مشاهدة تغذيات RSS

نور الدين الدمشقي

الملحد: هل من العدل ان يخلد الكافر في النار؟

تقييم هذا المقال
لاحظت ان هذا السؤال قد تكرر كثيرا فأحببت ان اجمع خلاصة ما كتب من ردود في انحاء المنتدى وخارجه حول هذه الشبهة بطريقة مختصرة.

وجه الشبهة: يقول الملحد أو صاحب الشبهة: لماذا يخلد الكافر في النار رغم انه ارتكب جريمة في الدنيا تعتبر محدودة في الزمن. ثم ما ذنب الذين لا يعرفون عن الاسلام او غرتهم الاماني لمدة يسيرة ولم يؤمنوا بالله...لماذا هذا العقاب العظيم امام الجرم الصغير (في نظرهم). كذلك ماذا لو عاش الانسان حياته كله على الطاعة ثم كفر في آخر لحظة والعكس بالعكس؟ او غير ذلك من اوجه ذات الشبهة

هذه وجوه الرد باختصار

1- علاقة العقاب بالعمل ليست علاقة تساوي زمني بالضرورة, بل هي علاقة سبب بالنتيجة. مثلا في الدنيا رجل يدخن فتتلف رئته باقي عمره...هل نقول دخن خمس سنوات اذا تتلف رئته خمسة سنوات من باب العدل؟ لاحظ بأننا لا نرى هذه الاعتراضات في حياتنا. مثال آخر: رجل سرق خلال ساعتين: هل ترانا نقول يسجن لمدة ساعتين عقابا؟ لا لأن العلاقة ليست زمنية بين الخطأ والنتيجة المترتبة وانما هي علاقة سبب بنتيجة. مثال ثالث: رجل شرب سما فمات...لا نقول هو شرب السم في مدة 10 ثواني...لماذا ذهب ولم يعد ابدا! جاء في تفسير ابن كثير في قوله: "ليبلوكم ايكم احسن عملا" : وقوله : ( ليبلوكم أيكم أحسن عملا ) أي : خير عملا كما قال محمد بن عجلان : ولم يقل أكثر عملا . يعني حتى على مستوى الحسنات والسيئات ليست العبرة مقتصرة على الكثرة...والقلة. وتعرف احاديث من يدخل الجنة في كلب وتدخل النار في هرة. والله يقول: "فاليوم لا تظلم نفس شيئا ولا تجزون الا ما كنتم تعملون" مع الاخذ بعين الاعتبار بأن هذه تشبيهات مع الفارق...لان عقاب الاخرة ليس كعقاب الدنيا...ولكنها للتقريب فقط. وكما يقال: لا تنظر الى صغر المعصية...ولكن انظر الى عظم من عصيت!

2- الانسان الكافر يكفر بأزلي أبدي أنعم عليه نعما لا تعد ولا تحصى. فكيف يقابل من انكر وجحد بالأزلي الأبدي صاحب النعم اللامحدودة بعقاب محدود من باب العدل...الا ان يرحمه الله؟

3- عند الحديث عن الزمن والخلود في الآخرة...ما هو تعريف الزمن في ذلك الوقت؟ يعني اذا كنت تعرف ان لحظة واحدة جزء من الثانية في جهنم تنسي افضل اهل الدنيا النعيم كله. هل هذا وذالك متناسب زمنيا؟ كذلك لحظة واحدة في الجنة تنسي اشقى اهل الارض كل شقاوة وجدها؟ هل هذه وتلك متناسبة في الزمن؟ اذا كنت لا تدرك معنى الزمن اصلا في الآخرة (فضلا عن الفهم المحدود لمعناه في الدنيا) فكيف تستدل به على ما تدعي؟ ذكر الامام مسلم في صحيحه: حدثنا عمرو الناقد حدثنا يزيد بن هارون أخبرنا حماد بن سلمة عن ثابت البناني عن أنس بن مالك قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يؤتى بأنعم أهل الدنيا من أهل النار يوم القيامة فيصبغ في النار صبغة ثم يقال يا ابن آدم هل رأيت خيرا قط هل مر بك نعيم قط فيقول لا والله يا رب ويؤتى بأشد الناس بؤسا في الدنيا من أهل الجنة فيصبغ صبغة في الجنة فيقال له يا ابن آدم هل رأيت بؤسا قط هل مر بك شدة قط فيقول لا والله يا رب ما مر بي بؤس قط ولا رأيت شدة قط

4- ولو ردوا لعادو: جريمة الكفر بالله ليست بالهينة...وقد ذكرنا بأن لا ننظر في صغر المعصية بل في عظم من عصينا...فما بالك بالكفر بالله...فهو لعمري اكبر المعاصي والجرائم...وان هان في نظر البعض. رغم ذلك قد يقال لكنها لا تستحق العقاب الأبدي: الجواب بل تستحقه لأن ملازمتهم للكفر ليست محدودا في الدنيا كما قد يظن. يقول الله: وَلَوْ تَرَىَ إِذْ وُقِفُواْ عَلَى النَّارِ فَقَالُواْ يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلاَ نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ بَلْ بَدَا لَهُم مَّا كَانُواْ يُخْفُونَ مِن قَبْلُ وَلَوْ رُدُّواْ لَعَادُواْ لِمَا نُهُواْ عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ يعترض البعض على هذا الرد بأن يقولوا: يستحيل لمن رأى العذاب ثم رجع ان يرجع الى المعصية...فقد أيقن بوجود العذاب اذ عاينه. والرد على هذا أقول: بل معظم الناس اذا اتعظ بالموت وزار المقابر وايقن الموت علم أنه يجب ان يجهز لما بعده ويقلع عن الذنوب, لكنه سرعان ما ينسى ويعود! ذكر صاحب تفسير المنار (الشيخ محمد رشيد رضا) قصة واعرف انها تحصل مع الكثير وخلاصتها: أن رجل اصيب بنوبة قلبية بسبب التدخين فأيقن الموت...ثم اسعف وعزم عزما اكيدا انه لن يعود ابدا الى التدخين...ثم بعد فترة تراه يرجه اليه (اقول وهذا حصل مع خالي تماما وهو ما زال حي يرزق نسأل الله ان ان يعافيه وجميع المسلمين). ونحن نرى هذا في حياتنا فكم من خطأ وقعنا فيه وعزمنا ان لا نرجع فعدنا. والخلاصة في هذه النقطة وهي متعلقة اعمال القلب: ان الكافر لا يعاقب فقط على الخطأ. وانما على العزم والاصرار عليه. والقلب قد يصر على معصية حتى لو عمر صاحبها ملايين السنة للزمها ولم يغيرها..والله اعلم بذلك. والله سبحانه يقول: قل كل يعمل على شاكلته...جاء في التفاسير ان معنى شاكلته: نيته. وتأمل في النيات كيف يترتب عليها الثواب والعقاب حتى من غير العمل! اذا المسألة اكبر من ان نحكم نحن في الظواهر!!

5- هذا رد للملحد لا صاحب الشبهة: ما هو التعريف التي يستند عليه الملحد للعدل اصلا؟ فوضع مجموعة ذرات في نار هي المكان المناسب لها! ولا يوجد تعريف مطلق للعدل والظلم في عالم مادي بحت...وقطع السكين لرأس المقتول هو من العدل المتوافق مع جميع قواعد الفيزياء. فهلا وضع الملحد المادي تعريفا للعدل قبل الاعتراض؟!

6- يقال للملحد كذلك: لماذا يزعجك الأمر...حياتك محدودة فاستمتع بها اذا كنت تؤمن بأن الموت هو النهاية...وان كان لديك شك في ايمانك, فالأولى الانضمام الى ركب الناجين بدل التأسف على الهالكين! وحياتك ووقتك اهم بكثير من ان تضيعه في "كشف الحقيقة" للمؤمنين.

7- نحن نعلم الظواهر من الناس...ولا يعلم البواطن الا الله. فلا حجة فيمن يسأل: رجل على خير وتقى ودين وفي آخر لحظة يكفر (فما ادراك انه على خير وتقى ودين؟) لا ندري. والعكس بالعكس. نحن صحيح نحكم بالظاهر ونتعامل معه لأنه لا خيرا آخر لدينا. يعني لو انت تتعامل ظاهرا كانسان صادق وجيد...سوف اتعامل معك. ولو عرفت بين الناس بالكذب...لن اتعامل معك...هذا على مستوى الدنيا...اتعامل معك بحسب ما يظهر لي. لكن اذا عجزنا عن معرفة الباطن...فلا مجال عقلا للسؤال عن العدل فنحن اقل علما من ان نحكم بالظلم او العدل على أحد. مثال توضيحي: منافق اخفى نفاقه كل حياته وفي سكرات الموت مع الألم اعلن كفره. هل نقول: لماذا يدخل النار وهذا ليس بعدل؟ الجواب: بالطبع لا لأن علمنا اقتصر على الظاهر...والله يعلم سريرته. اذا لا وجه للعاقل على ان يعترض اذا عرف جهله! اما المتكبر فهو يعترض على كل شيء على اية حال..والله يعلم سريرته فيعاقبه على تكبره...ولا يظلم ربك احدا. مثال آخر: مؤمن اخفى ايمانه خوفا (النجاشي مثلا). هل اذا مات قلنا ذهب النار. لعلنا نقول ذلك حسب حكم الظاهر..ولكن هل نقول: ليس من العدل ان يكون في الجنة اذا وجدناه هناك؟ لا لاننا لم نعرف باطنه!

8- آثرت ان اجعل هذا الرد الاخير لانه خلاصة تأصيلية لا لقلة أهميته: على سبيل الاجمال, فان الرد على جل هذه الشبه المتعلقة بالعدل يكون بمعرفة أن من لا يملك العلم المطلق والحكمة المطلقة, لا يمكنه ان يحدد معايير العدل بصحة مطلقة. وهذه حقيقة نعرفها حتى في حياتنا...فوخز ابرة اللقاح في نظر الطفل الجاهل "ظلم" له, وهي قمة الرحمة من قبل الوالدين الذين طلبوها من الطبيب...وتأديب الأب الحازم لابنه (الذي هو ظلم في كثير من الاحيان في نظر الابن) انما فيه مصلحته وهكذا. هذا الفارق في العلم والحكمة غير في معيار العدل عند البشر...فما بالك بخالق البشر صاحب العلم المطلق والحكمة المطلقة. اذا كل من يطعن في عدل أي مسألة متعلقة بالله وشرائعه يرد عليه بهذه النقطة. وللمزيد يراجع موضوع الاخ ابو الفداء هنا:
http://www.eltwhed.com/vb/showthread...509#post118509

أرسل "الملحد: هل من العدل ان يخلد الكافر في النار؟" إلى Google أرسل "الملحد: هل من العدل ان يخلد الكافر في النار؟" إلى Digg أرسل "الملحد: هل من العدل ان يخلد الكافر في النار؟" إلى del.icio.us أرسل "الملحد: هل من العدل ان يخلد الكافر في النار؟" إلى StumbleUpon

الكلمات الدلالية (Tags): هل من العدل الخلود في النار
التصانيف
غير مصنف

التعليقات

  1. الصورة الرمزية ahhoi
    ماذنب من مات ولم يعرف عن الإسلام شيء هل سيدخل النار ؟
    https://www.youtube.com/watch?featur...&v=vxuxaKG8O3g
    nly Moslems Go To Paradise?
    What Does Islam Really Say?
    http://islamnewsroom.com/news-we-nee...ems-go-to-hell
    Do Non-Muslims go to hell
    http://www.tubeislam.com/video/2787/...ims-go-to-hell
    Only Muslims Go To Heaven?
    http://islamnewsroom.com/answers/94-...s-go-to-heaven
شبكة اصداء