِ وَإِنْ لَمْ يُهَاجِرُوا كَانُوا كَأَعْرَابِ الْمُسْلِمِينَ وَالْأَعْرَابُ عَامَّتُهُمْ كَانُوا مُشْرِكِينَ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ دَعَا إلَى أَدَاءِ الْجِزْيَةِ مَنْ حَاصَرَهُ مِنْ الْمُشْرِكِينَ وَأَهْلِ الْكِتَابِ . وَالْحُصُونُ كَانَتْ بِالْيَمَنِ كَثِيرَةٌ بَعْدَ نُزُولِ آيَةِ الْجِزْيَةِ وَأَهْلُ الْيَمَنِ كَانَ فِيهِمْ مُشْرِكُونَ وَأَهْلُ كِتَابٍ وَأَمَرَ مُعَاذًا أَنْ يَأْخُذَ مِنْ كُلِّ حَالِمٍ دِينَارًا أَوْ عَدَّ لَهُ معافريا وَلَمْ يُمَيِّزْ بَيْنَ الْمُشْرِكِينَ وَأَهْلِ الْكِتَاب."
اقرأ اجابة الامام بن القيم قراءة متمعنة متأنية ,لأنها اجود أجابة وفيها ردود على كل اعتراضات القائلين بأخذها من الكتابيين والمجوس .


قال الامام بن القيم فى احكام اهل الذمة

[ ص: 87 ] فاختلف الفقهاء فيمن تؤخذ منهم الجزية ، بعد اتفاقهم على أخذها من أهل الكتاب ومن المجوس .

فقال أبو حنيفة : تؤخذ من أهل الكتاب والمجوس وعبدة الأوثان من العجم ، ولا تؤخذ من عبدة الأوثان من العرب ونص على ذلك أحمد في رواية عنه .

واحتج أرباب هذا القول على ذلك بحجج منها قوله في الحديث المتقدم : " وتؤدي إليكم بها العجم الجزية " ، واحتجوا بحديث بريدة الذي رواه مسلم في " صحيحه " قال : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا أمر أميرا على جيش أو سرية أوصاه في خاصته بتقوى الله ومن معه من المسلمين خيرا ، ثم قال : " اغزوا باسم الله في سبيل الله ، قاتلوا من كفر بالله ، اغزوا ولا تغلوا ، ولا تغدروا ، ولا تمثلوا ، ولا تقتلوا وليدا ، وإذا لقيت عدوك من المشركين فادعهم إلى إحدى ثلاث خصال أو خلال ، فأيتهن ما أجابوك إليها فاقبل منهم ، وكف عنهم ، ثم ادعهم إلى الإسلام ، فإن أجابوك فاقبل منهم ، وكف عنهم ، ثم ادعهم إلى التحول من دارهم إلى دار المهاجرين ، وأخبرهم أنهم إن فعلوا فلهم ما للمهاجرين وعليهم ما على المهاجرين ، فإن أبوا أن يتحولوا منها ، فأخبرهم أنهم يكونون كأعراب المسلمين يجري عليهم حكم الله الذي يجري على المؤمنين ، ولا يكون لهم في الغنيمة والفيء شيء إلا أن يجاهدوا مع المسلمين ، فإن هم أبوا فسلهم [ ص: 88 ] الجزية فإن هم أجابوك فاقبل منهم ، وكف عنهم ، فإن هم أبوا فاستعن بالله وقاتلهم ، وإذا حاصرت أهل حصن فأرادوك أن تجعل لهم ذمة الله وذمة نبيه فلا تجعل لهم ذمة الله ولا ذمة نبيه ، ولكن اجعل لهم ذمتك ، وذمة أصحابك فإنكم إن تخفروا ذممكم وذمم أصحابكم أهون من أن تخفروا ذمة الله ، وذمة رسوله ، وإذا حاصرت أهل حصن فأرادوك أن تنزلهم على حكم الله فلا تنزلهم على حكم الله ولكن أنزلهم على حكمك فإنك لا تدري أتصيب حكم الله فيهم أم لا ؟ " .

وفي هذا الحديث أنواع من الفقه .

منها : وصية الإمام لنوابه ، وأمرائه ، وولاته بتقوى الله ، والإحسان إلى الرعية فبهذين الأصلين يحفظ على الأمير منصبه ، وتقر عينه به ويأمن فيه من النكبات والغير ، ومتى ترك هذين الأمرين أو أحدهما فلا بد أن يسلبه الله عزه ، ويجعله عبرة للناس فما إن سلبت النعم إلا بترك تقوى الله والإساءة إلى الناس .

ومنها : أن الجيش ليس لهم أن يغلوا من الغنيمة ، ولا يغدروا بالعهد ، ولا يمثلوا بالكفار ، ولا يقتلوا من لم يبلغ الحلم .

ومنها : أن المسلمين يدعون الكفار - قبل قتالهم - إلى الإسلام ، وهذا واجب إن كانت الدعوة لم تبلغهم ، ومستحب إن بلغتهم الدعوة ، هذا إذا كان المسلمون هم القاصدين للكفار ، فأما إذا قصدهم الكفار في ديارهم فلهم أن يقاتلوهم من غير دعوة لأنهم يدفعونهم عن أنفسهم وحريمهم .

ومنها : إلزامهم بالتحول إلى دار الإسلام إذا كانوا مقيمين بين الكفار ، فإن أسلموا كلهم وصارت الدار دار الإسلام لم يلزموا بالتحول منها بل [ ص: 89 ] يقيمون في ديارهم ، وكانت دار الهجرة في زمن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هي دار الإسلام ، فلما أسلم أهل الأمصار صارت البلاد التي أسلم أهلها بلاد الإسلام فلا يلزمهم الانتقال منها .

ومنها : أن الأعراب ليس لهم شيء في الفيء ولا في الغنائم ما لم يقاتلوا ، فإذا قاتلوا استحقوا من الغنيمة ما يستحقه من شهد الوقعة وأما الأعراب الذين لا يقاتلون الكفار مع المسلمين فليس لهم شيء في الفيء ولا في الغنيمة .

ومنها : أن الجزية تؤخذ من كل كافر هذا ظاهر هذا الحديث ولم يستثن منه كافرا من كافر .

ولا يقال : هذا مخصوص بأهل الكتاب خاصة ، فإن اللفظ يأبى اختصاصهم بأهل الكتاب ، وأيضا فسرايا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وجيوشه أكثر ما كانت تقاتل عبدة الأوثان من العرب .

ولا يقال : إن القرآن يدل على اختصاصها بأهل الكتاب ، فإن الله سبحانه أمر بقتال أهل الكتاب حتى يعطوا الجزية ، والنبي - صلى الله عليه وسلم - أمر بقتال المشركين حتى يعطوا الجزية ، فيؤخذ من أهل الكتاب بالقرآن ومن عموم الكفار بالسنة ، وقد أخذها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من المجوس وهم عباد النار لا فرق بينهم وبين عبدة الأوثان ، ولا يصح أنهم من أهل الكتاب ولا كان لهم كتاب ، ولو كانوا أهل كتاب عند الصحابة رضي الله عنهم لم يتوقف عمر رضي الله عنه في أمرهم ولم [ ص: 90 ] يقل النبي - صلى الله عليه وسلم - : " سنوا بهم سنة أهل الكتاب " بل هذا يدل على أنهم ليسوا أهل كتاب ، وقد ذكر الله سبحانه أهل الكتاب في القرآن في غير موضع ، وذكر الأنبياء الذين أنزل عليهم الكتب والشرائع العظام ولم يذكر للمجوس - مع أنها أمة عظيمة من أعظم الأمم شوكة وعددا وبأسا - كتابا ولا نبيا ، ولا أشار إلى ذلك بل القرآن يدل على خلافه كما تقدم ، فإذا أخذت من عباد النيران فأي فرق بينهم وبين عباد الأوثان ؟

فإن قيل : فالنبي - صلى الله عليه وسلم - لم يأخذها من أحد من عباد الأوثان مع كثرة قتاله لهم .

قيل : أجل وذلك لأن آية الجزية إنما نزلت عام " تبوك " في السنة التاسعة من الهجرة بعد أن أسلمت جزيرة العرب ولم يبق بها أحد من عباد الأوثان ، فلما نزلت آية الجزية أخذها النبي - صلى الله عليه وسلم - ممن بقي على كفره من النصارى والمجوس ولهذا لم يأخذها من يهود المدينة حين قدم المدينة ولا من يهود خيبر لأنه صالحهم قبل نزول آية الجزية .
http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?flag=1&bk_no=105&ID=2