برهان غاية في القوة واليسر على صدق الرسول محمد - لمن يؤمن بالله
أصدق الصادقين-------------------x-----------------أكذب الكاذبين
تأمل في الرسم جيداً..إن مدعي النبوة أيا كان ليس له سوى احتمالين لا ثالث لهما:
#إما أن يكون أصدق الصادقين (لأنه نبي أي أن الله تعالى اختاره وأرسله فهو أفضل من بعث فيهم بداهة)
#وإما أن يكون أكذب الكاذبين (لأنه يكذب على الله عز وجل نفسه ويفتري عليه ويضل الناس باسمه..)
هذا التناقض الشاسع بين الطرفين يشبه التناقض بين البياض الناصع والسواد الحالك
ومثل هذا البون العريض لا يمكن أن يكون ملتبساً على طالب الحق كما أن التفريق بين السواد والبياض لا يلتبس على المبصر ولهذا تجد الأدلة على صدقه كثيرة جداً وإن حاول المشككون الطعن في كل شيء,فهذا وارد في أي قضية ولا ينتمي لمعدن الأدلة
كما أن التكذيب بالرسول-صلى الله عليه وسلم- يعني القدح في الله نفسه! لأنه قد استقر في العقل السليم أن الله تعالى لا يمكن أن يمكّن لعبد من عباده يفتري عليه ويزعم أنه مرسل من قبله وبخاصة وهو يقول إنه أرسل للناس كافة وأنه لا نبي بعده ,ثم يكافئه بالعز والسؤدد والتمكين والظهور ودخول الناس في دينه أفواجاً إلخ في وقت يسير جداً في حساب الحضارات فلا يعلم له مثيل في صفحات الزمان,واعتبر إن شئت حال مدعي النبوة كيف أخزاهم الله كمسيلمة وأبي الأسود العنسي إلى القادياني..وإلا يكن ذا هو الحق فيلزم منه أن يكون الله -تعالى عن ذلك علواً كبيراً-
أ-إما غافلاً
ب-وإما عابثاً غير حكيم
ج-وإما عاجزاً
وكلها منتفية في حقه سبحانه وتعالى باتفاق الجميع, فهي دعوة إذن لفتح العقول لإبصار الأدلة وفتح القلوب للتخلص من النفسية الشكاكة في كل شيء..
(أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لا تَعْمَى الأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ)
برهان غاية في القوة واليسر على صدق الرسول محمد - لمن يؤمن بالله
ديفيد هيوم : (إذا لم يكن من الممكن تقديم حجة من الخبرة على ضرورة السببية ، فإن هذا يفسر على أنها نتيجة استعداد ما في العقل البشري، وهذا الاستعداد هو العرف والعادة , طالما أنتج كل تكرار لفعل أو عملية نفس النتيجة ، دون تدخل من استدلال أو عملية تخيلية يقوم بها الفهم، فنحن نقول أن هذا التوجه هو أثر للعادة ..) . يريد أن يقول :ملاحظة العلاقة بين السبب والأثر ليست إلا نتاج ربط عقلي تولّد من رحم العادة ، لا أن السبب مرتبط بالضرورة بما نشأ عنه ، هذه زبدة فلسفته في السببيّة ..
-------
التعليق
-------
1-أول ما يلتفت إليه الفكر عند قراءة هذه العبارة: تناقضها الذاتي ، فحقيقة ما قال :أنه علّل الظاهرة السببية بناء على سبب اختلقه من وحي فلسفة الشك التي يهيم فيها هيوم، هذا السبب :هو إلف العادة المكرور في العقل ومن ثم أجرى العقل هذه المتلازمة ، أي أنه عمد إلى نقض السببية "بانيًا" نقضه على سبب!
2-ومما يسترعي التأمل :أن هذا الذي قاله ، بنحو ما استقر عليه مذهب الأشاعرة ، فإن كلامهم في التعليل في باب العقائد أشبه شيء بما سلف ، وذلك جلي في تنظيرهم و أمثلتهم :حين يقولون مثلا إن النار تحرق الشيء عند ملامسته إياها ، لا بسببها ..والفرق بين العندية والسببية ، أن هذا توافق عادي (من العادة ) لا تلازم حقيقي ! كما لو جاء زيد عند دخول عمرو لا به..هذا التشابه لم يكن مصادفة ، بل له عمقه المعرفي بمعرفة الجذور ..
3-في الكتاب والسنة :الصورة مسفرة عن تقرير السببية في آلاف المواضع ، وهي مسألة منسجمة مع العقل الضروري القاضي بامتناع وقوع المستحيل العقلي . لأن تعقل العقل لامتناع اجتماع النقيضين أو رفعهما مسبّب في نفسه: وهو إدراكه وجه التناقض بما ركزه الله فيه من خاصة عقلية تستبين الحقائق المطلقة ، كإدراكه أن قيمة (س)=1 في هذه المعادلة : 1+س=2 ، لأنها القيمة الوحيدة التي إذا جمعت إلى (1) كان الحاصل =2 .وفي الحقيقة نفي السببية من أصلها : يقوّض كل قائم في العلوم سواء كانت طبا أو فيزياء أو رياضيات ..إلخ
4-وعند الحديث عن آيات الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ، يتجلى وجه الإعجاز الرباني في خرم نظام السببية (قلنا يا نار كوني بردا وسلام على إبراهيم ) بائتلاف مشيئة الله وحكمته وعلمه وقدرته ، سبحانه وتعالى
----
* هدفي إن شاء الله من هذه المقالات أمران : أن بعض شباب المسلمين وقع في الانبهار بالفلسفة ويراها معبرة عن حالة من سمو الفكر ولا يدرك كثير منهم وجه مناقضتها الإسلام ، والثاني :أن هناك من يزعم أن القرآن العظيم يخلو من التعرض لما يناقض الفكر الفلسفي.