المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : حكم الغناء



أميرة الجلباب
09-02-2006, 02:11 AM
http://www.islam-qa.com/index.php?ref=5000&ln=ara


سؤال:
دائما أسمع بأن الموسيقى والرقص والغناء محرمة في الإسلام.
السؤال : ذهبت لموقع على الإنترنت وأسمه xxx وهناك الكثير من المقالات تقول بأن "الموسيقى والغناء والرقص حلال في الإسلام ما دام الجنسين ليسا مختلطين وليس هناك خمر"
حتى أنهم حاولوا إثبات هذا بذكرهم حديث عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم بأنه وافق على هذا.
أنا الآن متشككة فهل يمكن أن توضح لي حكم الموسيقى والرقص والغناء في الإسلام .
جزاك الله خيرا.

الجواب:

الجواب :
الحمد لله

"المعازف" جمع معزفة، وهي آلات الملاهي ( فتح الباري 10/55 ) ، وهي الآلة التي يعزف بها ( المجموع 11/577 ) ، ونقل القرطبي رحمه الله عن الجوهري رحمه الله أن المعازف الغناء ، والذي في صحاحه : آلات اللهو . وقيل : أصوات الملاهي . وفي حواشي الدمياطي رحمه الله : المعازف بالدفوف وغيرها مما يضرب به ( فتح الباري 10/55 ) .

أدلة التحريم من الكتاب والسنة :

قال الله تعالى في سورة لقمان : " ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله " ، قال حبر الأمة ابن عباس رضي الله عنهما : هو الغناء ، وقال مجاهد رحمه الله : اللهو الطبل ( تفسير الطبري 21/40 ) ، وقال الحسن البصري رحمه الله : نزلت هذه الآية في الغناء والمزامير ( تفسير ابن كثير 3/451 ) ، وقال السعدي رحمه الله : فدخل في هذا كل كلام محرم ، وكل لغو وباطل ، وهذيان من الأقوال المرغبة في الكفر والعصيان ، ومن أقوال الرادين على الحق المجادلين بالباطل ليدحضوا به الحق ، ومن غيبة ونميمة وكذب وشتم وسب ، ومن غناء ومزامير شيطان ، ومن الماجريات الملهية التي لا نفع فيها في دين ولا دنيا ( تفسير السعدي 6/150 ) ، قال ابن القيم رحمه الله : ( ويكفي تفسير الصحابة والتابعين للهو الحديث بأنه الغناء فقد صح ذلك عن ابن عباس وابن مسعود ، قال أبو الصهباء : سألت ابن مسعود عن قوله تعالى : " ومن الناس من يشتري لهو الحديث " ، فقال : والله الذي لا إله غيره هو الغناء - يرددها ثلاث مرات - ، وصح عن ابن عمر رضي الله عنهما أيضا أنه الغناء ، ولا تعارض بين تفسير لهو الحديث بالغناء وتفسيره بأخبار الأعاجم وملوكهم وملوك الروم ونحو ذلك مما كان النضر بن الحارث يحدث به أهل مكة يشغلهم به عن القرآن ، وكلاهما لهو الحديث ، ولهذا قال ابن عباس : لهو الحديث الباطل والغناء ، فمن الصحابة من ذكر هذا ومنهم من ذكر الآخر ومنهم من جمعهما ، والغناء أشد لهوا وأعظم ضررا من أحاديث الملوك وأخبارهم فإنه رقية الزنا ومنبت النفاق وشرك الشيطان وخمرة العقل ، وصده عن القرآن أعظم من صد غيره من الكلام الباطل لشدة ميل النفوس إليه ورغبتها فيه ، فإن الآيات تضمنت ذم استبدال لهو الحديث بالقرآن ليضل عن سبيل الله بغير علم ويتخذها هزوا ، وإذا يتلى عليه القرآن ولى مدبرا كأن لم يسمعه كأن في أذنيه وقراً ، هو الثقل والصمم ، وإذا علم منه شيئا استهزأ به ، فمجموع هذا لا يقع إلا من أعظم الناس كفرا وإن وقع بعضه للمغنين ومستمعيهم فلهم حصة ونصيب من هذا الذم ) إغاثة اللهفان 1/258-259

وقال تعالى : " واستفزز من استطعت منهم بصوتك "

عن مجاهد رحمه الله قال : استنزل منهم من استطعت ، قال : وصوته الغناء والباطل ، قال ابن القيم رحمه الله : ( وهذه الإضافة إضافة تخصيص كما أن إضافة الخيل والرجل إليه كذلك ، فكل متكلم في غير طاعة الله أو مصوت بيراع أو مزمار أو دف حرام أو طبل فذلك صوت الشيطان ، وكل ساع إلى معصية الله على قدميه فهو من رَجِله وكل راكب في معصيته فهو من خيالته ، كذلك قال السلف كما ذكر ابن أبي حاتم عن ابن عباس : رجله كل رجل مشت في معصية الله ) إغاثة اللهفان .

وقال تعالى : " أفمن هذا الحديث تعجبون ، وتضحكون ولا تبكون ، وأنتم سامدون "

قال عكرمة رحمه الله : عن ابن عباس السمود الغناء في لغة حِميَر ، يقال : اسمدي لنا أي غني ، وقال رحمه الله : كانوا إذا سمعوا القرآن تغنوا فنزلت هذه الآية ، وقال ابن كثير رحمه الله : وقوله تعالى " وأنتم سامدون " قال سفيان الثوري عن أبيه عن ابن عباس قال : الغناء ، هي يمانية ، اسمد لنا غنِّ لنا ، وكذلك قال عكرمة . تفسير ابن كثير .

عن أبي أمامة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " لا تبيعوا القينات ، ولا تشتروهن ولا تعلموهن ، ولا خير في تجارة فيهن ، وثمنهن حرام ، في مثل هذا أنزلت هذه الآية : " ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله " حسن .

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف .. " الحديث ، ( رواه البخاري تعليقا برقم 5590 ، ووصله الطبراني والبيهقي ، وراجع السلسلة الصحيحة للألباني 91 ) ، قال ابن القيم رحمه الله : ( هذا حديث صحيح أخرجه البخاري في صحيحه محتجا به وعلقه تعليقا مجزوما به فقال : باب ما جاء فيمن يستحل الخمر ويسميه بغير اسمه ) ، وفي الحديث دليل على تحريم آلات العزف والطرب من وجهين ؛ أولهما : قوله صلى الله عليه وسلم : " يستحلون " ، فإنه صريح بأن المذكورات ومنها المعازف هي في الشرع محرمة ، فيستحلها أولئك القوم . ثانيا : قرن المعازف مع المقطوع حرمته وهو الزنا والخمر ، ولو لم تكن محرمة لما قرنها معها ( السلسلة الصحيحة للألباني 1/140-141 بتصرف ) ، قال شيخ الإسلام رحمه الله : فدل هذا الحديث على تحريم المعازف ، والمعازف هي آلات اللهو عند أهل اللغة ، وهذا اسم يتناول هذه الآلات كلها . ( المجموع 11/535 ) ، وقال ابن القيم رحمه الله : ( وفي الباب عن سهل بن سعد الساعدي وعمران بن حصين وعبد الله بن عمرو وعبد الله بن عباس وأبي هريرة وأبي أمامة الباهلي وعائشة أم المؤمنين وعلي بن أبي طالب وأنس بن مالك وعبد الرحمن بن سابط والغازي بن ربيعة ) ثم ذكرها في إغاثة اللهفان وهي تدل على التحريم .

عن نافع رحمه الله قال : " سمع ابن عمر مزمارا ، قال : فوضع إصبعيه على أذنيه ، ونأى عن الطريق ، وقال لي : يا نافع هل تسمع شيئا ؟ قال : فقلت : لا ، قال : فرفع إصبعيه من أذنيه ، وقال : كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم فسمع مثل هذا ، فصنع مثل هذا " صحيح أبي داود ؛ وقد زعم قزم أن هذا الحديث ليس دليلا على التحريم ، إذ لو كان كذلك لأمر الرسول صلى الله عليه وسلم ابن عمر رضي الله عنهما بسد أذنيه ، ولأمر ابن عمر نافعا كذلك ! فيجاب : بأنه لم يكن يستمع ، وإنما كان يسمع ، وهناك فرق بين السامع والمستمع ، قال شيخ الإسلام رحمه الله : ( أما ما لم يقصده الإنسان من الاستماع فلا يترتب عليه نهي ولا ذم باتفاق الأئمة ، ولهذا إنما يترتب الذم والمدح على الاستماع لا السماع ، فالمستمع للقرآن يثاب عليه ، والسامع له من غير قصد ولا إرادة لا يثاب على ذلك ، إذ الأعمال بالنيات ، وكذلك ما ينهى عنه من الملاهي ، لو سمعه بدون قصد لم يضره ذلك ) المجموع 10 / 78 ؛ قال ابن قدامة المقدسي رحمه الله : والمستمع هو الذي يقصد السماع ، ولم يوجد هذا من ابن عمر رضي الله عنهما ، وإنما وجد منه السماع ، ولأن بالنبي صلى الله عليه وسلم حاجة إلى معرفة انقطاع الصوت عنه لأنه عدل عن الطريق ، وسد أذنيه ، فلم يكن ليرجع إلى الطريق ، ولا يرفع إصبعيه عن أذنيه حتى ينقطع الصوت عنه ، فأبيح للحاجة . ( المغني 10 / 173 ) ( ولعل السماع المذكور في كلام الإمامين مكروه ، أبيح للحاجة كما سيأتي في قول الإمام مالك رحمه الله والله أعلم ) .

أقوال أئمة الإسلام :

قال القاسم رحمه الله : الغناء من الباطل ، وقال الحسن رحمه الله : إن كان في الوليمة لهو ، فلا دعوة لهم . الجامع للقيرواني ص 262-263 .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : ( مذهب الأئمة الأربعة أن آلات اللهو كلها حرام ، ثبت في صحيح البخاري وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أنه سيكون من أمته من يستحل الحر والحرير والخمر والمعازف ، وذكر أنهم يمسخون قردة وخنازير ، .. ولم يذكر أحد من أتباع الأئمة في آلات اللهو نزاعا ) المجموع 11/576 ، قال الألباني رحمه الله : اتفقت المذاهب الأربعة على تحريم آلات الطرب كلها . الصحيحة 1/145 .

قال ابن القيم رحمه الله : ( مذهب أبي حنيفة في ذلك من أشد المذاهب ، وقوله فيه من أغلظ الأقوال ، وقد صرح أصحابه بتحريم سماع الملاهي كلها كالمزمار والدف ، حتى الضرب بالقضيب ، وصرحوا بأنه معصية يوجب الفسق وترد بها الشهادة ، وأبلغ من ذلك أنهم قالوا : أن السماع فسق والتلذذ به كفر ، هذا لفظهم ، ورووا في ذلك حديثا لا يصح رفعه ، قالوا : ويجب عليه أن يجتهد في أن لا يسمعه إذا مر به أو كان في جواره ، وقال أبو يوسف في دار يسمع منها صوت المعازف والملاهي : ادخل عليهم بغير إذنهم لأن النهي عن المنكر فرض ، فلو لم يجز الدخول بغير إذن لامتنع الناس من إقامة الفرض ) إغاثة اللهفان 1/425 .

وسئل الإمام مالك رحمه الله عن ضرب الطبل والمزمار ، ينالك سماعه وتجد له لذة في طريق أو مجلس ؟ قال : فليقم إذا التذ لذلك ، إلا أن يكون جلس لحاجة ، أو لا يقدر أن يقوم ، وأما الطريق فليرجع أو يتقدم . ( الجامع للقيرواني 262 ) ، وقال رحمه الله : إنما يفعله عندنا الفساق ( تفسير القرطبي 14/55 ) ، قال ابن عبد البر رحمه الله : من المكاسب المجمع على تحريمها الربا ومهور البغايا والسحت والرشا وأخذا الأجرة على النياحة والغناء وعلى الكهانة وادعاء الغيب وأخبار السماء وعلى الزمر واللعب الباطل كله . ( الكافي ) .

قال ابن القيم رحمه الله في بيان مذهب الإمام الشافعي رحمه الله : ( وصرح أصحابه العارفون بمذهبه بتحريمه وأنكروا على من نسب إليه حله ) ( إغاثة اللهفان 1/425 ) ، وقد عد صاحب كفاية الأخبار ، من الشافعية ، الملاهي من زمر وغيره منكرا ، ويجب على من حضر إنكاره ، وقال : ( ولا يسقط عنه الإنكار بحضور فقهاء السوء ، فإنهم مفسدون للشريعة ، ولا بفقراء الرجس - يقصد الصوفية لأنهم يسمون أنفسهم بالفقراء - فإنهم جهلة أتباع كل ناعق ، لا يهتدون بنور العلم ويميلون مع كل ريح ) ( كفاية الأخيار 2/128 ) .

قال ابن القيم رحمه الله : ( وأما مذهب الإمام أحمد فقال عبد الله ابنه : سألت أبي عن الغناء فقال : الغناء ينبت النفاق بالقلب ، لا يعجبني ، ثم ذكر قول مالك : إنما يفعله عندنا الفساق ) ( إغاثة اللهفان ) ، وقال ابن قدامة - محقق المذهب الحنبلي - رحمه الله : ( الملاهي ثلاثة أضرب ؛ محرم ، وهو ضرب الأوتار والنايات والمزامير كلها ، والعود والطنبور والمعزفة والرباب ونحوها ، فمن أدام استماعها ردت شهادته ) ( المغني 10/173 ) ، وقال رحمه الله : ( وإذا دعي إلى وليمة فيها منكر ، كالخمر والزمر ، فأمكنه الإنكار ، حضر وأنكر ، لأنه يجمع بين واجبين ، وإن لم يمكنه لا يحضر ) ( الكافي 3/118 ) .

قال الطبري رحمه الله : ( فقد أجمع علماء الأمصار على كراهة الغناء والمنع منه وإنما فارق الجماعة إبراهيم بن سعد وعبيد الله العنبري ، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " عليك بالسواد الأعظم " ، ومن فارق الجماعة مات ميتة جاهلية " ) ( تفسير القرطبي 14/56 ) . وقد كان لفظ الكراهة يستخدم لمعنى الحرمة في القرون المتقدمة ثم غلب عليه معنى التنزيه ، ويحمل هذا على التحريم لقوله : والمنع منه ، فإنه لا يمنع عن أمر غير محرم ، ولذكره الحديثين وفيهما الزجر الشديد ، والقرطبي رحمه الله هو الذي نقل هذا الأثر ، وهو القائل بعد هذا : ( قال ابو الفرج وقال القفال من أصحابنا : لا تقبل شهادة المغني والرقاص ، قلت : وإذا ثبت أن هذا الأمر لا يجوز فأخذ الأجرة عليه لا تجوز ) ، قال الشيخ الفوزان حفظه الله : ( ما أباحه ابراهيم بن سعد وعبيد الله العنبري من الغناء ليس هو كالغناء المعهود .. فحاشا هذين المذكورين أن يبيحا مثل هذا الغناء الذي هو غاية في الانحطاط ومنتى الرذالة ) الإعلام.

وقال ابن تيمية رحمه الله : ( لا يجوز صنع آلات الملاهي ) ( المجموع 22/140 ) ، وقال رحمه الله : ( آلات الملاهي ، مثل الطنبور ، يجوز إتلافها عند أكثر الفقهاء ، وهو مذهب مالك وأشهر الروايتين عند أحمد ) ( المجموع 28/113 ) ، وقال : ( الوجه السادس : أنه ذكر ابن المنذر اتفاق العلماء على المنع من إجارة الغناء والنوح فقال : أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على إبطال النائحة والمغنية ، كره ذلك الشعبي والنخعي ومالك وقال أبو ثور والنعمان - أبو حنيفة رحمه الله - ويعقوب ومحمد - تلميذي أبي حنيفة رحمهم الله - : لا تجوز الإجارة على شيء من الغناء والنوح وبه نقول ) وقال : ( والمعازف خمر النفوس ، تفعل بالنفوس أعظم مما تفعل حميا الكؤوس ) ( مجموع الفتاوى 10/417 ) .

وأخرج ابن أبي شيبة رحمه الله : أن رجلا كسر طنبورا لرجل ، فخاصمه إلى شريح فلم يضمنه شيئا - أي لم يوجب عليه القيمة لأنه محرم لا قيمة له - . ( المصنف 5/395 ) .

وأفتى البغوي رحمه الله بتحريم بيع جميع آلات اللهو والباطل مثل الطنبور والمزمار والمعازف كلها ، ثم قال : ( فإذا طمست الصور ، وغيرت آلات اللهو عن حالتها ، فيجوز بيع جواهرها وأصولها ، فضة كانت أو حديد أو خشبا أو غيرها ) ( شرح السنة 8/28 ) .

استثناء حق

ويستثنى من ذلك الدف - بغير خلخال - في الأعياد والنكاح للنساء ، وقد دلت عليه الأدلة الصحيحة ، قال شيخ الإسلام رحمه الله : ( ولكن رخص النبي صلى الله عليه وسلم في أنواع من اللهو في العرس ونحوه كما رخص للنساء أن يضربن بالدف في الأعراس والأفراح ، وأما الرجال على عهده فلم يكن أحد على عهده يضرب بدف ولا يصفق بكف ، بل ثبت عنه في الصحيح أنه قال : " التصفيق للنساء والتسبيح للرجال ، ولعن المتشبهات من النساء بالرجال والمتشبهين من الرجال بالنساء " ، ولما كان الغناء والضرب بالدف من عمل النساء كان السلف يسمون من يفعل ذلك من الرجال مخنثا ، ويسمون الرجال المغنين مخانيث - ما أكثرهم في هذا الزمان - وهذا مشهور في كلامهم ، ومن هذا الباب حديث عائشة رضي الله عنها لما دخل عليها أبوها رضي الله عنه في أيام العيد وعندها جاريتان - أي صغيرتان - تغنيان بما تقاولت به الأنصار يوم بعاث - ولعل العاقل يدرك ما يقوله الناس في الحرب - فقال أبو بكر رضي الله عنه : " أبمزمار الشيطان في بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم " وكان رسول الله معرضا بوجهه عنهما مقبلا بوجهه الكريم إلى الحائط - ولذلك قال بعض العلماء أن أبا بكر رضي الله عنه ما كان ليزجر احدا أو ينكر عليه بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولكنه ظن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم غير منتبه لما يحصل والله أعلم - فقال : " دعهما يا أبا بكر فإن لكل قوم عيدا وهذا عيدنا أهل الإسلام " ففي هذا الحديث بيان أن هذا لم يكن من عادة النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه الاجتماع عليه ، ولهذا سماه الصديق مزمار الشيطان - فالنبي صلى الله عليه وسلم أقر هذه التسمية ولم يبطلها حيث أنه قال " دعهما فإن لكل قوم عيدا وهذا عيدنا " ، فأشار ذلك أن السبب في إباحته هو كون الوقت عيدا ، فيفهم من ذلك أن التحريم باق في غير العيد إلا ما استثني من عرس في أحاديث أخرى ، وقد فصل ذلك الشيخ الألباني رحمه الله في كتابه النفيس تحريم آلات الطرب - ، والنبي صلى الله عليه وسلم أقر الجواري في الأعياد كما في الحديث : " ليعلم المشركون أن في ديننا فسحة " ، وليس في حديث الجاريتين أن النبي صلى الله عليه وسلم استمع إلى ذلك ، والأمر والنهي إنما يتعلق بالاستماع لا بمجرد السماع كما في الرؤية فإنه إنما يتعلق بقصد الرؤية لا بما يحصل منها بغير الاختيار ) ، فتبين أنه للنساء فقط ، حتى أن الإمام أبا عبيد رحمه الله ، عرف الدف قائلا : فهو الذي يضرب به النساء . ( غريب الحديث 3/64 ) - فينبغي لبعضهم الخروج بالحجاب الشرعي - .

استثناء باطل

استثنى بعضهم الطبل في الحرب ، وألحق به بعض المعاصرين الموسيقى العسكرية ، ولا وجه لذلك البتة ، لأمور ؛ أولها : انه تخصيص لأحاديث التحريم بلا مخصص ، سوى مجرد الرأي والاستحسان وهو باطل ، ثانيهما : أن المفترض على المسلمين في حالة الحرب ، أن يقبلوا بقلوبهم على ربهم ، قال تعالى : " يسألونك عن الأنفال قل الأنفال لله والرسول فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم " واستعمال الموسيقى يفسد عليهم ذلك ، ويصرفهم عن ذكر ربهم ، ثالثا : أن استعمالها من عادة الكفار ، فلا يجوز التشبه بهم ، لاسيما في ما حرمه الله تبارك تعالى علينا تحريما عاما كالموسيقى . ( الصحيحة 1/145 ) .

( ما ضل قوم بعد هدى كانوا عليه إلا أوتوا الجدل ) صحيح

استدل بعضهم بحديث لعب الحبشة في مسجده صلى الله عليه وسلم في إباحة الغناء ! ترجم البخاري رحمه الله على هذا الحديث في صحيحه : ( باب الحراب والدرق يوم العيد ) ، قال النووي رحمه الله : فيه جواز اللعب بالسلاح ونحوه من آلات الحرب في المسجد ، ويلتحق به ما في معناه من الأسباب المعينة على الجهاد . ( شرح مسلم ) ، ولكن كما قال الحافظ ابن حجر رحمه الله : من تكلم في غير فنه أتى بمثل هذه العجائب .

واستدل بعضهم بحديث غناء الجاريتين ، وقد سبق الكلام عليه ، لكن نسوق كلام ابن القيم رحمه الله لأنه قيم : ( وأعجب من هذا استدلالكم على إباحة السماع المركب مما ذكرنا من الهيئة الاجتماعية بغناء بنتين صغيرتين دون البلوغ عند امرأة صبية في يوم عيد وفرح بأبيات من أبيات العرب في وصف الشجاعة والحروب ومكارم الأخلاق والشيم ، فأين هذا من هذا ، والعجيب أن هذا الحديث من أكبر الحجج عليهم ، فإن الصديق الأكبر رضي الله عنه سمى ذلك مزمورا من مزامير الشيطان ، وأقره رسول الله صلى الله عليه وسلم على هذه التسمية ، ورخص فيه لجويريتين غير مكلفتين ولا مفسدة في إنشادهما ولاستماعهما ، أفيدل هذا على إباحة ما تعملونه وتعلمونه من السماع المشتمل على ما لا يخفى ؟! فسبحان الله كيف ضلت العقول والأفهام ) ( مدارج السالكين 1/493 ) ، وقال ابن الجوزي رحمه الله : وقد كانت عائشة رضي الله عنها صغيرة في ذلك الوقت ،و لم ينقل عنها بعد بلوغها وتحصيلها إلا ذم الغناء ، قد كان ابن أخيها القاسم بن محمد يذم الغناء ويمنع من سماعه وقد أخذ العلم عنها . ( تلبيس إبليس 229 ) . وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله : ( واستدل جماعة من الصوفية بحديث الباب - حديث الجاريتين - على إباحة الغناء وسماعه بآلة وبغير آلة ، ويكفي في رد ذلك تصريح عائشة في الحديث الذي في الباب بعده بقولها " وليستا بمغنيتين " ، فنفت عنهما بطريق المعنى ما أثبته لهما باللفظ .. فيقتصر على ما ورد فيه النص وقتا وكيفية تقليلا لمخالفة الأصل - أي الحديث - والله أعلم ) ( فتح الباري 2/442-443 )

وقد تجرأ البعض بنسبة سماع الغناء إلى الصحابة والتابعين ، وأنهم لم يروا به بأسا !!

قال الفوزان حفظه الله : ( نحن نطالبه بإبراز الأسانيد الصحيحة إلى هؤلاء الصحابة والتابعين بإثبات ما نسبه إليهم ) ، ثم قال : ( ذكر الإمام مسلم في مقدمة صحيحه عن عبد الله بن المبارك أنه قال : الإسناد من الدين ، ولولا الإسناد لقال من شاء ما شاء ) .

وقال بعضهم أن جميع الأحاديث التي تحرم الغناء مثخنة بالجراح ، لم يسلم منها حديث من طعن عند فقهاء الحديث وعلمائه !! قال ابن باز رحمه الله : ( إن الأحاديث الواردة في تحريم الغناء ليست مثخنة بالجراح كما زعمت ، بل منها ما هو في صحيح البخاري الذي هو أصح كتاب بعد كتاب الله ، ومنها الحسن ومنها الضعيف ، وهي على كثرتها وتعدد مخارجها حجة ظاهرة وبرهان قاطع على تحريم الغناء والملاهي ) .

( وقد اتفق الأئمة على صحة أحاديث تحريم الغناء والمعازف إلا أبو حامد الغزالي ، والغزالي ما عرف علم الحديث ، وابن حزم ، وبين الألباني رحمه الله خطأه أوضح بيان ، وابن حزم نفسه قال أنه لو صح منها شيء لقال به ، ولكن من في هذا الزمن ثبتت لديهم صحة ذلك لما تكاثر من كتب أهل العلم ، وما تواتر عنهم من تصحيح هذه الأحاديث ، ولكنهم أعرضوا عنه ، فهم أشد من ابن حزم بكثير وليسوا مثله ، فهم ليسوا متأهلين ولا رجعوا لهم )

وقال بعضهم أن الغناء حرمه العلماء لأنه اقترن بمجالس الخمر والسهر الحرام !

قال الشوكاني رحمه الله : ( ويجاب بأن الاقتران لا يدل على أن المحرم هو الجمع فقط وإلا لزم أن الزنا المصرح به في الأحاديث لا يحرم إلا عند شرب الخمر واستعمال المعازف ، واللازم باطل بالإجماع فالملزوم مثله . وأيضا يلزم مثل قوله تعالى : " إنه كان لا يؤمن بالله العظيم ولا يحض على طعام المسكين " أنه لا يحرم عدم الإيمان بالله إلا عند عدم الحض على طعام المسكين ، فإن قيل إن تحريم مثل هذه الأمور المذكورة في الإلزام قد علم من دليل آخر ، فيجاب بأن تحريم المعازف قد علم من دليل آخر أيضا كما سلف ) ( نيل الأوطار 8/107) .

وقال بعضهم أن لهو الحديث ليس المقصود به الغناء ، وقد سبق الرد على ذلك ، قال القرطبي رحمه الله : ( هذا - أي القول بأنه الغناء - أعلى ما قيل في هذه الآية وحلف على ذلك ابن مسعود بالله الذي لا إله إلا هو ثلاث مرات أنه الغناء ) ثم ذكر من قال بهذا من الأئمة ، وذكر الأقوال الأخرى في ذلك ثم قال ( القول الأول أولى ما قيل في هذا الباب للحديث المرفوع وقول الصحابة والتابعين فيه ) ( تفسير القرطبي ) ، وقال ابن القيم رحمه الله بعد أن ذكر هذا التفسير : ( قال الحاكم أبو عبد الله في التفسير من كتاب المستدرك : ليعلم طالب هذا العلم أن تفسير الصحابي الذي شهد الوحي والتنزيل عند الشيخين حديث مسند ) وقال في موضع آخر من كتابه : ( هو عندنا كحكم المرفوع ) ، وهذا وإن كان فيه نظر فلا ريب أنه أولى بالقبول من تفسير من بعدهم ، فهم أعلم الأمة بمراد الله عز وجل في كتابه ، فعليهم نزل وهم أول من خوطب به من الأمة ، وقد شاهدوا التفسير من الرسول صلى الله عليه وسلم علما وعملا ، وهم العرب الفصحاء على الحقيقة ، فلا يعدل عن تفسيرهم ما وجد إليه سبيلا ) ( إغاثة اللهفان ) .

وقال بعضهم أن الغناء طاعة إذا كان المقصود به التقوي على طاعة الله !!!

قال ابن القيم رحمه الله : ( ويا للعجب ، إي إيمان ونور وبصيرة وهدى ومعرفة تحصل باستماع أبيات بألحان وتوقيعات لعل أكثرها قيلت فيما هو محرم يبغضه الله ورسوله ويعاقب عليه ، ... فكيف يقع لمن له أدنى بصيرة وحياة قلب أن يتقرب إلى الله ويزداد إيمانا وقربا منه وكرامة عليه بالتذاذه بما هو بغيض إليه مقيت عنده يمقت قائله و الراضي به ) ( مدارج السالكين 1/485 ) . قال شيخ الإسلام في بيان حال من اعتاد سمعه الغناء : ( ولهذا يوجد من اعتاده واغتذى به لا يحن على سماع القرآن ، ولا يفرح به ، ولا يجد في سماع الآيات كما يجد في سماع الأبيات ، بل إذا سمعوا القرآن سمعوه بقلوب لاهية وألسن لاغية ، وإذا سمعوا المكاء والتصدية خشعت الأصوات وسكنت الحركات وأصغت القلوب ) ( مجموع الفتاوى 11/557 وما بعده ) .

ويروج بعضهم للموسيقى والمعازف بأنها ترقق القلوب والشعور ، وتنمي العاطفة ، وهذا ليس صحيحا ، فهي مثيرات للشهوات والأهواء ، ولو كانت تفعل ما قالوا لرققت قلوب الموسيقيين وهذبت أخلاقهم ، وأكثرهم ممن نعلم انحرافهم وسوء سلوكهم .

خاتمة

لعله تبين من هذا المختصر - للمنصفين - أن القول بالإباحة ليس قولا معتبرا ، وأنه ليس في هذه المسألة قولان ، فتجب النصيحة بالحسنى ثم يتدرج في الإنكار لمن استطاع ، ولا تغتر بشهرة رجل في زمن أصبح أهل الدين فيه غرباء ، فإن من يقول بإباحة الغناء وآلات الطرب ، إنما ينصر هوى الناس اليوم - وكأن العوام يفتون وهو يوقع ! - ، فإنهم إذا عرضت لهم مسألة نظروا في أقوال العلماء فيها ، ثم أخذوا الأيسر - زعموا - ثم يبحثون عن أدلة ، بل شبهات تتأرجح بين الموقوذة والمتردية والنطيحة ! فكم شرع أمثال هؤلاء للناس بهذا التمويه أمورا باسم الشريعة الإسلامية يبرأ الإسلام منها .

فاحرص أخي أن تعرف إسلامك من كتاب ربك وسنة نبيك ، ولا تقل : قال فلان ؛ فإن الحق لا يعرف بالرجال ، بل اعرف الحق تعرف الرجال ، ولعل في هذا القدر كفاية لمن نبذ هواه وخضع لمولاه ، ولعل ما سبق يشفي صدور قوم مؤمنين ، ويطير وسواس قوم موسوسين ، ويفضح كل معرض عن الوحي ، متتبع للرخص ، ظن أنه أتى بما لم يأت به الأوائل فتقول على الله بغير علم ، وطلب الخروج من الفسق فوقع في البدعة - لا بارك الله فيه - ، وقد كان خيرا له سبيل المؤمنين .



والله أعلم ، وصلى الله وسلم وبارك على رسوله الذي وضح سبيل المؤمنين ، وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .

ملخص رسالة الضرب بالنوى لمن أباح المعازف للهوى للشيخ سعد الدين بن محمد الكبي

وللاستزادة .. يمكن مراجعة :

كتاب الإعلام بنقد كتاب الحلال والحرام للشيخ العلامة صالح بن فوزان الفوزان

وكتاب السماع لشيخ الإسلام ابن القيم

وكتاب تحريم آلات الطرب للشيخ محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله .



الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد

فخر الدين المناظر
09-02-2006, 05:20 AM
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
أما بعد
أختي الكريمة جزاك الله خيرا ولكن رغم كل ما تقدمت به فلا أجد دليلا صحيحا صريحا على تحريم الموسيقى والغناء غير الفاحش ،،
اولا انقسم العلماء إلى قسمين
قسم يحرم الغناء والموسيقى بالكلية وهذا القسم ياخذ بالأحوط في فتاويه (وأشهر المدارس التي تاخذ بالأحوط هي مدارس السعودية ولجنة الافتاء هناك ،، كما نلاحظ ان كل العلماء الذين درسوا في السعودية يأخذون بالأحوط)
قسم يرى أن الموسيقى والغناء الذي لا يٌثير الغريزة والغير فاحش فهو حلال وهذا القسم يأخذ بالأيسر (واشهر المدارس التي تأخذ بالأيسر فهي الأزهر بمصر ومفتي الديار المصرية ،، المدرسة الحسنية بالمغرب ورابطة علماء مسلمي المغرب ....)
وسوف اكتفي بإيراد أدلة وردود بعض العلماء الذين يأخذون بالأيسر

فتوى الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي
استدل المحرمون بما روي عن ابن مسعود و ابن عباس و بعض التابعين : أنهم حرموا الغناء محتجين بقول الله تعالى : ( وَ مِنَ النَاسِ مَن يَشُتَرِي لَهُوِ الحَدِيثِ لِيضِلَّ عَن سَبِيلِ الَلهِ بِغَيُرِ عِلُمِ وَ يَتَّخِذَهَا هزوًا أولَيكَ لَهمُ عَذَاب مهِين) لقمان (6) ) ؛ و فسروا لهو الحديث بالغناء .



قال ابن حزم : « ولا حجة في هذا لوجوه :

أحدها : أنه لا حجة لأحد دون رسول الله ( صلي الله عليه و آل و سلم ) .

و الثاني : أنه قر خالف غير هم من الصاحبة و التابعين .

والثالث : أن نص الآية يبطل احتجاجهم بها ؛ لأن فيها : ( وَ مِنَ النَاسِ مَن يَشُتَرِي لَهُوَ الُحَدِيثِ لِيضِلَّ عَن سَبِيلَ اللَهِ بِغَيُرِ عِلُمِ وَ يَتَّخِذَهَا هزوًا ) ، و هذه صفة من فعلها كان كافراً بلا خلاف ، إذا اتخذ سبيل الله هزواً .



قال : « و لو أن امرءاً اشترى مصحفاً ليضل به عن سبيل الله ، و يتخذه هزواً ، لكان كافراً ! فهذا هو الذي ذم الله تعالى ، و ما ذم قط – عز و جل – من اشترى لهو الحديث ليتلهى به ويروح نفسه ، لا ليضل عن سبيل الله تعالى . فبطل تعلقهم بفول هؤلاء ، و كذلك من اشتغل عامداً عن الصلاة بقراءة القرآن ،أو بقراءة السنن ، أو بحديث يتحدث به ، أو بغناء ، أو بغير ذلك ، فهو فساق عاص لله تعالى ، و من لم يضيع شيئاً من الفرائض اشتغالاً بما ذكرنا فهو محسن » (المحلى لابن حزم : 9/60 ) .



(ب) و استلوا بقوله تعالى في مدح المؤمنين : ( وَ إِذَا سَمِعواُ اللّغُوَ أَعُرَضواُ عَنُه ) القصص(55) ، و الغناء من اللغو فوجب الإعراض عنه .



و يجاب بأن الظاهر من الآية أن اللغو : سفه القول من السب والشتم و نحو ذلك ، و بقية الآية تنطق بذلك . قال تعالى : ( وَ إِذَا سَمِعوُاُ اللَغُوَ أَعُرَضواُ عَنُه وَقَالواُ لَنا أَعُمَالنَا وَلَكمُ أَعُمَالَكمُ سَلَم عَلَيُكمُ لَا نَبُتَغِي الُجَاهِلِيُنَ ) القصص (55) ، فهي شبيهة بقوله تعالى في وصف عباد الرحمن : ( وَ إِذَا خَاطَبَهم الُجَاهِلونَ قَالواُ سَلَمَا) الفرقان (63)

.

و لو سلمنا أن اللغو في الآية يشمل الغناء لوجدنا الآية تستحب الإعراض عن سماعه تمدحه ،‌و ليس فيها ما يوجب ذلك.

و كلمة «اللغو » ككلمة « الباطل » تعني ما لا فائدة فيه ، و سماع ما لا فائدة فيه ليس محرماً ما لم يضيع حقاً ، أو يشغل عن واجب .

روي عن ابن جريج : أنه كان يرخص في السماع فقيل له : أيؤتى به يوم القيمة في جملة حسناتك أو سيئاتك ؟ فقال : لا في الحسنات و لا في السيئات ؛ لأنه شبيه باللغو ، قال تعالى : (لا يؤَخِذ كم اللَه بِالَلغُو ِفِي أَيُمَانَكمُ ) (البقرة : 225 ، المائدة : 89 .) .



قال الإمام الغزالي : « إذا كان ذكر اسم الله تعالى على الشيء على طريق القسم من غير عقد عليه و لا تصميم ، و المخالفة فيه – مع أنه لا فائدة فيه – لا يؤاخذ به ، فكيف يؤاخذ بالشعر و الرقص » ؟ ! (- إحياء علوم الدين ، كتاب « السماع » ص 1147 – طبعة دار الشعب بمصر).



على أننا نقول : ليس كل غناءٍ لغواً ؛ إنه يأخذ حكمه و فق نية صاحبه ، فالنية الصالحة تحيل اللهو قربة ، و المزح طاعة ، و النية الخبيثة تحبط العمل الذي ظاهره العبادة . باطنه الرياء : « إن الله لا ينظر إلى صوركم و أموالكم ولكن ينظر إلى قلوبكم و أعمالكم » (رواه مسلم من حديث أبي هريرة ، كتاب « البر و الصلة و الآداب » ، باب : تحريم ظلم المسلم) .



و ننقل هنا كلمة جيدة قالها ابن حزم في « المحلى » ردا على الذين يمنعون الغناء قال : « احتجوا فقالوا : من الحق الغناء أم من غير الحق ؟ و لا سبيل إلى قسم ثالث ،‌ و قد قال الله تعالى : ( فَمَا ذَا بَعُدَ الُحَقِ إلا الضَلال ) يونس( 32) ، فجوابنا – و بالله التوفيق - : أن رسول الله ( صلي الله عليه و آل و سلم ) قال : « إنما الأعمال بالنيات و إنما لكل امرىء ما نوى » (متفق عليه من حديث عمر بن الخطاب ، و هو أول حديث في صحيح البخاري . )



فمن نوى باستماع الغناء ، و من نوى به ترويح نفسه ، ليقوى بذلك على طاعة الله عز وجل ، و ينشط نفسه بذلك على البر فهو مطيع محسن ، و فعله هذا من الحق ، ومن لم ينو طالعة و لا معصية فهو لغو معفو عنه ، كخروج الإنسان إلى بستانه ، و قعوده على باب داره متفرجاً و صبغه ثوبه لا زورديّاً أو أخضر أو غير ذلك ، و مد ساقه و قبضها ، و سائر أفعاله » (المحلى : 9/60) .



( ج ) و استدلوا بحديث : « كل لهو يلهو به المؤمن فهو باطل إلا ثلاثة : ملاعبة الرجل أهله ، و تأديبه فرسه ، و رميه عن قوسه » (رواه أصحاب السنن الأربعة ، و فيه اضطراب . قاله الحافظ العراقي في تخريج أحاديث « الإحياء » .) .



و الغناء خارج عن هذه الثلاثة .

و أجاب المجوزون بضعف الحديث ، ولو صح لما كان فيه حجة ، فإن قوله : « فهو باطل » لا يدل على التحريم ، بل يدل على عدم الفائدة . فقد ورد عن أبي الدر داء قوله : « إني لأستجم نفسي بالشيء من الباطل ليكون أقوى لها على الحق » . على أن الحصر في الثلاثة غير مراد ، فإن التلهي بالنظر إلى الحبشة و هم يرقصون في المسجد النبوي خارج عن تلك الأمور الثلاثة ، و قد ثبت في الصحيح ، و لا شك أن التفرج في البساتين و سماع أصوات الطيور ، و أنواع المداعبات مما يلهو به الرحل ، لا يحرم عليه شيء منها ،و إن جاز و صفه بأنه باطل .



( د ) و استدلوا بالحديث الذي رواه البخاري – معلقاً – عن أبي مالك أو أبي عامر الأشعري – شك من الراوي – عن النبي علنه الصلاة و السلام قال : « ليكو نن قوم من أمتي يستحلون الحر (الحر : بكسر الحاء و تخفيف الراء - : أي الفرج ، و المعنى : يستحلون الزنى . و رواية البخاري : الخزّ.)



والحرير والخمر والمعازف». والمعازف: الملاهي ، أو آلات العزف.

و الحديث و إن كان في صحيح البخاري : إلا أنه من « المعلقات » لا من « المسندات المتصلة »‌ و لذلك رده ابن حزم لانقطاع سنده و مع التعليق فقد قالوا : إن سنده و متنه لم يسلما من الاضطراب .



و قد اجتهد الحافظ ابن حجر لوصل الحديث ، ووصله بالفعل من تسع طرق ، و لكنها جميعاً تدور على راوٍ تكلم فيه عدد من الأئمة النقاد ، ألا و هو : هشام ابن عمار (النظر : تغليق التعليق – للحافظ ابن حجر : 5/17 – 22 ، تحقيق سعيد القزقي – طبع المكتب الإسلامي و دار عمار . ) . و هو – و إن كان خطيب دمشق و مقرئها و محدثها وعالمها ، ووثقه ابن معين و العجلي – فقد قال عنه أبو داود : حدث بأربعمائة حديث لا أصل لها .


و قال أبو حاتم : صدوق و قد تغير ، فكان كل ما دفع إليه قرأه ،‌ و كل ما لقنه تلقّن . و كذلك قال ابن سيار .

و قال الإمام أحمد : طياش خفيف .

و قال النسائي : لا بأس به ( و هذا ليس بتوثيق مطلق ) .

و رغم دفاع الحافظ الذهبي عنه قال : صدوق مكثر له ما ينكر (- انظر ترجمته في ميزان الاعتدال ( 4/302 ) ترجمة ( 9234 ) ، و في « تهذيب التهذيب » ( 51/11 – 54 ) . ) .

وأنكروا عليه أنه لم يكن يحدّث إلا بأجر !

و مثل هذا لا يقبل حديثه في مواطن النزاع ، و خصوصاً في أمر عمت به البلوى .

و رغم ما في ثبوته من الكلام ،‌فقي دلالة كلام آخر؛ فكلمة «المعازف » لم يتفق على معناها بالتحديد : ما هو ؟ فقد قيل : الملاهي ،وهذه مجملة ، وقيل : آلات العزف .



ولو سلّمنا بأن معناها : آلات الطرب المعروفة‌ بآلات الموسيقى . فلفظ الحديث المعلّق في البخاري غير صحيح في إفادة حرمة « المعازف » لأن عبارة « يستحلون » - كما ذكر ابن العربي – لها معنيان : أحدهما : يعتقدون أن ذلك حلال ، والثاني : أن تكون مجازاً عن الاسترسال في استعمال تلك الأمور ؛ إذ لو كان المقصود بالاستحلال : المعني الحقيقي ، لكان كفراً ، فإن استحلال الحرام المقطوع به – مثل الخمر والزنى المعبر عنه ب « الحر » كفر بالإجمال .



و لو سلمنا بدلالتها على الحرمة ، فهل يستفاد منها تحريم المجموع المذكور من الحر و الحرير و الخمر و المعازف ، أو كل فرد منها على حدة ؟ و الأول هو الراجح . فإن الحديث في الواقع ينعى على أخلاق طائفة من الناس : انغمسوا في الترف و الليالي الحمراء ، و شرب الخمور . فهم بين خمر نساء ، و لهو و غناء ، و خزّ و حرير . و لذا روي ابن ماجه هذا الحديث عن أبي مالك الأشعري بالفظ : « ليشربن أناس من أمتي الخمر يسمونها بغير اسمها ، يعزف على رؤوسهم بالمعازف و المعنيات ، يخسف الله بهم الأرض و يجعل منهم القردة و الخنازير » ،‌ و كذلك رواه ابن حبان في صحيحه ، و البخاري في تاريخه .



و كل من روي الحديث من طريق غير هشام ابن عمار ، جعل الوعيد على شرب الخمر ، و ما المعازف إلا مكملة و تابعة .



( هـ ) و استدلوا بحديث عائشة : « إن الله تعالى حرم القينة ( أي الجارية 9 و بيعها و ثمنها ‌و تعليمها » .

و الجواب عن ذلك :



أولاً : أن الحديث ضعيف ، و كل ما جاء في تحريم بيع القيان ضعيف (انظر : تضعيف ابن حزم لهذه الأحاديث و تعليقه عليها في « المحلى » : 9/56 – 59 .) .



ثانياً : قال الغزالي : « المراد بالقينة الجارية التي تغني للدجال في مجلس الشرب ، و غناء‌ الأجنبية للفسّاق و من يخاف عليهم الفتنة حرام ،‌ و هم لا يقصدون بالفتنة إلا ما محذور . فأما غناء الجارية لمالكها ، فلا يفهم تحريمه من هذا الحديث . بل لغير مالكها سماعها عند عدم الفتنة ، بدليل ما روي في الصحيحين من غناء الجاريتين في بيت عائشة رضي الله تعالى عنها (الإحياء ص 1148 .)



ثالثاً : كان هؤلاء‌ القيان المغنيات يكون عنصراً هاماً من نظام الرقيق ، الذي جاء الإسلام بتصفيته تدريجياً ، فلم يكن يتفق و هذه الحكومة : إقرار بقاء هذه الطبقة في المجتمع الإسلامي ، فإذا جاء حديث بالنعي على امتلاك « القينة » ، و بيعها ،‌ و المنع منه ، فذلك لهدم ركن من بناء « نظام الرق » العتيد .



( و ) و استدلوا بما روي نافع : أن ابن عمر سمع صوت زمارة‌ راع أصبعيه في أذنية ،‌و عدل راحلته عن الطريق ، و هو يقول : يا نافع أستمع ؟ فأقول : نعم ، فيمضي ، حتى قلت : لا . فرفع يده و عدل راحلته إلى الطريق ،‌ و قال : « رأيت رسول الله ( صلى الله عليه و آل و سلم ) يسمع زمارة راع فصنع مثل هذا » .



و الحديث قال عنه أبو داود : حديث منكر .

و لو صح لكان حجة على المحرمين لا لهم ، فلو كان سماع المزمار حراماً ما أباح النبي ( صلي الله عليه و آل و سلم ) لا بن عمر سماعه ، و لو كان عند ابن عمر حراماً ما أباح لنافع سماعه ، و لأمر عليه السلام بمنع و تغيير هذا المنكر ، فإقرار النبي ( صلي الله عليه و آل و سلم ) لا بن الحلال .



و إنما تجنب – عليه السلام – سماعه كتجنبه أكثر المباح من أمور الدنيا ، كتجنبه الأكل متكئاً ،‌ و أن يبيت عنده دينار أو درهم . . . إلخ .



( ز ) واستدلوا أيضاً بما روي : « إن الغناء ينبت النفاق في القلب » ولم يثبت هذا حديثاً عن نبي ( صلى الله عليه وآل و سلم ) و إنما ثبت قولاً لبعض الصحابة أو التابعين ، فهو رأي لغير معصوم خالفه فيه غيره . فمن الناس من قال – وبخاصة الصوفية - : إن الغناء يرقق القلب ، ويبعث الحزن والندم علي المعصية ،‌ و يهيج الشوق إلى الله تعالى ، و لهذا اتخذوه وسيلة‌ لتجديد نفوسهم ، و تنشيط عزائمهم ، و إثارة أشوقهم . قالوا : و هذا أمر لا يعرف إلا بالذوق و التجربة و الممارسة ، و من ذاق عرف ، و ليس الخبر كالعيان !

على أن الإمام الغزالي جعل حكم هذه الكلمة بالنسبة للمغني لا للسامع ، إذ كان غرض المغني أن يعرض نفسه على غيره ، و يروج صوته عليه ، و لا يزال ينافق ويتودد إلى الناس ليرغبوا في غنائه . و مع هذا قال الغزالي : « و ذلك لا يوجب تحريماً ، فإن لبس الثياب الجميلة ، و ركوب الخيل المهملجة ، و سائر أنواع الزينة ، و لا يطلق القول بتحريم ذلك كله ، فليس السبب في ظهور النفاق في القلب : المعاصي ، بل إن المباحات ، التي هي مواقع نظر الخلق ، أكثر تأثيراً » (الإحياء : كتاب « السماع » ص 1151 . )‌ .



( ح ) و استدلوا على تحريم غناء المرأة خاصة‌ ،‌ بما شاع عند بعض الناس من أن صوت المرأة عورة ،‌ و قد كان النساء يسألن رسول الله ( صلي الله عليه و آل و سلم ) في ملاٍ من أصحابه ، و كان الصحابة يذهبون إلى أمهات المؤمنين و يستفتونهن و يفتينهم ويحدثنهم ،‌و لم يقل أحد : إن هذا من عائشة أو غيرها كشف لعورة‌ يجب أن تستر . مع أن نساء النبي عليهن من التغليظ ما ليس على غير هن.



وقال تعالى : ( وًقلُنَ قَوُلاَ‌ مَّعُروفَاَ) الأحزاب (‌32 ) .

فإن قالوا : هذا في الحديث العادي لا في الغناء ‌، قلنا : روي في الصحيحين أن النبي ( صلى الله عليه و آل و سلم ) سمع غناء الجاريتين و لم ينكر عليهما ، و قال لأبي بكر : « دعهما » ، و قد سمع ابن جعفر و غيره من الصحابة و التابعين الجواري يغنين .



( ط ) و استدلوا بحديث الترمذي عن علًّى مرفوعاً : « إذا فعلت أمتي خمس عشرة‌ خصلة ، حلّ تها البلاء . . . » ، وذكر منها : « واتخذت القينات و المعازف » ، و الحديث متفق على ضعفه ،‌فلا حجة فيه .



و الخلاصة

أن النصوص التي استدل بها القائلون بالتحريم إما صحيح غير صريح ، أو صريح غير صحيح . و لم يسلم حديث واحد مرفوع إلى رسول الله ( صلي الله عليه وآل وسلم ) يصلح دليلاً للتحريم ، و كل أحاديثهم ضعفها جماعة من الظاهرية و المالكية و الحنابلة و الشافعية .



قال القاضي أبو بكر بن العربي في كتاب « الأحكام » : لم يصح في التحريم شيء .

و كذا قال الغزالي و ابن النحوي في العمدة .

و قال ابن طاهر في كتابه في « السماع » : لم يصح منها حرف واحد .

و قال ابن حزم : « و لا يصح في هذا الباب شيء ، و كل ما فيه فموضوع . و والله لو أسند جمعية ، أو واحد منه فأكثر ، من طريق الثقات إلى رسول الله ( صلي الله عليه و آل و سلم ) ،‌ لما ترددنا في الأخذ به » (انظر « المحلى » : 9/59 .) .

تلك هي أدلة المحرمين ، قد سقطت واحداً بعد الآخر ،‌ و لم يقف دليل منها على قدميه . و إذا انتفت أدلة التحريم بقي حكم الغناء على أصل الإباحة بلا شك ، و لو لم يكن معنا نص أو دليل واحد على ذلك غير سوط أدلة التحريم . فكيف و معنا نصوص الإسلام الصحيحة الصريحة ، وروحه السمحة ، و قواعده العامة ، و مبادئه الكلية ؟

وهاك بيانها :

أولاً: من حيث النصوص

استدلوا بعدد من الأحاديث الصحيحة ، منها : حديث غناء الجاريتين في ليت النبي ( صلي الله عله و آل و سلم ) عند عائشة ، وانتهار أبي بكر لهما ،‌ و قوله : مزمور الشيطاني في ليت النبي ( صلي الله عليه و آل وسلم ) ، و هذا يدل على أنهما لم تكونا صغيرتين كما زعم بعضهم ، فلو صح ذلك لم تستحقا غضب أبي بكر إلى هذا الحد .



و المعول عليه هنا هو رد النبي ( صلي الله عليه و آل و سلم ) على أبي بكر ربضي الله عنه و تعليله : أنه يريد أن يعلم اليهود أن في ديننا فسحة ، و إنه بعث بحنيفية سمحة . و هو يدل على وجوب رعاية تحسين صورة الإسلام لدى الآخرين ، و إظهار جانب اليسر و السماحة فيه .



و قد روي البخاري و أحمر عن عائشة ذات قرابة لها من الأنصار ، فجاء رسول الله ( صلى الله عليه و آل و سلم ) فقال : « أهديتم الفتاة » ؟ قالوا : نعم . قال : « أرسلتم معها من يغني » ؟ قالت : لا . فقال رسول الله ( صلى الله عليه و آل و سلم ) « إن الأنصار قوم فيهم غزل ، فلو بعثتم معها من يقول : أتيناكم أتيناكم . . فحيانا و حياكم » ؟



و هذا الحديث يدل على رعاية أعراف الأقوام المختلفة‌ ، و اتجاههم المزجي ، ولا يحكم المرء مزاجه هو في حياة‌ كل الناس .



و روي النسائي و الحاكم و صححه عن عامر بن سعد قال : دخلت على قرظة بن كعب و أبي مسعود الأنصاري في عرس ،‌ و إذا جوار يغنين . فقلت : أي صاحبي رسول الله أهل بدر يفعل هذا عندكم ؟ ! فقالا :اجلس إن شئت فاستمع معنا ، وإن شئت فاذهب ، فإنه قد رخص لنا اللّهو عند العرس .



و روي ابن حزم بسنده عن ابن سيرين : أن رجلاً قدم المدينة بجوارٍ فأتى عبد الله بن جعفر فعرضهن عليه ،‌فأمر جارية منهن فغنّت ، و ابن عمر يسمع ، فاشتراها ابن جعفر بعد مساومة ، ثم جاء الرجل إلى ابن عمر فقال : ني أبا عبد الرحمن ؛ غبنت بسبعمائة درهم ! فأتى ابن عمر إلى عبد الله بي جعفر فقال له : إنه غبن بسبعمائة درهم ،‌فإما أن تعطيها إياه ،‌ و إما أن ترد عليه بيعه ، فقال : بل نعطيه إياها . قال ابن حزم : « فهذا ابن عمر قد سمع الغناء و سعي في بيع المغنية ، و هذا إسناد صحيح ، لا تلك الملفقات الموضوعية » (انظر المحلى : 9/63 ) .



و استدلوا بقوله تعالى : ( وَ إِذَا رَأَوُاُ تَجِارَةً أَوُ لَهُوًا انفَضّواُ إِلَيُهَا وَتَرَكوكَ قَآئمَاَ قلُ مَا عِنُدَ الّلَه خَيُر مِّنَ اللَهُوِ وَمِنُ التِجَارَة وَ الّلَه خَير الرَازِقِين) الجمعة( 11 ).



فقرن اللهو بالتجارة – و هي حلال بيقين - ،‌ و لم يذمهما إلا من حيث شغل الصحابة بهما – بمناسبة قدوم القافلة‌ و ضرب الدفوف فرحاً بها – عن خطبة النبي ( صلي الله عليه و آل و سلم ) ، و تركه قاماً .



و استدلوا بما جاء عن عدد من الصحابة رضي الله عنهم : أنهم باشروا السماع بالفعل أو أقروه . وهم القوم يقتدي بهم فيهتدي .



و استدلوا بما نقله غير واحد من الإجماع على إباحة السماع ، كما سنذكره بعد .



ثانيا:ً من حيث روح الإسلام و قواعده

( أ ) لا شيء في الغناء إلا أنه من طيبات الدنيا التي تستلذها الأنفس، و تستطيبها العقول، و تستحسنها الفطر،‌ و تشتهيها الأسماع،‌ فهو لذة المعدة . و المنظر الجميل لذة‌ العين، و الرائحة‌ الذكية لذة الشم . . إلخ،‌ فهل الطيبات - أي المستلذات - حرام في الإسلام حلال ؟



من المعروف أن الله تعالى كان قد حرم على بني إسرائيل بعض طيبات الدنيا عقوبة لهم على سوء ما صنعوا ، كما قال تعالى : ( فَبِظلُمِ مِنَ الَذِينَ هَادواُ حَرَّمُنَا عَلَيُهِمُ طَيِبَاتٍ أحِلَّتُ‌ لَهمُ وَ بِصَدِهِمُ عَن سَبِيل اللَه كَثِيرَاَ ( 160 ) وَ أَخُذِهِم الّرِبَواُ وَ قَدُ نهواُ عَنُه وَأَكُلِهِمُ أَمُوَالَ النَاسِ بِالُبَاطِلِ ) النساء(60-61) ، فلما بعث الله محمداً ( صلي الله عليه و آل و سلم ) جعل عنوان رسالة‌ في كتب الأولين أنه : ( يَأُمرهم بِالُمَعُروفِ وَيَنُهَهمُ عَنِ الُمنكَرَ وَ يحِلّ لَهم الُطَيِبَاتِ وَ يحَرِم عَلَيُهِم الُخَبَثَ وَيَضَع عَنُهمُ إِصُرَهمُ وَالأغُلالَ الَتِي كَانَتُ عَلَيُهِمُ ) الأعراف (157)

.

فلم يبق في الإسلام شيء طيب – أي تستطيبه الأنفس و العقول السليمة – إلا أحله الله ، رحمة‌ بهذه الأمة لعموم رسالتها و خلودها . قال تعالى : ( يَسُئَلونَكَ مَاذَآ أحِلَّ لَهمُ قلُ أحِلَ لَكم الطَيِبَات )المائدة (4) .



و لم يبح الله لواحد من الناس أن يحرم على نفسه أو على غيره شيئاً من الطيبات مما رزق الله ، مهما يكن صلاح نيته أو ابتغاء‌ وجه الله فيه ، فإن التحليل و التحريم من حق الله وحده . و ليس من شأن عباده ، قال تعالى : ( قلُ أَرَءَ يُتمُ مَّآ أَنزَلَ اللَه لَكم مِن رِزُقِ فَجَعَلُتمُ مِنُه حَرَمَا وَحَلَالَاَ قلُ ءَآلّلَه أَذُنَ لَكمُ أَمُ عَلَى الّلَه تَفُترونَ) يونس (59 ) ، و جعل سبحانه تحريم ما أحله من الطيبات كإحلال ما حرم من المنكرات ، كلا هما يجلب سخط الله و عذابه ، ويردي صاحبه في هاوية الخسران المبين ،‌و الضلال البعيد ، قال جل شأنه ينعي على من فعل ذلك من أهل الجاهلية‌ : ( قَدُ خَسِرَ الَذِيُنَ قَتِلواُ أَولَادَهمُ سَفَهَا بِغَيُرِ عِلُمِ وَ حَرَمواُ مَا رَزَقُهمُ الّلَه افُتِرَآءً عَلَى الله قَدُ ضَلّواُ وَمَا كَانواُ مهُتَدِيُنَ) الأنعام ( 140 ) .



( ب ) و لو تأملنا لوجدنا حب الغناء و الطرب للصوت الحسن يكاد يكون غريزة إنسانية و فطرة بشرية ، حتى إننا لنشاهد الصبي الرضيع في مهده يسكته الصوت الطيب عن بكائه ، و تنصرف نفسه عما يبكيه إلى الإصغاء إليه . و لذا تعودت الأمهات و المرضعات و المربيات الغناء للأطفال منذ زمن قديم . بل نقول : إن الطيور و البهائم تتأثر بحسن الصوت و النغمات الموزونة حتى قال الغزالي في « الإحياء » : «‌ من لم يحركه السماع فهو ناقص مائل عن الاعتدال ، بعيد عن الروحانية / زائد في غلظ الطبع و كثافته على الجمال و الطيور و جميع البهائم ، إذ الجمل – مع بلادة طبعه – يتأثر بالحداء تأثر يستخف معه الأحمال الثقيلة و يستقصر – لقوة نشاطه في سماعه – المسافات الطويلة ، و ينبعث فيه من النشاط ما يسكره و يولهه . فترى الإبل إذا سمعت الحادي تمد أعناقها ، و تصغي إليه ناصبة آذانها ،‌ و تسرع في سيرها ،‌ حتى تتزعزع عليها أحمالها و محاملها » .



و إذ كان حب الغناء غريزة و فطرة فهل جاء‌ الدين لمحاربة‌ الغرائز و الفطر و التنكيل بها ؟ كلا ، إنما جاء لتهذيبها و السمو بها ، و توجيهها التوجيه القويم . قال الإمام ابن تيمية رحمه الله : إن الأنبياء قد بعثوا بتكميل الفطرة و تقريرها لا بتبديلها و تغييرها .



و مصداق ذلك أن رسول الله ( صلي الله عليه و آل و سلم ) قدم المدينة و لهم يومان يلعبون فيهما ، فقال : « ما هذان اليمان » ؟ قالوا : كنا نلعب فيهما في الجاهلية . فقال عليه السلام : « إن الله قد أبدلكم بهما خيراً منهما : يوم الأضحى و يوم الفطر » (رواه أحمد و أبو داد و النسائي . ) .

و قالت عائشة : «‌ لقد رأيت النبي يسترني بردائه ،‌و أنا أنظر إلى الحبشة‌ يلعبون في المسجد ، حتى أكون أنا التي أسأمه - أي اللعب -فاقدروا قدر الجارية‌ الحديثة‌ السن الحريصة‌ على اللهو » .



و إذ كان الغناء لهواً و لعباً فليس اللهو و العب حراماً ، فالإنسان لا صبر له على الجد المطلق و الصرامة الدائمة .

قال النبي ( صلي الله عليه و آل و سلم ) لحنظلة – حين ظن نفسه قد نافق لمداعبته زوجه وولده ،‌و تغير حاله في بيته عن حاله مع رسول الله ( صلي الله عليه و آل و سلم ) :‌ « يا حنظلة ؛‌ ساعة و ساعة » ( رواه مسلم ) .

و قال علي بن أبي طالب : روحوا القلوب ساعة بعد ساعة ،‌فإن القلوب إذا أكرهت عميت .

و قال كرم الله وجهه : إن القلوب تمل كما تمل الأبدان ، فابتغوا لها طرائف الحكمة .

و قال أبو الدرداء : إني لأستجم نفسي بالشي ء‌ من اللهو ليكون أقوى لها على الحق .



و قد أجاب الإمام الغزالي عمن قال :‌إن الغناء لهو ولعب بهوه :‌هو كذلك ، و لكن الدنيا كلها لهو و لعب . . و جميع المداعبة‌ مع النساء‌ لهو ، إلا الحراثة التي هي سبب وجود الولد ،‌كذلك المزح الذي لا فحش فيه حلال ،‌ نقل ذلك عن رسول الله ( صلى الله عليه و آل و سلم ) و عن الصحابة‌ .



و أي لهو يزيد على لهو الحبشة و الزنوج في بعبهم ،‌ فقد ثبت بالنص إباحته . على أني أقول : اللهو مروح القلب ، و مخفف عنه أعباء الفكر ، و القلوب إذا أكرهت عميت ،‌ و ترويحها إعانة لها على الجد ، فالمواظب على التفقه مثلاً ينبغي أن يتعطل يوم الجمعة‌ ؛‌ لأن عطلة يوم تساعد على النشاط في سائر الأيام ، و المواظب على نوافل الصلوات في سائر الأوقات ينبغي أن يتعطل في بعض الأوقات ،‌فالعطلة معونة‌ على العمل ، و اللهو معين على الجد ،‌ولا يصبر على الجد المحض ،‌ و الحق المر ،‌إلا نفوس الأنبياء‌ عليهم السلام .



فاللهو دواء القلب من داء الإعياء و الملال ‌،فينبغي أن يكون مباحاً ،‌ و لكن لا ينبغي أن يستكثر منه ،‌كما لا يستكثر من الدواء‌ ، فإذن اللهو على هذه النية يصير قربة‌،‌هذا في حق من لا يحرك السماع من قلبه صفة محمودة يطلب تحريكها ،‌بل ليس له إلا اللذة و الاستراحة المحضة ، فينبغي أن يستحب له ذلك ،‌ليتوصل به إلى المقصود الذي ذكرناه . نعم هذا يدل على نقصان عن ذروة الكمال هو الذي لا يحتاج أن يروح نفسه بغير الحق ، و لكن حسنات الأبرار سيئات المقربين ،‌و من أحاط بعلم علاج القلوب ، ووجوه التلطف بها ،‌ و سياقتها إلى الحق ،‌علم قطعاً أن ترويحها بأمثال هذه الأمور دواء نافع لا غنى عنه » (الإحياء ص 1152 ، 1153 .) . . انتهي كلام الغزالي ،‌ و هو كلام نفيس يعبر عن روح الإسلام الحق .



القائلون بإجازة الغناء‌

تلك هي الأدلة المبيحة للغناء‌ من نصوص الإسلام و قواعده ‌،‌ فيها الكفاية‌ كل الكفاية و لو لم يقل بموجبها قائل ،‌ و لم يذهب إلى ذلك فقيه ،‌ فكيف و قد قال بموجبها الكثيرون من صحابة‌ و تابعين و أتباع و فقهاء‌ ؟‌



و حسبنا أن أهل المدينة‌ - على ورعهم – و الظاهرية – على حرفيتهم و تمسكهم بظواهر النصوص – و الصوفية – على تشددهم و أخذهم بالعزائم دون الرخص – روي عنهم إباحة الغناء .



قال الإمام الشوكاني في « نيل الأوطار » : « ذهب أهل المدينة و من وافقهم من علماء‌ الظاهر ،‌ و جماعة الصوفية‌ ، إلى الترخيص في الغناء‌ ، و لو مع العود و البراع .



و حكى الأستاذ أبو منصور البغدادي الشافعي في مؤلفه في السماع : أن عبد الله بن جعفر كان لا يرى بالغناء بأساً ، ويصوغ الألحان لجواريه ، ويسمعها منهن على أوتاره . و كان ذلك في زمن أمير المؤمنين على رضي الله عنه .

و حكى الأستاذ المذكور مثل ذلك أيضاً عن القاضي شريح ،‌وسعيد بن المسيب ، وعطاء بن أبي رباح ، و الزهري ، و الشعبي . و قال إمام الحرمين في النهاية ،‌ و ابن أبي الدنيا : نقل الأثبات من المؤرخين : أن عبد الله بن الزبير كان له جوار عوادات ،‌ و أن ابن عمر دخل عليه و إلى جنبه عود ، فقال : ما هذا يا صاحب رسول الله ؟ ! فناوله إياه ،‌ فتأمله ابن عمر فقال : هذا ميزان شامي ؟ قال لبن الزبير : يوزن به العقول !



و روي الحافظ أبو محمد بن حزم في رسالة في السماع بسنده إلى ابن سيرين قال : « إن رجلاً قدم المدينة بجوار فنزل على ابن عمر ،‌ و فيهن جارية تضرب . فجاء رجل فساومه ، فلم يهو فيهن شيئاً ،‌ قال : انطلق إلى رجل هو أمثل لك بيعاً من هذا . قال : من هو ؟‌ قال : عبد الله بن جعفر . . فعرضهن عليه ، فأمر جارية منهن ،‌ فقال لها : خذي العود ،‌فأخذته ،‌ فغنت ، فبايعه ثم جاء إلى ابن عمر . . . إلى آخر القصة .



و روي صاحب «العقد» العلامة الأديب أبو عمر الأندلسي : أن عبد الله بن عمر دخل على ابن جعفر فوجد عنده جارية في حجرها عود ‌، ثم قال لا بن عمر : هل ترى بذلك بأساً ؟ قال : لا بأس بهذا .

و حكى الماوردي عن معاوية و عمرو بن العاص : أنهما سمعا العود عند ابن جعفر .

و روي أبو الفرج الأصبهاني : أن حسان بن ثابت سمع من عزة الميلاء الغناء بالمزهر بشعر من شعره .

و ذكر أبو العباس المبرد نحو ذلك . و المزهر عند أهل اللغة ) العود .



و ذكر الأدفوي : أن عمر بن عبد العزيز كان يسمع جواريه قبل الخلافة‌ . و نقل ابن السمعاني الترخيص عن طاوس ، و نقله ابن قتيبة و صاحب « الإمتاع »‌ عن قاضي المدينة سعد بن إبراهيم ابن عبد الرحمن الزهري من التابعين . و نقله أبو يعلى الخليلي في « الإرشاد » عن عبد العزيز بن سلمة الماجشون مفتي المدينة .



و حكى الروياني عن القفال :‌ أن مذهب مالك بن أنس أباحة الغناء بالمعازف ، و حكى الأستاذ أبو منصور الفوراني عن مالك جواز العود ،‌ و ذكر أبو طالب المكي في « قوت القلوب » عن شعبة‌ : أنه سمع طنبوراً في بيت المنهال بن عمرو المحدث المشهور .



و حكى أبو الفضل بن طاهر في مؤلفة في « السماع » : أنه لا خلاف بين أهل المدينة‌ في إباحة العود .

قال ابن النحوي في « العمدة » : و قال ابن طاهر : هو إجماع أهل المدينة‌ . قال ابن طاهر : و إليه ذهبت الظاهرية قاطبة‌ . قال الأدفوي : لم يختلف النقلة في نسبتة الضرب إلي إبراهيم بن سعد المتقدم الذكر ، وهو ممن أخرج له الجماعة كلهم ( يعني بالجماعة : أصحاب الكتب الستة ، من الصحيحين و السنن ) .



و حكي الماوردي إباحة العود عن بعض الشافعية ، وحكاه أبو الفضل بن طاهر عن ابن اسحاق الشيرازي ، وحكاه الأسنوي في «المهمات » عن الروياني و الماوردي ، ورواه ابن النحوي عن الأستاذ أبي منصور ، وحكاه ابن الملقن في «العمدة » عن ابن طاهر ، وحكاه الأدفوي عن الشيخ عز الذين بن عبد السلام ، وحكاه صاحب «الإمتاع » عن أبي بكر بن العربي ، و جزم بالإباحة الأدفوي .

هؤلاء‌ جميعاً قالوا بتحليل السماع ،‌ مع آلة من الآلات المعروفة‌ - أي آلات الموسيقي .



و أما مجرد الغناء‌ من غير آلة ، فقال الأدفوي في « الإمتاع »‌: إن الغزالي في بعض تآليفه الفقهية نقل الاتفاق على حله ، و نقل ابن طاهر إجماع الصحابة و التابعين عليه ، و نقل التاج الفزاري و ابن قتيبة إجماع أهل المدينة عليه ، و قال المارودي : م يزل أهل الحجاز يرخصون فيه في أفضل أيام السنة‌ المأمور فيها بالعبادة و الذكر .



قال ابن النحوي في «‌ العمدة » :‌ و قد روي الغناء و سماعه عن جماعة‌ من الصحابة و التابعين ، فمن الصاحبة عمر – كما رواه ابن عبد البر و غيره ، و عثمان – كما نقله الماوردي و صاحب البيان و الرافعي ،‌ و عبد الرحمن بن عوف – كما رواه ابن أبي شيبة‌ ، و أبو عبيدة بن الجراح – كما أخرجه ابن قتيبة ، و أبو مسعود الأنصاري – كما أخرجه البيهقي ،‌و بلال ، و عبد الله بن الأرقم ، و أسامة بن زيد – كما أخرجه البيهقي أيضاً ،‌و حمزة‌ - كما في الصحيح ، و ابن عمر – كما أخرجه ابن طاهر ، و البراء بن مالك – كما أخرجه أبو نعيم ، و عبد الله بن جعفر – كما رواه ابن عبد البر ، و عبد الله بن الزبير – كما نقل أبو طالب المكي ،‌و حسان – كما رواه أبو الفرج الأصبهاني ، و عبد الله بن عمرو – كما رواه الزبير بن بكار . و قرظة بن كعب – كما رواه ابن قتيبة ،‌ و خوات بن جبير ، و رباح بن المعترف – كما أخرجه صاحب الأغاني و المغيرة بن شعبة‌ - كما حكاه الماوردي ،‌عائشة و الربيع – كما في صحيح البخاري و غيره .



و أما التابعون فسعير بن المسيب ،‌ و سالم بن عبد الله بن عمر ، و ابن حسان ،‌و خارجة بن زيد ، و شريح القاضي ، و سعيد بن جبير ، و عامر الشعبي ، و عبد الله ابن أبي عتيق ، و عطاء بن أبي رباح ، و محمد بن شهاب الزهري ، و عمر بن عبد العزيز ، و سعد بن إبراهيم الزهري .



و أما تابعوهم ، فخلق لا يحصون ،‌ منهم : الأئمة الأربعة ، و ابن عيينة ،‌ و جمهور الشافعية » . انتهي كلام ابن النحوي . هذا كله ذكره الشوكاني في « نيل الأوطار » (نيل الأوطار : 8/264 – 266 – طبع دار الجيل – بيروت . ) .

قيود و شروط لابد من مراعاتها

و لا ننسى أن نضيف إلى هذا الحكم : قيوداً لا بد من مراعاتها في سماع الغناء :

1- نؤكد : ما أشرنا إليه أنه ليس كل غناء مباحاً ،‌ فلا بد أن يكون موضوعة متفقاً مع أدب الإسلام و تعاليمه .



فلا يجوز التغني بقول أبي نواس :

دع عنك لومي ، فإن اللوم إغراء
و داوني بالتي كانت هي الداء !




ولا بقول شوقي :‌

رمضان ولي هاتها يا ساقي
مشتاقة تسعى إلى مشتاق




و أخطرها منها : قول إيليا أبي ماضي في قصيدته « الطلاسم » :

جئت لا أعلم من أين ، و لكنى أتيت !

و لقد أبصرت قدامي طريقاً فمشيت !

كيف جئت ؟ كيف أبصرت طريقي ؟ لست أدري !

لأنها تشكيك في أصول الأيمان : المبدأ ،‌ و المعاد ،‌و النبوة . و مثلها : ما عبر عنه بالعامية‌ في أغنية « من غير ليه » و ليست أكثر من ترجمة من شك أبي ماضي إلى العامية ، ليصبح تأثيرا أوسع دائرة .



و مثل ذلك الأغنية التي تقول : « الدنيا سيجارة و كاس » . فكل هذه مخالفة لتعاليم الإسلام الذي يجعل الخمر رجساً من عمل الشيطان ، ويلعن شارب « الكأس » و عاصرها و بائعها وحملها و كل من أعان فيها بعمل . و التدخين أيضاً آفة ليس وراءها إلا ضرر الجسم و النفس و المال .



و الأغاني التي تمدح الظلمة و الطغاة و الفسقة من الحكام الذين ابتليت بهم أمتنا ، مخالفة لتعاليم الإسلام ،‌ الذي يلعن الظالمين ، و كل من يعينهم ، بل من يسكت عليهم ،‌ فكيف بمن يمجدهم ؟!



و الأغنية التي تمجد صاحب العيون الجريئة – أو صاحبة العيون الجريئة – أغنية تخالف أدب الإسلام الذي ينادي كتابه : ( قل لِلُمؤمِنينَ يَقُضواُ مِنُ أَبُصَارِهِمُ . . . . ) النور(30) ، ( وَقل لِلُمؤُمِنَاتِ يَغُضضُنَ مِنُ أَبُصَارِهِنَ ) النور(31)، و يقول ( صلي الله عليه و آل و سلم ) : « يا علي ؛ لا تتبع النظرة النظرة ، فإن لك الأولى وليست لك الآخرة » .



2 – ثم إن طريقة الأداء لها أهميتها ، فقد يكون الموضوع لا بأس به و لا غبار عليه ، و لكن طريقة المغني أو المغنية في أدائه بالتكسر في القول ، و تعمر الإثارة ، و القصد إلى إيقاظ الغرائز الهاجعة ، و إغراء‌ القلوب المرضية – ينقل الأغنية من دائرة الإباحة إلى دائرة الحرمة أو الشبهة أو الكراهة من مثل ما يذاع على الناس و يطلبه المستمعون و المستمعات من الأغاني التي تلح على جانب واحد ، هو جانب الغريزة الجنسية و ما يتصل بها من الحب والغرام ، و إشعالها بكل أساليب الإثارة و التهيج ، و خصوصاً لدى الشباب و الشابات .



إن القرآن يخاطب نساء النبي ( صلي الله عليه و آل و سلم ) فيقول : ( فَلا تَخُضَعُنَ بِالُقَوُلِ فَيَطُمَعَ الَذِي فِي قَلُبِهِ مَرَض ) الأحزاب(32) . فكيف إذا كان مع الخصوص في القول الوزن و النغم و التطريب و التأثير .



3- و من ناحية ثالثة يجب ألا يقترن الغناء بشيء محرم ، كشرب الخمر أو التبرج أو الاختلاط الماجن بين الرجال و النساء ، بلا قيود ولا حدود، و هذا هو المألوف في مجالس الغناء‌و الطرب من قديم . و هي الصورة الماثلة في الأذهان عندما يذكر الغناء ، و بخاصة غناء الجواري و النساء .



و هذا ما يدل عليه الحديث الذي رواه ابن ماجه و غيره : « ليشربن ناس من أمتي الخمر ، يسمونها بغير اسمها يعزف على رؤوسهم بالمعازف و المغنيات ، يخسف الله بهم الأرض و يجعل منهم القردة و الخنازير » .



و أود أن أنبه هنا على قضية مهمة ،‌ و هي : أن الاستماع إلى الغناء‌ في الأزمنة الماضية كان يقتضي حضور مجلس الغناء ، و مخالطة المغنيين و المغنيات و حواشيهم ، و قلما كانت تسلم هذه المجالس من أشياء ينكرها الشرع ، ويكرها الدين .



أما اليوم فيستطيع المرء أن يستمع إلى الأغاني و هو بعيد عن أهلها و مجالسها ،‌ و هذا لا ريب عنصر مخفف في القضية ،‌ ويميل بها إلى جانب الإذن و التيسير .



4- الغناء – ككل المباحات – يجب أن يقيد بعدم الإسراف فيه ، و بخاصة الغناء العاطفة ليست حباً فقط ، و الحب لا يختص بالمراء وحرها ، و المرأة ليست جسداً و شهوة لا غير ، لهذا يجب أن نقلل من هذا السيل الغامر من الأغاني العاطفية الغرامية ، و أن يكون لدينا من أغانينا و برامجنا و حياتنا كلها توزيع عادل ، و موازنة مقسطة بين الدين و الدنيا ، و في الدنيا بين حق الفرد و حقوق المجتمع ، و في الفرد بين عقله و عاطفته ،‌ و في مجال العاطفة بين العواطف الإنسانية كلها من حب و كره و غيره و حماسة و أبوة و أمومة و بنوة و أخوة و صداقة . . . الخ ، فلكل عاطفة حقها .



أما الغلو و الإسراف و المبالغة‌ في إبراز عاطفة خاصة ، فذلك على حساب العواطف الأخرى ، و على حساب عقل الفرد و روحه و إرادته ، و على حساب المجتمع و خصائصه و مقوماته ،‌ و على حساب الدين و مثله و توجيهاته .



إن الدين حرم الغلو و الإسراف في كل شيء حتى في العبادة ، فما بالك بالإسراف في اللهو ،‌ و شغل الوقت به و لو كان مباحاً ؟!



إن هذا دليل على فراغ العقل و القلب من الواجبات الكبيرة ، و الأهداف العظيمة و دليل على إهدار حقوق كثيرة كان يجب أن تأخذ حظها من وقت الإنسان المحدود و عمره القصير ، و ما أصدق و أعمق ما قال ابن المقفع : « ما رأيت إسرافاً إلا و بجانبه حق مضيع » ، و في الحديث :‌ « لا يكون العاقل ظاعناً إلا لثلاث : مرمة لمعاش ،‌ أو تزود لمعاد ،‌أو لذة في غير محرم » ،‌ فلنقسم أوقاتنا بين هذه الثلاثة بالقسط ، و لنعلم أن الله سائل كل إنسان عن عمره :‌فيم أفناه ،‌ و عن شبابه : فيم أبلاه ؟



5- و بعد هذا الإيضاح تبقى هناك أشياء يكن كل مستمع فيها فقيه نقسه و مفتيها ،‌ فإذا كان الغناء أو نوع خاص منه يستثير غريزة ،‌ و يغريه بالفتنة ،‌ و يسبح به في شطحات الخيال ،‌ و يطغى فيه الجانب الحيواني على‌ الجانب الروحاني ،‌ فعليه أن يتجنبه حينئذ ‌، و يسد الباب الذي تهب منه رياح الفتنة على قلبه و دينه و خلقه ، فيستريح و يريح .


فتوى فضيلة الإمام الأكبر الشيخ جاد الحق علي جاد الحق


نقل ابن القيسرانى فى كتابه السماع ( ص 31 و ص 63 وهو طبع المجلس الأعلى للشئون الإسلامية 1390 هجرية - 1970 م تحقيق الأستاذ أبو الوفا المراغى ) قول الإمام الشافعى الأصل قرآن وسنة، فإن لم يكن فقياس عليهما، وإذا اتصل الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وصح الإسناد فيه فهو سنة والإجماع أكبر من خبر المنفرد والحديث على ظاهره، وإذا احتمل الحديث معانى فما أشبه منها ظاهرة أولاها به، فإذا تكافأت الأحاديث فأصحها إسنادا أولادها وليس المنقطع بشىء ما عدا منقطع ابن المسيب وفى هذا الكتاب أيضا المرجع السابق ص 71 وما بعدها وأما القول فى استماع القضيب والأوتار ويقال له التغيير.
ويقال له الطقطقة أيضا فلا فرق بينه وبين الأوتار إذ لم نجد فى إباحته وتحريمه أثرا لا صحيحا ولا سقيما، وإنما استباح المتقدمون استماعه لأنه لم يرد الشرع بتحريمه فكان أصله الإباحة.
وأما الأوتار فالقول فيها كالقول فى القضيب، لم يرد الشرع بتحريمها ولا بتحليلها، وكل ما أوردوه فى التحريم فغير ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد صار هذا مذهبا لأهل المدينة، لا خلاف بينهم فى إباحة استماعه، وكذلك أهل الظاهر بنوا الأمر فيه على مسألة الحظر والإباحة.
وأما القول ( المرجع السباق ص 71 وما بعدها ) فى المزامير والملاهى فقد وردت الأحاديث الصحيحة بجواز استماعها، كما يدل على الإباحة قول الله عز وجل { وإذا رأوا تجارة أو لهوا انفضوا إليها وتركوك قائما قل ما عند الله خير من اللهو ومن التجارة والله خير الرازقين } الجمعة 11 ، وبيان هذا من الأثر ما أخرجه مسلم فى باب الجمعة عن جابر بن سمرة (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يخطب قائما ثم يجلس ثم يقوم فيخطب قائما، فمن نبأك أنه كان يخطب جالسا فقد كذب، فقد والله صليت معه أكثر من ألفى صلاة) وعن جابر بن عبد الله (أنه كان يخطب قائما يوم الجمعة فجاءت عير من الشام، فأنفتل الناس إلهيا حتى لم يبق إلا اثنا عشر رجلا فأنزلت هذه الآية) وأخرج الطبرى هذا الحديث عن جابر وفيه (أنهم كانوا إذا نكحوا تضرب لهم الجوارى بالمزامير فيشتد الناس إليهم ويدعون رسول الله صلى الله عليه وسلم قائما).
فهذا عتاب الله عز وجل بهذه الآية.
ثم قال ابن القيسرانى ( ص 72 من المرجع السابق ) والله عز وجل عطف اللهو على التجارة وحكم المعطوف حكم المعطوف عليه وبالإجماع تحليل التجارة، فثبت أن هذا الحكم مما أقره الشرع على ما كان عليه فى الجاهلية، لأنه غير محتمل أن يكون النبى صلى الله عليه وسلم حرمه ثم يمر به على باب المسجد يوم الجمعة، ثم يعاتب الله عز وجل من ترك رسوله صلى الله عليه وسلم قائما، وخرج ينظر إليه ويستمع ولم ينزل فى تحريمه آية، ولا سن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه سنة، فعلمنا بذلك بقاءه على حاله، ويزيد ذلك بيانا ووضوحا ما روى عن عائشة رضى الله عنها أنها زفت امرأة من الأنصار إلى رجل من الأنصار فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (أما كان معكن من لهو فإن الأنصار يعجبهم اللهو) وهذا الحديث أورده البخارى ( شرح عمدة القارىء على صحيح البخارى 146/20 هامش المرجع السابق ) فى صحيحه فى كتاب النكاح.
وقد عقد الغزالى فى كتاب إحياء علوم الدين ( ص 1150 ج - 6 لجنة نشر الثقافة الإسلامية 1356 هجرية ) الكتاب الثامن فى السماع وفى خصوص آلات الموسيقى قال إن الآلة إذا كانت من شعار أهل الشرب أو المخنثين وهى المزامير والأوتار وطبل الكوبة فهذه ثلاثة أنواع ممنوعة، وما عدا ذلك يبقى على أصل الإباحة كالدف وإن كان فيه الجلاجل وكالطبل والشاهين والضرب بالقضيب وسائل الآلات ونقل القرطبى فى الجامع الأحكام القرآن ( ج - 14 ص 54 ) قول القشيرى ضرب بين يدى النبى صلى الله عليه وسلم يوم دخل المدينة فهم أبو بكر بالزجر فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (دعهن يا أبا بكر حتى تعلم اليهود أن ديننا فسيح) فكن يضربن ويقلن نحن بنات النجار حبذا محمد من جار ثم قال القرطبى وقد قيل إن الطبل فى النكاح كالدف وكذلك الآلات المشهرة للنكاح يجوز استعمالها فيه بما يحسن من الكلام ولم يكن رفث ( أحكام القرآن لابن العربى ج - 3 ص 1494 ) ونقل الشوكانى فى نيل الأوطار ( ج - 8 ص 104 و 105 ) فى باب ما جاء فى آلة اللهو أقوال المحرمين والمبيحين وأشار إلى أدلة كل من الفريقين، ثم عقب على حديث (كل لهو يلهو به المؤمن فهو باطل إلا ثلاثة ملاعبة الرجل أهله وتأديبه فرسه ورميه عن قوسه) بقول الغزالى قلنا قوله صلى الله عليه وسلم فهو باطل لا يدل على التحريم، بل يدل على عدم الفائدة ثم قال الشوكانى وهو جواب صحيح لأن ما لا فائدة فيه من قسم المباح، وساق أدلة أخرى فى هذا الصدد من بينها حديث ( ج - 8 ص 106 المرجع السابق ) من نذرت أن تضرب بالدف بين يدى رسول الله صلى الله عليه وسلم إن ردّه الله سالما من إحدى الغزوات وقد أذن لها عليه صلوات الله وسلامه بالوفاء بالنذر والضرب بالدف، فالإذن منه يدل على أن ما فعلته ليس بمعصية فى مثل ذلك الموطن، وأشار الشوكانى إلى رسالة له عنوانها إبطال دعوى الاجماع على تحريم مطلق السماع.
وفى المحلى ( ج - 9 ص 60 ) لابن حزم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (إنما الأعمال بالنيات ولكل امرىء ما نوى) فمن نوى استماع الغناء عونا على معصية الله تعالى فهو فاسق، وكذلك كل شىء غير الغناء، ومن نوى به ترويح نفسه ليقوى بذلك على طاعة الله عز وجل وينشط نفسه بذلك على البر فهو مطيع محسن وفعله هذا من الحق، ومن لم ينو طاعة ولا معصية فهو لغو معفو عنه، كخروج الإنسان إلى بستانه متنزها.
وفعوده على باب داره متفرجا.
وعقد البخارى فى صحيحه ( ج - 9 ص 171 فى آخر كتاب الاستئذان.
المطبعة الأميرية سنة 1305 هجرية على هامشه صحيح مسلم ) بابا بعنوان كل لهو باطل إذا شغله عن طاعة الله.
وعقب فى الرشاد السارى على هذا العنوان بقوله ولو كان مأذونا فيه، كمن اشتغل بصلاة نافلة أو تلاوة أو ذكر أو تفكر فى معانى القرآن حتى خرج وقت المفروضة عمدا.
وفى الفقه الحنفى جاء فى كتاب البدائع ( ج - 6 ص 269 ) للكاسانى فيمن تقبل شهادته ومن لا تقبل وأما الذى يضرب شيئا فى الملاهى فإنه ينظر إن لم يكن مستشنعا كالقضيب والدف ونحوه لا بأس به ولا تسقط عدالته وإن كان مستشنعا كالعود ونحون سقطت عدالته، لأنه لا يحل بوجه من الوجوه.
وفى مجمع الأنهر ( ج - 2 ص 198 ) فى ذات الموضع أو يلعب بالطنبور لكونه من اللهو، والمراد بالطنبور كل لهو يكنون شنيعا بين الناس احترازا عما لم يكن شنيعا كضرب القضيب فإنه لا يمنع قبولها، إلا أن يتفاحش بأن يرقصوا به فيدخل فى حد الكبائر.
وجاء مثل هذا فى كتاب الدر ( ج - 4 ص 398 ) المختار للحصكفى وحاشية رد المحتار لابن عابدين وفى المغنى لابن قدامه ( ج - 10 ص 240 و 242 ) الملاهى على ثلاثة أضرب محرم وهو ضرب الأوتار والنايات والمزامير كلها والعود والطنبور والمعزفة والرباب ونحوها، فمن أدام استماعها ردت شهادته.
وضرب مباح وهو الدف فإن النبى صلى الله عليه وسلم قال (أعلنوا النكاح واضربوا عليه بالدف) أخرجه مسلم، وذكر أصحابنا وأصحاب الشافعى أنه مكروه فى غير النكاح وهو مكروه للرجال على كل حال.
وأما الضرب بالقضيب فمكروه إذا انضم إليه محرم أو مكروه كالتصفيق والغناء والرقص، وإن خلا عن ذلك كله لم يكره، لأنه ليس بآلة طرب ولا يطرب ولا يسمع منفردا بخلاف الملاهى، ومذهب الشافعى فى هذا الفصل كمذهبنا.
وفى لسان العرب اللهو ما لهوت به ولعبت به وشغلك من هوى وطرب ونحوهما، والملاهى آلات اللهو.
وفيه القصب كل نبات ذى أنابيب، والقاصب الزامر، والقصاب الزمار.
وفى المصباح المنير وأصل اللهو الترويح عن النفس بما لا تقتضيه الحكمة، وألهانى الشىء شغلنى، وفى فتوى للإمام الأكبر ( ص 375 - 385 فتاوى الشيخ شلتوت طبعة 1379 هجرية - 1959 م الادارة الثقافية بالأزهر ) المرحوم الشيخ محمود شلتوت فى تعلم الموسيقى وسماعها ان الله خلق الإنسان بغريزة يميل بها إلى المستلذات والطيبات التى يجدها لها أثرا فى نفسه، به يهدأ وبه يرتاح وبه ينسشط وتسكن جوارحه، فتراه ينشرح بالمناظر الجميلة كالخضرة المنسقة والماء الصافى والوجه الحسن والروائح الزكية، وأن الشرائع لا تقضى على الغرائز بل تنظمها، والتوسط فى الإسلام أصل عظيم أشار إليه القرآن الكريم فى كثير من الجزئيات، منها قوله تعالى { يا بنى آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد وكلوا واشربوا ولا تسرفوا } الأعراف 31 ، وبهذا كانت شريعة الإسلام موجهة الإنسان فى مقتضيات الغريزة إلى الحد الوسط، فلم تترك لا نتزاع الغريزة فى حب المناظر الطيبة ولا المسموعات المستلذة وإنما جائت بتهذيبها وتعديلها إلى مالا ضرر فيه ولا شر.
وأضاف الإمام الأكبر فى هذه الفتوى أنه قرأ فى الموضوع لأحد فقهاء القرن الحادى عشر المعروفين فيه بالورع والتقوى رسالة هى (إيضاح الدلالات فى سماع الآلات) للشيخ عبد الغنى النابلسى الحنفى قرر فيها أن الأحاديث التى استند بها القائلون بالتحريم على فرض صحتها مقيدة بذكر الملاهى وبذكر الخمر والقينات والفسوق والفجور ولا يكاد حديث يخلو من ذلك، وعليه كان الحكم عنده فى سماع الأصوات والآت المطربة أنه إذا اقترن بشىء من المحرمات أو اتخذ وسيلة للمحرمات أو أوقع فى المحرمات كان حراما، وأنه إذا سلم من كل ذلك كان مباحا فى حضوره وسماعه وتعلمه.
وقد نقل عن النبى صلى الله عليه وسلم ثم عن كثير من الصحابة والتابعين والأئمة والفقهاء أنهم كانوا يسمعون ويحضرون مجالس السماع البريئة من المجون والمحرم، وذهب إلى مثل هذا كثير من الفقهاء وانتهت الفتوى إلى أن سماع الآلات ذات النغمات أو الأصوات لا يمكن أن يحرم باعتباره صوت آلة وإنما يحرم إذا استعين به على محرم أو اتخذ وسيلة إلى محرم أو ألهى عن واجب ونخلص من هذه النقول من كتب فقه المذاهب وأحكام القرآن واللغة إلى أن الضرب بالدف وغيره من الآلات مباح باتفاق فى الحداء وفى تحريض الجند على القتال وفى العرس وفى العيد وقدوم الغائب وللتنشيط على الأعمال الهامة، وأن الاختلاف الذى ثار بين الفقهاء وجرى فى كتبهم كان فى حل أو عدم حل الاشتغال بالموسيقى سماعا وحضورا وتعلما إذا صاحبها محرم كشرب الخمر أو غناء ماجن أو غزل أو كانت الموسيقى مما يحرك الغرائز ويبعث على الهوى والفسوق كتلك التى تستثير فى سامعها الرقص والخلاعة وتلك التى تستعمل فى المنكرات المحرمات كالزار وأمثاله أو فوتت واجبا.
وهذا ظاهر مما قاله ( انظر الهوامش السابقة ) فقهاء المذهب الحنفى من أن الضرب غير المستشنع لا بأس به ولا يسقط العدالة وفسروا المستشنع بأن يرقصوا به فيدخل فى حد الكبائر.
وظاهر أيضا مما قال به ابن ( انظر الهوامش السابقة ) العربى المالكى فى أحكام القرآن من أن الطبل فى النكاح كالدف - وكذلك الآلات المشهرة للنكاح يجوز استعمالها فيه بما يحسن من الكلام ولم يكن رفثا.
ومن جملة ما قال به ابن قدامة فى المغنى ( انظر الهوامش السابقة ) نقلا لمذهب الإمامين الشافعى وأحمد فى هذا الموطن يتضح أنه لا يخالف أو يختلف مع ما قال به الفقه الحنفى والمالكى وأورده من قيود.
ثم إن ما جاء فى عبارات الفقهاء ( انظر الهوامش السابقة ) من إجازة الضرب ببعض الآلات دون بعض يبدو أن المنع فى بعضها إنما هو للآلات التى تدفع سامعها لفحش القول أو الرقص وليس لذات الآلات، كما يدل على هذا قول فقهاء ( انظر الهوامش السابقة ) الحنفية الذى سبق نقله، وما قال به الفقه الحنبلى والشافعى ( انظر الهوامش السابقة ) من انضمام المرحم أو المكروه كالتصفيق والرقص هو المحرم، وما قال به ابن العربى المالكى ولم يكن معه رفث.
لما كان ذلك وكانت القضية قد واجهها الفقه على هذا الوجه وتصدى لتحقيق النصوص فيها صاحب كتاب السماع ( انظر الهوامش السابقة ) وهو محمد بن طاهر ابن على بن أحمد بن أبى الحسن الشيبانى أبو الفضل المقدسى المعروف بابن القيسرانى من رجال الحديث وقال إنه لا فرق بين استماع القضيب وبين الأوتار إذ لم نجد فى إباحته وتحريمه أثرا لا صحيحا ولا سقيما، وإنما استباح المتقدمون اسماعه لأنه لم يرد الشرع بتحريمه فكان أصله الإباحة كما تصدى لذلك الشيخ عبد الغنى النابلسى الحنفى فى رسالته ( انظر الهوامش السابقة ) المنوه بها آنفا التى قرر فيها أن الأحاديث التى استدل بها القائلون بالتحريم على فرض صحتها مقيدة بذكر الملاهى وبذكر الخمر والقينات والفسوق والفجور ولا يكاد حديث يخلو من ذلك.
وهذا أيضا قول ابن حزم ( انظر الهوامش السابقة ) إن الأمر مرتبط بالنية.
فمن نوى ترويح نفسه وتنشيطها للطاعة فهو مطيع محسن، ومن لم ينو لا طاعة ولا معصية فهو لغو معفو عنه، كخروج الإنسان إلى بستانه متنزها وقعوده على باب داره متفرجا.
وأيضا قول الغزالى ( انظر الهوامش السابقة ) فيما نقله الشوكانى فى تفسير الحديث الشريف (كل هلو يلهو به المؤمن فهو باطل) لا يدل على التحريم، بل يدل على عدم الفائدة، ومالا فائدة فيه من قسم المباح.
كما قال الشوكانى.
لما كان ذلك كان القول بالتحريم على وجه الإطلاق خاليا من السند الصحيح قال تعالى { ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا على الله الكذب } النحل 116 ، والقول بأن تحريم سماع الموسيقى وتعلمها وحضورها من باب سد الذرائع أو من باب أن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح ليس مقبولا لأن الموسيقى وإن كان قد يصاحبها الخمر والرقص وغير هذا من المنكرات إلا أن هذا ليس الشأن فيها دائما ، ومن ثم صار مثلها مثل الجلوس على الطريق.
ففى الحديث الشريف ( شرح السنة للبغوى 3338/12 ) الذى أخرجه مسلم فى صحيحه عن أبى سعيد الخدرى رضى الله عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم قال إياكم والجلوس بالطرقات فقالوا يا رسول الله مالنا من مجالسنا بد نتحدث فيها.
فقال فإذا أبينهم إلا المجلس فأعطوا الطريق حقه.
قالوا وما حق الطريق يا رسول الله قال غض البصر وكف الأذى ورد السلام والأمر بالمعروف والنهى عن المنكر.
ومن هذا نأخذ أن من المباحات ما يحرم إذا اقترن به محرم ، وعندئذ تكون الحرمة طارئة، بمعنى أنها ليست حكما أصليا.
لما كان ذلك.
كان الوقوف عند الوسط ( الموافقات للشاطبى ج - 4 ص 258 وما بعدها طبع المكتبة التجارية تحقيق المرحوم الشيخ عبد الله دراز ) من الأقوال هو الأولى بالاتباع.
ومن ثم نميل إلى أن سماع الموسيقى وحضور مجالسها وتعلمها أيا كانت آلاتها من المباحات ما لم تكن محركة للغرائز باعثة على الهوى والغواية والغزل والمجون مقترنة بالخمر والرقص والفسوق والفجور، أو اتخذت وسيلة للمحرمات أو أوقعت فى المنكرات أو ألهت عن الواجبات، كما جاء فى تبويب ( ارشاد السارى ج - 2 ص 171 على هامشه صحيح مسلم ) البخارى فإنها فى هذه الحالات تكون حراما كالجلوس على الطريق دون حفظ حقوقه التى بينها ذلك الحديث الشريف لأن الحلال ما أحله الله ورسوله والحرام ما حرمه الله ورسوله ( أعلام الموقعين لابن القيم ج - 1 ص 32 ) قال جل شأنه { قل من حرم زينة الله التى أخرج لعباده والطيبات من الرزق قل هى للذين آمنوا فى الحياة الدنيا خالصة يوم القيامة كذلك نفصل الآيات لقوم يعلمون.
قل إنما حرم ربى الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغى بغير الحق وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون } الأعراف 32 ، 33 ، قال ابن العربى ( أحكام القرآن ج - 2 ص 782 ) من معانى (زينة الله) جمال الدنيا فى ثيابها وحسن النظرة فى ملابسها وملذاتها قال تعالى { ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث } الأعراف 157 ، قال الشوكانى ( نيل الأوطار ج - 8 ص 105 ) الطيبات فى الآية تشمل كل طيب، والطيب يطلق بإيذاء المستلذ، وهو الأكثر المتبادر إلى الفهم عند التجرد عن القرائن ويطلق بإزاء الظاهر والحلال وصيغة العموم كلية تتناول كل فرد من أفراد العام، فتدخل أفراد المعانى الثلاثة كلها ولو قصرنا العام على بعض أفراده لكان قصره على المتبادر وهو الظاهر.
وقد صرح ابن عبد السلام فى دلائل الأحكام أن المراد فى الآية بالطيبات المستلذات.
والله سبحانه وتعالى أعلم.

فتوى أمانة الفتوى بدار الإفتاء المصرية بتاريخ 12/17/2005


الأغاني والموسيقى منها ما هو مباحٌ سماعُه ومنها ما هو محرم ؛ وذلك لأن الغناء كلام حسنه حسن وقبيحه قبيح.
فالموسيقى والغناء المباح : ما كان دينيًّا أو وطنيُّا أو كان إظهارًا للسرور والفرح في الأعياد والمناسبات ، مع مراعاة عدم اختلاط الرجال بالنساء ، وأن تكون الأغاني خالية من الفحش والفجور وألا تشمل على محرم كالخمر والخلاعة ، وألا يكون محركًا للغرائز أو مثيرًا للشهوات ، وأن تكون المعاني التي يتضمنها الغناء عفيفة وشريفة.
أما الموسيقى و الأغاني المحرمة : فهي التي تلهي عن ذكر الله تعالى وتتضمن أشياء منكرة ومحظورة مثل أن تكون باعثة على تحريك الغرائز والشهوات ويختلط فيها الرجال بالنساء أو يكون صوت المغني فيه تخنث وتكسر وإثارة للفتن وتسعى إلى تدمير الحياء والأخلاق .
ومما ذكر علم الجواب.
والله سبحانه وتعالى أعلم


فتوى أمانة الفتوى بدار الإفتاء المصرية بتاريخ 2/26/2006

من المقرر أن الالتزام بنسبة تأليفية معينة قد يكون بالصوت البشري وقد يكون بآلات المعازف التي منها الوتري والنفخي والإيقاعي ، ويجوز باتفاق العلماء أن يؤدي الإنسان بصوته ما يريد أن يؤديه على وفق تلك النغمات ذات النسب التأليفية حيث إن العرب كانت تفعل ذلك في تغنيها بالشعر ، وفي حداء الإبل ، وفي هدهدة الأطفال ، وفي التغني بمآثر القبائل وأيام العرب ، أو بالمعاني كالمديح ومكارم الأخلاق والحب العفيف ونحوها .
ولقد ثبت في صحيح البخاري عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن أنجشة كان يغني بالإبل فتهتز بشدة من حدائه ، حتى قال له رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم :"وَيْحَكَ يَا أَنْجَشَةُ رُوَيْدَكَ بِالْقَوَارِيرِ" يعني النساء .
وعَنِ الرُّبَيِّعِ بِنْتِ مُعَوِّذٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وآله وسلم دخل عندها غَدَاةَ بُنِيَ عَلَيها فَجَلَسَ عَلَى فِرَاشِها وعِنْدَها جُوَيْرِيَاتٌ يَضْرِبْنَ بِالدُّفِّ يَنْدُبْنَ مَنْ قُتِلَ مِنْ آبَائِهِنَّ يَوْمَ بَدْرٍ ، حَتَّى قَالَتْ جَارِيَةٌ : وَفِينَا نَبِيٌّ يَعْلَمُ مَا فِى غَدٍ ، فَقَالَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وآله وسلم : " لاَ تَقُولِي هَكَذَا وَقُولِي مَا كُنْتِ تَقُولِينَ " رواه البخاري وغيره .
وعن عمرة بنت عبد الرحمن قالت : كان النساء إذا تزوجت المرأة أو الرجل خرج جوار من جواري الأنصار يغنين ويلعبن ، قالت : فمروا في مجلس فيه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهن يغنين ويقلن :
وأَهْدَى لها أكبُـشًا تَبَحْـبَحُ في المِرْبَـدِ
وزوجكِ في المنتدَى ويعـلم ما في غـدِ
فقام إليهن النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال : " سُبْحَانَ اللَّه ! لاَ يَعْلَمُ مَا فِي غَدٍ أَحَدٌ إِلاَّ اللَّه . لاَ تَقُولُوا هَكَذَا وَقُولُوا : أَتَيْنَاكُمْ أَتَيْنَاكُمْ فَحَيَّانَا وَحَيَّاكُمْ " . رواه البيهقي في السنن الكبرى وقال : هذا مرسل جيد .
ولما أنكحت عائشة رضى الله عنها ذات قرابة لها من الأنصار جاء رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال :"أَهْدَيْتُمُ الْفَتَاةَ ؟" ( زفة العروس إلى زوجها) قَالُوا : نَعَمْ ، قَال : " أَرْسَلْتُمْ مَعَهَا مَنْ يُغَنِّي ؟ " قَالَتْ : لاَ، فَقَالَ :"إِنَّ الأَنْصَارَ قَوْمٌ فِيهِمْ غَزَلٌ فَلَوْ بَعَثْتُمْ مَعَهَا مَنْ يَقُولُ : أَتَيْنَاكُمْ أَتَيْنَاكُمْ فَحَيَّانَا وَحَيَّاكُمْ " رواه ابن ماجه وأحمد .
وفي رواية الطبراني في الأوسط : أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال : " ما فعلت فلانة ؟ " فقلت : أهديناها إلى زوجها ، قال : " فهل بعثتم معها بجارية تضرب بالدف وتغني ؟ " قالت : تقول ماذا ؟ قال : " تقول :
أتيناكـم أتيناكـم فحيانـا وحيـاكـم
ولولا الذهب الأحمـ رُ ما حلت بواديـكم
ولولا الحبة السـمرا ءُ ما سمنت عذاريـكم " .
إلى آخر ما هنالك مما ورد في السنة المشرفة .



وكان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يحب الصوت الحسن .
فقال لعبد الله بن زيد الذي رأى الأذان في منامه : " قُمْ مَعَ بِلاَلٍ فَأَلْقِ عَلَيْهِ مَا رَأَيْتَ فَلْيُؤَذِّنْ بِهِ ؛ فَإِنَّهُ أَنْدَى صَوْتًا مِنْكَ " . رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه ، وصححه ابن حبان والحاكم .
ولما أراد صلى الله عليه وآله وسلم مؤذنًا له في مكة اختار أبا محذورة رضي الله عنه لأنه حسن الصوت، فعن أبي محذورة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أمر نحوًا من عشرين رجلاً فأذَّنوا فأعجبه صوتُ أبي محذورة . أخرجه الدارمي في سننه ، وصححه ابن خزيمة وابن حبان .
قال الزبير بن بكار : كان أبو محذورة أحسن الناس أذانًا وأنداهم صوتًا ، فقال له عمر يومًا وسمعه يؤذن : كدت أن تنشق مُرَيْطَاؤُك ( ما بين السرة والعانة ) . قال : وأنشدني عمي مصعب لبعض شعراء قريش في أذان أبي محذورة :
أما وربِّ الكعبة المسـتورهْ وما تـلا محمد من سوره ْ
والنَّـغَماتِ من أبي محذورهْ لأفعـلن فعلة مذكـورهْ الاستيعاب لابن عبد البر .
وكان صلى الله عليه وآله وسلم يقول : " لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَتَغَنَّ بِالْقُرْآنِ " أخرجه الشيخان عن أبي هريرة رضي لله عنه . ورواه أبو داود بسند صحيح من طريق ابن أبي مليكة عن عبد الله بن أبي يزيد عن أبي لبابة رضي الله عنه وزاد فيه : قال – أحد رواة الحديث - : فقلت لابن أبي مليكة : يا أبا محمد أرأيت إذا لم يكن حسن الصوت ؟ قال : يحسنه ما استطاع .
وكان عليه الصلاة والسلام يقول : " زَيِّنُوا الْقُرْآنَ بِأَصْوَاتِكُمْ " رواه أبو داود والنسائي وابن ماجه وأحمد والدارمي عن البراء بن
عازب رضي الله عنه ، وصححه ابن خزيمة وابن حبان والحاكم .
زاد الدارمي والحاكم وغيرهما : " فَإِنَّ الصَّوْتَ الْحَسَنَ يَزِيدُ الْقُرْآنَ حُسْنًا " .
وقد بلغ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في ذلك غاية الكمال ؛ فقد روى الشيخان عن البراء بن عازب رضى الله عنه قال : سمعت النبي صلى الله عليه وآله وسلم قرأ في العشاء بالتين والزيتون ، فما سمعت أحسن صوتًا ولا قراءة منه . وروى الترمذي في جامعه من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه : ما بعث الله نبيًّا إلا حسن الوجه حسن الصوت ، وكان نبيكم أحسنهم وجهًا وأحسنهم صوتًا .
وروى الشيخان عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلي الله عليه وآله وسلم قال : " ما أَذِنَ الله لشيء ما أَذِنَ لنبيٍّ حسن الصوت يتغنى بالقرآن يجهر به " ، وهو عند الطبري بسند صحيح بلفظ : " ما أًذِنَ الله لشيء ما أَذِنَ لنبيٍّ حسنِ التَّرنُّمِ بالقرآن " ، وأَذِنَ : أي استمع .
وعن فضالة بن عبيد أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال : "اقرؤوا القرآنَ بلُحُونِ العَرَب وأصواتها ، وإيَّاكم ولحونَ أهلِ الفِسقِ والكَبائر " . رواه أبو عبيد القاسم بن سلام في فضائل القرآن والطبراني في الأوسط والبيهقي في شعب الإيمان .
وكان يقول : " من سَرَّه أن يقرأ القرآنَ غضًّا طريًّا كما أُنزِل فلْيَقرأْهُ على قراءة ابنِ أمِّ عَبْدٍ ".
رواه ابن ماجه وأحمد والبخاري في خلق أفعال العباد ، وصححه ابن حبان والحاكم والضياء في المختارة .
وكان يقول لأبي موسى الأشعري رضي الله عنه : " يَا أَبَا مُوسَى لَقَدْ أُوتِيتَ مِزْمَارًا مِنْ مَزَامِيرِ آلِ دَاوُدَ "
متفق عليه .
وزاد أبو يعلى في روايته أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم استمع لقراءته مع عائشة رضي الله عنها ، فلما علم بذلك من النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال : أمَا إني لو علمت بمكانك لحبَّرتُه لك تحبيرًا .
وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول لأبي موسى رضي الله عنه : ذَكِّرْنا ربَّنا ، فيقرأ أبو موسى ويتلاحن ، وقال مرة : من استطاع أن يغني بالقرآن غناءَ أبي موسى فليفعل . رواه الطبري كما في عمدة القاري للعيني .
قال أبو عثمان النهدي : دخلت دار أبي موسى الأشعري فما سمعت صوت صَنْجٍ ولا بَرْبَطٍ ولا نايٍ أحسنَ من صوته . أخرجه ابن أبي داود بسند صحيح .
وقـال ابن أبي مسجعة : كان عمر رضى الله عنه يقدم الشاب الحسن الصوت لحسن صوته بين يدي القوم . أخرجه ابن أبي داود .
وعن ابن عباس رضي الله عنهما : أن داود عليه السلام كان يقرأ الزبور بسبعين لحنًا ، ويقرأ قراءة يطرب منها المحموم ، فإذا أراد أن يبكي نفسه لم تبق دابة في بر أو بحر إلا أنصتت معه واستمعت وبكت .
رواه عمر بن شبة عن أبي عاصم النبيل : حدثني ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس فذكره . فتح الباري .
قال الإمام الشافعي رحمه الله تعالى : لا بأس بالقراءة بالألحان وتحسين الصوت بأي وجه كان .
شرح السنة للبغوي.
وقال القاضي عياض رحمه الله : أجمع العلماء على استحباب تحسين الصوت بالقراءة وترتيلها .
شرح النووي على مسلم .
والذي يتحصل من الأدلة ـ كما يقول الحافظ في الفتح ـ أن حسن الصوت بالقرآن مطلوب ، ومن جملة تحسينه أن يراعى فيه قوانين النغم ؛ فإن الصوت الحسَن يزداد حُسنًا بذلك وإن خرج عنها أثَّر ذلك في حُسْـنه ، وغير الحَسَن ربما انجبر بمراعاتها ما لم يخرج عن شرط الأداء المعتبَر عند أهل القراءات ، فإن خرج عنها لم يف تحسين الصوت بقبح الأداء . ا هـ
ولقد وضع المسلمون أسماء لتلك النسب التأليفية كما وضعوا تمامًا أسماء لبحور الشعر العربي ، وذلك بالاستقراء ونحت المصطلحات ، فسموا : البياتي والنهاوند والحُجاز والصبا إلى غير ذلك ، كما سموا الشعر : الطويل والمديد والبسيط إلى غير ذلك .
فقراءة القرآن بلحون العرب سنة متبعة ترقق القلوب وتعين على الفهم والخشوع كما هو مشاهد معروف لدى قراء المسلمين وعوامهم شرقًا وغربًا سلفًا وخلفًا .
أما المعازف والضرب بالآلات فجمهور الفقهاء على أنه منهي عنه ، واستدلوا على ذلك بقوله تعـالى : { وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْتَرِى لَهْوَ الحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا أُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ } (لقمان 6)
وبقوله تعالى : { وَأَنْتُمْ سَامِدُونَ } (النجم 61) على مذهب من فسره بالغناء ، وبما ورد في صحيح البخاري : " لَيَكُونَنَّ مِنْ أُمَّتِي أَقْوَامٌ يَسْتَحِلُّونَ الْحِرَ وَالْحَرِيرَ وَالْخَمْرَ وَالْمَعَازِفَ " .
وذهب كثير من المحققين إلى أن الضرب بالمعازف ما هو إلا صوت : قبيحه قبيح وحسنه حسن ، وأن الآيات القرآنية ليس فيها نهي صريح عن الغناء المعروف ولا عن المعازف المشهورة ، وأن الحديث إنما يعني أن تجتمع هذه المفردات في صورة واحدة ، والحر هو الزنا ، والحرير محرم على الرجال ، فالمقصود النهي عن الترف وليس المقصود خصوص الغناء . وقد تقرر في الأصول أن الاقتران ليس بحجة ، فعطف المعازف على الزنا ليس بحجة في تحريم المعازف ، وعلى هذا المذهب ابن القيسراني وابن حزم الظاهري وعبد الغني النابلسي الحنفي وغيرهم .... وهو الذي نراه أوفق لعصرنا ، مع شرط اختيار الحسن ، وعدم الاشتغال بما يلهي عن ذكر الله .
أما استخلاص هيئة النسب التأليفية من قارئ ما ورصد طريقته في التلاوة ثم تحويلها إلى صوت يصدر من المعازف فهو أمر مباح في ذاته ، لأنه يعد تقليدًا لذلك الأداء أو حكايته بواسطة الآلة ، وإن كنا نكرهه لأنه قد يجر إلى الحرام أو نحرمه إذا جر إلى الكفر .
أما الجمع بين المعازف وبين تلاوة القرآن فهو محرم شرعًا بإجماع الأمة ، ومعلوم تحريمه بضرورة الدين ، بالإضافة إلى اشتماله إلى إنقاص شأن القرآن في صدور الناس ، والحط به إلى مستوى الكلام الفاسد السائر بين العباد ، وهذا حرام ، وفعله كبيرة ، واستحلاله كفر ، ويجب سد الذريعة حتى لا يتوصل إليه ولو من غير المسلمين ، وسد الذريعة تكون بكل وسيلة ، ومنها عدم كتابة الرصد السابق ذكره في صورة تهيئه للاستعمال المحرم كما ذكرنا .
وعلى ما سبق وفي واقعة السؤال : فلا بأس للسائلة أن تقوم ببحثها العلمي بالشروط السابق بيانها .

فتوى فضيلة الشيخ أحمد محمد عبد العال هريدي

بالطلب المقدم من السيد / م ع المتضمن أن موسيقيا يمتهن الموسيقى ويتكسب من الألحان - تقدم للشهادة فى محكمة الأحوال الشخصية.
طلب السائل الإفادة عما إذا كانت شهادته تقبل أو لا تقبل.

الجواب


يشترط فى الشاهد أن يكون عدلا - لقوله تعالى { وأشهدوا ذوى عدل منكم } والمقصود بالعدالة - هو العدالة الظاهرة، لأن الأصل فى المسلم أن يكون عدلا.
قال صلى الله عليه وسلم المسلمون عدول بعضهم على بعض إلا محدودا فى قذف.
واحتراف المسئول عنه للموسيقى لا يسقط عدالته ولا يسلبه أهلية الشهادة.
إذ أن الموسيقى تعتبر نوعا من الفن والمعرفة، ومن ثم لا يكون لها تأثير على قبول الشهادة، والعرف له أثره فى مثل هذا الاعتبار، إذ لم يرد من الشارع نص خاص يجعل احتراف الموسيقى أو تعلمها أو تعليمها منافيا للعدالة مادام لم يصحبها منكر، أو لم تؤد إلى منكر أو محرم.
ومما ذكر يعلم الجواب عن السؤال.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

فتوى فضيلة الإمام مفتي الديار المصرية حاليا علي جمعة

الغناء مباح شرعا شريطة ألا يثير ذلك الغزائر والشهوات او يدعو الى الفسق والفجور. إذا كان الغناء يدعو الى الفضيلة ومكارم الاخلاق ولا يحث على الفسق والفجور وإثارة الغزائر والشهوات فلا مانع منه شرعا، اما اذا كان يدعو الى الفسق والفجور وإثارة الغزائر والشهوات، ويسعى الى تدمير الحياء والأخلاق فيكون محرم.

ملخص فتوى فضيلة الشيخ د.أحمد الطيب

يجوز شرعا سماع الأغاني التي لا تثير الغزائر ولا تدعو الى الفجور

ملخص فتوى الشيخ عبدالحميد محمد الاطرش

الضرب بالدف وغيره من الآلات مباح باتفاق الفقهاء في الحداء (أي تحريض الجند على القتال) وفي العرس وفي العيد وللتنشيط والترويح عن النفس في الأعمال المهمة.
واشار الاطرش الى قول النبي صلى الله عليه وسلم، في المجلس لابن حزم «إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى، فمن نوى استماع الغناء عونا على معصية الله تعالى فهو فاسق، ومن نوى به ترويح نفسه ليقوى بذلك على طاعة الله عز وجل وينشط نفسه بذلك على البر فهو محسن مطيع».
وأكد الشيخ الاطرش ان الاستماع الى الموسيقى والأغاني مباح شرعا مالم يثر الغرائز والشهوة او يدعو الى الفسق والفجور وانما يكون بقصد الترويح عن النفس.

فتوى الأوقاف الكويتية

خلاصة الفتوى الصادرة عام 1988 أن الغناء بقصد الترويح عن النفس جائز شرعا، أما المؤثرات الصوتية الموسيقية فهي من الامور المشتبهة التي تترك ورعا ولا ينكر على فاعلها وانما يرشد ارشادا، ولا بأس باستعمال الدف في الاعراس ونحوها في مناسبات الفرح كالعيد وقدوم الغائب والختان.


وأقول بحمد الله

لا يوجد نص صحيح صريح يدل على تحريم الغناء والموسيقى غير الفاحشة ،، اما المحرمون للغناء فيعتمدون على نصوص صحيحة ليست صريحة ويعتمدون على بعض التفاسير والآيات القابلة للتاويل والتي لا تدل على التحريم ، او يعتمدون على احاديث ضعيفة او حديث في صحيح البخاري ورد ولكنه من المعلقات لا من المسندات المتصلة
فلهذا لا تحريم إلا بنص صحيح صريح ، فإذا غاب النص الصحيح الصريح فالاصل في الامر انه مسكوت عنه ولأن الأصل في الأشياء الإباحة فالتحريم يكون بنص صحيح صريح من كتاب الله تعالى ، أو سنة رسوله ، أو إجماع ثابت متيقن ، فإذا لم يرد نص ولا إجماع . أو ورد نص صريح غير صحيح ، أو صحيح غير صحيح ، بتحريم شيء من الأشياء ، لم يؤثر ذلك في حله ، و بقي في دائرة العفو الواسعة لقول الرسول عليه الصلاة والسلام « ما أحل الله في كتابه فهو حلال ، و ما حرم فهو حرام ، و ما سكت عنه فهو عفو ، فاقبلوا من الله عافيته ، فإن الله لم يكن لينسى شيئاً ».


فكما رأينا يا أختي المسألة خلافية بالرغم من انني شخصيا أرى أن أدلة الآخذين أقوى وأرجح.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

فخر الدين المناظر
09-02-2006, 05:26 AM
مع التحيات

الفرصة الأخيرة
09-02-2006, 07:42 AM
بداية أود من المشرف أن يصحح بعض الآيات التي لم ينقلها الزميل (د.أمين المناظر) صحيحة في مشاركته مثل قوله:

( قل لِلُمؤمِنينَ يَقُضواُ مِنُ أَبُصَارِهِمُ . . . . ) النور(30) ، ( وَقل لِلُمؤُمِنَاتِ يَغُضضُنَ مِنُ أَبُصَارِهِنَ )فلا توجد آية في القرآن تأمر بقض بالقاف وإنما الصواب يغض بالغين .. وكذلك (يغْضضن) هي بسكون العين وليست بضمها كما كتبها (الزميل).

وبعد ذلك أقول: دائما ما أكره أن يتدخل أحدٌ في غير فنّه .. ويتكلم فيما لا يحسنه ولا يتقنه كما أراه أمامي الآن في مشاركة زميلي (د.أمين المناظر) وبكل أسف شديد.

ففي مشاركته مثلا كلام طويل عن ابن حزم وكلامه .. رغم أننا نعلم يقينا بأن ابن حزم رحمه الله لم يحالفه الحظ في هذه المسألة تحديدا .. وقد رد عليه غيره من العلماء.

لكن إذا كان (د.أمين المناظر) قد رضي بكلام ابن حزم في هذه المسألة .. فلماذا لم يقبل بكلامه في مسألة الأخذ بالأحوط ؟
فابن حزم لا يرى الأخذ بالأحوط أو غيره لأن ذلك تدخل حسبما يرى أصحاب هذه النظرية في التشريعات وأنه لا حق لأحد في التشريع إلا لله عز وجل .. ومن هنا أنكر ابن حزم وغيره نظرية الأخذ بالأحوط هذه.
فلماذا لم يأخذ زميلنا بكلام ابن حزم حول مسألة الأخذ بالأحوط وجاء الزميل يقول في بدء مشاركته:

اولا انقسم العلماء إلى قسمين
قسم يحرم الغناء والموسيقى بالكلية وهذا القسم ياخذ بالأحوط في فتاويه (وأشهر المدارس التي تاخذ بالأحوط هي مدارس السعودية ولجنة الافتاء هناك ،، كما نلاحظ ان كل العلماء الذين درسوا في السعودية يأخذون بالأحوط)
قسم يرى أن الموسيقى والغناء الذي لا يٌثير الغريزة والغير فاحش فهو حلال وهذا القسم يأخذ بالأيسر (واشهر المدارس التي تأخذ بالأيسر فهي الأزهر بمصر ومفتي الديار المصرية ،، المدرسة الحسنية بالمغرب ورابطة علماء مسلمي المغرب ....)
وسوف اكتفي بإيراد أدلة وردود بعض العلماء الذين يأخذون بالأيسروهذا كلام لا ينبغي التعريج عليه ولا الالتفات إليه صراحة .. لولا أنه مكتوب هنا أمام الناس وعلينا بيان ما فيه .. لأن هؤلاء المعاصرين جميعا لم يقل منهم أحد بأنه بنى حكمه في الغناء والموسيقى على نظرية (الأخذ بالأحوط) هذه .. والتي عدها ابن حزم وغيرها تدخلا في التشريع الذي هو من حق الله عز وجل .. لكن المهم أنهم لم يحرموا لأجل (الأخذ بالأحوط) ولا خالف من خالف لأجل (الأخذ بالأيسر) كما يزعم زميلي هنا بغير بينه ولا دليل.

وها هي كتب الناس وفتاواهم منشورة ومعلومة .. ويمكنه إن لم يعجبه كلامي أن يذهب ويبحث بنفسه ويأتنا بنص يقول فيه المانعون (منعنا لأجل الأخذ بالأحوط) ويقول فيه المخالفون لهم (خالفنا لأجل الأخذ بالأيسر) هكذا صراحة .. فهل يقدر زميلي على الوفاء لنا بهذا المطلب اليسير؟ أم لا؟ سنرى ويرى القارئ معنا إن شاء الله.

ما ذهب إليه هؤلاء وأولئك هو لأجل أدلة لا لمجرد نظرية (الأخذ بالأحوط أو الأيسر) ونحو هذا الكلام الغريب.

والحقيقة أن الملاحظات على كلام الزميل لا حصر لها .. وسأجتهد إن شاء الله عز وجل في بيان بعضها لا كلها .. وأدع الباقي لغيري من الأفاضل الكرام إن شاء الله عز وجل.

الفرصة الأخيرة
09-02-2006, 07:51 AM
ثم إنه لا مجال أبدا بأن نقارن فلان وعلان من المعاصرين الذي أجازوا ما منعه وحرمه الأئمة الأربعة: أبو حنيفة ومالك والشافعي وأحمد وغيرهم الكثير الكثير ..

الفرصة الأخيرة
09-02-2006, 08:03 AM
في مشاركة الزميل د.أمين المناظر:

فتوى الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي
استدل المحرمون بما روي عن ابن مسعود و ابن عباس و بعض التابعين : أنهم حرموا الغناء محتجين بقول الله تعالى : ( وَ مِنَ النَاسِ مَن يَشُتَرِي لَهُوِ الحَدِيثِ لِيضِلَّ عَن سَبِيلِ الَلهِ بِغَيُرِ عِلُمِ وَ يَتَّخِذَهَا هزوًا أولَيكَ لَهمُ عَذَاب مهِين) لقمان (6) ) ؛ و فسروا لهو الحديث بالغناء .
قال ابن حزم : « ولا حجة في هذا لوجوه :
بل الحجة معهم فيما ذهبوا إليه من التحريم وسيجد القارئ الآن أنه لا حجة مع من خالف في التحريم بدليل قوله في هذه الوجوه:

أحدها : أنه لا حجة لأحد دون رسول الله ( صلي الله عليه و آل و سلم ) .وهذا خطل في الفهم لأن تفسير العلماء العارفين معتبرٌ به شرعا ولهذا أمر الله عز وجل في القرآن الكريم أن نرد الأمور إلى الذين يعلمون لأنهم هم الذين يستنبطون الأحكام ويعرفونها .. فكلامهم حينئذ حجة على غيرهم من الجهلاء .. وسيحاسبهم الله عز وجل بناء على ما وصلهم من تفسير لأهل العلم والفهم بناء على علمهم بالشريعة.


و الثاني : أنه قر خالف غير هم من الصاحبة و التابعين .أين هي أسانيد المخالفين هؤلاء؟ من هؤلاء المخالفين؟ وأين الأسانيد الصحيحة عنهم؟ والكلام المرسل هكذا لا عبرة به ولا قيمة له.. فدعك من هذا الإرسال فلا عبرة له.


والثالث : أن نص الآية يبطل احتجاجهم بها ؛ لأن فيها : ( وَ مِنَ النَاسِ مَن يَشُتَرِي لَهُوَ الُحَدِيثِ لِيضِلَّ عَن سَبِيلَ اللَهِ بِغَيُرِ عِلُمِ وَ يَتَّخِذَهَا هزوًا ) ، و هذه صفة من فعلها كان كافراً بلا خلاف ، إذا اتخذ سبيل الله هزواً .هذا خطل في الفهم لأن المعلوم من لغة العرب أن العطف يقتضي المغايرة .. ففي الآية ذكر قضية لهو الحديث .. ثم بعدها قال (ويتخذها هُزوًا) فهذه قضية أخرى غير التي قبلها بدلالة وجود الواو هنا .. والذين حرموا ذكروا قضية من الاثنين .. ولا مجال للمماحكة بعد هذا.
وأكبر دليل على هذا من نص الآية قوله (ليضل الناس) فهنا قضية إضلال الناس وفي آخر (ويتخذها هزوًا) قضية الاستهزاء فهما مسألتان .. لم يفهم المبيح الفارق بينهما فجانب الصواب في كلامه كما نرى.

الفرصة الأخيرة
09-02-2006, 08:07 AM
أكرر الرجاء هنا لتصحيح الآيات وإنزالها من المصحف كما هي فيه ففي الآيات التي كتبها الزميل أخطاء فادحة ربما نتج هذا لأن الزميل لا يحفظها ونقلها من برنامج غير دقيق فرجاء التصحيح

ومنها هذه الآيات:

( وَ إِذَا سَمِعوُاُ اللَغُوَ أَعُرَضواُ عَنُه وَقَالواُ لَنا أَعُمَالنَا وَلَكمُ أَعُمَالَكمُ سَلَم عَلَيُكمُ لَا نَبُتَغِي الُجَاهِلِيُنَ ) القصص (55) ، فهي شبيهة بقوله تعالى في وصف عباد الرحمن : ( وَ إِذَا خَاطَبَهم الُجَاهِلونَ قَالواُ سَلَمَا) الفرقان (63)

الفرصة الأخيرة
09-02-2006, 08:10 AM
وإن شاء الله أتابع ما تيسر من ملاحظات آخر اليوم بعد الانتهاء من العمل.

مع التمنيات

مجدي
09-02-2006, 10:02 AM
حرمة المعازف استدل بها العلماء من العديد من الاحاديث :" سيكون في آخر الزمان خسف و قذف و مسخ إذا ظهرت المعازف و القينات و استحلت الخمر ." صححه الالباني .
الفتوى الكويتية تتضمن تحريم المعازف ضمنا وقد اودها الدكتور .

وسئل مالك رضي الله عنه عن الغناء الذي كان بجانب المدينة فقال :" انما يفعله الفساق عندنا "

واليكم هذه القصيدة لابن القيم عن الغناء الذي يسمى اليوم قصائد المديح وتخيل ماذا لو كانت كلمات الفسق :


نبذوا كتاب الله خلف ظهورهم * نبذ المسافر فضلة الأكال
جعلوا السماع مطية لهواهم * وغلوا فقالوا فيه كل محال
هو طاعة هو قربة هو * سنة صدقوا لذاك الشيخ ذي الإضلال
شيخ قديم صادهم بتحيل * حتى أجابوا دعوة المحتال
هجروا له القرآن والأخبار * والآثار إذ شهدت لهم بضلال
ورأوا سماع الشعر أنفع للفتى * من أوجه سبع لهم بتوال
تالله ما ظفر العدو بمثلها * من مثلهم واخيبة الآمال
نصب الحبال لهم فلم يقعوا بها * فأتى بذا الشرك المحيط الغالي
فإذا بهم وسط العرين ممزقى * الأثواب والأديان والأحوال
لا يسمعون سوى الذي يهوونه * شغلا به عن سائر الأشغال
ودعوا إلى ذات اليمين فأعرضوا * عنها وسار القوم ذات شمال
خروا على القرآن عند سماعه * صما وعميانا ذوي إهمال
وإذا تلا القارى عليهم سورة * فأطالها عدوه في الأثقال
ويقول قائلهم : أطلت وليس ذا * عشر فخفف أنت ذو إملال
هذا وكم لغو وكم صخب وكم * ضحك بلا أدب ولا إجمال
حتى إذا قام السماع لديهم * خشعت له الأصوات بالإجلال
وامتدت الأعناق تسمع وحى * ذاك الشيخ من مترنم قوال
وتحركت تلك الرءوس وهزها * طرب وأشواق لنيل وصال
فهنا لك الأشواق والأشجان * والأحوال لا أهلا بذي الأحوال
تالله لو كانوا صحاة أبصروا * ماذا دهاهم من قبيح فعال
لكنما سكر السماع أشد * من سكر المدام وذا بلا إشكال
فإذا هما اجتمعا لنفس مرة * نالت من الخسران كل منال
يا أمة لعبت بدين نبيها * كتلاعب الصبيان في الأوحال
أشمتمو أهل الكتاب بدينكم * والله لن يرضوا بذي الأفعال
كم ذا نعير منهم بفريقكم * سرا وجهرا عند كل جدال
قالوا لنا : دين عبادة أهله * هذا السماع فذاك دين محال
بل لا تجىء شريعة بجوازه * فسلوا الشرائع تكتفوا بسؤال
لو قلتمو فسق ومعصية وتزيين * من الشيطان للأنذال
ليصد عن وحى الإله ودينه * وينال فيه حيلة المحتال
كنا شهدنا أن ذا دين أتى * بالحق دين الرسل لا بضلال
والله منهم قد سمعنا ذا * إلى الآذان من أفواههم بمقال
وتمام ذاك القول بالحيل التي * فسخت عقود الدين فسخ فصال
جعلته كالثوب المهلهل نسجه * فيه تفصله من الأوصال
ما شئت من مكر ومن خدع * ومن حيل وتلبيس بلا إقلال
السماع هنا المقصود به الاغاني الدينية بزعمهم .

أميرة الجلباب
09-02-2006, 10:39 AM
تحريم آلات الطرب
أو الرد بالوحيين وأقوال أئمتنا على ابن حزم ومقلديه المبيحين للمعازف والغنا وعلى الصوفيين الذين اتخذوه قربة ودينا
بقلم
محمد ناصر الدين الألباني
مكتبة الدليل
ط 1 - 1416 هـ

الملف مرفق

يقول العلامة الألباني - رحمة الله - فيه:
من أجل ذلك رأيت أنه لابد من تأليف رسالة أُبين فيها حكم الشرع في الموسيقى ، وأرد على ابن حزم قوله بإباحتها ، و أُ بين أوهامه في تضعيفه الأحاديث الصحيحة المحرمّة لها ، ( ليحيا من حَيّ عن بيّنة ) وبذلك تقوم الحجّة على من لا علم عنده ، ويتخذ منها المهتدي برهاناً لإقناع من يريد الهداية ، ويخشى ربّه .
دمشق 24 شعبان سنة 1375 ه محمد ناصر الدين الألباني .

أميرة الجلباب
09-02-2006, 10:49 AM
رد لأحد الأفاضل من ملتقى أهل الحديث:
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showpost.php?p=105021&postcount=14

الحمد لله وبعد:
هذه المسألة أعني مسألة الغناء والمعازف تناقش في واد آخر غير ما هي عليه الآن ومن علم حقيقة الأغاني في هذه الأيام وكان قد شم رائحة العلم المأخوذ عن الكتاب والسنة فلن يتردد في تفسيق أصحابها وتحريمها وأنا أعجب ممن يناقش حكم الأغاني والموسيقى بعيدا عما هو موجود في واقع المجتمعات من فتنة وبلاء وفحش ودعوة إلى الزنا والعشق والهيام وإفساد الأخلاق.

وهذا كمن يتحدث عن السينما ويقول ليست كلها حرام ويدعي الانصاف والتفصيل، فيا أيها العالم النحرير الناس يسألونك عن السينما التي في مجتمعاتهم وليست السينما التي في خيالك فلماذا اللف والدوران ولبس الحق بالباطل؟! اذكر لنا سينما واحدة في الدنيا ليست حراما!!!

فلماذا لا نصرف جهودنا في محاربة هذا الغناء الفاحش الداعر بدلا من أن نقدم الفتاوى لتأصيل الفساد الذي لا يرجع أصلا للدين ولو قال كل شيوخ الدنيا بحرمته فلن ينتهي أهله؟!

لماذا لا نرجع للمحكمات وندع المتشابه؟

لماذا مع ذبح الأمة من الوريد إلى الوريد نؤصل الفساد؟! -وأنا لا أقصد أحدا بعينه-

ووالله لوكان الغناء مباحا لكان مع تفريط الكثيرين في تعلم فرائض دينهم وتضييع كثير من واجباته وانتشار الفساد واحتلال الأمة ومحاربتها في أصل عقيدتها ومسخ الأجيال.. لكان من أشد المحرمات لما له من آثار في تخنيث العزائم وتخدير المشاعر والغياب عن مهمة الخلق الأساسية وهي تحقيق العبودية لله.

أرجو ممن يضع ضوابط للغناء حتى يبيحه أن يعلم أن من يستمعون الغناء يريدون منه فقط ومضة يخدرون بها ضمائرهم أما بقية كلامه وضوابطه فلن ينظروا إليها ، مع كونها غير موجودة أصلا في الواقع ولن يلتفت إليها أحد.

أرجو ممن يضع ضوابط للغناء أن ينظر حوله في الأغاني الموجودة ويسأل من يستمعون إليها عما تفعله في نفوسهم حتى يعلم أي شر هي؟ وعن أي شيء يتحدث؟
الغناء الآن رسالة هدم وتشريد رسالة فحش وخنا.. رسالة إباحية ودعارة..رسالة إثارة للشهوات..للمغنيين نقاباتهم المرخصة في كثير من البلاد وليس للدعاة إلى الله والعلماء إلا ما تعرفون!

للمغنيين الآن مسارحهم وأموال الأمة تنفق عليهم { يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ} فهل من اعتبار؟!

أمة مشردة، مسخت مفاهيمها وهويتها، وضاع شبابها وشباتها-إلا من رحم الله- ونزفت دماؤها في كل صقع من هذه المعمورة وهي مع هذا تلهو وتغني ويؤصل بعضهم لها الفساد حتى تغرق أكثر وأكثر؟

يا أحباب عند الأمة من الغفلة واللهو ما يكفيها، فحاولوا أن تكونوا سببا في يقظتها بدلا من تأصيل الغفلة لها!

هل يوجد من شم رائحة العلم يبيح هذا الفساد المسمى بالغناء في أوقاتنا الحاضرة؟!
فقد وصل هذا الغناء مع ما يسمى بالفن إلى حالة لم يكن يحلم بها الشيطان!!

ثم لماذا نترك علمائنا الراسخين في العلم ونأخذ الفتاوى من بعض من غلبت عليهم أهواؤهم فاستمعوا هم للغناء وضعفوا فبحثوا عما يؤيد هواهم هنا وهناك ثم نقلوه للأمة على أنه العلم المحقق والراسخ؟!

بعض الشيوخ المشار إليهم بالبنان الآن في زمن نزول الجهل وتصدر الجهال يقول عن نفسه:إنه يستمع لفيروز وفايزة أحمد وشادية ويشاهد الأفلام ...إلخ ما يسقط العدالة فهل هذا يستفتى في حكم هذه الأمور؟!

برئنا إلى الله من معشر = بهم مرض من سماع الغنا
وكم قلت: يا قوم أنتم على = شفا جرف ما به من بنا
شفا جرف تحته هوة = إلى درك كم به من عنا
وتكرار ذا النصح منا لهم = لنعذر فيهم إلى ربنا
فلما استهانوا بتنبيهنا = رجعنا إلى الله في أمرنا
فعشنا على سنة المصطفى = وماتوا على تنتنا تنتنا

وقال آخر:
فدع صاحب المزمار والدف والغنا= وما اختاره عن طاعة الله مذهبا
ودعه يعش في غيه وضلاله = على تاتنا يحيا ويبعث أشيبا
وفي تنتنا يوم المعاد نجاته = إلى الجنة الحمراء يدعى مقربا
سيعلم يوم العرض أي بضاعة = أضاع وعند الوزن ما خف أو ربا
ويعلم ما قد كان فيه حياته = إذا حصلت أعماله كلها هبا
دعاه الهدى والغى من ذا يجيبه = فقال لداعي الغى : أهلا ومرحبا
وأعرض عن داعي الهدى قائلا له : = هواى إلى صوت المعازف قد صبا
يراع ودف بالصنوج وشاهد = وصوت مغن صوته يقنص الظبا
إذا ما تغنى فالظباء تجيبه = إلى أن تراها حوله تشبه الدبا
فما شئت من صيد بغير تطارد = ووصل حبيب كان بالهجر عذبا
فيا آمري بالرشد لو كنت حاضرا = لكان توالي اللهو عندك أقربا

والأخ الذي طرح الموضوع سؤاله واضح: فهو يتحدث عن شبهات موجودة وفساد يريد من طلبة العلم ردها حتى ينقذ أمته، فلماذا كل هذا من حشد للرخص الغثة والأقوال الضعيفة والتقول على الله وعلى رسوله وعلى علماء وأخيار بحكايات ضعيفة وأقوال غثة؟!!

لماذا يا أخي-وأنا أحسبك من الغيورين على دينك- لا تساهم معنا في ردم هذا المستنقع الآسن الذي تعفنت الأجواء وتسممت الأفكار من جراء انتشاره في الأمة؟
لماذا....... ولماذا........... ولماذا؟! ألم تقرأ قول الإمام مالك رحمه الله لما سئل: عما يرخص فيه أهل المدينة من الغناء فقال : إنما يفعله عندنا الفساق؟! .

فهل نحن الآن نحتج بالفساق؟!
عمل أهل المدينة في القرون المفضلة محل خلاف بين أهل العلم، وعمل فساق المدينة عندنا الآن محل احتجاج؟! يا شماتة أعداء الإسلام بنا!

يقول العلامة ابن القيم رحمه الله:( وإذا كان الزمر الذي هو أخف آلات اللهو حراما فكيف بما هو أشد منه كالعود والطنبور واليراع ولا ينبغي لمن شم رائحة العلم أن يتوقف في تحريم ذلك فأقل ما فيه: أنه من شعار الفساق وشاربي الخمور ، وكذلك قال أبو زكريا النووي في روضته: القسم الثاني : أن يغنى ببعض آلات الغناء بما هو من شعار شاربي الخمر وهو مطرب كالطنبور والعود والصنج وسائر المعازف والأوتار يحرم استعماله واستماعه قال : وفي اليراع وجهان صحح البغوي التحريم ثم ذكر عن الغزالي الجواز قال : والصحيح تحريم اليراع وهو الشبابة ، وقد صنف أبو القاسم الدولعى كتابا في تحريم اليراع ،

قد حكى أبو عمرو بن الصلاح الإجماع على تحريم السماع الذي جمع الدف والشبابة والغناء فقال في فتاويه :أما إباحة هذا السماع وتحليله فليعلم أن الدف والشبابة والغناء إذا اجتمعت فاستماع ذلك حرام عند أئمة المذاهب وغيرهم من علماء المسلمين ولم يثبت عن أحد ممن يعتد بقوله في الإجماع والاختلاف أنه أباح هذا السماع والخلاف المنقول عن بعض أصحاب الشافعي إنما نقل في الشبابة منفردة والدفع منفردا فمن لايحصل أو لا يتأمل ربما اعتقد خلافا بين الشافعيين في هذا السماع الجامع هذه الملاهي وذلك وهم بين من الصائر إليه تنادي عليه أدلة الشرع والعقل مع أنه ليس كل خلاف يستروح إليه ويعتمد عليه ومن تتبع ما اختلف فيه العلماء وأخذ بالرخص من أقاويلهم تزندق أو كاد)اهـ.

وللعلم فما من شبهة ذكرها من لبس الحق بالباطل وهو يتحدث عن الغناء إلا وأجاب عنها علماؤنا السابقون والحاضرون من أهل الاتباع الصادق والتدين الصحيح والاستقامة كما أمر الله .


وهذه بعض نقولات عن العلماء الربانيين تبين موقع الغناء وحكمه في دين الله-مع أن الغناء الذي كانوا يتحدثون عنه لا يصل إلى واحد من مليون من الفساد الموجود في الغناء الآن ولا تستطيلوا النقل، فإن الغناء فتنة عمّت فأعمت:

_________
تابع الرد هنـــــــــا
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showpost.php?p=105021&postcount=14

فخر الدين المناظر
09-02-2006, 03:20 PM
أكرر الرجاء هنا لتصحيح الآيات وإنزالها من المصحف كما هي فيه ففي الآيات التي كتبها الزميل أخطاء فادحة ربما نتج هذا لأن الزميل لا يحفظها ونقلها من برنامج غير دقيق فرجاء التصحيح

ومنها هذه الآيات:

( وَ إِذَا سَمِعوُاُ اللَغُوَ أَعُرَضواُ عَنُه وَقَالواُ لَنا أَعُمَالنَا وَلَكمُ أَعُمَالَكمُ سَلَم عَلَيُكمُ لَا نَبُتَغِي الُجَاهِلِيُنَ ) القصص (55) ، فهي شبيهة بقوله تعالى في وصف عباد الرحمن : ( وَ إِذَا خَاطَبَهم الُجَاهِلونَ قَالواُ سَلَمَا) الفرقان (63)

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
الزميل الذي تحاول ان تلمزه ببعض الكلمات يحفظ والحمد لله القرآن الكريم برواية الإمام ورش عن نافع ،،، كل ما علقت عليه هو ليس كلامي بل كلام ماجاء في فتوى القرضاوي ،،، الفتوى ماخوذة كماهي من موقع القرضاوي فإذا كانت هناك أخطاء في بعض الآيات فهي من المصدر.

أولا أظن أن طالب العلم يدرس في اول سنة من التعليم العالي في شعبة الدراسات الإسلامية أنه كل يأخذ منه الأمر ويُرد إلا رسول الله عليه الصلاة والسلام

فلا تلزمني بتفسير في نص غير صريح يقبل التأويل وخاصة أن جمهور العلماء والمفسرين اختلفوا في معنى الآية
وبمناسبة الحديث عن المفسرين ففي هذه الآية
{ وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ ٱلْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُواً أُوْلَـٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ } * { وَإِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِ آيَاتُنَا وَلَّىٰ مُسْتَكْبِراً كَأَن لَّمْ يَسْمَعْهَا كَأَنَّ فِيۤ أُذُنَيْهِ وَقْراً فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ }

قال القرطبى ما ملخصه: هذه إحدى الآيات التى استدل بها العلماء على كراهة الغناء والمنع منه. ولا يختلف فى تحريم الغناء الذى يحرك النفوس، ويبعثها على الغزل والمجون.. فأما ما سلم من ذلك، فيجوز القليل منه فى أوقات الفرح، كالعرس والعيد وعند التنشيط على الأعمال الشاقة، كما كان فى حفر الخندق...
انتهى

واللهو: ما يُقصد منه تشغيل البال وتقصير طول وقت البطالة دون نفع، لأنه إذا كانت في ذلك منفعة لم يكن المقصود منه اللهو بل تلك المنفعة. و { لهو الحديث } ما كان من الحديث مراداً للهو فإضافة { لهو } إلى { الحديث } على معنى { مِن } التبعيضية على رأي بعض النحاة، وبعضهم لا يثبت الإضافة على معنى { من } التبعيضية فيردها إلى معنى اللام.

وتقدم اللهو في قوله
{ وما الحياة الدنيا إلا لعب ولهو }
في سورة الأنعام (32). والأصح في المراد بقوله { ومن الناس من يشتري لهو الحديث } أنه النضر بن الحارث فإنه كان يسافر في تجارة إلى بلاد فارس فيتلقى أكاذيب الأخبار عن أبطالهم في الحروب المملوءة أكذوبات فيقصّها على قريش في أسمارهم ويقول: إن كان محمد يحدثكم بأحاديث عاد وثمود فأنا أحدثكم بأحاديث رستم وإسفنديار وبهرام. ومن المفسرين من قال: إن النضر كان يشتري من بلاد فارس كُتب أخبار ملوكهم فيحدث بها قريشاً، أي بواسطة من يترجمها لهم. ويشمل لفظ { النَّاس } أهل سامره الذين ينصتون لما يقصه عليهم كما يقتضيه قوله تعالى إثره { أولئك لهم عذاب مهين }.

أما من قال المراد بــــ { من يشتري لهو الحديث } من يقتني القينات المغنيات. روى الترمذي عن علي بن يزيد عن القاسم بن عبد الرحمان عن أبي أمامة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " لا تبيعوا القينات ولا تشتروهن ولا خير في تجارةٍ فيهن وثمنُهن حرام " في مثل ذلك أُنزلت هذه الآية { ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله } إلى آخر الآية. قال أبو عيسى: هذا حديث غريب إنما يروى من حديث القاسم عن أبي أمامة وعلي بن يزيد يضعف في الحديث سمعت محمداً ــــ يعني البخاري ــــ يقول علي بن يزيد يضعف

وقال ابن العربي في «العارضة»: في سبب نزولها قولان: أحدهما أنها نزلت في النضر بن الحارث. الثاني أنها نزلت في رجل من قريش قيل هو (ابن خطل) اشترى جارية مغنية فشغل الناس بها عن استماع النبي صلى الله عليه وسلم اهــــ. وألفاظ الآية أنسب انطباقاً على قصة النضر بن الحارث.

ومعنى { ليضل عن سبيل الله } أنه يفعل ذلك ليلهي قريشاً عن سماع القرآن فإن القرآن سبيل موصل إلى الله تعالى، أي إلى الدين الذي أراده، فلم يكن قصده مجرد اللهو بل تجاوزه إلى الصد عن سبيل الله، وهذا زيادة في تفظيع عمله. وقرأ الجمهور { ليُضل } بضم الياء. وقرأه ابن كثير وأبو عمرو بفتح الياء، أي ليزداد ضلالاً على ضلاله إذ لم يكتف لنفسه بالكفر حتى أخذ يبث ضلاله للناس، وبذلك يكون مآل القراءتين متحدّ المعنى.

ويتعلق { ليضل عن سبيل الله } بفعل { يشتري } ويتعلق به أيضاً قوله { بغير علم } لأن أصل تعلق المجرورات أن يرجع إلى المتعلَّق المبني عليه الكلام، فالمعنى: يشتري لهو الحديث بغير علم، أي عن غير بصيرة في صالح نفسه حيث يستبدل الباطل بالحق. والضمير المنصوب في { يتخذها } عائد إلى { سبيل الله، } فإن السبيل تؤنث. وقرأ الجمهور { ويتخذُها } بالرفع عطفاً على { يشتري، } أي يشْغل الناس بلهو الحديث ليصرفهم عن القرآن ويتخذ سبيل الله هزؤاً. وقرأه حمزة والكسائي وحفص عن عاصم ويعقوب وخلف بالنصب عطفاً على { ليضل، } أي يلهيهم بلهو الحديث ليضلهم وليتخذ دين الإسلام هزءاً. ومآل المعنى متّحد في القراءتين لأن كلا الأمرين من فعله ومن غرضه. وأما الإضلال فقد رُجح فيه جانب التعليل لأنه العلة الباعثة له على ما يفعل.

والهزؤ: مصدر هَزأ به إذا سخر به كقوله
{ ولا تتخذوا آيات الله هزؤاً }
[البقرة: 231] ولما كان { من يشتري لهو الحديث } صادقاً على النضر بن الحارث والذين يستمعون إلى قصصه من المشركين جيء في وعيدهم بصيغة الجمع { أولئك لهم عذاب مهين }.

واختير اسم الإشارة للتنبيه على أن ما يرد بعد اسم الإشارة من الخبر إنما استحقه لأجل ما سبق اسمَ الإشارة من الوصف.

وجملة { أولئك لهم عذاب مهين } معترضة بين الجملتين جملة { من يشتري } وجملة { وإذا تتلى عليه آياتنا } فهذا عطف على جملة { يشتري } الخ. والتقدير: ومن الناس من يشتري الخ و { إذا تتلى عليه ءاياتنا ولى مستكبراً }؛ فالموصول واحد وله صلتان: اشتراء لهو الحديث للضلال، والاستكبار عندما تتلى عليه آيات القرآن.

ودل قوله { تتلى عليه } أنه يواجه بتبليغ القرآن وإسماعه. وقوله { وَلَّىٰ } تمثيل للإعراض عن آيات الله كقوله تعالى
{ ثم أدبر يسعى }
[النازعات: 22]. و { مُسْتَكْبِراً } حال، أي هو إعراض استكبار لا إعراض تفريط في الخير فحسب.

وشُبه في ذلك بالذي لا يسمع الآيات التي تتلى عليه، ووجه الشبه هو عدم التأثر ولو تأثراً يعقبه إعراضٌ كتأثر الوليد بن المغيرة. إلى آخر الآيات.
{ كأنْ } مخففة من (كأنَّ) وهي في موضع الحال من ضمير { مستكبراً }. وكرر التشبيه لتقويته مع اختلاف الكيفية في أن عدم السمع مرة مع تمكن آلة السمع ومرة مع انعدام قوة آلته فشبه ثانياً بمن في أذنيه وقر وهو أخص من معنى { كأن لم يسمعها. } ومثل هذا التشبيه الثاني قول لبيد:فتنازعا سَبِطاً يَطير ظلاله كدخان مُشْعَلَةٍ يشِبّ ضِرامها
مشموله غُلِثتْ بنابت عَرْفَج كدُخان نارٍ سَاطِع أسنامُها
والوقر: أصله الثقل، وشاع في الصمم مجازاً مشهوراً ساوى الحقيقة، وقد تقدم في قوله
{ وفي آذانهم وقراً }
في سورة الأنعام (25). وقرأ نافع { في أذْنيه } بسكون الذال للتخفيف لأجل ثقل المثنى، وقرأه الباقون بضم الذال على الأصل. وقد ترتب على هذه الأعمال التي وصف بها أن أمر الله رسوله صلى الله عليه وسلم أن يُوعِده بعذاب أليم. وإطلاق البشارة هنا استعارة تهكمية، كقول عمرو بن كلثوم:فعجَّلْنا القِرى أنْ تشتمونا
وقد عذب النضر بالسيف إذ قتل صبراً يوم بدر، فذلك عذاب الدنيا، وعذاب الآخرة أشد.
وقد قال الطباطبائي في تفسير هاته الآية

قوله تعالى: { ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضلَّ عن سبيل الله بغير علم ويتخذها هزواً } الخ، اللهو ما يشغلك عما يهمّك، ولهو الحديث: الحديث الذي يلهي عن الحق بنفسه كالحكايات الخرافية والقصص الداعية إلى الفساد والفجور، أو بما يقارنه كالتغني بالشعر أو بالملاهي والمزامير والمعازف فكل ذلك يشمله لهو الحديث.

وقوله: { ليضلَّ عن سبيل الله بغير علم } مقتضى السياق أن يكون المراد بسبيل الله القرآن بما فيه من المعارف الحقة الاعتقادية والعملية وخاصة قصص الأنبياء وأُممهم الخالية فإن لهو الحديث والأساطير المزوّقة المختلقة تعارض أولاً هذه القصص ثم تهدم بنيان سائر المعارف الحقة وتوهنها في أنظار الناس.

ويؤيد ذلك قوله بعد: { ويتخذها هزواً } فإن لهو الحديث بما أنه حديث كما سمعت يعارض أولاً الحديث ويتخذه سخرياً.
فالمراد بسبيل الله القرآن بما فيه من القصص والمعارف وكأن مراد من كان يشتري لهو الحديث أن يضلّ الناس بصرفهم عن القرآن وأن يتخذ القرآن هزواً بأنه حديث مثله وأساطير كأساطيره.

وقوله: { بغير علم } متعلق بيضلّ وهو في الحقيقة وصف ضلال الضالين دون إضلال المضلين وإن كانوا أيضاً لا علم لهم ثم هددهم بقوله: { أُولئك لهم عذاب مهين } أي مذل يوهنهم ويذلهم حذاء استكبارهم في الدنيا. (انتهى)

أما الضحاك في قوله تعالى: { وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يَشْتَرِى لَهْوَ ٱلْحَدِيثِ } قال: يعني: الشرك، وبه قال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، واختار ابن جرير: أنه كل كلام يصد عن آيات الله واتباع سبيله.

وقال قتادة: قوله: { وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يَشْتَرِى لَهْوَ ٱلْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ } والله لعله لا ينفق فيه مالاً، ولكن شراؤه استحبابه، بحسب المرء من الضلالة أن يختار حديث الباطل على حديث الحق، وما يضر على ما ينفع.

فبالإضافة على ان الآية اختلف في معناها المفسرون فأيضا ليس فيها دليل على تحريم الغناء وليست آية واضحة في تحريمه ،، فلو شاء ربنا تبارك وتعالى أن يحرم الغناء لحرمه في القرآن الكريم صراحة أو في الأحاديث الصحيحة الصريحة،، فلو كان نص صحيح صريح على تحريمه لأخذت به.
فالمرجو في المرة القادمة يا زميل الخروج عن أسلوب اللمز لأني لست من الملاحدة الذين تناقشهم وأعرف اختصاصي جيدا ،،، والمعذرة لأن ضيق الوقت لا يسمح لي بدخول منتدى التوحيد إلا قليلا ،، والخلاف يسع كل شيء ولا سبيل إلى التشكيك بقدرات الآخر وبعلمه لأنه في النهاية ما أوتينا من العلم إلا قليلا.

ملاحظة: الغناء الفاحش والموسيقى التي تحرك الغريزة وتدفع إلى المعاصي وتلهي عن ذكر الله هي حرام بإجماع العلماء.

الفرصة الأخيرة
09-02-2006, 04:10 PM
الزميل الذي تحاول ان تلمزه ببعض الكلمات يحفظ والحمد لله القرآن الكريم برواية الإمام ورش عن نافع ،،،بداية أنا لا ألمز أحدا من قريب أو بعيد .. المهم عندي هو الرد على الكلام المكتوب لا أكثر .. ومن ذلك تصحيح الآيات كما هي في المصحف .. ولو كان الناقل لها يحفظها لانتبه بمجرد النظر للأخطاء الواقعة.

وعلى كل حال أنا طالبت بالتصيحح ولم أطالب بشيء آخر.


كل ما علقت عليه هو ليس كلامي بل كلام ماجاء في فتوى القرضاوي ،،، الفتوى ماخوذة كماهي من موقع القرضاوي فإذا كانت هناك أخطاء في بعض الآيات فهي من المصدر.لا يهمني كثيرا كلام من المذكور أعلاه .. لك أو لغيرك أو فلان أو علان .. فالمهم عندي يأنه كلام موجود ومكتوب وغير صحيح.


أولا أظن أن طالب العلم يدرس في اول سنة من التعليم العالي في شعبة الدراسات الإسلامية أنه كل يأخذ منه الأمر ويُرد إلا رسول الله عليه الصلاة والسلام
فلا تلزمني بتفسير في نص يقبل التأويلما معنى هذه الألغاز .. نحن نكتب باللغة العربية .. لا بالهيروغلوفية .. فالرجاء الكتابة كما نكتب تماما لنفهمك وتفهمنا ..
في كلامك نجد:
طالب العلم يدرس في أول سنة ... كل يأخذ منه الأمر ويرد إلا رسول الله ... فلا تلزمني بتفسير في نص .. يقبل التأويل.
ما علاقة هذه القضايا الأربعة المذكورة في كلامك بعضها ببعض حتى تركبها على بعضها في سطر واحد؟!
طالب العلم في أول سنة أو آخرها مثله مثل غيره من المسلمين يرد كلامه إذا خالف النبي صلى الله عليه وسلم .. فما وجه تخصيصه بذلك؟ إلا إن كان المراد مجرد سب مبطن لكن لم يكن الساب بتلك المهارة التي يخفي فيها مقصده؟!

وما علاقة قولك (يقبل التأويل) بما نحن فيه؟ أنا تكلمت كلاما عربيا صحيحا بأدلة من خلال السياق واضحة وصريحة لكل ذي عينين .. فلا ترد عليَّ إلا بمثلها إن كان عندك .. لكن لا تصلح العبارات العامة في الرد هنا مثل (كل يؤخذ منه ويرد) (لا تلزمني بتفسير) ومثل هذا الكلام ..
الحجة تقارعها الحجة لا العمومات المرسلة التي ربما لا محل لها من الإعراب أحيانا.



وبمناسبة الحديث عن المفسرين ففي هذه الآية قال القرطبى ما ملخصه: هذه إحدى الآيات التى استدل بها العلماء على كراهة الغناء والمنع منه. ولا يختلف فى تحريم الغناء الذى يحرك النفوس، ويبعثها على الغزل والمجون.. فأما ما سلم من ذلك، فيجوز القليل منه فى أوقات الفرح، كالعرس والعيد وعند التنشيط على الأعمال الشاقة، كما كان فى حفر الخندق...
انتهى لا أدري لماذا الإصرار على الخلط المتعمد للمفاهيم والتراكيب اللغوية والشرعية؟
تجلد عجيب في محاولة الإباحة بغض النظر عن الأدلة.
القرطبي كما هو ظاهر يتكلم عن نوع آخر اسمه (الحداء) أو ممكن نسميه تردد الشعر أو الترنم ببعضه أثناء الأعمال الشاقة مثلا كما يفعل عمال العقارات مثلا حين يقولون: (هونها يا رب .. يا رب) ويظل هذا نشيدهم طوال اليوم أو كيفما يحلو لهم .. وهكذا يفعل غيرهم من الناس.
فهذا الحداء شيء .. والغناء المعروف في زماننا شيء آخر.

هناك فرق بين (لبيك إسلام البطولة) وبين (إني خيرتك فاختاري ما بين الموت على صدري أو بين دفاتر أشعاري) لنزار قباني.
فالأول حداء حصل ويحصل في كل زمان ومكان وهو المقصود في كلام القرطبي وغيره من العلماء السابقين .. وأما الكلام الفارغ والأغاني بصورتها المعاصرة فليست هي المقصودة في كلام العلماء قط ..
فلا تخلط بين الأوراق.
والدليل على ذلك استدلال القرطبي حسب النص الذي نقلته أنت الآن ولم أراجعه بعدُ .. فقد استدل القرطبي بما حصل في حفر الخندق ونحن نعلم يقينا أن الذي حصل هناك كان حداء وليس غناء.

حداء يا قوم وليس غناء

فلا تخلطوا الأوراق هداكم الله.

الفرصة الأخيرة
09-02-2006, 04:43 PM
ويدل على ما ذكرته في كلامي عن كلام القرطبي السابق .. وأن المراد بالجائز عندهم هو (الحداء) والترنم ببعض الأشعاء التي لا خلاعة ولا مجون ولا موسيقى معها .. كما يفعله العاملون بالبناء .. وكما حصل في الخندق .. وليس المراد الغناء المعروف في زماننا.

ويدل على هذا كلام القرطبي وغيره .. بل في كلام القرطبي أن اعتياد الغناء سفه .. وترد شاهد المغني .. ورأى الإمام مالك رحمه الله أن الغناء من العيوب التي ترد بها الجواري إذا كانت مغنية ..

وهذا كلام القرطبي في تفسيره للآية الكريمة بنصه من تفسيره 14: 47

قوله تعالى : { ومن الناس من يشتري لهو الحديث } من في موضع رفع بالابتداء ولهو الحديث : الغناء في قول ابن مسعود و ابن عباس وغيرهما النحاس : وهو ممنوع بالكتاب والسنة والتقدير : من يشتري ذا لهو أو ذات لهو مثل : { واسأل القرية } يوسف : 82 أو يكون التقدير : لما كان إنما اشتراها يشتريها ويبالغ في ثمنها كأنه اشتراها للهو
قلت : هذه إحدى الآيات الثلاث التي استدل بها العلماء على كراهة الغناء والمنع منه
والآية الثانية قوله تعالى : { وأنتم سامدون } النجم : 61 قال ابن عباس : هو الغناء بالحميرية اسمدي لنا أي غني لنا.

والآية الثالثة قوله تعالى : { واستفزز من استطعت منهم بصوتك } الإسراء : 64 قال مجاهد : الغناء والمزامير وقد مضى في سبحان الكلام فيه وروى الترمذي عن أبي أمامة [ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لا تبيعوا القينات ولا تشتروهن ولا تعلموهن ولا خير في تجارة فيهن وثمنهن حرام في مثل هذا أنزلت هذه الآية : { ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله } ] إلى آخر الآية قال أبو عيسى : هذا حديث غريب إنما يروي من حديث القاسم عن أبي أمامة والقاسم ثقة وعلي بن يزيد يضعف في الحديث قاله محمد بن إسماعيل قال ابن عطية : وبهذا فسر ابن مسعود و ابن عباس و جابر بن عبد الله و مجاهد وذكره أبو الفرج الجوزي عن الحسن و سعيد بن جبير و قتادة و النخعي
قلت : هذا أعلى ما قيل في هذه الآية وحلف على ذلك ابن مسعود بالله الذي لا إله إلا هو ثلاث مرات إنه الغناء وروى سعيد بن جبير عن أبي الصهباء البكري قال : سئل عبد الله بن مسعود عن قوله تعالى : { ومن الناس من يشتري لهو الحديث } فقال : الغناء والله الذي لا إله إلا هو يرددها ثلاث مرات وعن ابن عمر أن الغناء وكذلك قال عكرمة و ميمون بن مهران و مكحول وروى شعبة و سفيان عن الحكم و حماد عن إبراهيم قال : قال عبد الله بن مسعود : الغناء ينبت النفاق في القلب وقاله مجاهد وزاد : إن لهو الحديث في الآية الاستماع إلى الغناء وإلى مثله من الباطل وقال الحسن : لهو الحديث المعازف والغناء وقال القاسم بن محمد : الغناء باطل والباطل في النار وقال ابن القاسم سألت مالكا عنه فقال : قال الله تعالى : { فماذا بعد الحق إلا الضلال } يونس : 32 أفحق هو ؟ ! وترجم البخاري باب كل لهو باطل إذا شغل عن طاعة الله ومن قال لصاحبه تعال أقامرك وقوله تعالى : { ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله بغير علم ويتخذها هزوا } فقوله : إذا شغل عن طاعة الله مأخوذ من قوله تعالى : { ليضل عن سبيل الله } وعن الحسن أيضا : هو الكفر والشرك وتأوله قوم على الأحاديث التي يتلهى بها أهل الباطل واللعب وقيل : نزلت في النضر بن الحارث لأنه اشترى كتب الأعاجم رستم وإسفنديار فكان يجلس بمكة فإذا قالت قريش إن محمدا قال كذا ضحك منه وحدثهم بأحاديث ملوك الفرس ويقول : حديثي هذا احسن من حديث محمد حكاه الفراء و الكلبي وغيرهما وقيل : كان يشتري المغنيات فلا يطفو بأحد يريد الإسلام إلا انطلق به إلى قينته فيقول : أطعميه واسقيه وغنيه ويقول : هذا خير مما يدعونك إليه محمد من الصلاة والصيام وأن تقاتل بين يديه وهذا القول والأول ظاهر في الشراء وقالت طائفة : الشراء في هذه الآية مستعار وإنما نزلت الآية في أحاديث قريش وتلهيهم بأمر الإسلام وخوضهم في الباطل قال ابن عطية : فكان ترك ما يجب فعله وامتثال هذه المنكرات شراء لها على حد قوله تعالى : { أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى } البقرة : 16 ، واشتروا الكفر بالإيمان أي استبدلوه منه واختاروه عليه وقال مطرف : شراء لهو الحديث استحبابه قتادة : ولعله لا ينفق فيه مالا ولكن سماعه شراؤه
قلت : القول الأول أولى ما قيل به في هذا الباب للحديث المرفوع فيه وقول الصحابة والتابعين فيه وقد زاد الثعلبي و الواحدي في حديث أبي أمامة : [ وما من رجل يرفع صوته بالغناء إلا بعث الله عليه شيطانين أحدهما على هذا المنكب والآخر على هذا المنكب فلا يزالان يضربان بأرجلهما حتى يكون هو الذي يسكت ] وروى الترمذي وغيره من حديث أنس وغيره عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : [ صوتان ملعونان فاجران أنهى عنهما : صوت مزمار ورنة شيطان عند نغمة ومرح ورنة عند مصيبة لطم خدود وشق جيوب ] وروى جعفر بن محمد عن أبيه عن جده عن علي عليه السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : [ بعثت بكسر المزامير ] خرجه أبو طالب الغيلاني وخرج ابن بشران عن عكرمة عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : [ بعثت بهدم المزامير والطبل ] وروى الترمذي من حديث علي رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : [ إذا فعلت أمتي خمس عشرة خصلة حل بها البلاء - فذكر منها : إذا اتخذت القينات والمعازف ] وفي حديث أبي هريرة : [ وظهرت القيان والمعازف ] وروى ابن المبارك عن مالك بن أنس عن محمد بن المنكدر عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : [ من جلس إلى قينة يسمع منها صب في أذنه الآنك يوم القيامة ] وروى أسد بن موسى عن عبد العزيز بن أبي سلمة عن محمد بن المنكدر قال : بلغنا أن الله تعالى يقول يوم القيامة : أين عبادي الذين كانوا ينزهون أنفسهم وأسماعهم عن اللهو ومزامير الشيطان أحلوهم رياض المسك وأخبروهم أني قد أحللت عليهم رضواني وروى ابن وهب عن مالك عن محمد بن المنكدر مثله وزاد بعد قوله : المسك : ثم يقول للملائة أسمعوهم حمدي وشكري وثنائي وأخبروهم ألا خوف عليهم ولا هم يخزنون وقد روي مرفوعا هذا المعنى من حديث أبي موسى الأشعري أنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : [ من استمع إلى صوت غناء لم يؤذن له أن يسمع الروحانيين فقيل : ومن الروحانيين يا رسول الله ؟ قال قراء أهل الجنة ] خرجه الترمذي الحكيم أبو عبد الله في نوادر الأصول وقد ذكرنا في كتاب التذكرة مع نظائره : [ فمن شرب الخمر في الدنيا لم يشربها في الآخرة ومن لبس الحرير في الدنيا لم يلبسه في الآخرة ] إلى غير ذلك وكل ذلك صحيح المعنى على ما بيناه هناك ومن رواية مكحول عن عائشة قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : [ من مات وعنده جارية مغنية فلا تصلوا عليه ] ولهذا الآثار وغيرها قال العلماء بتحريم الغناء وهي المسألة :
الثانية : وهو الغناء المعتاد عند المشتهرين به الذي يحرك النفوس ويبعثها على الهوى والغزل والمجون الذي يحرك الساكن ويبعث الكامن فهذا النوع إذا كان في شعر يشبب فيه بذكر النساء ووصف محاسنهن وذكر الخمور والمحرمات لا يختلف في تحريمه لأنه اللهو والغناء المذموم بالاتفاق فأما ما سلم من ذلك فيجوز القليل منه في أوقات الفرح كالعرس والعيد وعند النشيط على الأعمال الشاقة كما كان في حفر الخندق وحدود أنجشة وسلمة بن الأكوع
فأما ما ابتدعته الصوفية اليوم من الإدمان على سماع المغاني بالآلات المطربة من الشبابات والطار والمعازف والأوتار فحرام ابن العربي : فأما طبل الحرب فلا حرج فيه لأنه يقيم النفوس ويرهب العدو وفي اليراعة تردد والدف مباح الجوهري : وربما سموا قصبة الراعي التي يزمر بها هيرعة ويراعة قال القشيري : ضرب بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم يوم دخل المدينة فهم أبو بكر بالزجر فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : [ دعهن يا أبا بكر حتى تعلم اليهود أن ديننا فسيح ] فكن يضربن ويقلن : نحن بنات النجار حبذا محمد من جار وقد قيل : إن الطبل في النكاح كالدف وكذلك الآلات المشهرة للنكاح يجوز استعمالها فيه بما يحسن من الكلام ولمن يكن فيه وفث
الثالثة : الاشتغال بالغناء على الدوام سفه ترد به الشهادة فإن لم يدم لم ترد وذكر إسحاق بن عيسى الطباع قال : سألت مالك بن أنس عما يرخص فيه أهل المدينة من الغناء فقال : إنما يفعله عندنا الفساق وذكر أبو الطيب طاهر بن عبد الله الطبري قال : أما مالك بن أنس فإنه نهى عن الغناء وعن استماعه وقال : إذا اشترى جارية ووجدها مغنية كان له ردها بالعيب وهو مذهب سائر أهل المدينة إلا إبراهيم بن سعد فإنه حكى عنه زكريا الساجي أنه كان لا يرى به بأسا وقال ابن خويز منداد : فأما مالك فيقال عنه : إنه كان عالما بالصناعة وكان مذهبه تحريمها وروى عنه أنه قال : تعلمت هذه الصناعة وأنا علام شاب فقالت لي أمي : أي بني ! إن هذه الصناعة يصلح لها من كان صبيح الوجه ولست كذلك فاطلب العلوم الدينية فصبحت ربيعة فجعل الله في ذلك خيرا قال أبو الطيب الطبري : وأما مذهب أبي حنيفة فإنه يكره الغناء مع إباحته شرب النبيذ ويجعل سماع الغناء من الذنوب وكذلك مذهب سائر أهل الكوفة : إبراهيم و الشعبي و حماد و الثوري وغيرهم لا اختلاف بينهم في ذلك وكذلك لا يعرف بين أهل البصرة خلاف في كراهية ذلك والمنع منه إلا ما روي عن عبيد الله بن الحسن العنبري أنه كان لا يرى به بأسا قال : وأما مذهب الشافعي فقال : الغناء مكروه يشبه الباطل ومن استكثر منه فهو سفيه ترد شهادته
وذكر أبو الفرج الجوزي عن إمامه أحمد بن حنبل ثلاث روايات قال : وقد ذكر أصحابنا عن أبي بكر الخلال وصاحبه عبد العزيز إباحة الغناء وإنما أشاروا إلى ما كان في زمانهما من القصائد الوهديات قال : وعلى هذا يحمل ما لم يكرهه أحمد ويدل عليه أنه سئل عن رجل مات وخلف ولدا وجارية مغنية فاحتاج الصبي إلى بيعها فقال : تباع على أنها ساذجة تساوي عشرين ألفا ؟ فقال : لا تباع إلا على أنها ساذجة قال أبو الفرج : وإنما قال أحمد هذا لأن هذه الجارية المغنية لا تغني بقصائد الزهد بل بالأشعار المطربة المثيرة إلى العشق
وهذا دليل على أن الغناء محظور إذ لو لم يكن محظورا ما جاز تفويت المال على اليتيم وصار هذا كقول أبي طلحة للنبي صلى الله عليه وسلم : عندي خمر لأيتام ؟ فقال : أرقها فلو جاز استصلاحها لما أمر بتضييع مال اليتامى
قال الطبري : فقد أجمع علماء الأمصار على كراهة الغناء والمنع منه وإنما فارق الجماعة إبراهيم بن سعد و عبيد الله العنبري وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : [ عليكم بالسواد الأعظم ] و [ من فارق الجماعة مات ميتة جاهلية ] قال أبو الفرج : وقال القفال من أصحابنا : لا تقبل شهادة المعني والرقاص
قلت : وإذ قد ثبت أن هذا الأمر لا يجوز فأخذ الأجرة عليه ولا تجوز وقد ادعى أبو عمر بن عبد البر الإجماع على تحريم الأجرة على ذلك وقد مضى في الأنعام عند قوله : { وعنده مفاتح الغيب } الأنعام : 59 وحسبك
الرابعة : قال القاضي أبو بكر بن العربي : أما سماع القنيات فيجوز للرجل أن يسمع غناء جاريته إذ ليس شئ منها عليه حراما لا من ظاهرها ولا من باطنها فكيف يمنع من التلذذ بصوتها أما أنه لا يجوز انكشاف النساء للرجال ولا هتك الأستار ولا سماع الرفت فإذا خرج ذلك إلى ما يحل ولا يجوز نع من أوله واجتث من أصله وقال أبو الطيب الطبري : أما سماع الغناء من المرأة التي ليست بمحرم فإن أصحاب الشافعي قالوا لا يجوز سواء كانت حرة أو مملوكة قال : وقال الشافعي وصاحب الجارية إذا جمع الناس لسماعها فهو سفيه ترد شهادته ثم غَلَّظَ القول فيه فقال : فهي دياثة وإنما جعل صاحبها سفيها لأنه دعا الناس إلى الباطل ومن دعا الناس إلى الباطل كان سفيها

الفرصة الأخيرة
09-02-2006, 04:46 PM
فهذا إجماع واضح وصريح كما نرى على تحريم الغناء .. بما في ذلك إجماع الأئمة الأربعة: أبو حنيفة ومالك والشافعي وأحمد على تحريم الغناء حسب الصورة الموجودة له الآن في أزماننا.
ورد شهادة من احترف الغناء أو اعتاده واعتباره سفها ترد به الشهادة .. والإجماع على تحريم أخذ الأجرة عليه كما هو مذكور أعلاه في المشاركة السابق لي.

الفرصة الأخيرة
09-02-2006, 04:50 PM
تنبيه مهم جدا: قال العلماء الحداء الجائز هو ما لم يكن فيه مجون ولا خلاعة مثل ما يفعله عمال الأعمال الشاقة مثلا .. لكن إذا قام هؤلاء العمال بترديد الأغاني المجانة أو الفاحشة أو ترديد الأغاني المصادمة للشريعة بألفاظها .. فهذا كله حرام لا يجوز عند إجماعا كما سبق.

ومن هنا نعلم أنه لا خلاف في تحريم الغناء على الحقيقة بين الأئمة .. وهم أعلم بذلك من غيرهم.

الفرصة الأخيرة
09-02-2006, 05:11 PM
وبالمناسبة: فقد وجدت في موقع القرضاوي على هذا الرابط
http://www.qaradawi.net/site/topics/article.aspx?cu_no=2&item_no=3805&version=1&template_id=74&parent_id=12

ما نصه:

اتفقوا على تحريم كل غناء يشتمل على فحش أو فسق أو تحريض على معصية ، إذ الغناء ليس إلا كلاماً فحسنه حسن ، و قبيحه قبيح و كل قول يشتمل على حرام ، فما بالك إذ اجتمع له الوزن والنغم والتأثير ؟

و اتفقوا على إباحة ما خلا من ذلك من الغناء الفطري الخالي من الآلات و الإثارة ، و ذلك في مواطن السرور المروعة ، كالعرس ، وقدوم الغائب ، و أيام الأعياد ونحوها ، بشرط ألا يكون المغني امرأة في حضرة أجانب منها


وعلى كل حال فقد مضى بيان ما في الغناء.



الأخ مجدي.
الأخت أميرة الجلباب:

معذرة لم أر مشاركاتكم إلا بعد أن وضعت مشاركاتي فجزاكم الله خيرا على السبق والإفادة.
وتمنياتي للجميع بنهاية سعيدة :emrose:

فخر الدين المناظر
09-02-2006, 09:18 PM
الحمد لله وبسم الله وعلى بركة الله
ما رأيك عوض النسخ واللصق واللمز ،، أن نناقش بموضوعية ؟؟ فأنا لا أتكلم بالهيروغليفية ولا باليابانية بل بالعربية فلي ايضا أدلتي ،، ولكن نتفق ان الغناء الوضيع المنحط سواء به الفاظ بديئة او مايتعارض مع الشريعة فهو حرام بإجماع العلماء ،،
ما رأيك ان نبدأ بالثلاث آيات
ناقشنا الآية التي : { ومن الناس من يشتري لهو الحديث } وقد بينت اعلاه مواقف المفسرين ولا حاجة للرجوع إلى هاته الآية.
نناقش الآية التانية
تقول يا أخي

والآية الثانية قوله تعالى : { وأنتم سامدون } النجم : 61 قال ابن عباس : هو الغناء بالحميرية اسمدي لنا أي غني لنا.

وصراحة فتحت تفسير ابن العباس وهذا ماوجدت

{ وَأَنتُمْ سَامِدُونَ } لاهون عنه لا تؤمنون به.

وأصلا لا يوجد في الآية 61 من سورة النجم شيء عن الغناء أو تحريمه.

{ أَفَمِنْ هَـٰذَا ٱلْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ } * { وَتَضْحَكُونَ وَلاَ تَبْكُونَ } * { وَأَنتُمْ سَامِدُونَ }

وقد قال الرازي وقوله تعالى: { وَأَنتُمْ سَـٰمِدُونَ } أي غافلون، وذكر باسم الفاعل، لأن الغفلة دائمة، وأما الضحك والعجب فهما أمران يتجددان ويعدمان.

والاستفهام فى قوله - تعالى -: { أَفَمِنْ هَـٰذَا ٱلْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ } للإِنكار والتوبيخ.

أى: أفمن هذا القرآن وما اشتمل عليه من هدايات وتشريعات.. تتعجبون، وتنكرون كونه من عند الله - تعالى -.

{ وَتَضْحَكُونَ وَلاَ تَبْكُونَ } أى: وتضحكون ضحك استهزاء وتهكم منه وممن جاء به - صلى الله عليه وسلم - ولا تبكون خشية من الله - تعالى -، ومن سماع ما اشتمل عليه هذا القرآن من وعد ووعيد.

{ وَأَنتُمْ سَامِدُونَ } أى: وأنتم لاهون معرضون، يقال: سمَد يسمُد: كدخل - إذ اشتغل باللهو والإِعراض عن الرشد.

أو المعنى: وأنتم رافعون رءوسكم تكبرا يقال: سمَد سمودا، إذا رفع رأسه تكبرا وغرورا، وكل متكبر فهو سامد، ومنه قولهم: بعير سامد فى سيره إذا رفع رأسه متبختراً فى مشيته.

ومرة أخرى فهذه الآية ليست دليلا على التحريم.

الآية الثالثة في سورة الإسراء

{ وَٱسْتَفْزِزْ مَنِ ٱسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِم بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِي ٱلأَمْوَالِ وَٱلأَوْلادِ وَعِدْهُمْ وَمَا يَعِدُهُمُ ٱلشَّيْطَانُ إِلاَّ غُرُوراً }

قال صاحب الكشاف: " فإن قلت: ما معنى استفزاز إبليس بصوته، وإجلابه بخيله ورجله؟

قلت: هو كلام وارد مورد التمثيل شبهت حاله فى تسلطه على من يغويه، بمغوار أوقع على قوم، فصوت بهم صوتاً يستفزهم من أماكنهم، ويقلقهم عن مراكزهم، وأجلب عليهم بجنده، من خيالة ورجالة حتى استأصلهم، وقيل: بصوته، أى: بدعائه إلى الشر، وبخيله، ورجله: أى كل راكب وماش من أهل العبث. وقيل: يجوز أن يكون لإِبليس خيل ورجال ". انتهى

والاستفزاز: طلب الفَزّ، وهو الخفة والانزعاج وترك التثاقل. والسين والتاء فيه للجَعل الناشىء عن شدة الطلب والحث الذي هو أصل معنى السين والتاء، أي استخفهم وأزعجهم.

والصوت: يطلق على الكلام كثيراً، لأن الكلام صوت من الفم. واستعير هنا لإلقاء الوسوسة في نفوس الناس.

ويجوز أن يكون مستعملاً هنا تمثيلاً لحالة إبليس بحال قائد الجيش فيكون متصلاً بقوله: { وأجلب عليهم بخيلك } كما سيأتي.

والإجْلاب: جَمْع الجيش وسوقه، مشتق من الجَلَبة بفتحتين، وهي الصياح، لأن قائد الجيش إذا أراد جمع الجيش نادى فيهم للنفير أو للغارة والهجوم.

والخيل: اسم جمع الفَرس. والمراد به عند ذكر ما يدل على الجيش الفرسان. ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم " يا خيلَ الله اركبي " وهو تمثيل لحال صرف قوته ومقدرته على الإضلال بحال قائد الجيش يجمع فرسانه ورجالته..

ولما كان قائد الجيش ينادي في الجيش عند الأمر بالغارة جاز أن يكون قوله: { واستفزز من استطعت منهم بصوتك } من جملة هذا التمثيل.

قال الطباطبائي

قوله تعالى: { واستفزز من استطعت منهم بصوتك وأجلب عليهم بخيلك ورجلك } إلى آخر الآية الاستفزاز الازعاج والاستنهاض بخفة وإسراع، والإِجلاب كما في المجمع السوق بجلبة من السائق والجلبه شدة الصوت، وفي المفردات: أصل الجلب سوق الشيء يُقال: جلبت جلباً قال الشاعر: " وقد يجلب الشيء البعيد الجواب " وأجلبت عليه صحت عليه بقهر، قال الله عز وجل: { وأجلب عليهم بخيلك ورجلك }.
فقوله: { واستفزز من استطعت منهم بصوتك }: أي استنهض للمعصية من استطعت أن تستنهضه من ذرية آدم - وهم الذين يتولونه منهم ويتبعونه كما ذكره في سورة الحجر - بصوتك، وكأن الاستفزاز بالصوت كناية عن استخفافهم بالوسوسة الباطلة من غير حقيقة، وتمثيل بما يساق الغنم وغيره بالنعيق والزجر وهو صوت لا معنى له. انتهى

ولا أجد في هذه الآية دليلا قاطعا صريحا على تحريم الغناء.

ثم لنناقش هذا الحديث

روى الترمذي عن أبي أمامة ' عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لا تبيعوا القينات ولا تشتروهن ولا تعلموهن ولا خير في تجارة فيهن وثمنهن حرام '

قال أبو عيسى : هذا حديث غريب إنما يروي من حديث القاسم عن أبي أمامة والقاسم ثقة وعلي بن يزيد يضعف في الحديث

قال ابن كثير
قال ابن أبي حاتم: حدثنا محمد بن إسماعيل الأحمسي، حدثنا وكيع عن خلاد الصفار عن عبيد الله بن زحر، عن علي بن يزيد عن القاسم بن عبد الرحمن، عن أبي أمامة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " لا يحل بيع المغنيات، ولا شراؤهن، وأكل أثمانهن حرام، وفيهن أنزل الله عز وجل علي: { وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يَشْتَرِى لَهْوَ ٱلْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ } " وهكذا رواه الترمذي وابن جرير من حديث عبيد الله بن زحر بنحوه، ثم قال الترمذي: هذا حديث غريب، وضعف علي بن يزيد المذكور. (قلت): علي وشيخه والراوي عنه كلهم ضعفاء، والله أعلم.

هذا ولن اتمكن من قراءة كل ماورد في المقال لضيق الوقت ،، وارجوا أن تقرأ أدلة المجيزين وبعض الكتب الاخرى للتوسع ،،، ولك ان تأخذ بأي الرأيين ،،، وأنصح نفسي وإياك بعدم اللمز في اي شخص لأنك غير متطلع على شخصيات المحاورين ولا على سرائر المسلمين وأسأل الله الإخلاص في العمل والهداية لما اختلف فيه ،،، وهداكم الله.

الفرصة الأخيرة
09-02-2006, 09:43 PM
الحمد لله وبسم الله وعلى بركة الله
ما رأيك عوض النسخ واللصق رغم أنك الذي فعلتَ هذا وبدأتَه في نقولاتك المطولة قص ولصق كما في مشاركتك الطويلة أعلاه .. وأنا لم أفعل هذا قط كما يرى القارئ سوى في نقل واحد فقط في مشاركة لي حينما نقلت كلام القرطبي المطول لأبين للقارئ أن ما نُقل في مشاركة الزميل أعلاه عن القرطبي له تكملة طويلة ومهمة جدا.

ومع هذا فلا مانع عندي أبدا من الحوار الموضوعي الجاد شريطة التزام أدب الحوار وأبجدياته القائمة على الاستدلال السليم واحترام الطرف الآخر.

مع تمنياتي :emrose:

الفرصة الأخيرة
09-02-2006, 10:07 PM
هذا ولن اتمكن من قراءة كل ماورد في المقال لضيق الوقت ،، وارجوا أن تقرأ أدلة المجيزين وبعض الكتب الاخرى للتوسع ،،، ولك ان تأخذ بأي الرأيين ،،، وأنصح نفسي وإياك بعدم اللمز في اي شخص لأنك غير متطلع على شخصيات المحاورين ولا على سرائر المسلمين وأسأل الله الإخلاص في العمل والهداية لما اختلف فيه

ما دمت تريد الكلام بموضوعية فاكتب بموضوعية أيضا.

أولا: أنا ليس أي دخل بشخصيات المحاورين .. سواء كانوا من الهند أو السند أو كانوا أساتذة جامعة أو حتى سمكرية في روض الفرج .. فكل هذا لا يعنيني بشيء من قريب أو بعيد .. فهذه أمور غيبية .. وقد يكون المحاور رجل صالح أخطأ .. وقد يكون إبليس يهودي للتشكيك في الإسلام ونشر الإباحية ..
كما سبق وقلت مرار في غير مناسبة وهنا أيضا: كل هذا لا يعنيني من قريب أو بعيد .. المهم عندي موضوعية الكلام المكتوب أمامي لا أكثر.

ثانيا: كلامك هنا وتوجيهك بالأخذ بأحد الرأيين كلام مغلوط وغير صحيح وغير موضوعي تماما .. لأن محل صحة الأخذ بأحد الرأيين هو: دوران الإصابة معهما .. أو ترددها بينهما .. أو عدم شذوذ المخالف .. أو نحو هذه الأمور.

أما هنا فالخلاف فيه شاذ .. والمخالف شاذ .. لأنه قد سبق حكاية أكثر من واجد لإجماع الأئمة على قبل ابن حزم وغيره ممن تبعوه على عدم تحرير المسألة .. ومنهم الأئمة الأربعة .. كلهم أجمعوا على تحريم الغناء .. ولا يصح إحداث قول ثاني بعد الإجماع .. ومن خالف بعد إجماعٍ فهو شاذ .. وهذا يعرفه الكبير والصغير فلا نطيل فيه.

ثالثا: وجود آراء وتفاسير في كتب تفاسير ابن عباس أو غيره ممن لم يكتبوا كتبهم بأيديهم لا يعني شيئا .. وكلامك عن عدم وجود المنقول عن ابن عباس في تفسيره المنسوب إليه غير موضوعي وغير علمي تماما .. لأن ابن عباس لم يؤلف تفسيره بنفسه .. وإنما جمع بعضهم ما رآه ووقف عليه من آراء لابن عباس رضي الله عنهما .. وقد يستوعب هذا الجامع وقد تفوته آراء .. فهذا كله حسب اجتهاده .. وهنا من عَلِم فنقلَ حجةٌ على مَن لم يعلم فلم ينقل.
فنقولات القرطبي وغيره ممن علموا فنقلوا عن ابن عباس تفسيره (سامدون) بـ (تغنون) وأنها لغة حمير كلام قائم بذاته ودليل منفصل لا غبار عليه البتة .. لما سبق تحريره.

فأرجو أن تحرر الأمور قبل الإطالة فيما لا طائل وراءه.

الفرصة الأخيرة
09-02-2006, 10:12 PM
ثم إن وجود معاني أخرى يحتملها اللفظ العربي الفصيح للآية أو الحديث لا يعني إهدار باقي المعاني .. فاللغة العربية ولادة وحمالة ويدل اللفظ الواحد منها على أكثر من معنى .. مثل العين المبصرة وعين الماء وهكذا .. وهذا كله يفهم بالقرينة .. ووجود أكثر من معنى يدخل تحت اللفظ لا إشكال فيه ..
وعليه لا إشكال في أن يكون المقصود من (سامدون) ما ذكره ابن عباس رضي الله عنه بلغة حمير وأنه هو الغناء .. وكذلك يدخل في اللفظ وأنتم لاهون كما يذكره الرازي أو غيره .. فاللفظ يحتمل والمعاني لا تتضارب ولا تختلف هنا بحمد الله .. فالغناء من اللهو بدليل الآية الأخرى التي فيها (لهو الحديث) ويقصد به الغناء.

الفرصة الأخيرة
09-02-2006, 10:13 PM
أما قولك نناقش الحديث ..
وبعدها لم تذكر سوى حديث واحد فقط .. فهذا غير موضوعي وغير لائق كما ترى .. وكان الواجب أن تقول: نناقش حديثًا من الأحاديث .. لا أن تقول نناقش الحديث .. فتوهم القارئ بأنه لا يوجد غير هذا الحديث في الموضوع .. فهناك أحاديث أخرى.

فأرجو أن تبتعد عن الإيهام في عباراتك وأن تلتزم الدقة والموضوعية في الكتابة رجاء.

مع تمنياتي.

فخر الدين المناظر
09-03-2006, 05:26 AM
طيب ،، لن أعلق على كلامك وسوف أدخل في الموضوع مباشرة ،،، لا أنت رددت على ادلة المجيزين ولا ناقشت ما رددت عليه ،،،
ثم كيف تقول انه لا خلاف بين العلماء و انه فقط هناك رأي شاذ ؟؟؟ العلماء القائلون بجواز الاستماع كثيرون جدا ،، وأذكر لك بعضهم

الإمام ابن قتيبة
أبو المنصور البغدادي الشافعي
الإمام ابن العربي
القاضي شريح
سعيد بن المسيب
عطاء بن أبي رباح
قاضي المدينة سعد بن إبراهيم ابن عبد الرحمن الزهري
الشعبي
عبد الله بن الزبير
محمد بن حزم
عمر بن عبد العزيز كان يسمع جواريه قبل الخلافة‌
ابن السمعاني
ومحمد ابن عمر البستي
قد روي الغناء و سماعه عن جماعة‌ من الصحابة و التابعين
أبى الفضل كمال الدين جعفر الأدفوى
أبو الفتوح أحمدالغزالى
أبي زيد عبد الرحمن العيدروس
ابن رجب الحنبلي
وللإمام الشوكانى كتاب( إبطال دعوى الإجماع فى تحريم مطلق السماع)

واللائحة طويلة جدا تضم صحابة وتابعين وعلماء ، فاذا كنت تعتبر هؤلاء من شذوذ الآراء فلا حول ولا قوة إلا بالله

سوف يكون الحوار كالآتي
*استخراج النصوص الصريحة من القرآن الكريم القاضية بالتحريم (طبعا غير الآيات الثلاث لأننا راينا أنهن لا يصلحن كدليل للتحريم) علما بأنه لا تحريم إلا بدليل صحيح صريح.

*حينما ننتهي من مناقشة الأدلة في القرآن الكريم نستخرج الادلة من الأحاديث الصحيحة سوف نبدأ بصحيح البخاري أولا ثم صحيح مسلم ثم كتب السنة الباقية
شرط ان تذكر رقم الحديث وسنده كاملا حتى نُمحص في السند .
ثم بعد أن ننتهي أذكر الادلة التي تجيز السماع من الكتاب والأحاديث الصحيحة.
ثم بعد ذلك نرى هل كان من الصحابة والتابعين والعلماء من قال بجواز الغناء.

والسؤال الآن هو هل توجد آية صريحة من القرآن الكريم تفيد التحريم؟؟؟ ويا حبذا مناقشة آية آية حتى تكون الإفادة أكثر.

الفرصة الأخيرة
09-03-2006, 01:55 PM
طيب ،، لن أعلق على كلامك وسوف أدخل في الموضوع مباشرة ،،، لا أنت رددت على ادلة المجيزين ولا ناقشت ما رددت عليه ،،، إذن فيما كان كلامنا السابق؟
تتكلم وكأننا لم نكن في الموضوع .. أو أننا كنا نتكلم في أمر آخر .. حتى تعطي القارئ انطباعا إلى أن ما سبق لم يكن في الموضوع .. أو تهرب من التعليق عليه.

وهذا ليس موضوعيا ولا جدية في الحوار .. فأرجو للمرة الثانية أن تبتعد عن العبارات الموهمة .. وكن دقيقا يا زميلي رجاء.

فليس لدي من الوقت الكثير لأضيعه .. وليس لي من مطلب أكثر من جدية الحوار .. ومصداقية الكلام حينما تتكلم .. فهل يصعب هذا عليك؟

ومع ذلك سأتجاوز لك عن هذه اللفتة وأرجو أن لا تكررها زميلي.

الفرصة الأخيرة
09-03-2006, 02:25 PM
ثم كيف تقول انه لا خلاف بين العلماء و انه فقط هناك رأي شاذ ؟؟؟
فرقٌ بين إنكار الخلاف جملة وتفصيلا .. وبين وجوده وعدم اعتباره لكونه شاذ .. وما قلتُه أنا هو الثاني لا الأول .. فرجاء الدقة في التعبير والفهم لكلامي لو تكرمت.


العلماء القائلون بجواز الاستماع كثيرون جدا ،، الكثرة والقلة المجردة ليست هي المعتبر في التحليل والتحريم .. وقد وصف الله عز وجل أكثر الناس في القرآن الكريم بالضلال .. فالكثرة قد تكون ضالة ..وقد تكون مؤمنة .. المهم أدلة هؤلاء الذين تتكلم عنهم أنت .. هذه جهة.
من جهة أخرى فالأئمة الأربعة وغيرهم كثير مع من حرم .. بل وذكر الإمام مالك كما سبق أعلاه أنه من عمل فساق المدينة .. وعد الأئمة من داوم عليه فاسقا ترد شهادته .. وحرموا أجرته .. بناء على أدلة ناقشت بعضها معك أعلاه ..


وأذكر لك بعضهمهذه القائمة التي ذكرتها أنت الآن .. عليك أن تأتيني بأمرين:
الأول: صحة الإسناد والعزو إليهم من مصادر معتمدة لدى المسلمين .. مع تحرير صحة السند إليهم لا مجرد الكلام المرسل وفقط.

الثاني: أن تصح دلالة أقوالهم على ما نحن فيه من الكلام حول الغناء .. فهل أجاز هؤلاء الغناء الذي نتكلم عنه أم أجازوا الحداء الذي هو مجرد ترديد لأشعار أو لكلام فطري والترنم به أثناء الأعمال الشاقة ونحوها من الأمور؟

أنت مطالب بإثبات هذا أولا.

فلا مجال هنا للكلام المرسل .. بغير دلالة على المقصود ولا صحة إسناده .. فتفضل بإثبات ذلك عن هؤلاء الذين ذكرتَ أسماءهم ..


محمد بن حزممن يا ترى يكون هذا الرجل؟!


ومحمد ابن عمر البستيومن هذا أيضا؟ رجاء التكرم بتعريفنا بهم.

قد روي الغناء و سماعه عن جماعة‌ من الصحابة و التابعينوأين هم الصحابة الذين قالوا بذلك؟ وما مدى صحة الأسانيد إليهم؟
ثم ما هو المقصود بالغناء في كلامهم: هل هو الغناء المشابه لما في عصرنا؟ أم هو الحداء المجرد من أي آلات عزف ولا مجون .. مجرد حداء وأناشيد ينشدها الإنسان عندما يعمل بعض الأعمال الشاقة وفقط .. كما حصل في الخندق.
فلا تخلط هذه الأوراق ببعضها.

أبو الفتوح أحمدالغزالىومن هذا أيضا؟
وحتى لا تسارع بأنه الإمام الغزالي .. وكيف لا تعرفه .. فأنا أسألك وأنا أعرف من تقصد جيدا .. ولكنك للأسف الشديد أخطأت في مواضع شنيعة جدا فتقول (محمد بن حزم) رغم أن الإمام ابن حزم اسمه (علي) وليس محمد .. وإنما كنيته (أبو محمد) فهو (أبو محمد علي بن حزم) ومثل هذه الأخطاء .. فالرجاء الدقة والمراجعة قبل الكتابة.

ابن رجب الحنبليوماذا قال ابن رجب تحديدا؟ وهل له كتب في هذا الموضوع؟ وما رأيك فيها؟ وإلى أي رأي ذهب؟

وللإمام الشوكانى كتاب( إبطال دعوى الإجماع فى تحريم مطلق السماع)مطبوع أين هذا الكتاب؟ وما مقصود الشوكاني فيه؟ وما هو السماع المقصود في كلام الشوكاني؟


واللائحة طويلة جدا تضم صحابة وتابعين وعلماء ،هيا أرنا أسماءهم .. وصحة الأسانيد عنهم بهذا .. وصحة كلامهم على ما نحن فيه .. وهل المقصود عندهم الحداء الفطري ساعة الأعمال الشاقة أم الغناء الشبيه بما في عصرنا؟!

فاذا كنت تعتبر هؤلاء من شذوذ الآراء فلا حول ولا قوة إلا باللهقبل التعجب عليك أن تثبت الأسانيد عنهم .. كما تثبت دلالة كلامهم على ما نحن فيه.. وسترى ونرى معك أننا بحمد الله من أعظم الناس تعظيما للصحابة والأئمة وآل البيت رضي الله عنهم جميعا.


سوف يكون الحوار كالآتيلا مانع عندي أبدا .. ولكن قبل ذلك لابد وأن تحرر مناط الخلاف .. حتى لا تخلط الأوراق.
فالغناء الماجن محرمٌ إجماعا .. وأنت نفسك لم تخالف في هذا فيما سبق .. وهذا هو الغناء في عصرنا هذا .. كله مجون وحب وغرام وكلام فارغ .. فهذا يعني أن الغناء في عصرنا حرام ..
يبقى الكلام والخلاف بيننا فقط على (الحداء) الذي هو الترديد والترنم ببعض الكلام المباح أثناء الأعمال الشاقة ونحوها.. وهذا لا إشكال فيه.

فهل لديك اعتراض على هذا؟

إذا كان لديك اعتراض على هذا فحدده بوضوح ودقة متناهية لنحرر موضوع الخلاف أولا.


*استخراج النصوص الصريحة من القرآن الكريم القاضية بالتحريم (طبعا غير الآيات الثلاث لأننا راينا أنهن لا يصلحن كدليل للتحريم) علما بأنه لا تحريم إلا بدليل صحيح صريح.بل رأينا أن الآيات الكريمات تفيد التحريم وقد ذكرت لك بعض النقاش في هذا أعلاه .. ورددت لك على ما نقلته أنت أعلاه أيضا فراجعه.

وقولك : بأن التحريم لابد له من دليل صحيح صريح كلام مغلوط وغير صحيح إن كنت تقصد به أن يأتي النص بتحريم أو تحليل كل شيء باسمه الموجود الآن فإذا تغير اسمه يأتي بتحليله أو تحريمه باسمه الجديد .. فهذا كلام لا يستحق كتابته كما ترى.

والتحريم والتحليل يقوم على الأدلة والضوابط .. وإما يؤخذ من منطوق النص أو مفهومه أو دلالته أو إشارته أو غير ذلك مما ذكره العلماء .. وعندنا عمومات الشريعة قد تدل بعمومها على تحريم مئات الأشياء بالنص الواحد .. وهذا من عظمة الشريعة الإسلامية وأدلتها وجمالها.

فإن كنت تخالف في هذا فاذكر ما تريده تحديدا.

فخر الدين المناظر
09-03-2006, 05:15 PM
بل عندي الأسانيد وايضا العلماء الذين ذكرتهم صنفوا كتبا في ذلك ،، أيضا روايات عن الصحابة والتابعين وسوف أذكر ذلك حينما ننتهي من مناقشة الأدلة .
الإمام ابن قتيبة له كتاب *الرخصة فى السماع*
وللإمام محمد ابن عمر البستي المعروف بالدراج له كتاب سماه *الكفاية والغنا فى أحكام الغناء*
وللإمام أبى الفضل كمال الدين جعفر الأدفوى له كتاب رائع *الإمتاع بأحكام السماع*
والإمام أبو الفتوح أحمدالغزالى له كتاب *بوارق الالماع فى تكفير من يحرم مطلق السماع* وقد اعتبر أن من يُحرم مطلق السماع فقد حرم شيئا أحله الله
و اللإمام عبد الغنى النابلسى له كتاب *إيضاح الدلالات فى سماع الآلات*
والإمام أبي زيد عبد الرحمن العيدروس له كتاب *تشنيف الأسماع ببعض أسرار السماع*
وللحافظ ابن رجب الحنبلي كتاب * نزهة الأسماع فى مسألة السماع *
وللإمام جعفر الكتاني كتاب *مواهب الأرب المبراة من الجرب فى السماع والآلات والطرب*.

وغيرهم كثيرون

الإجماع حصل بتحريم الغناء الذي نسمعه في عصرنا هذا مجون وحب وغرام وكلام فارغ وهو الذي تكلم عنه الأئمة الأربعة.
فأنا لا أتكلم عن غناء الحب والعشق والغرام الذي يُفسد الأخلاق ويُعدم الحياء الذي ابتلي به شبابنا نسأل لهم ولنا المغفرة والرحمة والهداية ،، وحينما اقول ان المجيزين من علماء وصحابة وتابعين فإنهم لم يقولوا بجواز استماع تلك الأغاني الساقطة كما في عصرنا . بل هم ردوا على من حرم كل السماع بالكلية.
أما كتاب الشوكاني فموجود ولله الحمد ممكن أن تبحث عنه.

في النهاية نحن متفقين على أن الغناء الماجن الفاسد المنحط الكاسد الموجود في الفضائيات حرام.
فأنا أتيت بالفتاوى وبأقوال العلماء للرد على من يُحرم السماع بالكلية.

وقد ذكر العلماء، ومنهم الإمام (الفاكهاني)، أن أدلة تحريم السماع، إما صريحة غير صحيحة، واما صحيحة غير صريحة. بل ان بعضهم تطرف، وألف رسالة كفر فيها من حرم السماع.
فهاته المسألة من المسائل الخلافية، التي لا يقطع فيها برأي، وكل إنسان له أن يأخذ الرأي الذى يرى أنه الصواب، مع عدم الإنكار على مخالفيه، وما أجمل قول الإمام (الشافعي) عندما قال": رأيي صواب يحتمل الخطأ، ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب"

وللملاحظة فقط فإن سقط حرف أو حرفان من اسم عالم فلأن سرعة الكتابة تكون العامل في ذلك.

وفي النهاية فإن أهل التخصص لا يخفى عليهم العلماء الذين ذكرتهم ولا مصنفاتهم ،، فمن لم يعرف هؤلاء العلماء أو لم يعرف مصنفاتهم ، نعتبره ليس اهلا لمناقشة هاته المسائل لقلة علمه، فيجب عليه التخصص أكثر لكي يناقش هاته المسائل ،، لكي يعرف أولا شروط التحريم حتى لا أضيع وقتي معه في شرح أمور تعتبر من الأبجديات التي يعرفها المفتي والعالم والمتعمق ،، فكيف بشخص لا يعرف شروط التحريم أن يناقش مسائل في أمور الشريعة والدين خاصة بما يتعلق بالإفتاء؟!!! ،، فهذا كمن لا يحفظ جدول الضرب ويريد أن يحل مسائل في علم الفلك.
نسأل الله العفو والعافية.

الفرصة الأخيرة
09-03-2006, 06:15 PM
بل عندي الأسانيد وايضا العلماء الذين ذكرتهم صنفوا كتبا في ذلك ،، أيضا روايات عن الصحابة والتابعين وسوف أذكر ذلك حينما ننتهي من مناقشة الأدلة .
ما دمتَ ذكرتهم أنت الآن فعليك أن تثبتهم لنا الآن .. ولا تؤجل عمل اليوم للغد .. فتفضل بالإثبات إن كان لديك أو تراجع واعتذر عما سبق إن لم يكن لديك.
والكلام واضح ولا داعي للتسويف أو المراوغة.

الإمام ابن قتيبة له كتاب *الرخصة فى السماع*
وللإمام محمد ابن عمر البستي المعروف بالدراج له كتاب سماه *الكفاية والغنا فى أحكام الغناء*
وللإمام أبى الفضل كمال الدين جعفر الأدفوى له كتاب رائع *الإمتاع بأحكام السماع*
والإمام أبو الفتوح أحمدالغزالى له كتاب *بوارق الالماع فى تكفير من يحرم مطلق السماع* وقد اعتبر أن من يُحرم مطلق السماع فقد حرم شيئا أحله الله
و اللإمام عبد الغنى النابلسى له كتاب *إيضاح الدلالات فى سماع الآلات*
والإمام أبي زيد عبد الرحمن العيدروس له كتاب *تشنيف الأسماع ببعض أسرار السماع*
وللحافظ ابن رجب الحنبلي كتاب * نزهة الأسماع فى مسألة السماع *
وللإمام جعفر الكتاني كتاب(مواهب الأرب المبراة من الجرب فى السماع والآلات والطرب.
وما هو اختيار هؤلاء جميعا .. هل كل هؤلاء اختاروا إباحة الغناء الموجود في أيامنا أم تكلموا على نوع آخر؟ وإلى ماذا توصلوا؟ وما صحة ما توصلوا إليه.
مجرد إيراد أسماء الكتب لا يعني شيئا يا زميلي ولا عبرة به لدى القارئ .. القارئ يهمه تحرير المذهب الصحيح .. بغض النظر عن أسماء الكتب.

هل كل من سبقوا خالفوا كلامي ورأيي أم لا؟ وما هو الصواب في كلامهم؟ وما هو مأخذهم الذي ارتكزوا عليه في رأيهم؟
تفضل أرنا يا زميلي ولا تعتذر أو تؤجل هذا لوقت آخر فلا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة يا زميلي .. ونحن بحاجة لآن لبيان كل كلمة وحرف نطقتَ به وجادلتنا به.

فإما أن تبين وتوضح وتحرر بموضوعية أو تعتذر عما مضى وعفى الله عما سلف وتلزم الصمت إن كنتَ عاجزا عن هذا كله .. لكن أرجو عدم المراوغة والذهاب يمينا ويسارا بغير فائدة تعود على القارئ.

نحن هنا لا نؤلف كتابا في أسماء الكتب المؤلّفة في القضية مجردة .. لكننا نحرر الصحيح في المسألة ورأي هؤلاء واولئك .. فالمهم رأي صاحب الكتاب لا اسم كتابه مجردا وفقط كما فعلتَ أنت الآن حين جئت بأسماء الكتب ولم تذكر ما فيها ولا ما توصل أصحابها إليه .. وصحة كلامهم من عدمه .. وصحة أدلتهم من عدم صحتها .. وغير ذلك مما تستلزمه موضوعية البحث يا زميلي.


الإجماع حصل بتحريم الغناء الذي نسمعه في عصرنا هذا مجون وحب وغرام وكلام فارغ وهو الذي تكلم عنه الأئمة الأربعة.
فأنا لا أتكلم عن غناء الحب والعشق والغرام الذي يُفسد الأخلاق ويُعدم الحياء الذي ابتلي به شبابنا نسأل لهم ولنا المغفرة والرحمة والهداية ،، وحينما اقول ان المجيزين من علماء وصحابة وتابعين فإنهم لم يقولوا بجواز استماع تلك الأغاني الساقطة كما في عصرنا . رغم أنك نقلت عبارة لي ولم تميزها عن كلامك .. لكن سأتجاوز هذا وأقول لك ردا على هذه الفقرة:
إذا كنتَ توافقنا على تحريم الغناء الماجن الموجود في الفضائيات .. فهنا تنتهي القصة يا زميلي .. ولا مجال للجدل بعد ذلك .. لأن الكلام عن الغناء في زماننا .. لا الغناء في زمن آخر .. فالذي يهمنا الغناء في أيامنا هذه الموجود في الفضائيات والقنوات وأنت توافقنا على تحريمه .. فشكرا لك .. وبهذا ينتهي الكلام. والحمد لله رب العالمين.


بل هم ردوا على من حرم كل السماع بالكلية. أين الأسانيد عن الصحابة بذلك أو عن التابعين .. وما هو السماع المقصود في كلامهم؟
هل تحب أن تكمل أم ستكتفي بموافقتك لنا على تحريم الغناء وكفى الله المؤمنين القتال.


أما كتاب الشوكاني فموجود ولله الحمد ممكن أن تبحث عنه.
هذه ليست إجابة يا زميلي .. هذه إحالة على مجهول وهذا لا يصح في البحث ولا في الحوارات .. لابد أن تخبرنا عن كتاب الشوكاني وكتاب ابن رجب مثلا من ضمن من أتيت بهم: هل أباح ابن رجب والشوكاني الغناء؟ أم لا؟ وما هي أدلتهم على ما ذهبوا إليه في تحريم الغناء؟ مثلا. وهكذا يا زميلي عليك أن تذكر لنا ما توصلوا إليه .. ولماذا توصلوا لهذه النتيجة؟
نريد التحرير بموضوعية لو تكرمت.. ونرجو عدم الإحالة على مجهول ثانية.


في النهاية نحن متفقين على أن الغناء الماجن الفاسد المنحط الكاسد الموجود في الفضائيات حرام.
إذن كفى الله المؤمنين القتال .. وشكرا على الحوار السابق.

فأننا أتيت بالفتاوى وبأقوال العلماء للرد على من يُحرم السماع بالكلية.
إن كنت تقصد بالسماع إنشاد الأناشيد في الأعمال الشاقة ونحو هذا من الترنمات .. شريطة خلو هذه الأناشيد عن أي مجون أو فسق أو مخالفة شرعية .. مثل: طلع البدر علينا من ثنيات الوداع مثلا.. وشريطة خلوها من موسيقى ومجون وخلاعة مثلا .. فإن كنت تقصد هذا فنحن أيضا نوافقك فهي وقد ذكرت لك هذا من قبل.


وقد ذكر العلماء، ومنهم الإمام (الفاكهاني)، أن أدلة تحريم السماع، إما صريحة غير صحيحة، واما صحيحة غير صريحة. بل ان بعضهم تطرف، وألف رسالة كفر فيها من حرم السماع.
سبق الكلام في ذلك ولا مانع عندي من إعادته ثانية .. ولكن يلزمك هنا أن تحرر معنى السماع عندهم أولا .. هل تقصد بالسماع: الغناء الماجن الذي اتفقت معنا على تحريمه ؟ أم تقصد الأناشيد الفطرية التي ينشدها عمال البناء في الأعمال الشاقة مثلا شريطة خلوها من كل مخالفات شرعية في ألفاظها؟
الأول: وافقتنا عليه.
والثاني: سبقناك بالموافقة عليه.

فإن كان السماع المقصود بكلامك هنا واحدا من هذين فقد تم الاتفاق عليه .. وإن كان غيرهما فاذكره ونتناقش فيه.


وللملاحظة فقط فإن سقط حرف أو حرفان من اسم عالم فلأن سرعة الكتابة تكون العامل في ذلك.
وفي النهاية أظن أن أهل التخصص لا يخفى عليهم العلماء الذين ذكرتهم ولا مصنفاتهم ،، فمن لم يعرف هؤلاء العلماء أو لم يعرف مصنفاتهم نعتبره من الهواة يجب عليه التخصص أكثر لكي يناقش هاته المسائل ،، لكي يعرف شروط التحريم حتى لا أضيع وقتي معه ،، فكيف بشخص لا يعرف شروط التحريم أن يناقش مسائل في أمور الشريعة والدين خاصة بما يتعلق بالإفتاء ،، فهذا كمن لا يحفظ جدول الضرب ويريد أن يحل مسائل في علم الفلك.كلامك صحيح .. ولهذا سألتك عن كل ما سبق لأني أراك للأسف الشديد لم تحرره بموضوعية وخشيت ضياع وقتي في حوار غير متكافئ.

وربما كان من نافلة القول مثلا أن أقول لك: أنا على علم بما ذهب إليه ابن رجب أو غيره وكتبهم بجواري بحمد الله في مكتبتي .. ولكنك حين أتيتَ بها في سياق نصرة رأيك الذي جئتَ بها في سياق مخالف تماما لما قلناه لك: هنا كان يجب علينا أن نقررك بما فيها بنفسك .. لأمرين:
الأول: إما أن يظهر جهلك بها وأنك نقلتها من هنا أو هناك ولا تدري شيئًا عما فيها.
الثاني: أو يظهر تلبيسك على القراء بوضعك ما يخالفك بين أدلتك.
وأحلاهما مرٌّ يا زميلي.
ومحاورك لا وقت لديه كثيرًا للعبث ولا يرمي اللفظ هكذا بلا فائدة وغاية.

وها قد كشفت لك الأمر كله .. ولك حرية الاختيار: إما أن تواصل أو تكتفي بعد موافقتك لنا على ما قلناه من تحريم الغناء الماجن .. وإباحة الأناشيد لأصحاب الأعمال الشاقة شريطة خلوها من الألفاظ المحرمة شرعا ومن المخالفات الشرعية الأخرى.

مع تمنياتي.

الفرصة الأخيرة
09-03-2006, 06:27 PM
وأراك لم تُعلق على ما ذكرته لك في مشاركاتي السابقة .. حول طريقة التحليل والتحريم وغير ذلك .. فشأنك لو أحببت التوقف هنا فلن أطالبك بالتعليق .. لكن إن أردت الاستمرار .. فعليك التعليق عليها قبولا أو رفضا حتى يستمر الحوار على أرض متفق عليها يا زميلي.


مع تمنياتي.