المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : القرآن والنحو .. وحقائق غائبة



مراقب 1
09-09-2004, 05:36 AM
نقلاً عن اخ مع بعض التصريف من قبلى ، لان المقالة كانت موجهة الى النصارى فابدلت ذكر النصارى بكلمة المخالفين حتى يناسب من نخاطبهم فى المنتدى .

الحمد لله وكفى .. وسلام على عباده الذين اصطفى .. ثم أما بعد ..

يعترض المخالف على القرآن ، ببعض آياته التي أتت على غير الشائع نحوياً ، يظن واهماً أن ذلك ينقص من شأن الكتاب العزيز .

فكيف يكون رد المسلم على ذلك ؟

عادة ما يلجأ المسلم إلى أقوال علماء النحو واللغة ، وفيها تخريجات نحوية للإشكال المتوهم في الآية ، وغالباً ما يشير ـ العالم ـ إلى أن الإشكال المتوهم هو لغة جائزة عند العرب .

كل هذا جميل ورائع ، لكن هناك أمراً قبله علينا أن نعيه أولاً ، ثم نعلمه للنصارى ثانياً .

إن المخالفين يحاكمون القرآن العظيم إلى منهج القواعد النحوية للصف الثالث الإعدادي !

يظنون أن القواعد النحوية حاكمة على القرآن !

وهذا جهل فاضح بنشأة علم النحو .

إن علم النحو ليس علماً عقلياً ، بمعنى أن سيبويه ـ مثلاً ـ لم يعتمد على التفنن العقلي في تقرير قواعد النحو .

إن علم النحو مبنى على الاستقراء .

فسيبويه ـ مثلاً ـ أخذ يحلل كل النصوص الواردة عن العرب ، من شعر وخطابة ونثر وغير ذلك ، فوجد أنهم ـ العرب ـ دائماً يرفعون الفاعل في كلامهم ، فاستنبط من ذلك قاعدة " الفاعل مرفوع " .. وهكذا نتجت لدينا " قاعدة نحوية " تسطر في كتب النحو ، ليتعلمها الأعاجم فيستقيم لسانهم بالعربية إذا جرت عليه .

أفلو كان سيبويه وجد العرب ينصبون الفاعل ، أكنا سنجد كتاب القواعد النحوية في الصف الثالث الإعدادي ، يخبرنا بأنه يجب علينا نصب الفاعل كلما وجدناه ؟

بلى قارئي الكريم !

إن علم النحو مبنى على الاستقراء .. " القواعد النحوية " مستنبطة من " استقراء " صنيع العرب في كلامهم .

إذا فهمت هذه النقطة قارئي الكريم ، سيسهل عليك ـ إن شاء الله ـ فهم ما بعدها .

وهو أن العرب لم تكن كلها لهجة واحدة ، ولم تكن كلها تسير على نفس القواعد النحوية ذاتها ، ولم تكن تلتزم كل قبيلة منها بنفس المعاملات النحوية .

إن قبائل العرب لم تكن تسير في كلامها على منهج النحو للصف الثالث الإعدادي !

وليس معنى ذلك أنه كان لكل قبيلة " نحوها " الخاص بها .. كلا .. وإنما اشتركت كل قبائل العرب في " معظم " القواعد النحوية المشهورة الآن .. لكنها ـ أبداً ـ لم تجتمع على " كل " تلك القواعد بعينها .

لعلك أدركت الآن ـ قارئي الكريم ـ أن دائرة الخلاف في التعاملات النحوية بين القبائل العربية كانت صغيرة ، لكنها واقعة لا سبيل إلى إنكارها .

لكن لا تنتظر أن يخبرك واضعو المناهج النحوية في المدارس بكل الاختلافات النحوية في كل مسألة ، إنما هم يخبرونك فقط بـ " الشائع " و " الأعم " و " الأغلب " .. ثم يتوسع من شاء في دراسته الجامعية ، لأنها أكثر تخصصاً .

وكل طالب مبتدئ فى قسم للغة العربية في أي جامعة يدرك جيداً ما قلته سابقاً .

هنالك ـ في المرحلة الجامعية ـ يدرس " الاختلافات " النحوية ، ويعرف ما هو الفرق بين " المذاهب " النحوية ، وبم تتميز " مدرسة الكوفة " عن " مدرسة البصرة " .. إلى آخر هذه الأمور .

إذن .. وضع العلماء القواعد النحوية بناء على استقراء كلام العرب ، وما وجدوه من اختلافات أثبتوه .

هل بقى ما يقال ؟

بالطبع بقى .

بقى أن تعلم أن " أهم " مصادر العلماء التي اعتمدوا عليها في الاستقراء هو القرآن العظيم نفسه !

لأن القرآن أصدق صورة لعصره ، ليس فقط عند المسلم ، ولكن عند الجميع مسلمين وغير مسلمين ، فحتى أولئك الذين لا يؤمنون بمصدره الإلهي ، يؤمنون بأن القرآن أصدق تمثيل لعصره في الأحداث التاريخية والعادات الجارية .. واللغة وقواعدها .

إن علماء النحو يستدلون على صحة قاعدة نحوية ما بورودها في القرآن ، ليس في قراءة حفص عن عاصم فقط ، بل يكفى ورودها في أي قراءة متواترة أخرى .

أي أن القرآن ـ عند النحاة ـ هو الحاكم على صحة القاعدة النحوية ، وهى التي تسعى لتجد شاهداً على صحتها في أي من قراءاته المتواترة .

القرآن هو الحاكم على النحو وليس العكس .

علينا أن نعى هذه الحقيقة جيداً ، وعلينا أن نعلم المخالفين ما جهلوه منها .

إن المعترض ، عندما يقرأ ما أتى به المسلم من تخريجات نحوية للعلماء ، يظن أن أقوال العلماء هي مجرد محاولات للهروب وإخفاء الحقيقة ! .. والحقيقة الثابتة ـ عنده ـ أن القرآن به أخطاء نحوية .. الحقيقة الثابتة عنده أن محمداً ـ صلوات ربى وسلامه عليه ـ لم يستذكر دروس كتاب النحو في الصف الثالث الإعدادي جيداً !

هذا الخبل ناتج عن الجهل .. الجهل بنشأة علم النحو ، وبكيفية تدوين العلماء للقواعد النحوية .

الطريف في الأمر ، أن المخالفين يعترضون على المخالفات النحوية في الآيات ، ولا يدرون من رصد هذه المخالفات !

لا تظن قارئي الكريم أن بعض المخالفين العرب تأملوا القرآن ، فاكتشفوا هذه الأخطاء المتوهمة ، بعدما حاكموه لما تعلموه في الابتدائية من قواعد نحوية .. كلا .. لا تظن ذلك أبداً .

إنما كل ما يكتب عند المخالفين حول ما يسمونه " أخطاء نحوية فى القرآن " ليس من كلامهم ، ولا من لباب أذهانهم ، ولا من بنات أفكارهم .

لقد نقلوا كل هذه " الأخطاء !" عن كتب المستشرقين الأعاجم ! من أمثال " نولدكه " وغيره .

لن أتوقف بك ـ قارئي الكريم ـ كثيراً في محطة هؤلاء المستشرقين أعجميي القلب واللسان .. لن أخبرك شيئاً عن بعض كتاباتهم التى توضح مدى جهلهم الفاضح باللغة العربية ، مع أنك ساعتها ستدرك أنك لست أجهل أهل الأرض باللغة العربية ! .. ولن أخبرك شيئاً عن حقدهم الدفين ـ والظاهر ! ـ على دين الحق وكتابه ونبيه بل وأهله .. لن أخبرك شيئاً عن ذلك ، ولن أقف بك في هذه المحطة أبداً .

لكن تعال نتعدى هذه المرحلة لنتساءل .. من أين أتى هؤلاء المتعالمين من المستشرقين بما أسموه " أخطاء نحوية " ، لينقلها المخالفين العرب منهم بعد ذلك جهلاً بغير علم ؟

مرة أخرى أحذرك قارئي الكريم ! .. لا تتخيل أو تظن أو تتوهم أن هذا المستشرق الألكن ، ذا اللسان الأعجم ، قد تأمل القرآن " فتنبه " إلى تلك " الأخطاء " !

هم أحقر من ذلك قارئي الكريم ، وإن أوهموك بغير ذلك !

كان ما فعله هؤلاء المستشرقون كالتالي .. قرءوا كتب النحو التي ألفها علماء العربية ، وكذلك كتب التفسير ، وأخذوا يتتبعون ما رصده " علماء المسلمين " أنفسهم ، من ورود آيات قرآنية موافقة لقواعد نحوية لم تنل حظاً من الشهرة مثل غيرها .

لقد وجد المستشرقون بغيتهم !

فليجمعوا إذن كل تلك الإشارات والمواضع .. وليحذفوا تعقيبات العلماء منها ! .. وليطلقوا على ما جمعوه " أخطاء نحوية " ! .. وليسموا ما فعلوه " بحثاً علمياً " ! .. وليكن موصوفاً بالنزاهة والتجرد الموضوعي !

هذه هي قصتنا قارئي الكريم !

إن ما يتهموك به المخالفين من أخطاء نحوية فى القرآن ، ليست من نتاج ذكائهم ، وإنما نقلوها ـ جهلاً بغير علم ـ عن المستشرقين .. والمستشرقون ـ أعجميو القلب واللسان ـ لم يأتوا بها من لباب أذهانهم ، وإنما نقلوها ـ عدواً بغير علم ـ مما خطته أيدي عباقرة المسلمين الأفذاذ ، الذين كانوا يجرون على منهج علمي محكم سديد ، يستقرأون ما نقل عن العرب ، وينزلون إلى البادية ، ويعيشون بين الأعراب الذين لم يختلطوا ، فينقلون عنهم كلامهم وأشعارهم ونثرهم ، ويحللون كل ذلك تحليلاً مرهقاً للكلمة والحرف ، ثم يستنبطون ما جرى من قواعد على لسان العرب ، ويحددون الأغلب من غيره ، والشائع مما هو دونه في الشيوع .

بعد أن سطر عباقرة المسلمين علومهم اللغوية والنحوية فى كتبهم ، راصدين كل الظواهر بأمانة ونقد ، يأتي المستشرقون ليقتطعوا من كلامهم ما ظنوه يخدمهم .. ساعدهم فى ذلك جهلهم الفاحش باللغة العربية .

أرجو أن أكون قد أوضحت بعض الحقائق الغائبة فى موضوعنا .

اللهم ارزقنا حبك ، وحب من يحبك ، وحب كل قول وعمل يقربنا إلى حبك

ابو شفاء
09-20-2004, 02:30 AM
القرآن هو الحاكم على النحو وليس العكس
اخي الكريم
اسمح لي برأي تعقيبا على ما قلته من ان القرآن حاكم على النحو , فالقران , ليس حاكما على النحو , فالله سبحانه يقول" وما ارسلنا من رسول الا بلسان قومه" , " انا ارسلناه قآنا عربيا" , فالقرآن نزل بلسان العرب , اي ان اللغة سابقة للقرآن , كما قال الله سبحانه" انا انزلناه في ليلة القدر" اي ان ليلة القدر كانت موجودة قبل ان يتنزل القرآن , وما يهمنا من لغة العرب هو ما نقل الينا بالتواتر , والحالات الشاذة قائمة , ونستشهد بالقرآن على الحالات النحوية , ونستشهد كذلك بالشعر الجاهلي , اما بعد فساد اللسان فلا استشهاد , فكثلا جرير والفرزدق يستشهد بشعرهما اما الاخطل فلا يستشهد بشعره؟ , وخلاصة القول ان القرآن نزل بلغة العرب , والنحو كما قلت اخي استبط من لغة العرب , والنحو في اللسان العربي قبل نزول القرآن .
جوزيت الجنة

أبو مريم
09-20-2004, 09:25 AM
الأخ الكريم أبو شفاء ارانى مضطرا لمخالفتك بعض الشىء فالنحو كعلم وصفى مستنبط من الاستعمالات اللغوية فى عصور الاستشهاد ومأخوذ منها ومخالفة نص لغوى لقاعدة نحوية قادح فيها وقد رأينا النحاة يقدمون النص القرآنى فى الستشهاد لأسباب كثيرة منها أنه الأفصح استعمالا كما أنه منقول بالتواتر ..
والخلاصة أن علم النحو شىء واللغة المستعملة وقواعدها شىء آخر وما علم النحو إلا محاولة اكتشاف لتلك القواعد الكلية وتلك المحاولة قد تصيب وقد تخطئ فإن فسرت القاعدة المستنبطة كل الظواهر الجزئية ظلت قائمة وإن تعارضت مع بعضها كان ذلك قادحا فيها وليس قادحا فى تلك الحالة الجزئية .

ابو شفاء
09-21-2004, 02:27 AM
لا أخالفك يا ابا مريم , احسن الله إليك.

muslim.pure
03-07-2015, 02:14 AM
للرفع + الرجاء تصحيح الآية في رد الاخ ابو شفاء

إنَّا أنْزَلْناهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُم تَعْقِلُونَ