المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : في ظلال رمضان ....‏



muslimah
10-03-2006, 10:25 AM
في ظلال رمضان ....‏

يقول سبحانه ‏‎)‎يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ ‏تَتَّقُونَ) (البقرة:183)‏‎ ‎
لقد فرض الله جل وعلا على المسلمين الصيام كما فرضه على سائر الأمم .‏

يخطىء كثيرون في فهمهم للصيام فيظنون أنه يقتصر على الامتناع عن الشهوات ، وقد ‏نسوا أو تناسوا قول رسولنا الكريم عليه أفضل الصلوات وأتم التسليم حين قال " رُبَّ صائم ‏ليس له من صومه إلا الجوع والعطش"‏

ويؤسفنا بل ويحزننا أن نرى هذا الحديث النبوي الشريف ينطبق على الكثيرين من أمتنا: -‏

نلاحظ أن بعضهم لا يتورع عن السب والاعتداء على الغير وما إلى ذلك من تقصير . لا ‏نقول أن هذا مسموح به في غير رمضان لكن حرمته آكد في هذا الشهر الفضيل.‏

ونرى آخرين ما أن يرفع الآذان حتى يهجموا على مائدة الطعام وكأنهم لم يذوقوا طعاماً منذ ‏أيام .ولوألقينا نظرة على مائدتهم لوجدناها مليئة بما لذ وطاب وقد تكون سلة المهملات ‏هي مصير ما تبقى منه والله يقول ‏‎)‎إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ ‏كَفُوراً) (الاسراء:27)‏‎ ‎

ومنهم من يسارع إلى الأسواق ليقضي معظم الليل في الأماكن التي لا يجني منها سوى ‏الذنوب وإضاعة الأوقات..‏

وغيرهم من يفضل البقاء في البيت لمشاهدة الفوازير والمسلسلات وما شابه ...‏

ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.‏

إن للصيام آداباً وحكماً كثيرة أذكر منها :-‏
‏1-‏ كفُّ النفس عما تشتهيه بنية القربة إلى الله تعالى
‏2-‏ تحرير الإنسان من سلطان غرائزه وانطلاقه من سجن جسده، وتغلبه على نزعات ‏شهوته، وتحكمه في مظاهر حيوانيته. فلو فعل ذلك لارتقى وتشبه بالملائكة مما ‏يقربه من الملأ الأعلى فيقرع أبواب السماء بدعائه فتفتح ويدعوربه فيستجيب ‏ويناديه فيقول : لبيك عبدي لبيك.‏
‏3-‏ الصيام فرصة لتقوية الجسد فهو فرصة لتستريح المعدة وتتخلص من فضلات ‏الجسم الضارة لقوله صلى الله عليه وسلم " صوموا تصحوا ".‏
‏4-‏ في الصوم تقوية للإرادة وتربية على الصبر وتقوية لسلطان الضمير . ونحن نعلم ‏أن في الإنسان قوى ثلاثة : قوة شهوية كالتي في البهائم . وقوة غضبية كالتي في ‏السباع ، وقوة روحية كالتي في الملائكة ، فإذا تغلبت قوته الروحية على إحداهما ‏كان ذلك نصف الصبر وفي الصوم يتغلب المسلم على قوته الشهوانية من بطن ‏وفرج فكان الصوم حقاً نصف الصبر. إن جهاد النفس هو الوسيلة الأقوى لمجاهدة ‏العدو ومن لم ينتصر على نفسه لن ينتصر على عدوه ومن لم يصبر على جوع ‏ساعات هيهات أن يصبر على فراق أهل ووطن من أجل هدف أسمى.‏
‏5-‏ ومن حكم الصوم أيضاً أن يعرف المسلم مقدار نعم الله عليه فالنعم لا تُعرف إلا ‏بفقدانها وبضدها تُعرف الأشياء. ورد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : عرض ‏علي ربي ليجعل لي بطحاء مكة ذهباً , قلت : لا يا رب . ولكن أشبع يوماً وأجوع ‏يوماً ...فإذا جعتُ تضرعتُ إليك وذكرتك ، وإذا شبعتُ شكرتك وحمدتك.‏
‏6-‏ ومن أسرار الصيام الاجتماعية أنه تذكير عملي بجوع الجائعين وبؤس البائسين ، ‏تذكير بغير خطبة بليغة ولا لسان فصيح وبذلك يترجم مشاعره أفعالاً فيكثر من ‏الصدقات للفقراء والمساكين وما أكثرهم في وقتنا هذا .‏
‏7-‏ وقبل وبعد كل ما ذكرت فإن الصيام تمام التسليم لله وكمال العبودية لرب الناس ‏وهذه الحكمة هي القدر المشترك في كل عبادة والهدف الأسمى من كل فريضة ولن ‏تكون العبادة عبادة ولا العبد عبداً إلا بها . رب العباد يأمر وينهى وعباده يقولون ‏‎)‎‏ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ) (البقرة:285)‏
‏8-‏ وفي الصيام اعتياد النظام ودقة المواعيد لإن هناك وقتاً محدداً للطعام .‏‎ ‎
‏9-‏ وفيه أيضاً إعلان لمبدأ وحدة المسلمين.‏

أسأل الله العلي العظيم أن يعيننا على صيام رمضان وقيامه وأن يتقبل منا صالح أعمالنا وأن ‏يعيده على أمتنا وقد من الله عليها بالعزة .‏

وكل عام وأنتم جميعاً بألف خير.‏