المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : هل حقا قام القران بوصف السماء بأنها فى توسع دائم؟



TruthSeeker12
02-09-2018, 08:39 PM
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته, لقد قال تعالى: (وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ (47))
يوافق معظم المسلمين ان فى هذه الايه اعجاز لان الله قام بوصف السماء بأنها فى توسع دائم , ولقد قال الدكتور قواسمية

"موسعون" اسم فاعل من الفعل أوسع.
بالعودة الى جامع الدروس العربية صفحة 126 نجد ما يلي في تعريف اسم الفاعل
"اسم الفاعل صفة تؤخذ من الفعل المعلوم لتدل على معنى وقع من الموصوف بها أو قام به على وجه الحدوث لا الثبوت.
والمراد بالحدوث أن يكون المعنى القائم بالموصوف متجددا بتجدد الأزمنة."جامع الدروس العربية.ص126


من هذا يتضح ان الدكتور قواسمية يقول ان اسم الفاعل يدل على الاستمرار لكن هل يكون هذا فى كل الاحوال؟ فمثلا جملة "احمد قاتل زيد" لا تدل على الاستمرار لان القتل يحصل مرة واحدة
نستنتج من هذا ان اسم الفاعل قد يدل على الاستمرار و قد لا يفعل, فسؤالى هو ما الدليل على ان كلمة موسعون تدل على الاستمرارية؟

ابن سلامة القادري
02-10-2018, 08:32 PM
أولا يا أخي يجب أن تفرق بين الفعل وصيغة الجملة التي تخللت الفعل :
فهنا خلطت بين الاستمرارية في الفعل والاستمرارية في الصيغة أو اعتبار الفعل إن كان حدوثه في الماضي أو الحال أو المستقبل كما توحي به جملة '' أحمد قاتل زيد ''.
ففعل قتل فلان يمتنع أن تكون فيه استمرارية طبعا، لكن صيغة ''أحمد قاتلُ زيد'' يمكن أن تُحمل على الماضي أو الحال أو المستقبل باعتبار المراد أو القرينة الذهنية. أي قاتله بالأمس أو اليوم أو غدا. هذه واحدة

ثانيا : ماذا لو غيرنا فعل قتل بفعل : كفل، أحمد كافل زيد أو قاضي، ألست ترى تغيرا في الدلالة الزمنية للفعل، وأن الآن صار يفيد الإستمرارية فعلا ؟ ومثله قول الله تعالى : إن الله فالق الحب والنوى. وقوله : غافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب. فللفعل دلالة أيضا في زمن الوقوع بمعزل عن دلالة الصيغة.

ثالثا : أما دلالة الصيغة فبدون الدخول في تفاصيل لغوية ليست من اختصاصنا أو تستعصي على الفهم، سأجعلك تستفتي حسك اللغوي، فأقول لك :

ماذا لو كانت الجملة على نحو الآية : إن أحمد لقاتل زيداً ، هل ترى أن حدوث المعنى مقتصر على الماضي أم أنه للمستقبل أقرب ؟:): أي أنه سيقتله. وسيأتي مثاله من القرآن الكريم.

والآن ماذا لو كانت الصيغة : إن أحمد لقاتل، وهي الصيغة الموافق للآية تماما ؟ ألا تدل على استمرارية الفعل حتما وأن فعل القتل ملازم لأحمد ؟ ثم إن متعلق الفعل في الآية بالله تعالى وبذا يكون أكثر تأكيدا على الإستمرارية والاستقبال والتجدد في الفعل لأنه إلهي وليس بشريا فيكون محدودا.

ثم إن صيغة : إنا لفاعلون وردت أكثر من مرة في القرآن الكريم للدلالة على الاستقبال والتجدد بما يحسم الامر كقوله تعالى : إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون. وقوله على لسان أبناء يعقوب : وإنا له لناصحون. وقوله : قالوا سنراود عنه أباه وإنا لفاعلون. وقوله يخبر عن أصحاب الجحيم : إنهكن لذائقوا العذاب الأليم. فلا تأتي هذه الصيغة في القرآن الكريم إلا دالة على المستقبل والتجدد في الفعل. وهذه أوضح قرينة.

TruthSeeker12
02-10-2018, 09:09 PM
لكن هل هناك قاعدة تقول ان اى اسم على صيغة لفاعلون تدل على الاستمرارية؟ اعرف ان القران يستخدم هذه الصيغة للدلالة على المستقبل او الاستمرار لكن هذا ليس دليلا كافيا لنقول ذلك، فيجب ان يكون هناك قاعدة ما.

ابن سلامة القادري
02-10-2018, 10:24 PM
هذا معلوم من سياق الآيات ومن عُرف اللغة أيضا لمن يقرأ ويهتم بأساليب اللغة العربية، وهذا ما أنصحك به أن تقرأ قليلا، ولأنه لا تحضرني قاعدة الآن فأريدك أن تقرأ هذه القصة لعل فيها فائدة لك :

اجتمع أبو يوسف والكسائي يوما عند الرشيد ، وكان أبو يوسف يرى أن علم الفقه أولى
من علم النحو بالبحث والدراسة ، وأن علم النحو لايستحق بذل الوقت في طلبه.
فراح ينتقص من علم النحو أمام الكسائي.

فقال له الكسائي: أيها القاضي .. لو قدّمت لك رجلين ، وقلت لك: هذا قاتلُ غلامِك . وهذا قاتلٌ غلامَك. فأيهما تأخذ؟
الأول بالضم بدون تنوين (قاتلُ) لإضافته للاسم بعده (غلامِك) المجرور على أنه مضاف إليه.
والآخر بتنوين الضم (قاتلٌ) وإعماله في الاسم بعده (غلامَـك) المنصوب على أنه مفعول به لاسم الفاعل.
فأي الرجلين سيأخذه القاضي بالعقوبة ويقيم عليه الحد؟
فقال أبو يوسف : آخذ الرجلين.

فقال الرشيد: بل تأخذ الأول لأنه قتل ، أما الآخر فإنه لم يقتل.
فعجب أبو يوسف ، فأفهمه الكسائي أن اسم الفاعل إذا أضيف إلى معموله (قاتلُ
غلامِك) دل عل الماضي ؛ فهو قتل الغلام. أما إذا نون فنصب معموله على أنه
مفعول به (قاتلٌ غلامَك) فإنه يفيد المستقبل ؛ أي أنه سيقتل.
فاعتذر أبو يوسف ، وأقر بجدوى علم النحو وعهد ألا ينتقص منه أبدا.انتهى

ولا تنسى أن القرآن الكريم مهيمن على اللغة وأن بلاغتها تنتهي إليه.

ابن سلامة القادري
02-10-2018, 10:35 PM
أما عن تخريج هذه القصة فهذا هو :

حكاية أبي يوسف مع الكسائي أخرجها : المرزباني محمد بن عمران بن موسى ت 384 ـ فيما ذكره ياقوت الحموي (المتوفى: 626هـ) ـ وغيرُه ـ في معجم الأدباء ( إرشاد الأريب إلى معرفة الأديب ) وقال : وحدّث ـ المرزباني ـ فيما رفعه إلى الأحمر النحوي ( على بن المبارك ، صاحب الكسائي ) قال : دخل أبو يوسف القاضي (وقال عبد الله بن جعفر: محمد بن الحسن )
[ أحد الرواة يروي عن الكسائي بواسطة ] على الرشيد وعنده الكسائي يحدثه، فقال: ... فذكرها .

والقصة ذكره غير واحد ، كأبي حيان في تذكرة النحاة .

TruthSeeker12
02-10-2018, 10:37 PM
شكرا على هذا, جزاك الله خيرا لكن ما علاقة هذا بالموضوع؟ اتمنى لو تأتى بقاعدة صريحة تزيل عنى الاشكال. ان انوى فى المستقبل بالتعمق فى اللغة العربية لكن لا اظن اننى سوف انتظر الى ذلك الوقت حتى احصل على اجابة على هذا الاشكال.

ابن سلامة القادري
02-10-2018, 10:45 PM
بل القصة في صميم الموضوع، لأن صيغة : إنا لموسعونَ السماء أو لموسعٌ السماءَ، هي ذاتها صيغة : قاتلٌ غلامك، بتنوين إسم الفاعل والدالة على المستقبل وهذه قاعدة نحوية على فكرة. فقس هذا على ذاك. وجزاك الله خيرا.

TruthSeeker12
02-10-2018, 10:51 PM
تدل على المستقبل؟ لكن ماذا عن الاستمرارية؟

ابن سلامة القادري
02-10-2018, 11:07 PM
أولا هذا تأكيد لما قلته لك عند النحويين :

شروطُ عمل اسْمِ الفَاعِلِ:
وَضَعَ النّحْوِيُّونَ شروطًا لِعَمَلِ اسْمِ الفَاعِلِ، وهو لا يَخْلُو مِن أن يكون مَقْرونًا بأَلْ، أو مُجَرَّدًا منها، فإن كان مُجَرَّدًا مِنْ (أَلْ) عَمِلَ عَمَلَ فِعْلِه إن كان حالًا أو مستقبَلًا؛ نَحْوُ: هذا ضاربٌ زيدًا الآنَ أو غدًا، وإنما عَمِلَ كما قُلْنا لجَرَيَانِه على الفِعْلِ الذي هو بمعناه، فضاربٌ يُشْبِهُ (يَضْرِبُ) في اللَّفْظِ والمَعْنَى؛ لأن المضارعَ للحالِ أوْ الِاسْتِقْبَالِ.

قال ابْنُ السَّرَّاجِ[76]: "تَقولُ: هذا ضاربٌ زيدًا، إذا أردتَ بضاربٍ ما أنتَ فيه، أوِ المُسْتَقْبَلَ كمَعْنَى الفِعْلِ المضارِع له، فإذا قلتَ هذا ضاربُ زيدٍ، تُرِيدُ به مَعْنَى المُضِيِّ فهو بمَعْنَى غلامِ زَيْدٍ، لم يَجُزْ فيه إلا هذا؛ يَعْنِي: الإضافةَ والخَفْضَ.

رابط الموضوع: http://www.alukah.net/literature_language/0/1046/#ixzz56jzNcVDR

دلالة موسعون على المستقبل تكفي وبها يزول الإشكال . أما الدلالة على الاستمرارية فليس لازما، ولكن تقتضيه الآية من وجوه :
- لأن الكلام عن البناء
- لأن الإستقبال يدل عليه ولا عبرة في أن يكون ذلك على مراحل زمنية متفرقة أو متصلة
- لأن هذا ما اكتشفه العلم الحديث والآية تدل عليه دلالة واضحة ولا تعارض
- لأن فعل التوسعة في الآية من أفعال الله الأول والآخر الذي أحاط بكل شيء وهذا ما دلت عليه أفعاله التي أخبر بها في القرآن وأنها عادة تجري على الزمان الممتد، فلا تقصُر على زمان محدد إلا بقرينة. مثل قول الله تعالى : إن الله فالق الحب والنوى. وقوله : غافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب.
- لأن آية أخرى تدل عليه وهي آية طي السماء كما يُطوى السجل. وقد اكتشف العلم الحديث أن السماء فعلا مثل السجل.

TruthSeeker12
02-10-2018, 11:12 PM
الدلالة على الاستمرارية هى الذى اريدها

ابن سلامة القادري
02-11-2018, 02:05 PM
وهي ما تدل عليه النقاط الخمس فتأمل،
طيب لمزيد من التوضيح أقول لك : إن لم يكن هذا التوسع الحاصل في الكون منذ الإنفجار الكبير إلى الآن وإلى ما شاء الله ، هو المراد الذي تقتضيه الآية ولكون هذا البيان المحكم بهذه الصيغة ''وإنا لموسعون'' هو الأنسب بلاغيا للدلالة عليه، ما الذي تفترض أن الآية تعنيه سوى ذلك ؟ لأنه لا مشاحة في اللفظ استقبالا أم استمرارا فالمعنيان متداخلان ولا تنافي بينهما ويؤديان نفس المعنى للآية وهو الواقع وما تمليه اللغة والمنطق أيضا. يجب أن تعلم ما تعترض عليه أولا.

ومسألة أخرى إذا أنت تقر بأن الآية تعني الاستقبال أي أن الآية أخبرت عن التوسع وأنه حادث في مستقبل الدهر ، أليس في هذا إعجاز وإعجاز صارخ ؟ أم تُسَلّم بأنه يمكن لرجل أمي في ذلك الزمان أن يعلم ذلك ويتوقعه وهو لا يرى أبعد مما نراه بالعين المجردة ؟

عندما يصف القرآن الكريم مثلا حالة البحر وأن البحر الذي نشهده بأم أعيننا ليس بحرا واحدا وإنما عدة أبحر يفصل بينها حواجز ولا يكتشف العلم ذلك إلا الآن ألا ترى في هذا دلالة على الإعجاز أم ستبحث عن دلالة لغوية أخرى لتتهرب من الإلزام ؟
عندما يصف القرآن ظلمات البحر الثلاث وظلمات الجنين الثلاث ومراحل خلق الجنين بدقة متناهية ويصف حال الجبال وأنها أوتاد وليس هذا فقط بل يدلل على الحكمة من خلقها هكذا وأنها لإرساء الأرض ، وعندما يصف ناصية الرأس بأنها هي الكاذبة الخاطئة ويخبر بأن السماء بعد هذا التوسع الهائل ستُطوى كما يُطوى السجل - هذا إذا كنت تعرف ما السجل - هل بعد كل هذا التطابق بين العلم والواقع بحذافيره وبين القرآن وبين السنة أيضا هل ستبحث لك عن مخارج لغوية وتأويلات لا يستسيغها لا وحي ولا لغة بل لا علم لك بها أصلا ؟؟؟ أم ستقر كما أقر الذين أوتوا العلم.
أعتقد أن مشكلتك الوحيدة في عدم استيعاب كل ما ذُكر هنا أو في غير هذا المقام مع أنه كاف ليست فيما ذُكر وكُتب ولكن في ضعف رصيدك وإدراكك الذي أدى بك إلى قراءة خاطئة وفهم سلبي وافتقارك إلى آليات ضرورية للفهم ستكتسبها مع طلب العلم. ولذا أنصح بأن تقرأ وتقرأ وتبحث وتتعمّق البحث ولا تقف عند مكانك.

TruthSeeker12
02-11-2018, 02:20 PM
جزاك الله خيرا، لقد ازلت الاشكال عنى. جعله فى ميزان حسناتك.