الصدفة, الخلق, أزلية المادة و التطور
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
عيدكم مبارك و كل عام و أنتم و جميع المسلمين بخير
هل من المنطق أو العقلية أن يدعي مدعي بأن وجود الصدفة دليل على عدم وجود الإرادة و الحكمة و القوة و العلم (الخالق) ؟؟
لنفترض جدلا أن الصدفة وراء الوجود, فهل هذا يعني أنه ليس هناك خالق؟
الخالق خلق الكون, فهل هذا يعني أنه ليس هناك صدفة بإرادة الخالق؟
هل هناك آية من القرأن الكريم و اضحة الدلالة و المعنى تثبت بأن المادة ليست أزلية؟ أليس من الممكن أن تكون أزلية المادة غير أزلية الله ؟
أسئلة أخرى تدور في كياني حول الداروينية كنظرية علمية و ليست الداروينية كأديولوجية تنفي وجود الخالق المصور علما بأنه منطقيا حدوث التطور ليس دليلا على عدم وجود الخالق.
أعرف أن ليس هناك أي داعي لانتقاد نظرية التطور, لأنها لا تتناقض مع الإسلام في شيء فالنظرية تحاول أن تجد تبريراً لوجود التشابه بين المخلوقات على مدى الزمن حسب النماذج التي وجدوها في الصخور وغيرها.
الإسلام يتكلم عن وجود خالق يدبر كل شيء وهذا الخالق يدبر الأشياء بنظام الأسباب والمسببات والتدرج في الخلق معروف وخلق آدم من تراب لا يتعارض مع نظرية التطور، لأن نظرية التطور لا يمكنها أن تثبت أن آدم نفسه لم يخلق من تراب. يمكنها أن تثبت بأن هناك مخلوقات تشبه الإنسان كانت قبله وأن هذه المخلوقات تدرجت في الخلق وأن الإنسان هو تسلسل لها ... وما هي المشكلة في أن يخلق الله سبحانه وتعالى إنساناً من تراب على هيئة مخلوق آخر موجود في الأرض؟ نحن ليس عندنا أي معلومات في الإسلام حول هذا الموضوع.
التنوع في هذه الأشياء مهم ما دام ليس فيها نصاً صريحاً و ما دام الموضوع نتاج عقلي، فالاختلاف فيه شيء عادي جداً لأن عقول الناس ليست بنفس المرتبة وعلومهم ليست نفسها وهم أيضاً لا يجتمعون على شيء الآن، وأظن أن الموضوع سخيف ولا يستحق كل هذا الاهتمام من العلماء عندما يخرج علماء الطبيعة بأدلة وبراهين جازمة حاسمة في موضوع النظرية، يمكن عندها أن نفكر في التناقضات التي قد تظهر في عقولنا ولكن لحد الآن، النظرية جداً سطحية ولا تفسر الكثير من الأشياء: فقد يكون الإنسان قد تطور في الماضي، ولكنه توقف عن التطور الآن كما أنه قد يكون يتطور الآن، ولكن بآلية مختلفة عن التي تطور فيها في السابق..
و لكن الأيديولوجية الداروينية شيء سخيف وليس له قيمة في الحقيقة و هي عبارة عن محاولة لإثبات وجود تناقض في الإسلام مع الحياة الحقيقية. أظن أن القيمة التي حصل عليها هذا الموضوع سببه الناس الكثر الذين ظنوا أنه متناقض مع دينهم أو بسبب الناس الكثر الذين ظنوا بأن هذه النظرية هي البديل عن الأديان وهي لا تقدم ولا تؤخر شيئاً في موضوع الدين فلا هي تحل مشكلة الحاجة للدين ولا تنقض أدلة الدين الإسلامي، وكثير من أدلة الأديان الأخرى ولا تفسر الكون بشكل كامل ولا حتى جزئي معتبر ولا تعطي الإنسان سعادته : يعني مادام الإنسان يسعى للسعادة، فلن توقفه مثل هذه النظريات عن محاولة الوصول إليها باستعمال عقله وهذا يكفي لكي يعلم بأن الإسلام حق، حتى مع هذه النظرية.
و أنتقد بشدة مبالغ فيها الذين ينتقدون نظرية علمية أي كانت بنظريات ليست علمية كما أنهم لا يفرقون في العلم الطبيعي بين النظريات و الحقائق و الله المستعان.