نظرة معتدلة حول حديث بول الإبل-الدكتور حسام الدين حامد
من برنامج آسك ask كانت هذه إجابة الدكتور حسام الدين حامد
حضرتك تري ايضا ان موضوع شرب الابل كان لحالات معينة في العهد النبوي؟ وهل طبيا ثبت له فوائد؟
في نقاط:
- إبطال التداوي ببول الإبل لمجرد استقذاره والاشمئزاز منه ليس بشيء، واستخلاص بعض الهرمونات مثل human menopausal gonadotropin من بول أنثى الإنسان، وهرمونات أخرى من بول الأحصنة، وهناك أدوية تستخلص من حشرات ولعاب زواحف وغدد حيوانات كالخنازير.
- رفض شخص التداوي ببول الإبل لمجرد استقذاره والاشمئزاز منه أمر طبيعي وهو حرية شخصية له.
- التقويم العلمي التجريبي المحض لفوائد بول الإبل: ما وقفت عليه من الأبحاث المنشورة في فوائد بول الإبل كلها منشورة من مؤلفين عرب في مجلات ضعيفة أو مجلات تحت إدارة عربية، بما يعطي فرصة كبيرة للانحياز وتضارب المصالح conflict of interests بين المعتقد الديني للباحث والنتيجة العلمية، وهو نفس التقويم الذي سنقوله بأريحية تامة في فوائد بول البقر العلاجية وهو ما يوافق معتقدا دينيا عند الهنود يعرف باسم Gomutra، عندما تجد أن كل الأبحاث المتعلقة بالموضوع -فيما وقفت عليه- منشورة من باحثين هنود في مجلات هندية ضعيفة مثل مجلة يفترض أنها علمية مثلا واسمها The Indian Cow.
فبميزان العلم التجريبي إثبات فوائد لهذه الأمور غير مسلم إلا بعد أن يمكن إعادة هذه التجارب فتنشر في مجلات قوية أو من باحثين محايدين، وإن كان من الوارد أن تمنع تلك الأبحاث من النشر في مجلات قوية لدوجمائية المحرر مثلا لكننا قد وجدنا اتفاقا على فائدة العسل واللبن مثلًا، إلا أنه على الأقل نتوقع إنتاج أدوية قوية بناء على تلك الأبحاث المحلية حتى ويشيع استعمالها وتفيد، أما نقل كلام ابن سينا في القانون أو نقل كلام باحث أو باحثة عن المجلات الضعيفة أو المحلية فلا ينهض لإثبات فائدة من الناحية الطبية المعاصرة وإن كان لا يمنع من ثبوتها في نفس الأمر أو من الناحية الشرعية.
- بالنسبة للحديث الوارد في ذلك قد نختلف في كون الأمر في الحديث خاصا للمخاطبين أو عاما لغيرهم، لكن هذا الخلاف لا يمنع من الاتفاق على ما يلي
1-قصارى ما يفيده الأمر هناك هو جواز التداوي بهذه الأبوال لمن أصيب بالاستسقاء واليرقان من جو المدينة.
2-توسيع الاستدلال ليشمل العلاج من كل الأمراض أو من أمراض مزمنة: لا دليل عليه من الشرع أو الطب.
3-تهويل المسألة وتوسيع الاستدلال لجعله من المتحتمات الطبية لكل من يعاني بالاستسقاء واليرقان هو خطأ وشعوذة ولا دليل عليه، وطبيعة الأدوية عموما أنها تتخلف في بعض المواضع، وقد وصف القرآن بأنه شفاء ورغم ذلك يزيد الكافرين خسارًا لفساد المُتلقِي.
4-لا يمنع الحديث من وجود ضرر للأبوال من جهة أخرى، أو من أن تكون ضارة من كل جهة في بعض الحالات، كما لو كان لبنًا لقطيع من الغنم المريض مثلًا، فلا يسوغ أن نشرب لبن القطيع المريض بحجة أن اللبن وصف عمومًا بأنه سائغ للشاربين، ولا يمنع من أن ينقل اللبن بعض الأمراض كالحمى المالطية أو البروسيلا.
5-دخول النصابين واستغلال حاجات المرضى وتحول الموضوع لبيزنس لاستغلال حاجات الفقراء: حرام.
- الذي يظهر لي أن دلالتهم على التداوي ببول الإبل قالها رسول الله برأيه موافقة لطرق التداوي المعروفة في عصره، والقرينة على ذلك أن رسول الله أوكل أمرهم للراعي بما يدل على أن الراعي كان يعرف ما يُفعل في هذه الظروف، وهو أمر دنيوي لا علاقة له بالدين ولا توافرت النصوص من الكتاب والسنة على الأمر به، فإن عورض هذا بظنيّ من العلم التجريبي كأن يثبت أن لبول الإبل ضررا قدّم الظني التجريبي، وذلك مثل هم النبي بالنهي عن الغيلة ومثل نهيه عن تأبير النخل فهو مما قاله برأيه مما لا علاقة له بالدين ثم لما تبين له بالنظر أو بالتجربة أنه خطأ رجع عنه وقال "أنتم أعلم بأمور دنياكم" والله أعلم